تغييرات

اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
سطر 65: سطر 65:  
</blockquote>
 
</blockquote>
   −
نظرًا إلى عدم قابلية التفرقة بين الجنس البيولوجي والجندر في الغرب، والذي ينتج عن إستخدام البيولوجيا كأيديولوجيا لفهم الواقع (النظام) الاجتماعي، فمصطلحات "الجنس البيولوجي" و "الجندر"، كما أشرت مسبقًا، مترادفان بالضرورة. بكلمات أخرى: بما أن في البنى الاجتماعية الغربية، الأجساد المادية دائمًا ما تكون أجساد اجتماعية، فإذًا ليس هناك تفرقة بين الجنس البيولوجي والجندر.وعلى العكس، في مجتمع يوروبا، فإن العلاقات الاجتماعية تكتسب شرعيتها من الحقائق الاجتماعية، وليس من البيولوجيا. يتم النظر للحقائق البيولوجية المحضة المرتبطة بالحمل والولادة في سياق الحديث عن التكاثر فقط،  حيثُ يجب أن تكون. لا يمكن للحقائق البيولوجية تحديد من سيكون الحاكم أو من يمكنه أن يصبح تاجرًا بالسوق. في المفهوم الأصلي لمجتمع يوروبا، كانت تلك الأسئلة أسئلة اجتماعية وليست أسئلة بيولوجية، بناءً عليه، لم يحدد التشريح الجسدي مكانة الفرد الاجتماعية. وبالتالي، النظام الاجتماعي ليوروبا يتطلب نوعًا آخر من الفهم، ليس الفهم الجندري الذي يفترض أن البيولوجيا هي أساس النظام الاجتماعي.
+
نظرًا إلى عدم قابلية التفرقة بين الجنس البيولوجي والجندر في الغرب، والذي ينتج عن إستخدام البيولوجيا كأيديولوجيا لفهم الواقع (النظام) الاجتماعي، فمصطلحات "الجنس البيولوجي" و "الجندر"، كما أشرت مسبقًا، مترادفان بالضرورة. بكلمات أخرى: بما أن في البنى الاجتماعية الغربية، الأجساد المادية دائمًا ما تكون أجساد اجتماعية، فإذًا ليس هناك تفرقة بين الجنس البيولوجي والجندر.<ref> تعليق الكاتبة: قدمت عالمة الأنثروبولوجيا إيفي أماديوم (Ifi Amadiume)، في دراستها عن مجتمع الإجبو في نيجيريا بعنوان البنات الذكور (The male daughters) فكرة المرونة الجندرية (Gender flexibility) للتركيز على القابلية الحقيقية لفصل الجندر عن الجنس البيولوجي في هذا المجتمع الأفريقي. وبالرغم من ذلك، أعتقد ان زواج النساء من النساء في إجبولاند يدعو لطرح تساؤلات أكثر راديكالية فيما يتعلق بمفهوم الجندر؛ تساؤلات فشلت "المرونة الجندرية" في الإجابة عليها. لسبب واحد، وهو أن مفهوم الجندر، كما هو مُعرَّف في الأدبيات، هو مفهوم ثنائي، بمعنى أنه يرتكز على الثنائية الجنسية للجسد الإنساني. وبالتالي، هنا لا يوجد مكان للمرونة.  </ref> وعلى العكس، في مجتمع يوروبا، فإن العلاقات الاجتماعية تكتسب شرعيتها من الحقائق الاجتماعية، وليس من البيولوجيا. يتم النظر للحقائق البيولوجية المحضة المرتبطة بالحمل والولادة في سياق الحديث عن التكاثر فقط،  حيثُ يجب أن تكون. لا يمكن للحقائق البيولوجية تحديد من سيكون الحاكم أو من يمكنه أن يصبح تاجرًا بالسوق. في المفهوم الأصلي لمجتمع يوروبا، كانت تلك الأسئلة أسئلة اجتماعية وليست أسئلة بيولوجية، بناءً عليه، لم يحدد التشريح الجسدي مكانة الفرد الاجتماعية. وبالتالي، النظام الاجتماعي ليوروبا يتطلب نوعًا آخر من الفهم، ليس الفهم الجندري الذي يفترض أن البيولوجيا هي أساس النظام الاجتماعي.
    
   
 
   
إن التركيز على العلاقة ما بين الجندر والجنس البيولوجي، والجدال حول الماهية الجوهرية، والجدالات حول الاختلافات بين النساء، والانشغال الكامل بإقحام الجندر، وهو ما اتسمت به الحركة النسوية، إنما هو في حقيقة الأمر النسخة النسوية من الجدالات الحالية المتجذرة في الفكر الغربي ومنطقه حول التراتبيات الاجتماعية المتعلقة بالطبيعية في مقابل التنشئة.  
+
إن التركيز على العلاقة ما بين الجندر والجنس البيولوجي، والجدال حول الماهية الجوهرية، والجدالات حول الاختلافات بين النساء<ref> The "race and gender literature" is grounded on notions of differences among women.</ref>، والانشغال الكامل بإقحام الجندر<ref>See, for example, Holly Devor, Gender Blending: Confronting the Limits of Duality (Bloomington: Indiana University Press, 1989); Rebecca Gordon, "Delusions of Gender," Women's Review of Books 12, no. 2 (November 1994): 18-19. </ref>، وهو ما اتسمت به الحركة النسوية، إنما هو في حقيقة الأمر النسخة النسوية من الجدالات الحالية المتجذرة في الفكر الغربي ومنطقه حول التراتبيات الاجتماعية المتعلقة بالطبيعية في مقابل التنشئة.  
 
هذه الاهتمامات ليست بالضرورة متأصلة في خطاب المجتمع، ولكنها اهتمامات (وقضية) مرتبطة بالثقافة. فمن منظور عابر للثقافات، النقطة الأكثر إثارة للإنتباه هي إلى أي مدى تتبنى النسوية، على الرغم من موقفها المحلي الراديكالي، نفس الصفات المتمحورة حول العرق والإمبريالية في الخطابات الغربية، والتي كانت تسعى لهدمها.
 
هذه الاهتمامات ليست بالضرورة متأصلة في خطاب المجتمع، ولكنها اهتمامات (وقضية) مرتبطة بالثقافة. فمن منظور عابر للثقافات، النقطة الأكثر إثارة للإنتباه هي إلى أي مدى تتبنى النسوية، على الرغم من موقفها المحلي الراديكالي، نفس الصفات المتمحورة حول العرق والإمبريالية في الخطابات الغربية، والتي كانت تسعى لهدمها.
 
هذا وضع محددات جادة على تطبيق مفاهيم النسوية خارج سياق الثقافة التي أنتجتها. فكما تذكرنا كاثي فيرجوسون  
 
هذا وضع محددات جادة على تطبيق مفاهيم النسوية خارج سياق الثقافة التي أنتجتها. فكما تذكرنا كاثي فيرجوسون  
 
<Blockquote>
 
<Blockquote>
"الأسئلة المسموح لنا  أن نسألها حول العالم متاحة، بينما هناك أسئلة أخرى ليست مُتاحة، بموجب الإطار الذي يوجه التساؤل. فعندما نكون منشغلين بالجدال حول أسئلة ظهرت في سياق إطار معين، فإن إنشغالنا هذا لن يجعلنا نرى الإطار نفسه، فنصبح بدورنا مقيدين به."
+
"الأسئلة المسموح لنا  أن نسألها حول العالم متاحة، بينما هناك أسئلة أخرى ليست مُتاحة، بموجب الإطار الذي يوجه التساؤل. فعندما نكون منشغلين بالجدال حول أسئلة ظهرت في سياق إطار معين، فإن إنشغالنا هذا لن يجعلنا نرى الإطار نفسه، فنصبح بدورنا مقيدين به".<ref>Kathy Ferguson, The Man Question: Visions of Subjectivity in Feminist Theory (Berkeley: University of California Press), 7.</ref>
 
</blockquote>
 
</blockquote>
 
بالرغم من أن النسوية في الأصل، على مستوى التعريف والممارسة، هي خطاب شمولي (عالمي)، إلا أن الاهتمامات والأسئلة التي صنعتها هي أسئلة غربية (و جمهورها أيضاً، كما يبدو، متوقع أن يكون مكوّن من الغربيين وفقط ، نظراً لأن العديد من المنظرات/ين يميلن/ون لاستخدام صيغ الجمع "نحن" و "ثقافتنا" في كتاباتهن/م.)وبالتالي، تظل النسوية محددة (مؤطرة) بالرؤية الضيقة والمنطق البيولوجي لخطابات غربية أخرى.
 
بالرغم من أن النسوية في الأصل، على مستوى التعريف والممارسة، هي خطاب شمولي (عالمي)، إلا أن الاهتمامات والأسئلة التي صنعتها هي أسئلة غربية (و جمهورها أيضاً، كما يبدو، متوقع أن يكون مكوّن من الغربيين وفقط ، نظراً لأن العديد من المنظرات/ين يميلن/ون لاستخدام صيغ الجمع "نحن" و "ثقافتنا" في كتاباتهن/م.)وبالتالي، تظل النسوية محددة (مؤطرة) بالرؤية الضيقة والمنطق البيولوجي لخطابات غربية أخرى.
سطر 78: سطر 78:     
يطرح مجتمع يوروبا، الذي يقع في جنوب غرب نيجيريا، سيناريو مختلفاً، حيثُ لا يُعتبر الجسد دائماً  أساس التصنيف الاجتماعي. فمن نظرة يوروبية، فإن الجسد قد حظيّ بحضور مبالغ فيه في الفكر الغربي والممارسة الاجتماعية، بما في ذلك في النظريات النسوية.
 
يطرح مجتمع يوروبا، الذي يقع في جنوب غرب نيجيريا، سيناريو مختلفاً، حيثُ لا يُعتبر الجسد دائماً  أساس التصنيف الاجتماعي. فمن نظرة يوروبية، فإن الجسد قد حظيّ بحضور مبالغ فيه في الفكر الغربي والممارسة الاجتماعية، بما في ذلك في النظريات النسوية.
في عالم يوروبا، خاصةً ما قبل القرن التاسع عشر، في ظل ثقافة أويو،  كان المجتمع مسكوناً بالأفراد اللذين تحكمهم علاقاتهم ببعضهم البعض بشكل أساسي. فالمعايير الجسدية للذكورة والأنوثة لم تكن لها (إطارات) بوادر  إجتماعية سالفة تحددها وبالتالي لم يؤد ذلك إلى تشكيل الفئات الإجتماعية المتعارف عليها. والتراتبية الاجتماعية كانت محددة من خلال العلاقات الاجتماعية.   
+
في عالم يوروبا، خاصةً ما قبل القرن التاسع عشر<ref>
 +
تعليق الكاتبة: إستخدامي للقرن التاسع عشر كعلامة فارقة، نابع من رغبتي في التأكيد على أن الصور الجندرية كانت ناشئة؛ بالطبع بدأت العملية (عملية نشأتها) من قبل، نظرًا إلى الدور الذي لعبته تجارة العبيد في المحيط الأطلنطي في تفكيك يوروبالاند. 
 +
</ref>، في ظل ثقافة أويو،  كان المجتمع مسكوناً بالأفراد اللذين تحكمهم علاقاتهم ببعضهم البعض بشكل أساسي. فالمعايير الجسدية للذكورة والأنوثة لم تكن لها (إطارات) بوادر  إجتماعية سالفة تحددها وبالتالي لم يؤد ذلك إلى تشكيل الفئات الإجتماعية المتعارف عليها. والتراتبية الاجتماعية كانت محددة من خلال العلاقات الاجتماعية.   
 
وكما لوحظ في وقت مسبق، أن موقع الأشخاص المختلفين في العلاقات كان متغيراً ومعتمداً على الأشخاص المنخرطين أنفسهم والموقف المحدد. الأساس المُحدِد للتنظيم الاجتماعي كان الأقدمية، والذي كان مبني على أساس العمر الزمني. فعلاقات القرابة في يوروبا لم تكن معنية بالجندر، كما لم تكن الفئات الاجتماعية غير العائلية محددة جندرياً.  
 
وكما لوحظ في وقت مسبق، أن موقع الأشخاص المختلفين في العلاقات كان متغيراً ومعتمداً على الأشخاص المنخرطين أنفسهم والموقف المحدد. الأساس المُحدِد للتنظيم الاجتماعي كان الأقدمية، والذي كان مبني على أساس العمر الزمني. فعلاقات القرابة في يوروبا لم تكن معنية بالجندر، كما لم تكن الفئات الاجتماعية غير العائلية محددة جندرياً.  
ما تقوله لنا  تلك الفئات اليوروبية، أن الجسد ليس دائماً  تحت المجهر أو مساحة لطرح وجهة نظر تصنيفية. فالمثل الكلاسيكي، حيث الأنثي التي لعبت أدوار أوبا (الحاكمة)، وأومو (الذرية)، ووجكج، وآيا و تيد (الأم) و ألديفو (الكاهن العراف) كانوا جميعهن/م في جسد واحد. تلك الفئات الاجتماعية المتعلقة بالقرابة أو عدم القرابة لم تكن مجندرة. ولا يستطيع أحد أن يصنف الأشخاص في الفئات الاجتماعية اليوروبية بمجرد النظر إليهن/م فقط. ما يقوله لنا هذا المثال قد يكون أهم مفتاح للفهم. فالأقدمية كأساس للعلاقات الاجتماعية في يوروبا (تجعل التراتبية) نسبية وديناميكية (أي في حركة دائمة)، على عكس الجندر، فهي لا تركز فقط على طبيعة الجسد.  
+
ما تقوله لنا  تلك الفئات اليوروبية، أن الجسد ليس دائماً  تحت المجهر أو مساحة لطرح وجهة نظر تصنيفية. فالمثل الكلاسيكي، حيث الأنثي التي لعبت أدوار أوبا (الحاكمة)، وأومو (الذرية)، ووجكج، وآيا و تيد (الأم) و ألديفو (الكاهن العراف) كانوا جميعهن/م في جسد واحد. تلك الفئات الاجتماعية المتعلقة بالقرابة أو عدم القرابة لم تكن مجندرة. ولا يستطيع أحد أن يصنف الأشخاص في الفئات الاجتماعية اليوروبية بمجرد النظر إليهن/م فقط. ما يقوله لنا هذا المثال قد يكون أهم مفتاح للفهم. فالأقدمية كأساس للعلاقات الاجتماعية في يوروبا (تجعل التراتبية) نسبية وديناميكية (أي في حركة دائمة)، على عكس الجندر، فهي لا تركز فقط على طبيعة الجسد.<ref>See chapter 2 for a full account of Yoruba world-sense as it is mapped onto social hierarchies.</ref>
       
إذا كان الجسد الإنساني عالمياً، فلماذا إذاً يحتل الجسد مساحة كبيرة من التواجد في الغرب بالمقارنة مع يوروبالاند؟
 
إذا كان الجسد الإنساني عالمياً، فلماذا إذاً يحتل الجسد مساحة كبيرة من التواجد في الغرب بالمقارنة مع يوروبالاند؟
 
باستخدام إطار بحث مقارن، سيتكشف لنا أن أحد أهم الفروق ينبع من التساؤل حول أي من الحواس هو الأكثر استخداماً لفهم الواقع؛ النظر والرؤية في الغرب، وحواس متعددة معتمدة على السمع في يوروبالاند.  
 
باستخدام إطار بحث مقارن، سيتكشف لنا أن أحد أهم الفروق ينبع من التساؤل حول أي من الحواس هو الأكثر استخداماً لفهم الواقع؛ النظر والرؤية في الغرب، وحواس متعددة معتمدة على السمع في يوروبالاند.  
إن نغمات لغة يوروبا تعطي فهماً للواقع لا يمكنه تهميش كل ما هو مسموع. وبالتالي، مقارنةً بالمجتمعات الغربية، هناك حاجة قوية لسياق أوسع من أجل فهم العالم. على سبيل المثال، هناك نظام معرفي في يوروبالاند، يُسمى إيفا (إيفا ديفينيشن)، لديه مكونات بصرية وسمعية. بشكل أكثر جوهرية، فإن عملية التفرقة ما بين يوروبا والغرب، والتي ترتكز على الحواس المختلفة لفهم الواقع، تنطوي على أكثر من منظور- بالنسبة ليوروبا، وبالتأكيد بالنسبة لمجتمعات أفريقية أخرى كثيرة،  (فهم الواقع يُبنى) "حول تواجد معين في العالم- فيُصور العالم ككل حيثُ ترتبط كل الأشياء معاً." إنه يتعلق بالعوالم العديدة التي يعيش فيها الناس؛ ولا يُزكَي العالم المادي على العالم الميتافيزيقي. فالتركيز على الرؤية فقط، كطريقة أساسية لفهم الواقع، يعزز ما يمكن رؤيته على ما هو غير ظاهر للعين؛ فيفتقد بذلك لكل المستويات والمعاني الأخرى للوجود.
+
إن نغمات لغة يوروبا تعطي فهماً للواقع لا يمكنه تهميش كل ما هو مسموع. وبالتالي، مقارنةً بالمجتمعات الغربية، هناك حاجة قوية لسياق أوسع من أجل فهم العالم.<ref>تعليق الكاتبة: هذه ليست محاولة مني للمشاركة في بعض النقاشات الاختزالية حول "شفاهية" المجتمعات الأفريقية وعلاقتها ب "الكتابة" في المجتمعات الغربية؛ ولا يهدف هذا الكتاب لعمل ثنائية متضادة بين الغرب ويوروبالاند من ناحية، أو بين الشفاهية والكتابة، من ناحية أخرى، كما فعل العكثير من الباحثيت. هناك أدبيات ضخمة حول الكتابة والشفاهية. أعتبر ما كتبه والتر أونج، في Orality and Literacy: The Technologizing of the Word (New York: Methuen, 1982) مدخل جيدًا لهذا الخطا، بالرغم من أنها أطروحة معممة بشكل واسع. لقراءة أطروحة حديثة من منظور أفريقي، يمكنكن/م مطالعة سامبا ديوب (Samba Diop) "The Oral History and Literature of Waalo, Northern Senegal: The Master of the Word in Wolof Tradition" (Ph.D. diss., Department of Comparative Literature, University of California-Berkeley, 1993).</ref> على سبيل المثال، هناك نظام معرفي في يوروبالاند، يُسمى إيفا (إيفا ديفينيشن)، لديه مكونات بصرية وسمعية.<ref>See Wande Abimbola, Ifa: An Exposition of the Ifa Literary Corpus (Ibadan: Oxford University Press, 1976). </ref> بشكل أكثر جوهرية، فإن عملية التفرقة ما بين يوروبا والغرب، والتي ترتكز على الحواس المختلفة لفهم الواقع، تنطوي على أكثر من منظور- بالنسبة ليوروبا، وبالتأكيد بالنسبة لمجتمعات أفريقية أخرى كثيرة،  (فهم الواقع يُبنى) "حول تواجد معين في العالم- فيُصور العالم ككل حيثُ ترتبط كل الأشياء معاً."<ref>Amadou Hampate Ba, "Approaching Africa," in African Films: The Context of Production, ed. Angela Martin (London: British Film Institute, 1982), 9.</ref> إنه يتعلق بالعوالم العديدة التي يعيش فيها الناس؛ ولا يُزكَي العالم المادي على العالم الميتافيزيقي. فالتركيز على الرؤية فقط، كطريقة أساسية لفهم الواقع، يعزز ما يمكن رؤيته على ما هو غير ظاهر للعين؛ فيفتقد بذلك لكل المستويات والمعاني الأخرى للوجود.
 
تعكس مقارنة ديفيد لوي بين الرؤية وحاسة السمع بعض القضايا التي أود أن ألفت الانتباه إليها فهو يكتب:  
 
تعكس مقارنة ديفيد لوي بين الرؤية وحاسة السمع بعض القضايا التي أود أن ألفت الانتباه إليها فهو يكتب:  
 
<Blockquote>  
 
<Blockquote>  
 
"من الخمس حواس، السمع هو الأكثر قدرة على الانتشار والاختراق. أقول هذا، بالرغم من أن الكثيرين، بدءًا من أرسطو في الميتافيزيقيا وصولاً لهانس جوناس في ظاهرة الحياة، قد قالوا أن النظرة هي الأكثر نُبلاً.  ولكن النظرة دائماً موجهة لما هو أمامك باستقامة (...) فالنظرة لا يمكنها أن تدير زاويتها، على الأقل بدون مساعدة مرآة.   
 
"من الخمس حواس، السمع هو الأكثر قدرة على الانتشار والاختراق. أقول هذا، بالرغم من أن الكثيرين، بدءًا من أرسطو في الميتافيزيقيا وصولاً لهانس جوناس في ظاهرة الحياة، قد قالوا أن النظرة هي الأكثر نُبلاً.  ولكن النظرة دائماً موجهة لما هو أمامك باستقامة (...) فالنظرة لا يمكنها أن تدير زاويتها، على الأقل بدون مساعدة مرآة.   
وعلى الجانب الآخر، الصوت يأتي للشخص، يُحيطه في الفضاء المسموع، الملئ بالأجراس و الفروق الدقيقة. إنه أقرب وأكثر إيحاءً من البصر. فنظرتنا للأشياء غالباً ما تكون من منظور سطحي ومن زاوية محددة. ولكن الصوت هو المنظور القادر على اختراق ما هو تحت السطح.الكلام هو التواصل الذي يربط شخصاً بآخر. ولهذا، فإن قيمة الصوت، في جوهرها، هي أكثر حيوية وحركة من قيمة النظرة."
+
وعلى الجانب الآخر، الصوت يأتي للشخص، يُحيطه في الفضاء المسموع، الملئ بالأجراس و الفروق الدقيقة. إنه أقرب وأكثر إيحاءً من البصر. فنظرتنا للأشياء غالباً ما تكون من منظور سطحي ومن زاوية محددة. ولكن الصوت هو المنظور القادر على اختراق ما هو تحت السطح.الكلام هو التواصل الذي يربط شخصاً بآخر. ولهذا، فإن قيمة الصوت، في جوهرها، هي أكثر حيوية وحركة من قيمة النظرة."<ref>Lowe, History of Bourgeois Perception, 7.</ref>
 
</blockquote>
 
</blockquote>
 
فكما يظهر بوضوح تفضيل الغرب للبصر على جميع الحواس الأخرى، يمكن أيضاً عرض هيمنة السمع في يوروبالاند.
 
فكما يظهر بوضوح تفضيل الغرب للبصر على جميع الحواس الأخرى، يمكن أيضاً عرض هيمنة السمع في يوروبالاند.
سطر 95: سطر 97:  
في ورقة مثيرة للاهتمام، بعنوان "عين العقل"، تطرح المنظرتان النسويتان إيفيلين فوكس كيللر وكريستين جرونتمووسكي تلك الملاحظة  
 
في ورقة مثيرة للاهتمام، بعنوان "عين العقل"، تطرح المنظرتان النسويتان إيفيلين فوكس كيللر وكريستين جرونتمووسكي تلك الملاحظة  
 
<Blockquote>  
 
<Blockquote>  
"نحن (الأوروبيون الأميريكيون) نتحدث عن المعرفة كالإنارة، أن تعرف يعني أن ترى، وأن الحقيقة كالنور. كيف لهذا أن يحدث، إذا أمكننا التساؤل، أن تصبح الرؤية هي المثال المقترن بالمعرفة؟ كيف قبلنا بذلك على هذا النحو، وكيف أثرت تلك الاستعارة على إدراكنا للمعرفة؟"
+
"نحن (الأوروبيون الأميريكيون) نتحدث عن المعرفة كالإنارة، أن تعرف يعني أن ترى، وأن الحقيقة كالنور. كيف لهذا أن يحدث، إذا أمكننا التساؤل، أن تصبح الرؤية هي المثال المقترن بالمعرفة؟ كيف قبلنا بذلك على هذا النحو، وكيف أثرت تلك الاستعارة على إدراكنا للمعرفة؟"<ref name="Evelyn">Evelyn Fox Keller and Christine Grontkowski, "The Mind's Eye," in Discovering Reality: Feminist Perspectives on Epistemology, Metaphysics, Methodology, and Philosophy of Science, ed. Sandra Harding and Merrill B. Hintikka (Boston: Reidel, 1983), 208. </ref>
 
</blockquote>
 
</blockquote>
   −
تستمر المنظرتان في تحليل الآثار المترتبة على تفضيل البصر على الحواس الأخرى من أجل إدراك الواقع والمعرفة في الغرب. كما تبحثان عن الروابط ما بين تفضيل البصر والمنظومة الأبوية، آخذات في اعتبارهن أن جذور الفكر الغربي المتأصلة من الصورة البصرية وأهمية الرؤية في المعرفة قد أثمر عن منطق ذكوري مهيمن.  
+
تستمر المنظرتان في تحليل الآثار المترتبة على تفضيل البصر على الحواس الأخرى من أجل إدراك الواقع والمعرفة في الغرب. كما تبحثان عن الروابط ما بين تفضيل البصر والمنظومة الأبوية، آخذات في اعتبارهن أن جذور الفكر الغربي المتأصلة من الصورة البصرية وأهمية الرؤية في المعرفة قد أثمر عن منطق ذكوري مهيمن.<ref name="Evelyn" />
توضيحاً لملاحظة جوناس بأنه "حتى نحصل على رؤية مناسبة، فيجب علينا أن نأخذ المسافة المناسبة"، فقد لاحظتا الطبيعة السلبية للنظر عندما يصبح موضوع النظرة سلبياً. وربطتا بين المسافة اللازمة للرؤية وإرسائها لمفهوم الموضوعية وانعدام الارتباط بين ال "أنا" وال"الموضوع" (موضوع الرؤية)- بين الشخص والآخر. بالطبع، إن الآخر بالنسبة للغرب دائماً ما يوصف بأنه جسد آخر؛ منفصل وبعيد.
+
توضيحاً لملاحظة جوناس بأنه "حتى نحصل على رؤية مناسبة، فيجب علينا أن نأخذ المسافة المناسبة"<ref>Jonas, Phenomenon of Life, 507.</ref>، فقد لاحظتا الطبيعة السلبية للنظر عندما يصبح موضوع النظرة سلبياً. وربطتا بين المسافة اللازمة للرؤية وإرسائها لمفهوم الموضوعية وانعدام الارتباط بين ال "أنا" وال"الموضوع" (موضوع الرؤية)- بين الذات والآخر.<ref>Keller and Grontkowski, "The Mind's Eye."</ref>  بالطبع، إن الآخر بالنسبة للغرب دائماً ما يوصف بأنه جسد آخر؛ منفصل وبعيد.
    
   
 
   
سطر 105: سطر 107:  
لاحظت المنظرة النسوية نانسي شودورو بدائية ومحددات التركيز النسوي على الاختلاف:  
 
لاحظت المنظرة النسوية نانسي شودورو بدائية ومحددات التركيز النسوي على الاختلاف:  
 
<Blockquote>  
 
<Blockquote>  
"من ناحيتنا نحن كنسويات، برغم  من كوننا نريد أن نقضي على اللامساواة الجندرية وعلى التراتبية والاختلاف، إلا أننا نتوقع أن نعثر على بعض الصفات الثابتة في معظم الإعدادات الاجتماعية (...) فلقد بدأنا من افتراض أن الجندر هو دائماً سمة بارزة  في الحياة الاجتماعية، كما أننا لا نملك مقاربات نظرية لتعظيم التشابهات بين الأجناس بدلاً من الاختلافات."
+
"من ناحيتنا نحن كنسويات، برغم  من كوننا نريد أن نقضي على اللامساواة الجندرية وعلى التراتبية والاختلاف، إلا أننا نتوقع أن نعثر على بعض الصفات الثابتة في معظم الإعدادات الاجتماعية (...) فلقد بدأنا من افتراض أن الجندر هو دائماً سمة بارزة  في الحياة الاجتماعية، كما أننا لا نملك مقاربات نظرية لتعظيم التشابهات بين الأجناس بدلاً من الاختلافات."<ref> Nancy Chodorow, Feminism and Psychoanalytic Theory (New Haven: Yale University Press, 1989), 216. </ref>
 
</blockquote>
 
</blockquote>
 
   
 
   
وبالتالي، افتراض وتناول كل ما يتعلق بـ"الأبوية" و "النساء" باعتبارها مفاهيم عالمية في الكثير من الكتابات النسوية، يعكس مركزية عرقية ويظهر هيمنة الغرب على المجموعات الثقافية الأخرى. يُعد ظهور الأبوية كشكل للتنظيم الاجتماعي في التاريخ الغربي مرهونًا بالتفرقة ما بين أجساد الذكور والنساء، والاختلاف المتجذر في الرؤية، الاختلاف الذي لا يمكن اختزاله في البيولوجيا والذي يجب أن يُفهم على أنه مبني في إطار حقائق تاريخية واجتماعية معينة.
+
وبالتالي، افتراض وتناول كل ما يتعلق بـ"الأبوية" و "النساء" باعتبارها مفاهيم عالمية في الكثير من الكتابات النسوية، يعكس مركزية عرقية ويظهر هيمنة الغرب على المجموعات الثقافية الأخرى.<ref>See Amadiume, Male Daughters; and Valerie Amos and Pratibha Parma, "Challenging Imperial Feminism," Feminist Review (July 1984): 3-20. </ref> يُعد ظهور الأبوية كشكل للتنظيم الاجتماعي في التاريخ الغربي مرهونًا بالتفرقة ما بين أجساد الذكور والنساء، والاختلاف المتجذر في الرؤية، الاختلاف الذي لا يمكن اختزاله في البيولوجيا والذي يجب أن يُفهم على أنه مبني في إطار حقائق تاريخية واجتماعية معينة.
 
أنا لا أقول أن الفئات الجندرية يجب أن تكون مقتصرة على التصور الغربي بالضرورة، خاصةً في الوقت الراهن. ولكني أقترح أن تكون النقاشات حول الفئات الاجتماعية مبنية ومُعرفة من خلال الوسط المحلي، بدلاً من كونها مبنية على نتائج "عالمية" تم التوصل إليها في الغرب.  
 
أنا لا أقول أن الفئات الجندرية يجب أن تكون مقتصرة على التصور الغربي بالضرورة، خاصةً في الوقت الراهن. ولكني أقترح أن تكون النقاشات حول الفئات الاجتماعية مبنية ومُعرفة من خلال الوسط المحلي، بدلاً من كونها مبنية على نتائج "عالمية" تم التوصل إليها في الغرب.  
 
تساءل عدد من الباحثات النسويات حول عالمية النظام الأبوي. فعلى سبيل المثال، كتبت محررات كتاباً عن نساء الهوسا في شمال نيجيريا ذكرن فيه.
 
تساءل عدد من الباحثات النسويات حول عالمية النظام الأبوي. فعلى سبيل المثال، كتبت محررات كتاباً عن نساء الهوسا في شمال نيجيريا ذكرن فيه.
 
<Blockquote>
 
<Blockquote>
"إن الافتراض المسبق للثنائية الجندرية* غير المتعادلة يشوش العديد من التحليلات، حيثُ أنه يحول دون استكشاف الجندر كمكون أساسي للعلاقات الاجتماعية، ولعدم المساواة ولعمليات الإنتاج واعادة الإنتاج وللأيديولوجيا."
+
"إن الافتراض المسبق للثنائية الجندرية غير المتعادلة يشوش العديد من التحليلات، حيثُ أنه يحول دون استكشاف الجندر كمكون أساسي للعلاقات الاجتماعية، ولعدم المساواة ولعمليات الإنتاج واعادة الإنتاج وللأيديولوجيا."<ref>Catherine Coles and Beverly Mack, eds., Hausa Women in the Twentieth Century (Madison: University of Wisconsin Press, 1991), 6.</ref>
 
</blockquote>
 
</blockquote>
 
وبالرغم من ذلك، وبعيدأ عن مسألة عدم التماثل، فإن الفكرة المسبقة عن الجندر كفئة اجتماعية عالمية هو شئ إشكالي أيضاً. فإذا كان الباحث يفترض وجود الجندر من البداية، فإنه سيعثر حتماً على الفئات الجندرية التي يبحث عنها، سواء كانت موجودة بالفعل أم لا.  
 
وبالرغم من ذلك، وبعيدأ عن مسألة عدم التماثل، فإن الفكرة المسبقة عن الجندر كفئة اجتماعية عالمية هو شئ إشكالي أيضاً. فإذا كان الباحث يفترض وجود الجندر من البداية، فإنه سيعثر حتماً على الفئات الجندرية التي يبحث عنها، سواء كانت موجودة بالفعل أم لا.  
سطر 118: سطر 120:     
النسوية هي واحدة من أحدث الموضات النظرية الغربية التي يتم تطبيقها على المجتمعات الأفريقية. اتباعاً لمنهج مقاس واحد فقط يناسب الجميع (أو إذا أردنا التعبير بشكل أفضل مقاس غربي واحد يناسب الجميع) للتنظير الفكري، ولقد اتخذ هذا المعيار مكانه في سلسلة طويلة من النماذج الغربية – بما فيها الماركسية  والوظائفية والبنيوية وما بعد البنيوية- التي فُرضت على موضوعات البحث الأفريقية.  
 
النسوية هي واحدة من أحدث الموضات النظرية الغربية التي يتم تطبيقها على المجتمعات الأفريقية. اتباعاً لمنهج مقاس واحد فقط يناسب الجميع (أو إذا أردنا التعبير بشكل أفضل مقاس غربي واحد يناسب الجميع) للتنظير الفكري، ولقد اتخذ هذا المعيار مكانه في سلسلة طويلة من النماذج الغربية – بما فيها الماركسية  والوظائفية والبنيوية وما بعد البنيوية- التي فُرضت على موضوعات البحث الأفريقية.  
لقد أصبح الأكاديميون والأكاديميات من أكثر القوى المهيمنة العالمية تأثيراً، ليس فقط بإنتاجهن/م تجارب اجتماعية متماثلة، بل بانتاجهن/م مجموعة متجانسة من القوى المهيمنة. إن النظريات الغربية أصبحت أدوات للهيمنة لأنها تطبق على مستوى عالمي، مفترضة أن التجارب الغربية تعرّف الإنسان. على سبيل المثال، كان هناك دراسة عن قاطني ال جا في أحد أحياء أكرا، بغانا، تبدأ بالقول :"تطوير تحليلنا لتكوين النساء والطبقة مهم لتنقيح فهمنا."
+
لقد أصبح الأكاديميون والأكاديميات من أكثر القوى المهيمنة العالمية تأثيراً، ليس فقط بإنتاجهن/م تجارب اجتماعية متماثلة، بل بانتاجهن/م مجموعة متجانسة من القوى المهيمنة. إن النظريات الغربية أصبحت أدوات للهيمنة لأنها تطبق على مستوى عالمي، مفترضة أن التجارب الغربية تعرّف الإنسان. على سبيل المثال، كان هناك دراسة عن قاطني ال جا في أحد أحياء أكرا، بغانا، تبدأ بالقول :"تطوير تحليلنا لتكوين النساء والطبقة مهم لتنقيح فهمنا."<ref name="Claire">Claire Robertson, Sharing the Same Bowl: A Socioeconomic History of Women and Class in Accra, Ghana (Bloomington: Indiana University Press, 1984), 23.</ref>
 
نساء؟ أية نساء؟ من هم المؤهلون ليكونوا نساءً في هذا السياق الثقافي لمجتمع ال جا؟ وعلى أي أساس يكونوا معرّفين كنساء؟ طرح هذه الأسئلة مشروع لفهم إذا كان الباحثون يأخذون الهيكل البنائي (لمحلي) للفئات الاجتماعية بجدية ويأخذون في اعتبارهم المفاهيم المحلية للواقع.الانزلاق (الاتجاه) نحو المفاهيم المعرفة مسبقاً وحول المركزية العرقية يصبح متجلياً عندما تقول كاتبة الدراسة:  
 
نساء؟ أية نساء؟ من هم المؤهلون ليكونوا نساءً في هذا السياق الثقافي لمجتمع ال جا؟ وعلى أي أساس يكونوا معرّفين كنساء؟ طرح هذه الأسئلة مشروع لفهم إذا كان الباحثون يأخذون الهيكل البنائي (لمحلي) للفئات الاجتماعية بجدية ويأخذون في اعتبارهم المفاهيم المحلية للواقع.الانزلاق (الاتجاه) نحو المفاهيم المعرفة مسبقاً وحول المركزية العرقية يصبح متجلياً عندما تقول كاتبة الدراسة:  
 
<Blockquote>
 
<Blockquote>
"انحياز آخر بدأت به، ثم اضطررت لتغييره. قبل أن أبدأ في العمل الميداني، لم أكن مهتمة بالتحديد بالاقتصاد، بشكل عام أو بأي طريقة أخرى. ولكن مع الوقت حاولت إجراء استطلاع رأي مسبق ... وكانت  الأهمية الشديدة للإقتصاد هي النتيجة. وعندما جاء الوقت لتحليل عميق للمعطيات، كان الشرح الأكثر اتساقاً مرتبطاً بالإقتصاد. إذاً فلقد بدأت العمل مع النساء، وانتهى بي الأمر أعمل مع التجار."
+
"انحياز آخر بدأت به، ثم اضطررت لتغييره. قبل أن أبدأ في العمل الميداني، لم أكن مهتمة بالتحديد بالاقتصاد، بشكل عام أو بأي طريقة أخرى. ولكن مع الوقت حاولت إجراء استطلاع رأي مسبق ... وكانت  الأهمية الشديدة للإقتصاد هي النتيجة. وعندما جاء الوقت لتحليل عميق للمعطيات، كان الشرح الأكثر اتساقاً مرتبطاً بالإقتصاد. إذاً فلقد بدأت العمل مع النساء، وانتهى بي الأمر أعمل مع التجار".<ref name="Claire" />
 
</blockquote>  
 
</blockquote>  
 
ولكن، لماذا بدأت كلير روبرتسون، كاتبة هذه الدراسة، بالنساء في المقام الأول، وما هو التشوش الذي نتج عن ذلك؟  
 
ولكن، لماذا بدأت كلير روبرتسون، كاتبة هذه الدراسة، بالنساء في المقام الأول، وما هو التشوش الذي نتج عن ذلك؟  
سطر 129: سطر 131:  
البدايات مهمة؛ فإضافة متغيرات في منتصف خطة العمل لا يمنع أو يحل التشوشات أو أخطاء الفهم. فمثل الكثير من الدراسات عن الأفريقيين، يبدو أن نصف دراسة روبرتسون كانت قد أُكملت، وقد تم تحديد الفئات المختلفة، قبل أن تقابل أناس الجا.  
 
البدايات مهمة؛ فإضافة متغيرات في منتصف خطة العمل لا يمنع أو يحل التشوشات أو أخطاء الفهم. فمثل الكثير من الدراسات عن الأفريقيين، يبدو أن نصف دراسة روبرتسون كانت قد أُكملت، وقد تم تحديد الفئات المختلفة، قبل أن تقابل أناس الجا.  
 
دراسة روبرتسون لا تمثل الحالة الوحيدة في الدراسات الأفريقية؛ ففي الحقيقة هي واحدة من الأفضل، لأنها بالتحديد، على عكس باحثات وباحثين آخرين، واعية ببعض من إنحيازاتها. الإنحياز الأساسي الذي يجلبه الكثير من الغربيين لدراسات المجتمعات، بما فيهم روبرتسون، هو "منطقية الجسد"، أي افتراض أن الحالة البيولوجية تحدد الوضع الاجتماعي.  
 
دراسة روبرتسون لا تمثل الحالة الوحيدة في الدراسات الأفريقية؛ ففي الحقيقة هي واحدة من الأفضل، لأنها بالتحديد، على عكس باحثات وباحثين آخرين، واعية ببعض من إنحيازاتها. الإنحياز الأساسي الذي يجلبه الكثير من الغربيين لدراسات المجتمعات، بما فيهم روبرتسون، هو "منطقية الجسد"، أي افتراض أن الحالة البيولوجية تحدد الوضع الاجتماعي.  
لأن "النساء" هي فئة محددة على أساس الجسد، فإنها تميل لأن تكون أكثر تميزاً عن فئة "التجار" والتي ليست محددة على أساس الجسد لدى الباحثات والباحثين الغربيين. حتى وعندما يتم الاهتمام بالتجار، فإنهم يُجسدون في الكثير من مجتمعات غرب أفريقيا كتجار فقط دون أخذ نوعهم الاجتماعي في الاعتبار، فيتحول التجار إلى "نساء السوق"، كما لو أن انخراطهن في هذه المهنة طابع مرتبط بأثدائهن، أو لصياغة الموضوع بشكل أكثر علمية، طابع متأصل في كروموزوم X. فكلما زاد تبني المنطق الغربي البيولوجي، كلما تم  اعتماد هذا الإطار المبني على الجسد في المطلق وفي الواقع الاجتماعي.
+
لأن "النساء" هي فئة محددة على أساس الجسد، فإنها تميل لأن تكون أكثر تميزاً عن فئة "التجار" والتي ليست محددة على أساس الجسد لدى الباحثات والباحثين الغربيين. حتى وعندما يتم الاهتمام بالتجار، فإنهم يُجسدون في الكثير من مجتمعات غرب أفريقيا كتجار فقط دون أخذ نوعهم الاجتماعي في الاعتبار، فيتحول التجار إلى "نساء السوق"، كما لو أن انخراطهن في هذه المهنة طابع مرتبط بأثدائهن، أو لصياغة الموضوع بشكل أكثر علمية، طابع متأصل في كروموزوم X.<ref>For example, Bessie House-Midamba and Felix K. Ekechi, African Market Women's Economic Power: The Role of Women in African Economic Development (Westport, Conn.: Greenwood Press, 1995); Gracia Clark, Onions Are My Husband: Accumulation by West African Market Women (Chicago: University of Chicago Press, 1994).</ref> فكلما زاد تبني المنطق الغربي البيولوجي، كلما تم  اعتماد هذا الإطار المبني على الجسد في المطلق وفي الواقع الاجتماعي.
    
   
 
   
264

تعديل

قائمة التصفح