تغييرات

اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
حذف المسافة في بداية الأسطر
سطر 34: سطر 34:  
بيد أن الإشكالية المزدوجة التي تقع على عاتق نساء العالم الثالث بسبب الاستعمار وما بعده؛ أولا، أن يجابهن السلطة الذكورية الراسخة داخليا، وثانيا، أن ينبذن الفكر النسوي برمته باعتباره فكراً مستورداً غربياً. وهو ما أكدت عليه عالمة الاجتماع المغربية ([[فاطمة المرنيسي]]) في سيرتها الذاتية (نساء على أجنحة الحلم)، حين أشارت إلى “الطبعة الحديثة لألف ليلة وليلة صدرت عام 1985م، وفوجئت بأن شهرزاد الغربية التي تعرض في مدينة برلين ترقص باستمرار، مجردة تماما من أقوي أسلحتها في الجاذبية أي التكلّم، ومن العقل كمصدر لهذا الكلام، وفي الحقيقة إن شهرزاد الشرقية لا ترقص ولكنها تفكر وتتحدث.”(9) وكشفت المرنيسي عن رحلة من الامتهان والاحتقار والتشويه المتعمد لحكاية شهرزاد التي جُردت من أهم صفاتها العقل والدهاء التي استطاعت بهما أن توقف السلطة الذكورية الاستبدادية في حكاية شهرزاد، ويعود في تفسيرها هذا التهكم إلى أسباب ثأرية انتقاما ًمن الاستعمار القديم.
 
بيد أن الإشكالية المزدوجة التي تقع على عاتق نساء العالم الثالث بسبب الاستعمار وما بعده؛ أولا، أن يجابهن السلطة الذكورية الراسخة داخليا، وثانيا، أن ينبذن الفكر النسوي برمته باعتباره فكراً مستورداً غربياً. وهو ما أكدت عليه عالمة الاجتماع المغربية ([[فاطمة المرنيسي]]) في سيرتها الذاتية (نساء على أجنحة الحلم)، حين أشارت إلى “الطبعة الحديثة لألف ليلة وليلة صدرت عام 1985م، وفوجئت بأن شهرزاد الغربية التي تعرض في مدينة برلين ترقص باستمرار، مجردة تماما من أقوي أسلحتها في الجاذبية أي التكلّم، ومن العقل كمصدر لهذا الكلام، وفي الحقيقة إن شهرزاد الشرقية لا ترقص ولكنها تفكر وتتحدث.”(9) وكشفت المرنيسي عن رحلة من الامتهان والاحتقار والتشويه المتعمد لحكاية شهرزاد التي جُردت من أهم صفاتها العقل والدهاء التي استطاعت بهما أن توقف السلطة الذكورية الاستبدادية في حكاية شهرزاد، ويعود في تفسيرها هذا التهكم إلى أسباب ثأرية انتقاما ًمن الاستعمار القديم.
   −
علاوة على أن النسوية الغربية ذاتها لم تكن ناجحة بدرجة كافية لتجعلنا نستبعد أي سردية نسوية أخرى، ومن ثَم فلا داعي على الإطلاق لهذه النظرة الاستعلائية من الغرب إزاء نسويات العالم الثالث. وحديثا، أكدت النسوية الكويتية (حنين الغبرا) في كتابها المعنون (النسوية الغربية وتهميش نساء العالم الثالث) على إسهام الخطاب الغربي في توطيد الاستعمار، وتعززه النسوية البيضاء، فتبقى النسوة الملونات حبيسات تلك الثنائية المعولمة.(10)  ويتضح أن العولمة والنسوية الغربية لا يساعدان المرأة في العالم الثالث بل يختصرون في كونهم مواد للتعاطف والشفقة، لأهداف الأجندات النيوليبرالية. علاوة على “أن تحديد موقع الثقافات هو تدخل محمود ليس فقط في الدراسات النسوية وما بعد الكولونيالية ولكن أيضًا في مجالات الدراسات الثقافية والعرق الاجتماعي، فتتمثل وظيفة الاستراتيجيات الخطابية في تقويض الخطابات السائدة، وإساءة تفسيرها.”(11) فالتعددية الثقافية في حد ذاتها ليست ثقافية فحسب، بل هي أيضًا سياسية واقتصادية بشكل قطعي، مرتبطة بتدفق رأس مال الشركات، وفي كل هذه السياقات، قانون القيمة لا يضعف.
+
علاوة على أن النسوية الغربية ذاتها لم تكن ناجحة بدرجة كافية لتجعلنا نستبعد أي سردية نسوية أخرى، ومن ثَم فلا داعي على الإطلاق لهذه النظرة الاستعلائية من الغرب إزاء نسويات العالم الثالث. وحديثا، أكدت النسوية الكويتية (حنين الغبرا) في كتابها المعنون (النسوية الغربية وتهميش نساء العالم الثالث) على إسهام الخطاب الغربي في توطيد الاستعمار، وتعززه النسوية البيضاء، فتبقى النسوة الملونات حبيسات تلك الثنائية المعولمة.(10)  ويتضح أن العولمة والنسوية الغربية لا يساعدان المرأة في العالم الثالث بل يختصرون في كونهم مواد للتعاطف والشفقة، لأهداف الأجندات النيوليبرالية. علاوة على “أن تحديد موقع الثقافات هو تدخل محمود ليس فقط في الدراسات النسوية وما بعد الكولونيالية ولكن أيضًا في مجالات الدراسات الثقافية والعرق الاجتماعي، فتتمثل وظيفة الاستراتيجيات الخطابية في تقويض الخطابات السائدة، وإساءة تفسيرها.”(11) فالتعددية الثقافية في حد ذاتها ليست ثقافية فحسب، بل هي أيضًا سياسية واقتصادية بشكل قطعي، مرتبطة بتدفق رأس مال الشركات، وفي كل هذه السياقات، قانون القيمة لا يضعف.
   −
ونظراً لخلفية المواجهة بين الأجندات الكولونياليّة والأجندات القوميّة، كانت أي نقاشات جادة بشأن تأثير هذه الممارسات على سلامة النساء لا تكاد تفلت من التورط في الصراعات بين الكولونياليّة والقوميّة، وقد جعل هذا الموقف من النساء عرضة للاستقطاب من كلٍ من الأجندتيّن.(12) وهنا يجدر بنا الإشارة، إلى أنه مع تراجع الاستعمار وصعود العولمة النيوليبرالية استمر الغرب في احتكار الهيمنة المعرفية، فظل إنتاج المعرفة هو المعيار الرئيسي لإرساء دعائم ما يطلق عليه بالاستعمار الحديث. وبالعادة ما كانت النقاشات بخصوص الممارسات الإشكاليّة المؤثرة على النساء تتحول إلى رهائن خطابيّة لاستعراض التفوق الثقافيّ والأخلاقيّ النسبيّ للثقافة الغربيّة.
+
ونظراً لخلفية المواجهة بين الأجندات الكولونياليّة والأجندات القوميّة، كانت أي نقاشات جادة بشأن تأثير هذه الممارسات على سلامة النساء لا تكاد تفلت من التورط في الصراعات بين الكولونياليّة والقوميّة، وقد جعل هذا الموقف من النساء عرضة للاستقطاب من كلٍ من الأجندتيّن.(12) وهنا يجدر بنا الإشارة، إلى أنه مع تراجع الاستعمار وصعود العولمة النيوليبرالية استمر الغرب في احتكار الهيمنة المعرفية، فظل إنتاج المعرفة هو المعيار الرئيسي لإرساء دعائم ما يطلق عليه بالاستعمار الحديث. وبالعادة ما كانت النقاشات بخصوص الممارسات الإشكاليّة المؤثرة على النساء تتحول إلى رهائن خطابيّة لاستعراض التفوق الثقافيّ والأخلاقيّ النسبيّ للثقافة الغربيّة.
    
==هوامش==
 
==هوامش==
7٬893

تعديل

قائمة التصفح