سطر 19: |
سطر 19: |
| }} | | }} |
| | | |
− | حين تقدّمت للعمل في جمعية نسوية قبل التحاقي بالجامعة، كان سقف توقّعاتي منخفضًا. فقد كنت أصغر المشتركات وأقلهن خبرةً ومجرّد دعوتي إلى المقابلة كان أمرًا مفاجئًا. إذن، ما شكّل صفعة قاسية لكبريائي لم يكن الرّفض بحد ذاته، بل الطريقة التي تعاملت بها ممثّلات الجمعية النسوية معي أثناء المقابلة. | + | حين تقدّمت للعمل في جمعية [[نسوية]] قبل التحاقي بالجامعة، كان سقف توقّعاتي منخفضًا. فقد كنت أصغر المشتركات وأقلهن خبرةً ومجرّد دعوتي إلى المقابلة كان أمرًا مفاجئًا. إذن، ما شكّل صفعة قاسية لكبريائي لم يكن الرّفض بحد ذاته، بل الطريقة التي تعاملت بها ممثّلات الجمعية النسوية معي أثناء المقابلة. |
| | | |
| كان السؤال الأول الذي طرحنه هو «لماذا لم تذكري في سيرتك الذاتية أنك تعانين من إعاقة؟». حاولت تجاوز الإهانة المتمثّلة بالسؤال والتي ينضح بها إلصاق صفة المعاناة بالإعاقة الجسدية، واستفضت بالشرح والكلام وكنت واثقة أنني «أفحمتهنّ»، ولكن سرعان ما أدركت سذاجة تلك الثّقة بعد سماع السؤال الثاني من المديرة: «ولكن هنالك جمعيّات مخصصة لأصحاب الإعاقة وللمكفوفين تحديدًا، أليس من الأفضل أن تتقدمي للعمل في إحداهن فالعمل هنا سيكون صعبًا عليك؟». | | كان السؤال الأول الذي طرحنه هو «لماذا لم تذكري في سيرتك الذاتية أنك تعانين من إعاقة؟». حاولت تجاوز الإهانة المتمثّلة بالسؤال والتي ينضح بها إلصاق صفة المعاناة بالإعاقة الجسدية، واستفضت بالشرح والكلام وكنت واثقة أنني «أفحمتهنّ»، ولكن سرعان ما أدركت سذاجة تلك الثّقة بعد سماع السؤال الثاني من المديرة: «ولكن هنالك جمعيّات مخصصة لأصحاب الإعاقة وللمكفوفين تحديدًا، أليس من الأفضل أن تتقدمي للعمل في إحداهن فالعمل هنا سيكون صعبًا عليك؟». |
سطر 27: |
سطر 27: |
| لم تكن تلك المرّة الأولى التي أواجه فيها هذه الخلطة من الازدراء والشّفقة والإقصاء بسبب إعاقتي، ولكنني لم أتوقّع أن تكون هذه ردة فعل نساء يدّعين قيادة مسيرة التغيير وإنصاف المرأة. | | لم تكن تلك المرّة الأولى التي أواجه فيها هذه الخلطة من الازدراء والشّفقة والإقصاء بسبب إعاقتي، ولكنني لم أتوقّع أن تكون هذه ردة فعل نساء يدّعين قيادة مسيرة التغيير وإنصاف المرأة. |
| | | |
− | كيف يمكن لجمعية تدافع عن حقوق المرأة وتحرّرها وتكافح التمييز ضد النّساء أن تقصي، بكل فجاجة وفظاظة، امرأةً فقط بسبب إعاقتها؟ لماذا يتمّ حشرنا دائمًا في بوتقة الإعاقة والافتراض بأن نشاطنا محكوم بالتقيّد بحقوق أصحاب الإعاقات؟ كيف تستقيم إدانة الإقصاء الممنهج الذي تتعرّض له النّساء من الفضاء العام مع تبرير إقصاء المرأة ذات الإعاقة وتحديد خياراتها عوضًا عنها والتعامل معها بالأبوية ذاتها التي تزعم المؤسسات النسوية مواجهتها؟ | + | كيف يمكن لجمعية تدافع عن [[حقوق المرأة]] وتحرّرها وتكافح [[تمييز جنسي | التمييز ضد النّساء]] أن تقصي، بكل فجاجة وفظاظة، امرأةً فقط بسبب إعاقتها؟ لماذا يتمّ حشرنا دائمًا في بوتقة الإعاقة والافتراض بأن نشاطنا محكوم بالتقيّد بحقوق أصحاب الإعاقات؟ كيف تستقيم إدانة الإقصاء الممنهج الذي تتعرّض له النّساء من الفضاء العام مع تبرير إقصاء المرأة ذات الإعاقة وتحديد خياراتها عوضًا عنها والتعامل معها بالأبوية ذاتها التي تزعم المؤسسات النسوية مواجهتها؟ |
| | | |
− | «[[ألست امرأة؟ (خطاب جماهيري) | ألستُ امرأة]]» كان السّؤال الذي طرحته [[سوجورنر تروث]] خلال خطاب ألقته في مؤتمر نسوي في ولاية أوهايو في العام 1851. نشطت سوجورنر تروث (1797-1883) في النّضال لإنهاء الرّق والدفاع عن [[حقوق النساء]] السوداوات، بعد انعتاقها في العام 1826 مع طفلتها الرّضيعة واستعادة ابنها من والده الأبيض في العام 1828. | + | «[[ترجمة:خطاب ألست امرأة؟ | ألستُ امرأة]]» كان السّؤال الذي طرحته [[سوجورنر تروث]] خلال خطاب ألقته في مؤتمر نسوي في ولاية أوهايو في العام 1851. نشطت سوجورنر تروث (1797-1883) في النّضال لإنهاء الرّق والدفاع عن [[حقوق النساء]] السوداوات، بعد انعتاقها في العام 1826 مع طفلتها الرّضيعة واستعادة ابنها من والده الأبيض في العام 1828. |
| | | |
− | شكّل كفاحها المشترك ضد العبودية والذّكورية في آنٍ معًا جوهر سّؤال «ألست امرأة» الذي وجّهته للنساء البيضاوات في الشمال كما للرجال السّود في الجنوب. فالنّساء البيضاوات فصلن النضال للمساواة بين الرجال والنساء عن النضال لإنهاء العبودية، والكثير من الرّجال السّود يطالبون بتحرّرهم أنفسهم وينفونه عن النّساء بحجة افتقادهن الذّكاء أو القدرة الجسدية أو حاجتهن للمساعدة، مساعدة لم تحظ بها تروث يوما وهي تحرث وتقود العربات وترى أطفالها يباعون في سوق النّخاسة. | + | شكّل كفاحها المشترك ضد العبودية و[[ذكورية | الذّكورية]] في آنٍ معًا جوهر سّؤال «ألست امرأة» الذي وجّهته للنساء البيضاوات في الشمال كما للرجال السّود في الجنوب. فالنّساء البيضاوات فصلن النضال للمساواة بين الرجال والنساء عن النضال لإنهاء العبودية، والكثير من الرّجال السّود يطالبون بتحرّرهم أنفسهم وينفونه عن النّساء بحجة افتقادهن الذّكاء أو القدرة الجسدية أو حاجتهن للمساعدة، مساعدة لم تحظ بها تروث يوما وهي تحرث وتقود العربات وترى أطفالها يباعون في سوق النّخاسة. |
| | | |
| «ألست امرأة» تساؤل لا يقتصر على النّساء السّوداوات، بل هو لسان حال كل امرأة تخوض نضالاتٍ تقاطعيّةً نابعة من تداخل أشكال القمع والاضطهاد الذي تواجهه والذي قد يشمل الطبقة والعرق و[[ميل جنسي | الميول الجنسي]] والقدرة الجسدية والذهنية. | | «ألست امرأة» تساؤل لا يقتصر على النّساء السّوداوات، بل هو لسان حال كل امرأة تخوض نضالاتٍ تقاطعيّةً نابعة من تداخل أشكال القمع والاضطهاد الذي تواجهه والذي قد يشمل الطبقة والعرق و[[ميل جنسي | الميول الجنسي]] والقدرة الجسدية والذهنية. |
سطر 64: |
سطر 64: |
| | | |
| أما النسوية الممتثلة لإملاءات المركز والتي تغلق بابها أمام تجارب النساء ذوات الإعاقات وتنأى بنفسها عن نضالات الهوامش وتسعى لتكريس [[جنسانية]] [[معيارية]] وتتشبّث ب[[امتياز | امتيازات]] الطبقة والقدرة فهي نسوية صالونات، ستظلّ حبيسة المكاتب والمؤتمرات ولن تتمكّن من إحداث أي تغيير اجتماعي جذري. | | أما النسوية الممتثلة لإملاءات المركز والتي تغلق بابها أمام تجارب النساء ذوات الإعاقات وتنأى بنفسها عن نضالات الهوامش وتسعى لتكريس [[جنسانية]] [[معيارية]] وتتشبّث ب[[امتياز | امتيازات]] الطبقة والقدرة فهي نسوية صالونات، ستظلّ حبيسة المكاتب والمؤتمرات ولن تتمكّن من إحداث أي تغيير اجتماعي جذري. |
| + | |
| + | [[تصنيف:نظرية التقاطعية]] |