تغييرات

اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
إضافة روابط داخلية
سطر 27: سطر 27:  
**
 
**
   −
لم أدرك كل هذا طبعاً من خلال التمعن في ذاتي على طريقة الفلاسفة والمتصوفين، بل أولاً وقبل كل شيئ من خلال جرعات يومية، ترضُّ ولا تقتل، من الرفض والسخرية الخارجيين، من شيء يشبه الكراهية دون أن يماثلها تماماً. قبل أن أعي حقيقتي الصرصورية في نهاية المرحلة الثانوية، حقيقة كوني ذكراً «ابتُلي بمرض الانجذاب للذكور»، اختبرتُ عواقب فشلي في أداء ذكورتي الاجتماعية. راكمتُ عدداً من الأخطاء الفادحة بين السابعة والعاشرة حولتني بسرعة خاطفة من طفل خجول أو «حسّاس» في عيون الناس، إلى ولد يشوب غرابته شيءٌ من... الخنوثة. فضّلتُ الدمى المؤنثة على السيارات الصغيرة المُذكّرة، والجلوس مع الفتيات والصبية الخجولين الضعفاء في باحة مدرستي الإبتدائية المختلطة بدلاً من الركض مع الصبية الأشقياء الأقوياء، قلّدتُ بحسّ درامي ممثلات مصريات مسنّات وهززتُ خصري لأرقص مثل ابنة خالتي أمام العائلة بضع مرات. لم يتأخر الرد: اقتلع والدي رؤوس الدمى المسكينة في البيت بعد زجر ونهر، وكسر الأقوياءُ في المدرسة أنفي مرة وأسناني مرة أخرى، شعرتُ بريبة تتسرب إلى قلوب الأقرباء وحسرة في عيون أهلي وهم يتغزلون بصبية آخرين: «ما في أحلى من الصبي الحمش الزكرت»، ولاحقتني بعد ذلك بشكل متصل أحياناً ومتقطع أحياناً اخرى كلمات مثل «طنط»، «فوفو»، «[[مُخنَّث|مخنّث]]»، أكتبها هنا فأشعر من جديد كأنها وشومٌ طُبعت على جلدي بحديد ملتهب، وأدركُ وأنا أقترب من الأربعين أني لا زلتُ أشعر - رغماً عني - بعار تلك اللحظة، عار أن يكون المرء من «نوع» الصبية المخنثين المشروع تعذيبهم.
+
لم أدرك كل هذا طبعاً من خلال التمعن في ذاتي على طريقة الفلاسفة والمتصوفين، بل أولاً وقبل كل شيئ من خلال جرعات يومية، ترضُّ ولا تقتل، من الرفض والسخرية الخارجيين، من شيء يشبه الكراهية دون أن يماثلها تماماً. قبل أن أعي حقيقتي الصرصورية في نهاية المرحلة الثانوية، حقيقة كوني ذكراً «ابتُلي بمرض الانجذاب للذكور»، اختبرتُ عواقب فشلي في أداء [[ذكورة|ذكورتي]] الاجتماعية. راكمتُ عدداً من الأخطاء الفادحة بين السابعة والعاشرة حولتني بسرعة خاطفة من طفل خجول أو «حسّاس» في عيون الناس، إلى ولد يشوب غرابته شيءٌ من... الخنوثة. فضّلتُ الدمى المؤنثة على السيارات الصغيرة المُذكّرة، والجلوس مع الفتيات والصبية الخجولين الضعفاء في باحة مدرستي الإبتدائية المختلطة بدلاً من الركض مع الصبية الأشقياء الأقوياء، قلّدتُ بحسّ درامي ممثلات مصريات مسنّات وهززتُ خصري لأرقص مثل ابنة خالتي أمام العائلة بضع مرات. لم يتأخر الرد: اقتلع والدي رؤوس الدمى المسكينة في البيت بعد زجر ونهر، وكسر الأقوياءُ في المدرسة أنفي مرة وأسناني مرة أخرى، شعرتُ بريبة تتسرب إلى قلوب الأقرباء وحسرة في عيون أهلي وهم يتغزلون بصبية آخرين: «ما في أحلى من الصبي الحمش الزكرت»، ولاحقتني بعد ذلك بشكل متصل أحياناً ومتقطع أحياناً اخرى كلمات مثل «طنط»، «فوفو»، «[[مُخنَّث|مخنّث]]»، أكتبها هنا فأشعر من جديد كأنها وشومٌ طُبعت على جلدي بحديد ملتهب، وأدركُ وأنا أقترب من الأربعين أني لا زلتُ أشعر - رغماً عني - بعار تلك اللحظة، عار أن يكون المرء من «نوع» الصبية المخنثين المشروع تعذيبهم.
    
**
 
**
سطر 35: سطر 35:  
**
 
**
   −
أتخيّلُ الآن ممثلاً يبدأ في تأدية دور بشكل أخرق، فينهال عليه الجمهور بسياط جلد حقيقية. يدفعه العذاب ليتحسّن، فيبدأ بمراقبة ممثلين آخرين ناجحين وتقليدهم باجتهاد. لم يمتلك موهبتهم الطبيعية لكنه مع الوقت أتقن كثيراً من الأمور، ضبط حركته، صوته، وسيطر على انفعالاته، وفي لحظة ما بدأ يشعر وكأنه يحقق بعض النجاح. شيءٌ شبيه بهذا بدأ يحدث لي في المرحلة الإعدادية: صادقتُ أولاداً في شارع بيتنا وأرغمتُ نفسي على لعب كرة القدم معهم، بدأتُ بكسب بعض الاحترام في المدرسة بفضل مزيج من الاجتهاد الدراسي والقدرة على التقرّب من صبية نجوم أشداء وتقمُّص طباعهم. أتخيلهم الآن ماثلين أمامي بابتساماتهم الجريئة وعطفهم العابر. أتذكّر مثلاً كيف أني في خضّم سعيي المحموم [[ذكورة|لذكورة]] ناجزة قررتُ أن تهذيب كلامي اليومي يحمل شبهة ضعف وأنوثة. انتزعتُ ورقة من أحد دفاتري ووضعت قائمة مضحكة بجميع الكلمات النابية التي كنت أسمعها حولي، وعزمت أن أبدأ بتطعيم كلامي ببعض البذاءة كدليل على نضجي وفحولتي. في مرة أخرى، وجدت نفسي مع الأقوياء المتنمرين أمارس طقوس السخرية والرفض والتعذيب النفسي على ولد ضعيف آخر، فلا شيء يعبّر عن نجاح المرء في الاندماج كرفضه وتحقيره لأبناء جلدته «السابقين»! لم تختفِ السياط تماماً، لكنها خفّت بشكل مُشجّع. ولم أتوقف أنا لثانية واحدة منذ ذلك الحين عن محاولة تحسين «أدائي».
+
أتخيّلُ الآن ممثلاً يبدأ في تأدية دور بشكل أخرق، فينهال عليه الجمهور بسياط جلد حقيقية. يدفعه العذاب ليتحسّن، فيبدأ بمراقبة ممثلين آخرين ناجحين وتقليدهم باجتهاد. لم يمتلك موهبتهم الطبيعية لكنه مع الوقت أتقن كثيراً من الأمور، ضبط حركته، صوته، وسيطر على انفعالاته، وفي لحظة ما بدأ يشعر وكأنه يحقق بعض النجاح. شيءٌ شبيه بهذا بدأ يحدث لي في المرحلة الإعدادية: صادقتُ أولاداً في شارع بيتنا وأرغمتُ نفسي على لعب كرة القدم معهم، بدأتُ بكسب بعض الاحترام في المدرسة بفضل مزيج من الاجتهاد الدراسي والقدرة على التقرّب من صبية نجوم أشداء وتقمُّص طباعهم. أتخيلهم الآن ماثلين أمامي بابتساماتهم الجريئة وعطفهم العابر. أتذكّر مثلاً كيف أني في خضّم سعيي المحموم [[ذكورة|لذكورة]] ناجزة قررتُ أن تهذيب كلامي اليومي يحمل شبهة ضعف و[[أنوثة]]. انتزعتُ ورقة من أحد دفاتري ووضعت قائمة مضحكة بجميع الكلمات النابية التي كنت أسمعها حولي، وعزمت أن أبدأ بتطعيم كلامي ببعض البذاءة كدليل على نضجي وفحولتي. في مرة أخرى، وجدت نفسي مع الأقوياء المتنمرين أمارس طقوس السخرية والرفض والتعذيب النفسي على ولد ضعيف آخر، فلا شيء يعبّر عن نجاح المرء في الاندماج كرفضه وتحقيره لأبناء جلدته «السابقين»! لم تختفِ السياط تماماً، لكنها خفّت بشكل مُشجّع. ولم أتوقف أنا لثانية واحدة منذ ذلك الحين عن محاولة تحسين «أدائي».
    
**
 
**
سطر 65: سطر 65:  
ولكن وبعد الحماسة الثورية، أعود لأفكر أن منطق المجابهة الجذري هذا لا يعبّر إلا عن جزء صغير جداً من واقعي وواقع من أعرف من مثليين ومثليات في منطقتنا العربية السعيدة. اليوم، في سوريا ولبنان والأردن وفلسطين، وفي تركيا ومصر والعراق وحتى في إيران وبلدان الخليج العربي كله، باستطاعة الرجل فينا ومن خلال تحميل تطبيق مواعدة واحد على هاتفه الخليوي التعرّفَ على آلاف المثليين: أطباء ومهندسون وأكاديميون وموظفون، بائعو ورود وصحفيون ومصفّفو شعر وفنانون، مصمّمو مواقع ومنسقو موسيقى ومدربون رياضيون وسائقو شاحنات وعاملو جنس، خليطٌ هائلٌ من جميع الأعمار والأشكال والخلفيات. قلّة قليلة من هؤلاء يجاهرون بميولهم الجنسية أمام عالمهم الغيري على النسق الذي دافع عنه أولاً المناضل الألماني كارل أولريكس في ستينات القرن التاسع عشر، وشاعَ بعد ذلك بمئة عام في خضّم حركة حقوق المثليين في الولايات المتحدة: البعض يحيا حياة غيرية تماماً لا يغادرها إلا بشكل سري من أجل لحظة سعادة عابرة مع أشخاص مجهولين، والبعض يحيا حياة مثلية تماماً مليئة بالأصدقاء والعشاق والتردد على فضاءات عامة وخاصة ذات طابع مثلي، لكنه يُبقي أهله ومعارفه من الغيريين خارج تلك الحياة تماماً، وهناك من يجاهر للبعض ويخفي عن البعض الآخر. مزيجٌ فريد ومتغير من التأقلم والتخفي، من التعايش مع بنى الخوف والعار (وإعادة إنتاجها حتى)، والهرب منها بحثاً عن حياة أقل وحدة وقسوة.
 
ولكن وبعد الحماسة الثورية، أعود لأفكر أن منطق المجابهة الجذري هذا لا يعبّر إلا عن جزء صغير جداً من واقعي وواقع من أعرف من مثليين ومثليات في منطقتنا العربية السعيدة. اليوم، في سوريا ولبنان والأردن وفلسطين، وفي تركيا ومصر والعراق وحتى في إيران وبلدان الخليج العربي كله، باستطاعة الرجل فينا ومن خلال تحميل تطبيق مواعدة واحد على هاتفه الخليوي التعرّفَ على آلاف المثليين: أطباء ومهندسون وأكاديميون وموظفون، بائعو ورود وصحفيون ومصفّفو شعر وفنانون، مصمّمو مواقع ومنسقو موسيقى ومدربون رياضيون وسائقو شاحنات وعاملو جنس، خليطٌ هائلٌ من جميع الأعمار والأشكال والخلفيات. قلّة قليلة من هؤلاء يجاهرون بميولهم الجنسية أمام عالمهم الغيري على النسق الذي دافع عنه أولاً المناضل الألماني كارل أولريكس في ستينات القرن التاسع عشر، وشاعَ بعد ذلك بمئة عام في خضّم حركة حقوق المثليين في الولايات المتحدة: البعض يحيا حياة غيرية تماماً لا يغادرها إلا بشكل سري من أجل لحظة سعادة عابرة مع أشخاص مجهولين، والبعض يحيا حياة مثلية تماماً مليئة بالأصدقاء والعشاق والتردد على فضاءات عامة وخاصة ذات طابع مثلي، لكنه يُبقي أهله ومعارفه من الغيريين خارج تلك الحياة تماماً، وهناك من يجاهر للبعض ويخفي عن البعض الآخر. مزيجٌ فريد ومتغير من التأقلم والتخفي، من التعايش مع بنى الخوف والعار (وإعادة إنتاجها حتى)، والهرب منها بحثاً عن حياة أقل وحدة وقسوة.
   −
في الواقع، على عكس ما يعتقد البُلهاء، قبل أن «ينقضَّ» المثليون والمثليات على مجتمعاتهم «بمخططاتهم الشريرة» فإنهم ينقضّون على أنفسهم أولاً، وقد يتصارعون معها عمراً بحاله. قبل أن نعكّر صفو حياة «الطبيعيين» الهانئين في غيريتهم المكرّسة المقدسة الجميلة، نجهد في داخلنا لنفهم أن رغبتنا، التي اختارتنا ولم نخترها، لا تجعلنا أشراراً فاسقين ولا شُذّاذاً مقرفين، بل هي تنويعة من تنويعات الطبيعة البشرية وُجدت منذ الأزل، وأنها وعلى الرغم من شيطنة الأديان الإبراهيمية لها، ألهمت حباً ونبلاً وعطاءً من عهد جلجامش إلى زمن جيمس بولدوين، وأنها وإن صُنِّفَت كمرض نفسي أو هرموني في السابق وعلى مدى تسعين عاماً مظلماً، فإن الانحياز والرُهاب وحدهما كانا وراء تصنيف كهذا. لسنا نحن إذن من هبطنا على المجتمع الغيري الذكوري من «العدم»، بل هو من جلس على صدورنا وتسلّسل إلى مسامنا وهيمن على عقولنا وجعل كراهية الذات أو احتقارها اللحظة التأسيسة الأهم في تفتح وعي الغالبية الساحقة منا. لذلك قبل أن نجابه هذا المجتمع علينا أولاً أن ننسلخ عنه. في الانسلاخ هذا معاني الولادة والتحرر من جهة، وفيه ألمٌ هائلٌ من جهة أخرى.
+
في الواقع، على عكس ما يعتقد البُلهاء، قبل أن «ينقضَّ» [[المثلية الجنسية|المثليون والمثليات]] على مجتمعاتهم «بمخططاتهم الشريرة» فإنهم ينقضّون على أنفسهم أولاً، وقد يتصارعون معها عمراً بحاله. قبل أن نعكّر صفو حياة «الطبيعيين» الهانئين في غيريتهم المكرّسة المقدسة الجميلة، نجهد في داخلنا لنفهم أن رغبتنا، التي اختارتنا ولم نخترها، لا تجعلنا أشراراً فاسقين ولا شُذّاذاً مقرفين، بل هي تنويعة من تنويعات الطبيعة البشرية وُجدت منذ الأزل، وأنها وعلى الرغم من شيطنة الأديان الإبراهيمية لها، ألهمت حباً ونبلاً وعطاءً من عهد جلجامش إلى زمن جيمس بولدوين، وأنها وإن صُنِّفَت كمرض نفسي أو هرموني في السابق وعلى مدى تسعين عاماً مظلماً، فإن الانحياز والرُهاب وحدهما كانا وراء تصنيف كهذا. لسنا نحن إذن من هبطنا على المجتمع الغيري الذكوري من «العدم»، بل هو من جلس على صدورنا وتسلّسل إلى مسامنا وهيمن على عقولنا وجعل كراهية الذات أو احتقارها اللحظة التأسيسة الأهم في تفتح وعي الغالبية الساحقة منا. لذلك قبل أن نجابه هذا المجتمع علينا أولاً أن ننسلخ عنه. في الانسلاخ هذا معاني الولادة والتحرر من جهة، وفيه ألمٌ هائلٌ من جهة أخرى.
    
   
 
   
سطر 95: سطر 95:  
كنتُ محاطاً في الواقع بأشخاص بعيدين بشكل عام عن التزمت والتعصب والتسلط، عن كراهية الغريب أو احتقار الضعيف أو تبرير الظلم أو تمجيد التقاليد لكونها تقاليداً فقط، مع ذلك كانوا جميعاً مُعادين بشكل شرس للرجل الذي يخالط ذكورته بعض الأنوثة، على الرغم من معرفتهم برجال طيبين وأخيار من «النوع» هذا. كانت جدتي فائقة الطيبة والوداعة والحنان لا تتورع، على سبيل المثال، عن تصنع رغبتها بالإقياء أو شعورها بالقرف الذي «يزرزع البدن» في كل مرة تتعامل مع شاب أو رجل «ناعم» قليلاً، في دكان أو سيارة أجرة أو على قارعة الطريق، لكنها تجاهلت في الوقت عينه حقيقة أن لها جاراً أعزباً في الخمسين من العمر فيه نعومة واضحة لا ريب فيها، يُقدّم لها خدمات يومية جليلة، من دفع الفواتير إلى شراء الأغراض إلى تأمين مصلّحين لشتى أنواع الأجهزة المنزلية.
 
كنتُ محاطاً في الواقع بأشخاص بعيدين بشكل عام عن التزمت والتعصب والتسلط، عن كراهية الغريب أو احتقار الضعيف أو تبرير الظلم أو تمجيد التقاليد لكونها تقاليداً فقط، مع ذلك كانوا جميعاً مُعادين بشكل شرس للرجل الذي يخالط ذكورته بعض الأنوثة، على الرغم من معرفتهم برجال طيبين وأخيار من «النوع» هذا. كانت جدتي فائقة الطيبة والوداعة والحنان لا تتورع، على سبيل المثال، عن تصنع رغبتها بالإقياء أو شعورها بالقرف الذي «يزرزع البدن» في كل مرة تتعامل مع شاب أو رجل «ناعم» قليلاً، في دكان أو سيارة أجرة أو على قارعة الطريق، لكنها تجاهلت في الوقت عينه حقيقة أن لها جاراً أعزباً في الخمسين من العمر فيه نعومة واضحة لا ريب فيها، يُقدّم لها خدمات يومية جليلة، من دفع الفواتير إلى شراء الأغراض إلى تأمين مصلّحين لشتى أنواع الأجهزة المنزلية.
   −
في الجامعة، كان يحدث أن يُطرح موضوع الميول الجنسية المثلية بشكل عابر في شلّة الاصدقاء التي شكلتها سريعاً خلال السنة الأولى، ولم يكن هؤلاء محافظين ولا من النوع التستستروني الغبي الأهوج، كانوا دمثين وطيبين ومحترمين و«علمانيين» حتى، مع ذلك أذكر تماماً كيف قال أحدهم بهدوء واتزان أنه ينبغي «قتل الشاذين جميعاً لأنهم خطر على المجتمع»، فردَّ عليه آخر محتجاً وبهدوء مشابه أنه يجب إدخالهم للمصحّات، وإبقائهم فيها إلى أن يُشفوا، أو إلى الأبد إن تعذّر شفائهم.
+
في الجامعة، كان يحدث أن يُطرح موضوع [[ميل جنسي|الميول الجنسية]] المثلية بشكل عابر في شلّة الاصدقاء التي شكلتها سريعاً خلال السنة الأولى، ولم يكن هؤلاء محافظين ولا من النوع التستستروني الغبي الأهوج، كانوا دمثين وطيبين ومحترمين و«علمانيين» حتى، مع ذلك أذكر تماماً كيف قال أحدهم بهدوء واتزان أنه ينبغي «قتل الشاذين جميعاً لأنهم خطر على المجتمع»، فردَّ عليه آخر محتجاً وبهدوء مشابه أنه يجب إدخالهم للمصحّات، وإبقائهم فيها إلى أن يُشفوا، أو إلى الأبد إن تعذّر شفائهم.
    
من يحتاج المتدينين والعقاب الإلهي في عالم علماني عطوف ورحيم هكذا؟
 
من يحتاج المتدينين والعقاب الإلهي في عالم علماني عطوف ورحيم هكذا؟
staff
2٬186

تعديل

قائمة التصفح