أُضيف 11٬763 بايت
، قبل 6 سنوات
{{وثيقة مصدرها مدى مصر
|المضمون=مقالة
|المؤلّف=بشا ماجد
|تاريخ النشر=10-02-2016
|مسار الاسترجاع=https://www.madamasr.com/ar/2016/02/10/feature/مجتمع/ختان-الإناث-بين-الأطباء-وسياسات-الدول/
|تاريخ الاسترجاع=15-02-2018
}}
في تطور يُثير الدهشة، شهد عام 2015 إدانة أحد الأطباء لقيامه بإجراء عمليات [[ختان الإناث | ختان للإناث]]، وهي الإدانة التي أتت عقب [[حادثة وفاة الطفلة سهير الباتع سنة 2013 | وفاة سهير الباتع]]، 13 عامًا، أثناء خضوعها للعملية.
قام والدا سهير بمُقاضاة الطبيب، إلا أنهما تنازلا عن القضية في وقت لاحق. وقد اهتمت منظمات حقوقية بالأمر في ذلك الحين، وبعد أن حصل الطبيب “رسلان فضل” على براءة في محكمة أول درجة، صدر ضده حكم بالحبس لمدة عامين؛ وهو الحكم الذي يُعد أول تطبيق للقانون الصادر منذ سبع سنوات بحظر إجراء عمليات الختان. وقد لا يثير الدهشة أن الحكم لم يُطبق بالفعل، إذ تعقب صحفيون “فضل” فيما بعد، وتبين أنه يعيش حياته بحرية ويذهب إلى عمله في إحدى المستشفيات الحكومية.
من المُلاحظ أن قيام طبيب بإجراء العملية يتنافى مع النمط الشائع بقيام أشخاص من غير المُشتغلين بالطب بإجراء عمليات ختان الإناث باستخدام أدوات بدائية. ويتم إجراء نحو ثلاثة أرباع عمليات ختان الإناث تقريبًا في مصر على يد أفراد يعملون بالطب، إذ أظهر المسح الذي أجراه المجلس القومي للصحة والسكان لعام 2014 أن 72% من تلك العمليات تمت على يد مُشتغلين بالطب.
ووفقًا لتقرير المجلس القومي للسكان، فقد أجرى 92% من النساء المتزوجات، من 15 إلى 49 عامًا، عمليات ختان، وهو الإحصاء الذي يختلف عن تقرير صدر عن اليونيسيف مؤخرًا؛ يؤكد على أنه تم ختان 70% من النساء في 2015.
أخبرت مي السلاب -مُنسق برنامج ختان الإناث في صندوق الأمم المتحدة للسكان- “مدى مصر” أن أحد أكبر التحديات التي يواجهونها هي زيادة عدد عمليات الختان التي يُجريها أطباء.
وتقول: “تظهر أحدث البيانات أن أطباءً قاموا بختان 74% من الفتيات، بينما قام ممرضون أو ممرضات بختان نحو 8%، ومن ثم فهناك حاجة لمواجهة التدخل الطبي. ويقوم الأطباء غالبًا بذلك طمعًا في العائد المادي”.
وتقول [[داليا عبد الحميد]] -مسئولة ملف النوع الاجتماعي في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية- إن جزءًا من مشكلة التدخل الطبي هو عدم اتساق الدولة مع سياساتها بشأن ختان الإناث.
كانت وزارة الصحة قد أصدرت مرسومًا عام 1994، ينص على أن ختان الإناث لا يكون قانونيًا إلا في حال إجراء العملية في مُستشفيات حكومية مُحددة. كما شجعت الوزارة المواطنين على إجراء العملية في المستشفيات بجعل سعر العملية عشرة جنيهات فقط. وصرح على عبد الفتاح؛ وزير الصحة في ذلك الحين، أن التعامل المؤسسي مع ختان الإناث من شأنه تقليل المُضاعفات الصحية، ويؤدي إلى القضاء على تلك المُمارسة نهائيًا. وهو ما اتضح، بعد 22 عامًا، أنه غير صحيح بالمرة.
لم يستمر التعامل المؤسسي مع ختان الإناث طويلًا، فقد لاقى قرار “عبد الفتاح” انتقادات واسعة من جانب المنظمات الحقوقية، وسرعان ما تم حظره مرة أخرى في المستشفيات.
وفي عام 2007، أصدرت وزارة الصحة مرسومًا يحظر على كافة المُشتغلين بالطب إجراء ختان الإناث سواء في المستشفيات الحكومية أو الخاصة أو في العيادات. تقول مي السلاب إنه كان من الصعب إنفاذ هذا المرسوم، إذ يتطلب الحاجة إلى تشديد الرقابة على العيادات الخاصة. كما أضافت أن مصر، على عكس دول أخرى، ليس لديها مجلس طبي يعمل كهيئة تشريعية تراقب العاملين في المجال الطبي.
وتعلق داليا عبد الحميد على هذا الأمر بقولها: “إذا نظرت إلى التاريخ، ستجد أن الدولة ذاتها خلقت حالة من الارتباك. يسمحون للأطباء بإجراء عمليات الختان لبعض الوقت، ثم يغيرون موقفهم ويقولون: إن لدينا مشكلة في التدخل الطبي”.
=التدخل الطبي ومُكافحة الختان=
تؤكد داليا عبد الحميد على أن جزءًا من مشكلة التدخل الطبي يكمن في استناده إلى سياسات حكومية تركز على الآثار الصحية غير المرغوبة لختان الإناث. وهو ما ترجعه إلى أن الدولة لا تعالج بعض المشاكل الجذرية الكامنة خلف ختان الإناث، ذات العلاقة بالقدرة والرغبة الجنسية لدى المرأة، وتقول: “تتجاهل الدولة والمدخل الطبي الدوافع الاجتماعية. يجب فتح نقاش بشأن القدرة و[[رغبة جنسية | الرغبة الجنسية]] و[[حقوق جنسية | الحقوق الجنسية]]”، وتضيف أن أحد أسباب عدم جدوى التركيز على العواقب الطبية هو أن الكثير من النساء اللاتي أجرين عمليات الختان يبحثن حولهن عن نماذج لنساء يعشن حياة طبيعية بعد العملية.
وهو ما توضحه أكثر بقولها: “تحاول الدولة إقناع المجتمع أن للختان مخاطر صحية، ومن الأفضل أن يُجريه أطباء، إلا أن الدولة تناقض نفسها. يتخيلون أن الناس بلا عقول. لقد تم ختان معظم النساء”. وتضيف إن النساء هن الضحية الأكبر للآليات المستخدمة لمُكافحة هذه المُمارسة، إذ أن الدولة تركز فقط على الدوافع الدينية أو الآثار الصحية السلبية، ولا تتجه إلى مُعالجة الأسباب الاجتماعية لها.
في الوقت الراهن، يعمل عدد كبير من المنظمات غير الحكومية والمنظمات الدولية والمحلية والحكومية على مُكافحة ختان الإناث.
ويضم التحالف ضد ختان الإناث 87 منظمة غير حكومية؛ تعمل في شراكة مع الهيئات الحكومية والدولية، مثل المجلس القومي للمرأة والأمم المتحدة. فيما قالت مايا مرسي؛ المُنتخبة حديثًا كرئيس المجلس القومي للمرأة، في أول تصريح لها إن أحد أولوياتها الرئيسية هو مُكافحة ختان الإناث.
كما يعمل صندوق الأمم المتحدة للسكان؛ أحد أهم المشاركين الدوليين في مُكافحة ختان الإناث، بشكل وثيق مع وزارة الصحة، والمجلس القومي للسكان، والأزهر الشريف في برامج التوعية التابعة التي يقوم بها.
وقد دأب رجال الدين على مُعارضة الختان في السنوات الأخيرة، وفي عام 2007، أصدر المجلس الأعلى للبحوث الإسلامية فتوى تنص على أن ختان الإناث ليس له أي سند في الشريعة، كما أنه ممارسة غير إسلامية وتنتشر في مجتمعات غير إسلامية. وترى داليا عبد الحميد أن تركيز الدولة على تبريرات دينية لرفض ختان الإناث أدت إلى تسييس القضية؛ وهو تركيز يبتعد عن الأسباب الجذرية لتلك الممارسة، شأنه شأن التركيز على الآثار الصحية السلبية.
فيما تتفق “داليا”، مع مي السلاب على أن العديد من العائلات يستخدمون الختان كوسيلة للحد من الرغبة الجنسية لدى النساء والفتيات، وكمحاولة للحفاظ على السلوك القويم. وترى “داليا” أن الطريقة الأكثر فاعلية للتعامل مع الختان تكمن في التركيز على سلامة أعضاء الجسد، واتباع طريقة تعامُل شاملة بالعمل مع المدارس، وفي إقناع العائلات من أجل عدم ختان بناتهن، وكذلك السماح لهن بإتمام تعليمهن.
وتقول مي السلاب إنه أثناء عمل صندوق الأمم المتحدة للسكان مع سلطات دينية وصحية في جهوده للحد من ختان الإناث، اكتشف أن بعض أكثر أعماله نجاحًا كانت نتيجة مشروعات تفاعلية خلاقة مع المُجتمعات المحلية، مثل المسرحيات والعروض الموسيقية. تجعل هذه المُبادرات الناس أكثر ارتياحًا ورغبة في التحدث بشأن الأمور الشخصية، مثل: كيفية تأثير ختان الإناث على الزواج.
وتوضح ذلك قائلة: “قضية الزواج هي قضية حساسة. من الصعب الذهاب إلى مجتمع محلي والحديث عنها. ولكننا نمزج بين العروض المسرحية وبين الخبراء الذين يمكن أن يجيبوا عن أسئلة حول مشاكل الزواج، ومن ثم يتفاعل الناس بطريقة جيدة”.
ولقد أثمرت جهود مُكافحة ختان الإناث إلى حد ما. تقول السلاب إن الإحصائيات الحديثة تظهر انخفاض مُعدلات ختان الإناث بين الفتيات من سن 15 إلى 17 عامًا في عام 2014 عنها في 2008.
ففي عام 2008، تم ختان 74% من الفتيات بين 15 إلى 17 عامًا. وفي عام 2014، انخفضت النسبة إلى 61%. وتضيف السلاب إن عددًا أقل من النساء يُعربن عن رغبتهن في ختان بناتهن. كما يُظهر مسح المجلس القومي للسكان أن نسبة 57.8% من النساء يعتقدن بضرورة ختان بناتهن في 2014، في مقابل نسبة 82% في عام 1995.
[[تصنيف:ختان الإناث]]
[[تصنيف:عنف جنسي]]