تغييرات

اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
إضافة روابط داخلية
سطر 9: سطر 9:  
  |تاريخ النشر=2020-11-19
 
  |تاريخ النشر=2020-11-19
 
  |تاريخ الاسترجاع=2020-11-22
 
  |تاريخ الاسترجاع=2020-11-22
  |مسار الاسترجاع=https://www.aljumhuriya.net/ar/content/%D8%AA%D9%81%D9%83%D9%8A%D8%B1-%D8%AD%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AC%D9%88%D9%84%D8%A9
+
  |مسار الاسترجاع=https://www.aljumhuriya.net/ar/content/تفكير-حول-الرجولة
 
  |نسخة أرشيفية=https://archive.is/XGOwk
 
  |نسخة أرشيفية=https://archive.is/XGOwk
 
  |بالعربية=
 
  |بالعربية=
سطر 18: سطر 18:  
  |تاريخ نشر الأصل=1998
 
  |تاريخ نشر الأصل=1998
 
  |النص الأصلي=
 
  |النص الأصلي=
  |ملاحظة= يندرج هذا النص ضمن عدد الجمهورية السابعة والسبعيين
+
  |ملاحظة= يندرج هذا النص ضمن عدد الجمهورية السابعة والسبعين
 
  |قوالب فرعية=
 
  |قوالب فرعية=
 
}}
 
}}
سطر 51: سطر 51:  
3- ارتفاع نسبة الانتحار، وبخاصة بين الرجال الشباب، بينما قلّما تنتحر النساء. الفئات المعرضة للخطر هم ذوو الرواتب المنخفضة والعاطلون عن العمل (أعلى بمعدل مرتين إلى ثلاثة مرات)، والمطلقون والأرامل، والرجال الذين يشربون الكحول كثيراً أو يستخدمون المخدرات.
 
3- ارتفاع نسبة الانتحار، وبخاصة بين الرجال الشباب، بينما قلّما تنتحر النساء. الفئات المعرضة للخطر هم ذوو الرواتب المنخفضة والعاطلون عن العمل (أعلى بمعدل مرتين إلى ثلاثة مرات)، والمطلقون والأرامل، والرجال الذين يشربون الكحول كثيراً أو يستخدمون المخدرات.
   −
كما نرى علاقة بين اللامساواة الاجتماعية وعدم المقدرة على التخلي عن الأدوار الجندرية التي لم تعد صالحة. الرجال الذين يتمسكون بمعاني الرجولة «الحقيقية» هم المعرضون أكثر من غيرهم للمرض والمشاكل، وهم الذين يهملون صحتهم ولا يطلبون المساعدة عند الحاجة ويمارسون سلوكيات خطرة. ويُعتبر الزواج أو العلاقة الثابتة مع شريكة من العوامل التي تحمي الرجال. فالنساء هن اللواتي يدفعن الرجال إلى أخذ قسط من الراحة، أو التقليل من الأكل وشرب الكحول، ويُلاحظنَ الخطر قبل غيرهن. ففي البيئات الإيرلندية التقليدية كانت النساء هُنَّ اللواتي يُخرجن أزواجهن من المقاهي الليلية. وطبعاً لم يكن الأزواج ممتنين لذلك، بيد أن العازبين الذين ليس لديهم مشاكسات من هذا النوع أكثر تعرضاً للموت من كثرة الشرب. كما يُقدّر أنه يمكن إنقاذ حياة نصف المصابين بالسكتة القلبية في حال تمّ التعرف على الأعراض باكراً. الرجال ينتفعون من الزواج جسدياً ونفسياً أكثر من النساء، غير أنهم غالباً ما ينكرون هذا التعلق الجوهري. لذلك نلاحظ في البحوث حول العوامل المسببة للتوتر أن الرجال يشكون من فقدان العمل، والفشل الجنسي، والاضطرار لإظهار الضعف، ولكنهم لا يذكرون فقدان الشريكة. النساء قادرات أكثر من الرجال على إيجاد معنى للوجود عبر العلاقات الاجتماعية. وبدلاً من أن يستثمر الرجال في الشبكات العاطفية، يركزون على العمل والمناصب والجنس. وحين يخسرون عملهم أو يصابون بمرض عضال، يفقد معظمهم معنى الوجود، مما يرفع معدل المرض والاكتئاب والموت المبكر. كما يدفعون ثمن إهمالهم للشبكة العاطفية، فالرجال الذين يفقدون زوجاتهم فجأة يمرون بأزمة أكبر من النساء، وتطول فترة عجزهم وإنكارهم. هذا ما عدا أن نسبة طلب الطلاق، وبخاصة من قبل الزوجات، بارتفاع مستمر.
+
كما نرى علاقة بين اللامساواة الاجتماعية وعدم المقدرة على التخلي عن [[أدوار جندرية|الأدوار الجندرية]] التي لم تعد صالحة. الرجال الذين يتمسكون بمعاني الرجولة «الحقيقية» هم المعرضون أكثر من غيرهم للمرض والمشاكل، وهم الذين يهملون صحتهم ولا يطلبون المساعدة عند الحاجة ويمارسون سلوكيات خطرة. ويُعتبر الزواج أو العلاقة الثابتة مع شريكة من العوامل التي تحمي الرجال. فالنساء هن اللواتي يدفعن الرجال إلى أخذ قسط من الراحة، أو التقليل من الأكل وشرب الكحول، ويُلاحظنَ الخطر قبل غيرهن. ففي البيئات الإيرلندية التقليدية كانت النساء هُنَّ اللواتي يُخرجن أزواجهن من المقاهي الليلية. وطبعاً لم يكن الأزواج ممتنين لذلك، بيد أن العازبين الذين ليس لديهم مشاكسات من هذا النوع أكثر تعرضاً للموت من كثرة الشرب. كما يُقدّر أنه يمكن إنقاذ حياة نصف المصابين بالسكتة القلبية في حال تمّ التعرف على الأعراض باكراً. الرجال ينتفعون من الزواج جسدياً ونفسياً أكثر من النساء، غير أنهم غالباً ما ينكرون هذا التعلق الجوهري. لذلك نلاحظ في البحوث حول العوامل المسببة للتوتر أن الرجال يشكون من فقدان العمل، والفشل الجنسي، والاضطرار لإظهار الضعف، ولكنهم لا يذكرون فقدان الشريكة. النساء قادرات أكثر من الرجال على إيجاد معنى للوجود عبر العلاقات الاجتماعية. وبدلاً من أن يستثمر الرجال في الشبكات العاطفية، يركزون على العمل والمناصب والجنس. وحين يخسرون عملهم أو يصابون بمرض عضال، يفقد معظمهم معنى الوجود، مما يرفع معدل المرض والاكتئاب والموت المبكر. كما يدفعون ثمن إهمالهم للشبكة العاطفية، فالرجال الذين يفقدون زوجاتهم فجأة يمرون بأزمة أكبر من النساء، وتطول فترة عجزهم وإنكارهم. هذا ما عدا أن نسبة طلب الطلاق، وبخاصة من قبل الزوجات، بارتفاع مستمر.
    
ويمكننا سبر آثار أزمة الرجال في إحصائيات الجرائم والعنف. أكثر من 90 بالمئة من سكان السجون هم من الرجال. كما أن نسبة ممارسي العنف، داخل المنزل وخارجه، أعلى بين الرجال. وبالنسبة للشجارات خارج المنزل وعنف الشوارع، نلاحظ أن معظم الضحايا هم من الرجال أيضاً.
 
ويمكننا سبر آثار أزمة الرجال في إحصائيات الجرائم والعنف. أكثر من 90 بالمئة من سكان السجون هم من الرجال. كما أن نسبة ممارسي العنف، داخل المنزل وخارجه، أعلى بين الرجال. وبالنسبة للشجارات خارج المنزل وعنف الشوارع، نلاحظ أن معظم الضحايا هم من الرجال أيضاً.
سطر 57: سطر 57:  
وقد نجحت البنات باللحاق بالصبيان من ناحية المستوى التعليمي، في حين لا يشعر الصبيان بالسعادة في المدرسة، ويعانون من مشاكل تعليمية، ويتوقفون عن الدراسة قبل الحصول على الشهادة، وبخاصة أولئك الذين ينتمون إلى الشرائح الاجتماعية الدنيا أو بعض الجماعات الإثنية. هذا يعني، باختصار، أن ثمة فئة من الرجال ذوي الحظوظ الضعيفة، والذين يشكون من انعدام الأفق ومشاكل ذهنية جسيمة، هم المهددون بالدخول في حلقة مفرغة: عدم الحصول على عمل يضعف إمكانية الارتباط الدائم، وعدم الارتباط يشجع على التواصل مع الأقران، مما يؤدي إلى الإدمان والتهور والعنف والجريمة، وبذلك تتراجع إمكانيات الحصول على عمل. كما نلاحظ الآثار في سوق الزواج، فحينما تتحرر النساء، ويرتفع مستواهن التعليمي، ويبقى الرجال يرغبون بالنساء الأصغر سناً والأقل تعليماً، فسوف يفوت القطار كلاً من النساء المتعلمات والأكبر سناً، والشباب غير المتعلمين. أفترض أننا ما زلنا غير منتبهين كفاية إلى كون المشاكل التي يواجهها الشباب بالحصول على صديقة في السن الذي يؤهلهم للجنس والعلاقات هي من أسباب العنف «العدمي» ضمن الجماعة، وأن ذلك العنف لن يكون عدمياً في حال انتبهنا إلى أن الشباب المحبَط، والمُفتقد للأثر الحضاري للعلاقة مع المرأة، يبحث عن تعويض عبر التبجّح والسلوك الجريء حيال الأقران.
 
وقد نجحت البنات باللحاق بالصبيان من ناحية المستوى التعليمي، في حين لا يشعر الصبيان بالسعادة في المدرسة، ويعانون من مشاكل تعليمية، ويتوقفون عن الدراسة قبل الحصول على الشهادة، وبخاصة أولئك الذين ينتمون إلى الشرائح الاجتماعية الدنيا أو بعض الجماعات الإثنية. هذا يعني، باختصار، أن ثمة فئة من الرجال ذوي الحظوظ الضعيفة، والذين يشكون من انعدام الأفق ومشاكل ذهنية جسيمة، هم المهددون بالدخول في حلقة مفرغة: عدم الحصول على عمل يضعف إمكانية الارتباط الدائم، وعدم الارتباط يشجع على التواصل مع الأقران، مما يؤدي إلى الإدمان والتهور والعنف والجريمة، وبذلك تتراجع إمكانيات الحصول على عمل. كما نلاحظ الآثار في سوق الزواج، فحينما تتحرر النساء، ويرتفع مستواهن التعليمي، ويبقى الرجال يرغبون بالنساء الأصغر سناً والأقل تعليماً، فسوف يفوت القطار كلاً من النساء المتعلمات والأكبر سناً، والشباب غير المتعلمين. أفترض أننا ما زلنا غير منتبهين كفاية إلى كون المشاكل التي يواجهها الشباب بالحصول على صديقة في السن الذي يؤهلهم للجنس والعلاقات هي من أسباب العنف «العدمي» ضمن الجماعة، وأن ذلك العنف لن يكون عدمياً في حال انتبهنا إلى أن الشباب المحبَط، والمُفتقد للأثر الحضاري للعلاقة مع المرأة، يبحث عن تعويض عبر التبجّح والسلوك الجريء حيال الأقران.
   −
يمكننا البحث عن أسباب الأزمة لدى قسم من الرجال في الظروف الاقتصادية إذن، غير أن كُتّاب ماذا سيحل بالرجال؟ يرون أنه غالباً ما يتم إهمال عنصر«الرجولة». رفض القيام بـ«أعمال النساء» واعتبار العيش مع امرأة تكسب القدر نفسه من المال أو أكثر أمراً مهيناً، وعدم المقدرة على تحقيق التوقعات التي باتت النساء تفرضها على العلاقة، عدم القدرة على العيش من دون امرأة، وفي الوقت عينه رفضُ الاعتراف بالاعتماد عليها؛ كل هذا يُدخل الرجال في حلقة مفرغة من الفشل على جميع الأصعدة. ومن ليس لديه شيء يخسره، يشكل خطراً على نفسه والآخرين.
+
يمكننا البحث عن أسباب الأزمة لدى قسم من الرجال في الظروف الاقتصادية إذن، غير أن كُتّاب ماذا سيحل بالرجال؟ يرون أنه غالباً ما يتم إهمال عنصر «الرجولة». رفض القيام بـ«أعمال النساء» واعتبار العيش مع امرأة تكسب القدر نفسه من المال أو أكثر أمراً مهيناً، وعدم المقدرة على تحقيق التوقعات التي باتت النساء تفرضها على العلاقة، عدم القدرة على العيش من دون امرأة، وفي الوقت عينه رفضُ الاعتراف بالاعتماد عليها؛ كل هذا يُدخل الرجال في حلقة مفرغة من الفشل على جميع الأصعدة. ومن ليس لديه شيء يخسره، يشكل خطراً على نفسه والآخرين.
    
وقد لخّص هانس فان ميرلو الجدل قائلاً: «النساء غاضبات، والرجال خائفون». نحن على علم بأن النساء غاضبات، نعلم ذلك منذ أن انطلقت الموجة النِسوية الجديدة قبل خمسة وعشرين عاماً. ولكن هل الرجال خائفون؟ وممَ يخافون يا ترى؟ هل من المعقول أنهم خائفون من النِسوية؟ نحن لا ندعو سوى إلى «الشراكة العادلة»، ما المخيف في ذلك؟ ولكن ميشيل ميسنر يصف الأزمة كما يلي: «خائفون من عنف وضغط إنجازات الرجال الآخرين، خائفون من المستقبل الغامض، مرتابون من النساء اللواتي باتت حيواتهنّ تبدو أيسر من الرجال، وغير واثقين من أنفسهم».
 
وقد لخّص هانس فان ميرلو الجدل قائلاً: «النساء غاضبات، والرجال خائفون». نحن على علم بأن النساء غاضبات، نعلم ذلك منذ أن انطلقت الموجة النِسوية الجديدة قبل خمسة وعشرين عاماً. ولكن هل الرجال خائفون؟ وممَ يخافون يا ترى؟ هل من المعقول أنهم خائفون من النِسوية؟ نحن لا ندعو سوى إلى «الشراكة العادلة»، ما المخيف في ذلك؟ ولكن ميشيل ميسنر يصف الأزمة كما يلي: «خائفون من عنف وضغط إنجازات الرجال الآخرين، خائفون من المستقبل الغامض، مرتابون من النساء اللواتي باتت حيواتهنّ تبدو أيسر من الرجال، وغير واثقين من أنفسهم».
سطر 84: سطر 84:     
والنقطة العمياء الثالثة في النظرية النِسوية تكمن في رؤيتنا إلى سلطة الرجال السياسية الأكبر وسطياً على أنها سلطة مطلقة يملكها جميع الرجال حيال جميع النساء، وبذلك نكون أنكرنا الاختلافات بين الرجال. ورغم أننا اضطررنا إلى الاعتراف ضمن الحركة النِسوية أن «النساء» لا يشكلن حالة واحدة، وأن ثمة تعددية كبيرة بخصوص الأوضاع والولاءات والمصالح حسب الانتماء الطبقي والقومي والميول الجنسية، إلا أننا تأخرنا كثيراً بسحب هذا الرؤية على الرجال. كنا نُعرِّفُ الأبوية على أنها بالدرجة الأولى سيطرة الرجال على النساء، وبدرجة أقل على أنها نظام تراتبي بين الرجال.
 
والنقطة العمياء الثالثة في النظرية النِسوية تكمن في رؤيتنا إلى سلطة الرجال السياسية الأكبر وسطياً على أنها سلطة مطلقة يملكها جميع الرجال حيال جميع النساء، وبذلك نكون أنكرنا الاختلافات بين الرجال. ورغم أننا اضطررنا إلى الاعتراف ضمن الحركة النِسوية أن «النساء» لا يشكلن حالة واحدة، وأن ثمة تعددية كبيرة بخصوص الأوضاع والولاءات والمصالح حسب الانتماء الطبقي والقومي والميول الجنسية، إلا أننا تأخرنا كثيراً بسحب هذا الرؤية على الرجال. كنا نُعرِّفُ الأبوية على أنها بالدرجة الأولى سيطرة الرجال على النساء، وبدرجة أقل على أنها نظام تراتبي بين الرجال.
لذلك كان لا بد أن يباشر الرجال بأنفسهم (من خلال حركة الرجال، ودراسة الرجولة، ومؤسسات إرشاد الرجال) بسد ثغرات هذه النقاط العمياء. وقد تبدّى أن تجربة الرجال الداخلية تتضارب مع تصور النساء عنهم. وبينما استمرت النساء بوصف مشاعرهن في المجتمع الأبوي، شرع الرجال يصفون مدى صعوبة النشوء كأطفال صغار تحت ضغوطات أن يصبحوا أقوياء ولا يبكون، ومدى الألم لدى الرجل البالغ غير المسموح له وغير القادر على أن يظهر هشاشته. وقد كانت المنشورات الأولى، حسب رأي كولتران، أشبه بالشهادات الشخصية والاعترافات، ويغلب عليها الطابع العلاجي، كما كانت تهمل النظر إلى اختلال موازين السلطة بين الجنسين. وحتى الكتب الهولندية الأولى كانت تطفح بذلك النَفَس، على سبيل المثال يا زلمة للكاتب فان دي برخ، الذي كان عنوانه الفرعي يوحي أن تحرر الرجل عبارة عن كلام وشعور. كما تناولت بعض تلك الكتب والمقالات تجربة الأبوة أو فقدان الأب أو إحساس الرجال بعدم فهم النساء لهم. وقد ساعدت هذه الكتابات الشعبية الرجالَ على وعي تجاربهم الخاصة، ولكنها أهملت تأثير تجارب الرجال على النساء. أما الكتابات التي حاولت الربط بين تجارب الرجال الخاصة والتحليل السياسي لسيطرتهم وامتيازاتهم، فكانت أقل شعبية. يقول كولتران: «كان ثمة أسلوبان متضاربان لدى الرجال في وصف تجاربهم. يحتفي الأسلوب الأول بروابط الرجال فيما بينهم وأن الرجال لا بأس بهم، أما الأسلوب الثاني فيتلاقى مع التحليلات النِسوية الأكاديمية حول الفروقات في السلطة». بيد أن كلا الأسلوبين يؤكدان على أن تجربة الرجال «من الداخل» تختلف عن تصور النساء في بادئ الأمر. وقد وصف ميشيل كيمل، أحد رواد المعسكر المؤيد للنِسوية، سوء الفهم بخصوص السلطة قائلاً: «إن التعريف النِسوي للرجولة بكونها سعي الرجال إلى السلطة نابع من منظور النساء»، أي كيف تحسّ النساء بالرجولة. غير أن ذلك يفترض توازياً بين العام والخاص لا ينطبق على الرجال. كانت النِسويات يلاحظنَ أن السلطة الاجتماعية للنساء ضعيفة، وأنهن كأفراد يشعرن بالعجز والخوف والهشاشة، وأن زمام السلطة في يد الرجال كمجموعة. وانطلاقاً من ذلك التوازي، اعتقدت النِسويات أنه لا بد أن يشعر الرجال بالقوة كأفراد. وهذا هو بالضبط السبب الذي يجعل الرجال يصمّون آذانهم عن النقد النِسوي للرجولة. فعندما يُجابَهون بالتحليل القائل أنهم يملكون كل السلطة، يستغربون: «ماذا تقصدين حين تقولين إن الرجال يملكون كل السلطة. عم تتكلمين؟ زوجتي تترأسني في البيت، ورئيس عملي في العمل. ليس لدي أي سلطة، بل على العكس!». هذا يعني أن دليلنا الموضوعي على امتلاك مجموعة الرجال للسلطة، لا يترجم نفسه إلى تجربة ذاتية فردية. وتنجم هذه الفجوة بين الموضوعية والتجربة الذاتية عن كون النساء لا يدركنَ بشكل كافٍ أن ثمة صراعاً على السلطة بين الرجال أنفسهم، وأن عدد الخاسرين أكبر من الرابحين. كما أن الرجال الأفراد يفهمون تعلقهم بالنساء على أنه سلطة (جنسية وعاطفية) للنساء على الرجال، على الأقل الغيريين منهم. انطلاقاً إذن من صراعهم مع الرجال الآخرين وتعلقهم غير المعترف به بالنساء، لا يعِ الرجال امتيازاتهم. وهذا ما يشتركون به مع المجموعات المسيطرة الأخرى، فقلّما انتبهت الطبقات الاجتماعية العليا لامتيازاتها، أو أدرك البيض مزايا الجلد الأبيض. فالصفة الأهم للامتيازات هي أنها لا تُعتبر امتيازات، بل أموراً عادية جداً. ويكتب كيمل: «يا له من ترف ألا تحتاج للتفكير بالعرق الذي تنتمي إليه، أو بطبقتك الاجتماعية أو جنسك. هكذا هي الامتيازات، كالهواء أو لا شيء. فقط المهمشون من قبل المجموعة الأخرى يفهمون كيف تُستخدم السلطة ضدهم».
+
لذلك كان لا بد أن يباشر الرجال بأنفسهم (من خلال حركة الرجال، ودراسة الرجولة، ومؤسسات إرشاد الرجال) بسد ثغرات هذه النقاط العمياء. وقد تبدّى أن تجربة الرجال الداخلية تتضارب مع تصور النساء عنهم. وبينما استمرت النساء بوصف مشاعرهن في المجتمع الأبوي، شرع الرجال يصفون مدى صعوبة النشوء كأطفال صغار تحت ضغوطات أن يصبحوا أقوياء ولا يبكون، ومدى الألم لدى الرجل البالغ غير المسموح له وغير القادر على أن يظهر هشاشته. وقد كانت المنشورات الأولى، حسب رأي كولتران، أشبه بالشهادات الشخصية والاعترافات، ويغلب عليها الطابع العلاجي، كما كانت تهمل النظر إلى اختلال موازين السلطة بين الجنسين. وحتى الكتب الهولندية الأولى كانت تطفح بذلك النَفَس، على سبيل المثال يا زلمة للكاتب فان دي برخ، الذي كان عنوانه الفرعي يوحي أن تحرر الرجل عبارة عن كلام وشعور. كما تناولت بعض تلك الكتب والمقالات تجربة الأبوة أو فقدان الأب أو إحساس الرجال بعدم فهم النساء لهم. وقد ساعدت هذه الكتابات الشعبية الرجالَ على وعي تجاربهم الخاصة، ولكنها أهملت تأثير تجارب الرجال على النساء. أما الكتابات التي حاولت الربط بين تجارب الرجال الخاصة والتحليل السياسي لسيطرتهم وامتيازاتهم، فكانت أقل شعبية. يقول كولتران: «كان ثمة أسلوبان متضاربان لدى الرجال في وصف تجاربهم. يحتفي الأسلوب الأول بروابط الرجال فيما بينهم وأن الرجال لا بأس بهم، أما الأسلوب الثاني فيتلاقى مع التحليلات النِسوية الأكاديمية حول الفروقات في السلطة». بيد أن كلا الأسلوبين يؤكدان على أن تجربة الرجال «من الداخل» تختلف عن تصور النساء في بادئ الأمر. وقد وصف ميشيل كيمل، أحد رواد المعسكر المؤيد للنِسوية، سوء الفهم بخصوص السلطة قائلاً: «إن التعريف النِسوي للرجولة بكونها سعي الرجال إلى السلطة نابع من منظور النساء»، أي كيف تحسّ النساء بالرجولة. غير أن ذلك يفترض توازياً بين العام والخاص لا ينطبق على الرجال. كانت النِسويات يلاحظنَ أن السلطة الاجتماعية للنساء ضعيفة، وأنهن كأفراد يشعرن بالعجز والخوف والهشاشة، وأن زمام السلطة في يد الرجال كمجموعة. وانطلاقاً من ذلك التوازي، اعتقدت النِسويات أنه لا بد أن يشعر الرجال بالقوة كأفراد. وهذا هو بالضبط السبب الذي يجعل الرجال يصمّون آذانهم عن النقد النِسوي للرجولة. فعندما يُجابَهون بالتحليل القائل أنهم يملكون كل السلطة، يستغربون: «ماذا تقصدين حين تقولين إن الرجال يملكون كل السلطة. عم تتكلمين؟ زوجتي تترأسني في البيت، ورئيس عملي في العمل. ليس لدي أي سلطة، بل على العكس!». هذا يعني أن دليلنا الموضوعي على امتلاك مجموعة الرجال للسلطة، لا يترجم نفسه إلى تجربة ذاتية فردية. وتنجم هذه الفجوة بين الموضوعية والتجربة الذاتية عن كون النساء لا يدركنَ بشكل كافٍ أن ثمة صراعاً على السلطة بين الرجال أنفسهم، وأن عدد الخاسرين أكبر من الرابحين. كما أن الرجال الأفراد يفهمون تعلقهم بالنساء على أنه سلطة (جنسية وعاطفية) للنساء على الرجال، على الأقل الغيريين منهم. انطلاقاً إذن من صراعهم مع الرجال الآخرين وتعلقهم غير المعترف به بالنساء، لا يعِ الرجال امتيازاتهم. وهذا ما يشتركون به مع المجموعات المسيطرة الأخرى، فقلّما انتبهت الطبقات الاجتماعية العليا لامتيازاتها، أو أدرك البيض مزايا الجلد الأبيض. فالصفة الأهم للامتيازات هي أنها لا تُعتبر [[امتياز|امتيازات]]، بل أموراً عادية جداً. ويكتب كيمل: «يا له من ترف ألا تحتاج للتفكير بالعرق الذي تنتمي إليه، أو بطبقتك الاجتماعية أو جنسك. هكذا هي الامتيازات، كالهواء أو لا شيء. فقط المهمشون من قبل المجموعة الأخرى يفهمون كيف تُستخدم السلطة ضدهم».
    
يشعر الرجال إذن بقوة أقل مما تعتقد كثير من النساء. وقد تمنحهم [[رجولة|الرجولة]] بعض الامتيازات، ولكن لكل شيء ثمنه. نلاحظ مثلاً اختلافاً بالغ الأهمية بينها وبين منظومات السيطرة والخضوع الأخرى، حيث يرتبط الرفاه والصحة النفسية والعقلية بشكل مباشر مع الطبقة الاجتماعية والانتماء العرقي. كلما انخفضت الطبقة الاجتماعية والاقتصادية، ارتفعت نسبة الأمراض والمشاكل النفسية، وانخفض العمر الوسطي. غير أن هذا لا ينسحب على مجموعتي الرجال والنساء إلا جزئياً. نرى اختلافاً في نموذج الأمراض والمشاكل، ولكن لا يمكننا القول إن حال الرجال أفضل على الدوام. بل على العكس، ذلك أن العمر الوسطي للرجال أقل من النساء، حتى عندنا في الغرب. وبحسب فان درلو، فقد وضّحت دراسات الرجولة ومؤسسات إرشاد الرجال أن الأسباب تكمن في ما يسمى بـ «تشفيرات الرجولة»:
 
يشعر الرجال إذن بقوة أقل مما تعتقد كثير من النساء. وقد تمنحهم [[رجولة|الرجولة]] بعض الامتيازات، ولكن لكل شيء ثمنه. نلاحظ مثلاً اختلافاً بالغ الأهمية بينها وبين منظومات السيطرة والخضوع الأخرى، حيث يرتبط الرفاه والصحة النفسية والعقلية بشكل مباشر مع الطبقة الاجتماعية والانتماء العرقي. كلما انخفضت الطبقة الاجتماعية والاقتصادية، ارتفعت نسبة الأمراض والمشاكل النفسية، وانخفض العمر الوسطي. غير أن هذا لا ينسحب على مجموعتي الرجال والنساء إلا جزئياً. نرى اختلافاً في نموذج الأمراض والمشاكل، ولكن لا يمكننا القول إن حال الرجال أفضل على الدوام. بل على العكس، ذلك أن العمر الوسطي للرجال أقل من النساء، حتى عندنا في الغرب. وبحسب فان درلو، فقد وضّحت دراسات الرجولة ومؤسسات إرشاد الرجال أن الأسباب تكمن في ما يسمى بـ «تشفيرات الرجولة»:
سطر 124: سطر 124:  
وتكمن النقطة العمياء الثانية في إنكار الجدلية بين الأنوثة والرجولة، أو ديناميكية السلطة بينهما. ففي كتابه الرجال في جلسة التعارف الطبية لا يذكر فان درلو شيئاً عن علاقة الرجال بالنساء، فيكرس تشفيرات الرجولة التي تعتبر الرجال قادرين على الاستقلال بذاتهم. وسوف أفصح هنا عن أمر ما زال غير مثبت تماماً، وهو أن المرشدين الذين يقدمون المساعدة للرجال ما زالوا تحت تأثير تشفيرات الرجولة الذي تعتبر الرجال قادرين على الاستقلال بذاتهم، وقد يكون ذلك رداً على الإرشاد الموجه للنساء: إذا كانت مؤسسة إرشاد النساء لا تحتاجنا، فنحن أيضاً لسنا بحاجة إليكن!
 
وتكمن النقطة العمياء الثانية في إنكار الجدلية بين الأنوثة والرجولة، أو ديناميكية السلطة بينهما. ففي كتابه الرجال في جلسة التعارف الطبية لا يذكر فان درلو شيئاً عن علاقة الرجال بالنساء، فيكرس تشفيرات الرجولة التي تعتبر الرجال قادرين على الاستقلال بذاتهم. وسوف أفصح هنا عن أمر ما زال غير مثبت تماماً، وهو أن المرشدين الذين يقدمون المساعدة للرجال ما زالوا تحت تأثير تشفيرات الرجولة الذي تعتبر الرجال قادرين على الاستقلال بذاتهم، وقد يكون ذلك رداً على الإرشاد الموجه للنساء: إذا كانت مؤسسة إرشاد النساء لا تحتاجنا، فنحن أيضاً لسنا بحاجة إليكن!
   −
ويقول يوب بيلن في أحد المؤتمرات إن مؤسسات إرشاد الرجال تحتاج إلى اعتراف مؤسسات إرشاد النساء، وإلى موقف بنّاء حيال الرجال والرجولة، موقف لا يؤكد على التنميطات ولا يرفض الرجال أو يحاكمهم. كما أنه يهاجم في ندوته المختصةَ النفسية نيلكه نيقولاي، لأنها في رأيه كتبت أن النساء يملكن حساً أخلاقياً أسمى (لقد بحثتُ عن الفقرة، ويبدو أن بيلن لم يلتقط أسلوب السخرية نهائياً). كما أكد أن مختصة العلاقات آلي فاندن بِرخ قالت إن غريزة الرجال الجنسية طبيعية وملزِمة (بحثتُ عن تلك الفقرة كذلك، ولكنها لم تكن أكثر من تعداد للخطابات المهيمنة في الغرب، وليس ما تؤمن به الكاتبة)، كما استنكر كلامها عن سيطرة الرجال النسبية وخضوع النساء. يفترض بيلن أن هذا الموقف يغلق آفاق التعاون بين الإرشاد الموجه للنساء، وذلك التي يستهدف الرجال، بمعنى آخر: يحق لمرشدي لنساء أن يتكلموا عما تشكو منه المرأة، على شرط ألا تدعي أنها تشتكي من الرجل، لأن ذلك قلبٌ للحقائق ومعادٍ للرجل. من المؤكد أن بيلن محق بنقده للحركة النِسوية في حال نظرت إلى الرجال كمُعنِّفين فقط. «إن العمل مع مجموعات الرجال جعلني أفهم أنه حتى ولو كان لأولئك الرجال صفات المُعنِّف، فهذا لا يعني أنهم مجرد معنِّفين، أو أنهم يملكون السلطة ليديروا الأمور في محيطهم على هواهم. بل أكثر من ذلك: ففي حال أردتُ فهم الرجال والاطلاع على عوالمهم وجذور شخصيتهم وسلوكهم، يتوجب علي تغيير منظور التحليل السلطوي الذي يعتبر أن الرجال دائماً ’فوق‘ والنساء دائماً ’تحت‘. إن الرجال الذين يقومون بالاستغلال الجنسي لا يدركون أن سلوكهم استغلالي. بل يرون أنفسهم ضحية الظرف، وضحية نزواتهم أو إهانة الآخرين». بيلن على حق حين يقول إن الرجال غالباً لا يشعرون بالسلطة، حتى ولو مارسوها. ولكن هل يعني ذلك أن علينا الصمت مجدداً بخصوص نتائج العنف الجنسي؟ ألا يمكن استنتاج أن «تشفيرات الرجولة» ليست مؤذية للرجال فحسب، بل للنساء كذلك؟ على سبيل المثال: إحدى مشاكل انتشار مرض الإيدز والأمراض الجنسية بين النساء هي أن بعض الرجال يرفضون تماماً استخدام الواقي المطاطي أثناء الجماع. كيف يمكننا تفسير ذلك؟ إحدى التفسيرات هي أنها أنانية تخصّ الرجال (من بعدي الطوفان!). أما الرجال فيقولون إن الواقي المطاطي يحدّ من متعة الجنس. غير أن ليندسي نيل تأتينا بتفسير قلّما سمعنا الرجال يتفوهون به: «الرجال الذين يخافون من القذف السريع أو من فقدان انتصابهم لا يحبذون مواجهة الصعوبات أثناء لبس ذلك الشيء». يمكننا الجزم إذن أن الجنس لدى الرجال، نظراً لتشفيرات الرجولة، أكثر هشاشة مما قد يعترفون به. لا شك أن ذلك مزعج للرجال، غير أن الأذية التي يتسببونها للنساء واقعية أيضاً.
+
ويقول يوب بيلن في أحد المؤتمرات إن مؤسسات إرشاد الرجال تحتاج إلى اعتراف مؤسسات إرشاد النساء، وإلى موقف بنّاء حيال الرجال والرجولة، موقف لا يؤكد على التنميطات ولا يرفض الرجال أو يحاكمهم. كما أنه يهاجم في ندوته المختصةَ النفسية نيلكه نيقولاي، لأنها في رأيه كتبت أن النساء يملكن حساً أخلاقياً أسمى (لقد بحثتُ عن الفقرة، ويبدو أن بيلن لم يلتقط أسلوب السخرية نهائياً). كما أكد أن مختصة العلاقات آلي فاندن بِرخ قالت إن غريزة الرجال الجنسية طبيعية وملزِمة (بحثتُ عن تلك الفقرة كذلك، ولكنها لم تكن أكثر من تعداد للخطابات المهيمنة في الغرب، وليس ما تؤمن به الكاتبة)، كما استنكر كلامها عن سيطرة الرجال النسبية وخضوع النساء. يفترض بيلن أن هذا الموقف يغلق آفاق التعاون بين الإرشاد الموجه للنساء، وذلك التي يستهدف الرجال، بمعنى آخر: يحق لمرشدي لنساء أن يتكلموا عما تشكو منه المرأة، على شرط ألا تدعي أنها تشتكي من الرجل، لأن ذلك قلبٌ للحقائق ومعادٍ للرجل. من المؤكد أن بيلن محق بنقده للحركة النِسوية في حال نظرت إلى الرجال كمُعنِّفين فقط. «إن العمل مع مجموعات الرجال جعلني أفهم أنه حتى ولو كان لأولئك الرجال صفات المُعنِّف، فهذا لا يعني أنهم مجرد معنِّفين، أو أنهم يملكون السلطة ليديروا الأمور في محيطهم على هواهم. بل أكثر من ذلك: ففي حال أردتُ فهم الرجال والاطلاع على عوالمهم وجذور شخصيتهم وسلوكهم، يتوجب علي تغيير منظور التحليل السلطوي الذي يعتبر أن الرجال دائماً ’فوق‘ والنساء دائماً ’تحت‘. إن الرجال الذين يقومون بالاستغلال الجنسي لا يدركون أن سلوكهم استغلالي. بل يرون أنفسهم ضحية الظرف، وضحية نزواتهم أو إهانة الآخرين». بيلن على حق حين يقول إن الرجال غالباً لا يشعرون بالسلطة، حتى ولو مارسوها. ولكن هل يعني ذلك أن علينا الصمت مجدداً بخصوص نتائج [[العنف الجنسي]]؟ ألا يمكن استنتاج أن «تشفيرات الرجولة» ليست مؤذية للرجال فحسب، بل للنساء كذلك؟ على سبيل المثال: إحدى مشاكل انتشار مرض الإيدز والأمراض الجنسية بين النساء هي أن بعض الرجال يرفضون تماماً استخدام الواقي المطاطي أثناء الجماع. كيف يمكننا تفسير ذلك؟ إحدى التفسيرات هي أنها أنانية تخصّ الرجال (من بعدي الطوفان!). أما الرجال فيقولون إن الواقي المطاطي يحدّ من متعة الجنس. غير أن ليندسي نيل تأتينا بتفسير قلّما سمعنا الرجال يتفوهون به: «الرجال الذين يخافون من القذف السريع أو من فقدان انتصابهم لا يحبذون مواجهة الصعوبات أثناء لبس ذلك الشيء». يمكننا الجزم إذن أن الجنس لدى الرجال، نظراً لتشفيرات الرجولة، أكثر هشاشة مما قد يعترفون به. لا شك أن ذلك مزعج للرجال، غير أن الأذية التي يتسببونها للنساء واقعية أيضاً.
    
هل من الضروري أن نبقى عالقات بتفكير إما/أو، أم بإمكاننا التعلم من جولدنر تفكير الـ و/و؟ فرجينيا جولدنر تعمل كمختصّة أسرة مع الحالات الزوجية التي يكون فيها الرجل عنيفاً. هل الرجل مذنب جراء ما فعله بزوجته، أم أنه ضحية، وبخاصة حين تفهمين ماذا جرى معه حتى وصل إلى هنا؟  الاثنان معاً، لا يمكن تعويض شيء بشيء آخر. هل يمكننا فهم سبب لجوء الرجل إلى العنف؟ نعم. ولكن هل يعني ذلك أنه لم يعد مسؤولاً عن أفعاله؟ لا. لقد حان الوقت لإعادة النظر في ثنائية المذنب والضحية، ومن دون إنكار تجربة الضحية، ومن دون رفع المسؤولية عن المذنب. تقول شارون لامب إن تفكير إما/أو هو التفكير الصفري، كما لو أن فهم المذنبين سوف يرفع عنهم جزءاً من المسؤولية، ويحمّل الضحايا مسؤولية أكبر لما نالهم من أذى، أي عودة إلى التقليد القديم «تأثيم الضحية».
 
هل من الضروري أن نبقى عالقات بتفكير إما/أو، أم بإمكاننا التعلم من جولدنر تفكير الـ و/و؟ فرجينيا جولدنر تعمل كمختصّة أسرة مع الحالات الزوجية التي يكون فيها الرجل عنيفاً. هل الرجل مذنب جراء ما فعله بزوجته، أم أنه ضحية، وبخاصة حين تفهمين ماذا جرى معه حتى وصل إلى هنا؟  الاثنان معاً، لا يمكن تعويض شيء بشيء آخر. هل يمكننا فهم سبب لجوء الرجل إلى العنف؟ نعم. ولكن هل يعني ذلك أنه لم يعد مسؤولاً عن أفعاله؟ لا. لقد حان الوقت لإعادة النظر في ثنائية المذنب والضحية، ومن دون إنكار تجربة الضحية، ومن دون رفع المسؤولية عن المذنب. تقول شارون لامب إن تفكير إما/أو هو التفكير الصفري، كما لو أن فهم المذنبين سوف يرفع عنهم جزءاً من المسؤولية، ويحمّل الضحايا مسؤولية أكبر لما نالهم من أذى، أي عودة إلى التقليد القديم «تأثيم الضحية».
سطر 136: سطر 136:  
2. يدفع الرجال ثمناً باهظاً – من خلال العلاقات السطحية، والصحة السيئة، والموت المبكر – من أجل التأقلم مع التعريفات الضيقة للرجولة التي تعدهم بامتيازات ومكانة مرموقة. ويعتمد كلٌ من مؤسسات إرشاد الرجال الهولندية وعدد من الكتّاب الرجال هذه الرؤية التي لا ينقصها هي الأخرى سند الحقائق.
 
2. يدفع الرجال ثمناً باهظاً – من خلال العلاقات السطحية، والصحة السيئة، والموت المبكر – من أجل التأقلم مع التعريفات الضيقة للرجولة التي تعدهم بامتيازات ومكانة مرموقة. ويعتمد كلٌ من مؤسسات إرشاد الرجال الهولندية وعدد من الكتّاب الرجال هذه الرؤية التي لا ينقصها هي الأخرى سند الحقائق.
   −
3. لا يستفيد الرجال بالتساوي من ثمرات النظام الأبوي: الرجولة المهيمنة (بيضاء، طبقة وسطى وعليا، غيرية الجنسانية) توضع مقابل الأنوثة، ومقابل عدد من الرجولات الخاضعة (إثنياً وطبقياً وجنسانياً). ورغم أن فئة الرجال تملك سلطة كبيرة، إلا أنهم لا يشكلون مجموعة متماسكة. هذه الرؤية قابلة كذلك للإثبات من دون أدنى شك.
+
3. لا يستفيد الرجال بالتساوي من ثمرات [[نظام أبوي|النظام الأبوي]]: الرجولة المهيمنة (بيضاء، طبقة وسطى وعليا، غيرية الجنسانية) توضع مقابل الأنوثة، ومقابل عدد من الرجولات الخاضعة (إثنياً وطبقياً وجنسانياً). ورغم أن فئة الرجال تملك سلطة كبيرة، إلا أنهم لا يشكلون مجموعة متماسكة. هذه الرؤية قابلة كذلك للإثبات من دون أدنى شك.
    
وتتبنى معظم «حركات الرجال» إحدى تلك التوجهات على حساب الأخرى. ولكن كما هو الحال في «الجدل بين نظريتَي الاختلاف والتماثل» الذي يفضي إلى طريق مسدود، فإن مناصري هذه التوجهات يقعون في المطب ذاته. فالمرأة التي تنظر فقط إلى الامتيازات التي تملكها فئة الرجال على حساب فئة النساء، سوف تنبذ الرجال كحُلفاء محتملين. وحين يتبنى الرجل تلك الرؤية، سوف تعتمد استراتيجيته على الإحساس بالذنب غير المجدي، وغير الفعال، وغير المغري لكثير من رجالِ التوجه الثالث الذين لا يشعرون أن لديهم سلطة وامتيازات. يشكل كثير من الرجال مشكلة في إحدى المجالات الثلاثة (الشعور، العنف، الواجبات المنزلية)، ولكن لن يتغير شيء إلا في حال نظروا إلى الموضوع على أنه مشكلة فعلاً.   
 
وتتبنى معظم «حركات الرجال» إحدى تلك التوجهات على حساب الأخرى. ولكن كما هو الحال في «الجدل بين نظريتَي الاختلاف والتماثل» الذي يفضي إلى طريق مسدود، فإن مناصري هذه التوجهات يقعون في المطب ذاته. فالمرأة التي تنظر فقط إلى الامتيازات التي تملكها فئة الرجال على حساب فئة النساء، سوف تنبذ الرجال كحُلفاء محتملين. وحين يتبنى الرجل تلك الرؤية، سوف تعتمد استراتيجيته على الإحساس بالذنب غير المجدي، وغير الفعال، وغير المغري لكثير من رجالِ التوجه الثالث الذين لا يشعرون أن لديهم سلطة وامتيازات. يشكل كثير من الرجال مشكلة في إحدى المجالات الثلاثة (الشعور، العنف، الواجبات المنزلية)، ولكن لن يتغير شيء إلا في حال نظروا إلى الموضوع على أنه مشكلة فعلاً.   
staff
2٬186

تعديل

قائمة التصفح