وثيقة:العمل المنزلي - نظرة نسوية

من ويكي الجندر
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
Emojione 1F4DC.svg

محتوى متن هذه الصفحة مجلوب من مصدر خارجي و محفوظ طبق الأصل لغرض الأرشيف، و ربما يكون قد أجري عليه تنسيق و/أو ضُمِّنَت فيه روابط وِب، بما لا يغيّر مضمونه، و ذلك وفق سياسة التحرير.

تفاصيل بيانات المَصْدَر و التأليف مبيّنة فيما يلي.

Circle-icons-document.svg
مقالة رأي
العنوان العمل المنزلي: نظرة نسويّة
تأليف عزة شرارة بيضون
تحرير غير معيّن
المصدر المفكرة القانونية
اللغة العربية
تاريخ النشر 2019-08-16
مسار الاسترجاع https://legal-agenda.com/العمل-المنزلي-نظرة-نسويّة/
تاريخ الاسترجاع 2021-03-05
نسخة أرشيفية https://archive.fo/DdzIf



قد توجد وثائق أخرى مصدرها المفكرة القانونية



ربة البيت “لا تعمل”

في أكثر من بحث ميداني[1] أجريته و كان طلاب وطالبات من الجامعات اللبنانية عيّناته، كانت “مهنة الأم” و”مهنة الأب” متغيّرتين ثابتتين في استمارة البحث تعيناني على تحديد المستوى الاجتماعي – الثقافي للمبحوث(ة). كان لافتاً في استجابة معظم المبحوثين مالئي الاستمارة، كتابة ” لا تعمل” مقابل مهنة الأم. إن مثابرة هؤلاء على إجاباتهم، عبر السنين، لم تعفني من عجب يتملّكني كلّ مرّة: كيف يعشى هؤلاء عن “عمل” أمهاتهم وهو ماثل أمام أعينهم، وهم ما زالوا يستهلكون نتاجاته صبحاً ومساء؟

هذا الشاب أو تلك الشابة اللذان أجابا على استمارة البحث، ألا يتساءل واحدهم: من أسهم في نشأته ليصبح شخصاً في لياقة جسدية ونفسية وفكرية تسمح له بتبوّء المكانة الراهنة – طالباً جامعياً راشداً متوثّباً ليكون فرداً مستقلاً عاملاً وفاعلاً في مجتمعه؟

كيف غاب عنهما سؤال بديهي: الأم والزوجة أو المرأة العازبة، هؤلاء النساء الملازمات بيوتهن، كيف تقضي الواحدة منهن وقتها إذا كانت “لا تعمل”؟


العمل المنزلي: إنتاج لا مرئي

تنطوي ملازمة المنزل على القيام بعمل عدّدت أشكاله النسويات منذ عقود كثيرة أبّان إنطلاق الموجة الثانية لحركة تحرّر المرأة في العالم الصناعي، وجُمعت المتشابهة منها تحت عناوين تشي بمهارات كثيرة تكاد أن تكون متعددة بتعدد الساعات الأربع والعشرين اليومية، وبعضهن جعلها تحت عنوانيَن عريضَين: “العناية” و”الإنجاب”[2]. فالعناية تشتمل على كلّ ما يوفِّر لكلّ فرد من أفراد الأسرة حاجاته بدءاً من “الدنيا” وصعوداً على درجات “هرم الحاجات” حتى الوصول إلى الأكثر “رقيّاً” منها. فيشتمل هذا العنوان على كل ما يوفَّر بقاء الأشخاص وصيانة حيواتهم ورفاههم. فبالإضافة إلى إدارة شؤون المنزل عامة والتخطيط اليومي لحسن سيره والتسوّق لكافة حاجاته، هناك أعمال توفير الغذاء كالطبخ وأعمال توفير البيئة اللائقة والصحية للأسرة كالتنظيف والجلي والغسيل. وهناك رعاية الأولاد – بل كلّ قليلي الحيلة في العائلة من مرضى ومعوّقين ومتقدمين في العمر- وتدبير شؤونهم من حماية وتغذية ونظافة وترفيه. يضاف إلى هذه جميعا توثيق العلاقات مع المحيط ( من إقامة الولائم وزيارات التعزية والتهنئة ). وفي بعض المجتمعات، الريفية منها خاصة، لا تزال النساء مسؤولات عن جلب المياه والطاقة (الحطب للتدفئة والطبخ، مثلاً) من أماكن بعيدة، كما يعمل أكثرهن في الزراعة المنزلية والعناية بالمواشي وتحويل نتاجاتها إلى مونة للاستهلاك المنزلي. فالمرأة ذات المهنة الصريحة في أيامنا الراهنة لا تحتكر صفة “العاملة”؛ فـ”النساء كن دائماً يعملن”[3].

والعنوان الثاني وهو “الإنجاب” يشتمل على الحمل والوضع والإرضاع، وهو يتقاطع مع “العناية” في دائرة الاهتمام المستمر بالطفل طالما يرضع من ثدي أمّه (أو بديلتها). ويتميّز عمل “الإنجاب” عن “العناية” بأنه عمل نسائي حصراً، فيما يمكن للذكور من العائلة القيام بأعمال العناية كافة.

هذه الأعمال كلّها يراها طلابنا على أنها “لا عمل”. وهم لا ينفردون في ذلك، بالطبع. ولا نستثني النساء أنفسهن، حتى اللواتي أطلقن مقولة “شغلنا من الفجر إلى النجر وما منشوف الدجاجة سارحة” (إشارة إلى أن شغلهنّ يبدأ قبل أن تستيقظ الدجاجة ولا ينتهين منه حتى تنام الدجاجة!).

لا يخفى أن ما يجعل أكثر الناس ينزعون صفة “العمل” عن أعمال النساء المنزلية هو كونها أعمال دون مقابل مالي، أي دون قيمة تبادلية. ففيما يسع العامل أو العاملة في مهنة خارج منزلية أن يأخذ مقابل عمله مالاً يشتري به – أي يبادله – سلعة أو خدمة من أي نوع شاء، فإن أعمال المرأة المنزلية تستهلك غالباً فور إنتاجها، ومن جانب أشخاص العائلة، فلا تستبدل بسلعة أو خدمة من اختيار من أنتجتها، ولا وفق رغبتها. إن السلعة أو الخدمة التي يمكن معاينتها وتكميمهاquantify مالياً تمثّل اعترافاً بالعمل الذي أنتجها. على العكس من ذلك، فإن الخدمات أو “المنتجات” التي أنتجتها المرأة وبقيت غير قابل للمبادلة بسلع أو خدمات أخرى – وهذا ما تتصف به كلّ الأعمال المنزلية – إنّما تمسي “غير مرئية”.

على أن لـ”لامرئية” العمل المنزلي وظيفة حرِجة في الأنظمة الاقتصادية جميعها. فإذا سلّمنا بأنّ العمل المنزلي- بشقيه: الإنجاب والعناية- ضروري لبقاء الأشخاص ورفاههم، فلا تقوم لهؤلاء قائمة بدونه، كان في وسعنا التأكيد أنه ركن أساسي في ما اصطلح على تسميته “الإنتاج” ( لسلع وخدمات ذات قيمة تبادلية)؛ وذلك تحديداً لأنه يُنتج القوى/ الموارد البشرية المُنتجة – العاملات والعاملين في ذلك الإنتاج – ويصونها؛ أي ما يُدعى في الخطاب الماركسي بـ”إنتاج قوة العمل”.على أنّ هذه المساهمة تجري بصمت، فلا يضطر المجتمع إلى دفع بدلٍ لها؛ هذا البدل يضاف إلى الأرباح التي يجنيها من بيدهم السلطة والمال (أي ما يدعى في الخطاب الماركسي بـ”رأس المال” ). وكانت الكاتبة النسوية رادفورد[4] قد بيّنت في مقالتها ”المرأة: المستعمرة الأولى والأخيرة” كيف أنه، مع تراجع الاستعمار في العالم، لم يبقَ لرأس المال مجالاً للاستغلال من أجل الحصول على التراكم المفترض من أجل تطوّره، بل بقائه، إلا استغلال قوة عمل النساء. وهل أفضل[5] من جعله لامرئياً كي يكون مستغلاً ؟

ولا ضرورة للتأكيد على أن لا مرئية العمل المنزلي وفقدانه للبدل المالي يجعلانه، معاً، مسلوباً أية قيمة مثمّنة، ويجعلان القائمين به – أي النساء اساساً – فاقدي السلطة بفعل الصلة الوثيقة بين السلطة وحيازة المال في المجتمعات كلّها تقريباً. ويعزز ذلك تضافرُ الأنظمة الاقتصادية والسياسية وتآزرُها مع النمط البطريركي الذي يكفل سيطرة المؤسسات الدينية والتربوية والقانونية والإعلامية على حيوات الناس. وهي كلّها تغلّف تبعية المرأة وفقدانها للسلطة والمال المستحقّين لها بـمعتقدات وأفكار تُزيِّن لها هذا الفقدان وتلك التبعية على أنهما ” امتياز”! إذ بدونها يغدو ممنوعاً عليها تحقيق غرائزها ( الجنس والأمومة)، وتفعيل رغباتها في السلطة (ربّة / ست البيت) وجني اتكالية “مريحة” وجودياً (قوامة الرجل وإنعاماته). أتكلم بالطبع عن المجتمعات التي ما زالت السلطة البطريركية مُحكِمة فيها سيطرتها على حيوات العباد- كما هي حال مجتمعاتنا في هذه البقعة من العالم.

العمل المنزلي والوقت الذي يستغرقه

إثر الحربَين العالميتَين اللتين أودتا بحياة الملايين من الرجال، استدعيت النساء في العالم الصناعي إلى سوق العمل؛ الأمر الذي أسهم في تعزيز انتشار الفكر النسوي الذي ما لبث أن عمّ العالم كلّه. وكان من تبِعات ذلك بزوغ الوعي النسوي لأهمية العمل النسائي المنزلي، كما التنبّه إلى أن هذه الأهمية مقرونة بتطبيع لامرئيته. فتشكّلت في العام 1972 The Feminist Collective في عواصم البلدان الصناعية، لمناصرة فكرة “الأجور للعمل المنزلي”[6]. هذه الفكرة ما زالت غير متحقّقة تماماً حتى يومنا هذا. لكن الاعتراف بأهمية العمل المنزلي أخذت أشكالاً مختلفة تمثّلت بإنشاء مؤسسات داعمة للمرأة العاملة من حضانات ومطاعم شعبية ومغاسل عامة وأندية ثقافية- ترفيهية للأولاد إلى ما هنالك من مرافق تشي بأن المجتمع الصناعي وُضع، للضرورة، أمام مسؤولية توفير بدائل لعمل المرأة المنزلي. وفي بلادنا، مثلاً، كما في بلاد أخرى، تتوسّل الأسر خدمات العاملة المنزلية[7] المهاجرة حلاً يراه كثيرون مسيئاً لهذه الأخيرة لأسباب باتت معروفة. ومع انتشار النسوية على مجمل البلدان، وتبنّي الأمم المتحدة لبعض مقولاتها ،وإعادة صياغتها لخطابها لجعله “أقل نسوية” ومقبولاً من جانب أعضائها كافة، كان الاعتراف بأهمية العمل المنزلي واحداً من أهم مكوّنات “المقاربة الجندرية للتنمية”[8].

على أن التقدّم في هذا المجال، كان دعوة الأمم المتحدة للبلدان الأعضاء، في واحد من مقررات مؤتمر المرأة العالمي الرابع ( المعروف بمؤتمر بيجينغ)، إلى العمل على تقدير البدل المالي remuneration للعمل المنزلي[9]؛ الأمر الذي يجعله مرئياً ويسمح يإدماجه في الناتج الوطني الإجمالي GNP. لكن ما هو أهمّ، هو حسبانه عملاً إنتاجياً مستحقّاً لكلّ الامتيازات التي يتمتع بها العامل في مؤسسة إنتاجية. الأجر أولاً، ومن ثمّ كل التقديمات من ضمانات صحية وحقوق للمتقدّمات في العمر وإجازات مدفوعة الأجر، إلى ما هنالك من أمور يمكن تعدادها وحساب قيمتها المالية لتُدمج في أنظمة التعويضات العامة التي يقدّمها المجتمع لأفراده العاملين في المهن المختلفة. ولعلّ أهمّ هذه الأمور يتمثّل بحساب “التعويض” الذي هو من حق كل من الزوجين لدى فسخ العقد بينهما ( الطلاق)، مثلاً، فلا تنال المرأة، بنتيجته، تعويضاً اعتباطي القيمة (كالمؤخّر في العقد الإسلامي)، أو نصيباً محدّداً سلفاً من التركة عند توزيع الإرث بين الذكور والإناث، بل تنال بدلاً مساوياً لعمل ملموس نفّذ خلال مدةٍ معيّنةٍ، أو لمهامّ محدّدةٍ محسوبة الأجر؛ وذلك تبعاً لمَعْلَمات parameters مختلفة تحدّدها مؤسسات الدولة المعنية، تماماً كما حدّدت معلمات أشباهها من أعمال.

هذا، وقد انشغل الباحثون في علم اجتماع العمل بتعيين طرقٍ لتحديد البدل المالي المستحق للعمل المنزلي. وبدا أن الطريقة الأكثر رواجاً هي “مسح الوقت المستخدم”[10] time –use survey في إنجاز مهامّ منزلية محدّدة، وإضفاءُ قيمة مالية عليها بحسب قيمتها المالية في حال أنتجت للاستهلاك في المجال العام. والمسوحات التي أجريت في كثير من البلدان بيّنت أن الوقت الذي يصرفه الرجال في العمل المنزلي أقلّ بكثير من الوقت الذي تصرفه النساء؛ وأن هذه النتيجة تصحّ حين تكون المرأة عاملة في مهنة خارج – منزلية في كل المجتمعات، حتى المتقدّمة منها؛ وأن الفجوة بين الفئتين أقلّ في البلدان “الميسورة” منها في البلدان الأقل نمواً. في فلسطين، مثلاً، تصرف المرأة أكثر من 16 ساعة في العمل المنزلي، فيما يصرف الرجل 3.5 ساعة، يومياً. في السويد حيث الفجوة بين الرجال والنساء هي الأقل في العالم، يصرف الرجل 3,33 ساعة في العمل المنزلي أقل من النساء، يومياً[11].

في لبنان، بضع محاولات قليلة للبحث في العمل المنزلي[12]، لكنها تبقى جزئية ولا تفضي إلى أكثر من نتائج وصفية، فلا نجد ما يشير إلى محاولات للبحث في البدائل المالية لمكوّنات العمل المنزلي. هناك أبحاث قليلة ونتائجها لا تختلف عن تلك المنفَّذة في المجتمعات الأخرى : النساء والفتيات، حتى العاملات منهن في مهن خارج- منزلية، هن المسؤولات بشكل شبه كامل عن العمل المنزلي. أما الرجال، غير العاطلين عن العمل خاصة، فيقومون بأعمال منزلية تعدّ “ذكرية”، مثل إدارة شؤون المنزل أو صيانته. وكما هي الحال دائماً، فإن النساء لا يحسبن عملهن المنزلي عملاً[13]!

قضايانا أيضاً ملحّة

في كل مرّة نطرح، نحن النساء، واحدة من قضايانا نواجه بمعارضة قائمة على الحجج ذاتها: وهل ما تطرحنه قضية ملحّة؟ ما هو عدد النساء المتضررات من هذه القضية؟ ألا ترين أن المسألة محتاجة لموارد لا تملكها دولتنا؟ ألا يجدر بكن التضحية في سبيل المجتمع بأسره؟ لكن المعارضة الأهم في مسألة البحث عن البدل المالي المستحق للعمل المنزلي ستعلنها، على الأرجح، كثرة من الرجال ( ومن النساء أيضاً) ترى إلى هذا العمل امتداداً لـ”طبيعتها الأنثوية”، بل تعبيراً عن “حب” الأم / الزوجة/ الأخت تجاه أفراد أسرتها، وأن لا بدلاً مادياً يوازي قيمتها “المعنوية” لدى المستفيدين منها، ولا مردودها العاطفي على المرأة. سيتساءلون: كيف نقايض الحب والعاطفة والمعنويات بالمال؟

في لبنان، مع تزايد نسبة الطلاق بين الزوجين[14]، ومع تراجع تضامن الأسر لأسباب مختلفة، وبعضها ذي صلة بالخلافات حول الميراث، تبدو “مقايضة ” الحب ( والعاطفة والمعنويات) بالمال حلاً مطلوباً. فالنفقة المستحقة للطليقة، مثلاً، هي من أهم المسائل الباعثة على الخلافات المستعصية بين الأزواج السائرين نحوالطلاق[15]. هكذا، يبدو تقاسم الأموال بين الطليقين تبعاً لمساهمتهما في تسيير الأسرة التي كوّناها معاً هو الحل الأكثر عقلانية لفضّ الخلافات. فتحتسب مساهمة المرأة في نمطَي العمل المنزلي، الإنجاب والعناية وملحقاتهما، ويجري تقدير التعويض المستحق لها تبعاً لذلك، ووفق مقاييس يعمل على تحديدها خبراء اقتصاديون واجتماعيون، فلا تترك لمزاجية رجل دين من هنا، ولا لتقدير قاضٍ من هناك.

مشاكلنا متعددة وبعضها عصيّ عن الحلول. وقد يجد أكثر الناس أن الجهود ينبغي أن تبذل في مواقع أكثر إلحاحاً من السعي للاعتراف بعمل المنزلي المرأة، وصرف الوقت الثمين لتكميم البدل المالي له.

نحن نقول إن الشعور بالإلحاح نسبي: إذ فيما يسع طليقة، مثلاً، الصبر على التأخر في استخراج الغاز من مياهنا الإقليمية، فهي لا تملك “ترف” ضياع جهدٍ بذلته في تكوين أسرة وصيانتها هباءً، لأن تحصيلها تعويضاً عن ذلك الجهد هو على الأرجح وسيلتها للبقاء.

ولعل البدء من هنا – من التعويض المالي للطليقة – هو خطوة مناسبة في مسار البحث عن سُبُل تحديد البدل المالي المستحق للعمل المنزلي عندنا.

هوامش

  1. أنظر مثلاً، (بيضون، 1991)، ( بيضون، 2004 أ) و(بيضون، 2004 ب) و( اسطفان- هاشم وبيضون، , (2010 ( اسطفان- هاشم وبيضون، 20 11)
  2. (Murillo and Arti, 2018)
  3. استعارة لعنوان الكتاب Women always worked :. (Kessler- Harris, 1981)
  4. Radford, R, 1993
  5. ما لبث بورديو Bourdieu أن أشار إلى ما يمكن حسبانه “أفضل” وأجدى لرأس المال من لا-مرئية العمل المنزلي. أتكلّم عن تبنّي المرأة “الخاضعة” لإيديولوجية “المهيمن” ( الرجل ممثلاً لسطوة المنظومة الجندرية)، بحيث يمسي العمل المنزلي، بالنسبة لها، امتداداً لـ”طبيعتها” البيولوجية ومن تضمينات “قدرها الأنثوي”. هذا التبنّي يعمل على تثبيت هيمنة الذكر ومترتباتها والإمعان في استخدامه للعنف “الناعم” لإحداث المزيد منها ( بورديو، 2009).
  6. ينظر في https://en.wikipedia.org/wiki/Wages_for_housework
  7. في العقود الأخيرة اتخذ موضوع العاملة المنزلية المهاجرة حيّزاً غير قليل من انشغال الحركات المدنية في كافة البلدان؛ وذلك في إطار مكافحة “الاتجار بالبشر”. في لبنان، مثلاً، كانت المطالبة بحقوق هؤلاء العاملات بندا من بنود أجندات بعض المنظمات غير الحكومية المدنية عندنا. ومن ذلك عقد التحالف مع هؤلاء العاملات اللواتي أبدين رغبة في أخذ زمام أمورهن بأديهن مطالبات بترخيص نقابة لهن ( ينظر ، مثلاً، في https://www.kafa.org.lb/ar/search/node?keys=الاتجار+بالبشر، وأيضاً: http://www.legal-agenda.com/search.php?search=ل) . ولعلّ تضخّم المكتبة الورقية والإلكترونية الإنكليزية، مثلاً، التي تناولت قضية العاملات المنزليات المهاجرات دليل على الانشغال العالمي الحالي بالمسألة. وحين يبرز استغلال العاملة المنزلية بأجر، فإن ذلك يظهّر عمل المرأة المنزلي غير مدفوع الأجر، وينزع عن التداول في قيمته المالية “الاستهجان” الذي لا نزال تواجه به الناشطات النسويات كلما طرحت المسألة ( ملاحظة من الكاتبة).
  8. الجندر في التنميية GADهو مقاربة للتنمية متناسبة مع وجهة التعريف الأخير الذي استقرّت عليه، والتي تجعل البشر موضوعها ومصادر ثروتها في الوقت ذاته. وهذه المقاربة صيغت تصحيحاً ونقضاً لمقاربة سابقة كانت تدعى “المرأة في التنمية” WID التي جهدت لاشراك النساء في دورة الإنتاج العامة سعياً لتحسين المؤشرات التنمويه بمفهومها المادي- الاقتصادي أولاً. وهذه الأخيرة فشلت لانها لم “تتنبّه” لمفعول الجندر ولتضميناته الاجتماعية والثقافية في التنمية البشرية. ويشكّل ذلك التفاوت بين النساء والرجال (البشر، بؤرة الاهتمام في هذا النمط من التنمية) في استعمال الموارد الأولية أو في البنى الثقافية- الاجتماعية التي ترعى معالجتها والاستفادة منها. وتحفل الأدبيات التنموية بدراسات لحالات تبيّن الوجه السلبي لاغفال الجندر في التخطيط للتنمية كما في تنفيذها. ( بيضون، 2010، ص. 23)
  9. Naples, N. and Desai M. (2002) p. 160-161
  10. (United Nations Pub., 2005, Chapter 4)
  11. ( Murillo, C. and D’Atri, A., 2018)
  12. مثبتة في ( Wallas, 2016)
  13. (Khalaf, 1988)
  14. في أرقام حصلت عليها دورية الشهرية ( 20 تموز 2019) من وزارة الداخلية اللبنانية أن هناك ارتفاعاً نسبياً في نسبة عقود الطلاق من عقود الزواج في الفترة الممتدة من العام-2018 بلغت 19.6% مقارنة بـ15.6% للفترة الممتدة ما بين الأعوام 2009-2013 https://monthlymagazine.com/ar-article-desc_4857_اللبنانيون-تراجع-الزواج-وزيادة-الطلاق
  15. ينظر مثلاً في (بيضون، 2016)