سطر 6: |
سطر 6: |
| |ترجمة= | | |ترجمة= |
| |المصدر=ما العمل؟ | | |المصدر=ما العمل؟ |
− | |تاريخ النشر= | + | |تاريخ النشر=2016-09-28 |
| |تاريخ الاسترجاع=2018-08-10 | | |تاريخ الاسترجاع=2018-08-10 |
| |مسار الاسترجاع=https://maal3mal.wordpress.com/2016/09/28/النسوية-السوداء-التقاطعية-الاشتراكي/ | | |مسار الاسترجاع=https://maal3mal.wordpress.com/2016/09/28/النسوية-السوداء-التقاطعية-الاشتراكي/ |
سطر 19: |
سطر 19: |
| }} | | }} |
| <blockquote> | | <blockquote> |
− | على الرغم من أننا نتفق بشكلٍ عام مع نظرية ماركس في جانبها التطبيقي على تحليله للعلاقات الاقتصادية المحددة، إلا أننا نعلم أنه لا بدّ من توسيع ذلك التحليل بشكل أكبر، وذلك من أجل أن نفهم حالتنا الاقتصادية كنساء سود. — بيان جماعة نهر كومباهي، ١٩٧٧. | + | على الرغم من أننا نتفق بشكلٍ عام مع نظرية ماركس في جانبها التطبيقي على تحليله للعلاقات الاقتصادية المحددة، إلا أننا نعلم أنه لا بدّ من توسيع ذلك التحليل بشكل أكبر، وذلك من أجل أن نفهم حالتنا الاقتصادية كنساء سود. — بيان جماعة نهر كومباهي، 1977. |
| </blockquote> | | </blockquote> |
| | | |
| <blockquote> | | <blockquote> |
− | لا يزال مفهوم الاضطهاد المتزامن يشكّل صلب الفهم [[نسوية سوداء | النسويّ الأسود]] للواقع السياسي، بالإضافة لكونه، باعتقادي، أحد أهمّ الإسهامات الأيديولوجية للفكر النسويّ الأسود». — المحامية والنسوية السوداء باربرا سميث، ١٩٨٣. | + | لا يزال مفهوم الاضطهاد المتزامن يشكّل صلب الفهم [[نسوية سوداء | النسويّ الأسود]] للواقع السياسي، بالإضافة لكونه، باعتقادي، أحد أهمّ الإسهامات الأيديولوجية للفكر النسويّ الأسود». — المحامية والنسوية السوداء باربرا سميث، 1973. |
| </blockquote> | | </blockquote> |
| | | |
| | | |
− | في مقالتها المتبصِّرة المنشورة عام ١٩٨٩ بعنوان: «[https://chicagounbound.uchicago.edu/cgi/viewcontent.cgi?article=1052&context=uclf إلغاء تهميش التقاطع بين العرق والجنس: نقد نسوي أسود للعقيدة المناهضة للتمييز، والنظرية النسوية، والسياسات المناهضة العنصري]ة»، ابتدعت المحامية السوداء [[كيمبرلي كرينشو]] مصطلح «ال[[تقاطعية]]». مفهوم التقاطعية ليس تصورًا مجردًا، بل وصفًا للطريقة التي تُشْعَر بها الاضطهادات المتعددة. وبالفعل، تستخدم كرينشو مثالًا تشبيهيًا بين التقاطعية وبين التقاطعات في الطريق أو سكة الحديد من أجل تقريب الفكرة: | + | في مقالتها المتبصِّرة المنشورة عام 1989 بعنوان: «[https://chicagounbound.uchicago.edu/cgi/viewcontent.cgi?article=1052&context=uclf إلغاء تهميش التقاطع بين العرق والجنس: نقد نسوي أسود للعقيدة المناهضة للتمييز، والنظرية النسوية، والسياسات المناهضة العنصري]ة»، ابتدعت المحامية السوداء [[كيمبرلي كرينشو]] مصطلح «ال[[تقاطعية]]». مفهوم التقاطعية ليس تصورًا مجردًا، بل وصفًا للطريقة التي تُشْعَر بها الاضطهادات المتعددة. وبالفعل، تستخدم كرينشو مثالًا تشبيهيًا بين التقاطعية وبين التقاطعات في الطريق أو سكة الحديد من أجل تقريب الفكرة: |
| | | |
| <blockquote> | | <blockquote> |
سطر 35: |
سطر 35: |
| تجادل كرينشو أن النساء السود يتعرضن لل[[تمييز]] بطرقٍ لا يمكن تصنيفها حصرًا ضمن «العنصرية العرقية» أو «العنصرية الجنسية» قانونيًا، بل هي مزيج من كلا العنصرية العرقية والعنصرية الجنسية. ومع ذلك، فالنظام القانوني يعرّف العنصرية الجنسية على أنها مستندة على فهمٍ غير معلن لها كظلاماتٍ تواجه كل النساء (من ضمنهن النساء البيض)، بينما يعرّف النظام العنصرية استنادًا على ما يتعرض له كل السود والملوّنون* (من ضمنهم الرجال). لا تضع المنظومة هذه للنساء السود أيَّ اعتبارٍ قانونيّ، وبلا تُتيح لهن أيَّ ملجئٍ قانوني أيضًا. | | تجادل كرينشو أن النساء السود يتعرضن لل[[تمييز]] بطرقٍ لا يمكن تصنيفها حصرًا ضمن «العنصرية العرقية» أو «العنصرية الجنسية» قانونيًا، بل هي مزيج من كلا العنصرية العرقية والعنصرية الجنسية. ومع ذلك، فالنظام القانوني يعرّف العنصرية الجنسية على أنها مستندة على فهمٍ غير معلن لها كظلاماتٍ تواجه كل النساء (من ضمنهن النساء البيض)، بينما يعرّف النظام العنصرية استنادًا على ما يتعرض له كل السود والملوّنون* (من ضمنهم الرجال). لا تضع المنظومة هذه للنساء السود أيَّ اعتبارٍ قانونيّ، وبلا تُتيح لهن أيَّ ملجئٍ قانوني أيضًا. |
| | | |
− | تصف كرينشو عدة قضايا متعلقة بالتمييز في المجال الوظيفي، وذلك من أجل توضيح كيف أن شكاوى النساء السود تقع غالبًا في المنتصف؛ فهن يتعرضن للتمييز بحكم كونهن نساءً وبحكم كونهن سودًا. والحكم الناطق في قضيّة «ديجرافينيريد ضد جينيرال موتورز»، التي تقدمت بها خمس نساء سود في ١٩٧٦، يوضّح هذه النقطة. | + | تصف كرينشو عدة قضايا متعلقة بالتمييز في المجال الوظيفي، وذلك من أجل توضيح كيف أن شكاوى النساء السود تقع غالبًا في المنتصف؛ فهن يتعرضن للتمييز بحكم كونهن نساءً وبحكم كونهن سودًا. والحكم الناطق في قضيّة «ديجرافينيريد ضد جينيرال موتورز»، التي تقدمت بها خمس نساء سود في 1976، يوضّح هذه النقطة. |
| | | |
− | لم تقم شركة جينيرال موتورز بتوظيف أي امرأة سوداء ضمن عامليها قبل ١٩٦٤ (وهي السنة التي مرر الكونغرس فيها قرار الحقوق المدنية). غير أنّ كل النساء السود اللاتي تم توظيفهن بعد ١٩٧٠ فقدن وظائفهنّ بسرعة، وذلك في عملية تسريحٍ بالجملة خلال الكساد في ١٩٧٣-١٩٧٥. الخسارة الكبيرة للوظائف من بين النساء السود حدا بالمرافِعات في القضية ليجادلن بأنّ عمليات التسريح المبنيّة على الأقدمية، أي التي يقودها مبدأ «آخر من يوظّف، هو أول من يُسرَّح»، قامت بالتمييز ضد النساء السود العاملات لدى جينيرال موتورز، وذلك في استمرارية للممارسات التمييزية في تاريخ الشركة. | + | لم تقم شركة جينيرال موتورز بتوظيف أي امرأة سوداء ضمن عامليها قبل 1964 (وهي السنة التي مرر الكونغرس فيها قرار الحقوق المدنية). غير أنّ كل النساء السود اللاتي تم توظيفهن بعد 1970 فقدن وظائفهنّ بسرعة، وذلك في عملية تسريحٍ بالجملة خلال الكساد في 1973-1975. الخسارة الكبيرة للوظائف من بين النساء السود حدا بالمرافِعات في القضية ليجادلن بأنّ عمليات التسريح المبنيّة على الأقدمية، أي التي يقودها مبدأ «آخر من يوظّف، هو أول من يُسرَّح»، قامت بالتمييز ضد النساء السود العاملات لدى جينيرال موتورز، وذلك في استمرارية للممارسات التمييزية في تاريخ الشركة. |
| | | |
| ومع ذلك، فقد رفضت المحكمة أن تسمح للمرافِعات بدمج [[تمييز جنسي | التمييز الجنسي]] والتمييز العنصري تحت نوعٍ واحد من التمييز: | | ومع ذلك، فقد رفضت المحكمة أن تسمح للمرافِعات بدمج [[تمييز جنسي | التمييز الجنسي]] والتمييز العنصري تحت نوعٍ واحد من التمييز: |
سطر 48: |
سطر 48: |
| | | |
| ==«أولسنا نساءً؟»== | | ==«أولسنا نساءً؟»== |
− | بعدما طرحت كرينشو مصطلح التقاطعية في عام ١٩٨٩، تم تبنيه على نطاق واسع لأنه تمكن من احتواء التجارب المتزامنة المختلفة لأنواع الاضطهاد المتعددة التي تتعرض لها النسوة السود في مظلة مصطلحٍ واحد. لكن مفهوم التقاطعية ليس بمفهومٍ جديد. منذ أيام العبودية، وصفت النساء السود ببلاغة أنواع الاضطهاد المتعددة المتعلقة بالعرق والطبقة، والجندر، بأوصافٍ مثل «الاضطهادات المتشابكة»، أو «الاضطهادات المتزامنة»، أو «المُهلِكة المزدوجة»، أو «المُهلِكة الثلاثية»، وغيرها من المصطلحات الوصفية. | + | بعدما طرحت كرينشو مصطلح التقاطعية في عام 1989، تم تبنيه على نطاق واسع لأنه تمكن من احتواء التجارب المتزامنة المختلفة لأنواع الاضطهاد المتعددة التي تتعرض لها النسوة السود في مظلة مصطلحٍ واحد. لكن مفهوم التقاطعية ليس بمفهومٍ جديد. منذ أيام العبودية، وصفت النساء السود ببلاغة أنواع الاضطهاد المتعددة المتعلقة بالعرق والطبقة، والجندر، بأوصافٍ مثل «الاضطهادات المتشابكة»، أو «الاضطهادات المتزامنة»، أو «المُهلِكة المزدوجة»، أو «المُهلِكة الثلاثية»، وغيرها من المصطلحات الوصفية. |
| | | |
− | وكغيرها من النسويات السود، تشدد كرينشو على أهمية خطاب [[سوجورنر تروث]] الشهير: «[[ترجمة:ألست امرأة؟ | أولستُ امرأة؟]]»، الخطاب الذي ألقته سوجورنر أمام «مؤتمر النساء» عام ١٨٥١ في أكرون، أوهايو: | + | وكغيرها من النسويات السود، تشدد كرينشو على أهمية خطاب [[سوجورنر تروث]] الشهير: «[[ترجمة:ألست امرأة؟ | أولستُ امرأة؟]]»، الخطاب الذي ألقته سوجورنر أمام «مؤتمر النساء» عام 1851 في أكرون، أوهايو: |
| <blockquote> | | <blockquote> |
| يقول الرجل الواقف هناك أنه لا بد من مساعدة النساء في الركوب للعربات ومساعدتهن لتجاوز الحفر الصغيرة، وأن يأخذن أفضل المواضع في كل مكان. لا أحد يساعدني على ركوب العربة، أو لعبور البرك الوحلية، أو يعطيني أيّ موضعٍ أفضل! أولست امرأة؟ انظروا إلي، انظروا لذراعي! أستطيع أن أحرث وأزرع وأحصد في الحظيرة ولا يمكن لأي رجل أن يتفوق علي! أولست امرأة؟ أستطيع أن أعمل مثل الرجل، وأن آكل مثله (لو تمكنت من الحصول على الكمية ذاتها) وأن أتحمّل ضرب السياط كذلك! أولست امرأة؟ أنجبت ثلاثة عشر طفلًا، وشاهدت أغلبهم يُباعون إلى العبودية واحدًا تلو الآخر. وحين أطلقت صرخات حسرةِ الأمومة، لم يسمعني أحد سوى اليسوع! أولست امرأة؟ | | يقول الرجل الواقف هناك أنه لا بد من مساعدة النساء في الركوب للعربات ومساعدتهن لتجاوز الحفر الصغيرة، وأن يأخذن أفضل المواضع في كل مكان. لا أحد يساعدني على ركوب العربة، أو لعبور البرك الوحلية، أو يعطيني أيّ موضعٍ أفضل! أولست امرأة؟ انظروا إلي، انظروا لذراعي! أستطيع أن أحرث وأزرع وأحصد في الحظيرة ولا يمكن لأي رجل أن يتفوق علي! أولست امرأة؟ أستطيع أن أعمل مثل الرجل، وأن آكل مثله (لو تمكنت من الحصول على الكمية ذاتها) وأن أتحمّل ضرب السياط كذلك! أولست امرأة؟ أنجبت ثلاثة عشر طفلًا، وشاهدت أغلبهم يُباعون إلى العبودية واحدًا تلو الآخر. وحين أطلقت صرخات حسرةِ الأمومة، لم يسمعني أحد سوى اليسوع! أولست امرأة؟ |
سطر 64: |
سطر 64: |
| تجادل كرينشو أن أحد الأوجه الرئيسية للتقطاعية تكمن في إدراكها أنّ أنواع الاضطهاد المتعددة لا يتم التعرض لها واحدًا تلو الآخر بشكل منفصل، بل كتجربة واحدة توليفيّة. هذا الأمر يمتلك أهمية كبيرة في الصعيد العمليّ لبناء الحركات الاجتماعية. | | تجادل كرينشو أن أحد الأوجه الرئيسية للتقطاعية تكمن في إدراكها أنّ أنواع الاضطهاد المتعددة لا يتم التعرض لها واحدًا تلو الآخر بشكل منفصل، بل كتجربة واحدة توليفيّة. هذا الأمر يمتلك أهمية كبيرة في الصعيد العمليّ لبناء الحركات الاجتماعية. |
| | | |
− | في كتاب «فكر النسوية السوداء: المعرفة والوعي وسياسات القوة»، المنشور عام ١٩٩٠، توسّع النسوية السوداء [[باتريشا هيل كولنز]] وتطوّر في تحليل التناقضات الاجتماعية التي ذكرتها سوجورنير تروث، وتعزو إلى النضالات الجماعية عبر التاريخ الفضل في تأسيسَ «حِكمة جمعية» (collective wisdom) لدى النساء السود: | + | في كتاب «فكر النسوية السوداء: المعرفة والوعي وسياسات القوة»، المنشور عام 1990، توسّع النسوية السوداء [[باتريشا هيل كولنز]] وتطوّر في تحليل التناقضات الاجتماعية التي ذكرتها سوجورنير تروث، وتعزو إلى النضالات الجماعية عبر التاريخ الفضل في تأسيسَ «حِكمة جمعية» (collective wisdom) لدى النساء السود: |
| | | |
| لو كانت النساء خاضعاتٍ وضعيفات، كما يُزعم، لماذا يتم معاملة النساء السود كـ «البغال» وتوكل إليهن الأعمال المنزلية المُنهِكة؟ إذا كان على الأمهات الصالحات أن يبقين في منازلهن مع أبنائهن، فلم تجبر النساء السود الأمريكيات الحاصلات على الإعانة الحكومية على أن يجدن عملًا وأن يتركن أبناءهن في الحضانات؟ إذا كان أسمى عمل للمرأة هو أن تصبح أمًّا، فلم تجبر الأمهات المراهقات السوداوات على استخدام مانعات حمل مثل «نوربلانت» و«ديبو بروفيرا»؟ في غياب فكرٍ نسويٍّ أسود يستكشف كيفية احتضان تقاطع هذه الاضطهادات، من عرق وجندر وطبقة، هذه التناقضات، يمكن استبطان زاوية الرؤية المخلوقة بالنظر إليهن كعامِلاتٍ معندمات القيمة وأمهات فاشلات، مما يؤدي لاضطهاد للذات. لكن إرث الصراع بين النساء السود الأمريكيات يوحي بوجود نضال نسوي أسود جمعي مشترك. الحكمة الجمعية بدورها حرّكت النساء الأمريكيات السود لخلق معرفةٍ أكثر اختصاصيّة، ألا هو فكر النسوية السوداء بصفته نظريةً اجتماعية نقديّة. | | لو كانت النساء خاضعاتٍ وضعيفات، كما يُزعم، لماذا يتم معاملة النساء السود كـ «البغال» وتوكل إليهن الأعمال المنزلية المُنهِكة؟ إذا كان على الأمهات الصالحات أن يبقين في منازلهن مع أبنائهن، فلم تجبر النساء السود الأمريكيات الحاصلات على الإعانة الحكومية على أن يجدن عملًا وأن يتركن أبناءهن في الحضانات؟ إذا كان أسمى عمل للمرأة هو أن تصبح أمًّا، فلم تجبر الأمهات المراهقات السوداوات على استخدام مانعات حمل مثل «نوربلانت» و«ديبو بروفيرا»؟ في غياب فكرٍ نسويٍّ أسود يستكشف كيفية احتضان تقاطع هذه الاضطهادات، من عرق وجندر وطبقة، هذه التناقضات، يمكن استبطان زاوية الرؤية المخلوقة بالنظر إليهن كعامِلاتٍ معندمات القيمة وأمهات فاشلات، مما يؤدي لاضطهاد للذات. لكن إرث الصراع بين النساء السود الأمريكيات يوحي بوجود نضال نسوي أسود جمعي مشترك. الحكمة الجمعية بدورها حرّكت النساء الأمريكيات السود لخلق معرفةٍ أكثر اختصاصيّة، ألا هو فكر النسوية السوداء بصفته نظريةً اجتماعية نقديّة. |
سطر 90: |
سطر 90: |
| تتحدث [[نسوية اشتراكية | النسوية الاشتراكية]] ستيفاني كونتز عن «علماء فرويديين وعلماء اجتماع» قد «أصروا على أن الرجال السود تم إخصاؤهم بشكل مضاعف، أولًا بالعبودية وثانيًا باستقلال نسائهم اقتصاديًا». العديد من وسائل الإعلام الأفريقية الأمريكية قبلت أيضًا بهذا التحليل. وإحدى المقالات المنشورة بمجلة «إيبوني» عام 1960 أشارت بصراحة لكون الاستقلال التقليدي للمرأة السوداء معناه أنها كانت «في نزاعٍ أكبر مع دورها البيولوجي الفطري من المرأة البيضاء». | | تتحدث [[نسوية اشتراكية | النسوية الاشتراكية]] ستيفاني كونتز عن «علماء فرويديين وعلماء اجتماع» قد «أصروا على أن الرجال السود تم إخصاؤهم بشكل مضاعف، أولًا بالعبودية وثانيًا باستقلال نسائهم اقتصاديًا». العديد من وسائل الإعلام الأفريقية الأمريكية قبلت أيضًا بهذا التحليل. وإحدى المقالات المنشورة بمجلة «إيبوني» عام 1960 أشارت بصراحة لكون الاستقلال التقليدي للمرأة السوداء معناه أنها كانت «في نزاعٍ أكبر مع دورها البيولوجي الفطري من المرأة البيضاء». |
| | | |
− | هذا المبحث ظهر بكل قوته في عام ١٩٦٥، حين أصدرت وزارة العمل الأمريكية تقريرًا عنوانه «العائلة الزنجية: مرافعةٌ من أجل نشاطٍ على المستوى الوطني». يصف التقرير، الذي كتبه السيناتور المستقبلي دانييل باتريك موينيهان، وجودَ «نظامٍ أمومي أسود»* (Black Matriarchy) في قلب «التشابك المَرَضيّ» المُضرّ بالعوائل السوداء، وينتج حلقةً من الفقر. «إحدى حقائق حياة العائلة الزنجية الأمريكية هو الدور المعكوس بين الزوج والزوجة»، والذي تحصل فيه المرأة السوداء على راتب أعلى من زوجها على الدوام، حسب زعم موينيهان. | + | هذا المبحث ظهر بكل قوته في عام 1965، حين أصدرت وزارة العمل الأمريكية تقريرًا عنوانه «العائلة الزنجية: مرافعةٌ من أجل نشاطٍ على المستوى الوطني». يصف التقرير، الذي كتبه السيناتور المستقبلي دانييل باتريك موينيهان، وجودَ «نظامٍ أمومي أسود»* (Black Matriarchy) في قلب «التشابك المَرَضيّ» المُضرّ بالعوائل السوداء، وينتج حلقةً من الفقر. «إحدى حقائق حياة العائلة الزنجية الأمريكية هو الدور المعكوس بين الزوج والزوجة»، والذي تحصل فيه المرأة السوداء على راتب أعلى من زوجها على الدوام، حسب زعم موينيهان. |
| | | |
| يقول التقرير: «وفي الجوهر، المجتمع الزنجي قد أجْبِرَ على التشكّل ببُنيةٍ أموميّة مما يؤدي لتخلف تقدم المجموعة ككل بسبب كونه مختلفًا تمامًا عن بقية المجتمع الأمريكي». ويشرح التقرير الأسباب التي أدت لذلك: | | يقول التقرير: «وفي الجوهر، المجتمع الزنجي قد أجْبِرَ على التشكّل ببُنيةٍ أموميّة مما يؤدي لتخلف تقدم المجموعة ككل بسبب كونه مختلفًا تمامًا عن بقية المجتمع الأمريكي». ويشرح التقرير الأسباب التي أدت لذلك: |
سطر 99: |
سطر 99: |
| | | |
| ==«مجتمعان: أسود، وأبيض — منفصلان وليسا متساويان»== | | ==«مجتمعان: أسود، وأبيض — منفصلان وليسا متساويان»== |
− | ملأ فترة الخمسينيات والستينيات الاستقطاب العرقي في الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك بسبب حركة الحقوق المدنيّة الهائلة التي ناضلت لإنهاء قوانين الفصل العنصري، جيم كرو، في الجنوب، بالإضافة لإنهاء الفصل العرقي الفعليّ في الشمال. حين حكمت المحكمة العليا أنّ منع التزاوج ما بين الأعراق أمرٌ مخالفٌ للدستور في قضية «لوفنغ ضد فرجينيا» في عام ١٩٦٧، كان لا يزال ممنوعًا في ستة عشر ولاية. | + | ملأ فترة الخمسينيات والستينيات الاستقطاب العرقي في الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك بسبب حركة الحقوق المدنيّة الهائلة التي ناضلت لإنهاء قوانين الفصل العنصري، جيم كرو، في الجنوب، بالإضافة لإنهاء الفصل العرقي الفعليّ في الشمال. حين حكمت المحكمة العليا أنّ منع التزاوج ما بين الأعراق أمرٌ مخالفٌ للدستور في قضية «لوفنغ ضد فرجينيا» في عام 1967، كان لا يزال ممنوعًا في ستة عشر ولاية. |
| | | |
− | اجتاحت انتفاضات المُدن البلاد في منتصف وأواخر الستينيات، إذ أشعلتها وحشيّة الشرطة وأشكال التمييز العرقي الأخرى في أحياء الأقليّات السوداء الفقيرة. في عام ١٩٦٧، تم تأسيس «المعهد الاستشاري الوطني للعصيان المدني»، المعروف أيضًا بمسمّى «معهد كيرنر»، لأجل التحقق من جذور مسبّبات انتفاضات المدن هذه. وفي ١٩٦٨، أصدر المعهد تقريرًا تضمّن إدانة العنصرية العرقية والفصل العنصري في المجتمع الأمريكي. يستنتج التقرير التالي: | + | اجتاحت انتفاضات المُدن البلاد في منتصف وأواخر الستينيات، إذ أشعلتها وحشيّة الشرطة وأشكال التمييز العرقي الأخرى في أحياء الأقليّات السوداء الفقيرة. في عام 1967، تم تأسيس «المعهد الاستشاري الوطني للعصيان المدني»، المعروف أيضًا بمسمّى «معهد كيرنر»، لأجل التحقق من جذور مسبّبات انتفاضات المدن هذه. وفي 1968، أصدر المعهد تقريرًا تضمّن إدانة العنصرية العرقية والفصل العنصري في المجتمع الأمريكي. يستنتج التقرير التالي: |
| | | |
| تتحرك أمّتنا باتجاه مُجتمَعَيْن اثنين، مجتمعٌ أسود، وآخر أبيض. هذان المجتمعان منفصلان وليسا متساويين. الفصل العنصري والفقر خلقا، في أحياء الأقليات العرقية الفقيرة، بيئة هدامة، وهي بيئة يجهلها غالبية الأمريكيين البيض. ما لا يفهمه الأمريكيون البيض، وما لا ينساه الزنوج، هو أن المجتمع الأبيض متورط بشكل عميق في وجود أحياء الأقليات هذه. فالمؤسسات البيضاء هي ما صنعته، والمؤسسات البيضاء هي ما تصونه، والمجتمع الأبيض هو الذي يؤيده. | | تتحرك أمّتنا باتجاه مُجتمَعَيْن اثنين، مجتمعٌ أسود، وآخر أبيض. هذان المجتمعان منفصلان وليسا متساويين. الفصل العنصري والفقر خلقا، في أحياء الأقليات العرقية الفقيرة، بيئة هدامة، وهي بيئة يجهلها غالبية الأمريكيين البيض. ما لا يفهمه الأمريكيون البيض، وما لا ينساه الزنوج، هو أن المجتمع الأبيض متورط بشكل عميق في وجود أحياء الأقليات هذه. فالمؤسسات البيضاء هي ما صنعته، والمؤسسات البيضاء هي ما تصونه، والمجتمع الأبيض هو الذي يؤيده. |
| | | |
− | شدد معهد كيرنر على أن جزءًا كبيرًا من جذر المشكلة يكمن في «التمييز والفصل العنصري المتفشيّان في التوظيف والتعليم والإسكان، الأمر الذي أدى لاستمرارية عزل جزء كبير من الزنوج من فوائد التقدم الاقتصادي». استنتج المعهد أن درجة الفصل العنصري الإسكانيّ بلغت حدًا أن «توليد توزيع سكاني لا يعاني من فصلٍ عنصري، يتطلب على ٨٦٪ من مجمل الزنوج أن يغيّروا مكان سكنهم داخل المدينة». | + | شدد معهد كيرنر على أن جزءًا كبيرًا من جذر المشكلة يكمن في «التمييز والفصل العنصري المتفشيّان في التوظيف والتعليم والإسكان، الأمر الذي أدى لاستمرارية عزل جزء كبير من الزنوج من فوائد التقدم الاقتصادي». استنتج المعهد أن درجة الفصل العنصري الإسكانيّ بلغت حدًا أن «توليد توزيع سكاني لا يعاني من فصلٍ عنصري، يتطلب على 86٪ من مجمل الزنوج أن يغيّروا مكان سكنهم داخل المدينة». |
| | | |
− | وردًا على الدرجة البالغة من العنصرية العرقية والعنصرية الجنسية التي واجهن في الستينيات، قامت النساء السود وغيرهنّ من الملونات بالتنظيم ضد اضطهادهن، وأنشأن عددًا من المنظمات. في ١٩٦٨ مثلًا، قامت النساء السود المنتميات لـ «جمعيّة التنظيم السلمي الطلابية» (سنِك) بتشكيل «تحالف نساء العالم الثالث». وفي ١٩٧٣، قامت مجموعة من النسويات السود البارزات، مثل فلورنس كينيدي، أليس ووكر، وباربرا سميث، بتكوين «المنظمة النسويّة السوداء الوطنيّة». وفي عام ١٩٧٤، انضمّت باربرا سميث إلى مجموعة من النسويّات السود السحاقيّات لتكوين «جماعة نهر كومباهي» في بونستون، وهي بديل راديكاليّ، واعٍ براديكاليّته، للمنظمة النسوية السوداء الوطنيّة. سُميت جماعة نهر كومباهي احتفاءً بـ «غزوة سكّة الحديد السريّة في نهر كومباهي»* الناجحة في ١٨٦٣، وهي التي خططت لها وقادتها هاريت توبمان، والتي أدت لتحرير ٧٥٠ من العبيد. | + | وردًا على الدرجة البالغة من العنصرية العرقية والعنصرية الجنسية التي واجهن في الستينيات، قامت النساء السود وغيرهنّ من الملونات بالتنظيم ضد اضطهادهن، وأنشأن عددًا من المنظمات. في 1968 مثلًا، قامت النساء السود المنتميات لـ «جمعيّة التنظيم السلمي الطلابية» (سنِك) بتشكيل «تحالف نساء العالم الثالث». وفي 1973، قامت مجموعة من النسويات السود البارزات، مثل فلورنس كينيدي، أليس ووكر، وباربرا سميث، بتكوين «المنظمة النسويّة السوداء الوطنيّة». وفي عام 1974، انضمّت باربرا سميث إلى مجموعة من النسويّات السود السحاقيّات لتكوين «جماعة نهر كومباهي» في بونستون، وهي بديل راديكاليّ، واعٍ براديكاليّته، للمنظمة النسوية السوداء الوطنيّة. سُميت جماعة نهر كومباهي احتفاءً بـ «غزوة سكّة الحديد السريّة في نهر كومباهي»* الناجحة في 1863، وهي التي خططت لها وقادتها هاريت توبمان، والتي أدت لتحرير ٧٥٠ من العبيد. |
| | | |
− | البيان التعريفيّ لجماعة نهر كومباهي، الذي نُشِر عام ١٩٧٧، وصف رؤيتها للنسوية السوداء بمناهضة جميع أنواع الاضطهاد، شاملة الجنسانية، الهوية الجندريّة، الطبقة، الإعاقة، والسنّ، وكل هذه عوامل أُلحِقت لاحقًا إلى التقاطعيّة. | + | البيان التعريفيّ لجماعة نهر كومباهي، الذي نُشِر عام 1977، وصف رؤيتها للنسوية السوداء بمناهضة جميع أنواع الاضطهاد، شاملة الجنسانية، الهوية الجندريّة، الطبقة، الإعاقة، والسنّ، وكل هذه عوامل أُلحِقت لاحقًا إلى التقاطعيّة. |
| | | |
| أكثر التصريحات عمومًا لسياساتنا في الوقت الحاضر هو أننا ملتزماتٌ بالنضال ضد الاضطهاد العرقي، والجنسي-الغيري، والطبقي، ونرى في تطوير تحليلٍ وممارسة مُدمجتيْن مهمتنا الخاصة، وذلك بناءً على حقيقة أن منظومات الاضطهاد الرئيسية متداخلة ومتشابكة. التوليف بين هذه الاضطهادات يخلق ظروف حياتنا. وكنساء سود، نرى أن النسوية السوداء هي الحراك السياسي المنطقي لمقاومة أنواع الاضطهاد المتعددة والمتزامنة التي تواجهها كل النساء الملونات. | | أكثر التصريحات عمومًا لسياساتنا في الوقت الحاضر هو أننا ملتزماتٌ بالنضال ضد الاضطهاد العرقي، والجنسي-الغيري، والطبقي، ونرى في تطوير تحليلٍ وممارسة مُدمجتيْن مهمتنا الخاصة، وذلك بناءً على حقيقة أن منظومات الاضطهاد الرئيسية متداخلة ومتشابكة. التوليف بين هذه الاضطهادات يخلق ظروف حياتنا. وكنساء سود، نرى أن النسوية السوداء هي الحراك السياسي المنطقي لمقاومة أنواع الاضطهاد المتعددة والمتزامنة التي تواجهها كل النساء الملونات. |
سطر 115: |
سطر 115: |
| ويضفن كذلك: «نحن ندرك وجود اضطهادٍ عرقيٍّ جنسيٍّ، وهو ليس اضطهادًا عرقيًا وحسب وليس جنسيًا وحسب، وأحد الأمثلة على ذلك هو اغتصاب النساء السود على يد الرجال البِيْض كسلاحٍ سياسي اضطهادي». | | ويضفن كذلك: «نحن ندرك وجود اضطهادٍ عرقيٍّ جنسيٍّ، وهو ليس اضطهادًا عرقيًا وحسب وليس جنسيًا وحسب، وأحد الأمثلة على ذلك هو اغتصاب النساء السود على يد الرجال البِيْض كسلاحٍ سياسي اضطهادي». |
| | | |
− | عواقب إهمال الفروقات الطبقية والعرقية بين النساء | + | ==عواقب إهمال الفروقات الطبقية والعرقية بين النساء== |
− | وكما لوحظ أعلاه، فكتاب بيتي فريدان «السحر الأنثوي» المنشور عام ١٩٦٣ أعطى صوتًا لمعاناة النساء البِيْض من الطبقة المتوسطة المحبوسات حينها في منازلهن الضاحَويّة*(suburban)، إذ صارت حياتهنّ متمحورة حول تلبية احتياجات عوائلهن. وسرعان ما ضرب الكتاب على وتر ملايين من النساء اللاتي سعين للهروب من بؤس العالم المنزلي. | + | وكما لوحظ أعلاه، فكتاب بيتي فريدان «السحر الأنثوي» المنشور عام 1963 أعطى صوتًا لمعاناة النساء البِيْض من الطبقة المتوسطة المحبوسات حينها في منازلهن الضاحَويّة*(suburban)، إذ صارت حياتهنّ متمحورة حول تلبية احتياجات عوائلهن. وسرعان ما ضرب الكتاب على وتر ملايين من النساء اللاتي سعين للهروب من بؤس العالم المنزلي. |
| | | |
| ولكن كتاب فريدان، على كل حال، أهمل أهميّة الفروقات الطبقية والعرقية الحقيقية المتواجدة بين النساء. فقد قامت بيتي بصنع قرار واعٍ باستهداف جمهور نسائي منتمٍ إلى الطبقة المتوسطة. وكما لاحظت كونتس: «محتوى ‹السحر الأنثوي› والاستراتيجية التسويقية التي اتبعتها فريدان والناشرون أهملتا إدراج أمثلة فاعِلة للنساء السود في نقاش فريدان». ومن المؤكد أن فريدان كانت مُدرِكة لهذه الأمثلة؛ فقد جالت في الدوائر اليسارية في الثلاثينيات والأربعينيات، ولكنها قررت في منتصف الخمسينيات (في عز حملة ملاحقة الشيوعيين في الحقبة المكارثيّة) أن تعيد تقديم ذاتها كزوجةٍ ضَاحَويّة غير مسيّسة. | | ولكن كتاب فريدان، على كل حال، أهمل أهميّة الفروقات الطبقية والعرقية الحقيقية المتواجدة بين النساء. فقد قامت بيتي بصنع قرار واعٍ باستهداف جمهور نسائي منتمٍ إلى الطبقة المتوسطة. وكما لاحظت كونتس: «محتوى ‹السحر الأنثوي› والاستراتيجية التسويقية التي اتبعتها فريدان والناشرون أهملتا إدراج أمثلة فاعِلة للنساء السود في نقاش فريدان». ومن المؤكد أن فريدان كانت مُدرِكة لهذه الأمثلة؛ فقد جالت في الدوائر اليسارية في الثلاثينيات والأربعينيات، ولكنها قررت في منتصف الخمسينيات (في عز حملة ملاحقة الشيوعيين في الحقبة المكارثيّة) أن تعيد تقديم ذاتها كزوجةٍ ضَاحَويّة غير مسيّسة. |
سطر 147: |
سطر 147: |
| في عام 1976، سمّت مجلة التايم سوزان براونميلر كأحد «نساء العام»، مُثنيةً على كتابها وواصفةً إياه بأنه «أكثر الأبحاث التي أنتجتها الحركة النسوية حتى الآن دقّةً وجرأة». والاعتراضات حول منظور براونميلر الصريح في عنصريته العرقية والقادمة من كاتباتٍ سود معروفات مثل أنجيلا ديفس وأليس ووكر لم يُعر لها التيار السياسي المهيمن أيّ اهتمامٍ يذكر. | | في عام 1976، سمّت مجلة التايم سوزان براونميلر كأحد «نساء العام»، مُثنيةً على كتابها وواصفةً إياه بأنه «أكثر الأبحاث التي أنتجتها الحركة النسوية حتى الآن دقّةً وجرأة». والاعتراضات حول منظور براونميلر الصريح في عنصريته العرقية والقادمة من كاتباتٍ سود معروفات مثل أنجيلا ديفس وأليس ووكر لم يُعر لها التيار السياسي المهيمن أيّ اهتمامٍ يذكر. |
| | | |
− | محاربة العنصرية الجنسية والعنصرية العرقية في السبعينات | + | ==محاربة العنصرية الجنسية والعنصرية العرقية في السبعينات== |
| يتوجب الإقرار بأن العديد من النساء الملوّنات اللاتي عرّفن أنفسهن كنسويّات في السبعينات والثمانينات قد انتقدن بشدّة رفض التيار النسوي المهيمن مواجهة العنصرية العرقية وغيرها من أشكال الاضطهاد. دعت باربرا سميث، على سبيل المثال، لشمل كل المضطهدين والمضطهدات في خطابٍ أقلته عام 1979، في تحدٍّ صريح للنسويات البِيْض الغيريّات المنتميات للطبقة الوسطى، حيث قالت: | | يتوجب الإقرار بأن العديد من النساء الملوّنات اللاتي عرّفن أنفسهن كنسويّات في السبعينات والثمانينات قد انتقدن بشدّة رفض التيار النسوي المهيمن مواجهة العنصرية العرقية وغيرها من أشكال الاضطهاد. دعت باربرا سميث، على سبيل المثال، لشمل كل المضطهدين والمضطهدات في خطابٍ أقلته عام 1979، في تحدٍّ صريح للنسويات البِيْض الغيريّات المنتميات للطبقة الوسطى، حيث قالت: |
| | | |
سطر 156: |
سطر 156: |
| عارضت نسويّاتٌ سود مثل أنجيلا ديفس نظريّة وممارسة النسويات البِيْض اللاتي فشلن في التطرق لمركزية العنصرية العرقية. كتاب ديفس الرائد، «النساء والعرق والطبقة»، على سبيل المثال، يدرس تاريخ النساء السود في الولايات المتحدة من منظورٍ ماركسي، منطلقًا من نظام العبودية ومستمرًا إلى الرأسمالية الحديثة. يدرس كتابها أيضًا الطرق العديدة التي تمثل من خلالها مسائل الحقوق الإنجابية والاغتصاب، بالتحديد، تجاربًا مختلفة تمامًا للنساء السود والنساء البِيْض بسبب العنصرية العرقية. سندرس كُلًّا من هاتين المسألتين أدناه. | | عارضت نسويّاتٌ سود مثل أنجيلا ديفس نظريّة وممارسة النسويات البِيْض اللاتي فشلن في التطرق لمركزية العنصرية العرقية. كتاب ديفس الرائد، «النساء والعرق والطبقة»، على سبيل المثال، يدرس تاريخ النساء السود في الولايات المتحدة من منظورٍ ماركسي، منطلقًا من نظام العبودية ومستمرًا إلى الرأسمالية الحديثة. يدرس كتابها أيضًا الطرق العديدة التي تمثل من خلالها مسائل الحقوق الإنجابية والاغتصاب، بالتحديد، تجاربًا مختلفة تمامًا للنساء السود والنساء البِيْض بسبب العنصرية العرقية. سندرس كُلًّا من هاتين المسألتين أدناه. |
| | | |
− | ==أولًا: الحقوق الإنجابية واعتداءات التعقيم العرقية== | + | ===أولا: الحقوق الإنجابية واعتداءات التعقيم العرقية=== |
| | | |
| اعتبرت نسويّات التيار المهيمن في الستينات والسبعينات مسألة الحقوق الإنجابية، حصرًا، كمسألة كسب تقنين الإجهاض، دون الإقرار بالسياسات العنصرية العرقية التي منعت تاريخيًا النساء الملوّنات من حمل وتربية ما رغبن من الأطفال. | | اعتبرت نسويّات التيار المهيمن في الستينات والسبعينات مسألة الحقوق الإنجابية، حصرًا، كمسألة كسب تقنين الإجهاض، دون الإقرار بالسياسات العنصرية العرقية التي منعت تاريخيًا النساء الملوّنات من حمل وتربية ما رغبن من الأطفال. |
سطر 180: |
سطر 180: |
| تشير ديفس إلى أن النساء الملوّنات «كُنَّ أكثر إدراكًا بكثير من أخواتهن البِيْض لمشارط المُجهِضين غير الأكفاء تلك المُهلِكة في خُرْقِها، أولئك المُجهِضون الساعون للاسترباح في أوضاع المنع»، ومع ذلك، فهؤلاء النسوة كُنَّ غائباتٍ في الغالب عن حملات حقوق الإجهاض. تستنتج ديفس: «كان على ناشطات حقوق الإجهاض لأوائل السبعينات أن يدرسن تاريخ حركتهن. فلو كُنَّ قد قُمن بذلك، لربما أدركن لم تبنت العديد من أخواتهن السود موقف اشتباهٍ تجاه قضيّتهن». | | تشير ديفس إلى أن النساء الملوّنات «كُنَّ أكثر إدراكًا بكثير من أخواتهن البِيْض لمشارط المُجهِضين غير الأكفاء تلك المُهلِكة في خُرْقِها، أولئك المُجهِضون الساعون للاسترباح في أوضاع المنع»، ومع ذلك، فهؤلاء النسوة كُنَّ غائباتٍ في الغالب عن حملات حقوق الإجهاض. تستنتج ديفس: «كان على ناشطات حقوق الإجهاض لأوائل السبعينات أن يدرسن تاريخ حركتهن. فلو كُنَّ قد قُمن بذلك، لربما أدركن لم تبنت العديد من أخواتهن السود موقف اشتباهٍ تجاه قضيّتهن». |
| | | |
− | ==ثانيًا: البُعد العرقيّ للاغتصاب== | + | ===ثانيًا: البُعد العرقيّ للاغتصاب=== |
| | | |
| إنّ الاغتصاب أحد أكثر تجليّات اضطهاد النساء ضررًا في أرجاء العالم. ولكن كان للاغتصاب بعدٌ عرقيّ دنيء في الولايات المتحدة، منذ عصر العبودية، بصفته سلاحًا مهمًا في الحفاظ على منظومة فوقيّة البِيْض. تجادل ديفس أن الاغتصاب «بعدٌ جوهري في العلاقات الاجتماعية بين مالك العبد وعبده»، شاملًا الاغتصاب الروتيني للنساء المُستعبدات السود بواسطة أسيادهن البِيْض. | | إنّ الاغتصاب أحد أكثر تجليّات اضطهاد النساء ضررًا في أرجاء العالم. ولكن كان للاغتصاب بعدٌ عرقيّ دنيء في الولايات المتحدة، منذ عصر العبودية، بصفته سلاحًا مهمًا في الحفاظ على منظومة فوقيّة البِيْض. تجادل ديفس أن الاغتصاب «بعدٌ جوهري في العلاقات الاجتماعية بين مالك العبد وعبده»، شاملًا الاغتصاب الروتيني للنساء المُستعبدات السود بواسطة أسيادهن البِيْض. |