سطر 80: |
سطر 80: |
| | | |
| ;التنوع | | ;التنوع |
− | يؤكد العلاج النفسي النسوي على أهمية التنوع الثقافي والاجتماعي والعرقي. لذلك يعطي أهمية كبيرة لمفهوم [[التقاطعية]] أو وجود أشكال متعددة ومتداخلة من التمييز. تقول إينز " في الفكر النسوي يعتبر العلاج النفسي بحد ذاته مقاومة للاضطهاد". لذلك يتم تطبيع (normalization) مخاوف المريض/ة كرد فعل تلقائي ضد عدم المساواة. بالإضافة إلى ذلك، أثبتت الأبحاث والأدلة التجريبية أن الاضطهاد الاجتماعي أو السياسي يؤثر بشكل سلبي على الصحة العقلية للأفراد، وهو ما يسمى ب “نمط ضغوط الأقليات" (minority stress model) <ref>[https://doi.apa.org/doiLanding?doi=10.1037%2F0033-2909.129.5.674 Meyer, I. H, Prejudice, social stress, and mental health in lesbian, gay, and bisexual populations: Conceptual issues and research evidence., 2003]</ref> هنا يجب أن يكون المعالج أو المعالجة ملم/ة بالسياق الاجتماعي الذي يعيشه هؤلاء الأشخاص للوصول إلى خطة علاجية فعالة. كما يحتاج المعالج/ة أن يراقب السلوكيات التي، بشكل واعى أو لا واعي، قد تعبر عن تحيز ما. يؤدي ذلك لنتائج علاجية أفضل حيث أشارت الأدلة التجريبية أن الأشخاص الذين لم يختبروا سلوك اضطهاد مصغر (microaggression) في الجلسة العلاجية أو الذين اختبروه ولكن ناقشوه مع المعالج/ة حظوا بنتائج أفضل. | + | يؤكد العلاج النفسي النسوي على أهمية التنوع الثقافي والاجتماعي والعرقي. لذلك يعطي أهمية كبيرة لمفهوم [[التقاطعية]] أو وجود أشكال متعددة ومتداخلة من التمييز. تقول إينز "في الفكر النسوي يعتبر العلاج النفسي بحد ذاته مقاومة للاضطهاد". لذلك يتم تطبيع (normalization) مخاوف المريض/ة كرد فعل تلقائي ضد عدم المساواة. بالإضافة إلى ذلك، أثبتت الأبحاث والأدلة التجريبية أن الاضطهاد الاجتماعي أو السياسي يؤثر بشكل سلبي على الصحة العقلية للأفراد، وهو ما يسمى ب “نمط ضغوط الأقليات" (minority stress model) <ref>[https://doi.apa.org/doiLanding?doi=10.1037%2F0033-2909.129.5.674 Meyer, I. H, Prejudice, social stress, and mental health in lesbian, gay, and bisexual populations: Conceptual issues and research evidence., 2003]</ref> هنا يجب أن يكون المعالج أو المعالجة ملم/ة بالسياق الاجتماعي الذي يعيشه هؤلاء الأشخاص للوصول إلى خطة علاجية فعالة. كما يحتاج المعالج/ة أن يراقب السلوكيات التي، بشكل واعى أو لا واعي، قد تعبر عن تحيز ما. يؤدي ذلك لنتائج علاجية أفضل حيث أشارت الأدلة التجريبية أن الأشخاص الذين لم يختبروا سلوك اضطهاد مصغر (microaggression) في الجلسة العلاجية أو الذين اختبروه ولكن ناقشوه مع المعالج/ة حظوا بنتائج أفضل. |
| | | |
| | | |
سطر 105: |
سطر 105: |
| يرى العلاج النسوي تجارب العنف والقمع الذي تتعرض له النساء والأفراد من الأقليات العرقية والجنسية والطبقة العاملة كنوع مختلف من التروما، حيث يعتبر استراتيجية داعمة للقمع الثقافي والسياسي. لذلك يجب فهم تأثير البيئة المشجعة على العنف على عملية تعافي الناجين والناجيات وتعاملهم/ن مع العنف المحيط بهم/ن. | | يرى العلاج النسوي تجارب العنف والقمع الذي تتعرض له النساء والأفراد من الأقليات العرقية والجنسية والطبقة العاملة كنوع مختلف من التروما، حيث يعتبر استراتيجية داعمة للقمع الثقافي والسياسي. لذلك يجب فهم تأثير البيئة المشجعة على العنف على عملية تعافي الناجين والناجيات وتعاملهم/ن مع العنف المحيط بهم/ن. |
| | | |
− | ترى عالمة النفس ماريا روت أن الحياة اليومية للفئات المستهدفة مثل النساء والأشخاص الملونين والمثليين والعابرين جنسيا وذوي القدرات الخاصة تمتلئ بالتجارب التي يمكن وصفها ب '''الصدمات المتخفية''' (insidious traumatization)، وهي تمثل مسببات للصدمة ولكن لا ترقي لمعايير تشخيص التروما.<ref>[https://psycnet.apa.org/record/1992-97225-010 Root, M. P. P. (1992). Reconstructing the impact of trauma on personality. In L. S. Brown & M. Ballou (Eds.), Personality and psychopathology: Feminist reappraisals (p. 229–265). The Guilford Press.]</ref> ولها أشكال متعددة مثل: | + | ترى عالمة النفس ماريا روت أن الحياة اليومية للفئات المستهدفة مثل النساء والأشخاص الملونين والمثليين والعابرين جنسيًا وذوي القدرات الخاصة تمتلئ بالتجارب التي يمكن وصفها ب '''الصدمات المتخفية''' (insidious traumatization)، وهي تمثل مسببات للصدمة ولكن لا ترقي لمعايير تشخيص التروما.<ref>[https://psycnet.apa.org/record/1992-97225-010 Root, M. P. P. (1992). Reconstructing the impact of trauma on personality. In L. S. Brown & M. Ballou (Eds.), Personality and psychopathology: Feminist reappraisals (p. 229–265). The Guilford Press.]</ref> ولها أشكال متعددة مثل: |
| | | |
| *أخبار عن تعرض أحد أفراد المجموعة المستهدفة لأحداث عنف أو تمييز. | | *أخبار عن تعرض أحد أفراد المجموعة المستهدفة لأحداث عنف أو تمييز. |
سطر 111: |
سطر 111: |
| *مختلف أشكال التمييز المؤسسي الذي يستثنى بعض الأفراد من الوصول إلى موارد أو خدمات معينة | | *مختلف أشكال التمييز المؤسسي الذي يستثنى بعض الأفراد من الوصول إلى موارد أو خدمات معينة |
| | | |
− | تقترح روت أن التعرض لتلك التجارب على مدار حياة الفرد يخلق استراتيجيات تكيف فريدة وإحساس فريد بعدم الأمان يعود إلى التذكير الدائم بالخطر. يفسر مفهوم الصدمات المتخفية التأثير الذي تتركه تجارب مثل التحرش الجنسي والعنصرية، رغم أنها قد تبدو أقل خطرا للبعض، ولكنها تعتبر مسببات للتروما وقد تؤدي إلى أعراض اضطراب ما بعد الصدمة. | + | تقترح روت أن التعرض لتلك التجارب على مدار حياة الفرد يخلق استراتيجيات تكيف فريدة وإحساس فريد بعدم الأمان يعود إلى التذكير الدائم بالخطر. يفسر مفهوم الصدمات المتخفية التأثير الذي تتركه تجارب مثل التحرش الجنسي والعنصرية، رغم أنها قد تبدو أقل خطرًا للبعض، ولكنها تعتبر مسببات للتروما وقد تؤدي إلى أعراض اضطراب ما بعد الصدمة. |
| | | |
− | تستخدم جينيفر فريد مفهوم '''صدمة الغدر''' (Betrayal Trauma) لوصف الصدمة التي تنتج عن الأذى الجنسي أو الجسدي في الطفولة. هنا تتواجد الصدمة الناتجة عن الأذى جنبا إلى جنب مع الصدمة الناتجة عن فقدان العلاقة مع شخص قد أخل بدوره كراعي أو حامي.<ref>[https://books.google.com.eg/books/about/Betrayal_Trauma.html?id=r-DcXX3GwFYC&printsec=frontcover&source=kp_read_button&redir_esc=y#v=onepage&q&f=false Jennifer J. Freyd, Betrayal Trauma: The Logic of Forgetting Childhood Abuse, 1996]</ref> | + | تستخدم جينيفر فريد مفهوم '''صدمة الغدر''' (Betrayal Trauma) لوصف الصدمة التي تنتج عن الأذى الجنسي أو الجسدي في الطفولة. هنا تتواجد الصدمة الناتجة عن الأذى جنبًا إلى جنب مع الصدمة الناتجة عن فقدان العلاقة مع شخص قد أخل بدوره كراعي أو حامي.<ref>[https://books.google.com.eg/books/about/Betrayal_Trauma.html?id=r-DcXX3GwFYC&printsec=frontcover&source=kp_read_button&redir_esc=y#v=onepage&q&f=false Jennifer J. Freyd, Betrayal Trauma: The Logic of Forgetting Childhood Abuse, 1996]</ref> |
| | | |
| تتميز العلاجات النسوية للتروما بعدة خصائص مشتركة وهي: الاهتمام بالسياق والتحليل السياسي الصريح وتمكين الناجين/ات. يبدأ علاج التروما بالتفكير في السياق أو البيئة المحيطة ومدى ارتباطها بالتجربة الصادمة. يهتم المعالج أو المعالجة باستكشاف سياق نشأة المريض/ة والسياق الخاص بتجربة التروما والسياق الذي يعيشه أو تعيشه الآن. قد يأخذ التمكين (empowerment) أشكال مختلفة ولكن أولا يحدد المريض/ة مدى تأثير التروما في سلب قوته/ا الشخصية ثم يتم تطوير استراتيجيات للاستجابة لها.<ref>[https://psycnet.apa.org/record/2005-00001-010 Brown, L. S. (2004). Feminist paradigms of trauma treatment. Psychotherapy: Theory, Research, Practice, Training, 41(4), 464–471. https://doi.org/10.1037/0033-3204.41.4.464]</ref> | | تتميز العلاجات النسوية للتروما بعدة خصائص مشتركة وهي: الاهتمام بالسياق والتحليل السياسي الصريح وتمكين الناجين/ات. يبدأ علاج التروما بالتفكير في السياق أو البيئة المحيطة ومدى ارتباطها بالتجربة الصادمة. يهتم المعالج أو المعالجة باستكشاف سياق نشأة المريض/ة والسياق الخاص بتجربة التروما والسياق الذي يعيشه أو تعيشه الآن. قد يأخذ التمكين (empowerment) أشكال مختلفة ولكن أولا يحدد المريض/ة مدى تأثير التروما في سلب قوته/ا الشخصية ثم يتم تطوير استراتيجيات للاستجابة لها.<ref>[https://psycnet.apa.org/record/2005-00001-010 Brown, L. S. (2004). Feminist paradigms of trauma treatment. Psychotherapy: Theory, Research, Practice, Training, 41(4), 464–471. https://doi.org/10.1037/0033-3204.41.4.464]</ref> |
سطر 119: |
سطر 119: |
| من الاستراتيجيات النسوية لتمكين الناجين/ات من التروما هي لعبة التصديق (believing game).<ref>[https://www.tandfonline.com/doi/abs/10.1300/J189v05n01_04 Pamela J. Birrell PhD & Jennifer J. Freyd PhD (2006) Betrayal Trauma, Journal of Trauma Practice, 5:1, 49-63, DOI: 10.1300/J189v05n01_04]</ref> قد يواجه الناجين والناجيات من التروما مشكلة تكذيب عدد من الناس لرواياتهم/ن. يرجع ذلك لكونها تحتوي على قدر من التشتيت أو الغرابة، وهو أمر طبيعي. هنا يفترض المعالج/ة النسوي/ة صحة تجربة الناجي/ة ويشجعه/ا على التفكير فيما إذا كان مرتكب العنف قد خلف وراءه رواية مشوشة وغريبة وصعبة التصديق عن قصد. | | من الاستراتيجيات النسوية لتمكين الناجين/ات من التروما هي لعبة التصديق (believing game).<ref>[https://www.tandfonline.com/doi/abs/10.1300/J189v05n01_04 Pamela J. Birrell PhD & Jennifer J. Freyd PhD (2006) Betrayal Trauma, Journal of Trauma Practice, 5:1, 49-63, DOI: 10.1300/J189v05n01_04]</ref> قد يواجه الناجين والناجيات من التروما مشكلة تكذيب عدد من الناس لرواياتهم/ن. يرجع ذلك لكونها تحتوي على قدر من التشتيت أو الغرابة، وهو أمر طبيعي. هنا يفترض المعالج/ة النسوي/ة صحة تجربة الناجي/ة ويشجعه/ا على التفكير فيما إذا كان مرتكب العنف قد خلف وراءه رواية مشوشة وغريبة وصعبة التصديق عن قصد. |
| | | |
− | استراتيجية أخرى لتمكين الناجين والناجيات من التروما في العلاج النسوي هي الشهادة (testimonio). طورت عالمة النفس آدريان أرون هذه الاستراتيجية لمساعدة الناجيات من التعذيب والقمع الحكومي في أميركا اللاتينية.<ref>[https://www.tandfonline.com/doi/abs/10.1300/J015V13N03_01 Adrianne Aron PhD (1992) Testimonio, a Bridge Between Psychotherapy and Sociotherapy, Women & Therapy, 13:3, 173-189, DOI: 10.1300/J015V13N03_01]</ref> وهي عبارة عن رواية شخصية تصيغها الناجية لسرد تجربة التروما ووضعها في السياق الثقافي والسياسي المناسب. أثبتت هذه الاستراتيجية فاعليتها على المستوى الشخصي، تتمكن الناجيات من استعادة القدرة على توجيه مسار حياتهن. وأيضا على المستوى المجتمعي، يساعد في تعافي المجتمع من التروما الجماعية الناتجة عن إرهاب الدولة وإعادة تأكيد القيم الإنسانية التي فقدت قيمتها من أجل تبرير العنف. | + | استراتيجية أخرى لتمكين الناجين والناجيات من التروما في العلاج النسوي هي الشهادة (testimonio). طورت عالمة النفس آدريان أرون هذه الاستراتيجية لمساعدة الناجيات من التعذيب والقمع الحكومي في أميركا اللاتينية.<ref>[https://www.tandfonline.com/doi/abs/10.1300/J015V13N03_01 Adrianne Aron PhD (1992) Testimonio, a Bridge Between Psychotherapy and Sociotherapy, Women & Therapy, 13:3, 173-189, DOI: 10.1300/J015V13N03_01]</ref> وهي عبارة عن رواية شخصية تصيغها الناجية لسرد تجربة التروما ووضعها في السياق الثقافي والسياسي المناسب. أثبتت هذه الاستراتيجية فاعليتها على المستوى الشخصي، تتمكن الناجيات من استعادة القدرة على توجيه مسار حياتهن. وأيضًا على المستوى المجتمعي، يساعد في تعافي المجتمع من التروما الجماعية الناتجة عن إرهاب الدولة وإعادة تأكيد القيم الإنسانية التي فقدت قيمتها من أجل تبرير العنف. |
| | | |
− | أخيرا، أهم طرق استعادة القوة الشخصية في العلاج النسوي للتروما هو الانخراط في العمل السياسي. يعمل المعالج/ة مع المنتفع/ة من العلاج على خطة للاشتباك مع الواقع الاجتماعي أو السياسي المحيط.
| + | أخيرًا، أهم طرق استعادة القوة الشخصية في العلاج النسوي للتروما هو الانخراط في العمل السياسي. يعمل المعالج/ة مع المنتفع/ة من العلاج على خطة للاشتباك مع الواقع الاجتماعي أو السياسي المحيط. |
| | | |
| | | |
| ===الاكتئاب والقلق=== | | ===الاكتئاب والقلق=== |
− | احتمال إصابة النساء بالإكتئاب هو ضعف احتمال إصابة الرجال.<ref>[https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/depression/in-depth/depression/art-20047725 Depression in women: Understanding the gender gap, Mayo Clinic Staff, 2019]</ref> وفقا للباحثة النسوية [[سارة أحمد]]، تشعر النساء بالإغتراب عن الإحساس بالسعادة لأنه عادة ما يستخدم كأداة للضغط المجتمعي. في كتابها "أن أحيا حياة نسوية" (2017)، تستكشف سارة أحمد مفهوم السعادة من منظور نسوي، وتقول "يمكن فهم السعادة كنوع من الجهد العاطفي بهذا الشكل: إسعاد الآخرين بأن نبدوا سعداء".<ref>[https://static1.squarespace.com/static/59b02ee849fc2b75ee0772cf/t/5b097a470e2e723b74306a54/1527347798402/sara-ahmed-living-a-feminist-life-1.pdf Sara Ahmed, Living a Feminist Life, 2017]</ref> إظهار السعادة هو واجب أخلاقي يفرضه النظام الأبوي على النساء والفتيات ويكون معيارا لمدى نجاحهن في تجسيد الصفات الجندرية السائدة. فعلى سبيل المثال، عندما يصبحن النساء أمهات يقابلن توقع المجتمع بإظهار السعادة، لذلك يتم إعطاء طابع مرضي لمشاعر الحزن وعدم الرضا عند تشخيص اكتئاب ما بعد الولادة. وتشير سارة أحمد في نفس الكتاب أن السعادة تستخدم أيضا كأداة ضغط ضد الأشخاص المثليين أو أصحاب الهويات الجندرية غير النمطية، حيث يساوي المجتمع بين السعادة والمعيارية المغايرة (heteronormativity). في كلا الحالتين، يعتبر الفشل في إظهار السعادة سلوك مرضي. | + | احتمال إصابة النساء بالإكتئاب هو ضعف احتمال إصابة الرجال.<ref>[https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/depression/in-depth/depression/art-20047725 Depression in women: Understanding the gender gap, Mayo Clinic Staff, 2019]</ref> وفقا للباحثة النسوية [[سارة أحمد]]، تشعر النساء بالإغتراب عن الإحساس بالسعادة لأنه عادة ما يستخدم كأداة للضغط المجتمعي. في كتابها "أن أحيا حياة نسوية" (2017)، تستكشف سارة أحمد مفهوم السعادة من منظور نسوي، وتقول "يمكن فهم السعادة كنوع من الجهد العاطفي بهذا الشكل: إسعاد الآخرين بأن نبدوا سعداء".<ref>[https://static1.squarespace.com/static/59b02ee849fc2b75ee0772cf/t/5b097a470e2e723b74306a54/1527347798402/sara-ahmed-living-a-feminist-life-1.pdf Sara Ahmed, Living a Feminist Life, 2017]</ref> إظهار السعادة هو واجب أخلاقي يفرضه النظام الأبوي على النساء والفتيات ويكون معيارًا لمدى نجاحهن في تجسيد الصفات الجندرية السائدة. فعلى سبيل المثال، عندما تصبح النساء أمهات يقابلن توقع المجتمع بإظهار السعادة، لذلك يتم إعطاء طابع مرضي لمشاعر الحزن وعدم الرضا عند تشخيص اكتئاب ما بعد الولادة. وتشير سارة أحمد في نفس الكتاب أن السعادة تستخدم أيضا كأداة ضغط ضد الأشخاص المثليين أو أصحاب الهويات الجندرية غير النمطية، حيث يساوي المجتمع بين السعادة والمعيارية المغايرة (heteronormativity). في كلتا الحالتين، يعتبر الفشل في إظهار السعادة سلوكًا مرضيًا. |
| | | |
| ==العلاج النفسي كمقاومة== | | ==العلاج النفسي كمقاومة== |
سطر 134: |
سطر 134: |
| كانت الحركات الإجتماعية في الستينات والسبعينات السبب الأول في بداية اعتماد مفهوم العلاج النفسي والشفاء النسوي كمفهوم سياسي. وكان الهدف تولي النساء السيطرة على حياتهن. وكانت المقاربات الأساسية في العلاج النفسي هو الاعتراف بسلوك النساء النفسي كمحاولة للتكيف مع الواقع الأبوي والتأكيد على نقاط القوة ودعم الحزم والحق في التعبير عن الغضب. أي أصبح العلاج النفسي النسوي يهدف إلى إعادة امتلاك النساء لحياتهن، بدلًا من التكيف مع السلب والاغتراب الذي تخلقه الأبوية. كانت نقطة النهاية المرجوة للعلاج النسوي حينها هو أن ينتهي المطاف بالزبونة/المريضة/ المتلقية للعلاج بالانتماء إلى إلى حركة ثورية تناضل من أجل إنهاء النظام الأبوي. عندها، لم يعد يعتبر العلاج النفسي إلهاء "شخصاني" عن الاضطهاد، بل بداية الخطوات الأولى في رحلة سياسية للمشاركة في تحرير النساء. | | كانت الحركات الإجتماعية في الستينات والسبعينات السبب الأول في بداية اعتماد مفهوم العلاج النفسي والشفاء النسوي كمفهوم سياسي. وكان الهدف تولي النساء السيطرة على حياتهن. وكانت المقاربات الأساسية في العلاج النفسي هو الاعتراف بسلوك النساء النفسي كمحاولة للتكيف مع الواقع الأبوي والتأكيد على نقاط القوة ودعم الحزم والحق في التعبير عن الغضب. أي أصبح العلاج النفسي النسوي يهدف إلى إعادة امتلاك النساء لحياتهن، بدلًا من التكيف مع السلب والاغتراب الذي تخلقه الأبوية. كانت نقطة النهاية المرجوة للعلاج النسوي حينها هو أن ينتهي المطاف بالزبونة/المريضة/ المتلقية للعلاج بالانتماء إلى إلى حركة ثورية تناضل من أجل إنهاء النظام الأبوي. عندها، لم يعد يعتبر العلاج النفسي إلهاء "شخصاني" عن الاضطهاد، بل بداية الخطوات الأولى في رحلة سياسية للمشاركة في تحرير النساء. |
| | | |
− | إلا أن هذا المفهوم انخفضت خدته في نهاية المطاف، بعد أن رأت عدة معالجات نفسيات أن النساء لا يبدأن العلاج بهدف التسييس أو تغيير العالم، بل من أجل تغيير أنفسهم وعالمهم الشخصي. وخاصة بعدما أدت الحركات التي ناهضت العلاج النفسي والطب النفسي باعتباره آلة قمعية إلى التركيز على مفهوم القوة المتأصلة دائمًا في العلاقة بين المعالج والعميل/الزبون/المتلقي للعلاج. | + | إلا أن هذا المفهوم انخفضت حدته في نهاية المطاف، بعد أن رأت عدة معالجات نفسيات أن النساء لا يبدأن العلاج بهدف التسييس أو تغيير العالم، بل من أجل تغيير أنفسهن وعالمهن الشخصي. وخاصة بعدما أدت الحركات التي ناهضت العلاج النفسي والطب النفسي باعتباره آلة قمعية إلى التركيز على مفهوم القوة المتأصلة دائمًا في العلاقة بين المعالج والعميل/الزبون/المتلقي للعلاج. |
| | | |
| ===الحركات المناهضة للعلاج والطب النفسي=== | | ===الحركات المناهضة للعلاج والطب النفسي=== |
سطر 149: |
سطر 149: |
| في وقت لاحق ، أصبح عمل عالمة الاجتماع النسوية كيت ميليت عنصرًا مهمًا في مكافحة الطب النفسي والتركيز على قوة المريض. في عام 1970، كتبت ميليت دراسة أكاديمية عن النظام الأبوي في الأدب الغربي لكنها قدمت لاحقًا أعمالًا على غرار المذكرات تركز على علاقاتها وحياتها الجنسية مثل Flying وSita. وفي وقت لاحق، أصبحت ميليت شخصية مهيمنة داخل الحركة الأمريكية المناهضة للطب النفسي عندما كتبت مذكراتها عام 1990 Loony-Bin Trip. لقد أرّخت ميليت تجاربها النفسية المروعة، بما في ذلك تشخيصها للاضطراب ثنائي القطب، وصراعها مع الليثيوم القاتل، وحبسها في مستشفى نفسي. ميليت، في وقت لاحق، جمعت أفكارًا متباينة مهمة حول الحرية والجنس والطب النفسي، وانتشرت أفكارها على نطاق واسع في الولايات المتحدة. | | في وقت لاحق ، أصبح عمل عالمة الاجتماع النسوية كيت ميليت عنصرًا مهمًا في مكافحة الطب النفسي والتركيز على قوة المريض. في عام 1970، كتبت ميليت دراسة أكاديمية عن النظام الأبوي في الأدب الغربي لكنها قدمت لاحقًا أعمالًا على غرار المذكرات تركز على علاقاتها وحياتها الجنسية مثل Flying وSita. وفي وقت لاحق، أصبحت ميليت شخصية مهيمنة داخل الحركة الأمريكية المناهضة للطب النفسي عندما كتبت مذكراتها عام 1990 Loony-Bin Trip. لقد أرّخت ميليت تجاربها النفسية المروعة، بما في ذلك تشخيصها للاضطراب ثنائي القطب، وصراعها مع الليثيوم القاتل، وحبسها في مستشفى نفسي. ميليت، في وقت لاحق، جمعت أفكارًا متباينة مهمة حول الحرية والجنس والطب النفسي، وانتشرت أفكارها على نطاق واسع في الولايات المتحدة. |
| | | |
− | في عام 1969، أضافت طبيبتان نفسيتان، وهني هوجي ويكوف وجوي ماركوس، بصمتهن الفكرية في مناهضة الطب النفسي. سلطت ويكوف الضوء بشدة على الطرق المتعددة التي يتم فيها عزل النساء، بما في ذلك من خلال التجارب الجنسية القسرية ، وحجب الاعتراف بعملهن والتقليل منه، وتحريض ازدراء الذات لأنفسهن وأجسادهن.في الوقت نفسه، رفضت ويكوف بشكل واضح العلاج الفردي تحت شعار "لا توجد حلول فردية للمضطهدين" ووصفت شكل ونتائج العلاج النسوي الراديكالي. | + | في عام 1969، أضافت طبيبتان نفسيتان، وهما هوجي ويكوف وجوي ماركوس، بصمتهما الفكرية في مناهضة الطب النفسي. سلطت ويكوف الضوء على الطرق المتعددة التي يتم فيها عزل النساء، بما في ذلك من خلال التجارب الجنسية القسرية، وحجب الاعتراف بعملهن والتقليل منه، وتحريض ازدراء الذات والجسد. في الوقت نفسه، رفضت ويكوف بشكل واضح العلاج الفردي تحت شعار "لا توجد حلول فردية للمضطهدين" ووصفت شكل ونتائج العلاج النسوي الراديكالي. |
− | بالإضافة إلى فيليس تشيسلر، التي أسست في عام 1969، جمعية النساء في علم النفس. دفعت تشيسلر أيضًا حدود العلاقة التقليدية بين المريض والمعالج، وبالتالي تحدت الرجال في المهنة. "هل أنت متأكدة أنك تريدين النوم مع معالجك النفسي؟"هكذا، سألت قراء مجلة نيويورك في يونيو 1972، وهو الوقت الذي لم تسن فيه أي من جمعيات الصحة النفسية الأمريكية الكبرى قوانين أخلاقية تمنع اللقاءات الجنسية بين المعالج والمرضى. وقد سلطت الضوء على الجوانب غير المعلنة والاستغلالية للعلاج في أواخر الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي. | + | بالإضافة إلى فيليس تشيسلر، التي أسست في عام 1969، جمعية النساء في علم النفس. دفعت تشيسلر أيضًا حدود العلاقة التقليدية بين المريض والمعالج، وبالتالي تحدت الرجال في المهنة. "هل أنت متأكدة أنك تريدين النوم مع معالجك النفسي؟" هكذا، سألت قراء مجلة نيويورك في يونيو 1972، وهو الوقت الذي لم تسن فيه أي من جمعيات الصحة النفسية الأمريكية الكبرى قوانين أخلاقية تمنع اللقاءات الجنسية بين المعالج والمرضى. وقد سلطت الضوء على الجوانب غير المعلنة والاستغلالية للعلاج في أواخر الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي. |
| | | |
| نمت حركة "المرضى السابقين" في هذه الفترة، بما في ذلك حركات "مناهضة الطب النفسي" و "التحرر المجنون" و "الناجيين من الصحة النفسية". بينما كانت الحركة تفتقر إلى قيادة متميزة، كانت جودي تشامبرلين من أبرز قائدات الحركة. نشرت شامبرلين "لوحدنا: بدائل نظام الصحة النفسية"في عام 1978 والذي اعتبر أساسي للحركة. بالإضافة إلى ذلك، عُقد المؤتمر السنوي الأول لحقوق الإنسان والاضطهاد النفسي في عام 1973. | | نمت حركة "المرضى السابقين" في هذه الفترة، بما في ذلك حركات "مناهضة الطب النفسي" و "التحرر المجنون" و "الناجيين من الصحة النفسية". بينما كانت الحركة تفتقر إلى قيادة متميزة، كانت جودي تشامبرلين من أبرز قائدات الحركة. نشرت شامبرلين "لوحدنا: بدائل نظام الصحة النفسية"في عام 1978 والذي اعتبر أساسي للحركة. بالإضافة إلى ذلك، عُقد المؤتمر السنوي الأول لحقوق الإنسان والاضطهاد النفسي في عام 1973. |
| | | |
− | يُعتبر علماء الاجتماع، مثل فوكو وجوفمان، أيضًا من الطليعة الفكرية للحركة المضادة للطب النفسي، حيث نسجوا معًا علم الاجتماع والأنثروبولوجيا والتاريخ لفحص الطب النفسي كمؤسسة بشكل نقدي. هذا التقليد المتمثل في تطبيق العلوم الاجتماعية النقدية على الطب النفسي لا يزال قائما. على سبيل المثال يشير كتاب جوناثان ميتزل The Protest Psychosis إلى أن الاتجاهات في التشخيص والعلاج النفسي تعتمد إلى حد كبير على السياق التاريخي والسياسي. على أساس البيانات التاريخية، يجادل ميتزل أنه قبل عصر الحقوق المدنية، كان الأفراد الذين تم تشخيص إصابتهم بالفصام وتم نقلهم إلى المستشفى في الغالب من الطبقة الوسطى البيضاء. ومع ذلك، خلال حقبة الحقوق المدنية، يجادل ميتزل، أنه تم تشخيص مرض انفصام الشخصية ومعالجته بشكل متزايد بين الأمريكيين السود، وخاصة أولئك الذين كانوا فقراء ويُنظر إليهم على أنهم "غاضبون". | + | يُعتبر علماء الاجتماع، مثل فوكو وجوفمان، أيضًا من الطليعة الفكرية للحركة المضادة للطب النفسي، حيث نسجوا معًا علم الاجتماع والأنثروبولوجيا والتاريخ لفحص الطب النفسي كمؤسسة بشكل نقدي. هذا التقليد المتمثل في تطبيق العلوم الاجتماعية النقدية على الطب النفسي لا يزال قائمًا. على سبيل المثال، يشير كتاب جوناثان ميتزل The Protest Psychosis إلى أن الاتجاهات في التشخيص والعلاج النفسي تعتمد إلى حد كبير على السياق التاريخي والسياسي. على أساس البيانات التاريخية، يجادل ميتزل أنه قبل عصر الحقوق المدنية، كان الأفراد الذين تم تشخيص إصابتهم بالفصام وتم نقلهم إلى المستشفى في الغالب من الطبقة الوسطى البيضاء. ومع ذلك، خلال حقبة الحقوق المدنية، يجادل ميتزل، أنه تم تشخيص مرض انفصام الشخصية ومعالجته بشكل متزايد بين الأمريكيين السود، وخاصة أولئك الذين كانوا فقراء ويُنظر إليهم على أنهم "غاضبون". |
| | | |
| ===مبادرات=== | | ===مبادرات=== |