جندر
جندر(أيضا: النوع و نوع اجتماعي و التشكيل الثقافي للاختلافات بين الجنسين و جنوسة و استجناس) هي الأدوار والفروقات الاجتماعية التي تظهر تحت مصطلح الذكورة و الأنوثة، وترتكز في المجتمع على نظام من الثنائيات المتعارضة بين النوعين، مثل: سيادة الرجل ضد إنقياد المرأة، وعقلانية الرجل ضد عاطفية المرأة، وقوة الرجل ضد ضعف المرأة. (بالإنجليزية: Gender)
تعريف المصطلح
يسعى مفهوم الجندر إلى تحليل النظرية التي تقول أن الفروقات الاجتماعية بين الرجل والمرأة قد تم التلاعب بحقيقتها للحفاظ على نظام السلطة الأبوية داخل المجتمع، وخلْق شعور جماعي بين النساء بأن الأدوار الوحيدة المناسبة "لطبيعتهن" هي أدوارهن في الحيز الخاص، كربات بيوت أي الأدوار الانجابية.
أصل المصطلح
أول من صاغ مفهوم الجندر كان عالم النفس روبرت ستولر، وذلك ليفرق بين العوامل الاجتماعية والنفسية للأنوثة والذكورة في المجتمعات وبين العوامل البيولوجية الطبيعية للفروق الجنسية التي خُلقت مع الأفراد"[1]. كما يشير المصطلح إلى أن العلاقات والفروقات بين النساء والرجال، بما فيها العلاقات الاقتصادية، ترجع إلى الاختلاف بين المجتمعات والثقافات وأن أدوار الرجال والنساء هي عرضة للتغيير طوال الوقت وتتأثر بالديناميكيات الإثنية والطبقية. كما أن المصطلح ليس بديلًا عن مصطلح "الجنس" الذي يعني الاختلافات البيولوجية بين الرجال والنساء وعليه يستخدم "الجندر" في تحليل الأدوار والمسؤوليات والحاجات الخاصة للرجال والنساء في كل مكان وفي أي سياق اجتماعي.
الجذور التاريخية للنظرية المعاصرة
تحدثت الكاتبة راوين كونيل (R. W. Connell) في الفصل الثاني من كتابها الجندر والسلطة: الجندر، الفرد، والسياسات الجنسية (Gender and power: Society, the person and sexual politics) عن تاريخ تطور بحث ودراسة الجندر في الغرب، بدايةً من العصور الوسطى مرورًا وصولًا للنظرية المعاصرة.[2]، نستخدم هذا الفصل كمرجع أساسي لكتابة هذا القسم من الصفحة، من خلال ترجمة بعض الأجزاء منه، والاستعانة بالمعلومات الواردة فيه للبحث أكثر حول الشخصيات والكتب والحركات الاجتماعية والانتاجات الأكاديمية المختلفة الواردة فيه.
تقول راوين كونيل أن نظريات الجندر العلمية والاجتماعية هي نظريات حديثة، نشأت في الأصل في الغرب. ولذلك نحاول سرد التاريخ الذي أدى إلى إنتاج وتطوير تلك النظرية، حيثُ شكل مصطلح "الجندر" موضعًا هامًا لنقاشات كثيرة بين المجموعات النسوية المختلفة على مدار العقدين الأخيرين، تشمل تلك النقاشات محاولة لترجمته ولتحديد معناه من خلال ثقافاتنا المحلية ولإدماجه في عملنا النسوي.
في العصور الوسطى، كانت العلاقة الأخلاقية ما بين الرجال والنساء والإله مرتبطة بشكل مباشر بنقاشات علماء اللاهوت والفلاسفة عن الجنس والجندر، ولكن ما كان يستحوذ على إهتمام علماء اللاهوت والفلاسفة هو النقاش حول ما يجب على الفرد القيام به وما يجب أن يلتزم به في سلوكه حتى تصبح علاقته بالإله مُرضية، بدلًا من محاولة فهم وتحليل لماذا يسلك الأفراد طرقًا غير تلك التي يجب أن يلتزموا بها.
ومع بداية عصر التنوير، كان الإطار الذي تُقام فيه النقاشات هو إطار أخلاقي علماني، حيثُ بدأ تآكل الاعتقاد بأن الله قد وضع طريقًا محددًا للرجال والنساء حتى يسلكونه، ولهذا كانت تُقام النقاشات حول نفس المواضيع ولكن في إطار أكثر علمانية، و في هذا السياق بدأ الجدال والتشكيك حول التبرير الأخلاقي للعلاقات الجندرية القائمة بين الرجال والنساء والتي يحتل فيها الرجال المرتبة الأعلى.
الثورة الفرنسية
دفعت الثورة الفرنسية الجدالات القائمة حول الجندر والعلاقات الجندرية في إتجاه أكثر راديكالية، ، ففي عام 1792 نُشرت وثيقة إثبات حقوق المرأة (Vindication of rights of woman) بقلم الكاتبة الفرنسية ماري وولستونكرافت (Mary Wollstonecraft).
كانت أهم كتابات ماري هي وثيقة حقوق الرجل، والتي قامت بكتابتها ردًا على إيمانويل بروك (Emmanuel Bruke)، وهو أحد الكتاب البريطانيين، والذي قال أنه لا يجب على المواطنين أن يثوروا على حكوماتهم حتى يغيروا عادات الحُكم بشكل جذري، وكان رد ماري عليه أنه لا يجب أن تُبنى الحقوق على العادات ولكن فقط على المنطق والعقلانية.
وكانت وثيقة "إثبات حقوق المرأة" مخصصة للرد على شارل موريس تاليراند-بيريجور (Charles Maurice Tellyrand-périgord)، والذي ألقى خطبة في الجمعية الوطنية الفرنسية حول التعليم، قائلًا فيها أنه يجب على النساء الإهتمام فقط بالشؤون المنزلية وأن يبقين بعيدات عن الساحة السياسية.
طرحت ماري في وثيقة إثبات حقوق النساء أن النساء لسن بالطبيعة عاطفيات وغير عقلانيات، كما شددت بقوة على دور المجتمع والظروف القمعية التي تنشأ فيها الفتيات الصغيرات في تشكيل الشخصية الأخلاقية للنساء (Women's moral Character)، فهي لم تُرجع أسباب ذلك للتكوين الطبيعي لنساء ولكنها أرجعته لمعاملة النساء على أساس أنهن كائنات تابعة لا تكترث سوى بأناقتها وجاذبيتها، كما عددت الطرق الكثيرة والمختلفة التي تُجعَل النساء من خلالها تابعات، فهن يتعلمن أن مظهرهن هو أهم ما يمتلكن، ولذلك يميلن لإبداء ضعفهن ولعدم ممارسة المنطق لإرضاء الآخرين، وتستمر تلك العملية حتى تصبح النساء أنفسهن جزء من ممارسة وتطبيق ذلك النمط المُتوقع منهن والمفروض عليهن، وبالنسبة لها النساء لم يتوفر لديهن الأدوات للمطالبة بحقوقهن الأساسية أو حتى للوعي بوضعهن في المجتمع. [3]
القرن التاسع عشر
في القرن التاسع عشر كانت الأدوار الجندرية مقسمة بحيثُ كان الرجال مهيمنين على المجال العام بالعمل والإنتخاب والإنخراط في الحياة السياسية، بينما كانت النساء معزولات في المنازل يقُمن بالأعمال المنزلية من طبخ وتنظيف وتربية الأطفال، كما كان هناك حظر على حق النساء في التصويت و التملُّك في العديد من الولايات.[4]
هيمنة الأفكار الليبرالية
في إطار انتشار الأفكار والقيم الليبرالية، وتعلية شأن قيمة المواطنة كان المنطق المهيمن على حركة النساء الوليدة هو منطق المساواة بين الرجال والنساء، مع الحفاظ على الثنائية الجندرية القائمة ولكن مع مسائلة مدى أخلاقية النظام الذي يحافظ وينشئ النساء في المرتبة الأدنى.
في عام 1848، عُقد مؤتمر سينيكا فولز (The Seneca Falls convention)، وهو أول مؤتمر يناقش ويطالب بحقوق النساء الاجتماعية والمدنية والدينية، في مدينة نيويورك. كُتِيَت حينها عريضة بالمطالب الصادرة عن المؤتمر والتي تتلخص في حق النساء في التعليم وفي التملُّك وفي حضانة الأطفال في حالات الطلاق وحق النساء في الإنتخاب. وقع على هذه العريضة 100 فردًا (68 امرأة، 32 رجلًا).[5]
الحركة الاشتراكية
بدأت قيم المساواة بين الجنسين بالانتشار في الحركة الاشتراكية في بدايات القرن التاسع عشر، حتى أصبحت جزءً من التقاليد الاشتراكية السائدة. تبلور ذلك بشدة في كتاب أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة (The origin of the family, Private property and the state) للمنظر الاشتراكي فريدريك إنجلز (Fredrech Engels). وبالرغم من اعتماد إنجلز في كتابه على فرضيات تاريخية وإثنوجرافية ضُحِدت فيما بعد، إلا أن كتابه كان شديد الأهمية ويعود ذلك لإشارته أن العلاقات بين النساء والرجال إنما هي جزء من منظومة اجتماعية مبنية على سياق تاريخي محدد. أطروحة إنجلز جسدت تطور العلاقات الجندرية تاريخيًا في الماضي القديم، وفي التاريخ المعروف، كما ناقش وضع تلك العلاقات الذي يأمله الاشتراكيون، ولكنه في نفس الوقت أبقى على معيارية فئتي "النساء" و "الرجال"، كما أبقى على سماتهم التقليدية في تحليلاته. [2]
ومع صعود حركة الاتحادات العمالية الجديدة (New Unionsim)، في إنجلترا أثناء الفترة ما بين 1880 و 1890، بدأ تكوين الاتحادات النقابية للعمالة الغير مهرة، وظهرت الكثير من التحديات التي تواجه تنظيم النساء العاملات لأنفسهن دونًا عن رفاقهن من الذكور حيثُ كانت أغلب الاتحادات والنقابات العمالية المُدارة من قبل العمال الذكور ترفض عضوية العمالة النسائية بها، كما كانت نوعية العمل المطلوبة من النساء في السوق هي نوعية خاصة جدًا ومقتصرة على الأعمال المنزلية مدفوعة الأجر وصناعات الأنسجة والملابس، بالإضافة لكل ذلك كانت النساء العاملات يعانين من الطلبات التي يُلزمن بها من أزواجهن وأقربائهن.
ونتيجة لذلك الوضع، تعالت أصوات بعض النساء في الحركة الاشتراكية مثل كلارا زيتكن (1857- 1933) (Clara Zetkein)، وهي اشتراكية ألمانية، لعبت دورًا قياديًا في الحزب الشيوعي الجديد بألمانيا (KDP) وفي الأممية الثالثة. كانت كلارا زيتكن تجادل بضرورة تطوير الأفكار الاشتراكية حتى تتضمن تحليل القهر الذي يقع على نساء الطبقة العاملة وكيف يمكنهن التحرر منه، كما رأت ضرورة إنهاء الإنقسام الجنسي للعمل وذلك من خلال البدء في تنظيم النساء العاملات لأنفسهن بهدف إنهاء ذلك الوضع.
المثلية الجنسية وعلم الجنس
في أواخر القرن التاسع عشر، كانت التعريفات الاجتماعية للمثلية الجنسية وللمثليين جنسيًا أكثر حِدّة باعتبارهمن مجموعة منفصلة ومنعزلة من البشر، ودُعم ذلك من خلال صدور تشريعات جديدة لتجريم المثلية الجنسية، ومن خلال تعريف المثلية الجنسية والسلوك المثلي كمرض طبيًا، وأيضًا من خلال التفاعل السياسي والثقافي للأشخاص والمجموعات المثلية نفسها مع الاضطهاد الذي يتعرضن/ون له.
بدأ بعض المتخصصون في علم الجنس الكتابة لتحليل وفهم المثلية الجنسية كسلوك، وكان منهم كارل أولريتش (1825- 1895) (Karl Ulrichs). إعتبرت كتابات كارل أولريتش أول نظرية علمية للجنسانية، حيثُ شرح في كتاباته المتتالية عن المثلية الجنسية أنها جزء من الطبيعة الإنسانية التي يولد بها الفرد، وكانت نقطة إنطلاقه الأساسية قادمة من فكرة أن الرجل المثلي يحمل عقل الأنثى التي تميل للرجال. إفترض كارل أولريتش أن الأفراد يولدون إما بأعضاء جنسية أنثوية أو ذكرية، وأن ذلك يعتبر أحد قواعد الطبيعة، ولكن، بالرغم من ذلك، إلا أن هناك بعض الاستثناءات والتي تتجسد في الأشخاص الإنترسكس، أي اللذين يولدون بكلا الأعضاء الجنسية. تقبل أولريتش أنه كقاعدة طبيعية فإن الشخص الذي يحمل الأعضاء الجنسية الذكرية يميل إلى النساء، ولكنه وضع افتراض أن هناك بعض الاستثناءات من تلك القاعدة أيضًا. فوفقًا لتحليل أولريتش، إن العقل هو الذي يحدد الإنجذاب الجنسي، وليس شكل الأعضاء الجنسية أو تكوين الجسد، ولكنه أقر أيضًا أن الميل الجنسي للرجال هو جزء من طبيعة النساء، ولذلك كان يرى أن الرجل الذي ينجذب للرجال فهو يحمل عقل (psyche)امرأة. [6]
تلى كارل أولريتش، ماجنوس هيرشفيلد (1868-1935) (Magnus Hirschfield)، والذي يُعد من أوائل المساهمين في دراسة المثلية الجنسية والعبور الجنسي، والتعامل معهم كهويتين جنسيتين منفصلتين.
وبحسب مؤسسة ماجنوس هارشفيلد، الذي قام بتأسيسها عام 1919 :
"بين عامي 1899 و 1923 ، جمع هيرشفيلد وموظفوه مختارات من 20000 صفحة. وكان الهدف من "الكتاب السنوي للانمطيات/ين جنسيًا" هو إظهار أنه يوجد بين "الرجل الكامل" و "المرأة الكاملة" عدد لا حصر له من التدرجات والتراكيب. الإنترسكس، العابرات/ين جنسيًا، المثليات/ون جنسياً هم الرابط الطبيعي الضروري بين قطبي الرجل والمرأة. فإن المثلية الجنسية هي نوعًا ما "الجنس الثالث"."[7]
شارلز داروين
في عام 1874 ، قدم شارلز داروين (Charles Darwin) شرحًا مفصلاً للإنتقاء الجنسي (Sexual selection) كآلية للتطور إلى جانب الإنتقاء الطبيعي (natural selection) الذي قام بشرحه في كتابه أصل الأنواع (the origin of species)
أخذ داروين قضية الجنس من أيدي علماء اللاهوت وعلماء الأخلاق وجعلها مسألة مراقبة ومقارنة لسلوك أنواع الكائنات الحية، وبدأ المزيد من علماء الأحياء في الاهتمام بطرح سؤال لماذا وُجِد الجنس على الإطلاق؟ مما دفع بتطوير رؤية التكاثر الجنسي كأحد أهم مصادر مزايا التطور البيولوجي، وبهذا قدمت نظرية داروين وما تلاها تفسير هيمنة الرجال على النساء بصفتها أحد قوانين التطور.
رسخ علم الأحياء التطوري لفكرة أن أنماط العلاقات الجندرية الموجودة بحاجة لتفسير وأنها إشكالية إلى حدِ ما، وذلك بتقديمه شرحًا للسلوك الجنسي.
القرن العشرين
سيجموند فرويد والتحليل النفسي
بالرغم من أن تحليلات فرويد للنمو النفسي الجنسي (Psycho-sexual development) بالإضافة لعلاجاته النفسية قد ساهما في الحفاظ على البنية الأبوية القائمة والدفاع عن مكوناتها الأيديولوجية ومبادئها، إلا أنه قد سلط الضوء على تاريخ حياة الفرد كوحدة التحليل الأساسية لسلوكه. كما قدم الكثير من المعلومات والتحليلات المعقدة لشرح تكوينات الأنوثة والرجولة كتكوينات نفسية مبنية على عملية إجتماعية.
ففي مقالاته "ثلاثة أوراق حول نظرية الجنسانية" (three essays on the theory of sexuality)، في عام 1905، طرح فرويد مفهوم "فطرية ثنائية الميل الجنسي" (the innate bisexuality) كمدخل لفهم المثلية الجنسية. كان فرويد يعني بفطرية ثنائية الميل الجنسي أن جميع البشر يولدون بميل جنسي ثنائي وأن ذلك الميل الثنائي يتحول لميل أحادي في إطار مراحل تنشئة الفرد، بينما يتحول الميل الجنسي الثنائي لحالة كامنة بداخله. وينتج ذلك التحول عن العوامل الداخلية (أي البيولوجية) والعوامل الخارجية (أي السياق الاجتماعي والتجارب الحياتية للفرد).
ينطلق فرويد من أطروحة فطرية ثنائية الميل الجنسي إلى إمكانية ميل البشر إلى كلا الجنسين في آنِ واحد، ولكنه يقول أنه هناك ميل جنسي مشترك وطبيعي لدى كل جنس للجنس المقابل، كما يضيف في أطروحته أن الميل الجنسي المثلي ينتج عن صدمات نفسية قد يتعرض لها الفرد تعيق نموه الجنسي الأحادي المغاير (الطبيعي) وتؤدي لعدم انجذابه للجنس المقابل.
بالرغم من وصف فرويد للميل الجنسي المغاير كميل (طبيعي)، وشرحه للميل الجنسي المثلي كنتيجة للصدمات النفسية التي قد يمر بها الفرد، إلا أن أطروحته تلك قد أدت إلى إدراك عدم وجود نمط ثابت وواحد للشخصية الجنسية للفرد. كما أظهر تحليله ل"عُقدة أوديب" (Oedipus complex) أن أنماط المشاعر لدى البالغين هي نتيجة لنشأتهم، وأن تجارب الطفولة المختلفة لدى الأشخاص المختلفين تُطور وتعيد تشكيل كل جانب من جوانب الحياة العاطفية والجنسية للفرد.
الثورة الروسية والاتحاد السوفييتي
تطورت حركات النساء بداخل الحركة الاشتراكية، أثناء العقد الأول من القرن العشرين، في دول متعددة من ضمنها ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية. وتحت ضغط المجموعات النسائية، بدأت تظيمات الطبقة العاملة استكشاف طرق جديدة عملية لجعل مهام اعادة الإنتاج والأعباء المنزلية مهمة مجتمعية، وتم ذلك من خلال عمل تعاونيات لرعاية الأطفال، ومن خلال المساكن الشعبية ومؤسسات غسل الملابس ودور الحضانة العمومية.
ولمدة قصيرة، كانت تلك هي السياسات المتبعة من قبل الحكومة "الثورية" في الاتحاد السوفييتي، صُدرت قوانين حضانة خاصة تمنع ساعات العمل الطويلة والعمل الليلي واُقرت إجازة ولادة مدفوعة الأجر للنساء، ومراكز شعبية للعناية بالأسرة ولرعاية الأطفال. وفي عام 1920، تم سن قانون لضمان الحق في الإجهاض، وتم تشريع الزواج المدني وتسهيل اجراءات الطلاق. كما تم إلغاء مفهوم "الأطفال الغير شرعيين". [8]
هيمنة الستالينية
أدت السياسات الستالينية إلى ردة في وضع حقوق النساء، وما قد كفلته القوانين المسنونة في عهد لينين وتروتسكي. حيثُ تم منع الحق في الإجهاض، وتم العمل على تعقيد الإجراءات المتعلقة بالطلاق حتى أصبح الطلاق إجراءً قضائيًا باهظ التكلفة لتحقيقه. كما قُلِصت ساعات عمل دور الحضانة، وغيرها من الاجراءات التي كانت تعد مؤشرًا قويًا لتراجع وضع النساء اجتماعيًا. [8]
وبالرغم من ذلك، إلا أن النسوية الاشتراكية قد قدمت شرحًا نظريًا مهمًا، وقد وضعت ما يتم تسميته الآن ب "الإنقسام الجنسي للعمل" على أولوية أجندة التحليل والفهم، مثلما طرح داروين وعلماء الجنس موضوع الجنسانية. [2]
ثلاثينيات القرن العشرين
في الجيل التالي، كانت أغلب التطورات مقتصرة على مجال الأكاديميا، سؤال "النساء في السياسة" كان قد أنتج تجاوب كبير من قبل العلوم الجديدة كعلمي النفس والإجتماع. كانت أحد أهم الخطوط البحثية تسائل ماهية الاختلافات النفسية بين الرجال والنساء وكيفية حدوث تلك الاختلافات، وتقاطعت هذه الأسئلة مع التكنولوجيا الجديدة للمواصفات القياسية (standardized attitude) واختبارات الشخصية (personality tests). استخدمت تلك التكنولوجيا الجديدة لقياس الرجولة والأنوثة كصفات نفسية مما دفع أيضًا إلى تشخيص الإنحرافات الجندرية فيما بينهما.
طورت الفيلسوفة الأمريكية جيسي تافت (Jessie Taft)، (1882-1960)، فكرة التهميش الثقافي للنساء (Women's cultural marginalization)، كما طورت نظرية اجتماعية للذات كحقل للحركة النسائية (a social theory of the self as the ground for the woman movement)، للنظر في تأثير المواقف المقيدة للنساء اجتماعيًا على نمو الشخصية الأنثوية. بحثت أطروحة تافت الكثير من العوامل التي تؤثر على حياة النساء ومنها وضع المرأة بين اختيار حياة مشلولة في المنزل وحياة غير متحققة خارجه، كما ناقشت دور الأسرة كوحدة تتفاعل مع باقي المؤسسات الإجتماعية وتنشئ الفرد وفقًا للمعايير المفروضة اجتماعيًا، كما ناقشت دور النساء في العالم الصناعي الجديد والذي ينحصر فقط في دور المستهلك، كما قالت أنه بالرغم من وجود نساء عاملاتـ إلا أنهن لا يعلمن الكثير عن عملهن في السياق الاجتماعي، فبالنسبة لها بدون تمتع النساء بحقهن في التصويت سيفتقدن لذاتهن الاجتماعية (Social self) وبالتالي لن يشعرن بالمسئولية أو بقدرتهن على تغيير علل المجتمع. ومع ذلك، انتقدت جيسي تافت حركة حق النساء في التصويت (Suffragette)، وذلك بسبب إيمانها أن الحصول على الحق في التصويت من دون تغيير التوقعات الاجتماعية الموضوعة على عاتق النساء، لن يتحقق التحرر الحقيقي. وقالت أنه "ينبغي أن تكون النساء منغمسات في ثقافة تتوقع منهن أن يكن مشاركات وفاعلات منذ صغرهن".[9]
في هذه الفترة، أُنتجت الكثير من الأبحاث التي تتسائل حول "الفروق الجنسية" (Sex difference)، والمقصود بها الفروق بين الرجال والنساء بيولوجيًا ونفسيًا وجتماعيًا، وبدأ تعميم استخدام لفظ الدور الجنسي (Sex role)، والمقصود به الدور الرجولي أو النسائي الذي يتم تنشئة الأفراد اجتماعيًا ليلائموه. أصبحت المفاهيم مثل الدور الجنسي المعياري (Normative sex role) والأنماط المتنوعة التي تنحرف عنه مؤثرة بشدة في مجال البحث الأكاديمي. [2]
ظل الدور الجنسي (Sex role) هو المفهوم المحوري في الفكر الأكاديمي لفهم الجندر، مع تطور أدبيات الفروق الجنسية (Sex difference) تحت مظلة مفهوم "الدور" أي الدور أو الأدوار الاجتماعية.
في نفس الوقت بدأ التحليل النفسي يؤثر على تطور الأنثروبولجيا ويدفعها في اتجاهات جديدة؛ فعلى سبيل المثال، أطلق فرويد وتلميذه المجري جيزا روهيِّم (Géza Roheim) أطروحة عالمية عقدة أوديب. يعتبر جيزا روهيم (1891- 1953) من أهم علماء الأثروبولوجيا والتحليل النفسي، ويُنسب له أنه المؤسس للتحيليل النفسي الأنثروبولوجي (Psychoanalytic anthropology) كما طور النظرية الجينية للثقافة (Ontogenetic theory of culture) حيث ركز على أهمية علمي الأحياء والتشريح لفهم التكوين النفسي والعقلي للفرد. واعتمد في نظريته على العلاقة الاعتمادية الطويلة ما بين الطفل وأمه خلال مراحل نموه الجنيني أثناء الحمل والبيولوجي بعد الولادة، وما يترتب على ذلك من روابط عاطفية واجتماعية.[10]
حركة تحرر المثليين والنسوية
ما حدث في سبيعينات القرن العشرين، بتفاعل النسوية كأيديولجية سياسية مع حركة تحرر المثليين/ات في الولايات المتحدة الأمريكية، أدى إلى إعادة توجيه جزء كبير من المجال البحثي حول مواضيع السلطة واللامساواة، وترتب عليه إعادة الربط ما بين النظرية (التي طغت عليها الأكاديميا) وما بين السياسات الراديكالية. وأصبحت القضايا الاستراتيجية لحركة التحرر الجنسي مركز القضايا التي يهتم بها جيل جديد من المنظرات/ين. وأصبحت نظرية الجندر نظرية استراتيجية، مبنية على التساؤل حول كيف وإلى أي مدى يمكن للعلاقات الاجتماعية المبنية على الجندر أن تتغير؟ وبالرغم من أن الحركة النسوية كانت قد وصلت لأطروحات متماسكة وقائمة حول الكثير من القضايا، إلا أن ذلك التطور أدى إلى فتح مساحة كبيرة للتساؤل بكثافة حول كل شئ حتى حول ما كان يُعتبر مسلم به، مما جعل من التحليلات حول الجندر من أكثر القوى تشتيتًا في المجال الثقافي كله. كانت للنسوية أثر كبير على الأكاديميا؛ فحجم الأبحاث حول الأدوار الجنسية/الجندرية والفروقات الجنسية/ الجندرية ارتفع من 0,5% من نسبة المقالات المنشورة في مجلات علم الإجتماع سنة 1969 إلى 10% سنة 1978.[2]
كتبت الباحثتان إلينور ماكوبي وكارول جاكلين كتابًا بعنوان "سيكولوجية الاختلافات الجنسية " والتي تحدثتان فيه عن أن جنس/جندر الفرد هو مزيج ما بين الحقائق البيولوجية والحقائق الاجتماعية, في مقدمة دراستهما قدمتا بحثهما باعتباره دراسة تبحث أثر الجنس البيولوجي على سيكيولوجية الفرد وتساعد على تعميق الفهم لبعض الأمور المبدئية كالطريقة التي تتفاعل بها المعطيات البيولوجية مع التجربة الاجتماعية وأثرهما على تشكيل سيكولوجية الفرد.
سنة 1975 أنشئت مجلة بحثية بعنوان "الأدوار الجنسية/الجندرية"، وانقسم مجال التنظير إلى قسمين؛ الأول هو المجال المهتم ببحث التنشئة الاجتماعية للفرد، يُعتبر كتاب أسطورة الرجولة (the myth of masculinity) لجوزيف بليك من أهم الكتابات في هذا المجال، حيثُ بحث وحلل وانتقد الكتابات البحثية الكاملة حول دور الذكور منذ ثلاثينيات القرن التاسع عشر، حدد مكونات نموذج "الدور الاجتماعي للذكور" وكتب ملاحظاته حول التضليل الملحوظ للبيانات في أغلب الأبحاث، والتفسيرات الملتوية التي ينتج عنها نتائج مغلوطة وذكورية ومعادية للمثلية الجنسية ومنحازة طبقيًا. واقترح نموذج "الأدوار الجنسية" كنظرية جديدة تقدم إعادة صياغة لأنماط الادوار الجنسية وتقدم نقد للباحثين السوسيوبيولوجيين الزاعمين بأن عنف الذكور هو ميل متأصل فيهم بيولوجيًا.[11] والثاني هو العلاج النفسي المرتبط بالتعديل الجندري، بمعنى تعديل بعض السلوكيات المرتبطة بجندر معين مثل التبعية وما يليها من انعدام التعبير عن الذات عند النساء والعنف وتبلد المشاعر عند الرجال، تمت تلك العلاجات من خلال التدريبات التعبيرية للنساء وهو نوع من أنواع العلاج السلوكي الذي كان يساعد النساء على التعبير عن أنفسهن وتفضيلاتهن[12] و"علاج نفسي للرجولة" وكان المنطق الأساسي للعلاج هو احتياج الرجال إلى معالجين لكسر الدور الرجولي التقليدي حتى يصبحوا أكثر حساسية وتعبيرًا.[13] زعمت مراكز الرجال التي أُنشئَت في السبيعنات في الولايات المتحدة الأمريكية أنهم يسعون للتحرر مما اعتبروه دورًا جنسيًا مقيد. كان يروج لتلك العلاجات من قِبَل حركة الأطباء النفسيين النامية حينها، من ضمنهم دكتور هيرب جولدبرج في كتابه مخاطر أن تكون رجل (hazards of being male)، حيثُ جادل بأنه يتم التحكم في الرجال وتشكيلهم من خلال الأسرة والمجتمع وعادةً ما تشجع النساء قيام الرجال بأدوار متناقضة كأن يكون رجل أعمال عنيف وزوج مُرهف في وقت واحد؛ أو أن يكون المصدر الأساسي للدخل وأن يكون أبًا منتبهًا لأطفاله؛ أون أن يكون الحامي الشجاع لأسرته وبلده وفي نفس الوقت لديه قدرة على ممارسة الحميمية. ويضيف قائلًا أن مثل تلك القيود المستحيلة تشل الرجال عاطفيًا وجسديًا.[14]
شكل مدخل الأدوار الجنسية/ الجندرية ركيزة مهمة في الأفكار النظرية التي ارتكزت عليها النسوية الليبرالية، وهي أكثر أشكال النسوية تأثيرًا في الولايات المتحدة الامريكية. تقدم النسوية الليبرالية اضطهاد النساء باعتباره نتيجة للتوقعات النمطية والمبنية على العادات والتقاليد، التي تحملها النساء وتعيد انتاجها، يتم الترويج لهذه الأنماط من خلال الأسرة والمدرسة والعمل والإعلام والمؤسسات الأخرى التي تساهم في التنشئة الاجتماعية للفرد. لا يرى الييبراليون أن النظام بطبيعته غير عادل، أو أن التمييزيُمارس بشكل منهجي ومؤسسي، بل بالعكس إنهم يرون أن الرجال والنساء بإمكانهم العمل معًا من أجل المساواة ومن أجل القضاء على السياسات والممارسات التي تميز ضد النساء. تُقَدِم النسوية الليبرالية تكتيكات مثل التمييز الإيجابي والتعديلات القانونية والسياسية المرتبطة بالمساواة في الفرص وتحدي وكسر الأنماط الاجتماعية بشكل فردي كحل للامساواة وكطريق لإعادة هيكلة البُنا والعلاقات الجندرية في المجتمع.[15]
أصبحت نظرية الأدوار الاجتماعية هي المرتكز الأساسي للإصلاح النسوي الذي قدمته الدول، فبدأت تُكتب تقارير تستهدف رصد وتحليل أوضاع الفتيات والنساء في التعليم والعمل والصحة والاقتصاد وغيرها من المجالات التنموية وإيجاد حلول لها، كمثال على ذلك تقرير لجنة المدارس الأسترالية بعنوان "الفتيات، المدارس والمجتمع - Girls, schools and society" الذي صدر عام 1975. تكون النقرير من أربعة عشر فصلًا تُناقش فيهم مواضيع الأدوار الجنسية والاختلافات الجنسية في المدارس، وما تقدمه المناهج التعليمية من أفكار وقيم والذي بشأنه أن يُشكل وعي التلاميذ، وقدم إصلاح المدارس باعتبارها مؤسسات تساهم في تكوين وعي الأفراد، وناقش علاقة الأدوار الجنسية بتنشئة التلاميذ والمعلمين/ات، وجنسانياتهن/م. تبنى التقرير في لغته مصطلحات وأفكار لتطوير التحليلات المرتبطة بالجندر وبالنظام الجندري، فالاختلافات الجنسية والأدوار الجنسية والذكورية كانوا المصطلحات الأكثر محورية في التقرير، وتسليط الضوء على الأشكال المختلفة من الأنوثة والرجولة كان أحد أهم ما حققه. بوجه عام، قد ركز التقرير على أن الجندر وأنظمته هو بناء اجتماعي مبني تاريخيًا، وقدم المؤسسات التعليمية كمواقع هامة يمكنها المساهمة في الإصلاح الاجتماعي والاتجاه نحو مجتمع عادل.[16] سار تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بعنوان "النساء والتوظيف- Women and employment" الذي صدر عام 1980، على نفس النهج.[2] كما بدأ الترويج لخطاب يوضح المكاسب التي قد يستفيد منها الرجال إذا تم التحرر من الأعراف المرتبطة بالأدوار الجنسية/الجندرية، كان ذلك خطابًا مهيمنًا وتم الترويج له من قِبل العديد من الرجال المنخرطين في حركة تحرر الرجال(men's liberation movment) في منتصف القرن العشرين.[2]
تحرك الجناح النسوي الأكثر راديكالية في اتجاه يتخطى مفهوم "الأدوار الجنسية/ الجندرية" و تحدي وكسر التوقعات المبنية على أنماط اجتماعية محددة كاستراتيجية سياسية. كان النقد المقدم للتمركز حول ذلك المفهوم وتلك الاستراتيجية يركز على افتقارهما لفهم علاقات السلطة وتوازنات القوى الغير متعادلة في العلاقات الجندرية. فقد قدمت الكثير من المجموعات المعنية بتحرر النساء اضطهاد النساء باعتباره نتيجة لامتلاك الرجال سلطة على النساء، وأنه حتى تتحرر النساء لابد من تحدي وكسر تلك السلطة بالضرورة. لم يلقى ذلك التحليل قبولًا واسعًا في الأكاديميا، بينما تم تبنيه وتطويره في الحركة الاجتماعية ومن خلال التجارب المختلفة للحملات السياسية ومجموعات رفع الوعي.[2]
فلقد قدم هذا التحليل للعلاقات الجندرية الرجال والنساء باعتبارهمن بنايات اجتماعية مرتبطة ببعضها من خلال علاقات السلطة فيما بينهم مما يتطلب تعبئة النساء وتبنيهن لخطاب سياسي يؤكد على المصلحة المشتركة فيما بينهن لاسقاط سلطة الرجال كاستراتيجية للتغيير السياسي. كان هناك رؤى مختلفة للعلاقة مابين هاتان البناياتان بناءً على التحليلات النسوية المختلفة؛ فالبعض مثل كريستين ديلفي ركزن على علاقة الاستغلال الاقتصادي للزوجات من قِبَل أزواجهن، ففي كتابها العدو الرئيسي (the main enemy) قدمت نقدًا للماركسة لأنها تناقش قضايا الاضطهاد الجندري باعتبارها قضايا ثانوية مترتبة على العلاقات الاقتصادية، وقدمت تحليلًا نسويًا ماديًا يرى محورية الطبقة ويعيد تعريف مفاهيم الإنتاج وإعادة الإنتاج من منظور نسوي.[17] وأخريات، مثل شولاميث فيرستون، رأين سلطة جماعية تمارس من قِبَل الرجال من خلال الأسرة كمؤسسة مركزية لممارسة وإعادة إنتاج تلك السلطة، بالنسبة لها أساس الاضطهاد مبني على سيطرة الرجال على أجساد النساء وجنسانيتهن ولا يكمن فقط في تحمل النساء لعبء الأعمال المنزلية. وناقشت في كتابها جدلية الجنس (The Dialectic of sex) نظريات ماركس وفرويد وإنجلز ودوبوفوار، وقدمت نقدًا نسويًا يرى النسوية كحلقة الوصل المفقودة ما بين فرويد وماركس، وقدمت سيطرة النساء على أدوات إعادة الإنتاج (أي أجسادهن) كاستراتيجية للحركة النسوية.[18] رأى جانب آخر من النسويات الأبوية كنظام عالمي، مستدام من خلال إمتلاك الرجال لأدوات السلطة والسلاح وتعاونهم فيما بينهم لاستمراره. واتبعت الكثير من التنظيرات النسوية الراديكالية هذا النهج في تحليلاتهن للإغتصاب، ففي كتابها ضد إرادتنا (Against Our will) عرفت سوزان مييلر الإغتصاب باعتباره "عملية تخويف واعية، يُبقي من خلالها جميع الرجال جميع النساء في حالة خوف دائم"، وقدمت رصدًا وتحليلًا للإغتصاب في الوعي الجمعي، وكيف ينظر المجتمع للنساء اللاتي تعرضن للإغتصاب باعتبارهن يستحقونه، وناقشت كيف تم قبول الاغتصاب تاريخيًا سواء الاغتصاب الزوجي أو الاغتصاب في إطار العلاقات العاطفية أو الإغتصاب كأحد غنائم الحرب.[19]. كما إتُبِع هذا النهج أيضًا في بعض التحليلات حول المواد والأفلام الإباحية، ففي كتابها الإباحية: الرجال يمتلكون النساء (Pornography: men possessing women) قدمت أندريا دووركين صناعة البورن باعتبارها مساحة ترسخ لكراهية النساء وتعزز من هيمنة وسيطرة وعنف الرجال تجاههن.[20]
ظهرت تحليلات مختلفة وأكثر تعقيدًا ترى هيمنة الرجال واضطهاد النساء كنتائج لتفاعلات اجتماعية أخرى خارج العلاقة المباشرة ما بين الإثنين ، الشكل الأكثر عمومية لذلك التحليل مبني على الحاجة لإعادة الإنتاج الإجتماعي؛ بكلمات أخرى إعادة إنتاج البنى الإجتماعية المختلفة ونقلها من جيل إلى آخر إلى جانب إعادة الإنتاج البيولوجي. من أهم الكتابات في هذا الخط التحليلي كتاب التحليل النفسي والنسوية (psychoanalysis and feminism)،حيث أعادت جولييت ميتشيل قراءة فرويد موصية بأنه على النسويات ألا يعلنَّ الهجوم الدائم على كتابات فرويد، بل عليهن رؤية كتاباته كمحاولة لرصد وتحليل مجتمع أبوي وليس كدعوة لإقامته،ويظهر هذا الكتاب تأثرها بشدة بالبنيوية الماركسية والأنثروبولوجية، ورؤيتها لمحورية التحليل النفسي لتطير النسوية كأيديولوجيا وكحركة اجتماعية.[21], وكتاب حورية البحر والمينوتور (the mermaid and the minotaur) المبني أيضًا على التحليل النفسي، تحدثت دوروثي دينيرستاين عن تقسيم الأدوار الاجتماعية، ورؤية النساء كأمهات فقط، وما يترتب على ذلك من حصر للنساء في دور الراعيات والخاضعات في وعي الأطفال خلال تنشئتهن/م، واعتبرت التنشئة الاجتماعية عاملًا أساسيًا في تطور العلاقات الاجتماعية عبر التاريخ الإنساني كله.[22]
كان السؤال الأكثر محورية بالنسبة للنسويات الاشتراكيات لا يرتبط بإعادة الإنتاج الإجتماعي، بل بالإحتياج الأساسي لرأس المال بأن يعيد إنتاج نفسه مع تحقيق أكبر قدر من الأرباح، مما أدى إلى تقسيم قوة العمل على أساس جندري وإلى قهر واستغلال ربات المنازل. أضافت هذه التحليلات بُعدًا طبقيًا لخطابات الحركة النسوية، وفي تقديم بعض الأطروحات حول بناء الحركة وتشكيل استراتيجياتها، فحين كان الماركسيون يناهضون إنفصالية التنظيمات النسوية، كانت الغالبية من النسويات الاشتراكيات ينادين ببناء حركة نسوية/نسائية مستقلة قادرة على التشبيك مع حركات اجتماعية أخرى تناضل ضد الرأسمالية مثل الحركة العمالية. لفتت النسويات الاشتراكيات النظر لوضع النساء العاملات، وفي سبعينات القرن العشرين، ظهرت حجج كثيرة حول العمل المنزلي الغير مدفوع الأجر الذي تقوم به النساء ومدى اهميته بالنسبة للنظام الاقتصادي الرأسمالي. وقد كانت حملة "أجور من أجل الأعمال المنزلية" العالمية نقطة هامة لتسليط الضوء على حجم العمل الغير مرئي الذ تقوم به النساء في المنازل، في سبعينات القرن العشرين. ففي حوار صحفي قالت سيلفيا فيديرتشي -وهي نسوية اشتراكية وإحدى مؤسسات الحملة- أنهن تحدين الخطابات البورجوازية التي تفصل ما بين العام والخاص، والتي ترى أن المنزل هو مكان للعلاقات الشخصية البعيدة عن العلاقات الاجتماعية الموجودة خارجه والمرتبطة بأنظمة القهر الاجتماعية، خاصةً النظام الرأسمالي، وفي هذا السياق واجهت الحملة نقدًا من كلا الجانبين الماركسي والنسوي،[23] وبالرغم من ذلك فلقد أعطت الحملة بعدًا طبقيًا للنقد النسوي للأسرة النووية.
مثل خط التحليل المرتبط بالسياسات والاقتصادات المرتبطة بعمل النساء المدفوع الأجر خطًا شديد الأهمية، فلقد أرسى لرؤية النظام الاقتصادي كنظام اقتصادي مُجندر مبني على الإستغلال والتحكم والسيطرة والنضال الاجتماعي، هذا ما وضحته لويس كاب هوي في كتابها عمال الياقات الوردية (pink collar workers) من خلال رصد وتحليل دام لمدة ثلاثة أعوام، لتلسيط الضوء على ظروف العمل التي تختبرها النساء في مختلف مجالات أعمالهن.[24]. رأت تلك التحليلات مكان العمل كموقع أساسي لممارسة السياسات الجنسية، وكمؤسسة تمثل نقطة الالتقاء بين سوق العمالة وتوزيع الدخول/ كما رأت العمل كهدف يتم تنشئة الأفراد أيديولوجيًا واجتماعيًا لتحقيقه وويسعين/ون للترقي الطبقي من خلاله، هذا ما تم تطويره على يد أكثر من منظر/ة مثل آن جيمي و روزماري برينجلز في كتابهما الجندر في العمل- Gender at work، وسينزيا كوكبورن في كتاب الأخوة وآلية الهيمنة- the brothers and the machinery of dominance، وكارول أودونيل في كتابها أساس المقامرة- The basis of bargain.
في هذا الوقت ظهرت الكثير من التحليلات التي تنتقد الأسرة النووية باعتبارها مؤسسة سلطوية والأداة الأساسية التي تُمَكِّن المجتمع من السيطرة على جنسانية أفراده، والتي تُستدام من خلال مؤسسة الزواج والعمل المنزلي والأمومة كمكونات أساسية لأيديولوجيتها. أتى النقد الأكثر راديكالية للأسرة النووية من منظري حركة تحرر المثليين حيثُ اعتبر الغالبية العظمى من منظري الأدوار الاجتماعية والمنظرين/ات الاشتراكيين/ات أن الغالبية العظمى من البشر هم بالطبيعة مغايرين جنسيًا، حتى حركة تحرر المثليين المبكرة قد قبلت بذلك ولكن عارضت الأجيال الجديدة للحركة هذا الافتراض ورفعوا شعار "كل رجل مغاير هو هدف لتحرر المثليين"، تلك التحليلات ساهمت في وجود الكثير من الأعمال النظرية التي تتبع نفس الخط التحليلي في بلدان مختلفة؛ مثل دينيس ألتمان في أستراليا في كتابه المثلية: قهر وتحرر (Homosexuality: oppression and liberation) والذي قدم فيه اضطهاد المثليين باعتباره ممارسة تمثل جزء من نظام اجتماعي سلطوي أكبر وربط ما بينه وبين اضطهاد النساء،[25] وماريو ميلي في إيطاليا في كتابه نحو شيوعية مثلية (Towards a Gay Communism)، الذي ناقش فيه العلاقة ما بين المثلية الجنسية والهوموفوبيا والرأسمالية. باستخدام التحيليل النفسي والنظرية الماركسية، رصد وقدم الأدوار الجنسية والرأسمالية باعتبار كلاهما أبوي، ورأى التحرر من كليهما هو الطريق الوحيد من أجل التحرر الجنساني الحقيقي. <ref[http://https://www.plutobooks.com/9780745399515/towards-a-gay-communism/ "Towards a Gay Communism Elements of a Homosexual Critique", overview, Pluto Press].</ref>. كما طور اليسار المثلي في انجلترا نظريات نقدية مختلفة للجنسانية، فلقد رأوا بوجه عام أن الأسرة هي المصنع الأساسي الذي ينتج المغايرة الجنسية والذي يتناسب مع احتياج النظام الرأسمالي لإعادة إنتاج قوة العمل (أي العمال) ويتناسب أيضًا مع حاجة الدولة للهيمنة والإخضاع.[2]أحد الصعوبات التي برزت في تلك التحليلات هي تعريف الرجولة، ففي بدايات حركة تحرر المثليين رأى بعض المنظرين أن الذكور المثليين قد حادوا عن الرجولة، ولكن هذا التفسير أصبح أقل مصداقية مع انتشار المثلية الرجولية (gay machismo) في الثقافات الفرعية للمجتمعات المثلية في أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات، كما ركزت الكثير من التحليلات النسوية الراديكالية على الاختلافات ما بين مثلية النساء ومثلية الرجال وعلى الإختلاف بين مايعانيه كل منهما اجتماعيًا ، وأكدن على عدم رغبتهن في التحالف السياسي مع الذكور المثليين.
في بدايات ثمانينات القرن العشرين كانت النظرية المثلية منقسمة داخليًا في ثلاثة اتجاهات، الاتجاه الأول والذي يمثله ديفيد فيرنباخ في كتابه المسار الحلزوني (the spiral path) أكد من خلاله/ باستخدام النظرية الماركسية، على رؤيته للنظام الرأسمالي الأبوي وللدولة باعتبارها دولة أبوية تمارس العنف ضد المثليين وتتعامل مع الرجال المثليين باعتبارهم أنثويين بالضرورة ويقدم فيه نقاشات كثيرة تتراوح ما بين الهندسة الوراثية ووضع المثليين في الجيش وأصل سيادة الرجال في النظام الأبوي، وعلاقة كل تلك الموضوعات بتحرر المثليين.<https://archive.org/details/spiralpathgaycon00fern/page/n7 David Fermbach, "The Spiral Path", preface and overview, Alison Publications, 1981].</ref> والاتجاه الثاني الذي يمثله دينيس ألتمان في كتابه مثلنة أمريكا (Homosexualization of america) والذي يركز على المجتمعات الجنسية المثليةالجديدة وتكوينها وتعبيراتها الثقافية وعلى الطرق التي يمكنهمن من خلالها خلق أشكال مختلفة من التضامن والدفاع عن النفس كما قدم نقد للطريقة التي يظهر بها المثليون في الأفلام الأمريكية ونقد بعض الكتابات التي ناقشت موضوع المثلية الجنسية.[26] والاتجاه الثالث والذي تأثر بشدة بكتابات ميشيل فوكو وتسائل حول الهوية المثلية كشكل من أشكال التنظيم الاجتماعي، ورأى مساحة للتطور من خلال تفكيك المثلية نفسها.[2]
تاريخ المصطلح باللغة العربية
بعد تبني الموجة الثانية من الحركة النسوية مفهوم الجندر ، وإدماجه كمفهوم يعبر عن الدور الذي تلعبه التنشئة الاجتماعية في إنتاج أنماط الأدوار الجندرية المبنية اجتماعيًا والتي ليست متأصلة في الفوارق البيولوجية بين الإناث والذكور، ونتيجة لتزايد أعداد منظمات المجتمع المدني، خاصةً المنظمات المعنية بحقوق النساء أو المنظمات والمجموعات النسوية، وتزايد مشاركة ممثليها من الناشطات في المؤتمرات الدولية المرتبطة بالتنمية، مر الخطاب التنموي الذي يحاول الربط بين النساء والتنمية بثلاثة مراحل،[27] أولهم مرحلة المرأة في التنمية، استهدفت تلك المقاربة دمج النساء في التنمية، بسبب رؤية أن النساء لسن مدمجات في عمليات التنمية، اقتصرت أدوات تلك المقاربة على االدعوة لمشاريع النساء وتزويد المشاريع المقامة بالفعل بعناصر نسئية في تنفيذها وإدارتها ودعم المشاريع النسائية المدرة للدخل. لم تحقق تلك المقاربة نتيجة ملموسة فيما يتعلق بالأهداف التنموية المرجوة، لأنها لم يأخذ في عين الاعتبار اظروف القهرية المتشابكة والمتقاطعة التي تتواجد فيها النساء ولم تقدم أي حلول جذرية أو حتى إصلاحية للظروف التي تعيق النساء من المشاركة الاقتصادية. وبناءً على ذلك طُوِرَت المقاربة لاستبدال مفهوم المرأة في التنمية لتصبح المرأة والتنمية يعتمد نهج "المرأة والتنمية" على افتراض أن المرأة كانت دائمًا جزءًا من عمليات التنمية. وفي إطار هذه المقاربة كان ينظر لتعزيز المجهودات التي تبذلها النساء كآلية لخلق بيئة اقتصادية واجتماعية عصرية وحديثة، من خلال التركيز على المشروعات النسائية ذات العائدات المرتفعة، والاستثمار في زيادة مشاركة النساء في التعليم وفي التمثيل السياسي، لم تحرز هذه المقاربة أيضًا أثرًا كبيرًا في تنفيذ أهداف التنمية المرجوة وذلك لأنها لا ترى ما تلعبه عناصر أخرى مثل الطبقة والعرق والإثنية في التأثير على أوضاع النساء المختلفة، ولذلك انتقلت إلى المقاربة الثالثة ألا وهي الجندر أو النوع الاجتماعي والتنمية في محاولة لتصحيح أوجه القصور في المقاربات الأخرى، وهو ينظر للعلاقات الجندرية باعتبارها علاقات قوة غير متساوية بين النساء والرجال بسبب الأنماط المتوقع تلبيتها للأدوار الاجتماعية لكل منهمن، فبدلًا من ذلك لا بد أن يحصل الذكور والإناث على فرص متكافئة لتطوير مهارتهمن وقدراتهمن في أي اتجاه يختارونه/نه، بغض النظر عن القواعد الثابتة المرتبطة بالأدوار الجندرية. فتركز تلك المقاربة على محاولة فهم البنائية الاجتماعية لكل من النساء والرجال..[28] ففي إطار ضغط النسويات لفرض أجندتهن على تلك المؤتمرات، وفي محاولة لتبني مصطلح الجندر وتقويضه من قِبَل المؤسسات الدولية كالأمم المتحدة، تعرفت الدول والمجتمعات الناطقة بالعربية على مصطلح الجندر، حيثُ ذُكِر للمرة الأولى في الوثيقة الصادرة عن مؤتمر القاهرة الدولي للتنمية والسكان، سنة 1994، اعتُمد في ترجمته للعربية على لفظ الجنسين (بمعنى الجنسين البيولوجيين)، وذُكر للمرة الثانية في وثيقة مؤتمر بكين لمناهضة العنف ضد المرأة، سنة 1995، في أكثر من 233 موقع داخل الوثيقة، وتُرجم أيضًا للعربية للجنسين (أي الإناث والذكور)،[29] وبالرغم من اعتماد تلك الترجمة إلا أن قوبِل المصطلح بمعارضة شديدة من الاتجاهات المُحافظة في المجتمعات الناطقة العربية، على اعتبار أن تمرير ذلك المصطلح ذو المعنى الفضفاض يفتح بابًا للمنظمات الدولية الغربية لحقن مفاهيمها وأنماطها الثقافية الدخيلة على مجتمعاتنا العربية وتغيير أنماط الأسرة والعلاقات الجندرية القائمة من خلالها، وطالبت الكثير من حكومات الدول الناطقة بالعربية بوضع تعريف واضح ومحدد للمصطلح.[30] ومع زيادة المطالبة بتوضيح المعنى الدقيق للمصطلح استقرت وثائق الأمم المتحدة في ترجمته على لفظ "الجنسانية" [31]وهو ما يتسبب في الخلط ما بين مصطلح الجنسانية المقصود به (Sexuality) والذي اصطلحته بعض منظمات المجتمع المدني الناطقة بالعربية مثل منتدى الجنسانية واستقروا على تعريفه باعتباره " أحد جوانب الإنسانية الملازمة للإنسان مدى الحياة. وهي تجمع ما بين الجنس، الهوية النوع-اجتماعية، الدور، التوجه الجنسي، الإروتيسية أو الإثارة الجنسية، المتعة، الحميمية، والإنجاب. يعبر عن الجنسانية في أفكار، خيالات، رغبات، معتقدات، مواقف، قيم، تصرفات، ممارسات، أدوار وعلاقات. رغم أن الجنسانية قد تشمل كل هذه الأبعاد، إلا أنها ليست كلها ممارسة أو مُعبر عنها. تتأثر الجنسانية بالتفاعل بين عوامل بيولوجية، سيكولوجة، اجتماعية، اقتصادية، سياسية، ثقافية، أخلاقية، قانونية، تاريخية، دينية وروحانية. لقد أختار المنتدى مصطلح "جنسانية" بعد استشارة خبراء باللغة العربية وعلى رأسهم د. سماح إدريس – دار الآداب في بيروت. والمصطلح عبارة عن دمج لكلمتي "جنس" و "إنسانية" وهو التعريف العلمي للمصطلح حسب المجلس الأمريكي للمعلومات وللتثقيف الجنساني."[32]
كانت النسويات والمجموعات النسوية الناطقة بالعربية جزءً أصيًلا من محاولة فهم معنى مصطلح جندر، وفاعلًا أساسيًا في تشكيل ترجمة وتعريف شامل للمصطلح. فتمر المصطلحات والمفاهيم المبني عليها النظريات على مراحل معقدة من التشكيل، التشكيل في الإطار الأول يأتي من تفاعلها مع البيئة أو السياق الذي أنتجها بشكل أًصلي، فالمصطلح عند ظهوره يكون لديه معنى أولي يكتسب عمقًا نظريًا ومعرفيًا بعد مرور الوقت عليه وتطور الخطابات السياسية بخصوصه. تتحدث الدكتورة هدى الصدى في ورقتها دراسات النوع في العالم العربي: تأملات وتساؤلات عن تحديات الخطابات والموقع والتاريخ، أن فعل الترجمة في حد ذاته يساعد على "سفر المفاهيم عبر الثقافات"أي بانتقال المصطلح عبر الثقافات يترتب على ذلك تحرره من لحظة منشأه الأولى، ورؤيته في سياقه الاجتماعي الواسع الذي يتشكل من عدة فاعلين لهمن مواقع اجتماعية وسياسية مختلفة، ومن ثم يجب علينا تحريره من سياقه الثقافي الأولي وعدم رؤية هذا السياق من خلال تصوراتنا الجامدة عن تلك الثقافة وإدراك امكانية احتكاكها مع ثقافات أخرى بينما عندما يتم نقل المصطلح إلى سياق جديد، فهو يقوم برحلة مختلفة من خلال "سفر المفهوم عبر الوقت داخل الثقافة الواحدة"، يأتي من خلال محاولة لفهم تاريخه المسبق والاشتباك معه بطرق مختلفة سواء بمحاولة استنساخه أو بمحاولة التعريف النقدي له من خلال السياق الدخيل عليه. ضربت مثالًا بمصطلح جندر فعندما استخدمت الحركة النسوية المصطلح لأول مرة في الموجة الثانية من الحركة النسوية كان محصور في نظرية الأدوار الجندرية ولم يكتسب معناه الأكثر تعقيدّا إلا من خلال كتابات الموجة الثالثة من النسوية التي ترى الجندر كبنية اجتماعية تخلق تراتبية بين ما هو رجولي وما هو غير رجولي، وتُرسخ لعلاقات قوة هرمية وغير متعادلة، ويُعاد إنتاجه من خلال المؤسسات الإجتماعية المختلفة.أتت هذه الكتابات كنتيجة للاحتكاك ما بين الحركة والنظرية.[33] في مقابلة لها مع مجلة ألف، عند سؤالها عن لماذا تستخدم النسويات العربيات مصطلحًا ظهر في سياق غربي وعن ردها على رؤية ذلك ك"محاولة لاسقاطه على المجتمع العربي الذي له مفهومه الخاص" استشهدت الدكتورة هدى الصدة في اجابتها بمقولة ملك حفني ناصف "يقول لنا الرجال ويجزمون: أنكن خلقتن للبيت ونحن خُلقنا لجلب المعاش، فليت شعري: أي فرمان صدر بذلك من عند الله، ومن أين لهم معرفة ذلك والجزم به ولم يصدر به كتاب. وتقول أيضًا في نقدها لمقولة أن المرأة لم تلعب دورًا بارزًا في الأحداث التاريخية الهامة: لو كنت ركبت المركب مع خريستوف كلومب لما تعذر عليا أنا أيضًا أن اكتشف أمريكا" (النسائيات، القاهرة، طبعة 1910، ملتقى المرأة والذاكرة 1998، ص 134-135)، من خلال ذلك الاستشهاد تستشف هدى الصدة أن ملاحظة العلاقات الجندرية الغير متساوية ورؤية الأنماط المحددة المفروضة اجتماعيًا لكل من الذكور والإناث كانت حاضرة في الفكر والكابة النسويين منذ البداية وعقبت قائلة أن "هذا الاستشهاد يقدم وجهة نظر تأخذ في الاعتبار التشكيل الثقافي والاجتماعي للجنس أي الجندر. وأنها لم تأت بهذا الاستشهاد للإيفاء بأن هذا المفهوم خرج من واقع عربي. بل أتت به فقط للتأكيد على فكرة أن الصياغة تأتي لتسمية شئ أو واقع موجود، وأن هذا الواقع قد يوجد في أماكن كثيرة في العالم."[34]
بعدها أًصبح من الشائع استخدام مصطلح "النوع الاجتماعي" للتدليل على الجندر في الكثير من وكالات الأمم المتحدة ومؤسسات المجتمع المدني والأوساط الأكاديمية، وصاحبه ترجمات أخرى مثل "النوع" "الجندر" "التشكيل الثقافي للاختلافات بين الجنسين"، كما اصطلحت الدكتورة فريال غازول في العدد التاسع عشر من مجلة الألف الصادرة عن الجامعة الأمريكية بالقاهرة على مصطلح "الجنوسة" كترجمة لجندر[35] ولكنه لم يلق قبولًا واسعًا أو استخدامً كبيرًا في الأوساط النسوية والاكاديمية الناطقة بالعربية. انتقدت الدكتورة سامية محرز عدم الاتفاق على استخدام الجنوسة كترجمة مبتكرة لجندر وتُرجِع ذلك "لقصور الباحثات النسويات وعدم قدرتهم على الوصول لمعانِ جديدة تسمح بادماج دراسات النوع في الثقافة العربية. فالجنوسة من وجهة نظرها "صياغة مبتكرة لأنها تتبع قواعد الصرف العربي كما أنها تعتمد على جذر عربي يسمح باإدماج المفهوم في اللغة ومن ثم في الثقافة عوضًا عن استخدام ألفاظ مثل "النوع" أو "الجنس" أو "الجندر" التي رأتها تعزز من الأفكار الداعية للإنفصال والاختلاف".[36] انتقدت عبير عباس الترجمات المختلفة لمصطلح جندر للأسباب التالية؛ أولًا، فالترجمات مثل النوع الاجتماعي أو التشكيل الثقافي للاختلافات بين الجنسين تفترض أين يكمن أصل الإختلاف ومن أين أتي (اجتماعيًا وثقافيًا) وثانيًا، هي رأت أن كلمة جندر ترسخ لكون المفهوم غريب ودخيل على الثقافة العربية، فهي ترى أنه لا حاجة لتعريب مصطلح إلا في حالة عدم القدرة على الوصول لمرادف عربي له، تعقب الدكتورة هالة كمال على تلك الحجة مفيدة بأنه هناك الكثير من المصطلحات الأجنبية التي قد عُرِبَت ولا توجد نفس الاعتراضات على استخدامها مثل مصطلح "ديمقراطية" و"ليبرالية"، ثالثًا، من الشائع استخدام كلمة "النوع" في سياقات لغوية مختلفة فهي تستخدم للتعبير عن "فئة" أو "صنف" أو تستدعي "لنوع" في التخصصات الأدبية المختلفة، فبالنسبة لها يجب تجنب "الخلط بين المصطلح وبين استخدام آخر للكلمة نفسها في اللغة العربية. رابعًا، عند التفكير في المصطلح ينبغي علينا التفكير في إمكانية إيجاد اشتقاقات منه تقابل الصيغ التي يُصرف عليها في اللغة الإنجليزية، وتتسائل كيف يمكننا تصريف "جنوسة" لاشتقاقات مثل gendered و gendering. وبناءً عليه اصطلحت عبير عباس على لفظ "استجناس" وطرحته للنقاش للأسباب التالية "أولًا الاستجناس صيغة نحوية عربية (استفعال) تبرز جانب السيرورة في تشكيل العلاقات بين الجنسين والاختلافات بينهما وتستدعي تصورًا عن معنى فئات "الجنس" "الذكورة" و"الأنوثة بصفتها محل للنزاع التفاوض على المستويين الذاتي والسياسي، وثانيًا، لأنها كلمة مشتقة من جنس وبالتالي تتلافى مشكلة التعسف في الفصل بين "الجنس" و"النوع" على أساس أن الشق الأول يحيل إلى الطبيعة والثاني إلى الثقافة، أو إلى البيولوجي مقابل الاجتماعي. وعلى ذلك بدلًا من إنتاج ثنائيات التضاد التي يحفل بها الفكر الفلسفي والسياسي الغربي، والفكر الحداثي بشكل عام، يتركنا هذا المصطلح بدون موقف مسبق ويسمح لنا بمساحة لتنظير العلاقة بين الطبيعة والثقافة بصفتها هي الأخرى علاقة تصلح للتأريخ، وثالثًا، بالرغم من أن "الجنوسة" مشتقة من "جنس" مثلها مثل استجناس إلا أن المصطلح الأخير يتميز عن الأول من ناحيتين. أولًا: وزن (الاستفعال) يوحي – كما سبق وأشرت- إلى السيرورة، على عكس وزن "الجنوسة" (الفعولة) التي تبدو منتجًا نهائيًا، وفي تبسيط مخل يمكنننا التعبير عن الاختلاف بينهما وكأن الاستفعال يستدعي عملية/ عمليات اكساب/اكتساب الجنس ، وفي "الجنوسة" توحي بجنس "مُكتسب". أما الناحية الثانية فهي تتعلق بصلاحية صيغة الاستجناس للاشتقاق منها، فيمكننا أن نولد منها بسهولة الهوية "المستجنسة" لنقل "gendered identity"". [37]
الجندر والجنس البيولوجي
بدأ الفصل ما بين الجندر والجنس البيولوجي في خمسينات القرن العشرين، وأصبح الجندر يُقدم باعتباره المعنى الاجتماعي للجنس البيولوجي، بمعنى مجموع الصفات والأدوار والسلوكيات المُتوقعة اجتماعيًا من الذكور والإناث البيولوجيين على اختلافاتهمن. برز هذا الخطاب تحديدًا مع الموجة الثانية من الحركة النسوية، حيثُ بدأت النسويات في رفع شعارات تطالب بالمساواة الجندرية (gender equality)[38]، وكانت خطاباتهن ترتكز على أنه بالنظر للاختلافات بين الذكور والإناث باعتبارها قائمة على أساس بيولوجي -بكلماتٍ أُخرى على أساس أنها اختلافات (طبيعية)- ، فاللامساواة بينهمن تصبح معطى محدد بيولوجيًا أي لا يمكن تحديه أو تغييره، ولكن بالتعامل مع الجنس البيولوجي باعتباره الثابت المادي، والجندر باعتباره بنية اجتماعية ناتجة عن التفاعلاات التاريخية والثقافية فإذًا يمكن تحديها وتغييرها. [39]كانت الصفات البيولوجية المختلفة ما بين الإناث والذكور تستخدم للتدليل على الاختلافات في السلوك وفي الصفات ما بين النساء والرجال بمعناهمن الاجتماعي.
كتببت سيمون دوبوفوار في كتابها "الجنس الثاني" اننا لا نولد نساء ولكننا نتعلم كيف نصبح نساء، ومن هنا بدأ التنظير حول فكرة التنشئة الاجتماعية ، وهي العملية التي يكتسب من خلالها الأفراد صفات الرجولة أو الأنوثة من خلال ما يمليه عليهمن محيطهمن، وما تحفزه لديهم سلوكيات من حولهمن في الأسرو العائلة والتعليم والإعلام والقوانين فالقوى الاجتماعية التي تحيط بالأفراد هي ما تجعل منهم نساءً وؤجالًا، وليست الطبيعة البيولوجية أو نسب الهورمونات أو التشريح الجسدي،[40] فبالنسبة لكيت ميليت، وهي إحدى أهم منظرات الموجة النسوية الثانية، فالجندر هو مجموع ما يقوم الآباء والمحيط الاجتماعي والثقافة بتعزيزه كصفات وأنماط سلوكية تشمل الشخصية والتفضيلات الوضع الاجتماعي وقيمة الفرد والتعبيرات المناسبة لكون الفرد ذكر/ رجل أو أنثى/ امرأة.[41] وتتلخص الاشكالية هنا أن البنى الجندرية الموجودة تعزز من التراتبية بين النساء والرجال، وتدعم خضوع النساء أو وجودهم في منزلة أدنى من الرجال، وبالتالي يتم تنشئة النساء على قيم الخضوع والطاعة والسلبية.
الكثير من الباحثات وضمنهن النسويات تعاملوا مع مسألة الجنس البيولوجي باعتبارها مسألة بيولوجية بحتة وغير مرتبطة بالسياق الاجتماعي والسياسي، وبالتالي لم يكن التصنيف الجنسي الثنائي ذكر/أنثى موضع للتساؤل. ولكن بدأ ت بعض النسويات، مع بداية الموجة النسوية الثالثة في تسعيات القرن العشرين، بالتنظير حول تأثير النظم الاجتماعية على بيولوجيا الجسد الإنساني، فالنظم الاجتماعية تقوم بإنتاج وإعادة إنتاج الأجساد المُجنسة، فبالنظر إلى الفروق في البنية العضلية للأجساد الأنثوية والذكورية، نرى أنها مرتبطة بالتوقعات الاجتماعية من الذكور والإناث والمرتبطة بالمجهود المتوقع بذله والنظم الغذائية (في بعض السياقات الاجتماعية كون المرأة في مرتبة أدنى يجعلها تتمتع بفرص أقل في التغذية وبالتالي لا تمتلك جسد قوي) وفرص التمرين،[41] تشير هذه الأمثلة إلى حقيقة أن البنية الفسيولوجية للأجساد الأنثوية والذكورية ليست مسألة بيولوجية بحتة وإنما هي نتيجة لتفاعل تلك الأجساد مع السياقات الاجتماعية التي يتم تنشئتها فيها.
بدأ التقسيم الثنائي للجنس البيولوجي في أواخر القرن الثامن عشر، والذي نتج عنه رسم أطر اجتماعية محددة لتكوين الأجساد الأنثوية والذكورية والذي يُحدد بناءً على الكروموسومات وحجم الجسد وكثافة الشعر وتكوين الأعضاء الجنسية، ففي النظريات العلمية للحضارة الإغريقية القديمة، كان يتم التعامل مع الأجساد الأنثوية والذكورية على أنها تمتلك تشريحًا واحدًا وأن الاختلافات ما بين الأجهزة التناسلية للجنسين هي اختلافات طفيفة، حتى أنهم كانوا يطلقون على المبايض والخصيتين نفس الإسم، كان يُنظر للفرق بين الجنسين من خلال تواجد الأعضاء النسية داخل الجسم بالنسبة للإناث وخارجه بالنسبة للذكور، وبالتالي كان يُنظر للأجساد الأنثوية والذكورية بصفتها تتبع نموذج الجنس الواحد. [42] جادلت آن فوستو ستيرلينج، أستاذة دراسات الجندر والبيولوجيا، أن نموذج الثنائية الجنسية ليس وافيًا أيضًا، بالنظر لعدد الأشخاص مزدوجي الجنس (Intersex)، أي الذين يمتلكون تركيبات متنوعة من الصفات الجنسية الأولية أو الثانوية لا تتبع الأنماط المحددة لتصنيفات الثنائية الجنسية، فوفقًا لها 1.7% من الأشخاص يقعون تحت تصنيف مزدوجي/ات الجنس ، مما يطرح وجود على الأقل جنس ثالث لا يتبع معايير الثنائية.[43]
تجادل باحثة الأنثروبولوجيا أويرونكي أويومي، مستشهدة بما كتبته جوديث باتلر في كتابها إشكالية الجندر، أن الجنس البيولوجي هو الجندر، بمعنى أن الجنس البيولوجي لا يوجد خارج السياق الاجتماعي الذي يشكله الجندر، فمعيارية الثنائية الجندرية هي ما تعطي المعنى للأجساد المُجنسة أو للجنس الطبيعي، وفهمنا وممارستنا للجندر هي ما تشكل فهمنا للجنس البيولوجي.<ref>أويرونكي أويومي، اختراع النساء، الفصل الأول، 1977.</ref فعلى سبيل المثال عندما يقوم الطبيب بتحديد ما إذا كان/ت المولود/ة بنت أم ولد، في هذه اللحظة لا يقوم الطبيب بعمل خطاب توصيفي لما رآه، بل إنه يقوم بإعادة إنتاج خطاب معياري، يعتمد على ما هو مرسخ بالفعل عن تكوين وشكل الأجساد الأنثوية والذكورية، فالرؤية المُجنسة للأجساد ليست مبنية على سمات موضوعية تكمن في الطبيعة البشرية، بل إن أجسادنا المُجنسة هي نتيجة لخطابات وتفاعلات اجتماعية مبنية أيديولوجيًا على الجندر. لا تنفي جوديث باتلر وجود الأجساد المادية، ولكنها تدرس السياق الاجتماعي الذي يتم رؤية هذه الأجساد من خلاله.جادلت ستون ما تقوله باتلر، قائلة أنه من الأدق القول بأن بنائية الجنس البيولوجي والجندر لا تعني بالضرورة أنهم نفس الشئ، ولكنها تعني أن الحقائق المزعومة حول الجنس البيولوجي تأتي من الافتراضات المرتبطة بالمعايير الجندرية، وأنها محكومة بالطريقة المتوقع بها أن يسلك الرجال والنساء، إذًا فالادعاءات حول الجنس البيولوجي ليست هي نفسها الادعاءات حول الجندر، ولكنها مبنية على المعايير الجندرية. [41]
الجندر واللغة
مصادر
- ↑ عصمت محمد حوسو، الجندر: الأبعاد الاجتماعية والثقافية، ص47
- ↑ 2٫0 2٫1 2٫2 2٫3 2٫4 2٫5 2٫6 2٫7 2٫8 2٫9 R.W. Connell, "Gender and power: Society, the person and sexual politics, Stanford University Press, 1987, p. 23-38
- ↑ "A Vindication of the rights of woman", Grade Saver Website،
- ↑ "What Happened at the Seneca Falls Convention?", History Channel on Youtube, Published on 18 March 2018.،
- ↑ "Seneca Falls convention", History.com, Published on 10 November 2017،
- ↑ "Karl Heinrich Ulrichs, First Theorist of Homosexuality", Hubbert Kenedy, In Science and Homosexualities, ed. Vernon Rosario, 1977, p.5-6،
- ↑ [http://www.genderspeaker.com/magnus-hirschfeld-1868-1935/ "Magnus Hirschfeld (1868–1935) The Father of Transgenderism", gender speaker.com]،
- ↑ The Dictionnary of Modern American philosophers, Jhon R. Shook, 2010, p.2374-2376
- ↑ International Encyclopedia Of the Social Sciences, Géza Roheim ،
- ↑ Myth of Masculinity, overview, mitpress .
- ↑ Marsha M. and LinehanKelly J. Egan, Assertion training for women, 1979.
- ↑ Patricia Page, "Masculinity in crisis?", National University of Ireland, August 1999.
- ↑ "The Hazards of being male: Surviving the myth of masculine privilege", overview on Amazon, 15 July 2009.
- ↑ Sally S. Simpson,Feminist Theory, Crime And Justice, University of Maryland, 1989, p.607 .
- ↑ [dehanz.net.au/entries/girls-school-and-society-2/ Craig Campbell, "Girls, School and Society Australia, 1975",Dehnaz.net, 31 January 2018].
- ↑ Christine Delphy, "The main enemy", libcom.org.
- ↑ "The Dialectic of Sex: The Case for Feminist Revolution", overview, amazon.com.
- ↑ "Against our will: Men, women and Rape", Overview, Amazon.com.
- ↑ Wikipedia contributors. (2019, June 28). Pornography: Men Possessing Women. In Wikipedia, The Free Encyclopedia. Retrieved 17:33, September 11, 2019
- ↑ "psychoanalysis and Feminism: A Radical Reassessment of Freudian Psychoanalysis", overview, Google books.
- ↑ Ann Snitow, "thinking about the mermid and the minotaur", Jstor.org, Published by: Feminist Studies, Inc., June 1978..
- ↑ Raia Small, "Silvia Federici reflects on Wages for Housework", New Frame, 18 Oct 2018..
- ↑ "Pink Collar Workers", overview, amazon.com
- ↑ "Men and Masculinity: Gay Liberation And Queer Theory", science.jrank.org.
- ↑ Wikipedia contributors. "The Homosexualization of America." Wikipedia, The Free Encyclopedia. Wikipedia, The Free Encyclopedia, 24 May. 2019. Web. 12 Sep. 2019.
- ↑ Massan d’ALMEIDA,"Comprendre le Concept Genre", genre en action.، نص إضافي.
- ↑ "Définitions de l’approche de genre et genre & développement",Adéquations.org, Janvier 2016.
- ↑ مسعود، "جندر أو نوع اجتماعي: كيف يسجننا المجتمع داخل قوالب نمطية"، ولها وجوه أخرى، نُشِر بتاريخ 18 أكتوبر 2017.
- ↑ حلقة:مفهوم الجندر: دعوة للمساواة أم التماثل"، الجزيرة، نُشِرت بتاريخ 17 فيراير 2003.
- ↑ "مبادئ توجيهية في سبيل صياغة شاملة جنسانيا باللغة العربية"، الأمم المُتحدة.
- ↑ "ماهي الجنسانية"، منتدى الجنسانية..
- ↑ هدى الصدة، "دراسات النوع في العالم العربي: تساؤلات عن تحديات الخطاب والموقع والتاريخ"، 2012، ص. 3-4.
- ↑ مقابلة هدى الصدة مع مجلة الألف، خريف 1998، النسوية والدراسات التاريخية، مؤسسة المرأة والذاكرة 2015، ص. 281.
- ↑ هالة كمال، "النوع الاجتماعي (الجندر): التنوع الثقافي والخصوصية الثقافية"، ص.2 .
- ↑ هدى الصدة، "دراسات النوع في العالم العربي: تساؤلات عن تحديات الخطاب والموقع والتاريخ"، 2012، ص. 2.
- ↑ عباس، النسوية والدراسات التاريخية، 2015، مقدمة المترجمة.
- ↑ Elinor Burkett, "Feminism: Second Wave",Britannica.org.
- ↑ Scott Yenor, "The rolling revolution in sex and gender: A History", The public discourse, 31 July 2017.
- ↑ Gender socialization, Understanding Society course - SOCI 1101.
- ↑ 41٫0 41٫1 41٫2 Mari Mikkola, "Feminist perspectives on sex and gender", The stanford Encyclopedia of philosophy, 25 October 2017, Edward N. Zalta (Ed.)
- ↑ "One-Sex Theory." Encyclopedia of Sex and Gender: Culture Society History. . Encyclopedia.com..
- ↑ ِِِِِِAnne Fausto Sterling, "Gender and Sexuality, Intersex..