حبوب منع الحمل

من ويكي الجندر
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

حبوب منع الحمل(أيضا: موانع الحمل الفموية) موانع حمل هرمونية لاستخدام النساء تُؤخذ عن طريق الفم تحتوي على مشتقات مصنعة للهرمونات الجنسية الأنثوية، تنقسم إلى حبوب منفردة تحتوي على مشتقات البروجسترون المعروفة باسم مركبات البروجستين أو حبوب مزجية تحتوي على مركبات البروجستين ومشتقات الإستروجين معًا. تؤثر هذه الحبوب على فسيولوجيا الجهاز التناسلي الأنثوي وتتداخل مع الدورة الطبيعية للهرمونات من أجل منع حدوث الظرف الملائم للإباضة والحمل. (بالإنجليزية: Oral Contraceptives)

تاريخ

ظهرت حبوب منع الحمل لأول مرة في 1957 بعد ما يزيد على عقدين من الدراسات والأبحاث المستمرة من أجل الوصول إلى بديل هرموني مناسب وآمن قابل للاستخدام بدون آثار دائمة على الخصوبة. وقد حازت الحبة الأولى لمنع الحمل، إينوفيد Enovid، على ترخيص من هيئة الغذاء والدواء الأمريكية للاستخدام كعلاج للاضطرابات الهرمونية، وبعد ثلاثة سنوات، حازت على ترخيص للاستخدام كمانع للحمل.[1]

قاد جهود هذا الاكتشاف عالم فسيولوجيا أمريكي من جامعة هارفارد يُدعى جريجوري بينكوس قام خلال فترة عمله في هارفارد في ثلاثينات القرن العشرين بالعديد من التجارب على الحيوانات المعملية من أجل فهم أفضل لدور الهرمونات الجنسية في حدوث عملية الإخصاب والحمل، وقد نجح خلال تجاربه في حمل بعض بويضات الأرانب على التطور إلى أجنة بدون تخصيب بسبب فهمه العميق للعملية الكيميائية خلف الإخصاب ودور الهرمونات في حدوثها. حدث ذلك في فترة لم يكن المجتمع العلمي فيها قادرًا على تقبل هذه التجارب وقد طرحت تساؤلات أخلاقية أكثر مما أجابت عنه من تساؤلات علمية، ولذا فإن النتيجة الطبيعية لخروج نتائج تجاربه إلى العلن ووصولها إلى عيون الصحافة كان تعرضه لهجوم حاد صوره باعتباره عالمًا مجنونًا، وقد قادت هذه الهجمة الإعلامية جامعة هارفارد إلى إنهاء تجاربه وطرده من عمله كباحث وأستاذ مساعد في الجامعة.

تجارب جريجوري بينكوس وجون روك

لم يُثن ذلك من عزم بينكوس، واستمر عمله في السنوات اللاحقة من أجل الحصول على فرصة للاستمرار في تجاربه على الخصوبة، ونجح في 1944 في إنشاء معهد وورسيستر للأحياء التجريبية Worcester Institute for Experimental Biology، حيث يتمكن من إجراء تجاربه بدون الاضطرار دومًا إلى مواجهة اعتراضات وسياسات المؤسسات الأكاديمية. وبعد عدة سنوات نجح قادته تجاربه نحو اكتشاف تأثير المركبات البروجستينية (البدائل المصنعة لهرمون البروجسترون) كموانع فعالة للحمل في 1950.[2]

عرض بينكوس اكتشافاته على عالم آخر من علماء جامعة هارفارد هو جون روك الذي كان يعمل طبيب نسائية ومسؤولًا عن عيادة أمراض الخصوبة في مستشفى ماساتشوستس العام في بوسطن. وقد سهل جون روك لزميله فرصة تجربة مركبات بروجستينية مختلفة على مريضاته في المستشفيات التي عمل بها، علمًا بأن جون روك كان يجري تجاربه الخاصة على النساء العاقرات من أجل زيادة خصوبتهن باستخدام المشتقات الهرمونية كذلك.

لم يكن بينكوس وروك يحققان ما يكفي من النتائج من أجل حملها إلى هيئة الغذاء والدواء الأمريكية للحصول على ترخيص لتداول الدواء، وكانت معلوماتهم عن تأثيرات مركبات البروجستين على الجهاز التناسلي الأنثوي غير مكتملة. خاصة وأن غالبية السيدات اللواتي قمت بتجربة حبوب منع الحمل في مستشفى ماساتشوستس العام، وغالبيتهم المطلقة من الفقيرات ومحدودات الدخل، توقفن عن تناولها قبل نهاية العام الأول بسبب أعراضها الجانبية. كانت تلك الفترة قد شهدت تواصلًا بين بينكوس وروك وبين ناشطة نسوية في حركة تحديد النسل في الولايات المتحدة تُدعى كاثرين مكورماك، والتي أبدت استعدادها لدعم العالمين في تجاربهم وذلك ضمن سعي الحركة بالمجمل إلى اكتشاف وسيلة لمنع الحمل تستخدمها النساء بأمان وبدون قدرة الرجل على التأثير في قرار استخدامها.

انتقلت تجارب بينكوس وروك إلى مستشفى وورسيستر ستيت، وهو مستشفى تعليمي سبق وأن استخدمه علماء وأطباء جامعة هارفارد كثيرًا من أجل إجراء تجارب علمية وطبية على المرضى المصابين بأمراض نفسية وعقلية، وقد اختار بينكوس 16 سيدة من نزيلات المستشفى وقام بحقنهن ببعض المركبات الهرمونية وأجرى لهن جراحات لاستئصال الرحم من أجل فحص تأثير المركبات على الإباضة معمليا. وقد نشر نتائج بحثه في مجلة لانسيت الطبية المعروفة.

تجارب بورتو ريكو

انتقلت لاحقًا تجارب بينكوس وروك في 1956 إلى بورتو ريكو، وهي تابعية أمريكية تخضع لسيطرة الولايات المتحدة منذ القرن التاسع عشر، وقد أجرى العالمان هناك تجاربهم على عشرات النساء من ذوي الدخل المحدود، في بيئة فقيرة تعاني من مستويات متدنية من التعليم وارتفاع عال في معدلات الخصوبة، لقد كانت بورتو ريكو بيئة مثالية لإجراء التجارب بالنسبة لبينكوس وروك ومكورماك حيث أعداد كبيرة من النساء مستعدات لتجربة دواء جديد يمنع الحمل بدون أن يهتم المسؤولون عن التجربة كثيرًا بتبعاتها الأخلاقية. خاصة وأن بورتو ريكو كانت أكثر قبولًا لفكرة منع الحمل وتنظيم الأسرة من مجتمع بوسطن الذي تغلب عليه النزعة الكاثوليكية، كما لم يكن في الولايات المتحدة جميعها أي منطقة تتميز بمعدلات خصوبة وكثافة سكانية بارتفاع مثيلاتها في بورتو ريكو، وقد أجرى بينكوس وروك تجاربها على مركب بروجستيني يُدعى نورإتينودريل noretynodrel ولاحقًا أُضيفت له جرعة منخفضة من مشتق إستروجيني يُدعى مسترانول mestranol من أجل زيادة فعالية البروجستين.

كانت طبيبة بورتو ريكية تُدعى إدرس رايس-راي هي حلقة الوصل مع بينكوس وروك وهي التي سهلت لهم إجراء تجاربهما بفضل إدارتها لإتحاد تنظيم الأسرة في بورتو ريكو. وقد أجرى الرجلان تجاربهم على 200 سيدة لاختبار تأثير مزيج نورإتينودريل مع مسترانول لمدة عام واحد، وقد أكملت 130 سيدة التجربة فقط وانسحبت منها الباقيات بسبب عدم قدرتهن على تحمل الأعراض الجانبية. على الرغم من ذلك فقد أثمرت التجربة عن نتائج واعدة حيث بلغت نسبة نجاح المزيج المذكور في منع الحمل 100%. نقلت الطبيبة إدرس رايس-راي تخوفاتها لكل من جريجوري بينكوس وجون روك بخصوص الأعراض الجانبية التي اشتكت منها كذلك 17% من النساء اللواتي أكملن التجربة إلى نهايتها، ولكن كلا الرجلين وممولتهم كاثرين مكورماك لم يعطوا للأمر أي اهتمام. وبالنسبة لجريجوري بينكوس فقد أصر على مدى السنوات اللاحقة على أن هذه الأعراض الجانبية ذات منشأ نفسي وليست بسبب تأثيرات مباشرة للدواء على الجسم ولا علاقة لها بالتأثير الهرموني الذي تحدثه الحبوب في أجساد النساء، وقال أكثر من مرة أن النساء تُصاب بهذه الأعراض لأنها تتوقع حدوثها فقط.[3]

نُقلت نتائج تجربة بورتو ريكو إلى هيئة الغذاء والدواء الأمريكية، ونجحت شركة جي. د. سيرلي لصناعة الأدوية في استصدار تصريح بتداول الدواء في 1957 كعلاج لاضطرابات الدورة الشهرية ومن ثم في 1960 كحبوب لمنع الحمل.

استمر تطور حبوب منع الحمل خلال العقود اللاحقة، وقد ركزت الأبحاث قدر المستطاع على اكتشاف التأثيرات طويلة المدى ومحاولة تقليص الأعراض الجانبية ذات السمة الأندروجينية، والمقصود هنا هو الأعراض الجانبية التي تتسبب فيها طبيعة البدائل الهرمونية الأنثوية والتشابه في تركيبها الكيميائي مع تركيب الإندروجين (التستوستيرون)، مثل زيادة الوزن وظهور حب الشباب ونمو الشعر على الوجه والصدر، بالإضافة إلى تقليص الأعراض الجانبية الأخرى التي تتسبب بها الجرعة العالية من البروجستين التي استخدمها كل من بينكوس وروك في أبحاثهم الأولى، حيث اختار بينكوس استخدام جرعات عالية من الدواء لضمان أعلى قدر ممكن من الفعالية، وتثبت الدراسات اللاحقة أن الجرعات التي استخدمها بينكوس وروك كانت مرتفعة بدون داعي وبالإمكان تحقيق نتائج نجاح عالية في منع الحمل بجرعات أقل.

الدورة الشهرية الطبيعية

تنقسم الدورة الشهرية الطبيعية إلى ثلاثة مراحل، تبدأ عند أول يوم في الحيض وتنتهي قبل بداية الحيض في الدورة التالية، بحسب الأدبيات الطبية التقليدية فإن الدورة الشهرية المنتظمة والطبيعية تبلغ مدتها 28 يومًا، على الرغم من أن الدورة الطبيعية تتراوح ما بين 24 إلى 38 يوم،[4] أما من تنقضي دورتهن الشهرية خلال 28 يوم لا تزيد نسبتهن عن 15% من النساء، بالإضافة إلى حوالي 20% من النساء يختبرن في العادة دورات شهرية غير منتظمة.

الدورة الشهرية هي دورة حياة بويضة واحدة تنطلق من أحد المبيضين بعد نموها ونضوجها وانطلاقها عبر قناة فالوب إلى الرحم ومن ثم موتها وسقوطها مع بطانة الرحم خلال فترة الطمث، وتتميز هذه الفترة بتغيرات هرمونية مترابطة ببعضها البعض عبر ثلاثة غدد هرمونية رئيسية:

  • الوطاء أو تحت المهاد Hypothalamus الذي يقع في الدماغ والمسؤول عن إفراز هرمون GnRH
  • الغدة النخامية المسؤولة عن إفراز هرموني LH و FSH
  • لمبيض المسؤول عن إفراز الهرمونات الجنسية بالإضافة إلى الاستروجين والبروجسترون.

وجميع هذه الهرمونات يزداد إفرازها ويزداد تركيزها في الدم أو ينخفض حسب كل مرحلة. مع الأخذ بالاعتبار أن هذه التقلبات مرتبطة ببعضها البعض وتركيز كل هرمون في الدم يملك تأثيرًا على تركيز الهرمونات الأخرى، وهذا التأثير هو ما يعطي الدورة الشهرية طابعها التلقائي وديمومتها الطبيعية طالما لم يحدث في جسد المرأة أي تغيرات أخرى تؤثر على الدورة الطبيعية وسريانها.

مراحل الدورة الشهرية

عادة ما تمر الدورة الشهرية الطبيعية بثلاثة مراحل مختلفة:

أولا : المرحلة الجريبية أو الطور الجريبي، ويتميز بظهور الجريبات داخل المبيض ونمو واحدة منها ستتحول لاحقًا إلى بويضة مكتملة.

ثانيًا : مرحلة الإباضة أو طور الإباضة، وتتميز بظهور البويضة وتحررها من المبيض.

ثالثًا: المرحلة الأصفرية أو الطور الأصفر، وتتميز بظهور الجسم الأصفر وتدعيم بطانة الرحم لاستقبال البويضة المخصبة وحدوث الحمل، وفي حال لم يحدث الإخصاب تضمحل البطانة وتسقط من الرحم على شكل نزف الحيض الشهري.

المرحلة الجريبية

المرحلة الجريبية أو الطور الجريبي (بالإنجليزية: Follicular phase)، سُميت بهذا الاسم بسبب تميزها بنمو الجريبات المبيضية. جُريب في اللغة مصغر جراب، وقد تعني الكيس الصغير وتعني أيضًا العش أو الوكر، واصطلاحًا هي خلية مبيضية تتطور خلال الدورة الشهرية وتتحول إلى بويضة. تستمر المرحلة الجريبية من اليوم الأول للدورة (اليوم الأول للحيض) حتى اليوم الثالث عشر أو الرابع عشر تقريبًا (في دورة مدتها 28 يوم).

التغيرات الهرمونية
  1. تبدأ الدورة بمستويات منخفضة من الاستروجين والبروجسترون من الدورة السابقة، وتحفز هذه المستويات المنخفضة إفراز هرمون GnRH من الوطاء Hypothalamus
  2. إفراز هرموني FSH و LH من الغدة النخامية، يرتفع تركيز FSH في بداية الطور من أجل تحفيز نمو الجريبات في بداية المرحلة الجريبية ويظل تركيز LH منخفضًا نسبيًا قبل أن يرتفع عن نهاية المرحلة وبداية المرحلة التالية.
  3. إفراز هرمون الاستروجين من الجريبات النامية (ويظل مستوى بروجسترون منخفضًا في هذه المرحلة).
  4. انخفاض إفراز هرمون GnRH بفضل التركيز المرتفع تدريجيا للإستروجين، ولكن عندما يصل الإستروجين عند حد معين ويستقر لمدة 48 ساعة فإنه يحفز إفراز هرمون GnRH والذي يكون مسؤول عن إفراز دفقة surge ذات تركيز عالي من هرمون LH تكون بداية المرحلة التالية.
التغيرات الفسيولوجية
  1. بدء نزف الحيض (سقوط بطانة الرحم القديمة بسبب انخفاض الإستروجين والبروجسترون من الدورة السابقة).
  2. نمو عدة جريبات داخل المبيض، لكن واحدة منها تصبح الجُريبة المهيمنة (dominant follicle) بفضل تأثير هرمون FSH بينما تتضائل الجريبات الأخرى، هذه الجريبة ستتمزق في المرحلة التالية بعد اكتمال نموها لتخرج منها البويضة وتتحرر من المبيض.
  3. بطانة الرحم تبدأ النمو مرة أخرى بفضل الإستروجين.
  4. عنق الرحم يفرز مخاطًا أكثر لزوجة لتسهيل مرور الحيوانات المنوية لاحقًا.

مرحلة الإباضة

طور الإباضة (بالإنجليزية: Ovulation phase) هي المرحلة التي يحدث فيها نضج البويضة وخروجها من الجريبة المهيمنة بعد تمزقها ووصولها إلى قناة فالوب، تستمر لمدة يوم واحد وغالبًا ما يكون اليوم الرابع عشر (في دورة مدتها 28 يوم).

التغيرات الهرمونية
  1. تبدأ المرحلة بارتفاع متصاعد في تركيز هرمون LH يصل لعشرة أضعاف تركيزه في بداية الدورة الشهرية.
  2. ارتفاع تركيز هرمون FSH بشكل طفيف بالترافق مع هرمون LH.
  3. ينخفض تركيز الإستروجين مع بداية الإباضة بعد ارتفاعه التدريجي خلال المرحلة السابقة.
  4. إفراز نبضي pulsate من هرمون GnRH من الوطاء.
التغيرات الفسيولوجية
  1. تمزق الجريبة المهيمنة Dominant follicle وتحرر بويضة ناضجة من المبيض وانتقالها إلى قناة فالوب.
  2. ارتفاع لزوجة مخاط عنق الرحم.

المرحلة الأصفرية

المرحلة الأصفرية أو الطور الأصفر (بالإنجليزية: Luteal phase) يتميز بتشكل الجسم الأصفر Corpus luteum من بقايا الجريبة والذي يفرز مستويات مرتفعة من البروجسترون. تتزايد متانة وتمايز نسيج بطانة الرحم أجل تهيئتها لاستقبال الجنين. تستمر من اليوم الخامس عشر حتى نهاية الدورة وبداية الحيض (في دورة مدتها 28 يوم).

التغيرات الهرمونية
  1. إفراز كميات كبيرة من البروجستيرون من الجسم الأصفر.
  2. انخفاض تركيز الاستروجين مقارنة بالمرحلة السابقة ولكن يظل تركيزه عن مستوى كافٍ لدعم بطانة الرحم.
  3. إنخفاض كل من LH و FSH وكذلك GnRH بسبب التغذية الراجعة من مستويات الاستروجين والبروجسترون المرتفعة.
  4. في حال لم يحدث حمل، ينخفض مستوى الإستروجين والبروجسترون بشكل حاد عند اليوم السادس والعشرين إلى الثامن والعشرين من الدورة.
  5. في حال حدث حمل، يزداد يبدأ إفراز hCG وهو يساعد على الحفاظ على مستويات الإستروجين والبروجسترون.
التغيرات الفسيولوجية
  1. تصبح بطانة الرحم سميكة وغنية بالأوعية الدموية والغدد المخاطية. أي أنها تصبح مهيأة لاستقبال الجنين.
  2. ازدياد لزوجة مخاط عنق الرحم إلى الحد الذي يصبح فيه غير ملائم لمرور الحيوانات المنوية.
  3. في حالة عدم حدوث الإخصاب والحمل: يضمحل الجسم الأصفر وتضعف بطانة الرحم وتتهيأ للسقوط.
  4. في حالة حدوث الإخصاب والحمل يحافظ هرمون hCG على الجسم الأصفر والذي يحافظ بدوره على مستويات مرتفعة للبروجسترون والاستروجين.

آلية تأثير حبوب منع الحمل

يؤثر منع الحمل الهرموني على الفسيولوجيا الطبيعية للجهاز التناسلي الأنثوي عند طريق التداخل مع الدورة الطبيعية للهرمونات، ويعمل بذلك على منع حدوث الظرف الملائم للإباضة ووقوع الإخصاب والحمل. وتمد حبوب منع الحمل الجسم بمستوى ثابت ومحدد من الهرمونات الجنسية بحيث تخلق حالة مشابهة لحالة الحمل وتمنع بالتالي تنشيط التغيرات الهرمونية الطبيعية في الغدد الرئيسة الثلاثة المذكورة سابقًا (الوطاء والغدة النخامية والمبايض).

تأثير الاستروجين

تمد حبة منع الحمل الجسم بمستوى ثابت من الاستروجين عند تركيز معين، وبالتالي تمنع التقلبات في مستوى الاستروجين التي تتسبب (في حالة الدورة الطبيعية) في حدوث دفقة هرمون LH المسؤولة عن الإباضة. وهذا يعني أن الاستروجين من حبة منع الحمل يمنع بداية المرحلة الثانية من الدورة الشهرية والإباضة. ينجح الاستروجين في منع الإباضة لدى 90-95% من النساء اللواتي يستخدمن حبوب منع الحمل المزجية من أجل منع الحمل.

تأثير البروجستين

تمد حبة منع الحمل الجسم أيضًا بمستوى معين من البروجستين، والذي يؤثر بدوره على مخاط عنق الرحم فيجعله أقل لزوجة وأكثر جفافًا وبالتالي غير مناسب لعبور الحيوانات المنوية، كما أنه يعمل على تقليص حجم بطانة الرحم وبالتالي تصبح أقل موائمة لانغراس البويضة. جدير بالذكر أن بعض مركبات البروجستين الحديثة (مثل ديسوجستريل desogestrel و دوسبيرونون dospironone) تستطيع أن تثبط الإباضة عند تراكيز مرتفعة.

الفعالية

تصل فعالية حبوب منع الحمل المزجية إلى 91% من النساء اللواتي يستخدمن الدواء بشكل واقعي Typical Use أي مع الأخذ بعين الاعتبار حدوث هفوات في الاستخدام أو نسيان مواعيد الدواء في بعض الأحيان، بمعنى أن 9 نساء من كل 100 امرأة تستخدم حبوب منع الحمل قد يحدث لديهن حمل غير مرغوب خلال السنة الأولى من الاستخدام، وفي حالة تناول حبوب منع الحمل بشكل مثالي Perfect Use تنخفض نسبة الحمل غير المرغوب إلى 0.5% (نسبة الفعالية 99.5%).

تحسين الفعالية

استخدام حبوب منع الحمل، وأي وسيلة منع حمل أخرى، لا يعني بأي حال ضمان منع وقوع الحمل على الإطلاق، خاصة وأن تناول الحبوب عادة يومية يكون الحفاظ عليها باستمرار وانتظام أمرًا فيه شيء من الصعوبة، ولذا فإن كثيرًا من الشركاء مستخدمي وسائل منع الحمل يعانون أحيانًا من الحمل غير المرغوب بسبب عدم الالتزام بتعليمات الاستخدام وفشل الوسائل المستخدمة. على سبيل المثال، في الولايات المتحدة تستخدم 93% من النساء في سن الإنجاب وغير الراغبات به وسائل لمنع الحمل، بينما 7% فقط لا يستخدمن أي وسائل لمنع الحمل، وعلى الرغم من ذلك فإن 53% من حالات الحمل غير المرغوب في الولايات المتحدة تحدث مع نساء يستخدمن وسائل لمنع الحمل وذلك بسبب عدم استخدامهن لهذه الوسائل بالشكل المطلوب.[5]

من أجل تحسين فعالية حبوب منع الحمل، يجب الالتزام بالتعليمات التالية:

  1. يجب أن تختار السيدة نوع حبوب مناسب لوضعها الصحي، مع الأخذ بعين الاعتبار فعاليته وقدرة جسدها على التأقلم مع الأعراض الجانبية، ويُفضل استخدام حبوب منع الحمل المزجية (التي تحتوي على مركب بروجستيني ومشتق إستروجيني) ما لم تنصح الطبيبة بخلاف ذلك، وتستخدم المرضعات حبوب منع حمل منفردة (تحتوي على البروجستين فقط).
  2. يجب الالتزام بتناول حبة منع الحمل في اليوم الأول بحسب الطريقة التي تقررها الطبيبة أو مستخدمة حبوب منع الحمل
  3. غالبًا ما تُغلف حبوب منع الحمل داخل أشرطة مرقمة ومعلمة حسب أيام الاسبوع، يجب أخذ حبة واحدة يوميًا وبانتظام بحسب الترتيب على غلاف الشريط.
  4. يجب تناول الحبة في ذات الموعد المحدد كل يوم من دون أي تأخير، يعتبر بعض الأطباء أن تأخيرًا لمدة 3 ساعات قد يؤدي إلى فشل وسيلة منع الحمل.
  5. في حال نسيان موعد الحبة، تُتناول فور تذكرها مع الالتزام بتناول الحبة التالية في موعدها (حتى لو اضطرت المستخدمة أن تتناول حبتان في ذات اليوم).
  6. في حالة نسيان الحبة ليومين متتاليين، تعود السيدة لاستخدام الحبة مرة أخرى مع استخدام وسيلة منع حمل إضافية لمدة سبعة أيام.[6]


الأعراض الجانبية

تؤثر حبوب منع الحمل على النساء بأشكال متفاوتة، تتراوح ما بين اختلاف شدة الأعراض أو حدوثها من الأساس، وتختبر بعض النساء أحيانًا أعراضًا وتأثيرات متناقضة. تشمل الأعراض الجانبية الأكثر شيوعًا لحبوب منع الحمل: الغثيان والقيء، الصداع، المغص والهزال، ألم الثديين وزيادة الوزن بسبب احتباس السوائل. يمكن أن تصاب مستخدمة حبوب منع الحمل كذلك باضطراب في الدورة الشهرية، يتراوح ما بين انقطاع الدورة إلى زيادة فترة الدورة الواحدة (فترة الحيض).[7] في بعض النساء ترتفع احتمالية الإصابة بسرطان الثدي وسرطان عنق الرحم، وهي احتمالية ضئيلة يُجادل في كونها غير مؤثرة ولا علاقة لها بحبوب منع الحمل اطلاقا. كما أن بعض الدراسات تربط بين حبوب منع الحمل وبين انخفاض نسبة الإصابة بسرطانات أخرى منها سرطان الرحم والمبيض والأمعاء.[8] تزيد حبوب منع الحمل أيضًا في بعض الحالات من مخاطر حدوث الجلطات الشريانية والتخثرات الوريدية العميقة، كما أنها تزيد من احتمالية ارتفاع ضغط الدم ويتعارض استخدامها مع المصابات بضغط الدم المرتفع.

تختبر أيضًا بعض النساء في حالة استخدام حبوب منع حمل منفردة، خاصة خلال شهور الاستخدام الاولى، نزيفًا غير منتظم بين الدورات الشهرية، تتسبب به الجرعة المنخفضة من الإستروجين التي تتسبب في عدم استقرار بطانة الرحم. تؤثر موانع الحمل المنفردة أيضًا على عملية استقلاب العظام، ويؤدي استخدامها طويل الأمد (خاصة في حالات الحقن) لمدة سنتين أو أكثر إلى إصابة المستخدمة بهشاشة (ترقق) العظام، على النقيض من موانع الحمل المزجية التي تحتوي على الاستروجين الذي يؤثر إيجابًا على كثافة العظام.

طريقة الاستخدام

يمكن استخدام حبوب منع الحمل حسب واحدة من ثلاثة طرق، وتختار السيدة الطريقة الأمثل لها أو تحددها بعد استشارة الطبيبة

  • البداية السريعة (بالإنجليزية: Quick Start): بداية الاستخدام مباشرة عند اليوم الذي يصف فيه الطبيب حبوب منع الحمل، تبدأ فعالية الدواء خلال أسبوع من بداية الاستخدام ويتطلب خلال هذه الفترة استخدام وسائل منع حمل إضافية مثل الوسائل الحاجزية في حال حدوث أي جماع.
  • ينصح بهذه هذه الطريقة غالبًا في حالة استخدام حبوب منع الحمل لعلاج اضطرابات الدورة الشهرية أو في حالة توقعت المرأة عودتها للنشاط الجنسي في منتصف الدورة الشهرية بعد فترة من الخمول.
  • بداية يوم الأحد (بالإنجليزية: Sunday Start): يبدأ استخدام الحبوب في أول يوم أحد بعد بداية الحيض. طريقة أكثر شيوعًا وتعتبر أسهل للاستخدام، يبدأ مفعول الحبوب بعد أسبوع من بداية الاستخدام ويتطلب خلال هذه الفترة استخدام وسائل منع حمل أخرى في حال حدوث أي جماع.
  • بداية اليوم الأول (بالإنجليزية: First Day Start): يبدأ استخدام الحبوب في أول يوم من الحيض. أسرع طرق الاستخدام فعالية ويبدأ مفعولها من اليوم الأول، ولا تتطلب وسيلة منع حمل احتياطية خلال الأسبوع الأول.[9]

طرق التغليف

غالبًا ما تُباع حبوب منع الحمل في عبوات تحتوي على 21 حبة، وتكون مخصصة للاستخدام لمدة ثلاثة أسابيع كل دورة شهرية بداية من انتهاء دم الحيض. تُغلف أشرطة حبوب منع الحمل غالبًا بلاصق يُطبع عليه ترتيب أيام الأسبوع خلف كل حبة، وذلك حتى تتحاشى من تستخدم الحبوب خطر نسيان موعد الحبة أو تكرار تناولها مرتين في يوم واحد.

من الأمثلة المشهورة على عبوات حبوب منع الحمل التي تحتوي على 21 حبة: ياسمين[10]، دايان-35،[11] ميكروجينون 30 (يحتوي على 30 حبة في العبوة ولكن يُستخدم منها 21 حبة فقط في كل شهر).[12]

إن الالتزام بتناول حبوب منع الحمل في موعدها كل يوم والانتظام في تناولها لمدة 21 يوم على الأقل كل دورة شهرية هو الأساس في فعاليتها من أجل الحصول على أفضل نتيجة ممكنة ومنع فشل وسيلة منع الحمل، وقد تواجه بعض السيدات أحيانًا مشكلة في الالتزام بتناول الحبوب أو تذكر موعد الحبة، كما أن بعض النساء أيضًا لا يلتزمن بالعودة إلى تناول حبوب منع الحمل بعد الراحة لمدة 7 أيام، وهو ما يقلل من فعاليتها ويؤدي إلى حدوث الحمل غير المرغوب.

تطرح بعض شركات الأدوية حلولًا من أجل مواجهة هذه المشاكل، منها تغيير نمط التغليف وإضافة 7 حبوب إضافية إلى العبوة، بعضها يحتوي على مادة فعالة (بدائل هرمونية) وبعضها يكون علاجًا وهميًا أو يحتوى على فيتامينات و/أو أملاح الحديد، فيما يلي أمثلة على هذه التركيبات:

تركيبة 21+7

تحتوي على 21 حبة حبوب منع حمل بالإضافة إلى سبعة حبوب فارغة (علاج وهمي)، الحبوب الفارغة الموجودة في العبوة تظهر بلون مختلف ويُطلب من السيدة التي تستخدم الحبوب تناول الحبوب بالترتيب (الحبوب الهرمونية اولًا ثم الحبوب السبعة المتبقية وخلالها يحدث نزيف مشابه لنزيف الحيض)، وبعدها تستمر السيدة بتناول الحبوب من عبوة جديدة (حتى لو لم يتوقف النزيف).

مثال: ميكروجينون 28[13]

تركيبة 24+4

تحتوي العبوة على 28 حبة، منها 24 حبة تحتوي على مواد فعالة وأربع حبوب تحتوي على حديد وفيتامينات. صممت هذه التركيبة خصيصًا لتقليل فترة الانسحاب الهرموني (أيام أقل بدون هرمونات) وهذا يعني أن نزف الحيض يكون أقصر وأقل حدة ومصحوب بأعراض جانبية أخف.

مثال: ياز YAZ[14]

تركيبة 26+2

تحتوي العبوة على 28 حبة، منها 26 حبة تحتوي على مواد فعالة وحبتان فقط تحتويان على علاج وهمي، صممت هذه التركيبة أيضًا لتقليل فترة الانسحاب الهرموني، كما أنها تساعد أيضًا في علاج نزف الحيض الكثيف، ولذا فإن هذه التركيبات يمكن أن تمنع الحمل في ذات الوقت الذي تسهم فيه بتخفيف درجة النزيف خلال الدورة.

مثال: كلايرا Qlaira[15]

تركيبة 28

تحتوي العبوة على 28 حبة تحتوي جميعها على مواد فعالة بتركيز منخفض نسبيًا، بحيث تستخدم الحبوب باستمرار وبدون توقف، تصمم هذه الحبوب بحيث تحتوي على مركب بروجستيني فقط بدون مشتقات استروجينية، وهي آمنة للسيدات المرضعات.

مثال: ميكرولوت Microlut[16]

التركيبات والأنواع

تنقسم حبوب منع الحمل إلى تصنيفين رئيسيين، بحسب محتوى المواد الفعالة فيها، فهناك حبوب مزجية تحتوي على مزيج من مركب بروجستيني ومشتق إستروجيني، وهناك حبوب تحتوي على البروجستين فقط

حبوب البروجستين فقط

تسمى أيضًا الحبة الصغيرة (بالانجليزية: mini pill)، وتُسمى بذلك لأنها تحتوي على مادة فعالة واحدة فقط. تعتمد على تأثير البروجستين على الجهاز التناسلي، حيث يؤثر بشكل أساسي على مخاط عنق الرحم ويجعله غير مناسب لمرور الحيوانات المنوية وبالتالي يمنع حدوث الحمل، يؤثر البروجستين أيضًا بدرجة أقل على التبويض عن طريق إبطاء حركة البويضات داخل قناة فالوب كما يؤثر على بطانة الرحم ويجعلها أقل "ترحيبًا" بالبويضات المخصبة. تبلغ فعاليتها 99% عند استخدامها بشكل مثالي، على الرغم من أن بعض المصادر تقترح نسبة أقل تصل إلى 94% فقط وهو ما يجعلها نسبة فشلها كوسيلة منع حمل أعلى قليلا من الحبوب المزجية. تحتوي الحبة الصغيرة غالبًا على تركيز أقل من البروجستين مقارنة بالحبوب المزجية كما أنها تستخدم باستمرار على مدار الشهر بدون توقف، ويستلزم استخدامها التزامًا صارمًا بالموعد اليومي لتناولها، حيث أن تأخرًا لمدة ثلاثة ساعات قد يؤدي إلى فشل الحبوب ويستلزم استخدام وسائل منع حمل إضافية.

تعتمد غالبية حبوب البروجستين على مركبات بروجستينية من الجيلين الأول والثاني، وتحتوي على مركبات مثل نوريثيستيرون norethisterone[17] وليفونورجستريل levonorgestrel. لاحقًا بدأ استخدام ديسوجيستريل desogestrel[18] الذي يتميز بقدرته على تثبيط الإباضة بشكل أكثر فعالية من البروجستينات الأخرى، وذلك على مستوى تأثيره على التطور الجريبي للبويضة ومستوى التأثير على التركيز الهرموني.[19] وفي بداية الألفية ظهر الجيل الرابع من المركبات البروجستينية مثل دروسبيرينون drospirenone الذي استخدم أيضًا كمانع للحمل، وتميز بتأثيراته المضادة للأندروجين على عكس الأجيال الأقدم.[20]

دواعي الاستخدام

لا تعتبر الحبة الصغيرة الخيار "المبدئي" للنساء ضمن حبوب منع الحمل، وتصفها الطبيبات والأطباء خلال حالات محددة يحدث فيها تعارض بين الحالة الصحية للنساء وتأثيرات الحبوب المزجية.

تستخدم حبوب البروجستين في الحالات التالية:

  1. في حالات الإرضاع، تستخدم الأمهات المرضعات حبوب البروجستين بأمان.
  2. في حالة شكوى السيدة من جلطات سابقة أو وجود خطر مرتفع للإصابة بالتخثرات الوريدية العميقة.
  3. في حالات النفاس، حيث يمكن أن تبدأ النساء استخدام الحبة الصغيرة بعد ستة إلى ثمانية أسابيع فقط بعد الولادة بدون الخوف من ارتفاع احتمال حدوث الجلطات والخثرات الوريدية العميقة.
  4. في حالة السيدات اللواتي يبلغن من العمر خمسة وثلاثين عامًا فأكثر خاصة إن كُن مدخنات.
  5. النساء المصابات بأمراض مزمنة مثل أمراض القلب والأوعية الدموية والسكري ونوبات الصداع النصفي المزمن.
  6. تساعد أيضًا الحبة الصغيرة في تخفيف الأعراض المصاحبة لبعض الحالات المرضية مثل نزف الحيض الغزير والدورات غير المنتظمة ومتلازمة ما قبل الحيض وبطانة الرحم المهاجرة، كما أنه يقلل كذلك من تأثير الأنيميا المصاحبة لنقص الحديد (والتي تتفاقم عادة بسبب نزف الدورة الغزير).
سلبيات الحبة الصغيرة

يتسبب البروجستين عادة عند الاستخدام طويل الأمد بترقق العظام خاصة عند استخدامه من قبل النساء اللواتي يبلغن من العمر خمسة وثلاثين عامً فأكثر بالإضافة إلى المرضعات، فهن معرضات أكثر من غيرهن للترقق بسبب التغيرات الهرمونية مع اقتراب سن انقطاع الحيض وبسبب استهلاك الرضاعة الطبيعية لمخزون الكالسيوم في الجسم والذي يتواجد عادة في العظام. لا تظهر هذه المشكلة عند استخدام الحبوب المزجية بسبب التأثير المعاكس للإستروجين على استقلاب العظام.

تزيد حبوب البروجستين أيضًا من احتمالية الإصابة بسرطان الثدي (نسبة قليلة جدًا)، ولذا فإن استخدامها يتعارض في حالة المصابات والناجيات من سرطان الثدي. كما أنها تزيد من احتمالية حدوث الحمل المنتبذ (خارج الرحم) حيث أنها لا تؤثر على نشاط المبيض ويمكن أن يحدث الإخصاب والحمل خارج الرحم (داخل قناة فالوب).

لا تمنع الحبوب الصغيرة الدورات الشهرية على الرغم من تأثيرها على نزف الحيض، وخلال الشهور الأولى من الاستخدام المنتظم قد تعاني بعض النساء من حدوث نزف متكرر غير منتظم spotting وينقطع بعد سنة متواصلة من الاستخدام إلى الحد الذي قد تنقطع فيه الدورة بشكل تام وقد يؤدي ذلك إلى تأثير مؤقت على الخصوبة. هذه الأعراض الجانبية تنعكس وتزول بعد التوقف عن استخدام الحبوب.[21]

الحبوب المزجية

تحتوي على بروجستين وإستروجين معًا، تعتبر أكثر فعالية من نظيراتها التي تحتوي على البروجستين فقط، وهي أكثر أنواع حبوب منع الحمل استخدامًا كما أنها أكثر أنواع موانع الحمل الهرمونية انتشارًا كذلك.

المشتقات الإستروجينية

كان مسترانول mestranol هو أول المشتقات الإستروجينية الصناعية المستخدمة في حبوب منع الحمل، وقد استخدم في حبوب Enovid التي طورها جريجوري بينكوس وجون روك أول مرة في الخمسينات، تعتمد فعالية مسترانول على تحوله داخل الجسم إلى صورته الفعالة ايثينيل استراديول ethinylestradiol (المعروف اختصارًا باسم EE).

كانت التركيبات المبكرة من حبوب منع الحمل تحتوي على تركيزات عالية من مسترانول و EE، حيث يصل تركيز مسترانول إلى 100 – 150 ميكروجرام وهو ما كان يسبب تشكيلة واسعة من الأعراض الجانبية، كان القرار برفع تركيز مسترانول في حبوب منع الحمل غير مستند إلى دراسة مستفيضة، حيث استخدمت تراكيز مرتفعة لضمان الفعالية بدون اهتمام بالأعراض الجانبية. لاحقًا أثبتت الدراسات أن فعالية مُثلى لمركب EE كمثبط للإباضة يمكن أن تُحقق بتراكيز لا تتعدى 35 - 50 ميكروجرام فقط، ولاحقًا بدأ استخدام تركيزات أقل من EE في تركيبات موانع الحمل المزجية التي تحتوي على بروجستين من الجيل الثالث والرابع إذ انخفضت نسبة EE إلى حوالي 20 – 30 ميكروجرام وإلى 10 ميكروجرام في بعض التركيبات.[22]

جدير بالذكر أن 95% من حبوب منع الحمل المزجية تستخدم المشتق الاستروجيني EE، مع بعض الاستثناءات القليلة التي تستخدم استراديول estradiol (معروف اختصارًا باسم E2) أو فاليرات الاستراديول estradiol valerate (معروف اختصارًا باسم EV). يعتبر كل من E2 و EV أقرب في التركيب الكيميائي إلى الإستروجين الطبيعي، وهو ما يجعلهما أقل من EE في الأعراض الجانبية، خاصة في تأثيرهما على خطر حدوث التجلطات والخثرات الوريدية[23] وتأثيرهما التنظيمي على هرمونات الغدة النخامية[24]، إلا أن استخدام E2 و EV يظل محدودًا بسبب فعاليتهما المنخفضة في تثبيط الإباضة، وغالبًا ما تخصص التركيبات التي تحتوي على EV للنساء اللواتي يعانين من خطر مرتفع للإصابة بالجلطات والخثرات الوريدية ويوجد في موانع الحمل التي تحتوي على البروجستين من الجيل الرابع.[15]

أنواع حبوب منع الحمل المزجية

تُصنف عادة حبوب منع الحمل المزجية بطريقتين تعتمد كلتاهما على محتوى الحبة من البروجستين والإستروجين. الطريقة الأولى تعتمد على نوع البروجستين المستخدم، حيث يوجد أربعة أجيال مختلفة من البروجستين المستخدمة في الحبوب المزجية لكل منها ميزاتها الخاصة والطريقة الثانية تعتمد على تركيز البروجستين والإستروجين في الحبوب المستخدمة، حيث يوجد أنواع يكون تركيز الهرمونات فيها ثابت على مدار الشهر (وهي الأكثر شهرة وانتشارًا) ويوجد حبوب أخرى يختلف فيها تركيز الهرمونات خلال الشهر من يوم إلى آخر.

أنواع الحبوب المزجية بحسب جيل البروجستين

يوجد - حتى اللحظة - أربعة أجيال مختلفة من المركبات البروجستينية تطورت منذ خمسينات القرن الماضي، ويملك كل جيل منها صفات دوائية مختلفة عن الآخر فيما يتعلق بفعاليتها وأعراضها الجانبية.[25]

الجيل الأول: أول أنواع البروجستينات التي ظهرت وبدأ تداولها كموانع للحمل في الخمسينات والستينات، أولها كان نورإتينودريل noretynodrel الذي استخدم مع مركب إستروجيني هو: مسترانول mestranol وكان أول علاج لمنع الحمل يُعتمد في أمريكا (1960) وإنجلترا (1962). لاحقًا ظهر نوريثيستيرون norethisterone ويستخدم رفقة اثينيل استراديول EE. تميز الجيل الأول بفعالية عالية كمانع للحمل ولكن هذه الفعالية ترافقت مع أعراض جانبية مرتفعة بسبب الجرعات العالية من مسترانول و EE التي كانت تصل إلى 150 ميكروجرام. أيضًا فإن الجيل الأول من البروجستين تميز بصفات أندروجينية عالية. الأندروجينات هي هرمونات جنسية تُفرز بشكل طبيعي منها التستوستيرون هرمون الذكورة، وتظهر مركبات البروجستين (الجيل الأول والثاني) صفات اندروجينية كأعراض جانبية بسبب التشابه في التركيب الكيميائي بين المشتقات البروجسترونية المصنعة وهرمونات الأندروجين. ولذا فإن بعض النساء عند استخدامهم لحبوب منع الحمل تختبر أعراضًا جانبيةً مثل حب الشباب والشعرانية (نمو شعر الجسم والوجه بشكل كثيف) وزيادة الوزن.[26]

الجيل الثاني: يشمل أدوية مثل نورجيستريل norgestrel وليفونورجيستريل levonorgestrel والتي تستخدم أيضًا رفقة EE، يتميز الجيل الثاني من البروجستين بفعالية أعلى في تثبيط الإباضة وهو ما يسمح باستخدام جرعات أقل من EE (إلى حد 35 ميكروجرام)، إلا أن صفاته الاندروجينية تظل عالية أيضًا.[13]

الجيل الثالث: أدوية مثل ديسوجيستريل desogestrel ونورجيستيميت norgestimate وجيستودين gestodene. صُممت خصيصًا من أجل تحاشي الأعراض الجانبية المرتبطة بالصفات الاندروجينية لمركبات البروجستين من الجيلين الأول والثاني،[27] ولكنها رغم ذلك تُظهر ارتفاعًا في خطر حدوث الجلطات والخثرات الوريدية العميقة.[28] تستخدم أيضًا مع EE بتراكيز تتراوح ما بين 30 إلى 35 ميكروجرام.[29] [30][31]

الجيل الرابع: يشمل أدوية مثل دروسبيرينون drospirenone ودينوجيست dienogest. تتميز، لا بصفاتها الاندروجينية المنخفضة، ولكن بقدرتها على عكس تأثيرات الاندروجين، وهو ما يجعلها فعالة من أجل علاج حالات مرضية أخرى لا كموانع للحمل فقط، فيمكن أن تستخدم من أجل علاج حالات حب الشباب والشعرانية للنساء اللواتي يرغبن في استخدام موانع الحمل.[14] تستخدم بروجستينات الجيل الرابع رفقة EE أو تُمزج مع فاليرات الاستراديول estradiol valerate (معروف اختصارًا باسم EV).[15]

أنواع الحبوب المزجية بحسب الأطوار

بدأت الأبحاث منذ السبعينات على الأقل تركز على إيجاد حلول مبتكرة للتخفيف من وطأة الأعراض الجانبية لحبوب منع الحمل، خاصة وأن فعاليتها ثابتة ونسبها نجاحها عالية إذا ما استخدمت بشكل صحيح، ولكن واحد من عوامل ضعف الالتزام بالحبوب كان عجز النساء عن التعامل مع ملف الأعراض الجانبية السيء. وبجانب محاولات تطوير بدائل أكثر أمانًا وأقل تأثيرات جانبية من مركبات البروجستين، ابتكرت أيضًا طريقة جديدة لتعزيز فعالية حبوب منع الحمل مع تقليل آثارها الجانبية. حيث أن دراسة فسيولوجيا الدورة الشهرية الطبيعية يُشير إلى أن الهرمونات الجنسية في الوضع الطبيعي لا تحتفظ بمستويات ثابتة داخل الجسم، بل تتقلب باستمرار بانتقال الدورة الشهرية من مرحلة إلى أخرى. وبناء على ذلك، اقترحت تقنية جديدة لإيصال موانع الحمل الهرمونية إلى الجسم باستخدام حبوب تحتوي على تراكيز مختلفة من كل هرمون خلال مراحل الدورة المختلفة، وذلك بهدف محاكاة التغيرات الهرمونية الطبيعية للدورة. عادة ما تكون الحبوب في الشريط الواحد بألوان مختلفة ويكون مطبوعًا على ظهر الشريط تعليمات الاستخدام، ومن الضروري الالتزام بشكل دقيق جدًا بأخذ الجرعات حسب ترتيبها بدون أي تأخير في موعد الحبة كل يوم.

الحبوب أحادية الطور Monophasic pills: وهي الحبوب التقليدية وهو النوع الأكثر شيوعًا وانتشارًا حيث أن جميع الحبوب داخل العبوة (في حال كانت جميعها حبوب فعالة ولا يوجد فيها علاج وهمي) تحتوي على ذات التركيز من كلا الهرمونين بدون أي تغير خلال الاستخدام. تعتبر هذه الحبوب رغم سلبياتها أسهل في الاستخدام وهامش الخطأ فيها أقل، كما أنها توفر استقرارًا في مستوى الهرمونات خلال الدورة.

حبوب ثنائية الطور Biphasic pills: تحتوي العبوة الواحدة منها على حبوب مقسمة إلى طورين زمنيين مختلفين يُستخدم كل منهما خلال مرحلة من مراحل الدورة. منها على سبيل المثال دواء أزوريت Azurette الذي يحتوي على مزيج من اثينيل استراديول EE مع ديسوجيستريل desogestrel. تحتوي العبوة على 28 حبة منها 21 حبة تحتوي على ديسوجيستريل بتركيز 150 ميكروجرام مع EE بتركيز 20 ميكروجرام، حبتان فارغتان (علاج وهمي)، وخمسة حبوب تحتوي على EE بتركيز 10 ميكروجرام فقط. يضمن هذا التغليف تقسيم الجرعة الشهرية إلى الطورين التاليين:

  1. 21 حبة مزجية تستخدم يوميًا لمدة 3 أسابيع متواصلة يتلوها يومان راحة لإتاحة المجال للانسحاب الهرموني (حبتان فارغتان)
  2. خمسة حبوب تحتوي كل حبة منها على مشتق إستروجيني خلال فترة نزف الحيض ولمدة خمسة أيام.[32]

حبوب ثلاثية الطور Triphasic pills: تحتوي العبوة الواحدة على حبوب مقسمة إلى ثلاثة أطوار زمنية مختلفة يُستخدم كل منها خلال مرحلة من مراحل الدورة، غالبًا ما يظل تركيز الإستروجين ثابتًا طيلة الشهر بينما يتغير تركيز البروجستين بحيث يرتفع تدريجيًا بشكل أسبوعي. منها على سبيل المثال دواء أورثو تراي-سايكلين Ortho Tri-Cyclen الذي يحتوي على مزيج من اثينيل استراديول EE مع نورجيستيميت norgestimate موزعة على الحبوب كالآتي:

  1. الأسبوع الأول: 35 ميكروجرام اثينيل استراديول + 180 ميكروجرام نورجيستيميت
  2. الأسبوع الثاني: 35 ميكروجرام اثينيل استراديول + 215 ميكروجرام نورجيستيميت
  3. الأسبوع الثالث: 35 ميكروجرام اثينيل استراديول + 250 ميكروجرام نورجيستيميت
  4. الأسبوع الرابع: حبوب فارغة (علاج وهمي).[33]

حبوب رباعية الطور Quadraphasic pills: تعتبر أكثر التركيبات متعددة الأطوار ندرة، تحتوي الأنواع الموجودة غالبًا على بروجستين من الجيل الرابع، كما تستخدم لتنظيم الدورة الشهرية، من أمثلها كلايرا Qlaira[15] الذي يحتوي على مزيج من فاليرات الإستراديول مع داينوجيست، تضم عبوة واحدة من كلايرا 28 حبة، منها 26 حبة فعالة وحبتان فارغتان تحويان علاجًا وهميًا، وتكون الحبوب موزعة كالآتي:

  1. الحبتان الأولى والثانية: 3 مليجرام فاليرات الإستراديول
  2. الحبوب من الثالثة إلى السابعة: 2 مليجرام فاليرات الإستراديول + 2 مليجرام داينوجيست
  3. الحبوب من الثامنة إلى إلى الرابعة والعشرين: 2 مليجرام فاليرات الإستراديول + 3 مليجرام داينوجيست
  4. الحبتان الخامسة والعشرين والسادسة والعشرين: 1 مليجرام فاليرات الإستراديول، يليها حبتان فارغتان.

حبوب منع الحمل الطارئة

تسمى أيضًا حبوب الصباح التالي (بالإنجليزية: Morning after pill) وسيلة تستخدم بعد الجماع غير المحمي أو في حالة فشل الوسيلة المستخدمة لمنع الحمل، مثل تمزق الواقي الذكري. تهدف هذه الحبوب إلى منع حدوث الحمل قبل بدايته ولا تعتبر وسيلة للإجهاض.[34] تحتوي عادة على جرعة عالية من مانع الحمل الهرموني، إما مركب بروجستيني أو مزيج من مركب بروجستيني ومشتق إستروجيني سويةً. كما يستخدم أيضًا علاج غير هرموني هو "أسيتات الأوليبرستال" ulipristal acetate، وتستخدم الطرق الثلاثة كما يلي:

  • حبوب البروجستين الطارئة: تحتوي عادة على جرعة عالية من "ليفونورجيستريل" levonorgestrel تؤخذ إما مرة واحدة أو تُقسم الجرعة إلى حبتين بحيث تُؤخذ حبة كل 12 ساعة، يُستخدم "ليفونورجيستريل" لمنع الحمل الطارئ خلال مدة لا تزيد عن 72 ساعة من الجماع ويمكن أن يُستخدم خلال 120 ساعة ولكن بفعالية أقل.
  • الحبوب المزجية الطارئة: تحتوي على جرعة عالية من "اثينيل استراديول" ethinyl estradiol بجانب "ليفونورجيستريل"، تُقسم الجرعة إلى حبتين وتُؤخذ كل واحدة منهما مرة كل 12 ساعة على أن تُؤخذ الجرعة الأولى خلال مدة لا تزيد عن 72 ساعة بعد الجماع أو 120 ساعة كحد أقصى. توقف استخدامها بسبب أعراضها الجانبية الشديدة مثل الغثيان والقيء والمغص والصداع. على الرغم من ذلك تلجأ بعض النساء لاستخدامها بسبب توافرها بدون الحاجة لوصفة طبية، حيث تُستخدم حبوب منع الحمل المزجية العادية مع ضبط جرعتها وذلك لأنها متوفرة بدون وصفة طبية في معظم دول العالم. في بعض الأحيان تكون الحبوب الأخرى متوافرة بدون وصفة طبية ولكن ذلك مشروط بعدم بيعها للمراهقات أو البالغات من العمر أقل من سبعة عشر عامًا.
  • أسيتات الأوليبريستال: لا يعتبر مشتقًا هرمونيًا ولكنه يمنع الحمل عن طريق التداخل مع مستقبلات البروجسترون في الجسم، ولا يعتبر فعالًا لمنع الحمل عند استخدامه بانتظام مثل أنواع حبوب منع الحمل الأخرى. يُؤخذ الأوليبريستال جرعة واحدة خلال مدة لا تزيد عن 120 ساعة من الجماع، ويعتبر خيارًا مفضلًا لمنع الحمل الطارئ بسبب فعاليته مقارنة بالأنواع الأخرى، على الرغم من ارتفاع ثمنه.[35]

حبوب منع الحمل للذكور

نظريا يمكن استخدام هرمون تستوستيرون من أجل تحقيق منع حمل هرموني عند الذكور، لكن جميع التركيبات الخاصة بالتستوستيرون موجودة على شكل حقن ولا يوجد مشتقات أندروجينية يمكن أخذها عن طريق الفم مثل حبوب منع الحمل للنساء، على أن الأبحاث لا تزال مستمرة حاليًا من أجل تطوير أدوية غير هرمونية لتحقيق نتائج مرضية لمنع الحمل عند الذكور (تخفيض عدد الحيوانات المنوية لمستوى ما بين 1 - 3 مليون حيوان منوي لكل 1 مل من السائل المنوي، ونشرت جامعة مينيسوتا نتائج دراسة عن دواء جديد في مراحل التطوير أظهر نتائج واعدة على عينات اختبار من الحيوانات المعملية حيث قام بتثبيط انتاج الحيوانات المنوية واستعادت الحيوانات خصوبتها بعد التوقف عن استخدام الدواء بعدة أسابيع.[36]

حبوب منع الحمل في السياق الاجتماعي

قبل ابتكار الحبوب الهرمونية في منتصف القرن العشرين، اقتصرت وسائل منع الحمل المتاحة على الوسائل الحاجزية مثل الواقي الذكري وغطاء عنق الرحم والوسائل التقليدية والعزل، وبعضها اتسم بفعالية محدودة وأغلبها كذلك كان يٌستخدم بموافقة الرجل وتحت سيطرته الكاملة، وقد ارتبطت هذه الوسائل بمواقف اجتماعية ودينية وقانونية رافضة في كثير من الأحيان. كانت هذه الوسائل خاضعة لرقابة شديدة في كثير من الدول، ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال نصّت "قوانين كومستوك" الصادرة عام (1873) على تجريم الترويج لأي مواد أو معلومات تخص منع الحمل أو الإجهاض، واعتبرت ذلك منافياً للأخلاق العامة وجريمة تستوجب العقوبة.

في المقابل، ساهمت النقاشات الفكرية حول "الانفجار السكاني" المستندة إلى أفكار توماس مالتوس عن النمو السكاني بمعدل يفوق نمو الموارد، في تعزيز الدعوات إلى تطوير وسائل فعّالة للحد من الخصوبة. ومع مطلع القرن العشرين، نشأت حركة "تحديد النسل" في الولايات المتحدة بقيادة ناشطات مثل مارجريت سانجر، التي رأت أن تمكين النساء من التحكم بخصوبتهن شرط أساسي لتحررهن الاجتماعي والاقتصادي. سانجر تعرضت مراراً للملاحقة القانونية نتيجة توزيعها وسائل منع الحمل ومطبوعات توعوية، لكنها واصلت جهودها وأسست لاحقاً عيادات وجمعيات أصبحت نواة لمنظمة Planned Parenthood.[37]

برزت في هذا السياق أيضًا جهود عالم الفسيولوجيا جريجوري بينكوس في خمسينيات القرن العشرين. عمل بينكوس بالتعاون مع طبيب النساء جون روك على تطوير مركبات صناعية تحاكي عمل هرموني الإستروجين والبروجسترون. وقد شكّلت التجارب الأولية على الحيوانات في جامعة هارفارد ثم الدراسات السريرية في بعض المستشفيات وعيادات النساء والولادة في بوسطن بالإضافة إلى تجارب بورتو ريكو قاعدة انطلاق لأول حبة منع حمل تجارية (إينوفيد) عام 1960، والتي مولت وُدعمت ماديًا ولوجستيًا من ناشطة نسوية من ناشطات حركة تحديد النسل تُدعى كاثرين مكورماك. إلا أن هذه التجارب ارتبطت بانتقادات واسعة النطاق واتهامات بالعنصرية لبينكوس وروك، إذ أجريت تجاربهم على نساء فقيرات وملونات موجودات داخل نطاق يخضع للسيطرة الاستعمارية للولايات المتحدة، وذلك من دون توفير معلومات كافية عن المخاطر أو أخذ موافقة واعية، مما أثار جدلاً أخلاقياً مستمراً في الأدبيات الطبية والنسوية.

على الرغم من ذلك فقد أدى اعتماد الحبوب إلى تحولات جذرية في حياة النساء؛ فقد أصبحت وسيلة فعالة ورخيصة نسبياً لتنظيم الخصوبة، وأتاحت للنساء فرصاً أوسع للتعليم والعمل وتحديد حجم الأسرة. في المقابل، واجهت الحبوب جدلاً دينياً وسياسياً: رفضت الكنيسة الكاثوليكية جميع أشكال منع الحمل الاصطناعي (كما ورد في وثيقة Humanae Vitae عام 1968)، بينما أبدى بعض الفقهاء المسلمين مرونة تجاهها باعتبارها وسيلة "لتنظيم النسل" لا "تحديده" الدائم، شريطة عدم إلحاق ضرر بالمرأة. أما في ديانات أخرى كالهندوسية والبوذية، فقد كان الموقف أكثر قبولاً.

على أن الحبوب طرحت كذلك أسئلة نسوية جديدة حول العدالة الجندرية، إذ جرى تحميل النساء وحدهن عبء منع الحمل بعد أن كُن محرومات على الدوام من الحق في السيطرة على أجسادهن والتحكم في قرار الحمل والولادة، خاصة وأن حبوب منع الحمل ورغم فعاليتها العلاجية العالية وأهميتها فإنها ميزاتها قد عُكست غالبًا بثقل كبير سببه ملف الأعراض الجانبية السيء والذي تم تجاهله غالبًا بسبب تعامل المؤسسة الطبية الأبوي تجاه النساء ومعاناتهن، إذ أن تأثير الهرمونات السلبي على النساء يمكن تجاهله، في حين ظل دور الرجال في عملية تحديد النسل وتنظيم الأسرة والحماية من الحمل غير المرغوب محدوداً للغاية. ورغم ذلك، ألهم انتشار الحبوب ما عُرف بـ"الثورة الجنسية" في الستينيات والسبعينيات، واعتُبرت السيطرة على الخصوبة إنجازاً مركزياً في مسيرة المساواة بين الجنسين. وبهذا المعنى، لا تمثل حبوب منع الحمل مجرد ابتكار دوائي، بل هي أيضاً ظاهرة اجتماعية وثقافية وسياسية أثرت بعمق على علاقة المجتمعات بالإنجاب والجندر والدين والقانون.


{أمر مجندر|طالع} كذلك


مصادر

  1. Enovid: The First Hormonal Birth Control Pill (1957–1988)
  2. The Bitter Pill: Harvard and the Dark History of Birth Control
  3. The Puerto Rico Pill Trials
  4. أدلة MSD: الدورة الطمثية
  5. Improving Contraceptive Use and Acceptability
  6. What is the proper use of oral contraceptive (OC) pills for contraception?
  7. Side effects and risks of the combined pill
  8. Does the contraceptive pill increase risk of cancer?
  9. Canadian Pharmacist Association: Contraceptive start methods
  10. Yasmin - PATIENT INFORMATION LEAFLET - BAYER
  11. الطبي: حبوب منع الحمل ديان 35
  12. الطبي: ميكروجينون
  13. 13٫0 13٫1 Microgynon 28 - package leaflet information for the user
  14. 14٫0 14٫1 Yaz (Leaflet information) - Bayer
  15. 15٫0 15٫1 15٫2 15٫3 emc: Qlaira film-coated tablets
  16. Microlute Leaflet - Bayaer
  17. Noriday leaflet
  18. emc: Desogestrel
  19. A comparison of the inhibition of ovulation achieved by desogestrel 75 μg and levonorgestrel 30 μg daily Get access Arrow
  20. Slynd - Prescribing Informaition
  21. Advantages and Disadvantages of the Progestogen-Only Pill (POP)
  22. Lo Loestrin Fe 1 mg-10 mcg (24)/10 mcg (2) tablet
  23. Combined oral contraceptives containing estradiol valerate vs ethinylestradiol on coagulation: A randomized clinical trial
  24. Estradiol Valerate vs Ethinylestradiol in Combined Oral Contraceptives: Effects on the Pituitary-Ovarian Axis
  25. Types of Progestin (Progesterone) Pills
  26. Loestrin 21 User information (approved by FDA)
  27. Benefits and Risks of Third-Generation Oral Contraceptives
  28. Third generation oral contraceptives and risk of venous thrombosis: meta-analysis
  29. ORTHO TRI-CYCLEN - User info approved by FDA
  30. emc: MARVELON TABLETS
  31. emc: FEMODEN TABLETS
  32. Azurette: Package Insert / Prescribing Info
  33. Ortho Tri-Cyclen: Package Insert / Prescribing Info
  34. Ottawa Public health: EMERGENCY CONTRACEPTION (بروشور)
  35. M. Zieman & R. Hatcher - Managing Contraception
  36. First hormone-free male birth control pill clears another milestone
  37. planned parenthood: الموقع الرسمي للمنظمة