وثيقة:في نقد خرافة تمكين المرأة الصحراوية

من ويكي الجندر
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
Emojione 1F4DC.svg

محتوى متن هذه الصفحة مجلوب من مصدر خارجي و محفوظ طبق الأصل لغرض الأرشيف، و ربما يكون قد أجري عليه تنسيق و/أو ضُمِّنَت فيه روابط وِب، بما لا يغيّر مضمونه، و ذلك وفق سياسة التحرير.

تفاصيل بيانات المَصْدَر و التأليف مبيّنة فيما يلي.

نحو وعي نسوي.jpg
تدوينة
تأليف نصرة يحظيه
تحرير غير معيّن
المصدر نحو وعي نسوي
اللغة العربية
تاريخ النشر 2020-03-09
مسار الاسترجاع https://feministconsciousnessrevolution.wordpress.com/2020/03/09/ في-نقد-خرافة-تمكين-المرأة-الصحراوية/
تاريخ الاسترجاع 2020-06-17
نسخة أرشيفية http://archive.vn/A4ton



قد توجد وثائق أخرى مصدرها نحو وعي نسوي



في تصريح لإحدى الصحف الباسكية الإسبانية قالت حيدا الكوري وهي سياسية صحراوية أن

المرأة الصحراوية تتمتع بالتمكين والقوة، وأنه لا وجود للعنف والاعتداء الجنسي في مجتمعنا.

عزيزتي حيدا، أنا آسفة لإخبارك بأن الواقع المادي للمرأة الصحراوية في كل من مخيمات اللاجئين وإسبانيا، وكذلك في المناطق التي يحتلها المغرب ، هو عكس ما تصفينه ببرودة مطلقة في تلك الصحيفة.

تاريخنا يخلو من لحظات تمكيننا، من تحريرنا من قبضة الأبوية. منذ زمن بعيد، كان وضعنا دائمًا يعتمد على التبعية والخضوع أمام محكمة الأبوية الصحراوية وعلى وجه التحديد أمام ذكور الأسرة. لم نكن حرات أبدًا يا عزيزتي حيدا. هذه الحقيقة التي تصفينها في تلك الصحيفة، إلى جانب كونها وهمية، هي مجرد دعاية سياسية للرجال الذين يديرون السياسة الخارجية الصحراوية.

كان للمرأة الصحراوية دور فعال في تقديم مجتمعنا للعالم الخارجي باعتباره أكثر المجتمعات الإسلامية تحررًا. لقد شاركنا جميعًا في هذه الدعاية السياسية، وكيف لنا أن لا نفعل ؟! في حين يتم الضغط علينا لدرجة لا يمكن تصورها حتى لا نرفض أو نراجع هذه الفكرة.

عزيزتي حيدا، سوف أطلعك على ما تعرفينه مسبقا، وما قمت بإخفائه وتجميله عن وضع النساء لصالح الدعاية السياسية وعلى حساب الصحراويات:

تعاني المرأة الصحراوية من العنف، مثلها مثل أي امرأة من دولة عربية أخرى، وحتى بدرجة أكبر أحيانا من معظم الدول الأخرى. تختلف أوضاعنا قليلاً عن المرأة السعودية أو الإيرانية، الشيء الوحيد الذي يميزنا هو أن قوانينهم مكتوبة وقوانيننا عرفية. النساء الصحراويات يعشن في ظل نظام أبوي قسري، نظام مطالبه عقابية.

هل تعلمين، حيدا، أن المرأة الصحراوية ملزمة بضبط سلوكها وتفكيرها وقراراتها طبقا لعقلية وقواعد الأبوية. وأن أي امرأة تتحدى هذا الوضع أو تنسلخ منه، ستواجه عواقب وخيمة، الرفيقات من “نحو وعي نسوي” يعرفن ذلك، و الرفيقات من “أمنات الثورة” يعرفنه جيدًا كما العديد من النساء اللواتي أُجبرن على حقيقة: أن تختاري بين عائلتك أو اختياراتك. فالعنف الأبوي الذي نعاني منه، حتى يومنا هذا، يجعل أي امرأة تجرأت على رفض الواقع الذكوري وإبصار قيوده تواجه بالنبذ. بالإضافة إلى أن تسميم العقول الذي تقوم به الأبوية ضد النساء يجعل امكانية معرفتهن بما يعشنه شبه مستحيلة وهو ما يجعل أن عدد النسويات يحسب على الأصابع فكلمة “النسوية” تعتبر فضيحة حقيقية في مجتمعنا. لا تحتاج الأبوية التي نعيش فيها إلى قوانين مكتوبة لفرض أسلوب معين من الحياة لأن المحكمة الإسلامية الاجتماعية هي المسؤولة عن إصدار قوانينها الذكورية ومعاقبة النساء اللاتي لا يمتثلن لها.

لذلك عزيزتي حيدا سأقوم بسرد بعض من أشكال العنف الكثيرة التي نعاني منها، تلك التي تعرفينها وتتنكرين لها عن قصد.

في مجتمعنا، توجد سجون للأمهات الغير متزوجات وتهمتهم هي انجاب أطفال خارج إطار الزواج. فالجنس يعتبر جريمة وجنسانية النساء عار لا يمكن التساهل معه كما لايمكن أن يحظين بسيادة تامة على انجابيتهن. تدافع القيادة الحاكمة عن نفسها بقولها إن هذه السجون هي لحماية هؤلاء النساء من أقاربهن، لكن هذا التصريح خاطئ مثل تصريح حيدا فيما يتعلق بتمكين النساء الصحراويات، لأن أفراد الأسرة هم أنفسهم الذين يسلمونهن إلى الشرطة. إنه موضوع من المحرمات،ولا يتم التحدث عنه، ومن المستحيل الوصول إليهن لمعرفة وضعهن في تلك السجون صحيا وجسديا، أو إذا ما عانين من أي انتهاكات، كل هذا تابو لا يجرؤ حتى من يحاضرون عن حقوق الإنسان على الحديث عنه، مع ذلك لا تحس القيادة أو ممثليها بالعار عند الحديث عن حقوق الإنسان.

الملحفة، الزي الذي تشعر حيدا بالفخر الشديد به، يعتبر زي موحد ومفروض في مجتمعنا منذ أن تحيض البنت الصغيرة يصبح ملازما لها لايمكن لها أن تختار أزياء أخرى وهذا يسقط حرية الاختيار. تُجبر النساء الصحراويات اللائي يزرن مخيمات اللاجئين أيضا على ارتدائه في مطار الجزائر العاصمة. من غير المتصور على الإطلاق أن تظهر المرأة الصحراوية بدونها سواءً في المدن المحتلة في المخيمات أو في المهجر. أما بالنسبة للقلة الذين ينكرون استخدامها كأداة للسيطرة فهم يتعمدون انكار حقيقتها العنيفة. لملحفة هي أداة ميسوجينية يتمثل جوهرها في إلقاء اللوم على النساء فقط لوجودهن، ولهذا السبب، يجب أن يختبئن وراءها كي ينلن شرعية التواجد. الملحفة تستخدم أيضا في السيطرة على النساء، و اختزالهن لمجرد أدوات تمثل الهوية التي صاغها الرجال فقط. هذا دورنا تمثيل الشعب الصحراوي، ولكن هذا التمثيل لا يُمكننا من المشاركة في إنشاء أو تعديل السياسات التي تؤثر على حياتنا.

لم تملك المرأة الصحراوية أي سلطة من غير السلطة الوهمية داخل البيوت وفي حيز الأسرة: بناء الخيم، ورعاية الأطفال، والأعمال المنزلية اختيار المأكل ونوع الفراش، وانتظار الزوج وإثقال كاهلنا “بهوية” الشعب الصحراوي. لأن العالم الخارجي لا ينتمي إلا للرجال الصحراويين، الذين يعتبرون أنه من الخطير بالنسبة للجنس الثاني(النساء) أن يتشاركن معهم سلطة الفضاء العمومي. لقد حرمنا هذا من السلطة داخل مجتمعنا وهمشّنا و حصرنا في تمثيل المجتمع الصحراوي برموز ثقافية ودينية ذكورية. الدور الذي أعطي لنا هو أن نكون “أم”، “ابنة” و “زوجة” أي دورنا وفق الروابط الأسرية لا خارجها وربطنا بالرجال لكي نوجد. إذا اعتبرنا أن هذا تمكين، فإننا بالتأكيد لا نتحدث نفس اللغة النسوية.

هناك حالات عديدة لتعدد الزوجات في مجتمعنا. الآثار النفسية لهذه الممارسة الشنيعة والفظيعة لا يمكن حصرها في بضع كلمات، النساء لا يملكن نفس الخيار لا يملكن حتى خيار الرفض. يعشن في معركة مستمرة لكسب احترام الزوج.

تُحرم مئات الفتيات من دراستهن في كوبا أو الدول البعيدة التي تقدم منحا للصحراويين من طرف أسرهن، لأن هذا قد يعرض شرفهن للخطر ويحرضهن على الفساد، ذلك طبعا لا ينطبق على الأولاد. هناك تقديس مطلق لعذريتنا. إن شرف ذكورنا يعتمد على عذريتنا رغم أنها بناء اجتماعي ولا توجد في أجسامنا أي وسيلة لمعرفة التاريخ الجنسي مع ذلك هذه الخرافة تتحكم حتى في حقنا في الخروج. حريتنا مزيفة تماما. حرية العمل الوحيدة التي لدينا هي تلك التي يسمح لنا بها المجتمع والأسرة ونعلم جيدًا أن حرية التصرف هذه ضيقة ونسبية للغاية وتخضع لموقعك الاجتماعي ولون بشرتك وما إذا كنتِ محظوظة كفاية لتحصلي على حقوقك.

هناك نساء “معلقات” في المخيمات وحتى في إسبانيا. النساء “المعلقات” هن النساء اللواتي لا يرغب أزواجهن في طلاقهن ولا يعدن لحياتهن ما لم يحصلن على رحمة الزوج، في المقابل يتابع هو حياته ويسانده في ذلك القانون والمجتمع لأن الطلاق حسب قوانينا حق حصري للرجل ومع ذلك نتحدث عن جمهورية مدنية!. لكي نتزوج، يجب أن نطلب أولاً من أقاربنا الذكور إذنهم وموافقتهم، لأنهم من لديهم الكلمة الأخيرة.

العنف الزوجي، وجوده غير مؤكد (على الرغم من أنني أعرف حالات قريبة حيث يستخدم الزوج العنف الجسدي)، لكنني لا أشك في كونه غير موجود، لأنه من المحرمات ولا يتم التطرق له. من المشين أن يسيء الزوج معاملة زوجته جسديًا في مجتمعنا، مما يجبر الكثيرات على الصمت حتى لا تضر بسمعة زوجها. علما أنه لا توجد مراكز رسمية وآمنة تعنى بموضوع العنف لكي تلجأ لها النساء طلبا للمساعدة.

التحرش والاعتداء الجنسي حقيقة موجودة في مجتمعنا، لكن قانون الصمت يمنعنا من التحدث عنه. في الكثير من الحالات، تضطر الفتيات إلى الزواج من مغتصبهن وذلك بفعل أن دولتنا تعتبر العنف الجنسي مسألة يمكن لرجال القبيلة حلها فيما بينهم لذلك وضعت العدالة في يد الأبوية وانزوت جانبا لتشاهد القبيلة لتعطي الضحية لمغتصبها كهدية على إجرامه، أو يتفق الرجال أن ستة أشهر هي مدة كافية لتعليم المغتصب أن يفعلها في صمت في المرة القادمة. ففي معظم الحالات، لا يتلقى المغتصب العقاب الذي يستحقه لأن العقوبة معكوسة: حرية المغتصب و معاناة الضحية. لا توجد مؤسسات توثق العنف الجنسي أو تقدم المساعدة للناجيات منه لا توجد احصائيات لايوجد مكان آمن للنساء. هذا بالإضافة إلى أن ثقافة الاغتصاب السائدة تسيطر بعنف على الوعي الاجتماعي وتعتبر أن الاعتداء الجنسي غير موجود وإذا ما وجد فذلك بالتأكيد بسبب ملابس المرأة أو مكان تواجدها.

فحوص البكارة لا تزال تمارس. وإذا اتضح أنك غير “بكر” رغم أنه من المستحيل معرفة تاريخك الجنسي إلا إذا تمت ممارسة الجنس عليك بعنف حتى تنزفي، سيتم تجريدك من إنسانيتك في عيون عائلتك ومجتمعك، وسيتم تهميشك واستخدامك كوصم اجتماعي.

قضايا المرأة السوداء والحرفية التي تواجه تقاطع الذكورية والعنصرية لا يمكن حصرها في هذا المقال لكن كل ما نتحدث عنه يواجهنه بشكل مضاعف.

العنف الرمزي، الموجود في مجتمعنا، هو واحد من العوائق التي تمنعنا من أن نكون أنفسنا. إن حقيقة أننا غير قادرات على الخروج من دائرة الأبوية، يرجع بشكل أساسي إلى هذا الابتزاز العاطفي الذي يلومنا على مجرد وجودنا في هذا العالم. ابتزاز عاطفي من قبل جميع أفراد عائلتنا: “لا تلطخي شرفنا”، “لا تحرجي عائلتك ومجتمعك”، وآخر من قبل ممثلينا السياسيين: “لا تظهري معانتك و اضطهادك من أجل قضية شعبك”.

نواجه ضغوطا كبيرة لكي نمتثل للمعايير الجمالية في مجتمعنا حيث تخاطر مئات النساء بصحتهن باستخدام أدوية خطيرة. يتم الضغط علينا لكي نتزوج قبل سن الثلاثين وكلما تقدمنا في العمر كلما زاد هذا الضغط وخرج عن السيطرة.

دعيني أخبرك أيضا عن النساء اللواتي تنبذهن أسرهن ومجتمعهن، بسبب عدم امتثالهن للسلوك الذي يفرضه مجتمعنا. الأغلبية تعيش بعيداً، معزولة عن مجتمعها خوفاً من مضايقة الأسرة لأنهن متزوجات من أجانب ولديهن أطفال، لا أحد يحترم خيارهن. على المرأة أن تبتعد إذا أرادت الزواج من خارج المجتمع. ماذا عن النساء المقيمات في اسبانيا المختطفات من قبل أقاربهن في مخيمات اللاجئين الصحراويين عند قدومهن لزيارتهم؟ هذا أيضا تابو يخفيه خطاب التمكين.

هذا يا عزيزتي حيدا، هو مجرد قمة جبل الجليد الذي تعرفينه أكثر مني لكنك تفضلين اخفائه. سأنهي هذا الرد بعبارة ل Amelia Valcárcel :

لا أريد أن أشعر بالتمكين، أريد أن أمتلك القوة وبمجرد أن أمتلكها، سأبحث عن كيفية الشعور بالتمكين.

لذلك، إذا لم تكن لدينا السلطة على أجسادنا، وحياتنا اليومية، مالم تكن لدينا السلطة التشريعية العادلة لإرساء القواعد التي تحكم مجتمعنا، فلن نتحدث عن التمكين.