سطر 1: |
سطر 1: |
− | {بيانات وثيقة | + | {{بيانات وثيقة |
| |نوع الوثيقة=مقالة رأي | | |نوع الوثيقة=مقالة رأي |
| |مؤلف=كريس هارمن | | |مؤلف=كريس هارمن |
سطر 20: |
سطر 20: |
| == ترخيص == | | == ترخيص == |
| {{حق_الاستخدام_العادل}} | | {{حق_الاستخدام_العادل}} |
| + | |
| + | |
| + | نُشر هذا المقال سنة 1984 في العدد رقم 23 من مجلة الاشتراكية العالمية (International socialism)، وهي دورية اشتراكية يصدرها حزب العمال الاشتراكي البريطاني (Socialist Workers Party SWP) |
| + | |
| + | فيما يلي مُلخص للمقال مع ابراز بعض نقاط النقد التي وُجهت له. |
| + | |
| + | ==مُقدمة== |
| + | |
| + | ينطلق المقال في رؤيته لاضطهاد النساء من تحليل تاريخي مادي، يربط بشكل مباشر ما بين ظهور المجتمع الطبقي واضطهاد النساء '''"فقد ظهرت الانقسامات الطبقية بمجرد تمكن الإنسان من إنتاج فائض فوق الحاجة الضرورية للبقاء بالنسبة للمجتمع كَكُل نتيجة للتقدم في قوى الإنتاج (...) لقد أفسح ذلك مجالاً لمزيد من التطور لقوى الإنتاج ومن ثَم تطور الحضارة والفن واثقافة. ولهذا السبب صاحب نمو الفائض تباعد مستمر بين الطبقة المُستَغِلة والطبقة المُستَغَلّة. فقد أدى نمو الفائض إلى النمو في تقسيم العمل وتطور الذين احتلوا مواقع معينة إلى متحكمين بالفائض"''' . |
| + | |
| + | |
| + | يُرجع الكاتب اكتساب الفوارق البيولوجية بين النساء والرجال أهمية لم تكن عليها من قبل إلى الاتجاه الى تقسيم العمل في المجتمع الطبقي. '''"فعلى سبيل المثال، عندما تتحول المجتمعات من الحرث بالمجراف- الذي يُمكن للنساء عمله على الرغم من عبئ الحمل – إلى استخدام المحاريث الثقيلة أو الماشية ، تتم إزاحة النساء من الأدوار الرئيسية في الإنتاج وينتقل الفائض إلى سيطرة الرجال"'''. |
| + | |
| + | |
| + | كما يرى أن في المجتمعات التي يوجد بها طبقات مُستَغِلة متطورة، كانت أدوار النساء لا يتخطى دور التابع للأب(البطريرك)، فايكون الأب هو المُتحكم في تفاعلات كل أعضاء العائلة مع العالم الخارجي ويعامل النساء في العائلة كأحد ممتلكاته. وبالرغم من أن الرجال كانوا هم المهيمنين إلا إنه لم تكن جميع النساء تحت هيمنة كل الرجال، '''"فقد كان هناك رجال مضطهدين أيضاً. فالعبيد الرجال في العصور القديمة أو الكادحون في خدمة الأسر البطريركية لم تكن لهم حرية أكبر من تلك التي عند النساء"'''. |
| + | |
| + | |
| + | يرى الكاتب أن تطور قوى الإنتاج وظهور المُجتمع الطبقي وزيادة الفوارق بين الطبقات المُستَغِلة والطبقات المُستَغَلة وما ترتب على ذلك من تقسيم العمل تطلب وجود أيدولوجية إجتماعية مُصاغة من قِبَل المؤسسات القابضة على الوعي الجمعي للمجتمعات كالمؤسسات الدينية والتشريعات القانونية ... إلخ لتعيد إنتاج الأنماط المختلفة للأدوار الإجتماعية للنساء والتي أصبح يتطلبها نظام الإنتاج. فبهذا يرى الكاتب أن الأبوية هي أيدولوجية نابعة من النظام الطبقي (والرأسمالي فيما بعد) لخدمة المصالح الإجتماعية للطبقات المُستَغِلة،ولكنه لا يرى في أى جزء من تحليله أن الأبوية أًصبحت نظام قائم بحد ذاته، أسسته وتعيد إنتاجه المؤسسات الإجتماعية والسياسية والإقتصادية. |
| + | |
| + | |
| + | |
| + | ==الأسرة الرأسمالية== |
| + | |
| + | يرى الكاتب أن الرأسمالية هي أكثر أنظمة الإنتاج ثورية، حيث '''"تحكم قبضتها على جميع مؤسسات المجتمعات الطبقية السابقة وتعيد تشكيلها دون أن تكترث لهرميتها أو تحيزاتها"، وتتعامل الرأسمالية مع تلك المؤسسات إما بإعادة تكوينها أو بتحطيمها من الأساس لتستحدمها في دفع عجلة الإنتاج والتراكم، "فالرأسمالية تبقي على جوانب معينة في أسرة ما قبل الرأسمالية لكي تعيد صقلها بما يتماشى مع مصالحها"'''. |
| + | |
| + | |
| + | في المراحل الأولى من الرأسمالية الصناعية، مالت الرأسمالية لتدمير الروابط العائلية بين صفوف الطبقة العاملة الصناعية، ولكن سرعان ما أدرَكَت أهمية الأسرة كتكوين إجتماعي يُعاد من خلاله إنتاج الطبقة العاملة الجديدة لتعزيز الإنتاج والتراكم، فلم تتمتع الرأسمالية حينها بالتكنولوجيا والموارد اللازمة للقيام بذلك الدور بشكل إجتماعي (كإنشاء حضانات ومطاعم إجتماعية ... إلخ). |
| + | |
| + | |
| + | فأبقت الرأسمالية على مؤسسة الأسرة البطريركية مع مزجها داخل أسرة الطبقة العاملة الجديدة كنواة لإعادة إنتاج الطبقة العاملة، واستعانت في ذلك بالأيدولجيات المرتبطة بالأسرة القديمة (كالنصوص والشعائر الدينية ... إلخ) حتى يتقبل العمال والبورجوازيون الصغار الشكل الجديد للأسرة، '''"لم تَكُن الأيدولوجية البطريركية هي حافز الطبقة الحاكمة بل المصلحة المادية التي تتطلب تأمين امدادات من القوى العاملة"'''. |
| + | |
| + | |
| + | نادراً ماكان يتحقق الشكل النموذجي للأسرة النواة الجديدة، والمُكونة من الأب والأم والأبناء، وذلك بسبب نُدرة وجود رأسماليين أفراد مهيئين لدفع "أجر الأسرة" للعامل الرجل، مما دفع الكثير من نساء الطبقة العاملة إلى القيام بالوظائف المُتاحة والتي غالباًما تكون غير مرتبطة بالإنتاج مثل أعمال منزلية بأجر وأعمال موسمية شاقة علاوة على الأعمال المنزلية الملاصقة لدورهن الإجتماعي كتنشئتها للأطفال ورعايتهم. و لكن '''"بقى نموذج العائلة المثالي متطابق مع احتياجات تراكم رأس المال على المدى البعيد"'''. ويرى الكاتب أن اضطهاد نساء الطبقة العاملة في الأسرة الرأسمالية الجديدة نابع من إنقطاعهن عن العالم الخارجي واعتمادهن بشكل كلي على أزواجهن. |
| + | |
| + | |
| + | |
| + | '''"بالرغم من اختلاف العامل عن البطريرك القديم في عدم تحكمه في أى فائض، إلا أنه يستطيع أن يتخيل نفسه كالبطريرك: فهو يتحكم في المورد الذي يعيل منه العائلة ويستطيع أن يتخيل أن مرتبه ملك له ويستطيع التصرف فيه كيفما يشاء (...) فلقد خلقت العائلة الجديدة انشقاقاً في الطبقة العاملة بتشجيعها للعمال الذكور على تبني قيم مستغليها"'''. |
| + | |
| + | |
| + | ==اضطهاد المرأة في ظل الرأسمالية== |
| + | |
| + | يستشهد الكاتب بعبارة ماركس '''"الأفكار السائدة في مجتمع ما هي أفكار طبقته الحاكمة"'''، ويقول الكاتب '''"إن اضطهاد النساء ليس مادياً فقط فهو مُدعم بسد كامل من العناصر الأيدولوجية"'''، وهنا يتسائل البعض هل الطبقة الحاكمة هي طبقة شديدة التماسك وأيدولوجيتها ومبادئها موحدة؟ يُمكن أن تكون دوافع الطبقة الحاكمة واحدة وهي الحفاظ على مصالحها المادية والإقتصادية مما يتطلب الحفاظ على النظام الطبقي والتراتبي وتُحقق ذلك من خلال استخدام واعادة انتاج المؤسسات الإجتماعية والسياسية وتعيد تشكيلها أيضاً بما يتناسب مع مصالحها، ولكن يتجاهل الكاتب التفاعلات والتناقضات الموجودة بالفعل داخل الطبقة الحاكمة، كما يتجاهل المكاسب الممكن تحقيقها من خلف تلك التناقضات والتي من الممكن أن تستفيد منها النساء والمضطهدين من الفئات الاجتماعية الأخرى. |
| + | |
| + | |
| + | يؤكد أيضاً الكاتب أنه بموجب تقسيم العمل داخل الأسرة لصالح تراكم رأس مال الطبقة الحاكمة، بدأت تكتسب ثنائية النوع الاجتماعي أهميتها وتتحدد صورتها شيئاً فشيئ مما يغذي نمط تقسيم العمل الجديد في ظل الرأسمالية، ومما جعل من تلك الثنائية شديدة التضاد يتحدد شكلها وأدوارها الإجتماعية وصفاتها وفقاً للمعايير المطلوبة للإنتاج. |
| + | |
| + | |
| + | |
| + | كما يُفاضل الكاتب بين وضع النساء في أسرة الطبقة العاملة والنساء في الأسر البُوجوازية، فبالنسبة له '''"تُقيد نساء الطبقة الحاكمة بالمنزل بلا جدوى وبلا تعب على عكس وضع نساء الطبقة العاملة"'''، حيثُ في أسر الطبقة الحاكمة كانت تُعفى النساء من عبئ الأعمال المنزلية وذلك من خلال تعيينهم للمربيات والخدم في حين أنه في نفس الوقت كانت تُعامل نساء تلك الطبقة كممتلكات وسلع للزينة لأزواجهن. |
| + | |
| + | |
| + | '''"عمل نموذج للأسرة كآلية للحفاظ على تماسك أسرة الطبقة العاملة وعلى مسيرة النظام"'''، ولكن مع تطور النمو وتراكم رأس المال تطورت حاجة النظام للتوسع، وكان المجهود المبذول للإبقاء على إنتاج أجيال جديدة من الطبقة العاملة يتطلب مجهود شاق من النساء حيث كانت تحمل النساء في الطبقة العاملة ثمانية أو عشرة مرات بسبب وصول نسبة الوفيات بين الأطفال قبل بلوغ سن الخامسة إلى 60%، ولكن ومع التطور بدأت تظهر تقنيات جديدة تساعد على تقليل المجهود المبذول من النساء في إعادة إنتاج الطبقة العاملة، فوجود ماكينات جديدة كالغسالة والمكنسة الكهربائية والثلاجة ... إلخ قلل من الجهد المبذول من النساء داخل الأسرة، وهذا لم يُفضي إلى شعورهن بالاغتراب داخل المنزل ولكنه أفسح مجالاً لتفكيرهن بالعمل خارج إطار الأعمال المنزلية. |
| + | |
| + | |
| + | |
| + | '''"من وجهة نظر الرأسمالية الناضجة، إن في بقاء المرأة في المنزل لرعاية زوجها وطفلين اهدار لفائض قيمة ممكن الحصول عليه، فالنظام لا يرى في عمل المرأة طوال النهار في المنزل تعزية كافية مادام يمكن استبدال عملها بما هو أكثر كفاءة مع تحويلها لعبودية الأجور"''' |
| + | ولذلك فبدأ يشهد النظام ميل للتقليل من شظان الأسرة، وذلك لثلاثة أٍساب رئيسية وهم: |
| + | |
| + | |
| + | 1- لا تستطيع الرأسمالية توفير الاستثمار اللازم في الرعاية الاجتماعية والصحية للظاطفال خاصةً في فترات التوسع. |
| + | |
| + | |
| + | 2- إن شكل العائلة مهم جداً بالنسبة للرأسمالية، لأن إيمان المرأة بأن الدور الإجتماعي الذي تقوم به هو واجبها وعملها الطبيعي، هو ما يجعلها تقبل بالعمل خارج المنزل بأجور أقل من الرجال. وتستطيع المؤسسات الُمهيمنة على صناعة الوعي الجمعي (مثل الكنيسة) أن ترفع شعارات مثل الحفاظ على العائلة لتوفير بعض التوازنات الأيدولوجية للنظام، في حين أن الحكومات تحرر قوانين ضد الإجهاض وتتباطأ في تشريع قوانين الطلاق، '''"بالرغم من أن هذه المسائل لا تُشكل في ذاتها أهمية بالنسبة للاحتياجات الإقتصادية للنظام"'''، مما يجعل البعض يتساءل حول طبيعة التمييز المبني على أساس النوع الاجتماعي، هل هو مُجرد جزء من أيدولوجية ناتجة عن النظام الطبقي لتعزيز فُرص تراكم رأس المال ومبني على أساس العوامل المادية والمصالح الاقتصادية للطبقة الحاكمة؟ أم أنه نابع من نظام أبوي متكامل يُغذي ويتغذى على النظام الطبقي الرأسمالي ويتقاطع معه؟ |
| + | |
| + | |
| + | 3- ما ترتب على الأزمة الافتصادية هو دخول نساء كثيرة لسوق العمل، وبالرغم من وجود مؤسسات راسخة تدافع عن شعار الحفاظ على العائلة، إلا أن ذلك لم يؤثر على الزيادة المستمرة لدخول النساء إلى سوق العمل ولكنه منع النظام عن القيام بالاستثمارات اللازمة لمساعدتهن. |
| + | |
| + | |
| + | ==لا توجد نهاية لاضطهاد المرأة في ظل الرأسمالية== |
| + | |
| + | يرى الكاتب أنه لن توجد نهاية لاضطهاد النساء إلا بقيام ثورة على النظام الطبقي القائم على الملكية الخاصة، ولكن هذا بدوره لن يكون ممكنناً إلا في حالة وجود ثورة على كل العلاقات الاجتماعية المرسخة للنظام، وإن هذا لن يتحقق إلا بتحقيق ظرفين: |
| + | |
| + | |
| + | 1- في حالة وجود عصر جديد للتوسع الرأسمالي، تنمو فيه القدرة على استخدام الماكينات للقيام بجميع أعباء الأعمال المنزلية ، مما يساعد على إعادة إنتاج الأعمال المخصخصة بأخرى اجتماعية. |
| + | |
| + | 2- في حالة قيام الثوؤة الاشتراكية، '''"سيتم تكريس بعض الموارد المهدرة في ظل الرأسمالية لتوفير الأساس المادي الحقيقي للرعاية الاجتماعية للطفل والمنزل"''' ، ولكن في نفس الوقت يرى الكاتب أنه حتى بعد احلال النظام المادي الذي يقوم عليه اضطهاد النساء '''"لن يتوقف االتراث الأيديولوجي للرأسمالية بما يتضكم كم تمييز ضد المرأة"'''، مما يجعل البعض يرى أن الكاتب يتجاهل تماماً التفاعلات الاجتماعية الناتجة عن البنية الطبقية للنظام الاقتصادي، فاذا كان اضطهاد النساء قائم فقط على أساس مادي فسيكون من الضروري أن يترتب محي للتميز المبني على أساس النوع الاجتماعي عند محي الأسس المادية للتمييز ، ولكن استنتاج الكاتب نفسه يجعلنا نرى أن التمييز على أساس النوع هو تمييز هيكلي قائم على إعادة إنتاجه مؤسسات إجتماعية وسياسية وقد اكتسب ديناميكيات وتفاعلات وعوامل مستقلة عن الصراع الطبقي ولكنها في نفس الوقت تُغذيه وتتغذى عليه وتتقاطع معه. |
| + | |
| + | |
| + | ==الرأسمالية وأزمة الحركة النسائية== |