تغييرات

ملاحظة في القالب حذف عناوين زائدة
سطر 6: سطر 6:  
|ترجمة=
 
|ترجمة=
 
|المصدر=الحوار المتمدن
 
|المصدر=الحوار المتمدن
|تاريخ النشر=22-09-2017
+
|تاريخ النشر=2007-09-14
 
|تاريخ الاسترجاع=2018-01-12
 
|تاريخ الاسترجاع=2018-01-12
 
|مسار الاسترجاع=http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=109091
 
|مسار الاسترجاع=http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=109091
سطر 15: سطر 15:  
|العنوان الأصلي=لماذا نحدق في النساء؟
 
|العنوان الأصلي=لماذا نحدق في النساء؟
 
|النص الأصلي=
 
|النص الأصلي=
|ملاحظة=
+
|ملاحظة=نشر هذا المقال في العدد الرابع من مجلة البوصلة المعنون "المرأة المصرية .. أسئلة الجسد والثقافة والسياسة" (2005)
 
|قوالب فرعية=
 
|قوالب فرعية=
 
}}
 
}}
      −
== مقدمة ==
+
 
 
كان نرسيس يأتي كل يوم لكي يحدق في البحيرة، لكي يطمئن إلى صورته. امرؤ يقف في امتلائه، ينظر إلى اكتمال صورته، إلى حضوره المرآوى. يسرف في النظر إلى انعكاساته حتى يجف ماء العين أو تنضب البحيرة. قرر أن يذهب إليها فمات. بكت البحيرة/المرآة نرسيس فجفت أو تبعته إلى النهاية، فبدورها كانت تحدق لكي تمتلىء، لكي ترى صورتها في مرآته/عينيه. لم يعد نرسيس يأتي لكي يقف على حافتها منكفئا على ذاته، متلألئا في ظهيرته الخاصة.  
 
كان نرسيس يأتي كل يوم لكي يحدق في البحيرة، لكي يطمئن إلى صورته. امرؤ يقف في امتلائه، ينظر إلى اكتمال صورته، إلى حضوره المرآوى. يسرف في النظر إلى انعكاساته حتى يجف ماء العين أو تنضب البحيرة. قرر أن يذهب إليها فمات. بكت البحيرة/المرآة نرسيس فجفت أو تبعته إلى النهاية، فبدورها كانت تحدق لكي تمتلىء، لكي ترى صورتها في مرآته/عينيه. لم يعد نرسيس يأتي لكي يقف على حافتها منكفئا على ذاته، متلألئا في ظهيرته الخاصة.  
   −
== التحديق عند لاكان وفوكو ==
   
سألت الأوريات، ربات الغابة، (ربما [[ميشيل فوكو | فوكو]] أو [[جاك لاكان | لاكان]] أو.. من كان يقف معهما كشهود للواقعة، شهود التحديق): من الذي يحدق؟  
 
سألت الأوريات، ربات الغابة، (ربما [[ميشيل فوكو | فوكو]] أو [[جاك لاكان | لاكان]] أو.. من كان يقف معهما كشهود للواقعة، شهود التحديق): من الذي يحدق؟  
   سطر 30: سطر 29:  
فوكو يتفحص رسوبيات هذا الموقع ويقلب أرشيف العيادة (في [[ميلاد العيادة (كتاب) | ميلاد العيادة]] 1960) ويضع يده على سجل التحديق بوصفه أداة السلطة الطبية لإخضاع جسد المريض/الخارج/المجنون، وهى الأداة التي أثبتت فاعلية عالية في السيطرة على جسد النزيل، كان عليه(المجنون) أن يدرك أنه موضوع النظرة، هذه النظرة التي لا يمكن الرد عليها، التي من شأنها أن تنظم العالم من حوله لكي يتطابق مع صورته،بوصفه غريبا، شاذا، مجنونا، وكان على توك، طبيب مستشفى دار الشفاء بانجلترا،"أن ينظم ما يشبه الفرجة الاحتفالية حول سلوكيات النظرة"(فوكو).إن السلطة ليست عمياء كما يعتقد بل هي عين؛ تحرس وتراقب وتكافىء أيضا.
 
فوكو يتفحص رسوبيات هذا الموقع ويقلب أرشيف العيادة (في [[ميلاد العيادة (كتاب) | ميلاد العيادة]] 1960) ويضع يده على سجل التحديق بوصفه أداة السلطة الطبية لإخضاع جسد المريض/الخارج/المجنون، وهى الأداة التي أثبتت فاعلية عالية في السيطرة على جسد النزيل، كان عليه(المجنون) أن يدرك أنه موضوع النظرة، هذه النظرة التي لا يمكن الرد عليها، التي من شأنها أن تنظم العالم من حوله لكي يتطابق مع صورته،بوصفه غريبا، شاذا، مجنونا، وكان على توك، طبيب مستشفى دار الشفاء بانجلترا،"أن ينظم ما يشبه الفرجة الاحتفالية حول سلوكيات النظرة"(فوكو).إن السلطة ليست عمياء كما يعتقد بل هي عين؛ تحرس وتراقب وتكافىء أيضا.
   −
== التحديق والنسوية ==
   
لقد انتقل مفهوم التحديق بكامل فاعليته بل وتم مضاعفته وتهجينه عبر الدراسات [[ما بعد النسوية]] ليعمل على سطح أكثر تشتتا ومرآوية. لقد تساءلت [[لورا مولفي]] عن الطريقة/العين التي ينظر الرجل بها إلى المرأة، وطريقة نظر النساء إلى أنفسهن في "[[اللذة البصرية وسينما السرد (مقالة) |
 
لقد انتقل مفهوم التحديق بكامل فاعليته بل وتم مضاعفته وتهجينه عبر الدراسات [[ما بعد النسوية]] ليعمل على سطح أكثر تشتتا ومرآوية. لقد تساءلت [[لورا مولفي]] عن الطريقة/العين التي ينظر الرجل بها إلى المرأة، وطريقة نظر النساء إلى أنفسهن في "[[اللذة البصرية وسينما السرد (مقالة) |
 
  المتعة البصرية والسرد السينمائي]]"، وكشفت عن تمثيل المرأة بوصفها موضوعا قابلا للامتلاك وللغواية، كائنا مثيرا ومغريا، تقدم إلى مشاهدين ذكور وتلمع أمام كاميرا ذكورية وممثلين ذكور وهذا لا ينفصل بالضرورة عن طرحها كسلعة عبر سرد سينمائي يعمل على مضاعفة العالم الخيالي الذكورى وذلك عن طريق الرموز الجنسية، والصور العارية. فيدخل المشاهد في أحلامه وهلوساته؛ فعندما أكون في السينما يكون الآخر الذي يظهر على الشاشة موضوعا لتحديقي.  
 
  المتعة البصرية والسرد السينمائي]]"، وكشفت عن تمثيل المرأة بوصفها موضوعا قابلا للامتلاك وللغواية، كائنا مثيرا ومغريا، تقدم إلى مشاهدين ذكور وتلمع أمام كاميرا ذكورية وممثلين ذكور وهذا لا ينفصل بالضرورة عن طرحها كسلعة عبر سرد سينمائي يعمل على مضاعفة العالم الخيالي الذكورى وذلك عن طريق الرموز الجنسية، والصور العارية. فيدخل المشاهد في أحلامه وهلوساته؛ فعندما أكون في السينما يكون الآخر الذي يظهر على الشاشة موضوعا لتحديقي.  
سطر 38: سطر 36:  
ومرة ثانية يظهر لاكان:"التحديق هو امتلاك الآخر في مجال الرؤية"، لقد أصبحت المرأة امتدادا لذات الرجل أو عبدا في إمبراطورية الذات الذكورية، فالتحديق يجعل الذات حاضرة أمام مرآتها، ويجعل المرأة مرآة مصقولة لتعكس صورة المحدق، ويتم تجهيزها(المرأة) لكي تكون مرآة أكثر لمعانا، فتنة، تأثيرا، وموشحة بلباس الفضيلة أيضا، لكي تعكس قيم وخيالات المجتمع الأبوي، ومتطلباته الدينية والدنيوية. إن التحديق هو استراتيجية ذكورية لتثبيت المرأة في رمزها التاريخي/الممثل، أي تثبيتها كرمز ثقافي وهوية. هو استراتيجية لتثبيتها [[الآخر | كآخر]]، فهي ليست رجلا، بل كائنا غريبا، شاذا، ناقصا، ضلعا أعوج...الخ. وهذا لكي يبقى الرجل على امتيازه بوصفه الذات/الأصل/العقل.
 
ومرة ثانية يظهر لاكان:"التحديق هو امتلاك الآخر في مجال الرؤية"، لقد أصبحت المرأة امتدادا لذات الرجل أو عبدا في إمبراطورية الذات الذكورية، فالتحديق يجعل الذات حاضرة أمام مرآتها، ويجعل المرأة مرآة مصقولة لتعكس صورة المحدق، ويتم تجهيزها(المرأة) لكي تكون مرآة أكثر لمعانا، فتنة، تأثيرا، وموشحة بلباس الفضيلة أيضا، لكي تعكس قيم وخيالات المجتمع الأبوي، ومتطلباته الدينية والدنيوية. إن التحديق هو استراتيجية ذكورية لتثبيت المرأة في رمزها التاريخي/الممثل، أي تثبيتها كرمز ثقافي وهوية. هو استراتيجية لتثبيتها [[الآخر | كآخر]]، فهي ليست رجلا، بل كائنا غريبا، شاذا، ناقصا، ضلعا أعوج...الخ. وهذا لكي يبقى الرجل على امتيازه بوصفه الذات/الأصل/العقل.
   −
== أصل الكلمة ==
   
ربما علينا أن نقوم بخطوة أخرى تجاه لفظة التحديق، أن نتفحص دلالاتها في معجمنا العربي. جاء في لسان العرب أن "حدَقَ به الشيءُ وأَحدقَ: اسْتَدارَ؛ وكل شيء اسْتَدار بشيء وأَحاطَ به، فقد أَحدَقَ به. والحَدِيقة: كلُّ أَرض استدارت وأَحدق بها حاجزٌ أو أَرض مرتفعة؛ وقيل: الحديقةُ البُسْتانُ والحائط وخص بعضهم به الجَنةَ من النخل والعنب؛ لا يُحْدَق عليه إلا وهو مَضْنُون به مُنْفِسٌ، وكلُّ بُستان كان عليه حائط، فهو حديقة، وما لم يكن عليه حائط لم يُقَل له حديقة".  
 
ربما علينا أن نقوم بخطوة أخرى تجاه لفظة التحديق، أن نتفحص دلالاتها في معجمنا العربي. جاء في لسان العرب أن "حدَقَ به الشيءُ وأَحدقَ: اسْتَدارَ؛ وكل شيء اسْتَدار بشيء وأَحاطَ به، فقد أَحدَقَ به. والحَدِيقة: كلُّ أَرض استدارت وأَحدق بها حاجزٌ أو أَرض مرتفعة؛ وقيل: الحديقةُ البُسْتانُ والحائط وخص بعضهم به الجَنةَ من النخل والعنب؛ لا يُحْدَق عليه إلا وهو مَضْنُون به مُنْفِسٌ، وكلُّ بُستان كان عليه حائط، فهو حديقة، وما لم يكن عليه حائط لم يُقَل له حديقة".  
 
وكأن فوكو ينطق بحفرية لسانية من رسوبيات هذا المعجم. استدار والتف لكي يستحوذ أو يقبض علي شيء، لكي يسوره، يحيط به، يحفظه ويصونه، وكأن التحديق يأتي للحماية أو للتعيين مثل سور أو ساتر، أو غطاء، فالحديقة إذن لا تسمى حديقة بدون سور، فهي كالمرأة لا تصبح امرأة بدون تحديق.
 
وكأن فوكو ينطق بحفرية لسانية من رسوبيات هذا المعجم. استدار والتف لكي يستحوذ أو يقبض علي شيء، لكي يسوره، يحيط به، يحفظه ويصونه، وكأن التحديق يأتي للحماية أو للتعيين مثل سور أو ساتر، أو غطاء، فالحديقة إذن لا تسمى حديقة بدون سور، فهي كالمرأة لا تصبح امرأة بدون تحديق.
سطر 82: سطر 79:     
[[تصنيف:مقالات]]
 
[[تصنيف:مقالات]]
[[تصنيف:دراسات الجندر]]
+
[[تصنيف:نظرية التحديق]]
7٬893

تعديل