تغييرات

تصنيف
سطر 20: سطر 20:     
=مقدمة=
 
=مقدمة=
في ورقة [[لورا ميلفي|لورا مولفي]] البحثية الأكثر شهرة بعنوان [[وثيقة:اللّذة البَصرية وسينما السرد|المتعة البصرية والسينما السردية]]، استنتجت ميلفي أن السينما لن تتحرر إلا بتخلصها من نظام المتعة المتلصصة كأساس للفيلم السردي. خرجت هذه الورقة للنور في سبعينيات القرن الماضي لتحدث ضجة على الصعيد النقدي وال[[نسوية|نسوي]] بشكل عام. تحدثت ميلفي عن التلصص وال[[بطريركية]] في الصناعة السينمائية، فالمرأة دوماً مستخدمة من قبل المخرجين الذكور، مفعول بها في أفلامهم، فالمرأة القوية المحاربة موصوفة بصرياً من وجهة نظر الرجل، والمرأة المسكينة المعذبة هي أيضاً تلك المرأة بالنسبة للرجل، والمرأة العاهرة هي أيضاً ما يراها الرجل، حتى في طريقة التصوير، بالتركيز على مواطئ معينة في جسد المرأة، يمكننا أن نرى الكيفية التي يراها بها الرجل، وكيف يريدنا – معشر المشاهدين- أن نراها معه.في فيلم مثل "غيبوبة Coma" للمخرج الأمريكي "مايكل كرايتون"، نرى الطبيبة عارية تحت الدش في مواجهة حبيبها بكامل ملابسه، قد لا نرى مشهدا مثل هذا بالنسبة لرجل مثلاً، خاصة لو كان موضوع الفيلم لا يحتمل أن يتجرد الأبطال من ملابسهم، لكن المرأة تخلع ملابسها بسبب أو بدون سبب، فقط لأنها هناك، تم ترشيحها من خلال عدسة ذكورية تراقبها دون إفشاء ذلك بصورة صريحة. وفي فيلم "بلايد رانر" Blade Runner لريدلي سكوت، تركض امرأة شريرة في ملابسها الداخلية، بينما تتابعها الكاميرا بالتصوير البطيء، مصورة مشهد مقتلها ببطء تام، وهي شبه عارية، مما يعطي المشاهد متعة تلصصية في مراقبة امرأة جميلة مثيرة، تموت وهي عارية. هذه المرأة هددت الذكر الرئيسي في الفيلم ومثلت خطراً للمشاهد الذكر، لهذا تمت معاقبتها وبقسوة، فتخلَّص المشاهد الذكر حامل [[نظرة الرجال المحدقة|النظرة الذكورية]] The male gaze، من خوفه منها، وعادت ثانية إلى مكانها الطبيعي، في منطقة الأمان بالنسبة له. في الوقت الذي كانت فيه هذه الرؤى تتم مناقشتها وتفنيدها بدقة، انتقد كثير من النقاد لورا ميلفي لإغفالها [[النظرة الكويرية]] queer gaze للرجل أو للمرأة على الشاشة، والتي ستختلف قطعاً عن الرؤية [[مغايرة جنسية | مغايرة الجنس]] لتمثيل الرجل على الشاشة.
+
في ورقة [[لورا ميلفي|لورا مولفي]] البحثية الأكثر شهرة بعنوان [[وثيقة:اللّذة البَصرية وسينما السرد|المتعة البصرية والسينما السردية]]، استنتجت ميلفي أن السينما لن تتحرر إلا بتخلصها من نظام المتعة المتلصصة كأساس للفيلم السردي. خرجت هذه الورقة للنور في سبعينيات القرن الماضي لتحدث ضجة على الصعيد النقدي وال[[نسوية|نسوي]] بشكل عام. تحدثت ميلفي عن التلصص وال[[بطريركية]] في الصناعة السينمائية، فالمرأة دوماً مستخدمة من قبل المخرجين الذكور، مفعول بها في أفلامهم، فالمرأة القوية المحاربة موصوفة بصرياً من وجهة نظر الرجل، والمرأة المسكينة المعذبة هي أيضاً تلك المرأة بالنسبة للرجل، والمرأة العاهرة هي أيضاً ما يراها الرجل، حتى في طريقة التصوير، بالتركيز على مواطئ معينة في جسد المرأة، يمكننا أن نرى الكيفية التي يراها بها الرجل، وكيف يريدنا – معشر المشاهدين- أن نراها معه.في فيلم مثل "غيبوبة Coma" للمخرج الأمريكي "مايكل كرايتون"، نرى الطبيبة عارية تحت الدش في مواجهة حبيبها بكامل ملابسه، قد لا نرى مشهدا مثل هذا بالنسبة لرجل مثلاً، خاصة لو كان موضوع الفيلم لا يحتمل أن يتجرد الأبطال من ملابسهم، لكن المرأة تخلع ملابسها بسبب أو بدون سبب، فقط لأنها هناك، تم ترشيحها من خلال عدسة ذكورية تراقبها دون إفشاء ذلك بصورة صريحة. وفي فيلم "بلايد رانر" Blade Runner لريدلي سكوت، تركض امرأة شريرة في ملابسها الداخلية، بينما تتابعها الكاميرا بالتصوير البطيء، مصورة مشهد مقتلها ببطء تام، وهي شبه عارية، مما يعطي المشاهد متعة تلصصية في مراقبة امرأة جميلة مثيرة، تموت وهي عارية. هذه المرأة هددت الذكر الرئيسي في الفيلم ومثلت خطراً للمشاهد الذكر، لهذا تمت معاقبتها وبقسوة، فتخلَّص المشاهد الذكر حامل [[نظرة الرجال المحدقة|النظرة الذكورية]] The male gaze، من خوفه منها، وعادت ثانية إلى مكانها الطبيعي، في منطقة الأمان بالنسبة له. في الوقت الذي كانت فيه هذه الرؤى تتم مناقشتها وتفنيدها بدقة، انتقد كثير من النقاد لورا ميلفي لإغفالها [[نظرة كويرية|النظرة الكويرية]] queer gaze للرجل أو للمرأة على الشاشة، والتي ستختلف قطعاً عن الرؤية [[مغايرة جنسية | مغايرة الجنس]] لتمثيل الرجل على الشاشة.
    
في هذه الدراسة، نحاول اكتشاف مدى التغيُّر الذي طرأ على السينما والشاشة، عن طريق تجربة عظيمة لرجل مصري تمرد على قوانين الرجولة على الشاشة بأكثر من صورة، وأحدث تغييراً شكلانياً وموضوعياً في تمثيل الرجل على الشاشة منها.
 
في هذه الدراسة، نحاول اكتشاف مدى التغيُّر الذي طرأ على السينما والشاشة، عن طريق تجربة عظيمة لرجل مصري تمرد على قوانين الرجولة على الشاشة بأكثر من صورة، وأحدث تغييراً شكلانياً وموضوعياً في تمثيل الرجل على الشاشة منها.
سطر 62: سطر 62:  
بل أن شاهين يذهب أبعد من هذا عندما يعامل أبطاله الرجال المجنسنين على الشاشة نفس معاملة المرأة في التصوير، فميلفي تذكر كيف يتم عزل أجزاء من جسد المرأة مع التركيز على الساقين أو القدمين أو اليدين فقط، في نوع من الفيتيشية وإنكار الآدمية لها. لكن هذا هو ما يفعله شاهين تماماً مع يحيى في "حدوتة مصرية"، حيث يظهر ظهره العاري في مواجهة ملامح زوجة الطبيب بالكامل، أما رام في "المهاجر" فتظهر يده فقط في مقابل وجه الكاهنة بينما هي تقبلها باشتهاء. تصوير الرجل على هيئة "أجزاء" على الشاشة، ينفي عن شاهين تهمة الذكورية تماماً، صحيح هو يعتمد على متعة التلصص الفيتيشية، لكنه يساوي بين تلك المتعة للنساء والرجال سوياً، وإن كانت فيتيشيته للرجال تتفوق أحياناً، خاصة في العقدة الأوديبية التي تتمثل في أكثر من علاقات نسائية /رجولية من أفلامه، ليست فقط عندما تكون العلاقة هي محور الفيلم كما في "فجر يوم جديد" لكن في المهاجر، أو حدوتة مصرية، تقع العلاقة الأوديبية موقعا متميزا من مسار السرد في الفيلم، وعلى عكس أفلام صلاح أبو سيف، التي تنتقم دوماً من نموذج المرأة القاتلة الخطرة femme fatale، سواء بالقتل أو النبذ والإدانة المجتمعية، فإن شاهين لا يقف كثيراً أمام مصائر أبطاله، بقدر ما يحاول الانتصار للحب، حتى لو عن طريق الذكرى كما في حالة خال يحيى في "حدوتة مصرية" الذي يزور مقابر العلمين بعد أن يُقتل حبيبه الإنجليزي في الحرب ،كل هذه كانت محاولات شاهينية جريئة لكسر تابو تصوير الرجل على الشاشة، والعلاقات الرجولية الحسية والإيروسية والتي أرادها هو ملتبسة، بالتلميح دون أي مباشرة أو فجاجة، فحتى يومنا هذا لا نجد انتقادات ليوسف شاهين على كثرة استخدامه للشخصيات المثلية بصورة زاعقة، وإنما على استحياء، وكأنما يشعر المتحفظون بالحيرة، وعدم القدرة على نقده بالصورة التي كانوا يتمنون. أو أنها حيرة وخوف شاهين نفسيهما، من التعبير عن نفسه في مجتمع أقصى ما يستطيع المرء أن يفعله فيه هو التلميح.
 
بل أن شاهين يذهب أبعد من هذا عندما يعامل أبطاله الرجال المجنسنين على الشاشة نفس معاملة المرأة في التصوير، فميلفي تذكر كيف يتم عزل أجزاء من جسد المرأة مع التركيز على الساقين أو القدمين أو اليدين فقط، في نوع من الفيتيشية وإنكار الآدمية لها. لكن هذا هو ما يفعله شاهين تماماً مع يحيى في "حدوتة مصرية"، حيث يظهر ظهره العاري في مواجهة ملامح زوجة الطبيب بالكامل، أما رام في "المهاجر" فتظهر يده فقط في مقابل وجه الكاهنة بينما هي تقبلها باشتهاء. تصوير الرجل على هيئة "أجزاء" على الشاشة، ينفي عن شاهين تهمة الذكورية تماماً، صحيح هو يعتمد على متعة التلصص الفيتيشية، لكنه يساوي بين تلك المتعة للنساء والرجال سوياً، وإن كانت فيتيشيته للرجال تتفوق أحياناً، خاصة في العقدة الأوديبية التي تتمثل في أكثر من علاقات نسائية /رجولية من أفلامه، ليست فقط عندما تكون العلاقة هي محور الفيلم كما في "فجر يوم جديد" لكن في المهاجر، أو حدوتة مصرية، تقع العلاقة الأوديبية موقعا متميزا من مسار السرد في الفيلم، وعلى عكس أفلام صلاح أبو سيف، التي تنتقم دوماً من نموذج المرأة القاتلة الخطرة femme fatale، سواء بالقتل أو النبذ والإدانة المجتمعية، فإن شاهين لا يقف كثيراً أمام مصائر أبطاله، بقدر ما يحاول الانتصار للحب، حتى لو عن طريق الذكرى كما في حالة خال يحيى في "حدوتة مصرية" الذي يزور مقابر العلمين بعد أن يُقتل حبيبه الإنجليزي في الحرب ،كل هذه كانت محاولات شاهينية جريئة لكسر تابو تصوير الرجل على الشاشة، والعلاقات الرجولية الحسية والإيروسية والتي أرادها هو ملتبسة، بالتلميح دون أي مباشرة أو فجاجة، فحتى يومنا هذا لا نجد انتقادات ليوسف شاهين على كثرة استخدامه للشخصيات المثلية بصورة زاعقة، وإنما على استحياء، وكأنما يشعر المتحفظون بالحيرة، وعدم القدرة على نقده بالصورة التي كانوا يتمنون. أو أنها حيرة وخوف شاهين نفسيهما، من التعبير عن نفسه في مجتمع أقصى ما يستطيع المرء أن يفعله فيه هو التلميح.
   −
في مقال بعنوان [[فقط لأنه الأستاذ]] يتحدث المؤلف د. [[أحمد خالد توفيق]] عن مآخذه على أفلام يوسف شاهين المؤلف وليس المخرج:"إلام يفضي المسار الفكري لفيلم (المهاجر) ؟.. رؤية مختلة لقصة سيدنا يوسف مع تنويه واضح إلى أن "الأرض لمن يستطيع أن يزرعها" ولا أعرف إلام يفضي بنا هذا ؟.. ماذا عن الرسالة المضطربة في "وداعاً بونابرت" حول أن العلاقة المثلية بين جنرال فرنسي وشاب مصري هي الطريق الوحيد إلى امتزاج الحضارات والسلام؟ حل مشكلة التطرف في "المصير" هو أن نرقص أكثر.
+
في مقال بعنوان "فقط لأنه الأستاذ" يتحدث المؤلف د. [[أحمد خالد توفيق]] عن مآخذه على أفلام يوسف شاهين المؤلف وليس المخرج:"إلام يفضي المسار الفكري لفيلم (المهاجر) ؟.. رؤية مختلة لقصة سيدنا يوسف مع تنويه واضح إلى أن "الأرض لمن يستطيع أن يزرعها" ولا أعرف إلام يفضي بنا هذا ؟.. ماذا عن الرسالة المضطربة في "وداعاً بونابرت" حول أن العلاقة المثلية بين جنرال فرنسي وشاب مصري هي الطريق الوحيد إلى امتزاج الحضارات والسلام؟ حل مشكلة التطرف في "المصير" هو أن نرقص أكثر.
 
أما عن الجانب الأخلاقي للأفلام فهناك ميزانان في الرقابة .. ميزان للعامة وميزان لشاهين.. هكذا تصفح الرقابة في تسامح أسطوري عن علاقات الحب المثلية التي لا يخلو منها فيلم من أفلامه تقريباً، ولعله تملق لتيار العولمة، وأراهن أنه يفتخر في مناقشاته الخاصة في الغرب بأنه أول من تجاسر على تقديم علاقات كهذه لمجتمع متخلف. تصفح الرقابة عن العلاقات الأسرية المختلة في كل فيلم..عن الاشتهاء الواضح من الأم لابنها في (الآخر)، وتصفح عن اشتهاء الأخت (صفية العمري) لأخيها في (المهاجر)..حتى زوجة الفيلسوف (ابن رشد) لم يرحمها.. إننا نرى في عينيها اشتهاء كاملاً للفتى الفرنسي الذي جاء يتتلمذ على يد زوجها. وتصفح عن مشاهد كاملة في (إسكندرية نيويورك) لو قدمها سواه لعلقوه مشنوقاً في ميدان (طلعت حرب).. ما معنى هذا ؟ نظارة هيبة العبقرية وضعت على عين الرقيب فلم يعد يرى.. لماذا ؟ لأنه يتعامل مع الأستاذ".
 
أما عن الجانب الأخلاقي للأفلام فهناك ميزانان في الرقابة .. ميزان للعامة وميزان لشاهين.. هكذا تصفح الرقابة في تسامح أسطوري عن علاقات الحب المثلية التي لا يخلو منها فيلم من أفلامه تقريباً، ولعله تملق لتيار العولمة، وأراهن أنه يفتخر في مناقشاته الخاصة في الغرب بأنه أول من تجاسر على تقديم علاقات كهذه لمجتمع متخلف. تصفح الرقابة عن العلاقات الأسرية المختلة في كل فيلم..عن الاشتهاء الواضح من الأم لابنها في (الآخر)، وتصفح عن اشتهاء الأخت (صفية العمري) لأخيها في (المهاجر)..حتى زوجة الفيلسوف (ابن رشد) لم يرحمها.. إننا نرى في عينيها اشتهاء كاملاً للفتى الفرنسي الذي جاء يتتلمذ على يد زوجها. وتصفح عن مشاهد كاملة في (إسكندرية نيويورك) لو قدمها سواه لعلقوه مشنوقاً في ميدان (طلعت حرب).. ما معنى هذا ؟ نظارة هيبة العبقرية وضعت على عين الرقيب فلم يعد يرى.. لماذا ؟ لأنه يتعامل مع الأستاذ".
   سطر 69: سطر 69:     
== مراجع==  
 
== مراجع==  
  −
   
*“How Our Brains Turn Women Into Objects: There is, it turns out, more than one kind of "objectification" -By Piercarlo Valdesolo on October 11, 2011”
 
*“How Our Brains Turn Women Into Objects: There is, it turns out, more than one kind of "objectification" -By Piercarlo Valdesolo on October 11, 2011”
 
*“Bond Girl: Re-Watching and Re-Evaluating Goldfinger -By Zina Hutton, April 20th, 2015”
 
*“Bond Girl: Re-Watching and Re-Evaluating Goldfinger -By Zina Hutton, April 20th, 2015”
سطر 80: سطر 78:     
[[تصنيف:نقد سينمائي نسوي]]
 
[[تصنيف:نقد سينمائي نسوي]]
 +
[[تصنيف:نظرية التحديق]]
7٬893

تعديل