تغييرات

اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
أُضيف 6٬703 بايت ،  قبل 5 سنوات
إضافة محتوى ومصادر
سطر 82: سطر 82:  
انتُقدت النظرية التقاطعية "لاعتمادها المفرط على فئاتٍ تحليلية "راسخةٍ" ظاهريًا (العرق أو الجنس أو الطبقة)"، مما يمكن أن يؤدي إلى تجاهل أشكال أخرى من أنماط القمع المتقاطعة والتي يمكن ألا تدور في محور محدّد واضح، وإنما تتشكّل بفعل عوامل كالزمان والمكان.<ref name="genderdictionnary" />
 
انتُقدت النظرية التقاطعية "لاعتمادها المفرط على فئاتٍ تحليلية "راسخةٍ" ظاهريًا (العرق أو الجنس أو الطبقة)"، مما يمكن أن يؤدي إلى تجاهل أشكال أخرى من أنماط القمع المتقاطعة والتي يمكن ألا تدور في محور محدّد واضح، وإنما تتشكّل بفعل عوامل كالزمان والمكان.<ref name="genderdictionnary" />
   −
كما قدم الكثير من الماركسيات والماركسيون، وأيضاً النسويات الماركسيات نقداً للتقاطعية، برز هذا النقد بشدة في كتيب أنا امرأة .. وإنسان: نقد ماركسي نسوي لنظرية التقاطعية (I am a Woman .. and a Human: a Marxist feminist critique of intersectionality theory) بقلم إيف ميتشيل (Eve Mitchell).
+
كما قدم الكثير من الماركسيات والماركسيون، وأيضاً النسويات الماركسيات نقداً للتقاطعية، برز هذا النقد بشدة في كتيب أنا امرأة .. وإنسان: نقد ماركسي نسوي لنظرية التقاطعية '''(I am a Woman .. and a Human: a Marxist feminist critique of intersectionality theory)''' بقلم إيف ميتشيل '''(Eve Mitchell)'''.<ref>[http://musawasyr.org/?p=16554 كتيب أنا امرأة وإنسان: نقد ماركسي نسوية لنظرية التقاطعية، ترجمة فريق مدونة ما العمل؟]،</ref>
 +
 
 +
 
 
نقد إيف ميتشيل الأساسي لنظرية التقاطعية قائم على أنها تعتمد بالأساس على سياسات الهوية مما يكرس لفردية النضال، لأنها تتجاهل الأسس المادية التي  يقوم عليها الجندر والعلاقات الجندرية. وتجادل إيف أنه لفهم التقاطعية والهوية، فيجب علينا أن نفهم علاقات رأس المال أو بكلمات أخرى مجموع العلاقات الاجتماعية للانتاج في إطار النمط الحالي للإنتاج. ففي إطار تحول نظام الانتاج من الإقطاعية للرأسمالية، بدأ التقسيم الجندري للعمل، وبالتالي تطورت علاقات جندرية جديدة بداخل الطبقة العاملة، واتخذت تلك العلاقات أشكالاً جديدة لتتناسب مع النمط الجديد للإنتاج، بُنيت هذه الأشكال الجديدة على أربعة محاور رئيسية:  
 
نقد إيف ميتشيل الأساسي لنظرية التقاطعية قائم على أنها تعتمد بالأساس على سياسات الهوية مما يكرس لفردية النضال، لأنها تتجاهل الأسس المادية التي  يقوم عليها الجندر والعلاقات الجندرية. وتجادل إيف أنه لفهم التقاطعية والهوية، فيجب علينا أن نفهم علاقات رأس المال أو بكلمات أخرى مجموع العلاقات الاجتماعية للانتاج في إطار النمط الحالي للإنتاج. ففي إطار تحول نظام الانتاج من الإقطاعية للرأسمالية، بدأ التقسيم الجندري للعمل، وبالتالي تطورت علاقات جندرية جديدة بداخل الطبقة العاملة، واتخذت تلك العلاقات أشكالاً جديدة لتتناسب مع النمط الجديد للإنتاج، بُنيت هذه الأشكال الجديدة على أربعة محاور رئيسية:  
   سطر 108: سطر 110:  
ففي إطار نظام الانتاج الرأسمالي، يفصل العامل عن وسائل الإنتاج، لذلك يجب عليه أن يعمل لصالح من يمتلكون تلك الوسائل، وينخرط في نموذج العمل ذاته طوال اليوم وكل يوم، فتصبح مهنة العامل بالنسبة له هي مجرد وسيلة لتسديد حاجاته، بينما في جوهرها هي ممارسة الحياة نفسها "وبسبب هذا الشقاق ما بين عملنا وإرادتنا الواعية، يُغرّبُ عملنا تحتَ الرأسماليّة، بمعنى أنّه لا يُستخدم لإثرائنا الذاتيّ، وإنما نحن نهديه للرأسماليين، ويُصبِح عملنا متعددُ الجوانب عملًا ذو جانبٍ واحد، إذ يُختزل في مِهنتنا."
 
ففي إطار نظام الانتاج الرأسمالي، يفصل العامل عن وسائل الإنتاج، لذلك يجب عليه أن يعمل لصالح من يمتلكون تلك الوسائل، وينخرط في نموذج العمل ذاته طوال اليوم وكل يوم، فتصبح مهنة العامل بالنسبة له هي مجرد وسيلة لتسديد حاجاته، بينما في جوهرها هي ممارسة الحياة نفسها "وبسبب هذا الشقاق ما بين عملنا وإرادتنا الواعية، يُغرّبُ عملنا تحتَ الرأسماليّة، بمعنى أنّه لا يُستخدم لإثرائنا الذاتيّ، وإنما نحن نهديه للرأسماليين، ويُصبِح عملنا متعددُ الجوانب عملًا ذو جانبٍ واحد، إذ يُختزل في مِهنتنا."
   −
ومن هنا تطابق الكاتبة ما بين تصنيفي دي إيميليو: السلوك والهوية، والتصنيفين الماركسيين العمل والاغتراب، قائلة أن الممارسات والسلوك المثلي هو جزء من تفاعل الإنسان مع الحياة (نشاطه الذاتي أي عمله)، بينما الهوية المثلية هي شكل عمل أُحادي الجانب وفردي ومغترب، فمفهوم الهوية في حد ذاته تختص به الرأسمالية وحدها. بكلماتِ أخرى، نحن، تحت الرأسمالية، يتم قولبتنا في إطار واحد، "فنحن إما سائق/ة سيارة، مصفف/ة شعر، أو امرأة أو إسود وسداء .. إلخ)"، فعندما ينحصر تعريفنا لشخوصنا في تلك التعبيرات المُحدِدة لنشاطنا الذاتي (العمل)، تعمل على الحد من كوننا بشر متعددي الجوانب.  
+
ومن هنا تطابق الكاتبة ما بين تصنيفي دي إيميليو: السلوك والهوية، والتصنيفين الماركسيين العمل والاغتراب، قائلة أن الممارسات والسلوك المثلي هو جزء من تفاعل الإنسان مع الحياة (نشاطه الذاتي أي عمله)، بينما الهوية المثلية هي شكل عمل أُحادي الجانب وفردي ومغترب. بكلماتِ أخرى، نحن، تحت الرأسمالية، يتم قولبتنا في إطار واحد، "فنحن إما سائق/ة سيارة، مصفف/ة شعر، أو امرأة أو إسود وسوداء .. إلخ)"، فحصر تعريفنا لشخوصنا في تلك التعبيرات المُحدِدة لنشاطنا الذاتي (العمل)، يؤدي إلى الحد من كوننا بشر متعددي الجوانب.
 +
 
 +
وبالرغم من إقرار الكاتبة بوجود تفرقة جندرية وتفرقة على أساس العرق في بعض مجتمعات ما قبل الرأسمالية، إلا أنها تقول أن تصنيفات "الهوية" هي أمر تختص به الرأسمالية وحدها، ولذلك ترى الكاتبة أن سياسات الهوية هي نهج بورجوازي وشديد الفردية. وأنه علينا أن نناضل من أجل مجتمع يتجاوز فكرة الهويات ويسمح للجميع أن يعبروا عن نشاطهم الذاتي متعدد الجوانب كيفما شاءوا.
 +
 
 +
تساوي إيف ما بين سياسات الهوية والعمل المغترب، أي أن سياسات الهوية هي تعبير أحادي الجانب لمجموع إمكانيات الجنس البشري. في ظل نظام الإنتاج الرأسمالي، يظهر الفرد كشخص مغترب، بالرغم من أنه في الأصل ذو جوانب متعددة ويمارس أشكال متعددة من العمل (النشاط الذاتي)، ولكن سياسات الهوية تعزز جانب واحد في هذا التناقض ما بين المظهر والجوهر، فإنها تحث على نضال جماعي قائم على هويات مفردة (جانب واحد للعمل المغترب) مثل النسائية أو العرق أو المثلية ...إلخ.
 +
 
 +
تؤكد الكاتبة على أهمية أن يناضل السود لسوادهم والمثليين لمثليتهم ..إلخ، ولكنها تقول أيضاً أن بالتوقف عند جانب واحد (السواد، المثلية، النسائية ...إلخ) سنصبح نحن من يعيد إنتاج نفس مظهر الفرد المغترب أحادي الجانب تحت الرأسمالية، ولذلك تقول الكاتبة أنه لا يكفي أن نقول "أنا امرأة" ولكن يجب إضافة الجانب الآخر للتناقض "وأنا أيضاً انسان".
 +
 
 +
 +
تضيف الكاتبة أن التقاطعية تستنسخ مشكلة بناء سياسات كاملة على أساس تجربة محددة واحدة أو حزمة محددة من الاختلافات، بل وتضيف أيضاً لحظات محددة ونقاط حاسمة بالدعوة لشمل الطبقة والعرق للتحليل النسوي، وليس ذلك فحسب بل إنها ترى أن نظرية "مصفوفة الاضطهادات المتشابكة" تصنع بشكل مماثل مجموعة من الهويات المُطَبَعة والمجردة من سياقها المادي والتاريخي.
 +
 
 +
تستنتج الكاتبة أنه في ظل سياسات الهوية (سياسات بورجوازية) ستصبح الإمكانيات المتاحة للنضال بورجوازية أيضاً بدورها، فينحصر النضال في المطالبة بالمساواة بين المجموعات المختلفة في أحسن الأحوال، بينما في أسوأ الأحوال يأخذ النضال أشكالاً فردية.
 +
 
 +
 
 +
وكحل لهذه الإشكاليات، تقترح إيف ميتشيل المنهجية الماركسية كحل حيث أن بإمكانها أن تطرح رؤية ما لكيفية خلق سياسات تتجاوز سياسات الهوية، فكون الشخص امرأة بالمعنى العالمي يعني أنها تنتج وتعيد إنتاج حزمة من العلاقات الاجتماعية من خلال عملها ونشاطها الذاتي، وهنا تأتي أهمية ادراك الخاص في علاقته الجدلية مع الكلي أو العام، بكلمات أخرى يجب أن ننظر للتمظهر الفردي للعمل في علاقته مع العمل ذاته.
 +
 
 +
تؤكد الكاتبة أيضاً ان منظرات ومنظري التقاطعية لم يكونوا مخطئات، ولكن طرحهن لم يكن كاملاً، فإنها تقر بحقيقية العلاقات الجندرية والعرقية وبوجودها، ولكنها ترى أن تلك العلاقات لا تبرز الحقيقة الشاملة والعالمية للوجود الانساني، فبقولها "أنا امرأة .. وأنا ايضاً انسان" تشدد على جانبي التناقض للوجود الإنساني، ومن هنا ترى الكاتبة إمكانية أن يُبني حلاً على هذا التناقض ومن ثم المضي به، فالنضال من أجل التحرر يجب أن يبنى على كل من الخاص والعالمي.
 +
 
 +
وفي اشتباك الباحثة النسوية سارة سالم مع مقال إيف ميتشيل، في مقالها النسوية الماركسية كنقد للتقاطعية (Marxist Feminism as a critique of intersectionality)، تقترح مقاربة جرامشي للنسوية، كحل أكثر فاعلية من حل النسوية الماركسية الذي اقترحته ايف ميتشل في ورقتها، وتبرر سارة سالم هذا الاقتراح باهتمام جرامشي بالنظر لكل من المادية والأفكار في آن واحد، فهو يرى أن "الأفكار والمادية دائماً مرتبطان بعضهما بالآخر، يقوي أحدهما الآخر، ولا يمكن إختزال أحدهما بالآخر"، فإنها ترى أن مقاربة جرامشي ستساعد على فهم الجندر من خلال تفكيك الطرق التي بني بها الجندر كأيديولوجية ناتجة من القوى المادية للتاريخ، التي بدورها تنتجه ويتم إنتاجها من خلاله كمجموعة من الأفكار التي يتم بنائها.
 +
 
 +
كمان أنها ترى أن مفهوم جرامشي عن "الهيمنة" تساعد في تحليل "الهيمنة" في البُنا الاجتماعية، بما يتضمن الاقتصاد والثقافة والجندر والعرق والطبقة والأيديولوجية. وتضيف أن هذا النوع من المقاربة هو بالفعل تقاطعي، بالمعنى الذي يفي بأن "الهيمنة" هي حقيقة مفروضة، مبنية على أسس مادية محددة بأنماط الإنتاج، وأنها تعمل في إطار البُنا الاجتماعية المختلفة، والجندر هو أحد هذه البُنا.
 +
بمعنى ما، فلقد تحدث جرامشي بالفعل عن فهم للجندر يتخطى حصره في الرجولة والأنوثة، ويصل لكونه واحد من البُنا الإجتماعية الكثيرة.  
   −
وبالرغم من إقرار الكاتبة بوجود تفرقة جندرية وتفرقة على أساس العرق في مجتمعات ما قبل الرأسمالية، إلا أنها تقول أن تصنيفات "الهوية" هي أمر تختص به الرأسمالية وحدها، ولذلك ترى الكاتبة أن سياسات الهوية هي نهج بورجوازي وشديد الفردية. وأنه علينا أن نناضل من أجل مجتمع يتجاوز فكرة الهويات ويسمح للجميع أن يعبروا عن نشاطهم الذاتي متعدد الجوانب كيفما شاءوا.
+
وبالرغم من رؤية سارة سالم للمركزية الأوروبية التي تنطوي عليها الكثير من تحليلات جرامشي، إلا أنها ترى أن دمج ما بين مقاربته وما بين أفكار نسوية ما بعد الاستعمار سيكون مفيد بشدة.<ref>[https://www.feministcurrent.com/2013/12/10/marxist-feminism-as-a-critique-of-intersectionality/ Sara Salem, "Marxist Feminism as a critique of Intersectionality", Feminist Current, 10 December 2013]،</ref>
    
==طالع/ي كذلك==
 
==طالع/ي كذلك==
264

تعديل

قائمة التصفح