تغييرات

اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
وصلات وتصنيف
سطر 6: سطر 6:  
|ترجمة=
 
|ترجمة=
 
|المصدر=بالأحمر
 
|المصدر=بالأحمر
|تاريخ النشر=9-3-2018
+
|تاريخ النشر=2018-03-09
|تاريخ الاسترجاع=27-7-2018
+
|تاريخ الاسترجاع=2018-07-27
 
|مسار الاسترجاع=https:// https://searx.me:3000/?mortyhash=6cc6b46cd87b771e10b7d757ed5c9ac0cbd3c67a9b2bc823eb4614ade741e529&mortyurl=http%3A%2F%2Fbel-ahmar.net%2F%3Fp%3D3000
 
|مسار الاسترجاع=https:// https://searx.me:3000/?mortyhash=6cc6b46cd87b771e10b7d757ed5c9ac0cbd3c67a9b2bc823eb4614ade741e529&mortyurl=http%3A%2F%2Fbel-ahmar.net%2F%3Fp%3D3000
 
|نسخة أرشيفية=
 
|نسخة أرشيفية=
سطر 13: سطر 13:  
|مترجم=محمد رمضان ونادر هشام
 
|مترجم=محمد رمضان ونادر هشام
 
|لغة الأصل=en
 
|لغة الأصل=en
|العنوان الأصلي=
+
|العنوان الأصلي=Marxism vs intersectionality
 
|النص الأصلي=
 
|النص الأصلي=
 
|ملاحظة=
 
|ملاحظة=
سطر 22: سطر 22:  
==توطئة المترجم==
 
==توطئة المترجم==
   −
تجادل جوديث بتلر فى محاضرة شهيرة لها بعنوان “الحياه الهشة” أن  هناك ما يمكن تسميتة  “الالتزام الأخلاقي تجاه القمع” وهذا الالتزام يحمل صفة عالمية تتجاوز حدودا جغرافية ولغوية ومناطقية  كثيرة ويوحدنا جميعا فى مواجهة تلك الصور الوحشية من القمع. علية فمن أجل صياغة كود أخلاقي لمحاربة أي شكل من أشكال الاستغلال فيجب أن يكون هذا الكود عالميا ، تدعو بتلر لما تسمية “التعايش بناءا على الواجب الأخلاقي “. كيف يمكن أن ينسحب هذا التصور على القمع والاستغلال الجنسي بأشكالة المتعددة ؟ ثمه ما لدي بتلر أيضا للاجابة على هذا ففى نظرها من أجل تمكين النساء يجب بداية أن ندرك الظروف الموضوعية التى تنتج هذا التمييز والقمع ضدهم. كانت بتلر – والمعروفة بنقدها الكبير للماركسية وتمييزها لنفسها بوصفها فيلسوفة اخلاقية ما بعد حداثية – تتسخدم الحروب وصور الحروب المعروضة فى وسائل الاعلام للتدليل على هذا. لكن بتلر نسيت أن تشير ان العامل الانساني الذي تراه يوحد الجميع ويلزمهم أخلاقيا تجاه القمع والاستغلال قد يكون فى أساسة عاملا ماديا  بمعني ظرفا ماديا ، أو موقعا طبقيا يمكن أن يوحد الجميع ضد الاستغلال بكل أشكاله. ومن ثم سحب تفسير بتلر هذا على العوامل والظروف الاجتماعية  والاقتصادية التى من شأنها أن تصعد بكل أشكال القمع الاقتصادي، الهوياتي والديني للواجهة فى ظل الرأسمالية المأزومة والديمقراطية الليبرالية التى فقدت كل مبررات وجودها الحالي كرديف للرأسمالية.
+
تجادل [[جوديث بتلر]] فى محاضرة شهيرة لها بعنوان “الحياه الهشة” أن  هناك ما يمكن تسميتة  “الالتزام الأخلاقي تجاه القمع” وهذا الالتزام يحمل صفة عالمية تتجاوز حدودا جغرافية ولغوية ومناطقية  كثيرة ويوحدنا جميعا فى مواجهة تلك الصور الوحشية من القمع. علية فمن أجل صياغة كود أخلاقي لمحاربة أي شكل من أشكال الاستغلال فيجب أن يكون هذا الكود عالميا، تدعو بتلر لما تسمية “التعايش بناءا على الواجب الأخلاقي “. كيف يمكن أن ينسحب هذا التصور على القمع و[[استغلال جنسي | الاستغلال الجنسي]] بأشكالة المتعددة ؟ ثمه ما لدي بتلر أيضا للاجابة على هذا ففى نظرها من أجل [[تمكين النساء]] يجب بداية أن ندرك الظروف الموضوعية التى تنتج هذا [[تمييز جنسي | التمييز]] والقمع ضدهم. كانت بتلر – والمعروفة بنقدها الكبير للماركسية وتمييزها لنفسها بوصفها فيلسوفة اخلاقية ما بعد حداثية – تتسخدم الحروب وصور الحروب المعروضة فى وسائل الاعلام للتدليل على هذا. لكن بتلر نسيت أن تشير ان العامل الانساني الذي تراه يوحد الجميع ويلزمهم أخلاقيا تجاه القمع والاستغلال قد يكون فى أساسة عاملا ماديا  بمعني ظرفا ماديا ، أو موقعا طبقيا يمكن أن يوحد الجميع ضد الاستغلال بكل أشكاله. ومن ثم سحب تفسير بتلر هذا على العوامل والظروف الاجتماعية  والاقتصادية التى من شأنها أن تصعد بكل أشكال القمع الاقتصادي، الهوياتي والديني للواجهة فى ظل الرأسمالية المأزومة والديمقراطية الليبرالية التى فقدت كل مبررات وجودها الحالي كرديف للرأسمالية.
   −
فى إعتقادي أننا فى أمس الحاجة اليوم لأن نعيد الاعتبار للشعار القديم للنسوية التحررية والذي جاء مع الموجة الثانية للنسوية فى الستنيات والقائل بأن “كل ما هو شخصي هو سياسي بالضرورة “ (personal is political) نظرا لما يمكن أن يمثلة هذا الشعار من عودة لأصول الحركة النسوية  بعيدا عن إنقساماتها الحالية التى أنتجتها سياسات الهوية وما بعدها ، لا أعتقد انني شخصيا مهووس فى إنتقاد المابعديات على إتساعها لكن المقال أوالنص التالي هو محاولة جادة لتوجية النقد للمابعديات بصفة عامة ، وللنسوية التقطاعية بصفة خاصة.
+
فى إعتقادي أننا فى أمس الحاجة اليوم لأن نعيد الاعتبار للشعار القديم لل[[نسوية]] التحررية والذي جاء مع [[موجة نسوية ثانية | الموجة الثانية للنسوية]] فى الستنيات والقائل بأن “[[الشخصي سياسي | كل ما هو شخصي هو سياسي بالضرورة]] “ (personal is political) نظرا لما يمكن أن يمثلة هذا الشعار من عودة لأصول [[حركة نسوية | الحركة النسوية]] بعيدا عن إنقساماتها الحالية التى أنتجتها [[سياسات الهوية]] وما بعدها ، لا أعتقد انني شخصيا مهووس فى إنتقاد المابعديات على إتساعها لكن المقال أوالنص التالي هو محاولة جادة لتوجية النقد للمابعديات بصفة عامة ، وللنسوية التقطاعية بصفة خاصة.
   −
نشر النص الأصلي لهذا المقال فى موقعFight Back Canada  وأعاد نشرة فى يوليوالماضي موقع In Defence of Marxism  وهو نص للنسوية الماركسية جاسيكا كاسيل تحاول فية الكاتبة المقاربة بين الماركسية الكلاسيكية وبين النسوية التقطاعية التى نشأت كرد فعل تكميلي على سياسات الهوية. نشر المقال بعنوان أصلي Marxism vs intersectionality  أي “الماركسية فى مقابل النسوية التقاطعية”. وتفترض كاسيل فى هذا النص المطول أن النسوية التقاطعية كرديف لسياسات الهوية لا تقدم جديدا سوي فى تسليط الضوء على إمكانات القمع المركب التى ينتجها النظام الرأسمالي وأنها لا تقدم الكثير من التنظير فى سبل تجاوز الظروف الموضوعية المنتجة للقمع والتمييز ضد النساء وتقوم فى هذا النص بشرح موجز تاريخي للنظريات التقاطعية للنسوية ومن ثم تنقد سياسات الهوية بالأساس فى سياق النص.
+
نشر النص الأصلي لهذا المقال فى موقعFight Back Canada  وأعاد نشرة فى يوليوالماضي موقع In Defence of Marxism  وهو نص للنسوية الماركسية [[جاسيكا كاسيل]] تحاول فية الكاتبة المقاربة بين الماركسية الكلاسيكية وبين النسوية ال[[تقطاعية]] التى نشأت كرد فعل تكميلي على سياسات الهوية. نشر المقال بعنوان أصلي Marxism vs intersectionality  أي “الماركسية فى مقابل النسوية التقاطعية”. وتفترض كاسيل فى هذا النص المطول أن النسوية التقاطعية كرديف لسياسات الهوية لا تقدم جديدا سوي فى تسليط الضوء على إمكانات القمع المركب التى ينتجها النظام الرأسمالي وأنها لا تقدم الكثير من التنظير فى سبل تجاوز الظروف الموضوعية المنتجة للقمع و[[تمييز جنسي | التمييز ضد النساء]] وتقوم فى هذا النص بشرح موجز تاريخي [[نظرية التقاطعية | للنظريات التقاطعية]] للنسوية ومن ثم تنقد سياسات الهوية بالأساس فى سياق النص.
   −
كان الدافع الأساسي لترجمة النص هو البحث عن نقاش جاد حول الاحداث الأخيرة التى ظهرت فى المجال العام السياسي فى مصر بصفة عامة والمجال اليساري بصفة خاصة من اتهامات التحرش والاغتصاب. نجد أنه من الضروري أن تخضع تلك الحوادث لنقاشات بعيدة عن التطهرية وبعيدة أيضا عن السياقات الذكورية الحاكمة فى المجتمع المصري من اجل إنتاج كود أخلاقي حاكم للعلاقة بين الرجال والنساء فى المجال العام .ومن ثم كانت تلك المحاولة التى تبدو غير مغرقة فى النظرية بقد اعتمادها على نماذج تطبيقية  فى حالة الولايات المتحدة على وجة الخصوص. وخاصة أن رئيس أكبر دولة فى العالم الآن يواجه إتهامات بالتحرش ما  دعا الحركة النسوية  فى العالم لتنظيم تظاهرات إعتراضا علي هذة الانتخابات.
+
كان الدافع الأساسي لترجمة النص هو البحث عن نقاش جاد حول الاحداث الأخيرة التى ظهرت فى المجال العام السياسي فى مصر بصفة عامة والمجال اليساري بصفة خاصة من [[قضية إيميل التحرش | اتهامات التحرش والاغتصاب]]. نجد أنه من الضروري أن تخضع تلك الحوادث لنقاشات بعيدة عن التطهرية وبعيدة أيضا عن السياقات الذكورية الحاكمة فى المجتمع المصري من اجل إنتاج كود أخلاقي حاكم للعلاقة بين الرجال والنساء فى المجال العام .ومن ثم كانت تلك المحاولة التى تبدو غير مغرقة فى النظرية بقد اعتمادها على نماذج تطبيقية  فى حالة الولايات المتحدة على وجة الخصوص. وخاصة أن [[إتهامات التحرش الجنسي الموجهة لدونالد ترامب | رئيس أكبر دولة فى العالم الآن يواجه إتهامات بالتحرش ]] ما  دعا الحركة النسوية  فى العالم [[مسيرة النساء في يناير 2017 | لتنظيم تظاهرات إعتراضا علي هذة الانتخابات]].
    
نأمل فى النهاية أن يساعد النص فى تطوير النقاش الدائر حاليا نحو أفق أكثر إتساعا من فكرة التشهير والتلاسن وإتهام الغير وإصدار الأحكام المطلقة على الجميع.
 
نأمل فى النهاية أن يساعد النص فى تطوير النقاش الدائر حاليا نحو أفق أكثر إتساعا من فكرة التشهير والتلاسن وإتهام الغير وإصدار الأحكام المطلقة على الجميع.
سطر 46: سطر 46:  
==نظرية  “النسوية التقطاعية”  فى سياقها==
 
==نظرية  “النسوية التقطاعية”  فى سياقها==
   −
من أجل فهم محددات  “القمع المركب” من منظور الماركسي، علينا بالطبع أن ننظر في المبادئ الرئيسية للنظرية  والسياق التاريخي الذي صعدت فيه. تزامن صعود “النسوية التقاطعية” مع هزيمة الموجات الثورية في الستينيات والسبعينات، ومن ثم عقد الثمانيات الضائع الذي توج بانهيار الاتحاد السوفيتي.  خلال هذا الجزر  فى النظرية الماركسية والتراجع عن فكرة الصراع الطبقي فى المجتمع صعدت “سياسات الهوية “للواجهة. وتعتمد سياسات الهوية بالأساس علي تعريف الأفراد على أساس الخصائص الفردية لكل منهم (العرق، والجنس، وما إلى ذلك) بدلا من طبقتهم أو كيفية  تعاطيهم مع السياسة.
+
من أجل فهم محددات  “القمع المركب” من منظور الماركسي، علينا بالطبع أن ننظر في المبادئ الرئيسية للنظرية  والسياق التاريخي الذي صعدت فيه. تزامن صعود “النسوية التقاطعية” مع هزيمة الموجات الثورية في الستينيات والسبعينات، ومن ثم عقد الثمانيات الضائع الذي توج بانهيار الاتحاد السوفيتي.  خلال هذا الجزر  فى النظرية الماركسية والتراجع عن فكرة الصراع الطبقي فى المجتمع صعدت “سياسات الهوية “للواجهة. وتعتمد سياسات الهوية بالأساس علي تعريف الأفراد على أساس الخصائص الفردية لكل منهم (العرق، وال[[جنس]]، وما إلى ذلك) بدلا من طبقتهم أو كيفية  تعاطيهم مع السياسة.
       
وقد استخدمت  سياسات الهوية بواسطة الطبقات الحاكمة والمهيمنة لتعزيز خطابات البرجوازية الصغيرة الوظيفية التي يسهل دمجها في النظام الرأسمالي. وتستخدم سياسات الهوية من قبل بيروقراطية الحركة العمالية والطبقة الحاكمة ضد مواقف اليسار النضالية. وكان هذا التوجه المتزايد نحو محاور منفصلة للهوية والاضطهاد نتيجة لفشل االحركات العمالية والديموقراطية الاجتماعية والقيادة الستالينية في قيادة العمال من اجل تجاوز النظام الرأسمالي الذي من شأنه القضاء على الأسس الاجتماعية والاقتصادية لمختلف أشكال القمع والاستغلال.
 
وقد استخدمت  سياسات الهوية بواسطة الطبقات الحاكمة والمهيمنة لتعزيز خطابات البرجوازية الصغيرة الوظيفية التي يسهل دمجها في النظام الرأسمالي. وتستخدم سياسات الهوية من قبل بيروقراطية الحركة العمالية والطبقة الحاكمة ضد مواقف اليسار النضالية. وكان هذا التوجه المتزايد نحو محاور منفصلة للهوية والاضطهاد نتيجة لفشل االحركات العمالية والديموقراطية الاجتماعية والقيادة الستالينية في قيادة العمال من اجل تجاوز النظام الرأسمالي الذي من شأنه القضاء على الأسس الاجتماعية والاقتصادية لمختلف أشكال القمع والاستغلال.
   −
لعبت الستالينية على وجه الخصوص دورا عكسيا فى هذا. ففي حين أن الثورة البلشفية في عام 1917 تحت قيادة  لينين وتروتسكي حققت تقدما كبيرا فيما يتعلق بحقوق المرأة وحقوق المثليين ، ومعالجة قضايا القوميات المضطهدة. تراجعت تلك المكاسب في عهد ستالين. إن عزلة وتخلف الاتحاد السوفيتي تعني استمرار “الحاجة الاقتصادية” واستخدم الستالينيون كل التمايزات القومية القديمة وكل أشكال القمع للحفاظ على سلطتهم البيروقراطية وحصر فكرة الثورة الدائمة الأممية. فالسياسات الستالينية مثل إعادة تجريم المثلية الجنسية في الاتحاد السوفيتي والتى إنعكست على مواقف الأحزاب الستالينية فى بقية دول العالم  من خلال تخليها عن المثليين وقضاياهم على سبيل المثال وبالتالي منعت الكثير من الفئات المهمشة من داخل العمال والطبقات الفقيرة من الانضمام لمسيرة النضال الاشتراكي. لم يكن لتلك السياسات من شيء مشترك حقيقي مع الماركسية نفسها وساهمت في  تقسيم الحركة إلى محاور منفصلة للنضال، في حين أن الماركسية الحقيقية تقف ضد جميع أشكال القمع وتدعو إلى وحدة الطبقة العاملة.
+
لعبت الستالينية على وجه الخصوص دورا عكسيا فى هذا. ففي حين أن الثورة البلشفية في عام 1917 تحت قيادة  لينين وتروتسكي حققت تقدما كبيرا فيما يتعلق ب[[حقوق المرأة]] وحقوق المثليين ، ومعالجة قضايا القوميات المضطهدة. تراجعت تلك المكاسب في عهد ستالين. إن عزلة وتخلف الاتحاد السوفيتي تعني استمرار “الحاجة الاقتصادية” واستخدم الستالينيون كل التمايزات القومية القديمة وكل أشكال القمع للحفاظ على سلطتهم البيروقراطية وحصر فكرة الثورة الدائمة الأممية. فالسياسات الستالينية مثل إعادة تجريم [[مثلية جنسية | المثلية الجنسية]] في الاتحاد السوفيتي والتى إنعكست على مواقف الأحزاب الستالينية فى بقية دول العالم  من خلال تخليها عن المثليين وقضاياهم على سبيل المثال وبالتالي منعت الكثير من الفئات المهمشة من داخل العمال والطبقات الفقيرة من الانضمام لمسيرة النضال الاشتراكي. لم يكن لتلك السياسات من شيء مشترك حقيقي مع الماركسية نفسها وساهمت في  تقسيم الحركة إلى محاور منفصلة للنضال، في حين أن الماركسية الحقيقية تقف ضد جميع أشكال القمع وتدعو إلى وحدة الطبقة العاملة.
   −
كانت نظرية  “النسوية التقطاعية” أحد التوابع والنتاجات النظرية للنظرية النسوية بل كانت في الواقع ردة فعل سياسات الهوية التقليدية التي تميل إلى حصر وتمييز الحركة إلي نضالات منفصلة على محاور مختلفة. وكانت النساء السود على وجه الخصوص يتحدثن  منذ عقود على أن الحركة النسوية  تهيمن عليها إلى حد كبير النساء البيض والطبقات العليا اللاتي يتجاهلن واقع واحتياجات النساء السود والطبقات العاملة بشكل خاص، وأن الحركة المناهضة للعنصرية يهيمن عليها الرجال السود الذين غالبا ما يهمشون القضية النسوية، ليس ذلك هينا بالمناسبة.  يعتمد الأساس الأيديولوجي لنظرية “النسوية التقطاعية “على أفكار ما بعد الماركسية وما بعد الحداثة وما بعد البنيوية وهي تلك النظريات التي اكتسبت شعبية في الدوائر الأكاديمية على وجه التحديد في فترة الردة الرأسمالية وانهيار الستالينية. تلك النظريات التى ساهمت لاحقا فى تخلي  القيادات اليسارية والعمالية عن العمل النضالي وإعلان تسليمهم بالطرح برغبتهم فى إصلاح الرأسمالية وليس تجاوزها.
+
كانت نظرية  “النسوية التقطاعية” أحد التوابع والنتاجات النظرية [[نظرية نسوية | للنظرية النسوية]] بل كانت في الواقع ردة فعل سياسات الهوية التقليدية التي تميل إلى حصر وتمييز الحركة إلي نضالات منفصلة على محاور مختلفة. وكانت النساء السود على وجه الخصوص يتحدثن  منذ عقود على أن الحركة النسوية  تهيمن عليها إلى حد كبير النساء البيض والطبقات العليا اللاتي يتجاهلن واقع واحتياجات النساء السود والطبقات العاملة بشكل خاص، وأن الحركة المناهضة للعنصرية يهيمن عليها الرجال السود الذين غالبا ما يهمشون القضية النسوية، ليس ذلك هينا بالمناسبة.  يعتمد الأساس الأيديولوجي لنظرية “النسوية التقطاعية “على أفكار ما بعد الماركسية وما بعد الحداثة وما بعد البنيوية وهي تلك النظريات التي اكتسبت شعبية في الدوائر الأكاديمية على وجه التحديد في فترة الردة الرأسمالية وانهيار الستالينية. تلك النظريات التى ساهمت لاحقا فى تخلي  القيادات اليسارية والعمالية عن العمل النضالي وإعلان تسليمهم بالطرح برغبتهم فى إصلاح الرأسمالية وليس تجاوزها.
    
وبينما كان التغيير الجذري إجتماعيا وإقتصاديا هو المطلب الاساسي في حقبة سابقة، أصبح مجال الأفكار  واللغة هدفا للتحليل والتغيير خلال فترة تراجع الصراع الطبقي. فبعد أن فقدت  تلك النخب اليسارية الثقة في قدرة الطبقة العاملة على إحداث تغيير جذري في الأساس الاقتصادي والاجتماعي للمجتمع ، تراجع اليسار الأكاديمي إلى التركيز على تغيير الطريقة التي يفكر بها الأفراد. وانطلاقا من هذا الاتجاه الأيديولوجي، تؤكد نظرية “النسوية التقاطعية” على ان التجربة الذاتية والفكر الفردي واللغة والسلوك منظورا أساسيا يمكن من خلالها فهم القمع والتغلب عليه.
 
وبينما كان التغيير الجذري إجتماعيا وإقتصاديا هو المطلب الاساسي في حقبة سابقة، أصبح مجال الأفكار  واللغة هدفا للتحليل والتغيير خلال فترة تراجع الصراع الطبقي. فبعد أن فقدت  تلك النخب اليسارية الثقة في قدرة الطبقة العاملة على إحداث تغيير جذري في الأساس الاقتصادي والاجتماعي للمجتمع ، تراجع اليسار الأكاديمي إلى التركيز على تغيير الطريقة التي يفكر بها الأفراد. وانطلاقا من هذا الاتجاه الأيديولوجي، تؤكد نظرية “النسوية التقاطعية” على ان التجربة الذاتية والفكر الفردي واللغة والسلوك منظورا أساسيا يمكن من خلالها فهم القمع والتغلب عليه.
    
يمكن وصف هذا المنهج بالمثالي ، ذلك المنهج التفكيري الذي يقوم على فكرة أنه من أجل تغيير المجتمع، نحتاج إلى تغيير وجهات نظر الأفراد السياسية ،أو الأكثر سوءا أننا عن طريق تغيير “الخطاب” يمكنك تغيير الواقع. والحقيقة هي أن الأيديولوجيا السائدة في مجتمع الطبقة هي أيدلوجيا وأفكار  الطبقة الحاكمة. والحقيقة إن أيديولوجيا الجماهير المهمشة التى تقوم بالثورات بالأساس مشبعة بكل الأفكار الرجعية  التي تفرضها الطبقة الحاكمة.  لكن فقط في سياق النضال من أجل تغيير الظروف المجتمعية تتبدل وجهات نظر تلك الجماهير حول أشياء كثيرة. هذا ما يفسره ماركس جيدا في كتابة  الأيديولوجية الألمانية:
 
يمكن وصف هذا المنهج بالمثالي ، ذلك المنهج التفكيري الذي يقوم على فكرة أنه من أجل تغيير المجتمع، نحتاج إلى تغيير وجهات نظر الأفراد السياسية ،أو الأكثر سوءا أننا عن طريق تغيير “الخطاب” يمكنك تغيير الواقع. والحقيقة هي أن الأيديولوجيا السائدة في مجتمع الطبقة هي أيدلوجيا وأفكار  الطبقة الحاكمة. والحقيقة إن أيديولوجيا الجماهير المهمشة التى تقوم بالثورات بالأساس مشبعة بكل الأفكار الرجعية  التي تفرضها الطبقة الحاكمة.  لكن فقط في سياق النضال من أجل تغيير الظروف المجتمعية تتبدل وجهات نظر تلك الجماهير حول أشياء كثيرة. هذا ما يفسره ماركس جيدا في كتابة  الأيديولوجية الألمانية:
 +
<blockquote>
 +
من أجل إنتاج هذا الوعي الشيوعي، ومن أجل نجاح تلك النضالات فإن تغير الوعي الفردي هو شيء لا بد منه ولا يمكن لهذا التغير  أن يحدث إلا في الحراك على الأرض ، من خلال الثورة. هذه الثورة ضرورية، ليس فقط لأن الطبقة الحاكمة لا يمكن الإطاحة بها بأي طريقة أخرى، ولكن أيضا لأن الطبقة المنتصرة لن يكتب لها النصر الا اذا تخلصت من الويلات المتراكمة من الفترة السابقة تحت حكم الطبقة الحاكمة السابقة ومن ثم تصبح جاهزة لبناء هذا  المجتمع  الجديد.
 +
</blockquote>
   −
“من أجل إنتاج هذا الوعي الشيوعي، ومن أجل نجاح تلك النضالات فإن تغير الوعي الفردي هو شيء لا بد منه ولا يمكن لهذا التغير  أن يحدث إلا في الحراك على الأرض ، من خلال الثورة. هذه الثورة ضرورية، ليس فقط لأن الطبقة الحاكمة لا يمكن الإطاحة بها بأي طريقة أخرى، ولكن أيضا لأن الطبقة المنتصرة لن يكتب لها النصر الا اذا تخلصت من الويلات المتراكمة من الفترة السابقة تحت حكم الطبقة الحاكمة السابقة ومن ثم تصبح جاهزة لبناء هذا  المجتمع  الجديد “.
+
ويعود الفضل إلي  الأكاديمية الامريكية من اصل أفريقي، [[كيمبرلي كرينشو]]، فى  صياغة مصطلح “النسوية التقاطعية” في عام 1989،  ولقد استخدمتة على وجه التحديد لوصف كيف فشل نظام المحاكم الأمريكية في تضمين  وإدراك ال[[تمييز جنسي في أماكن العمل | تمييز]] المركب  الذي تعاني منه النساء السود في أماكن العمل. وفي مقالها المعنون  “رد الاعتبار لتقاطعية النوع والعرق : نقد النسوية السوداء لنظريات المساواة العرقية ، والنظرية النسوية وسياسات مكافحة العنصرية”، استشهدت كرينشو بعدة دعاوي قضائية  لم تنظر فيها المحكمة إلا في ادعاءات التمييز الجنسي أو التمييز العنصري في مكان العمل  إلا كل على حده ، ورفضت  المحاكم الاعتراف بأن النساء السود يتعرضن للتمييز المركب، لا كنساء أو كأفراد سود فحسب، بل بوصفهن نساء سود. على سبيل المثال، في قضية ديغرافنريد ضد جنرال موتورز، رفضت المحكمة شكوى المدعي من التمييز الجنسي والعرقي لأن جنرال موتورز قد وظفت فى هذا العام نساء بيض ورجال سود .
 
  −
ويعود الفضل إلي  الأكاديمية الامريكية من اصل أفريقي،كيمبرلي كرينشو، فى  صياغة مصطلح “النسوية التقاطعية” في عام 1989،  ولقد استخدمتة على وجه التحديد لوصف كيف فشل نظام المحاكم الأمريكية في تضمين  وإدراك التمييز المركب  الذي تعاني منه النساء السود في أماكن العمل. وفي مقالها المعنون  “رد الاعتبار لتقاطعية النوع والعرق : نقد النسوية السوداء لنظريات المساواة العرقية ، والنظرية النسوية وسياسات مكافحة العنصرية”، استشهدت كرينشو بعدة دعاوي قضائية  لم تنظر فيها المحكمة إلا في ادعاءات التمييز الجنسي أو التمييز العنصري في مكان العمل  إلا كل على حده ، ورفضت  المحاكم الاعتراف بأن النساء السود يتعرضن للتمييز المركب، لا كنساء أو كأفراد سود فحسب، بل بوصفهن نساء سود. على سبيل المثال، في قضية ديغرافنريد ضد جنرال موتورز، رفضت المحكمة شكوى المدعي من التمييز الجنسي والعرقي لأن جنرال موتورز قد وظفت فى هذا العام نساء بيض ورجال سود .
      
لا يمكن إنكار حقيقة أن النساء السود والمجموعات الأخرى التي تعاني من التمييز المركب تتهاوي مطالبهم من خلال الثغرات في النظام القانوني الرأسمالي. وهذه هي الثغرات الهيكلية التي تشكل عائقا كبيرأمام الفئات الأكثر تهمييشا في الطبقة العاملة لتحقيق المساواة الحقيقية في الحقوق. يدعم الماركسيون الإصلاحات القانونية التي تسمح بزيادة قدرة العمال والطبقات المضطهدة علي النضال من أجل حقوقهم وتحسين ظروف معيشتهم. ولكن يجب أن نوضح أيضا أن العنصرية والتحيز الجنسي متجذران في المجتمع الطبقي الذي يكون فيه القانون آداة لخدمة مصالح الرأسمالية علي حساب الطبقات الاخري.
 
لا يمكن إنكار حقيقة أن النساء السود والمجموعات الأخرى التي تعاني من التمييز المركب تتهاوي مطالبهم من خلال الثغرات في النظام القانوني الرأسمالي. وهذه هي الثغرات الهيكلية التي تشكل عائقا كبيرأمام الفئات الأكثر تهمييشا في الطبقة العاملة لتحقيق المساواة الحقيقية في الحقوق. يدعم الماركسيون الإصلاحات القانونية التي تسمح بزيادة قدرة العمال والطبقات المضطهدة علي النضال من أجل حقوقهم وتحسين ظروف معيشتهم. ولكن يجب أن نوضح أيضا أن العنصرية والتحيز الجنسي متجذران في المجتمع الطبقي الذي يكون فيه القانون آداة لخدمة مصالح الرأسمالية علي حساب الطبقات الاخري.
سطر 88: سطر 89:  
في حين أنه من الواضح أن المواقف والسلوكيات التمييزية والقمعية يقوم بها اللأف فى العلاقات الشخصية المباشرة“interpersonal dynamics  (التي يجب إدانتها من قبل الثورين)، فإن هذه المواقف لها أصول اجتماعية وتاريخية متجذرة فى هيكل المجتمع الطبقي. وبالمثل، فإن ما يعتبر سمة مهيمنة أنية يفضلها المجتمع بشكل كبير قد تطورت أيضا تاريخيا.  فأفكار  مثل التفوق الأبيض والعنصرية، والتى ترسخت كظواهر إجتماعيةهيكلية، كانت من نتاجات الطبقات الحاكمة الأوروبية لتبرير الاستعمار والعبودية فى وقت تاريخي سابق. تطورت تلك الأفكار بالموازة مع تطور الرأسمالية نفسها وبالتالي لم يكن  ظلم المرأة موجودا على الدوام، ولكنه ظهر بانقسام المجتمع إلى طبقات وترسيخ الزواج كمؤسسة تهدف إلى السيطرة على الحياة الجنسية للمرأة من أجل ضمان الأبوة لغرض نقل الثروة. وتعكس المواقف العنصرية والتحيز الجنسي هذه العمليات المادية والاجتماعية.
 
في حين أنه من الواضح أن المواقف والسلوكيات التمييزية والقمعية يقوم بها اللأف فى العلاقات الشخصية المباشرة“interpersonal dynamics  (التي يجب إدانتها من قبل الثورين)، فإن هذه المواقف لها أصول اجتماعية وتاريخية متجذرة فى هيكل المجتمع الطبقي. وبالمثل، فإن ما يعتبر سمة مهيمنة أنية يفضلها المجتمع بشكل كبير قد تطورت أيضا تاريخيا.  فأفكار  مثل التفوق الأبيض والعنصرية، والتى ترسخت كظواهر إجتماعيةهيكلية، كانت من نتاجات الطبقات الحاكمة الأوروبية لتبرير الاستعمار والعبودية فى وقت تاريخي سابق. تطورت تلك الأفكار بالموازة مع تطور الرأسمالية نفسها وبالتالي لم يكن  ظلم المرأة موجودا على الدوام، ولكنه ظهر بانقسام المجتمع إلى طبقات وترسيخ الزواج كمؤسسة تهدف إلى السيطرة على الحياة الجنسية للمرأة من أجل ضمان الأبوة لغرض نقل الثروة. وتعكس المواقف العنصرية والتحيز الجنسي هذه العمليات المادية والاجتماعية.
   −
وفي حين أن الأفراد يستطيعون بالتأكيد أن يتخذوا مواقف تمييزية بشكل ضار جدا للمجتمع، فإن هذه المواقف والإجراءات لا تفيد في نهاية المطاف إلا الطبقة الحاكمة التي تستغلهم. ومع ذلك، فإن مفهوم “اللإمتيازات “الذي صعد غالبا كمفهوم مؤسس لدي  أنصار نظرية “النسوية التقطاعية “بحيث يعني أن أولئك الذين ليسوا ضحايا لشكل معين من الاضطهاد لديهم مصلحة في الحفاظ عليه وإبقاؤه على الآخرين. ويتفق الماركسيون على أن الناس الذين يتعرضون للقمع بطرق متعددة ومتداخلة يواجهون عوائق اجتماعية أكبر وأعظم أثرا من التمييز المركب. ومع ذلك، فإن ما يوصف في كثير من الأحيان بأنه “امتيازات” ينبغي أن يعتبر في نظرنا حقوقا إنسانية ينبغي أن تتاح لكل فرد على قدم المساواة. وعلينا أن نعمل على مناهضة هذا  النظام الذي يهمش الطبقة العاملة ويحرم الطبقات المظلومة من هذه الحقوق، ويبقينا منقسمين ونقاتل من أجل الفتات تحت طاولة الطبقة الحاكمة والمصرفيين. يجب أن نقول: “لا تتكلم عن مساواة في اطار الطبقة العاملة. بل تكلم عنها في إطار المجتمع ككل!“
+
وفي حين أن الأفراد يستطيعون بالتأكيد أن يتخذوا مواقف تمييزية بشكل ضار جدا للمجتمع، فإن هذه المواقف والإجراءات لا تفيد في نهاية المطاف إلا الطبقة الحاكمة التي تستغلهم. ومع ذلك، فإن مفهوم “[[امتيازات | اللإمتيازات]]“الذي صعد غالبا كمفهوم مؤسس لدي  أنصار نظرية “النسوية التقطاعية “بحيث يعني أن أولئك الذين ليسوا ضحايا لشكل معين من الاضطهاد لديهم مصلحة في الحفاظ عليه وإبقاؤه على الآخرين. ويتفق الماركسيون على أن الناس الذين يتعرضون للقمع بطرق متعددة ومتداخلة يواجهون عوائق اجتماعية أكبر وأعظم أثرا من التمييز المركب. ومع ذلك، فإن ما يوصف في كثير من الأحيان بأنه “امتيازات” ينبغي أن يعتبر في نظرنا حقوقا إنسانية ينبغي أن تتاح لكل فرد على قدم المساواة. وعلينا أن نعمل على مناهضة هذا  النظام الذي يهمش الطبقة العاملة ويحرم الطبقات المظلومة من هذه الحقوق، ويبقينا منقسمين ونقاتل من أجل الفتات تحت طاولة الطبقة الحاكمة والمصرفيين. يجب أن نقول: “لا تتكلم عن مساواة في اطار الطبقة العاملة. بل تكلم عنها في إطار المجتمع ككل!“
    
إن قمع مجموعة واحدة يعمل على الحفاظ على النظام الرأسمالي الذي يستغلنا ويضطهدنا جميعا بطرق مختلفة. ليس من مصلحة أي عامل أن يستمر قمع مجموعة أخرى. من منظور سطحي قد يبدو الامر مثل حصول بعض العمال على منفعة على حساب الآخرين، وبالتالي تصب الاعمال التمييزية والقمعية في مصلحتهم. على سبيل المثال، من المعروف أن الرجال يحصلون على أجر أكثر من النساء في جميع أنحاء العالم لنفس العمل. بيد أن الرجال لا يحصلون على أجر أكثر لأن النساء يحصلن على أجر أقل أو العكس. وهناك ما يكفي من الثروة للجميع لزيادة أجورهم، ولكن أغلبية فائض القيمة الذي ينتجه العمال يحصل علية الطبقات الرأسمالية الحاكمة. وتستفيد الطبقة الرأسمالية من خفض الأجر أو التمييز ضد العاملات والمهاجرات والأقليات العرقية والجنسية، لأنه كما أوضحنا سابقا، فإنهم يضعون مثل ما نسميه “تدني عام” لمستويات الأجور.
 
إن قمع مجموعة واحدة يعمل على الحفاظ على النظام الرأسمالي الذي يستغلنا ويضطهدنا جميعا بطرق مختلفة. ليس من مصلحة أي عامل أن يستمر قمع مجموعة أخرى. من منظور سطحي قد يبدو الامر مثل حصول بعض العمال على منفعة على حساب الآخرين، وبالتالي تصب الاعمال التمييزية والقمعية في مصلحتهم. على سبيل المثال، من المعروف أن الرجال يحصلون على أجر أكثر من النساء في جميع أنحاء العالم لنفس العمل. بيد أن الرجال لا يحصلون على أجر أكثر لأن النساء يحصلن على أجر أقل أو العكس. وهناك ما يكفي من الثروة للجميع لزيادة أجورهم، ولكن أغلبية فائض القيمة الذي ينتجه العمال يحصل علية الطبقات الرأسمالية الحاكمة. وتستفيد الطبقة الرأسمالية من خفض الأجر أو التمييز ضد العاملات والمهاجرات والأقليات العرقية والجنسية، لأنه كما أوضحنا سابقا، فإنهم يضعون مثل ما نسميه “تدني عام” لمستويات الأجور.
سطر 100: سطر 101:  
ليس من الصعب تصور مدى إمكانية تقلص الأفكار التمييزية إذا كان الجميع يتمتع بمستوى مرتفع من المعيشة مع حصول الجميع على فرصة التدريب على المهارات والتعليم ما بعد الثانوي ورعاية الأطفال والرعاية الصحية والنقل والإسكان والترفيه والثقافة وما إلى ذلك. وسيكون من الصعب إلقاء اللوم على أي مجموعة على معاناة شخص آخر عندما يكفل للجميع الحصول على الموارد والفرص التي تؤدي إلى مستوي جيد من المعيشة. ومع ذلك، هذا غير ممكن في وجود الرأسمالية التي تقوم على الإنتاج من أجل الربح بدلا من إشباع الحاجة البشرية. هناك حاجة إلى صراع طبقي موحد لتوحيد جميع  المضطهدين في النضال ضد شروط الاستغلال الرأسمالي  ضد النظام الرأسمالي.
 
ليس من الصعب تصور مدى إمكانية تقلص الأفكار التمييزية إذا كان الجميع يتمتع بمستوى مرتفع من المعيشة مع حصول الجميع على فرصة التدريب على المهارات والتعليم ما بعد الثانوي ورعاية الأطفال والرعاية الصحية والنقل والإسكان والترفيه والثقافة وما إلى ذلك. وسيكون من الصعب إلقاء اللوم على أي مجموعة على معاناة شخص آخر عندما يكفل للجميع الحصول على الموارد والفرص التي تؤدي إلى مستوي جيد من المعيشة. ومع ذلك، هذا غير ممكن في وجود الرأسمالية التي تقوم على الإنتاج من أجل الربح بدلا من إشباع الحاجة البشرية. هناك حاجة إلى صراع طبقي موحد لتوحيد جميع  المضطهدين في النضال ضد شروط الاستغلال الرأسمالي  ضد النظام الرأسمالي.
   −
==الصراع الطبقي والنضال ضد التمييز.==
+
==الصراع الطبقي والنضال ضد التمييز==
    
الماركسيون يعارضون تفريق الناس علي محاور منفصلة من القمع والاضطهاد وينادون بالحاجة إلى الوحدة. ولا يمكن فهم نضال أي جماعة مضطهدة بشكل منفصل عن أشكال القمع الأخرى وفهم النظام الرأسمالي الذي يحفز تلك الأشكال. ومع ذلك، في حين أن مؤيدي “النسوية التقاطعية“ يجادلون بعدم تقسيم الناس عل أساس نمط واحد من القمع، فإن نتيجة النهج الموضوعي هي بدلا من ذلك تقسيم الناس وفقا لعدد لا حصر له من تكوينات الاضطهاد والامتيازات المركبة، مع عدم وجود قاسم مشترك شامل بينهما. وهذا ما اقترحته الناشطة النسوية “التقاطعية  “والباحثة باتريشيا هيل كولينز، في كتابها (الفكر النسوي الأسود: المعرفة والوعي وسياسة التمكين (1990)، عندما ذكرت أن “المصفوفة الشاملة للهيمنة تضم مجموعات متعددة، كل منها مع تجارب متفاوتة مع عقوبات وامتيازات تنتج مناظير جزئية للمواجهة والاستجابة لأشكال القمع المتقاطعة … لا توجد مجموعة واحدة لديها زاوية واضحة من الرؤية. لا تمتلك أي مجموعة نظرية أو منهجية تسمح لها باكتشاف “الحقيقة” المطلقة”.
 
الماركسيون يعارضون تفريق الناس علي محاور منفصلة من القمع والاضطهاد وينادون بالحاجة إلى الوحدة. ولا يمكن فهم نضال أي جماعة مضطهدة بشكل منفصل عن أشكال القمع الأخرى وفهم النظام الرأسمالي الذي يحفز تلك الأشكال. ومع ذلك، في حين أن مؤيدي “النسوية التقاطعية“ يجادلون بعدم تقسيم الناس عل أساس نمط واحد من القمع، فإن نتيجة النهج الموضوعي هي بدلا من ذلك تقسيم الناس وفقا لعدد لا حصر له من تكوينات الاضطهاد والامتيازات المركبة، مع عدم وجود قاسم مشترك شامل بينهما. وهذا ما اقترحته الناشطة النسوية “التقاطعية  “والباحثة باتريشيا هيل كولينز، في كتابها (الفكر النسوي الأسود: المعرفة والوعي وسياسة التمكين (1990)، عندما ذكرت أن “المصفوفة الشاملة للهيمنة تضم مجموعات متعددة، كل منها مع تجارب متفاوتة مع عقوبات وامتيازات تنتج مناظير جزئية للمواجهة والاستجابة لأشكال القمع المتقاطعة … لا توجد مجموعة واحدة لديها زاوية واضحة من الرؤية. لا تمتلك أي مجموعة نظرية أو منهجية تسمح لها باكتشاف “الحقيقة” المطلقة”.
سطر 128: سطر 129:  
فعندما تصبح الأرباح الرأسمالية فى أزمة ، لن يتردد أصحاب العمل والمصرفيون وممثليهم فى الدولة  في استعادة كل ما حاربنا من أجله وفزنا به في الماضي. ويؤدي هذا أيضا إلى زيادة العنصرية وأشكال التحيز الأخرى . وبوصف هؤلاء يمين شعبوي، فإن وسائل الإعلام تشير  دئما إلى أن مختلف الجماعات المضطهدة هي المسؤولة عن التدابير التقشفية. إن السبيل الوحيد للاستمرار في الحفاظ علي مكاسب الماضي ومحاربة المواقف القمعية اليوم والنهوض بمجتمع متساو حقا هو وضع حد للإنتاج من أجل الربح حتى يمكن استخدام الثروة والموارد الكبيرة الموجودة بالفعل استخدام الديمقراطي لصالح الأغلبية.
 
فعندما تصبح الأرباح الرأسمالية فى أزمة ، لن يتردد أصحاب العمل والمصرفيون وممثليهم فى الدولة  في استعادة كل ما حاربنا من أجله وفزنا به في الماضي. ويؤدي هذا أيضا إلى زيادة العنصرية وأشكال التحيز الأخرى . وبوصف هؤلاء يمين شعبوي، فإن وسائل الإعلام تشير  دئما إلى أن مختلف الجماعات المضطهدة هي المسؤولة عن التدابير التقشفية. إن السبيل الوحيد للاستمرار في الحفاظ علي مكاسب الماضي ومحاربة المواقف القمعية اليوم والنهوض بمجتمع متساو حقا هو وضع حد للإنتاج من أجل الربح حتى يمكن استخدام الثروة والموارد الكبيرة الموجودة بالفعل استخدام الديمقراطي لصالح الأغلبية.
   −
التحول الثوري للمجتمع
+
==التحول الثوري للمجتمع==
    
وهذا لا يعني أن المواقف التمييزية ستختفي بين عشية وضحاها بعد الثورة الاشتراكية. إن الاضطهاد بجميع أشكاله موجود لأجيال، وفي بعض الحالات آلاف السنين، مما يضع بصماته على وعي الجنس البشري. ومع ذلك، فإن الحركات الجماهيرية لها تأثير عميق على الوعي لأن الناس يناضلون مع بعضهم البعض عبر مصالحهم المشتركة والقواسم المشتركة بدلا من النضال عبر خلافاتهم وإنقساماتهم. ومن الصعب جدا الاستمرار في المواقف التمييزية تجاه النساء والمهاجرات أو المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية عندما يكونون في الشوارع يقاتلون من أجل نفس الشيء الذي يريدة الجميع، مما يضع حياتهم على المحك. خلال الاحتجاجات العمالية يصبح من الواضح أن العمال ليس لديهم أي مصلحة في التمييز ضد بعضهم البعض. خلال حركة جماهيرية يتم التوصل إلى هذا الفهم على نطاق واسع.
 
وهذا لا يعني أن المواقف التمييزية ستختفي بين عشية وضحاها بعد الثورة الاشتراكية. إن الاضطهاد بجميع أشكاله موجود لأجيال، وفي بعض الحالات آلاف السنين، مما يضع بصماته على وعي الجنس البشري. ومع ذلك، فإن الحركات الجماهيرية لها تأثير عميق على الوعي لأن الناس يناضلون مع بعضهم البعض عبر مصالحهم المشتركة والقواسم المشتركة بدلا من النضال عبر خلافاتهم وإنقساماتهم. ومن الصعب جدا الاستمرار في المواقف التمييزية تجاه النساء والمهاجرات أو المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية عندما يكونون في الشوارع يقاتلون من أجل نفس الشيء الذي يريدة الجميع، مما يضع حياتهم على المحك. خلال الاحتجاجات العمالية يصبح من الواضح أن العمال ليس لديهم أي مصلحة في التمييز ضد بعضهم البعض. خلال حركة جماهيرية يتم التوصل إلى هذا الفهم على نطاق واسع.
    
ومن الأمثلة القوية الحديثة على ذلك الثورة المصرية عام 2011 التي شهدت سقوط حسني مبارك. في حين شهدت النساء في مصر تاريخيا معدلات عالية من التمييز والعنف، وصراع دموي بين المسلمين والمسيحيين على مدى عقود، تجمع الرجال والنساء من جميع الخلفيات الدينية في ميدان التحرير. وانهار التفكير التمييزي والنمطي عن الجماعات المضطهدة من خلال النضال ضد الظلم المشترك. في حين أن الثورة المصرية لم تطيح بالرأسمالية، إلا أن هذا مجرد لمحة عما يمكن أن يحدث على نطاق عام من خلال الثورة الاشتراكية والجهد الجماعي لبناء مجتمع جديد. ومن خلال التحول الجذري للأساس الاقتصادي والاجتماعي للمجتمع علي النهج الاشتراكي، سيتم القضاء على جذور القمع الهيكلية والاقتصادية. فبدون وجود أقلية تستغل الفئة المنتجة للربح، لن يكون هناك أي تحرك اجتماعي أو مادي لتقسيم الأغلبية وتقسيمها على أساس الجنس أو التوجه الجنسي أو العرق أو اللغة أو الدين أو أي فئة أخرى. فعندما لا نضطر إلى التنافس على العمل والتعليم والغذاء والماء والسكن، فإن الطريقة التي نتصل بها فيما بيننا ستتغير على مستوى أساسي. ويمكن للزعماء المنتخبين ديمقراطيا في أماكن عملنا، بالإضافة إلى الرقابة الديمقراطية على عمليات التوظيف، أن يحول ذلك دون الممارسات التمييزية في مكان العمل. وستؤدي الملكية الجماعية والديمقراطية للسيطرة على وسائل الإعلام والمؤسسات التعليمية إلى قطع شوط طويل نحو مكافحة المواقف التمييزية في المجتمع وضمان تعليم التنوع وثقافة تقبل الآخر للإنسانية. إن تغيير الأساس الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع سوف يصاحبة تغيرا عميقا في النظرة العالمية لمواقف الجماهير. وغالبا ما يتعرض الماركسيون لانتقادات بسبب طرحهم حل من أعلى إلى أسفل واحد يناسب الجميع. ولكن على العكس من ذلك، الثورة الاشتراكية في حياة الناس اليومية تجعلهم يقومون بأخذ مصيرهم بأيديهم وبناء مجتمع جديد لأنفسهم. الماركسيون يرغبون في توجيه الجماهير  نحو  الإطاحة  بالرأسمالية وإقامة مجتمع اشتراكي، وخلق الأساس الاجتماعي والاقتصادي الذي لن يكون فيه للتفاوت والاضطهاد والاستغلال أساس مادي فى المجتمع. وبذلك ستتاح للجماعات المضطهدة تاريخيا الفرص والموارد التي تحتاجها لتلبية احتياجاتها التي تكونت عبر عقود من القمع والتمييز. وعلى هذا الأساس من المساواة الاجتماعية الحقيقية يمكن للناس أن يبدأوا في التواصل مع بعضهم البعض على مستوى أكثر إنسانية؛ من خلال بناء مجتمع جديد، سيصبح  هذا الوعي الجمعي الجديد ممكنا.
 
ومن الأمثلة القوية الحديثة على ذلك الثورة المصرية عام 2011 التي شهدت سقوط حسني مبارك. في حين شهدت النساء في مصر تاريخيا معدلات عالية من التمييز والعنف، وصراع دموي بين المسلمين والمسيحيين على مدى عقود، تجمع الرجال والنساء من جميع الخلفيات الدينية في ميدان التحرير. وانهار التفكير التمييزي والنمطي عن الجماعات المضطهدة من خلال النضال ضد الظلم المشترك. في حين أن الثورة المصرية لم تطيح بالرأسمالية، إلا أن هذا مجرد لمحة عما يمكن أن يحدث على نطاق عام من خلال الثورة الاشتراكية والجهد الجماعي لبناء مجتمع جديد. ومن خلال التحول الجذري للأساس الاقتصادي والاجتماعي للمجتمع علي النهج الاشتراكي، سيتم القضاء على جذور القمع الهيكلية والاقتصادية. فبدون وجود أقلية تستغل الفئة المنتجة للربح، لن يكون هناك أي تحرك اجتماعي أو مادي لتقسيم الأغلبية وتقسيمها على أساس الجنس أو التوجه الجنسي أو العرق أو اللغة أو الدين أو أي فئة أخرى. فعندما لا نضطر إلى التنافس على العمل والتعليم والغذاء والماء والسكن، فإن الطريقة التي نتصل بها فيما بيننا ستتغير على مستوى أساسي. ويمكن للزعماء المنتخبين ديمقراطيا في أماكن عملنا، بالإضافة إلى الرقابة الديمقراطية على عمليات التوظيف، أن يحول ذلك دون الممارسات التمييزية في مكان العمل. وستؤدي الملكية الجماعية والديمقراطية للسيطرة على وسائل الإعلام والمؤسسات التعليمية إلى قطع شوط طويل نحو مكافحة المواقف التمييزية في المجتمع وضمان تعليم التنوع وثقافة تقبل الآخر للإنسانية. إن تغيير الأساس الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع سوف يصاحبة تغيرا عميقا في النظرة العالمية لمواقف الجماهير. وغالبا ما يتعرض الماركسيون لانتقادات بسبب طرحهم حل من أعلى إلى أسفل واحد يناسب الجميع. ولكن على العكس من ذلك، الثورة الاشتراكية في حياة الناس اليومية تجعلهم يقومون بأخذ مصيرهم بأيديهم وبناء مجتمع جديد لأنفسهم. الماركسيون يرغبون في توجيه الجماهير  نحو  الإطاحة  بالرأسمالية وإقامة مجتمع اشتراكي، وخلق الأساس الاجتماعي والاقتصادي الذي لن يكون فيه للتفاوت والاضطهاد والاستغلال أساس مادي فى المجتمع. وبذلك ستتاح للجماعات المضطهدة تاريخيا الفرص والموارد التي تحتاجها لتلبية احتياجاتها التي تكونت عبر عقود من القمع والتمييز. وعلى هذا الأساس من المساواة الاجتماعية الحقيقية يمكن للناس أن يبدأوا في التواصل مع بعضهم البعض على مستوى أكثر إنسانية؛ من خلال بناء مجتمع جديد، سيصبح  هذا الوعي الجمعي الجديد ممكنا.
 +
 +
[[تصنيف:نظرية التقاطعية]]
7٬902

تعديل

قائمة التصفح