سطر 15: |
سطر 15: |
| |العنوان الأصلي= | | |العنوان الأصلي= |
| |النص الأصلي= | | |النص الأصلي= |
− | |ملاحظة= | + | |ملاحظة=نُشرت هذه التدوينة على خلفية [[حملة "بدون وجه حق"]] |
| |قوالب فرعية= | | |قوالب فرعية= |
| }} | | }} |
| خلال سنوات النصف الثاني من العقد الأول في الألفية الجديدة وهي الفترة التي تزامنت معها دراستي للإعلام، كانت الأزمة الكبرى التي تظن كثيرات حولي أنهن سيصطدمن بها بعد التخرج هي "الوساطة" في ظل عدد محدود من القنوات الفضائية والجرائد الخاصة حينذاك، إلى جانب تخوّف من الصورة النمطية المترسخة لدى كثير من المصريين عن الوسط الإعلامي حيث الانحلال والتنازلات المستمرة التي تقدمها النساء ليكن جزءًا من هذه المنظومة وينجحن بمقاييسها ومعاييرها، بينما تتخوّف المحجبات اللاتي يطمحن إلى العمل في مجال الإعلام المرئي وتحديدًا أمام الشاشة من أن يمثل غطاء الرأس عائقًا ويحرمهن من عشرات الفرص، خاصة أن ما ترسخ لدى قطاع واسع هو أن الحجاب يحجِّم ويُقصِر فرصك في "التلفزيون" على أدوار محددة. | | خلال سنوات النصف الثاني من العقد الأول في الألفية الجديدة وهي الفترة التي تزامنت معها دراستي للإعلام، كانت الأزمة الكبرى التي تظن كثيرات حولي أنهن سيصطدمن بها بعد التخرج هي "الوساطة" في ظل عدد محدود من القنوات الفضائية والجرائد الخاصة حينذاك، إلى جانب تخوّف من الصورة النمطية المترسخة لدى كثير من المصريين عن الوسط الإعلامي حيث الانحلال والتنازلات المستمرة التي تقدمها النساء ليكن جزءًا من هذه المنظومة وينجحن بمقاييسها ومعاييرها، بينما تتخوّف المحجبات اللاتي يطمحن إلى العمل في مجال الإعلام المرئي وتحديدًا أمام الشاشة من أن يمثل غطاء الرأس عائقًا ويحرمهن من عشرات الفرص، خاصة أن ما ترسخ لدى قطاع واسع هو أن الحجاب يحجِّم ويُقصِر فرصك في "التلفزيون" على أدوار محددة. |
| | | |
− | بدرجة أقل كان التحرش الجنسي أحد التخوفات التي تتخلل الحديث عن ما قد تواجهه الفتاة إن عملت بالمجال الإعلامي، وكان من النادر أن يوصف الفعل بـــ"التحرش"، واعتقد أنني لم أسمع هذا اللفظ إلا بعد حوادث التحرش الجنسي الجماعي التي وقعت خلال عُطلة عيد الفطر في أكتوبر من العام 2006 أمام سينما مترو بمنطقة وسط البلد، وبالإضافة إلى ما طالعته في الصحف والبرامج الحوارية، طُرِح الأمر للنقاش في إحدى المحاضرات وعلى الرغم من أن الحدث يعتبره بعض المعنيين بالشأن الحقوقي والنسوي نقطةً فاصلة في التعامل مع الظاهرة على مستويات عديدة إلا أن النقاش كان مُحبِطًا للغاية وأظنه كان مماثلًا للنقاشات الفعلية التي دارت بين عموم الناس بعيدًا عن المحطات الإعلامية. | + | بدرجة أقل كان [[تحرش جنسي | التحرش الجنسي]] أحد التخوفات التي تتخلل الحديث عن ما قد تواجهه الفتاة إن عملت بالمجال الإعلامي، وكان من النادر أن يوصف الفعل بـــ"التحرش"، واعتقد أنني لم أسمع هذا اللفظ إلا بعد [[حوادث التحرش الجنسي الجماعي في عيد الفطر في مصر في 2006 | حوادث التحرش الجنسي الجماعي التي وقعت خلال عُطلة عيد الفطر في أكتوبر من العام 2006]] أمام سينما مترو بمنطقة وسط البلد، وبالإضافة إلى ما طالعته في الصحف والبرامج الحوارية، طُرِح الأمر للنقاش في إحدى المحاضرات وعلى الرغم من أن الحدث يعتبره بعض المعنيين بالشأن الحقوقي و[[نسوية | النسوي]] نقطةً فاصلة في التعامل مع الظاهرة على مستويات عديدة إلا أن النقاش كان مُحبِطًا للغاية وأظنه كان مماثلًا للنقاشات الفعلية التي دارت بين عموم الناس بعيدًا عن المحطات الإعلامية. |
| | | |
| هيمنت على النقاش التصورات الطبقية، إذ رجحت أغلب الاَراء أن المتحرشين في هذه الواقعة من أبناء الطبقات الدنيا المكبوتين، أما تعامل الإعلام مع الحدث فلم تكن المحاضِرة نفسها معجبة به معتبرة أن المغالاة في تغطية الحدث تصب في صالح تشويه سمعة مصر، ووصف بعض الطلاب الأمر بالصدمة كما لو كان المجتمع لم يعرف التحرش من قبل، فضلًا عن شبه إجماع على مسؤولية الفنانة التي ارتبط اسمها بالواقعة، نتيجة تواجدها أمام دار العرض واحتفالها بفيلمها المعروض، وهي ترتدي ملابس "غير لائقة" وترقص "بشكل مثير" على حد وصف الغالبية. | | هيمنت على النقاش التصورات الطبقية، إذ رجحت أغلب الاَراء أن المتحرشين في هذه الواقعة من أبناء الطبقات الدنيا المكبوتين، أما تعامل الإعلام مع الحدث فلم تكن المحاضِرة نفسها معجبة به معتبرة أن المغالاة في تغطية الحدث تصب في صالح تشويه سمعة مصر، ووصف بعض الطلاب الأمر بالصدمة كما لو كان المجتمع لم يعرف التحرش من قبل، فضلًا عن شبه إجماع على مسؤولية الفنانة التي ارتبط اسمها بالواقعة، نتيجة تواجدها أمام دار العرض واحتفالها بفيلمها المعروض، وهي ترتدي ملابس "غير لائقة" وترقص "بشكل مثير" على حد وصف الغالبية. |
سطر 38: |
سطر 38: |
| بمشاركة التجارب وتبادل الدعم ولو بشكل غير معلن، زاد وعيي بأن ثمة ظروف تُرغِمُ كثيرات منا على التغاضي عما يحدث قهرًا، كالاستقلال عن الأهل ماديًا ونفسيًا، أو الخوف من أسرة شديدة التطرف في أفكارها قد يأتي رد فعلها ضد الفتاة نفسها، أو الانفصال عن زوج بينما تتحمل المرأة مسؤولية طفل أو أكثر، وبمرور الوقت تنامى يقيني بأن ردود أفعالنا تحددها لا إراديًا ظروفنا النفسية والاجتماعية. | | بمشاركة التجارب وتبادل الدعم ولو بشكل غير معلن، زاد وعيي بأن ثمة ظروف تُرغِمُ كثيرات منا على التغاضي عما يحدث قهرًا، كالاستقلال عن الأهل ماديًا ونفسيًا، أو الخوف من أسرة شديدة التطرف في أفكارها قد يأتي رد فعلها ضد الفتاة نفسها، أو الانفصال عن زوج بينما تتحمل المرأة مسؤولية طفل أو أكثر، وبمرور الوقت تنامى يقيني بأن ردود أفعالنا تحددها لا إراديًا ظروفنا النفسية والاجتماعية. |
| | | |
− | تنظر إلي صديقة فتقول يا ليتني أملك قدرتك على الرحيل، وأنا أغبط أخرى لأنها استطاعت أن تفضح المتحرش رغم سلطته ومكانته، وتخبرني الأخيرة أنها تتمنى لو كانت تملك نفس الفرص التي توفرت للصحافيات العاملات في شبكتي فوكس نيوز ودويتشه فيله، بما مكنهن من استعادة حقهن بفضل مؤسسات تؤمن بحق النساء في بيئة عمل اَمنة، ونتفق ثلاثتنا في أن بيئة عمل خالية من العنف الجنسي في الوقت الحالي وفي هذه البقعة، أشبه بحلم وردي في ليلة ربيعية بينما ينام صاحبه بين الركام. | + | تنظر إلي صديقة فتقول يا ليتني أملك قدرتك على الرحيل، وأنا أغبط أخرى لأنها استطاعت أن تفضح المتحرش رغم سلطته ومكانته، وتخبرني الأخيرة أنها تتمنى لو كانت تملك نفس الفرص التي توفرت للصحافيات العاملات في شبكتي فوكس نيوز ودويتشه فيله، بما مكنهن من استعادة حقهن بفضل مؤسسات تؤمن بحق النساء في بيئة عمل اَمنة، ونتفق ثلاثتنا في أن بيئة عمل خالية من [[عنف جنسي | العنف الجنسي]] في الوقت الحالي وفي هذه البقعة، أشبه بحلم وردي في ليلة ربيعية بينما ينام صاحبه بين الركام. |
| + | |
| + | [[تصنيف:حملة بدون وجه حق]] |
| + | [[تصنيف:حادثة السعار الجنسي]] |
| + | [[تصنيف:عنف جنسي]] |