أُضيف 5٬611 بايت
، قبل 5 سنوات
{{بيانات وثيقة
|نوع الوثيقة=تدوينة
|مؤلف=جهاد أشرف
|محرر=
|لغة=ar
|بالعربية=
|المصدر=نظرة للدراسات النسوية
|تاريخ النشر=2018-12-01
|تاريخ الاسترجاع=2018-12-02
|مسار الاسترجاع=http://nazra.org/2018/12/الطريق-إلى-المنصة-ليس-سهلا-كما-يبدو
|نسخة أرشيفية=
|هل ترجمة=
|مترجم=
|لغة الأصل=
|العنوان الأصلي=
|النص الأصلي=
|ملاحظة=
|قوالب فرعية=
}}
جاءت ثورة يناير لتفاجئنا جميعاً بما أطلقته من حيوية وما حركته من قدرات هائلة على القول والفعل، وتلك الجماهير التي قلبت موازين اللعبة وفرضت وجودها في الساحات والشوارع التي كانت محرمة عليها من ذي قبل.
كنت في المرحلة الثانوية حينها وكنت قد خططت مسبقا لما سوف أقوم بدراسته ولكن انقلب عالمي رأسا على عقب، جعلتني الثورة أحطم الخوف بداخلي وأرى الأمور من وجهة نظر أخرى أكثر شمولية. حالي مثل حال معظم أبناء جيلي، قادني حلم التحول الثقافي والاجتماعي والسياسي لتغيير جميع خططي فيما يتعلق بمجال دراستي وعملي المستقبلي حيث بدأت مشاجرة كبيرة بيني وبين أبي بسبب رغبتي في الالتحاق بكلية الحقوق والتي كانت مرفوضة تماما من جهته.
أبي على قناعة أن هذه الوظيفة لا تصلح إلا للذكور في مجتمعنا، أما النساء فليس لهن مكان في هذا المجال، إلا أنني كنت قد عقدت العزم على اختياري. ذهبت إلى مدرستي الثانوية مع إحدى زميلاتي وقمت بعمل التنسيق هناك بعيداً عن أنظار أبي وكتبت في أول عشر رغبات كلية الحقوق في جميع الجامعات بالجمهورية، وعندما اكتشف أبي ذلك كانت قطيعة بيننا لأيام ولكنه في النهاية وافق على مضض.
التحقت بكلية الحقوق بعد إصراري وكنت أظن أنني أحقق جزء من أحلامي ولكن توالت الإحباطات واكتشفت أن شيئا لم يتغير وأن جميع آمالنا بالعدالة والحرية والمساواة قد تم إحباطها وانطفأت شعلة الثورة. ومع ذلك أتممت دراستي الجامعية وحددت لنفسي أهداف قريبة لأعمل عليها وكان أهمها انضمامي إلى نقابة المحامين حيث بدأت مشاجرة أخرى بيني وبين أبي بسبب رفضه اشتغالي بالمحاماة والذي كان يبرره بعلمه بما يحدث للمحاميات داخل المكاتب المغلقة من تحرش وعنف وسمعة سيئة بالإضافة إلى المضايقات التي تطالهن في أقسام الشرطة وفي ساحات المحاكم. ولكني تجادلت معه كثيرا وضربت له العديد من الأمثلة لمحاميات ناجحات ونماذج مشرفة لأسرهن ومجتمعهن, وتحدثت وقتها مع بعض الصديقات اللائي يمتهن المحاماة فقاموا بتشجيعي على استكمال هذه المشاجرة وواحدة منهن أخبرتني أنه على الرغم من كل تلك التحديات التي تواجهها في المهنة إلا أنها على استعداد بأن تواجه كل ذلك مرارًا وتكراراً في سبيل أن تثبت وجودها كامرأة ناجحة في هذا المجال.
لم أستسلم حينها إلى أن وافق لاحقًا بشرط اشتغالي مع محامية وليس محام ولكنه كان أشبه بالشرط التعجيزي حيث لا يوجد سيدات بالمهنة لديهن مكتب خاص في مدينتي سوى القليل ولم يكن هناك أي مكان شاغر لي بهذه المكاتب الصغيرة حتى على سبيل التدريب. قررت الانتقال إلى القاهرة لاستكمال دراستي العليا ووجدت فرصة عمل كباحثة وليس كمحامية. على الرغم من رغبتي القوية في امتهان المحاماة إلا أنه بعد حملات القبض على المحاميات المدافعات عن حقوق الإنسان بدون أي ذنب سوى ممارستهن للمهنة أصبحت مترددة فيما يتعلق باشتغالي بالمحاماة تجنباً لما من الممكن أن يحدث لي ولعائلتي، فلا أريد أن يطالهم أي سوء بسبب اختياراتي. من الضروري أن تكون هناك قوانين تحمي النساء حال ممارستهن لمهنة المحاماة سواء من الاعتداءات والتضييقات الأمنية التي تطالهن أثناء تأديتهن لواجبهن المهني أو حتى من التحرش سواء من زملائهن أو من أفراد الأمن. كما يجب أن يكون لنقابة المحاماة موقف قوي وواضح إزاء ما يحدث للمحاميات من عنف ومضايقات أمنية على أن يكون ذلك بمثابة ضمانة لهن ولأُسَرهن.