تغييرات

اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
وصلة
سطر 38: سطر 38:  
ظننت أنّ كلّ شيء يمضي على ما يُرام، إلى أن أتت تلك الليلة، حين اكتشفتُ أنّ الصراع بين ما وُرّث لي من أفكار وبين ما اكتسبته بنفسي من مواقف، هو في الحقيقة حربٌ غير عادلة كنتُ فيها مُقاتلا وحيدًا أعزلا، في مواجهة جيوشٍ تمتدُّ أساطيلها إلى قرون من الأساطير والعادات والأديان بكتبها السماوية والوضعية. كنت وحيدةً أمام ثقافة شعب بأسره يقدّم تحريم الجنس كمقبّلات على طاولات الطعام، ويرضع الخوف من الرّجل في حليب الأم، ويورث جينات الطهر ويُنمّيها يومًا بعد يوم.
 
ظننت أنّ كلّ شيء يمضي على ما يُرام، إلى أن أتت تلك الليلة، حين اكتشفتُ أنّ الصراع بين ما وُرّث لي من أفكار وبين ما اكتسبته بنفسي من مواقف، هو في الحقيقة حربٌ غير عادلة كنتُ فيها مُقاتلا وحيدًا أعزلا، في مواجهة جيوشٍ تمتدُّ أساطيلها إلى قرون من الأساطير والعادات والأديان بكتبها السماوية والوضعية. كنت وحيدةً أمام ثقافة شعب بأسره يقدّم تحريم الجنس كمقبّلات على طاولات الطعام، ويرضع الخوف من الرّجل في حليب الأم، ويورث جينات الطهر ويُنمّيها يومًا بعد يوم.
   −
دخلت وقتها في فترة استرجاع مُطوّلة، وتذكّرت عن نفسي الكثير. تذكرتُ يوم فصلت مدرّسة العلوم الطبيعية بين الإناث والذكور بغرض تدريس الفتيات [[دورة شهرية | العادة الشهرية]] والأولاد مرضًا يُسمى "[[الزُهري]]". تذكرت أنّني حُرمت بسبب قرار الفصل اللعين هذا من رؤية [[قضيب]] لأول مرة في حياتي، قضيبًا ذابلا مُشوّهًا مريضًا بالزُهري ولو في الصور. تذكّرت أنّني لم أتلقّ يومًا درسًا بيداغوجيّا يتطرّق لا من بعيد ولا من قريب إلى [[ثقافة جنسية | الثقافة الجنسية]]، وأنّ المضاجعة كانت صورة مؤجلة إلى مرحلة لن أعرف قدومها. تذكرت الكثير، وتراكمت برأسي أفكار عديدة، من بينها أنّ المسألة الجنسية كانت مؤجلة في ذهني إلى درجة انعدام الفضول لاكتشاف المواقع ال[[إباحية]] مثلما كان يفعل من هم في سنّي، فقد كنت أفكر أنّ ممارسة الجنس أمر بديهي يحصل بمفرده بمجرد رغبة شخصين واتفاقهما على ذلك دون أيّة مراكمة ثقافية ومعرفية. تذكّرت كيف كانت تنهرني أمّي وخالاتي بشدّة عند الاستماع إليهن وهنّ يتحدثن عن مواضيع تخصّ "الكبار" لأنني طفلة. لم أسأل يومًا ذلك السؤال الوجودي الخطير "كيف أتيت يا ماما؟" ولم يُكلّف والديّ نفسيهما عناء الإجابة بشكل فطري، كما لو كنت غصنًا أُلقيَ به من سابع سماء لأسقط بين حضنيهما وأصير ابنتهما المدلّلة. كنت عمياء، لدرجة أنّه لم يتملّكني الفضول حتى لطرح أسئلة عن جسدي، عن الجنس.
+
دخلت وقتها في فترة استرجاع مُطوّلة، وتذكّرت عن نفسي الكثير. تذكرتُ يوم فصلت مدرّسة العلوم الطبيعية بين الإناث والذكور بغرض تدريس الفتيات [[دورة شهرية | العادة الشهرية]] والأولاد مرضًا يُسمى "[[زهري | الزُهري]]". تذكرت أنّني حُرمت بسبب قرار الفصل اللعين هذا من رؤية [[قضيب]] لأول مرة في حياتي، قضيبًا ذابلا مُشوّهًا مريضًا بالزُهري ولو في الصور. تذكّرت أنّني لم أتلقّ يومًا درسًا بيداغوجيّا يتطرّق لا من بعيد ولا من قريب إلى [[ثقافة جنسية | الثقافة الجنسية]]، وأنّ المضاجعة كانت صورة مؤجلة إلى مرحلة لن أعرف قدومها. تذكرت الكثير، وتراكمت برأسي أفكار عديدة، من بينها أنّ المسألة الجنسية كانت مؤجلة في ذهني إلى درجة انعدام الفضول لاكتشاف المواقع ال[[إباحية]] مثلما كان يفعل من هم في سنّي، فقد كنت أفكر أنّ ممارسة الجنس أمر بديهي يحصل بمفرده بمجرد رغبة شخصين واتفاقهما على ذلك دون أيّة مراكمة ثقافية ومعرفية. تذكّرت كيف كانت تنهرني أمّي وخالاتي بشدّة عند الاستماع إليهن وهنّ يتحدثن عن مواضيع تخصّ "الكبار" لأنني طفلة. لم أسأل يومًا ذلك السؤال الوجودي الخطير "كيف أتيت يا ماما؟" ولم يُكلّف والديّ نفسيهما عناء الإجابة بشكل فطري، كما لو كنت غصنًا أُلقيَ به من سابع سماء لأسقط بين حضنيهما وأصير ابنتهما المدلّلة. كنت عمياء، لدرجة أنّه لم يتملّكني الفضول حتى لطرح أسئلة عن جسدي، عن الجنس.
    
كنت أحمل كُلّ عوارض التشنّج المهبلي، ولم أقبل مصارحة أحد بذلك حتى المقرّبين منّي. خفت كثيرًا من فكرة الحديث، وازداد خوفي من فكرة الذهاب إلى طبيب. في ذلك الوقت، لم يكن باستطاعتي إدراك مدى فاعليّة زيارة أخصائي جنساني وقدرة ذلك على معالجتي. كنت أتنازع في داخلي بين ثنائيات كثيرة تتأرجح بين القبول بالأمر ونكرانه، بين قدرتي الذاتية على حلّ الأمر وتفكيكه لفهمه وتجاوزه، وعجزي عن إيجاد أجوبة لأسئلة من قبيل "ما الذي يحصل معي الآن؟"، وبين اقتناعي بأنّ التشنّج المهبلي لا يصيب سوى من عانَين من صدمة قوية متعلقة بالجنس. كيف يُصيبني هذا الاضطراب ودفاتري خالية من أيّ تاريخٍ جنسي، سوى بعض القبلات أو اللمسات الحارّة.
 
كنت أحمل كُلّ عوارض التشنّج المهبلي، ولم أقبل مصارحة أحد بذلك حتى المقرّبين منّي. خفت كثيرًا من فكرة الحديث، وازداد خوفي من فكرة الذهاب إلى طبيب. في ذلك الوقت، لم يكن باستطاعتي إدراك مدى فاعليّة زيارة أخصائي جنساني وقدرة ذلك على معالجتي. كنت أتنازع في داخلي بين ثنائيات كثيرة تتأرجح بين القبول بالأمر ونكرانه، بين قدرتي الذاتية على حلّ الأمر وتفكيكه لفهمه وتجاوزه، وعجزي عن إيجاد أجوبة لأسئلة من قبيل "ما الذي يحصل معي الآن؟"، وبين اقتناعي بأنّ التشنّج المهبلي لا يصيب سوى من عانَين من صدمة قوية متعلقة بالجنس. كيف يُصيبني هذا الاضطراب ودفاتري خالية من أيّ تاريخٍ جنسي، سوى بعض القبلات أو اللمسات الحارّة.
7٬893

تعديل

قائمة التصفح