تغييرات

اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
ط
اضافة روابط
سطر 2: سطر 2:  
|نوع الوثيقة= مقالة رأي
 
|نوع الوثيقة= مقالة رأي
 
|العنوان= النسوية، الماركسية، المنهج، والدولة: أجندة للعمل النظري
 
|العنوان= النسوية، الماركسية، المنهج، والدولة: أجندة للعمل النظري
|مؤلف= [[كاثرين ماكينون|كاثرين ماكّينن]]
+
|مؤلف= كاثرين ماكينون
 
|محرر=
 
|محرر=
 
|لغة= ar
 
|لغة= ar
سطر 23: سطر 23:  
''في المقال ما قبل الأخير من ملف الجندر، الجنسانية، السلطة، تقدم الجمهورية ترجمة أحد أهم النصوص النسوية النظرية وأكثرها ذكراً وتأثيراً. صدر النص في صيغته الأولى عام 1973، ومرّ بتعديلات وتنقيحات ومراجعات عديدة قبل أن يصدر في صيغته الأكثر تداولاً عام 1982، وهي التي استندت إليها هذه الترجمة.''
 
''في المقال ما قبل الأخير من ملف الجندر، الجنسانية، السلطة، تقدم الجمهورية ترجمة أحد أهم النصوص النسوية النظرية وأكثرها ذكراً وتأثيراً. صدر النص في صيغته الأولى عام 1973، ومرّ بتعديلات وتنقيحات ومراجعات عديدة قبل أن يصدر في صيغته الأكثر تداولاً عام 1982، وهي التي استندت إليها هذه الترجمة.''
   −
''تقدم الفقيهة القانونية الأميركية كاثرين ماكّينن في هذا المقال ما يمكن اعتباره الصياغة الأكثر وضوحاً وجذرية (أقله باللغة الإنكليزية) للنسوية الراديكالية الكونية، التي تصدرت الخطاب النسوي العام حتى منتصف التسعينات. تضع ماكّينن النسوية في هذا النصّ في حوار ندّي مع الماركسية، منتقدةً كلاً من النسوية الليبرالية على فردانيتها وطبقيتها؛ والنسوية الاشتراكية على دمجها للقضية النسوية بشكل اشتقاقي تلفيقي ضمن الإطار الماركسي النظري الثابت نفسه. النسوية، حسب ماكّينن، هي «نتيجة الماركسية الأخيرة ونقدها النهائي»، هي نظرية للقوة واللامساواة على أساس الجنسانية، لقول أن «العلاقات التي يًنكح فيها البعض، ويُنكج البعض الآخر هي الحيز التأسيسي للسياسة».''
+
''تقدم الفقيهة القانونية الأميركية [[كاثرين ماكينون|كاثرين ماكّينن]] في هذا المقال ما يمكن اعتباره الصياغة الأكثر وضوحاً وجذرية (أقله باللغة الإنكليزية) للنسوية الراديكالية الكونية، التي تصدرت الخطاب النسوي العام حتى منتصف التسعينات. تضع ماكّينن النسوية في هذا النصّ في حوار ندّي مع الماركسية، منتقدةً كلاً من النسوية الليبرالية على فردانيتها وطبقيتها؛ والنسوية الاشتراكية على دمجها للقضية النسوية بشكل اشتقاقي تلفيقي ضمن الإطار الماركسي النظري الثابت نفسه. النسوية، حسب ماكّينن، هي «نتيجة الماركسية الأخيرة ونقدها النهائي»، هي نظرية للقوة واللامساواة على أساس الجنسانية، لقول أن «العلاقات التي يًنكح فيها البعض، ويُنكج البعض الآخر هي الحيز التأسيسي للسياسة».''
    
''لا تبقى ماكنن في حيز المحاججة المجردة، بل «تنزل» إلى فضاءات عيانية محددة وتبني عليها: الإجهاض، العنف المنزلي، الاغتصاب، البغاء، صناعة المواد الإباحية، سفاح القربي، التحرش.. فتكشف العنف القابع فيها بوصفه تأسيسياً وليس استثنائياً لخلق «المرأة» كشيء جنسي يستخدمه الرجل. وفي الواقع، إن كان هناك من نسوية واحدة مسؤولة عن تثوير النقاش الأميركي والعالمي عن التحرش الجنسي وإعطائه مفهوم التمييز على أساس الجنس قانونياً فهذا الشخص هو كاثرين ماكّينن منذ أن صدر كتابها عن التحرش في أواخر سبعينات القرن الماضي (Sexual Harassment of Working Women, 1979). وقد تكون ترجمة هذا النص الردّ الأمثل على الخلط القائل أن حركة المي-تو هي إحدى تعبيرات «سياسات الهوية» ونظريات الجندر المتأثرة بما بعد الحداثة، لأن الحقيقة هي عكس ذلك تماماً. لم يهتم أحد بالتحرش الجنسي قدر اهتمام النسويات الراديكاليات الكونيات به، وعلى رأسهن كاثرين ماكّينن، اللواتي تصدين في الوقت عينه لنظريات ما-بعد الحداثة ومقولات الخصوصية الثقافية، ويُعرف عن ماكّينين قولها: «نظريات مابعد الحداثة تنتمي إلى عالم النخب الأكاديمية، أما النسوية فتنتمي إلى عالم الرجال والنساء»، وأيضاً (وهذا قد يكون الأكثر وقعاً لنا كسوريين): «هل تستطيع ما-بعد الحداثة محاسبة المسؤولين عن الإبادة؟»''
 
''لا تبقى ماكنن في حيز المحاججة المجردة، بل «تنزل» إلى فضاءات عيانية محددة وتبني عليها: الإجهاض، العنف المنزلي، الاغتصاب، البغاء، صناعة المواد الإباحية، سفاح القربي، التحرش.. فتكشف العنف القابع فيها بوصفه تأسيسياً وليس استثنائياً لخلق «المرأة» كشيء جنسي يستخدمه الرجل. وفي الواقع، إن كان هناك من نسوية واحدة مسؤولة عن تثوير النقاش الأميركي والعالمي عن التحرش الجنسي وإعطائه مفهوم التمييز على أساس الجنس قانونياً فهذا الشخص هو كاثرين ماكّينن منذ أن صدر كتابها عن التحرش في أواخر سبعينات القرن الماضي (Sexual Harassment of Working Women, 1979). وقد تكون ترجمة هذا النص الردّ الأمثل على الخلط القائل أن حركة المي-تو هي إحدى تعبيرات «سياسات الهوية» ونظريات الجندر المتأثرة بما بعد الحداثة، لأن الحقيقة هي عكس ذلك تماماً. لم يهتم أحد بالتحرش الجنسي قدر اهتمام النسويات الراديكاليات الكونيات به، وعلى رأسهن كاثرين ماكّينن، اللواتي تصدين في الوقت عينه لنظريات ما-بعد الحداثة ومقولات الخصوصية الثقافية، ويُعرف عن ماكّينين قولها: «نظريات مابعد الحداثة تنتمي إلى عالم النخب الأكاديمية، أما النسوية فتنتمي إلى عالم الرجال والنساء»، وأيضاً (وهذا قد يكون الأكثر وقعاً لنا كسوريين): «هل تستطيع ما-بعد الحداثة محاسبة المسؤولين عن الإبادة؟»''
سطر 77: سطر 77:       −
تحت مسمى النسوية، تم شرح وضع المرأة بصفته نتيجة للبيولوجيا، أو للإنجاب والأمومة، للتنظيم الاجتماعي للبيولوجيا، أو قوانين الزواج، العائلة الأبوية التي تنتج المجتمع الأبوي، أو بسبب أدوار جندرية مصطنعة والمواقف المرتبطة بهم. حسب هذه المحاولات، ومن خلال النظر إلى الطبيعة والقانون والعائلة والأدوار الاجتماعية بوصفها نتائج وليس أساسات، أعتقد أن النسوية تعتبر الجنسانية الفضاء الاجتماعي الأول للسلطة المذكرة. مركزية الجنسانية لا تنبع من المفاهيم الفرويدية، بل من الممارسة النسوية في مجالات عدة، بما في ذلك الإجهاض، وتحديد النسل، واستغلال التعقيم، والعنف المنزلي، والاغتصاب، وسفاح القربى، والعلاقات المثلية النسائية، والتحرش الجنسي، والبغاء، والعبودية الجنسية النسائية، وصناعة المنتجات الإباحية. في جميع هذه المجالات، الجهود النسوية تواجه وتغير حياة النساء بشكل ملموس ومعاش. مع بعضهم، تنتج هذه التجارب نظرية سياسية نسوية تتمحور حول الجنسانية: محدداتها الاجتماعية، إنتاجها اليومي، تعبيراتها من الولادة وحتى الوفاة، وفي النهاية، سيطرة الذكور.
+
تحت مسمى النسوية، تم شرح وضع المرأة بصفته نتيجة للبيولوجيا، أو للإنجاب والأمومة، للتنظيم الاجتماعي للبيولوجيا، أو قوانين الزواج، العائلة الأبوية التي تنتج المجتمع الأبوي، أو بسبب أدوار جندرية مصطنعة والمواقف المرتبطة بهم. حسب هذه المحاولات، ومن خلال النظر إلى الطبيعة والقانون والعائلة والأدوار الاجتماعية بوصفها نتائج وليس أساسات، أعتقد أن النسوية تعتبر الجنسانية الفضاء الاجتماعي الأول للسلطة المذكرة. مركزية الجنسانية لا تنبع من المفاهيم الفرويدية، بل من الممارسة النسوية في مجالات عدة، بما في ذلك [[الإجهاض]]، وتحديد النسل، واستغلال التعقيم، والعنف المنزلي، والاغتصاب، وسفاح القربى، والعلاقات المثلية النسائية، [[التحرش الجنسي|والتحرش الجنسي]]، والبغاء، والعبودية الجنسية النسائية، وصناعة المنتجات الإباحية. في جميع هذه المجالات، الجهود النسوية تواجه وتغير حياة النساء بشكل ملموس ومعاش. مع بعضهم، تنتج هذه التجارب نظرية سياسية نسوية تتمحور حول الجنسانية: محدداتها الاجتماعية، إنتاجها اليومي، تعبيراتها من الولادة وحتى الوفاة، وفي النهاية، سيطرة الذكور.
    
البحث النسوي في هذه المسائل المحددة بدأ بكشف عام للمواقف التي تشرعن وتخفي وضع المرأة، أي المغلف الفكري الذي يحيط بجسد المرأة: مفاهيم مثل أن النساء يرغبن بالاغتصاب ويُثِرن الرجال طلباً له؛ أن تجارب الفتيات مع سفاح القربى أحلام تخفي وراها رغبة؛ أن النساء العاملات يتآمرن ويتقدمن من خلال «المضاربات» الجنسية؛ أن بائعات الهوى شهوانيات؛ أن ضرب الزوجة تعبير عن شدة الحب. تحت جميع هذه الأفكار يقبع الإكراه العاري وارتباطات عامة بتعريف المرأة الاجتماعي بوصفها جنساً. البحث في الأدوار الجنسية، المتتبع لمقولة سيمون دو بوفوار «أن المرء لا يُخلق بل يصبح امرأة»، يكشف عن عملية معقدة: كيف وماذا يتعلم الإنسان ليصبح امرأة. الجندر باختلاف الثقافات هو خاصية مكتسبة، موقع يُعطى، بأوصاف تختلف بغض النظر عن البيولوجيا، وعبر أيديولوجيا تنسب هذه الأوصاف للطبيعة.
 
البحث النسوي في هذه المسائل المحددة بدأ بكشف عام للمواقف التي تشرعن وتخفي وضع المرأة، أي المغلف الفكري الذي يحيط بجسد المرأة: مفاهيم مثل أن النساء يرغبن بالاغتصاب ويُثِرن الرجال طلباً له؛ أن تجارب الفتيات مع سفاح القربى أحلام تخفي وراها رغبة؛ أن النساء العاملات يتآمرن ويتقدمن من خلال «المضاربات» الجنسية؛ أن بائعات الهوى شهوانيات؛ أن ضرب الزوجة تعبير عن شدة الحب. تحت جميع هذه الأفكار يقبع الإكراه العاري وارتباطات عامة بتعريف المرأة الاجتماعي بوصفها جنساً. البحث في الأدوار الجنسية، المتتبع لمقولة سيمون دو بوفوار «أن المرء لا يُخلق بل يصبح امرأة»، يكشف عن عملية معقدة: كيف وماذا يتعلم الإنسان ليصبح امرأة. الجندر باختلاف الثقافات هو خاصية مكتسبة، موقع يُعطى، بأوصاف تختلف بغض النظر عن البيولوجيا، وعبر أيديولوجيا تنسب هذه الأوصاف للطبيعة.
سطر 86: سطر 86:       −
اجتماعياً، الأنوثة تعني النعومة، وهذا يعني الجاذبية للرجال، أي الجاذبية الجنسية، أي التوافر الجنسي حسب معايير الرجال. ما يعرّف المرأة إذاً هو ما يثير الرجل. البنات الجيدات «جذابات» فيما البنات السيئات «مستفزات». التنميط الجندري هي العملية التي من خلالها تقوم النساء بتعريف أنفسهن ككائنات جنسية، ككائنات توجد من أجل الرجال. إنها العملية التي من خلالها تستبطن النساء صورة الذكور عن جنسانيتهم بوصفها هويتهن كنساء. ليست مجرد وهم. البحث النسوي في تجارب النساء عن الجنسانية يعيد النظر في مفاهيم سابقة عن القضايا الجنسية ويعيد تعريف مفهوم الجنسانية نفسه وتعريف محدداته ودوره في المجتمع والسياسة. حسب المراجعة هذه، يصبح المرء مرأة – أي تكتسب وتتماهى مع وضعية الأنثى – ليس من خلال النضج البيولوجي أو التشرب بمفاهيم اجتماعية، بل بالتحديد من خلال تجربة الجنسانية: اتحاد معقد للحسية، والعاطفية، والهوية، وتأكيد المكانة. الجنس كجندر والجنس كجنسانية يتم تعريفهما إذا من خلال بعضهما، لكن الجنسانية هي التي تحدد الجندر لا العكس. هذا الكشف المركزي غير المكتوب بشكل مباشر في كتاب كايت ميدلتون سياسة جنسية يعالج الثنائية المبينة في مصطلح «جنس»: ما تتعلمه المرأة لكي تمارس الجنس هو ما يجعلها تصبح امرأة، جندر المرأة يأتي من خلال التجربة، وهو شرط من أجل «ممارسة الجنس» – المرأة كمادة جنسية للرجال، استخدام جنسانية المرأة من قبل الرجال. في الواقع، إلى المدى الذي نستطيع القول إن الجنسانية اجتماعية، فإن جنسانية المرأة هي استعمالها (من قبل الذكور)، تماماً كما أن أنثويتنا تعني اختلافنا (عن الذكور).
+
اجتماعياً، الأنوثة تعني النعومة، وهذا يعني الجاذبية للرجال، أي الجاذبية الجنسية، أي التوافر الجنسي حسب معايير الرجال. ما يعرّف المرأة إذاً هو ما يثير الرجل. البنات الجيدات «جذابات» فيما البنات السيئات «مستفزات». [[صورة نمطية جندرية|التنميط الجندري]] هي العملية التي من خلالها تقوم النساء بتعريف أنفسهن ككائنات جنسية، ككائنات توجد من أجل الرجال. إنها العملية التي من خلالها تستبطن النساء صورة الذكور عن جنسانيتهم بوصفها هويتهن كنساء. ليست مجرد وهم. البحث النسوي في تجارب النساء عن الجنسانية يعيد النظر في مفاهيم سابقة عن القضايا الجنسية ويعيد تعريف مفهوم الجنسانية نفسه وتعريف محدداته ودوره في المجتمع والسياسة. حسب المراجعة هذه، يصبح المرء مرأة – أي تكتسب وتتماهى مع وضعية الأنثى – ليس من خلال النضج البيولوجي أو التشرب بمفاهيم اجتماعية، بل بالتحديد من خلال تجربة الجنسانية: اتحاد معقد للحسية، والعاطفية، والهوية، وتأكيد المكانة. الجنس كجندر والجنس كجنسانية يتم تعريفهما إذا من خلال بعضهما، لكن الجنسانية هي التي تحدد الجندر لا العكس. هذا الكشف المركزي غير المكتوب بشكل مباشر في كتاب كايت ميدلتون سياسة جنسية يعالج الثنائية المبينة في مصطلح «جنس»: ما تتعلمه المرأة لكي تمارس الجنس هو ما يجعلها تصبح امرأة، جندر المرأة يأتي من خلال التجربة، وهو شرط من أجل «ممارسة الجنس» – المرأة كمادة جنسية للرجال، استخدام جنسانية المرأة من قبل الرجال. في الواقع، إلى المدى الذي نستطيع القول إن الجنسانية اجتماعية، فإن جنسانية المرأة هي استعمالها (من قبل الذكور)، تماماً كما أن أنثويتنا تعني اختلافنا (عن الذكور).
      سطر 97: سطر 97:  
تكشف هذه الاستقصاءات النسوية أن الاغتصاب وسفاح القربى والتحرش الجنسي والبورنوغرافيا والبغاء ليست توظيفات للقوة الجسدية، أو للعنف، أو للسلطة، أو للاقتصاد، بل هي استغلالات للجنس. وهي ليست بحاجة لأن تعتمد في إكراهها على أنماط من الجبر غير جنسية، ولا أن تقوم بذلك: القول بأن أشكال الإكراه هذه لها بحد ذاتها هوية جنسية يبدو أقرب إلى الدقة. لا تضفي هذه الممارسات طابعاً إيروتيكياً على شيء آخر: الإيروتيكية هي في صلب تكوينها. وهي ليست تشويهات للفن والأخلاق: بل هي هي الفن والأخلاق من وجهة نظر الذكر. وهي لها طابع جنسي لأنها تعبر عن علاقات، وقيم، ومشاعر، وتقاليد، وسلوك ثقافة جنسانية تجد  جزءاً من قدرتها على الإثارة في أن يكون الاغتصاب والبورنوغرافيا وسفاح القربى والمثلية الأنثوية انحرافاً أو شذوذاً أو هرطقة.
 
تكشف هذه الاستقصاءات النسوية أن الاغتصاب وسفاح القربى والتحرش الجنسي والبورنوغرافيا والبغاء ليست توظيفات للقوة الجسدية، أو للعنف، أو للسلطة، أو للاقتصاد، بل هي استغلالات للجنس. وهي ليست بحاجة لأن تعتمد في إكراهها على أنماط من الجبر غير جنسية، ولا أن تقوم بذلك: القول بأن أشكال الإكراه هذه لها بحد ذاتها هوية جنسية يبدو أقرب إلى الدقة. لا تضفي هذه الممارسات طابعاً إيروتيكياً على شيء آخر: الإيروتيكية هي في صلب تكوينها. وهي ليست تشويهات للفن والأخلاق: بل هي هي الفن والأخلاق من وجهة نظر الذكر. وهي لها طابع جنسي لأنها تعبر عن علاقات، وقيم، ومشاعر، وتقاليد، وسلوك ثقافة جنسانية تجد  جزءاً من قدرتها على الإثارة في أن يكون الاغتصاب والبورنوغرافيا وسفاح القربى والمثلية الأنثوية انحرافاً أو شذوذاً أو هرطقة.
   −
الجنسانية إذاً هي شكل من أشكال القوة. الجندر، بصفته اختراعاً اجتماعياً، يجسد هذه الجنسانية وليس العكس. الرجال والنساء ينقسمون حسب الجندر ويتشكلون في الجنسين اللذين نعرف، من خلال الالتزامات الاجتماعية التي تفرضها الغيرية، والتي تمأسس للسيطرة الجنسية المذكرة والخضوع الجنسي المؤنث. هذا يعني أن الجنسانية هي مربط فرس اللاعدالة الجندرية.
+
الجنسانية إذاً هي شكل من أشكال القوة. الجندر، بصفته اختراعاً اجتماعياً، يجسد هذه الجنسانية وليس العكس. الرجال والنساء ينقسمون حسب [[الجندر]] ويتشكلون في الجنسين اللذين نعرف، من خلال الالتزامات الاجتماعية التي تفرضها الغيرية، والتي تمأسس للسيطرة الجنسية المذكرة والخضوع الجنسي المؤنث. هذا يعني أن الجنسانية هي مربط فرس اللاعدالة الجندرية.
    
المرأة كائن يعرّف نفسه ويعرّفه المجتمع بصفته صاحب جنسانية موجودة من أجل شخص آخر، هو الذكر. جنسانية المرأة هي قدرتها على إثارة هذا الشخص. إذا كان الجنسي في المرأة هو بالتعريف ما يعتبره الذكر ضرورياً للإثارة، أليس من الممكن القول إن المتطلبات الذكورية استولت على الجنسانية الأنثوية بحيث أن الأخيرة باتت تقتصر على تلك المتطلبات؟ أن نواجه الجنسانية الأنثوية بهذه الطريقة يعني أن نتساءل إن كان هناك جنسانية أنثوية من الأساس! إذا كان الوجود من أجل شخص آخر هو كل ما تحتويه جنسانية المرأة المنتَجة اجتماعياً، فهذا يعني بالضرورة أنه لايمكن الهرب منها بالانفصال، أي غياب الرجل المادي المؤقت، ولا يمكن إلغاؤها من خلال مجرد استبدال العفة بالممارسة، والتي تبدو في هذا السياق وكأنها مجرد قيام المرأة بتقليد الرجل. كما تقول سوزان سونتاغ: «السؤال هو: ما هي الجنسانية التي ستستمتع بها النساء في حال تحررهن؟ إزاحة الصعوبات أمام التعبير الجنسي للنساء لن يكون نصراً إذا كانت الجنسانية التي ستستمتع بها النساء هي نفسها الجنسانية التي تحولهن إلى أشياء… هذه الجنسانية «المتحررة» لا تعكس إلا فكرة مزيفة عن الحرية: حق كل إنسان أن يستغل وينزع إنسانية شخص آخر لفترة وجيزة. من دون تغيير في تقاليد الجنسانية نفسها، تحرر المرأة سيبقى هدفاً بلا معنى. الجنس بحد ذاته ليس تحريراً للمرأة، ولا المزيد منه». هذا السؤال هو بالمعنى الأعم عن قدرة المجتمع على تحديد ماهياتنا. إذا كانت النساء يعرَّفن اجتماعياً، بحيث لا يمكن اختبار الجنسانية الأنثوية أو الشعور بها أو الحديث عنها أو حتى الإحساس بها بمعزل عن التعريف الذي يُسقطه المجتمع لها، أي بمعزل عن إلغائها، فهذا يعني أنه ليس هناك نساء! هناك فقط أجساد تتبنى تصورات عن حاجات الرجال. بالنسبة للنسوية، التساؤل ما إذا كان هناك جنسانية أنثوية يساوي التساؤل ما إذا كان هناك نساء.
 
المرأة كائن يعرّف نفسه ويعرّفه المجتمع بصفته صاحب جنسانية موجودة من أجل شخص آخر، هو الذكر. جنسانية المرأة هي قدرتها على إثارة هذا الشخص. إذا كان الجنسي في المرأة هو بالتعريف ما يعتبره الذكر ضرورياً للإثارة، أليس من الممكن القول إن المتطلبات الذكورية استولت على الجنسانية الأنثوية بحيث أن الأخيرة باتت تقتصر على تلك المتطلبات؟ أن نواجه الجنسانية الأنثوية بهذه الطريقة يعني أن نتساءل إن كان هناك جنسانية أنثوية من الأساس! إذا كان الوجود من أجل شخص آخر هو كل ما تحتويه جنسانية المرأة المنتَجة اجتماعياً، فهذا يعني بالضرورة أنه لايمكن الهرب منها بالانفصال، أي غياب الرجل المادي المؤقت، ولا يمكن إلغاؤها من خلال مجرد استبدال العفة بالممارسة، والتي تبدو في هذا السياق وكأنها مجرد قيام المرأة بتقليد الرجل. كما تقول سوزان سونتاغ: «السؤال هو: ما هي الجنسانية التي ستستمتع بها النساء في حال تحررهن؟ إزاحة الصعوبات أمام التعبير الجنسي للنساء لن يكون نصراً إذا كانت الجنسانية التي ستستمتع بها النساء هي نفسها الجنسانية التي تحولهن إلى أشياء… هذه الجنسانية «المتحررة» لا تعكس إلا فكرة مزيفة عن الحرية: حق كل إنسان أن يستغل وينزع إنسانية شخص آخر لفترة وجيزة. من دون تغيير في تقاليد الجنسانية نفسها، تحرر المرأة سيبقى هدفاً بلا معنى. الجنس بحد ذاته ليس تحريراً للمرأة، ولا المزيد منه». هذا السؤال هو بالمعنى الأعم عن قدرة المجتمع على تحديد ماهياتنا. إذا كانت النساء يعرَّفن اجتماعياً، بحيث لا يمكن اختبار الجنسانية الأنثوية أو الشعور بها أو الحديث عنها أو حتى الإحساس بها بمعزل عن التعريف الذي يُسقطه المجتمع لها، أي بمعزل عن إلغائها، فهذا يعني أنه ليس هناك نساء! هناك فقط أجساد تتبنى تصورات عن حاجات الرجال. بالنسبة للنسوية، التساؤل ما إذا كان هناك جنسانية أنثوية يساوي التساؤل ما إذا كان هناك نساء.
staff
2٬193

تعديل

قائمة التصفح