سطر 20: |
سطر 20: |
| | | |
| | | |
− | اعتادوا الذهاب إلى ذلك الملهى الليلي الشهير مساء كلِّ خميس دون خوفٍ أو قلق، يسترقون تلك الساعات القلائل للاستمتاع بحيواتهم الخفية.. إنها الساعات التي يتوقون إليها للتعبير عن ميولهم المضطرون لإخفائها طوال أيّام الأسبوع أمام مجتمعٍ متصنِّعٍ للتَّحفُّظ.. يخفون ميولهم عن أسرهم و أصدقائهم و الزملاء، فمنهم من يعمل بوظائفَ مرموقةٍ والمنتمين لعائلاتٍ تشتغل بالسياسة والمال، وقد يوقعهم ذلك في مشاكلَ لا حصر لها.. إظهارُ مثليّتهم لم يكن اختياراً إلا في أماكن التجمًّع المعروفة بين أفراد مجتمعِهم الصغير.. | + | اعتادوا الذهاب إلى ذلك الملهى الليلي الشهير مساء كلِّ خميس دون خوفٍ أو قلق، يسترقون تلك الساعات القلائل للاستمتاع بحيواتهم الخفية.. إنها الساعات التي يتوقون إليها للتعبير عن [[ميل جنسي | ميولهم]] المضطرون لإخفائها طوال أيّام الأسبوع أمام مجتمعٍ متصنِّعٍ للتَّحفُّظ.. يخفون ميولهم عن أسرهم و أصدقائهم و الزملاء، فمنهم من يعمل بوظائفَ مرموقةٍ والمنتمين لعائلاتٍ تشتغل بالسياسة والمال، وقد يوقعهم ذلك في مشاكلَ لا حصر لها.. إظهارُ مثليّتهم لم يكن اختياراً إلا في أماكن التجمًّع المعروفة بين أفراد مجتمعِهم الصغير.. |
| | | |
− | كانت تلك الحقبة التي اتّسمت بالأمان النسبيّ لأفراد مجتمع الميم، اعتُبِرت فيها القاهرة مدينةً شِبه آمنةٍ لمجتمعهم مع ظهور الكثير من الحانات وأماكن التجمُّع والحفلات التي لم يمنعها أحدٌ لحد اعتباره مجتمعاً "مزدهراً" سواءً من العرب أو الأجانب. ولكن كلُّ هذا تغيَّر ليلة الحادي عشر من مايو 2001، فمصر التي لم تعرف في تاريخها قانوناً ضد المثليةِ الجنسية، بل ولم يُذكر وجود اضطهادٍ مجتمعيٍّ منظَّمٍ لهم _على الأقل قبل الغزو الوهابي للبلاد_ تستيقظ على قضيةٍ تستهدف هزَّ أركان البلاد بفضلِ إعلامٍ نظاميٍّ موجّه! | + | كانت تلك الحقبة التي اتّسمت بالأمان النسبيّ لأفراد [[مجتمع الميم]]، اعتُبِرت فيها القاهرة مدينةً شِبه آمنةٍ لمجتمعهم مع ظهور الكثير من الحانات وأماكن التجمُّع والحفلات التي لم يمنعها أحدٌ لحد اعتباره مجتمعاً "مزدهراً" سواءً من العرب أو الأجانب. ولكن كلُّ هذا تغيَّر ليلة الحادي عشر من مايو 2001، فمصر التي لم تعرف في تاريخها قانوناً ضد [[مثلية جنسية | المثليةِ الجنسية]]، بل ولم يُذكر وجود اضطهادٍ مجتمعيٍّ منظَّمٍ لهم _على الأقل قبل الغزو الوهابي للبلاد_ تستيقظ على قضيةٍ تستهدف هزَّ أركان البلاد بفضلِ إعلامٍ نظاميٍّ موجّه! |
| | | |
| "ليه؟ ليه متضايقين منّنا؟ ليه بيعذّبونا؟ إحنا مابنعملش حاجة لحد! إحنا أذينا مين؟ ليه؟".. يقول مُتّهم.. | | "ليه؟ ليه متضايقين منّنا؟ ليه بيعذّبونا؟ إحنا مابنعملش حاجة لحد! إحنا أذينا مين؟ ليه؟".. يقول مُتّهم.. |
| | | |
− | "تعرّضنا لكشوفٍ شرجيةٍ مهينة من خمس أطباء وطبيبات.. التعامل كان كله شتيمة وزعيق و إهانة".. يقول أحد المُتَّهمين.. | + | "تعرّضنا [[كشوف شرجية | لكشوفٍ شرجيةٍ]] مهينة من خمس أطباء وطبيبات.. التعامل كان كله شتيمة وزعيق و إهانة".. يقول أحد المُتَّهمين.. |
| + | |
| "سألونا أسئلة لا علاقة لها بالقضية عن انضمامنا لجماعة دينيَّة! سألونا إذا كان التزاوج بين ذكرين هو أحد طقوس هذه الجماعة! علمنا أن التهم تطورت من ممارسة الفجور إلى الانضمام إلى جماعة دينية سريّة و ازدراء الأديان!".. يضيف آخرٌ. | | "سألونا أسئلة لا علاقة لها بالقضية عن انضمامنا لجماعة دينيَّة! سألونا إذا كان التزاوج بين ذكرين هو أحد طقوس هذه الجماعة! علمنا أن التهم تطورت من ممارسة الفجور إلى الانضمام إلى جماعة دينية سريّة و ازدراء الأديان!".. يضيف آخرٌ. |
| | | |
سطر 37: |
سطر 38: |
| إلا أن المحكمة أصدرت أحكاماً أكثر تشدداً بحق المتّهمين وألزمتهم "بالمراقبة" لمدةٍ تعادل مدة الحبس، أي أنهم صاروا ملزمين بالمبيت يوميّاً في قسم الشرطة والتّعرض لنفس المضايقات التي عانوا منها، لكنّ محكمة النقص _أعلى محكمة جنائية في مصر_ أمرت بعد ذلك بتخفيف الحكم إلى عامٍ واحدٍ بحق أربعة عشر من المتّهمين، مما يعني الإفراج لانقضاء مدة الحبس وتأييد باقي الأحكام على باقي المتّهمين و تأييد براءة التسع وعشرين متّهماً! | | إلا أن المحكمة أصدرت أحكاماً أكثر تشدداً بحق المتّهمين وألزمتهم "بالمراقبة" لمدةٍ تعادل مدة الحبس، أي أنهم صاروا ملزمين بالمبيت يوميّاً في قسم الشرطة والتّعرض لنفس المضايقات التي عانوا منها، لكنّ محكمة النقص _أعلى محكمة جنائية في مصر_ أمرت بعد ذلك بتخفيف الحكم إلى عامٍ واحدٍ بحق أربعة عشر من المتّهمين، مما يعني الإفراج لانقضاء مدة الحبس وتأييد باقي الأحكام على باقي المتّهمين و تأييد براءة التسع وعشرين متّهماً! |
| | | |
− | المُلفت للنظر هنا في قضية "كوين بوت" وما تبعها من قبضيّاتٍ على أفراد مجتمع الميم، هو عقلية الشرطة والنظام نفسه! فالنظام المصري المعروف ببناء سطوته وقوّته على قمع وابتزاز المعارضين هو نفسه من صمّم تهمة "الفجور" و "البغاء" لإلصاقها بكلّ من يعارضه! فلا يخفى على أحدٍ اعتياد الشرطة المصرية هتك عرض واغتصاب المعتقلين وتصوير ذلك لابتزازهم ولانتزاع الاعترافاتِ منهم، و كأنّ النظام يعاقب المثليين وحتى المغايرين على ممارسة الجنس باختيارهم، فلا يحقُّ لأحدٍ الاختيار في بلاد المصريين، إلا ما يراه النظام مناسباً! | + | المُلفت للنظر هنا في [[حادثة كوين بوت | قضية "كوين بوت"]] وما تبعها من قبضيّاتٍ على أفراد مجتمع الميم، هو عقلية الشرطة والنظام نفسه! فالنظام المصري المعروف ببناء سطوته وقوّته على قمع وابتزاز المعارضين هو نفسه من صمّم تهمة "الفجور" و "البغاء" لإلصاقها بكلّ من يعارضه! فلا يخفى على أحدٍ اعتياد الشرطة المصرية هتك عرض واغتصاب المعتقلين وتصوير ذلك لابتزازهم ولانتزاع الاعترافاتِ منهم، و كأنّ النظام يعاقب المثليين وحتى [[غيرية جنسية | المغايرين]] على ممارسة الجنس باختيارهم، فلا يحقُّ لأحدٍ الاختيار في بلاد المصريين، إلا ما يراه النظام مناسباً! |
| | | |
| كذلك يعلم كلُّ مصريٍّ تاريخ الحقبة الناصرية المشين التي اعتادت ابتزاز رجال السياسة وكل من يعارضهم أو قد ينقلب عليهم بتصويرهم في غرف نومهم، وهو نفس النظام الذي ارتدى ثياب التديُّن واعتاد التقاط صور رجاله عند زيارة مكة وأداء الحج و العُمرة وحمل خرقةٍ مهترئةٍ شعارها تحرير الأراضي المقدسة ومكافحة الاستعمار والتعريب والتديُّن! | | كذلك يعلم كلُّ مصريٍّ تاريخ الحقبة الناصرية المشين التي اعتادت ابتزاز رجال السياسة وكل من يعارضهم أو قد ينقلب عليهم بتصويرهم في غرف نومهم، وهو نفس النظام الذي ارتدى ثياب التديُّن واعتاد التقاط صور رجاله عند زيارة مكة وأداء الحج و العُمرة وحمل خرقةٍ مهترئةٍ شعارها تحرير الأراضي المقدسة ومكافحة الاستعمار والتعريب والتديُّن! |
سطر 50: |
سطر 51: |
| | | |
| [[تصنيف:حادثة كوين بوت]] | | [[تصنيف:حادثة كوين بوت]] |
| + | [[تصنيف:فحوص شرجية قسرية]] |