سطر 32: |
سطر 32: |
| لقد تطور هذا النقاش نتيجة لبعض المشاكل، ولذلك، فمن المنطقي أنه في مجتمعات لا توجد فيها مشكلات كتلك، لا ينبغي أن يكون فيها هذا النقاش. ولكن، وبسبب الامبريالية، فقد تم تعميم هذا النقاش في ثقافات أخرى، وتأثير ذلك الفوري هو حقن المشكلات الغربية في أماكن لم تكن تلك المشكلات موجودة فيها بالأساس. | | لقد تطور هذا النقاش نتيجة لبعض المشاكل، ولذلك، فمن المنطقي أنه في مجتمعات لا توجد فيها مشكلات كتلك، لا ينبغي أن يكون فيها هذا النقاش. ولكن، وبسبب الامبريالية، فقد تم تعميم هذا النقاش في ثقافات أخرى، وتأثير ذلك الفوري هو حقن المشكلات الغربية في أماكن لم تكن تلك المشكلات موجودة فيها بالأساس. |
| وحتى مع ذلك، هذا النقاش لا يأخذنا بعيدًا في المجتمعات التي لا تعتبر فيها الأدوار والهويات الاجتماعية متأًصلة في البيولوجيا. وبنفس الإشارة، في ثقافات حيثُ حاسة البصر ليست متميزة، وحيثُ الجسد لا يُرى باعتباره مخطط إجتماعيًا، لا يمكن للاستشهادات (التفسيرات) البيولوجية أن تكون مصيبة لأن تلك التفسيرات لا تحمل ثقل كبير في النظام الاجتماعي. | | وحتى مع ذلك، هذا النقاش لا يأخذنا بعيدًا في المجتمعات التي لا تعتبر فيها الأدوار والهويات الاجتماعية متأًصلة في البيولوجيا. وبنفس الإشارة، في ثقافات حيثُ حاسة البصر ليست متميزة، وحيثُ الجسد لا يُرى باعتباره مخطط إجتماعيًا، لا يمكن للاستشهادات (التفسيرات) البيولوجية أن تكون مصيبة لأن تلك التفسيرات لا تحمل ثقل كبير في النظام الاجتماعي. |
− | كثرة الفئات المبنية اجتماعيًا في الغرب يمكنه أن يطرح تغير دائم في تلك الفئات، ولكن يمكنه أن يدعو لعدد لا نهائ | + | كثرة الفئات المبنية اجتماعيًا في الغرب يمكنه أن يطرح تغير دائم في تلك الفئات، ولكن يمكنه أن يدعو لعدد لا نهائي من البنايات البيولوجية – حيثُ لا يوجد حدود لما يمكن شرحه من خلال مظهر الجسد. والبيولوجيا تتغير بصعوبة؛ إنها أشبه بمزيج من الهايدرا والفينيكس للأساطير اليونانية. |
| + | علم الأحياء يحتوى على طفرات بشكل دائم ولكنه غير قابل للتغيير. أخيرًا، النقطة الأكثر أهمية هي أن الجندر ليس مبني إجتماعيًا ولكن البيولوجيا نفسها هي مبنية اجتماعيًا ولذلك فهي غير منفصلة عن الاجتماعي. |
| + | الطريقة التي تعمل بها مفاهيم الفئات الجنسية والجندرية في الخطاب النسوي كانت منطلقة من افتراض أنه من الممكن فصل المفاهيم البولوجية عن الاجتماعية وتعميمهم بشكل عالمي. ولذلك كان يتم تقديم الجنس (البيولوجي) باعتباره الفئة الطبيعية، بينما يتم تقديم الجندر باعتباره البناء الاجتماعي للفئات الطبيعية. ولكن، لاحقًا، أصبح جليًا أن الجنس (البيولوجي) نفسه يحتوى على عناصر من البنائية. |
| + | فيما بعد، في العديد من الكتابات النسوية، قُدم الجنس البيولوجي باعتباره القاعدة بينما الجندر باعتباره البنية الفوقية. بالرغم من تلك الجهودات لفصل الإثنين، فإن التفرقة ما بين الجنس البيولوجي والجندر شئ مضلل (زائف). في المفهوم الغربي، الجندر لا يستطيع التواجد بدون الجنس البيولوجي حيثُ أن الجسد هو أحد أسس الفئتين. بالرغم من تفوق البنيوية الاجتماعية النسوية، التي تتخذ نهجًا اجتماعيًا حاسمًا لتحليل المجتمع، فإن أساسية البيولوجيا، إن لم تكن اختزاليتها، لا تزال مركز الخطابات الجندرية، تمامًا كما هي مركز كل النقاشات الاجتماعية الأخرى في الغرب. |
| + | |
| + | |
| + | وبالرغم من ذلك، فكرة أن الجندر مبني إجتماعيًا هي فكرة ذات معنى من منظور عابر للثقافات. في واحد من النصوص النسوية الأولى، التي دافعت عن أطروحة البنيوية وعن حاجتها لمحاججة عابرة للثقافات، كتبت سوزان جي كيسلر وويندي ماكينا : |
| + | "برؤية الجندر كبناء اجتماعي، يصبح من الممكن أن نرى أوصاف ثقافات أخرى كدليل على وجود بدائل ومفاهيم واقعية لمعنى أن يكون الشخص رجل أو امرأة." ولكن،للمفارقة، نجد أن عالمية اضطهاد النساء هو الإفتراض الجوهري للنظرية النسوية. الفكرتان متضادتان. |
| + | إن العالمية المنسوية للثنائية الجندرية الغير متعادلة تفضل البيولوجيا كعنصر أساسي، بدلًا من الثقافة، باعتبار أن التشريح الإنساني عالميًا، في حين أن الثقافات تتحدث بأصوات لا حصر لها. القول بأن الجندر هو مبني اجتماعيًا يعني أن المعايير التي تصنع من البشر رجالًا ونساءً تختلف باختلاف الثقافات. إذا كان الأمر كذلك، إذًا فإن ذلك يتحدى القول بأن هناك إلزامًا بيولوجيًا في العمل. من هذا المنطلق إذًا، فالفئات الجندرية متغيرة، وبذلك فالجندر يصبح غير طبيعي. |
| + | |
| + | |
| + | في الحقيقة، إن تقديم فئة النساء في الخطابات النسوية كفئة متجانسة، ومحددة تشريحيًا، وتصويرها دائمًا كفئة بلا قوة وكضحية، لا يعكس حقيقة أن العلاقات الجندرية مبنية إجتماعيًا، ولذلك فهي (تُرى كفئة) مبنية على أسس تاريخية ومترابطة ثقافيًا. إذا كان الجندر مبني إجتماعيًا، إذًا فإنه لا يمكن أن يكون الشئ ذاته باختلاف الأزمنة والأماكن. إذا كان الجندر مبني إجتماعيًا، إذًا فعلينا دراسة المواقع الثقافية/ البنائية المختلفة التي تم بنائه فيها، وعلينا الإعتراف أن الفاعلين الموجودين في أماكن مختلفة (المجتمعات، المجموعات والأطراف العنية) كانوا جزءً من بنائه. |
| + | يجب أن نعترف أيضًا أنه إذا كان الجندر مبني إجتماعيًا، فهناك إذًا وقت محدد (في ثقافات/ مواقع بنائية مختلفة) تم بناؤه فيه، بالتالي كان هناك وقت سابق لم يكن موجود فيه. وبذلك، الجندر، باعتباره بناء إجتماعي، هو أيضًا ظاهرة تاريخية وثقافية. مما يترتب عليه، منطقية افتراض أنه في بعض المجتمعات لم توجد الحاجة للبنية الجندرية من الأساس. |
| + | من منظور عابر للثقافات، تكمن أهمية تلك الملاحظة في عدم قدرة أي شخص على افتراض التنظيم الاجتماعي لأي ثقافة (بما في ذلك الغرب المهيمن) باعتباره عالمي أو اعتبار تفسيرات تجارب ثقافة معينة شارحة لثقافة أخرى. من ناحية، على مستوى عام وشامل، فبنائية الجندر تفتح إمكانية تغييره. وعلى ناحية أخرى، على المستوى المحلي – أي ضمن حدود أي ثقافة محددة- فالجندر متغير فقط إذا كان مبني إجتماعيًا على هذا النحو. |
| + | نظرًا لأن الفئات الجندرية في المجتمعات الغربية، مثلها مثل كل الفئات الاجتماعية الأخرى، مبنية على عناصر بيولوجية، فيصبح تغييرها موضع للتساؤل. المنطق الثقافي للفئات الاجتماعية الغربية مؤسس على الحتمية البيولوجية كأيديولوجيا: تصور أن البيولوجيا توفر المنطق للتنظيم الإجتماعي العالمي. ولذلك، كما أشرت سابقًا، هذا المنطق الثقافي هو منطق بيولوجي. |
| + | |
| | | |
| ==الأختية المهيمنة: "النسوية" و"الآخر" بالنسبة لها== | | ==الأختية المهيمنة: "النسوية" و"الآخر" بالنسبة لها== |