سطر 18: |
سطر 18: |
| ==الأنظمة الاجتماعية والبيولوجيا: طبيعية أم مبنية؟== | | ==الأنظمة الاجتماعية والبيولوجيا: طبيعية أم مبنية؟== |
| | | |
− | فكرة أن الجندر هو بناء اجتماعي- أي أن الفروقات بين الذكور والإناث موجودة في الممارسات الإجتماعية وليست في الحقائق البيولوجية- كانت فكرة مهمة نشأت في أوائل الكتابات الفكرية للموجة النسوية الثانية. | + | فكرة أن ال[[جندر]] هو بناء اجتماعي - أي أن الفروقات بين الذكور والإناث موجودة في الممارسات الإجتماعية وليست في الحقائق البيولوجية - كانت فكرة مهمة نشأت في أوائل الكتابات الفكرية [[موجة نسوية ثانية | للموجة النسوية الثانية]]. |
− | أتفهم إعتبار ذلك الإستنتاج راديكاليًا في ظل ثقافة يُنظر فيها إلى الاختلاف، تحديدًا الاختلاف الجندري، باعتباره طبيعيًا، وبالتالي مُحَدَد بيولوجيًا. الجندر كبناء إجتماعي أصبح حجر الأساس في الكثير من الخطابات النسوية. | + | |
− | كانت الفكرة جذابة بشكل خاص، لأن تفسيرها كان يعني أن الفروقات الجندرية ليست محددة بالطبيعة، ولكنها متغيرة وبالتالي قابلة للتغيير. هذا بدوره أدى إلي التعارض بين البنائية الاجتماعية وبين الحتمية البيولوجية، كما لو كانا حصريين بشكل متبادل. | + | أتفهم إعتبار ذلك الإستنتاج راديكاليًا في ظل ثقافة يُنظر فيها إلى الاختلاف، تحديدًا الاختلاف الجندري، باعتباره طبيعيًا، وبالتالي مُحَدَد بيولوجيًا. الجندر كبناء إجتماعي أصبح حجر الأساس في الكثير من الخطابات ال[[نسوية]]. |
| + | كانت الفكرة جذابة بشكل خاص، لأن تفسيرها كان يعني أن الفروقات الجندرية ليست محددة بالطبيعة، ولكنها متغيرة وبالتالي قابلة للتغيير. هذا بدوره أدى إلي التعارض بين البنائية الاجتماعية وبين [[حتمية بيولوجية | الحتمية البيولوجية]]، كما لو كانا حصريين بشكل متبادل. |
| | | |
| | | |
سطر 27: |
سطر 28: |
| | | |
| | | |
− | بالرغم من ذلك، إن الرؤية البيولوجية المتأصلة في الفهم الغربي للإختلاف الاجتماعي ليست بالطبع عالمية. يمكن أن يكون للجدال النسوي حول طبيعية أو بنائية الأدوار والهويات الاجتماعية معنى في إطار ثقافي تُرى فيه الفئات الاجتماعية على أنها لا تمتلك منطقًا مستقلًا خاص بها. لقد تطور هذا النقاش نتيجة لبعض المشاكل، ولذلك، فمن المنطقي عدم وجوده في مجتمعات لا توجد فيها تلك المشاكل. ولكن، بسبب الامبريالية، تم تعميم هذا النقاش في ثقافات أخرى، والأثر الفوري لذلك كان حقن المشكلات الغربية في أماكن لم تكن تلك المشكلات موجودة فيها بالأساس. وحتى مع ذلك، هذا النقاش لا يأخذنا بعيدًا لفهم المجتمعات التي لا تعتبر فيها الأدوار والهويات الاجتماعية متأًصلة في البيولوجيا. وبنفس الإشارة، في ثقافات حيثُ حاسة البصر ليست متميزة، وحيثُ الجسد لا يُرى باعتباره مخطط إجتماعيًا، لا يمكن للاستشهادات (التفسيرات) البيولوجية أن تكون مُصيبة، لأن تلك التفسيرات لا تحمل ثقل كبير في النظام الاجتماعي. كثرة الفئات المبنية اجتماعيًا في الغرب يمكنه أن يطرح تغير دائم في تلك الفئات، ولكن يمكنه أن يدعو لعدد لا نهائي من البنايات البيولوجية – حيثُ لا يوجد حدود لما يمكن شرحه من خلال مظهر الجسد. والبيولوجيا تتغير بصعوبة؛ إنها أشبه بمزيج من هايدرا وفينيكس الأساطير اليونانية. فعلم الأحياء يحتوى على طفرات بشكل دائم ولكنه غير قابل للتغيير. أخيرًا، النقطة الأكثر أهمية ليست بنائية الجندر الاجتماعية بل بنائيةالبيولوجيا الاجتماعية، ولذلك فالبيولوجيا غير منفصلة عن (الواقع) الاجتماعي. | + | بالرغم من ذلك، إن الرؤية البيولوجية المتأصلة في الفهم الغربي للإختلاف الاجتماعي ليست بالطبع عالمية. يمكن أن يكون للجدال النسوي حول طبيعية أو بنائية الأدوار والهويات الاجتماعية معنى في إطار ثقافي تُرى فيه الفئات الاجتماعية على أنها لا تمتلك منطقًا مستقلًا خاص بها. لقد تطور هذا النقاش نتيجة لبعض المشاكل، ولذلك، فمن المنطقي عدم وجوده في مجتمعات لا توجد فيها تلك المشاكل. ولكن، بسبب الامبريالية، تم تعميم هذا النقاش في ثقافات أخرى، والأثر الفوري لذلك كان حقن المشكلات الغربية في أماكن لم تكن تلك المشكلات موجودة فيها بالأساس. وحتى مع ذلك، هذا النقاش لا يأخذنا بعيدًا لفهم المجتمعات التي لا تعتبر فيها الأدوار والهويات الاجتماعية متأًصلة في البيولوجيا. وبنفس الإشارة، في ثقافات حيثُ حاسة البصر ليست متميزة، وحيثُ الجسد لا يُرى باعتباره مخطط إجتماعيًا، لا يمكن للاستشهادات (التفسيرات) البيولوجية أن تكون مُصيبة، لأن تلك التفسيرات لا تحمل ثقل كبير في النظام الاجتماعي. كثرة الفئات المبنية اجتماعيًا في الغرب يمكنه أن يطرح تغير دائم في تلك الفئات، ولكن يمكنه أن يدعو لعدد لا نهائي من البنايات البيولوجية – حيثُ لا يوجد حدود لما يمكن شرحه من خلال مظهر الجسد. والبيولوجيا تتغير بصعوبة؛ إنها أشبه بمزيج من هايدرا وفينيكس الأساطير اليونانية. فعلم الأحياء يحتوى على طفرات بشكل دائم ولكنه غير قابل للتغيير. أخيرًا، النقطة الأكثر أهمية ليست بنائية الجندر الاجتماعية بل بنائيةالبيولوجيا الاجتماعية، ولذلك فالبيولوجيا غير منفصلة عن (الواقع) الاجتماعي. |
| | | |
| | | |
سطر 34: |
سطر 35: |
| | | |
| | | |
− | وبالرغم من ذلك، فكرة أن الجندر مبني إجتماعيًا هي فكرة ذات معنى من منظور عابر للثقافات. في واحد من النصوص النسوية الأولى، التي دافعت عن أطروحة البنائية وعن حاجتها لمحاججة عابرة للثقافات، كتبت سوزان جي كيسلر وويندي ماكينا : | + | وبالرغم من ذلك، فكرة أن الجندر مبني إجتماعيًا هي فكرة ذات معنى من منظور عابر للثقافات. في واحد من النصوص النسوية الأولى، التي دافعت عن أطروحة البنائية وعن حاجتها لمحاججة عابرة للثقافات، كتبت [[سوزان جي كيسلر]] و[[ويندي ماكينا]]: |
| "برؤية الجندر كبناء اجتماعي، يصبح من الممكن أن نرى أوصاف ثقافات أخرى كدليل على وجود بدائل ومفاهيم واقعية لمعنى أن يكون الشخص رجل أو امرأة."<ref>[Kessler and McKenna, Gender.].</ref> ولكن، للمفارقة، نجد أن عالمية اضطهاد النساء هو الإفتراض الجوهري للنظرية النسوية. الفكرتان متضادتان. | | "برؤية الجندر كبناء اجتماعي، يصبح من الممكن أن نرى أوصاف ثقافات أخرى كدليل على وجود بدائل ومفاهيم واقعية لمعنى أن يكون الشخص رجل أو امرأة."<ref>[Kessler and McKenna, Gender.].</ref> ولكن، للمفارقة، نجد أن عالمية اضطهاد النساء هو الإفتراض الجوهري للنظرية النسوية. الفكرتان متضادتان. |
− | إن العالمية المنسوية للثنائية الجندرية الغير متعادلة<ref> تعليق المترجمة: لم أجد ترجمة مماثلة لكلمة asymmetry ولذلك استخدمت الثنائية الجندرية غير المتعادلة وما تقصده الكاتبة بذلك هو ميل الغرب لتقسيم المجتمعات البشرية لفئتين محددتين وهما النساء والرجال، وغالبًا ما تضع النظريات تلك الفئات في مقابل بعضها البعض، من حيث الصفات والتوقعات الاجتماعية لسلوك الفرد، وللتشريح البيولوجي.</ref> تفضل البيولوجيا كعنصر أساسي، بدلًا من الثقافة، باعتبار أن التشريح الإنساني عالميًا، في حين أن الثقافات تتحدث بأصوات لا حصر لها. القول بأن الجندر هو مبني اجتماعيًا يعني أن المعايير التي تصنع من البشر رجالًا ونساءً تختلف باختلاف الثقافات. إذا كان الأمر كذلك، إذًا فإن ذلك يتحدى القول بأن هناك إلزامًا بيولوجيًا في العمل. من هذا المنطلق، فالفئات الجندرية متغيرة، وبذلك فالجندر يصبح غير طبيعي. | + | إن العالمية المنسوية [[ثنائية جندرية | للثنائية الجندرية]] الغير متعادلة<ref> تعليق المترجمة: لم أجد ترجمة مماثلة لكلمة asymmetry ولذلك استخدمت الثنائية الجندرية غير المتعادلة وما تقصده الكاتبة بذلك هو ميل الغرب لتقسيم المجتمعات البشرية لفئتين محددتين وهما النساء والرجال، وغالبًا ما تضع النظريات تلك الفئات في مقابل بعضها البعض، من حيث الصفات والتوقعات الاجتماعية لسلوك الفرد، وللتشريح البيولوجي.</ref> تفضل البيولوجيا كعنصر أساسي، بدلًا من الثقافة، باعتبار أن التشريح الإنساني عالميًا، في حين أن الثقافات تتحدث بأصوات لا حصر لها. القول بأن الجندر هو مبني اجتماعيًا يعني أن المعايير التي تصنع من البشر رجالًا ونساءً تختلف باختلاف الثقافات. إذا كان الأمر كذلك، إذًا فإن ذلك يتحدى القول بأن هناك إلزامًا بيولوجيًا في العمل. من هذا المنطلق، فالفئات الجندرية متغيرة، وبذلك فالجندر يصبح غير طبيعي. |
| | | |
| | | |
سطر 45: |
سطر 46: |
| | | |
| ==الأختية المهيمنة: "النسوية" و"الآخر" بالنسبة لها== | | ==الأختية المهيمنة: "النسوية" و"الآخر" بالنسبة لها== |
− | من منظور عابر للثقافات، فإن الآثار الملحقة بالمنطق البيولوجي الغربي ذات مدى واسع، عندما نضع في الاعتبار حقيقة أن أصل البنى الجندرية في النظرية النسوية هو غربي، حيثُ يُرى الرجال والنساء كمتضادين ويُصوروا كأجساد تشكل فئات اجتماعية محددة جينيًا.<ref> تعليق الكاتبة: في عنوان هذا القسم، إستخدمت مصطلح "Sisterarchy"(ترجمته الأختية المهيمنة)، في إشارة للمزاعم القائمة على أسس قوية ضد النسويات الغربيات من قِبَل العديد من النسويات الأفريقيات والأسيويات واللاتينيات، تفيد تلك المزاعم بأنه بالرغم من فكرة "عالمية الأختية" إلا أنالنسويات الغربيات تحتل قمة تراتبية الأختية؛ ولذلك فهي "الأختية المهيمنة".إستخدمت نكيريو نزيجو (Nkiru Nzegwu في ورقتها ""O Africa: Gender Imperialism in Academia," in African Women and feminism: Reflecting on the Politics of Sisterhood".</ref> إذًا، فالسؤال هنا: على أي أساس يمكن لمفاهيم الغرب عن الفئات (الاجتماعية) أن تكون قابلة للتصدير أو النقل لثقافات أخرى لديها منطق إجتماعي مختلف؟ يُطرح هذا التساؤل لأنه بالرغم من البصيرة النافذة للبنائية الإجتماعية للجندر، فالطريقة التي تُستخدم بها المعلومات العابرة للثقافات من قِبل الكثير من الكاتبات النسويات تقوِّض فكرة أن الثقافات المختلفة يمكنها بناء (خلق) الفئات الاجتماعية بطريقة مختلفة. لسبب واحد؛ فلو الثقافات المختلفة تبني (تخلق) بالضرورة الجندر –كما تطرح النسوية- إذًا ففكرة أن الجندر بناء إجتماعي لا يمكنها أن تكون فكرة مستدامة. | + | من منظور عابر للثقافات، فإن الآثار الملحقة بالمنطق البيولوجي الغربي ذات مدى واسع، عندما نضع في الاعتبار حقيقة أن أصل البنى الجندرية في [[نظرية نسوية | النظرية النسوية]] هو غربي، حيثُ يُرى الرجال والنساء كمتضادين ويُصوروا كأجساد تشكل فئات اجتماعية محددة جينيًا.<ref> تعليق الكاتبة: في عنوان هذا القسم، إستخدمت مصطلح "Sisterarchy"(ترجمته الأختية المهيمنة)، في إشارة للمزاعم القائمة على أسس قوية ضد النسويات الغربيات من قِبَل العديد من النسويات الأفريقيات والأسيويات واللاتينيات، تفيد تلك المزاعم بأنه بالرغم من فكرة "عالمية الأختية" إلا أنالنسويات الغربيات تحتل قمة تراتبية الأختية؛ ولذلك فهي "الأختية المهيمنة".إستخدمت نكيريو نزيجو (Nkiru Nzegwu في ورقتها ""O Africa: Gender Imperialism in Academia," in African Women and feminism: Reflecting on the Politics of Sisterhood".</ref> إذًا، فالسؤال هنا: على أي أساس يمكن لمفاهيم الغرب عن الفئات (الاجتماعية) أن تكون قابلة للتصدير أو النقل لثقافات أخرى لديها منطق إجتماعي مختلف؟ يُطرح هذا التساؤل لأنه بالرغم من البصيرة النافذة للبنائية الإجتماعية للجندر، فالطريقة التي تُستخدم بها المعلومات العابرة للثقافات من قِبل الكثير من الكاتبات النسويات تقوِّض فكرة أن الثقافات المختلفة يمكنها بناء (خلق) الفئات الاجتماعية بطريقة مختلفة. لسبب واحد؛ فلو الثقافات المختلفة تبني (تخلق) بالضرورة الجندر –كما تطرح النسوية- إذًا ففكرة أن الجندر بناء إجتماعي لا يمكنها أن تكون فكرة مستدامة. |
| | | |
| | | |
سطر 51: |
سطر 52: |
| | | |
| | | |
− | تُفرَض الأفكار الغربية عندما يتم تضمين الفئات الاجتماعية الغير غربية في الإطار الجندري الذي نشأ في سياق اجتماعي وتاريخي وفلسفي محدد. كمثال على ذلك، اعتبار ما سُمي ب "الجندر الثالث"<ref name="Lorber"> Lorber, Paradoxes of Gender, 17-18</ref> أو "الجندرات البديلة"<ref name="Lorber" /> في عدد من الثقافات الغير غربية اكتشاف. حقيقة تصوير "زواج المرأة الإفريقية"<ref> See Ifi Amadiume, Male Daughters, Female Husbands: Gender and Sex in an African Society (London: Zed Books, 1987), for an account of this institution in Igboland of southeastern Nigeria. See also Melville J. Herskovitz, "A Note on 'Woman Marriage' in Dahomey," Africa 10 (1937): 335-41, for an earlier allusion to its wide occurrence in Africa. </ref> و "برداش" <ref>Kessler and McKenna, Gender, 24-36. </ref>الأمريكيين الأصليين و "هيجرا"<ref>Serena Nanda, "Neither Man Nor Woman: The Hijras of India," in Gender in Cross-cultural Perspective," ed. Caroline Brettell and Carolyn Sargent (Englewood Cliffs, N.J.: Prentice Hall, 1993). </ref> جنوب آسيا على أنها فئات جندرية يدمجمهم في المنطق الغربي القائم على البيولوجيا وفي الأطر المجندرة، بدون شرح تواريخهم الاجتماعية والثقافية وبناياتهم الاجتماعية الخاصة. هنا وجب طرح عدد من الأسئلة وثيقة الصلة بالموضوع. هل تُرى تلك الفئات كفئات مُجندرة في الثقافات موضع التساؤل؟ أي منظور هو الذي اعتبرهم مجندرين؟ في الحقيقة، حتى مدى صوابية تسميتهم بال "جندر الثالث" هي موضع للتساؤل أيضًا، حيثُ أن النظام الثقافي الغربي، الذي يستخدم البيولوجيا لفهم خريطة الواقع (النظام) الاجتماعي، يحول دون إمكانية وجود أكثر من جندرين، لأن الجندر هو المعنى الاجتماعي للثنائية الجنسية للجسد الإنساني. في الخمسة وعشرين سنة الماضية، حُدد مسار الخطاب النسوي من خلال البيئة الثقافية الغربية واكتشافاتها وتطوراتها. | + | تُفرَض الأفكار الغربية عندما يتم تضمين الفئات الاجتماعية الغير غربية في الإطار الجندري الذي نشأ في سياق اجتماعي وتاريخي وفلسفي محدد. كمثال على ذلك، اعتبار ما سُمي ب "[[جندر ثالث | الجندر الثالث]]"<ref name="Lorber"> Lorber, Paradoxes of Gender, 17-18</ref> أو "الجندرات البديلة"<ref name="Lorber" /> في عدد من الثقافات الغير غربية اكتشاف. حقيقة تصوير "زواج المرأة الإفريقية"<ref> See Ifi Amadiume, Male Daughters, Female Husbands: Gender and Sex in an African Society (London: Zed Books, 1987), for an account of this institution in Igboland of southeastern Nigeria. See also Melville J. Herskovitz, "A Note on 'Woman Marriage' in Dahomey," Africa 10 (1937): 335-41, for an earlier allusion to its wide occurrence in Africa. </ref> و "برداش" <ref>Kessler and McKenna, Gender, 24-36. </ref>الأمريكيين الأصليين و "هيجرا"<ref>Serena Nanda, "Neither Man Nor Woman: The Hijras of India," in Gender in Cross-cultural Perspective," ed. Caroline Brettell and Carolyn Sargent (Englewood Cliffs, N.J.: Prentice Hall, 1993). </ref> جنوب آسيا على أنها فئات جندرية يدمجمهم في المنطق الغربي القائم على البيولوجيا وفي الأطر المجندرة، بدون شرح تواريخهم الاجتماعية والثقافية وبناياتهم الاجتماعية الخاصة. هنا وجب طرح عدد من الأسئلة وثيقة الصلة بالموضوع. هل تُرى تلك الفئات كفئات مُجندرة في الثقافات موضع التساؤل؟ أي منظور هو الذي اعتبرهم مجندرين؟ في الحقيقة، حتى مدى صوابية تسميتهم بال "جندر الثالث" هي موضع للتساؤل أيضًا، حيثُ أن النظام الثقافي الغربي، الذي يستخدم البيولوجيا لفهم خريطة الواقع (النظام) الاجتماعي، يحول دون إمكانية وجود أكثر من جندرين، لأن الجندر هو المعنى الاجتماعي للثنائية الجنسية للجسد الإنساني. في الخمسة وعشرين سنة الماضية، حُدد مسار الخطاب النسوي من خلال البيئة الثقافية الغربية واكتشافاتها وتطوراتها. |
| | | |
| | | |
− | وبالتالي، في بدايات الموجة النسوية الثانية في أوروبا وأمريكا، كان الجنس البيولوجي يعتبر كمجموع الحقائق البيولوجية للأجساد الذكورية والأنثوية، وكان الجندر يعتبر ما يترتب اجتماعيًا على تلك الحقائق. في الحقيقة، إفتُرض أن كل مجتمع لديه نظام جنسي/ جندري.<ref>Gayle Rubin, "The Traffic in Women," in Toward an Anthropology of Women, ed. Rayna R. Reiter (New York: Monthly Review Press, 1975). </ref> والنقطة الأكثر أهمية هي أن الجنس البيولوجي والجندر مرتبطين بشكل معقد. مع مرور الوقت، أًصبح الجنس البيولوجي يُفهم باعتباره القاعدة والجندر باعتباره البنية الفوقية. ومع ذلك، في وقت لاحق، بعد الكثير من النقاشات أصبح الجنس البيولوجي نفسه يُرى كبناء إجتماعي. | + | وبالتالي، في بدايات الموجة النسوية الثانية في أوروبا وأمريكا، كان ال[[جنس]] البيولوجي يعتبر كمجموع الحقائق البيولوجية للأجساد الذكورية والأنثوية، وكان الجندر يعتبر ما يترتب اجتماعيًا على تلك الحقائق. في الحقيقة، إفتُرض أن كل مجتمع لديه نظام جنسي/ جندري.<ref>Gayle Rubin, "The Traffic in Women," in Toward an Anthropology of Women, ed. Rayna R. Reiter (New York: Monthly Review Press, 1975). </ref> والنقطة الأكثر أهمية هي أن الجنس البيولوجي والجندر مرتبطين بشكل معقد. مع مرور الوقت، أًصبح الجنس البيولوجي يُفهم باعتباره القاعدة والجندر باعتباره البنية الفوقية. ومع ذلك، في وقت لاحق، بعد الكثير من النقاشات أصبح الجنس البيولوجي نفسه يُرى كبناء إجتماعي. |
− | كتبت كيسلر وماكينا، وهم أحد أوائل الفرق البحثية في هذا المجال: | + | كتبت [[كيسلر وماكينا]]، وهم أحد أوائل الفرق البحثية في هذا المجال: |
| <Blockquote> | | <Blockquote> |
| "نستخدم مصطلح جندر، بدلًا من جنس بيولوجي، للإشارة إلى الجوانب البيولوجية المرتبطة بكون الفرد امرأة (بنت) أو رجل (ولد). هذا يساعدنا على التأكيد على موقفنا بأن عنصر البنائية الاجتماعية أساسي في كل جوانب الوجود الذكوري والأنثوي".<ref>Kessler and McKenna, Gender, 7; Laqueur, Making Sex.</ref> | | "نستخدم مصطلح جندر، بدلًا من جنس بيولوجي، للإشارة إلى الجوانب البيولوجية المرتبطة بكون الفرد امرأة (بنت) أو رجل (ولد). هذا يساعدنا على التأكيد على موقفنا بأن عنصر البنائية الاجتماعية أساسي في كل جوانب الوجود الذكوري والأنثوي".<ref>Kessler and McKenna, Gender, 7; Laqueur, Making Sex.</ref> |
| </blockquote> | | </blockquote> |
| | | |
− | بعد حوالي خمسة عشر عامًا، أشارت جوديث باتلر للترابط مابين الجنس البيولوجي والجندر بشكل أكثر قوة وكتبت: | + | بعد حوالي خمسة عشر عامًا، أشارت [[جوديث باتلر]] للترابط مابين الجنس البيولوجي والجندر بشكل أكثر قوة وكتبت: |
| <Blockquote> | | <Blockquote> |
| "ليس هناك معنى، إذًا، في تعريف الجندر باعتباره المعنى الثقافي (الاجتماعي) للجنس البيولوجي، إذا كان الجنس البيولوجي نفسه فئة مجندرة. لا ينبغي أن يُرى الجندر باعتباره المعنى المنقوش ثقافيًا لسطح مُعطى ومُعرف مسبقًا (مفهوم قانوني)؛ ينبغي أن يُرى الجندر أيضًا كنظام الإنتاج الذي ينشأ الجنسين (البيولوجيين) بواسطته. كنتيجة لذلك، الجندر ليس ثقافيًا والجنس البيولوجي ليس طبيعيًا؛ بل الجندر هو الوسيلة الخطابية/ الثقافية التي تنتج "الطبيعة المُجَنَسة" أو "الجنس الطبيعي"".<ref>Judith Butler, Gender Trouble: Feminism and the Subversion of Identity (New York: Routledge, 1990), 7. </ref> | | "ليس هناك معنى، إذًا، في تعريف الجندر باعتباره المعنى الثقافي (الاجتماعي) للجنس البيولوجي، إذا كان الجنس البيولوجي نفسه فئة مجندرة. لا ينبغي أن يُرى الجندر باعتباره المعنى المنقوش ثقافيًا لسطح مُعطى ومُعرف مسبقًا (مفهوم قانوني)؛ ينبغي أن يُرى الجندر أيضًا كنظام الإنتاج الذي ينشأ الجنسين (البيولوجيين) بواسطته. كنتيجة لذلك، الجندر ليس ثقافيًا والجنس البيولوجي ليس طبيعيًا؛ بل الجندر هو الوسيلة الخطابية/ الثقافية التي تنتج "الطبيعة المُجَنَسة" أو "الجنس الطبيعي"".<ref>Judith Butler, Gender Trouble: Feminism and the Subversion of Identity (New York: Routledge, 1990), 7. </ref> |
سطر 95: |
سطر 96: |
| فكما يظهر بوضوح تفضيل الغرب للبصر على جميع الحواس الأخرى، يمكن أيضاً عرض هيمنة السمع في يوروبالاند. | | فكما يظهر بوضوح تفضيل الغرب للبصر على جميع الحواس الأخرى، يمكن أيضاً عرض هيمنة السمع في يوروبالاند. |
| | | |
− | في ورقة مثيرة للاهتمام، بعنوان "عين العقل"، تطرح المنظرتان النسويتان إيفيلين فوكس كيللر وكريستين جرونتمووسكي تلك الملاحظة | + | في ورقة مثيرة للاهتمام، بعنوان "عين العقل"، تطرح المنظرتان النسويتان [[إيفيلين فوكس كيللر]] و[[كريستين جرونتمووسكي]] تلك الملاحظة |
| <Blockquote> | | <Blockquote> |
| "نحن (الأوروبيون الأميريكيون) نتحدث عن المعرفة كالإنارة، أن تعرف يعني أن ترى، وأن الحقيقة كالنور. كيف لهذا أن يحدث، إذا أمكننا التساؤل، أن تصبح الرؤية هي المثال المقترن بالمعرفة؟ كيف قبلنا بذلك على هذا النحو، وكيف أثرت تلك الاستعارة على إدراكنا للمعرفة؟"<ref name="Evelyn">Evelyn Fox Keller and Christine Grontkowski, "The Mind's Eye," in Discovering Reality: Feminist Perspectives on Epistemology, Metaphysics, Methodology, and Philosophy of Science, ed. Sandra Harding and Merrill B. Hintikka (Boston: Reidel, 1983), 208. </ref> | | "نحن (الأوروبيون الأميريكيون) نتحدث عن المعرفة كالإنارة، أن تعرف يعني أن ترى، وأن الحقيقة كالنور. كيف لهذا أن يحدث، إذا أمكننا التساؤل، أن تصبح الرؤية هي المثال المقترن بالمعرفة؟ كيف قبلنا بذلك على هذا النحو، وكيف أثرت تلك الاستعارة على إدراكنا للمعرفة؟"<ref name="Evelyn">Evelyn Fox Keller and Christine Grontkowski, "The Mind's Eye," in Discovering Reality: Feminist Perspectives on Epistemology, Metaphysics, Methodology, and Philosophy of Science, ed. Sandra Harding and Merrill B. Hintikka (Boston: Reidel, 1983), 208. </ref> |
سطر 110: |
سطر 111: |
| </blockquote> | | </blockquote> |
| | | |
− | وبالتالي، افتراض وتناول كل ما يتعلق بـ"الأبوية" و "النساء" باعتبارها مفاهيم عالمية في الكثير من الكتابات النسوية، يعكس مركزية عرقية ويظهر هيمنة الغرب على المجموعات الثقافية الأخرى.<ref>See Amadiume, Male Daughters; and Valerie Amos and Pratibha Parma, "Challenging Imperial Feminism," Feminist Review (July 1984): 3-20. </ref> يُعد ظهور الأبوية كشكل للتنظيم الاجتماعي في التاريخ الغربي مرهونًا بالتفرقة ما بين أجساد الذكور والنساء، والاختلاف المتجذر في الرؤية، الاختلاف الذي لا يمكن اختزاله في البيولوجيا والذي يجب أن يُفهم على أنه مبني في إطار حقائق تاريخية واجتماعية معينة. | + | وبالتالي، افتراض وتناول كل ما يتعلق ب"الأبوية" و"النساء" باعتبارها مفاهيم عالمية في الكثير من الكتابات النسوية، يعكس مركزية عرقية ويظهر هيمنة الغرب على المجموعات الثقافية الأخرى.<ref>See Amadiume, Male Daughters; and Valerie Amos and Pratibha Parma, "Challenging Imperial Feminism," Feminist Review (July 1984): 3-20. </ref> يُعد ظهور الأبوية كشكل للتنظيم الاجتماعي في التاريخ الغربي مرهونًا بالتفرقة ما بين أجساد الذكور والنساء، والاختلاف المتجذر في الرؤية، الاختلاف الذي لا يمكن اختزاله في البيولوجيا والذي يجب أن يُفهم على أنه مبني في إطار حقائق تاريخية واجتماعية معينة. |
| أنا لا أقول أن الفئات الجندرية يجب أن تكون مقتصرة على التصور الغربي بالضرورة، خاصةً في الوقت الراهن. ولكني أقترح أن تكون النقاشات حول الفئات الاجتماعية مبنية ومُعرفة من خلال الوسط المحلي، بدلاً من كونها مبنية على نتائج "عالمية" تم التوصل إليها في الغرب. | | أنا لا أقول أن الفئات الجندرية يجب أن تكون مقتصرة على التصور الغربي بالضرورة، خاصةً في الوقت الراهن. ولكني أقترح أن تكون النقاشات حول الفئات الاجتماعية مبنية ومُعرفة من خلال الوسط المحلي، بدلاً من كونها مبنية على نتائج "عالمية" تم التوصل إليها في الغرب. |
− | تساءل عدد من الباحثات النسويات حول عالمية النظام الأبوي. فعلى سبيل المثال، كتبت محررات كتاباً عن نساء الهوسا في شمال نيجيريا ذكرن فيه. | + | تساءل عدد من الباحثات النسويات حول عالمية [[نظام أبوي | النظام الأبوي]]. فعلى سبيل المثال، كتبت محررات كتاباً عن نساء الهوسا في شمال نيجيريا ذكرن فيه. |
| <Blockquote> | | <Blockquote> |
| "إن الافتراض المسبق للثنائية الجندرية غير المتعادلة يشوش العديد من التحليلات، حيثُ أنه يحول دون استكشاف الجندر كمكون أساسي للعلاقات الاجتماعية، ولعدم المساواة ولعمليات الإنتاج واعادة الإنتاج وللأيديولوجيا."<ref>Catherine Coles and Beverly Mack, eds., Hausa Women in the Twentieth Century (Madison: University of Wisconsin Press, 1991), 6.</ref> | | "إن الافتراض المسبق للثنائية الجندرية غير المتعادلة يشوش العديد من التحليلات، حيثُ أنه يحول دون استكشاف الجندر كمكون أساسي للعلاقات الاجتماعية، ولعدم المساواة ولعمليات الإنتاج واعادة الإنتاج وللأيديولوجيا."<ref>Catherine Coles and Beverly Mack, eds., Hausa Women in the Twentieth Century (Madison: University of Wisconsin Press, 1991), 6.</ref> |