تغييرات

اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
اضافة الوثيقة و القالب و الوصلات الداخلية
{{بيانات_وثيقة
|نوع الوثيقة=تدوينة
|العنوان=
|مؤلف=نورة بنت الطلبة
|محرر=
|لغة=ar
|ترجمة=
|المصدر=نحو وعي نسوي
|تاريخ النشر=2020-04-10
|تاريخ الاسترجاع=2020-06-15
|مسار الاسترجاع=https://feministconsciousnessrevolution.wordpress.com/2020/04/10/هل-المرأة-كائن-ضعيف؟/
|نسخة أرشيفية=http://archive.vn/glmmr
|بالعربية=
|هل ترجمة=
|مترجم=
|لغة الأصل=
|العنوان الأصلي=
|تاريخ نشر الأصل=
|النص الأصلي=
|ملاحظة=
|قوالب فرعية=
}}


إذا تساءلنا عن أصل التسلط الرجولي أو ما يفضل أن يطلق عليه اصطلاحا بالفيرِيَرْكية viriarcat (الذكورية) المرسخة بفعل [[نظام أبوي|النظام الأبوي]] الذي و و التي تعطي للرجل السلطة على النساء بغض النظر عن كونه أباً أو لا.

[[تصنيف:تمييز جنسي]]
[[تصنيف:أنثروبولوجيا نسوية]]
يمكننا أن نتدرج بسهولة في التفسير المورفولوجي ( البنية الجسمية) البحت الذي يشرعن تلك السلطة .
تعتبر حجة الفروقات البيولوجية والجسمانية الحجة الأكثر بديهيةً، والأسرع تبادراً إلى الذهن و الأكثر تداولاً، في حين أنها الحجة الأقل نقاشاً.
حجة القوة الجسدية هي المعتمدة لإثبات دونية النساء التاريخية. كجواب على سؤال “لماذا قبلت النساء الخضوع للقوة [الذكورية؟” كُنا نسمع دائماً
“انهن لم يملكن الخيار حيث أنَّ الرجال كانوا أقوى بنية وأكبر حجماً”.

لا شك أن الرجال انتهزوا فرصة قوتهم الجسدية ليفرضوا نفوذهم، لكن هذا التبرير وحده ليس كافيًا لتفسير قرون من الهيمنة [[ذكورية|الذكورية]]، وذلك لسببين على الأقل السبب الأول هو أنَّ هذه الفوارق الخَلقية بين الجنسين ليست طبيعية وشاملة كما يظن البعض .
هذا بغض النظر عن العظام الحفرية الأولى التي تم اكتشافها للإنسان، والتي لا نلاحظ عليها أي فوارق في الطول ولا في القُطر ما بين الجنسين.
في الحقيقة يبدو أن الفرق الحجمي المتعلق بالجنس ظهر في مراحل لاحقة من تطور الإنسان و لم يكن نتيجة فوارق جينومية (وراثية صِبغية متعلقة بالجينات) بل نتيجة فوارق غذائية كما بينت الانتروبولوجية الفرنسية بريسيلا توراي Priscilla Touraille في منشورها “الرجال كبيرون، النساء صغيرات : تطور كلّف الكثير” في معظم الحضارات البشرية الطعام البروتيني كان مُخصصاً للأولاد الذكور و للرجال على مدى آلاف السنين، بينما البنات والنساء كنَّ يكتفين بالبقايا وبالحساء “النشا”، الفقيرين بالعناصر الغذائية الضرورية للنمو و التطور.
هذا النوع من سوء التغذية التمييزي هو ما يفسر لنا كيف أنَّ النساء والبنات كنَّ دائماً أول ضحايا المجاعات خاصة أنَّ [[دورة شهرية|الحيض]] والحمل يأخذان جزءاً كبيراً من الطاقة بالإضافة إلى ما يعانينه من آلام جسدية ناتجة عنهما.

وفي مراحل أخرى من تاريخ بعض المجتمعات نجد نوعاً آخر من اضطهاد النساء عن طريق الغذاء قد يبدو لنا مختلفاً في البداية و كأنه لصالح المرأة لكنه في الحقيقة أشد وطأة على حياة الفتاة والمرأة وهو الإجبار على الأكل بكميات كبيرة والذي كان يؤدي إلى إضعاف قوة المرأة الجسدية وقدرتها على الحركة وهذا جسدته ظاهرة : “البلوح” أو التسمين القسري للفتيات عند المجتمعات الموريتانية والصحراوية، الذي ارتبط في الكثير من الأدبيات بمعايير الجمال لكن هدفه في البداية كان سجن المرأة داخل جسمها للتحكم في حركتها، كالمثل الشعبي الذي يصف المرأة بأنها يجب أن تكون “كالنقطة في لودك” للدلالة على ارتباط الشحم بجمود الحركة، و هكذا يتم التحكم في أفعالها و سلوكياتها، وقوتها الجسدية.

وعليه فإن البنية الجسمية للمرأة هي نتيجة وليست سبباً في الاضطهاد و الدونية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الممارسة على النساء.
وهذا يعني أن التفوق الجسمي للذكر ليس طبيعياً تماماً ولا محتوماً ولا مستحيل التجاوز . من ناحية أخرى، كون بنية الرجل الجسمانية أقوى في المطلق أمر مشكوك فيه إذ يفترض أنه يستثني الذكور المولودين بعيوب خلقية أو بنية هشة و أمراض مختالة أو مقعدين. لكن رغم ذلك، يمنحهم النظام الذكوري كافة حقوقهم و مطلق السلطة حتى على نساء أقوى منهم جسديا.

أما السبب الثاني الذي يجعلنا لا يمكن أن نقبل بالتبرير الخَلقي لاضطهاد الإناث هو أنه حتى وإن كان الذكر يتميز منذ البداية بالبنية المورفولوجية الأقوى و بامتيازات عضلية، هل يكفي ذلك لتحويل المرأة تلقائيا إلى كائن مُطيعٍ، وَفِيٍ ومُحِبٍ ؟
هذه الفرضية مدعاة للشك .فإذا كان المضطهِد يريد المحافظة على مكانته كمُسيطر، آمرٍ ،ناهي… عليه أن يعتمد في ذلك على شيء آخر غير بنيته العضلية وحدها .
كما يقول جان جاك روسو في (العقد الاجتماعي):
<blockquote>
حتى أقوى الكائنات لا يكون قوياً بما يكفي ليصبح هو السيد الأبدي، إِنْ لم يُحوِّل قوته إلى حقٍ و الطاعة له إلى واجب
</blockquote>
لماذا؟ لأن عدوك الأضعف منك جسمياً يمكنه دائماً مُباغتتك بالحيلة، يُهاجمك من وراء ظهرك...
لذلك كان على المجموعات التي تريد فرض سيطرتها اللجوء لطرق أخرى من القوة. و لهذا كان عليها الاستعانة بالأيديولوجيا.
حيث تكون الطاعة في ذروتها عندما يُخَيل إلينا أننا نؤديها كواجب ديني مثلا. وهنا تكمن نقطة قوة الذكورية الحقيقية، حين اخترعت كوسمولوجيا ( خطاب عن نظام عالمي كوني) مكونة من نظام ديني، نظام سياسي و نظام أخلاقي يجعل من الذكر مركزا للكون .
وقد احتاج ذلك أجيالا من صنّاع الميثولوجيا لبناء كونٍ تظهر فيه عبودية المرأة على شكل عبادة و طاعة ومُهمة إلهية، بل وأكثر المهمات قداسة لأنها مهمة أزلية مقررة من الأعلى .
وهكذا بنى الرجل سيطرته على ايديولوجية ذكوريّة، مبنية بدورها على ميتافيزيقا جعلت منه هو ملك السماء وخليفة للآلهة في الأرض.
هذه العلية هي التي مكنته من بناء سردية محكمة وتبرير و تقنين أفضلية و تفوق الرجل المطلق على المرأة . لقد تكونت هذه الخديعة عبر آلاف السنين حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن : نظام ممنهج منطقي و متناسق يمتزج فيه الديني بالعلمي و بالسياسي، حتى أن النساء أنفسهن بِتن يعتقدن أنه الوحيد الممكن و يتبنينه كحقيقة لا بديل لها.
وقد شبه أخصائي علم النفس Bruno Bettelheim برونو باتلهايم في كتابه “القلب اليقظ ” هذه الحالة ب “قانون العبودية الإرادية “، حيث يرى أنه “كلما كان الإضطهاد مُطلقاً، كلما زاد ضعف الخاضعين له، وكلما زاد الإغراء باستعادة القوة المفقودة من خلال الإنصهار في النظام المُضطهِد و تقاسم قوته، لكن الثمن يكون الإعتراف الشامل بالقوة المضطهدة .بإختصار عليه أن يتخلى كلياً عن استقلاليته “.
وعليه فإن ضعف المرأة إذا لا يمكن تفسيره بدونيتها الجسمية وحدها بقدر ما يمكن تفسيره بسجنها داخل نظام بَنَاهُ الجنس الآخر ليكون هو المستفيد الوحيد منه .نظام وجدت نفسها سجينة فِيهِ لا تملك أدنى حق ولا قدرة على التحرر منه، حتى فكرياً وهو النظام الفيريركي ( الذكوري).
staff
108

تعديل

قائمة التصفح