تغييرات

اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لا يوجد ملخص تحرير
سطر 7: سطر 7:  
|قوالب
 
|قوالب
 
}}
 
}}
      
وافق مجلس الوزراء في الأيام الماضية على مشروع بتعديل قانون العقوبات وإدراج جريمة [[تحرش | التحرش]] بشكل صريح فيه. وبرغم وجود بعض النواقص في المشروع المقترح (كحصر تعريف التحرش على الملاحقة والتتبع، مع أن الكثير من التحرش اللفظي والجسدي لا يتطلب ذلك) إلا أن النص الجديد هو انتصار ليس ببسيط. ولكن المشكلة أنه حتى إذا تم تجريم التحرش بشكل واضح وصريح، فهي تبقى جريمة يشجع عليها المجتمع والدولة والقانون!
 
وافق مجلس الوزراء في الأيام الماضية على مشروع بتعديل قانون العقوبات وإدراج جريمة [[تحرش | التحرش]] بشكل صريح فيه. وبرغم وجود بعض النواقص في المشروع المقترح (كحصر تعريف التحرش على الملاحقة والتتبع، مع أن الكثير من التحرش اللفظي والجسدي لا يتطلب ذلك) إلا أن النص الجديد هو انتصار ليس ببسيط. ولكن المشكلة أنه حتى إذا تم تجريم التحرش بشكل واضح وصريح، فهي تبقى جريمة يشجع عليها المجتمع والدولة والقانون!
سطر 19: سطر 18:  
بل وربما يكون الأصح أن نقول أن تركيز مادة الاغتصاب ليس على جسد المرأة من الأصل، وهو ما يجعلها غير معنية على سبيل المثال بكشف العذرية فلا تعتبره اغتصاب، فتلك المادة تبدو أحياناً غير معنية بالعنف الجنسي و لكن بنتائج معينة تترتب على المواقعة الجنسية مثل اختلاط النسب وغيره.
 
بل وربما يكون الأصح أن نقول أن تركيز مادة الاغتصاب ليس على جسد المرأة من الأصل، وهو ما يجعلها غير معنية على سبيل المثال بكشف العذرية فلا تعتبره اغتصاب، فتلك المادة تبدو أحياناً غير معنية بالعنف الجنسي و لكن بنتائج معينة تترتب على المواقعة الجنسية مثل اختلاط النسب وغيره.
   −
*******
+
---
    
وإذا كان القانون يستعدي صورة معينة عن المرأة تجعلها أكثر سيطرة على جسدها، فإن أدوات الضغط التي يتم عادة تغيير القانون بها، وهي تحديداً المجتمع والدولة ليست بأفضل حالاً. فإذا كان مفهومنا عن الجريمة هو أنها السلوك الذي يرفضه غالبية المجتمع ويطالب بمعاقبة من ينتهجه، فإن التحرش لا يستوفي هذه الشروط.
 
وإذا كان القانون يستعدي صورة معينة عن المرأة تجعلها أكثر سيطرة على جسدها، فإن أدوات الضغط التي يتم عادة تغيير القانون بها، وهي تحديداً المجتمع والدولة ليست بأفضل حالاً. فإذا كان مفهومنا عن الجريمة هو أنها السلوك الذي يرفضه غالبية المجتمع ويطالب بمعاقبة من ينتهجه، فإن التحرش لا يستوفي هذه الشروط.
سطر 27: سطر 26:  
إذن، فنحن كمجتمع (أو على الأقل رجال هذا المجتمع ) نشجع على فعل ما، في نفس الوقت الذي نعتبره فيه جريمة.  تؤكد لنا الإحصائيات أن غالبية النساء في مصر (٩٩,٣٪ طبقاً لدراسة أجرتها هيئة الأمم المتحدة للمرأة ومنظمات أخرى) يتعرضن لنوع من أنواع التحرش، وهو ما يوضح أن التحرش أصبح هو القاعدة الآن. وإذا اتفقنا على أن المسئول عن التحرش بمعظم نساء مصر ليس حفنة من المتحرشين النشطين، ولكنهم في الأغلب معظم رجال مصر، يصبح تجريم هذا الفعل محيراً.
 
إذن، فنحن كمجتمع (أو على الأقل رجال هذا المجتمع ) نشجع على فعل ما، في نفس الوقت الذي نعتبره فيه جريمة.  تؤكد لنا الإحصائيات أن غالبية النساء في مصر (٩٩,٣٪ طبقاً لدراسة أجرتها هيئة الأمم المتحدة للمرأة ومنظمات أخرى) يتعرضن لنوع من أنواع التحرش، وهو ما يوضح أن التحرش أصبح هو القاعدة الآن. وإذا اتفقنا على أن المسئول عن التحرش بمعظم نساء مصر ليس حفنة من المتحرشين النشطين، ولكنهم في الأغلب معظم رجال مصر، يصبح تجريم هذا الفعل محيراً.
   −
******
+
---
    
أما إذا حاولنا تناول تجريم التحرش على أنه خطوة من الدولة “المتحضرة” التي تحاول أن تكبح جماح الشعب المتحرش، فإن ذلك أغرب. فاستخدام الدولة من خلال مؤسساتها الأمنية للعنف الجنسي بشكل مباشر هو أمر كثر الحديث عنه، ولازالت [[قضية الاعتداء الجنسي على الصحفيات أمام نقابة الصحفيين سنة 2005 | قضية الصحفيات التي تم التعدي عليهن جنسياً بإشراف رجال الشرطة ومشاركتهم المباشرة أمام نقابة الصحفيين وضريح سعد زغلول خلال مظاهرات حركة كفاية في عام ٢٠٠٥]] حاضرة في الذهن. بل ولم تزل الدولة ترفض تماماً القيام بأي خطوات للاستدلال على الفاعلين ومعاقبتهم أو تعويض الصحفيات، بالرغم من صدور حكم بذلك من اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب منذ أكثر من سنة.
 
أما إذا حاولنا تناول تجريم التحرش على أنه خطوة من الدولة “المتحضرة” التي تحاول أن تكبح جماح الشعب المتحرش، فإن ذلك أغرب. فاستخدام الدولة من خلال مؤسساتها الأمنية للعنف الجنسي بشكل مباشر هو أمر كثر الحديث عنه، ولازالت [[قضية الاعتداء الجنسي على الصحفيات أمام نقابة الصحفيين سنة 2005 | قضية الصحفيات التي تم التعدي عليهن جنسياً بإشراف رجال الشرطة ومشاركتهم المباشرة أمام نقابة الصحفيين وضريح سعد زغلول خلال مظاهرات حركة كفاية في عام ٢٠٠٥]] حاضرة في الذهن. بل ولم تزل الدولة ترفض تماماً القيام بأي خطوات للاستدلال على الفاعلين ومعاقبتهم أو تعويض الصحفيات، بالرغم من صدور حكم بذلك من اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب منذ أكثر من سنة.
سطر 49: سطر 48:  
ولكن الأمر لا يتوقف عند هذا، فالدولة كان يمكنها أن تحتكر استخدام العنف الجنسي، فتستخدمه لأغراض سياسية وعقابية بدون أن تسمح لغيرها بذلك، كان يمكنها أن تحمي النساء بشكل عام من التحرش والعنف الجنسي وترفع تلك الحماية عن النساء اللواتي يخرجن عن “الخط المرسوم”. ولكن الدولة لا تبدو مهتمة حتى باحتكار العنف الجنسي.
 
ولكن الأمر لا يتوقف عند هذا، فالدولة كان يمكنها أن تحتكر استخدام العنف الجنسي، فتستخدمه لأغراض سياسية وعقابية بدون أن تسمح لغيرها بذلك، كان يمكنها أن تحمي النساء بشكل عام من التحرش والعنف الجنسي وترفع تلك الحماية عن النساء اللواتي يخرجن عن “الخط المرسوم”. ولكن الدولة لا تبدو مهتمة حتى باحتكار العنف الجنسي.
   −
******
+
---
    
برغم قتامة الصورة في بعض الأحيان إلا أن التعديل المنتظر للقانون بإضافة مادة التحرش والتعديلات الأخرى التي تسعى العديد من الجهات إلى طرحها للمناقشة هي خطوات إيجابية جداً وضرورية للعديد من الأسباب. القوانين المتعلقة بجسد المرأة ليست قوانين “طبيعية” أو حيادية بل هي تنحاز بشكل واضح إلى رؤية معينة عن المرأة ودورها في المجتمع. تتخذ القوانين (والأحكام القضائية سواء كنتيجة لانحيازات القانون أو انحيازات شخصية أو اجتماعية، إلخ) صفا في الصراع حول نموذج المرأة المرضي عنه، بما في ذلك حقها في جسدها. والأخطر أنه بسبب عباءة الحيادية التي تسبغ على تلك القوانين –عكس معظم أطراف الصراع الأخرى-  فإن انحيازها يكون غير واضحاً في الكثير من الأحيان. القوانين والأحكام تلعب دوراً هاما ليس فقط في إثبات صحة رؤية معينة، بل في تكريسها وتطبيعها، واعتبار كل ما يخالفها لا مجرد رؤية مختلفة أو خاطئة، ولكن رؤية غير قانونية أو غير شرعية أو غير طبيعية.
 
برغم قتامة الصورة في بعض الأحيان إلا أن التعديل المنتظر للقانون بإضافة مادة التحرش والتعديلات الأخرى التي تسعى العديد من الجهات إلى طرحها للمناقشة هي خطوات إيجابية جداً وضرورية للعديد من الأسباب. القوانين المتعلقة بجسد المرأة ليست قوانين “طبيعية” أو حيادية بل هي تنحاز بشكل واضح إلى رؤية معينة عن المرأة ودورها في المجتمع. تتخذ القوانين (والأحكام القضائية سواء كنتيجة لانحيازات القانون أو انحيازات شخصية أو اجتماعية، إلخ) صفا في الصراع حول نموذج المرأة المرضي عنه، بما في ذلك حقها في جسدها. والأخطر أنه بسبب عباءة الحيادية التي تسبغ على تلك القوانين –عكس معظم أطراف الصراع الأخرى-  فإن انحيازها يكون غير واضحاً في الكثير من الأحيان. القوانين والأحكام تلعب دوراً هاما ليس فقط في إثبات صحة رؤية معينة، بل في تكريسها وتطبيعها، واعتبار كل ما يخالفها لا مجرد رؤية مختلفة أو خاطئة، ولكن رؤية غير قانونية أو غير شرعية أو غير طبيعية.
7٬902

تعديل

قائمة التصفح