تغييرات

إنشاء صفحة مصدر لمقالة علي مجلة كحل بعنوان "النسوية كواجب أخالقي في عالم تسوده العولمة"
* هذه مقالة بعنوان: "النسوية كواجب أخالقي في عالم تسوده العولمة" بقلم أريان شاهفيسي
* نشرت المقالة في: [http://kohljournal.press/ar/ مجلة كحل لإبحاث الجندر والجسد]، بتاريخ: 1 نوفمبر 2015.
* المقالة من كتابة وإعداد: [http://kohljournal.press/ar/feminism-as-a-moral-imperative/ أريان شاهفيسي]
* نشرت في: [http://kohljournal.press/ar/issue-1-1/ مجلد 1، عدد 1، صيف 2015 لمجلة كحل لأبحاث الجسد والجندر]
* مسار الاسترجاع: http://kohljournal.press/wp-content/uploads/2015/06/%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B3%D9%88%D9%8A%D8%A9-%D9%83%D9%88%D8%A7%D8%AC%D8%A8-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D9%85%D8%B9%D9%88%D9%84%D9%85.pdf
* تاريخ الاسترجاع: 30-11-2017

----

النسوية كواجب أخالقي في عالم تسوده العولمة

بقلم أريان شاهفيسي

== الحركة النسائية/النسوية : التعريف والدوافع ==

دعوني أبدأ معكم بهذا السؤال: ما مشكلة هذا العالم؟ شاهدوا التلفاز هذا العام (2015) وقولوا لي ماذا ترون؟ غياب دور المرأة، مستبدين متوحشين، متدينين متطرفين، مجموعة أشخاص تقتل لكي تنتقم، جنود احتلال غاشم. فالسؤال هنا: أين النساء؟ ألن يكون من الأفضل أن تقوم النساء بتحريض المتظاهرين على القتل و القيام بالمطالبة بقيام نظام ديني متشدد واحتلال أراضي أجنبية والدعوة الى الابادة الجماعية؟ هل هكذا نستطيع ان
نحصل على [[مساواة بين الجنسين|المساواة بين الجنسين]]؟ أليست المساواة هي ما نسعى اليه؟ بالطبع لا. بالتالي، النقطة الأولى التي أريد أن أسجلها بسيطة: إن النسوية لا تكون بوضع النساء في مراكز القوة وصنع القرار التي يسيطر عليها حاليا الرجال هذا النوع من النسوية هو بتعبير آخر "هراء نسوي". وأقول هذا لأنني تعبت من هذا النوع من النسوية التي تبدو مثيرة لجيل جديد من الشابات الوصوليات من الطبقة الوسطى (خصوصا في الجامعات)

والتي تهتف لزيادة عدد النساء في مجالس الإدارة. ونرى ازدهار في هذا النوع من النسوية التي تدعو الى وجود النساء في مراكز القوة ومناصب العمل كرئيسة مجلس أو مديرة منظمة غير حكومية أو تكون مديرة تنفيذية. هذا النوع من النسوية يكرس مفهوم أنه يجب على المرأة أن تحصل على نصيبها من الكعكة/المجتمع العملي القائم.
بالنسبة لي، إن حث النساء على تبوء المناصب العليا ليس بالموضوع الهام وهو لا يختلف عن السعي لزيادة عدد النساء في صفوف جيش الاحتلال الاسرائيلي القاتل، ولا يختلف أيضا عن مشاركة النساء في التخطيط الاستراتيجي للطموح الامريكي الإمبريالي. كل هذا لا يفيد، فوجود النساء في السلطة واتخاذ مواقف مشابهة للسلطة هو تورط مباشر في معاناة النساء والرجال على حد سواء. إن هذا النوع من الحركات النسوية ليس
واسع الانتشار ولكنه خبيث ولا يعود بالنفع على احد. لا تسيئوا فهمي فهذا ليس مقالا ضد النسوية، بل ما أسعى إليه هنا هو أن أُسلط الضوء على بعض المشاكل والصعوبات التي نواجهها كنسويات في عالم معولم وأحاول التركيز على الأسس الأخالقية التي نشأت عليه الحركة النسوية.
النسوية كواجب أخالقي


أولا ماذا أعني بالنسوية؟ تقوم النسوية على عنصرين: عنصر وصفي وعنصر معياري. يقول العنصر الوصفي بأننا نعيش في عالم أبوي حيث المرأة عرضة لاضطهاد منهجي لكونها امرأة. أما العنصر المعياري فيعلن أن هذا الاضطهاد غير مقبول أخلاقيا وأن علينا العمل لتحدي واضعاف هذا [[نظام أبوي|النظام الأبوي]].

يعتمد النظام الأبو ي/الذكوري على ركيزتين أساسيتين: أولا أن النساء هم مانحي الرعاية الأساسية في عالم لا يعطي قيمة للرعاية. وثانيا أن النساء عبارة عن جسد وهن مفرطي الجنس في عالم يعتبر الجنس أمرا سيئا وقذرا. إضافة الى هذا يعلمنا النظام الأبوي أن النساء، بطبيعتهن/بجوهرهن، يملكن هذه الصفات.

لكن هذه التركيببات الأبوية لا تقف بمفردها. إذ تساندها القوى االقتصادية بشكل كبير، فتربط الاعتبارات المالية بالاجتماعية وتثبت الاثنين معا. أن الرأسمالية قد استعادت واستولت على النسوية. تحصل هذه الإستعادة (ديبورد 1975) عندما تقوم الايديولوجية السائدة بالاستيلاء على فكرة ذات امكانية راديكالية وتشويهها. إن [[جندر|الجندر]]، وكل المعايير القمعية المرتبطة به، اصبح يطرح على أنه مشكلة فردية يتم التعامل معها حسب خيارات كل شخص. أي، إذا كان جندري يؤذيني فهذه مشكلتك، وإذا آذاك جندرك فهذه مشكلتك.

هذا الأمر يجعلنا قابلين لإطلاق الاحكام المسبقة على علاقاتنا بأنفسنا ومع الآخرين، إذ يجعلني أتعاطى مع مشكلتي وأتركك لمشكلتك وكأن هذه المشاكل غير مرتبطة. مع الوقت قد يبدو هذا صحيحا ويصبح القمع على أساس الجندر مسؤولية (وذنب) كل شخص بمفرده. لهذا فالنساء يقعن بمواجهة خيار وهمي، فقد اصبح جندرهم عبء شخصي عليهن. والنتيجة أن جندر الشخص يصبح ملكية خاصة ينبغي التعامل معها على حدة وينبغي تحمل المسؤولية الفردية عندما نفشل بأن نوقف او نبعد العواقب الوخيمة أو الاثار الضارة.


ترتكز النظريات النسوية في سياق ما بعد الحداثة بشكل رئيسي على خصوصية تجارب النساء وتتحدى فكرة أن "المرأة" مفهوم متجانس ذات صوت واحد. ولكن رغم أحقية هذه الأطروحة، ينتج عن ذلك التقليل من أهمية التضامن على حساب إنعزال غير مجدي يؤدي إلى عدم فهم النظام الأبوي كظاهرة عالمية واسعة الانتشار ومتطورة في ظل الرأسمالية. وهكذا تم إعادة صياغة مصطلح [[جندر|الجندر]] من أساس سياسي إلى مصطلح فارغ لشيء جيد (فريزر2009 ص.4 ) وتم وضعه بشكل خاص في حملة عالقات عامة للليبرالية الجديدة. أصبحنا نسمع الآن جندر هذا وجندر ذالك،
ّ وكيفما أُدخل هذا المصطلح في في مكان ما، يجري الاحساس بأننا قمنا بواجب مبهم لكن مهم. هذا المنطق ي يدعي أنه يحترم الإختلالف وتنوع الثقافات. لقد أصبح المعنى الحقيقي ل"تكافؤ الفرص" فرص متكافئة لزيادة تراكم رأس المال الأخرين، وصار من المصطلحات التي تحمل مشكلة اقتصادية مزدوجة، لأن السياسات التي تستهدف عدم المساواة بين الجنسين في الحقيقة تتوافق مع إعادة التنظيم الإقتصادي الذي يضع أعباء جديدة وإضافية على المرأة. في هذا النموذج، الناس الذين يطالبون بالمساواة الجندرية على صعيد السياسة العالمية يعملون في الواقع في خدمة حملة أشمل للحث على رفع القيود والمنافسة والتسويق.

تمر النسوية حاليا في مرحلة هامة جدا، فإذا لم تعود النسوية وتتصل بجذورها الأخلاقية قريبا، فستخسر مطالبها الملحة لتصبح مساحة قافرة وأنيقة من نظريات ما بعد الحداثة المكررة والمبتذلة. ويتحمل الأكاديميين بعض المسؤلية هنا. فبالطبع علينا أن نصقل أدوات التحرير بالعمل النظري والنقد الدائم. ولكن علينا أن نحذر من أن تصبح مصقولة جدأً فتصبح أداة قمع جديدة. لعمل النظري عن الجندر يجب أن يكون جزءا لا يتجزأ من الواقع والممارسة وا القوة لإيجاد الحوافز من أجل تحقيق الأهداف النسوية.

ً حول طرق بذل جهودنا النسوية.
كأكاديمين/ات ونشطاء نسوييات ونسويين، يجب علينا أن نكون أكثر وضوحا
ال يمكن للحركة النسوية أن تركز فقط على إدراج النساء ووضعهن في المواقع الحالية للرجال، اما لنستبدلهم
او أن نكون م ارفقين لهم. قد تكون هذه االست ارتيجية جيدة لو استحقت هذه المواقع الدفاع عنها ولو كانت مفيدة
ً للمجتمع بشكل عام. ، معظمها ليس كذلك، ال يمكن أن تستمر النسوية بتمكين الم أرة أن تأخذ
ولكن عموما
حصتها من السلطة أو الثأر للمظالم الماضية والحالية، والحركة النسوية ال تقتصر على دراسة الجندر بشكل
النسوية كواجب أخالقي
غير مجسد ومنفصل عن سياقه. ان الجندر بدون شك هو أداة للظلم، لكنه يعمل من خالل إتصاله بأدوات 11|
أخرى للظلم. لذا علينا ان نستوعب النظام الحالي بكامله وكل ما ينتجهه وكيف نوقف إنتاج هذه األدوات. لذلك
أولويتنا أن ال تكون النسوية منعزلة. إنها تحتاج إلى حلفاء ناشطين في اإليديولوجيات التي يتمثل هدفها في
ً وتحدي امبريالية الحدود والعنصرية.
إعادة بناء االقتصاد العالمي على نحو أكثر إنصافا
ً في وضع سيىء
ُ لرجال من طبقتهن هم أيضا
ًر مساويا
ال يكون التحرر في جعل نساء عامالت يحققن أج ا
ً فيشاركن في إبقاء النظام االقتصادي على حاله. إن مشاركة النساء في صنع القرار للشركات ليس تحرر ، ففي
ا
الكثير من األحيان، ما يوصف بأنه تحرر من القهر هو مجرد إستعانة بمصادر خارجية. إن االشخاص أو
ً الجماعات الذين يتمتعون بامتيا ازت كثيرة في ظل التعصب تجاه العرق-الطبقة-الجنسية يمكنه أن يجدوا
م غالبا
تقاطعات آمنة من خالله اإلستعانة بمصادر خارجية ونقل الظلم واالمساواة بين الجنسين من موقع الى آخر
بينما تبقى السلطة األبوية العالمية على حالها. إن النسوية الحقيقية من المستحيل أن تقبل بتسوية تحقق العدالة
لبعض النساء على حساب أخريات.
في الصفحات المتبقية من هذا المقال، أريد أن أو ضح نقطة شديدة االهمية: إن النضاالت التي علينا خوضها
في سبيل الجندر هي عالمية ألن حياتنا، بشكل او بآخر، متورطة في العولمة. ان تحقيق بعض المكاسب على
ًر، وال يتناسب مع النسوية واهدافها وأخالقها. ً ليس نص ارً
حساب المجتمعات الفقيرة أو المهمشة عنصريا أو تحر ا
عولمة القهر
في العقود القليلة الماضية، تم عولمة التجارة من خالل تشكيل المنظمات الحكومية الدولية والمصارف العالمية،
ً على المجتمعات
منتجة بنية فوقية هدفها إيجاد األسواق الدولية. إن آثار هذه العولمة بال شك سلبية، وخصوصا
األكثر فق ار فهي ت ن ارتفع الحد األعلى للثروة في تلك البلدان. ً في العالم،

عمق الفقر وا
1.1 كحل
12 | ما زلنا نرى ظواهر العولمة، من تزايد تركز الثروة ضمن طبقة معينة، الى التهرب من الضرائب و ممارسة
التجارة الحرة، باإلضافة الى إنخفاض اإلنفاق العام واتساع الفجوة بين األغنياء والفقراء. وقد حلت النزعة
مِ االستهالكية محل المواطنة. وتفككت المجتمعات شت بسبب الهجرة االقتصادية
ُ
وه في سبيل تنمية االقتصاد
العالمي، وقد أصبحت الشركات هي التي تطالب بالعدالة، فلم يعد من المنطقي للفرد أو للجماعة المطالبة
باإلنصاف.
ً على النساء في الدول الفقيرة بسبب العولمة،
ً وهنا سأناقش ستة من المواضيع والنقاط التي أثرت سلبا
معتمدة
على العمل المبتكر والشامل لـ أليسون جاغر )2014.)
1 -تأنيث العمل
خالل توسع التجارة، تم نقل عدد من الوظائف من عالم الشمال الى مناطق ذات أجور منخفضة في العالم
الجنوبي. فنشأت طبقة عمال صناعية جديدة تتألف من نساء فقيرات تتجمع في منطقة الصادرات. في آسيا
ً في تسهيل هذه الخطوة، وقد ساهم إغراء المستثمرين
ًر مهما
عموما، كان للعنصرية والتعصب الجنسي دو ا
االجانب للشركات في جعل الحكومات اآلسيوية سهلة اإلنقياد. تقوم هؤ الء النساء الفقيرات بعمل شاق و غير
مجزي على االطالق ووتقبل بأي مقابل، و نراهن أيضا يعرضن أجسادهن بكل يأس للصناعة العالمية إلنتاج
المواد اإلباحية. إن هذا التوسع في التجارة خلق ايضا طبقة من الموظفين المهاجرين في عالم الشمال. و ن هذا

ا
ٌ المنطق الرأسمالي )اذا استطعنا أن نسميه منطقا( عتبر تكميلي
ً المنطق األبوي، حيث عمل الناس ي
هو أيضا
ال أساسي، في فرضية أن هؤالء النساء فقط يضفن على أجور أجوازهن الذين هم مصدر الرزق الرئيسي
لعائالتهم. ولكن في معظم األحيان، ليس لهؤالء العامالت زوج معيل. لذلك عادة ما تكون هذه الوظائف بدون
أي تأمين او تعويض وبدون عقود تحدد ساعات العمل وبالطبع أجورها منخفضة للغاية. في ظل هذه الظروف
ا من الحياة. وبسبب الفقر وبظل غياب أي جهة نقابية يمكن أن تحمي أو ً يكون التحرش الجنسي جزء يومي
تدافع عن حقوق العامالت، تستمر كل هذه التجاو ازت بدون أي رقيب وبدون أي عقاب.
النسوية كواجب أخالقي
2 -تصدير الزراعة 13|
بعد ان تمت عولمة التجارة، أصبح تصدير المز روعات صناعة دولية كبرى. وبسبب ذلك تمت إزالة العديد من
القيود مما أدى الى مرونة قوانين التجارة والسماح للشركات ببيع المؤن الز ارعية الرخيصة الى عالم الجنوب.
وبما أن معظم فالحي العالم هم من النساء، فقد تأثرن بشكل حاد. ولكن هناك قسم معين تأثر بدرجة اكب،
فاضطر ت النساء الى إ عتزال الزراعة والتوجه الى وظائف جديدة نشأت في ظل الوضع االقتصادي الجديد حيث
األجور منخفضة وظروف العمل سيئة. و للنجاة، كان الخيار الوحيد للعديد من النساء هو الدخو ل في مجال
عمل الجنس.
3-تغيير البنية الهيكلية
إن معظم بلدان عالم الجنوب دينة ب
ٌ
م قروض هائلة لبلدان عالم الشمال والمؤسسات المالية العالمية. و تحتاج
هذه البلدان لكي تستطيع تلبية حاجاتها وتسديد ما عليها من قروض الى المزيد من القروض. و هنا يبدأ تغير
البنية الهيكلية لبلدان عالم الجنوب. أي لكي توافق بالد عالم الشمال على إ عطاء القروض لبلدان الجنوب،
تشترط ما يعني هذا
ُ
عليها أن تصبح أقرب الى السوق المفتوح وعادة تخفيض األجور ورفع أسعار المواد
ً
الغذائية والقضاء تماما ل النساء مسؤولية الرعاية ا
ّ
على الخدمات العامة. وبما أن المجتمعات تحم ألساسية،
فالنساء أكثر من يتحملن عبء هذا التغيير الهيكلي لإلقتصاد. إن القضاء على الخدمات العامة ال يجعل
الرعاية األساسية مهمة سهلة بل على العكس، وعالوة على ذلك إن الكثير من الفتيات الصغيرات تتوقفن عن
الدراسة لكي يساعدن أمهاتهن، و هنا تبدأ كارثة نشوء جيل كامل من الفتيات بدون تعليم يعشن في دوامة الفقر.
توضح اإلحصاءات كيف ان تغيير البنية الهيكلية تعود بالفائدة فقط للبلدان المانحة. فقد أظهر مركز النزاهة
المالية العالمية لألبحاث االقتصادية في عام 2013 أننا اذا جمعنا كل التدفقات المالية )سواء المشروعة او
غير المشروعة( بما فيها االستثمار و التحويالت المالية واإلعفاء من الديون والموارد الطبيعية وحتى الصاد ارت،
فإن العالم يدين الفريقيا. فيجب أال يخفى علينا أن عالم الجنوب "الفقير" هو سبب تطور باقي العالم عن طريق
ظروف العمل القريبة للعبودية واألجور المنخفضة للرجال والنساء في بلدان عالم الجنوب، وفي ظل العمل بال
أجر التي تقوم به النساء بالحفاظ على األسر والمجتمعات المحلية والتي تسمح بالعمل المأجور.
1.1 كحل
العسكرة-4 | 14
تستمر التجارة العالمية للسالح باالزدهار. حالة الحرب هي حالة دائمة في العالم. إن الرجال هم المقاتلين
ً األساسيين في معظم هذه الحروب ولكن معظم الضحايا هم من النساء واألطفال الذين ال يكسبوا شي من
ئا
الن ازعات لكنهم يشكلون 80 %من الالجئين. باإلضافة إلى ذلك، ترتفع أثناء الحرب نسبة اإلغتصاب والعنف
ُ المنزلي. لمعايير قمعية على أساس التعصب الذكوري وغالبا ما
وعندما ينتهي الص ارع تخضع النساء دوما
أكثر قمعا من تلك التي كانت قبل الحرب. ً تكون معايير
5 -الجنسنة : تجارة الجنس
َ سهلت العولمة نمو صناعة الجنس العالمية سته. وأ
وكر صبح إ
ٌ
نتاج المواد اإلباحية يعتبر من أكثر الصناعات
ربحا ، وقد ساهمت شبكة اإلنترنت بإزدهار هذه الصناعة بدون أدنى شك. ساعد تسارع ازدهار ً في العالم
ُ و انتشار المواد اإلباحية عتبر
على جعل الم أرة مادة جنسية. وت التجارة الجنسية التي تستخدم النساء واألطفال
وتستغلهم جنسيا ة في العالم )98 %من الضحايا هم من النساء والفتيات(. في بعض الدول ً أكبر حركة إج ارمي
األسيوية ومنطقة البحر الكاريبي، يعتمد االقتصاد المحلي على تجارة الجنس والعمل في مجال الجنس كمصدر
أساسي للدخل. ورغم أن مهنة الجنس ليست حديثة بالتأكيد، ولكن تفكك المجتمعات الريفية والهجرة الى المدن،
باإلضافة الى الفقر وتفاقم اليأس، يجبر النساء على العمل بالدعارة واالستمرار بذلك.
6 -التدهور البيئي
في السنوات الخمسين الماضية، شهد كوكبنا تدهور بيئي خطير، شمل تلوث الهواء والتربة والماء والتصحر،
باإلضافة الى خلل في النظام البيئي وحاالت انقراض في الحياة البرية. وبالطبع، سبب هذا التدهو ر هم البشر.
والمتهمين األساسيين في هذا الخلل هم أصحاب الصناعات الرابحة بشكل خيالي وسريع في عالم الشمال
والنشاط العسكري/الحربي الذي تديره بالد عالم الشمال. ولألسف، إن النساء الفقيرات مجددا هن الضحايا
أيضا، وذلك ألنهن مضطرات للتعامل مع نتائج التدهور البيئي من نقص للغذاء والماء والوقود، باإلضافة الى
األمراض الناتجة عن سكنهن بالقرب من التلوث والسموم.
النسوية كواجب أخالقي
| 15
دراسة حالة إقليمية : عامالت المنازل المهاجرات في لبنان
العمالة المنزلية لألجنبيات في لبنان هو المثال النموذجي للطريقة التي ترتكز عليها تحرير المرأة في ظل
الرأسمالية، وهو يتمثل بإنشاء قوة عمل جديدة أساسها االستعانة بعمالة خارجية. على ما يبدو، تحت النظام
ً سيكون هناك فق ارء.
ال أرسمالي، يبدو لنا أنه دائما تسعى لتبقى قضية المرأة معلقة ً سيكون هناك نساء ودائما
ًر هم نساء العالم.
كما قضية الفقر. في عالم معولم، تصبح النساء األكثر فق ا
وخصوصا بما يتعلق بعمل وتعليم المرأة. و في ً يتميز لبنان بمعاييره االجتماعية التقدمية والتحررية في المنطقة،
لبنان كما في العديد من البلدان، إن اللواتي يستمتعن بهذا هذا التحرر هم من الطبقة الثرية ونساء ذات سلطة.
يعتمد القيام باألعمال والنشاطات لهذه الفئة على وجود العمالة المنزلية للنساء االجنبيات اللواتي أجبرهن الفقر
على أن يتخذوا هذا العمل كمصدر رزق. إن التفكير بحقيقة أن هناك مجموعة من األشخاص تخدم مجموعة
أخرى بسبب الفقر هي عبارة عن ظلم كبير في واقعنا اليوم. المبرر الموجود في الخطاب الرأسمالي القذر
ُختصر بعبارة: على األقل لديها وظيفة.
وخصوصا في ظل ً ي هذا يجعلننا نفكر بالتحديات التي تواجه قضيتنا،
هذا الواقع االقتصادي العالمي.
"زراعة قلب عالمي"، هكذا وصفت العالمة االجتماعية أرلي هوستشايالد العمالة المنزلية للمهاجرات االجانب.
فقد أصبحت الحب والرعاية في ظل الرأسمالية سلع يتم استيرادها من البلدان الفقيرة الى البلدان الغنية. هذه
العمالة تؤدي بالتأكيد على تغيير التركيبة السكانية في البلدان األجنبية. أما البلدان الفقيرة فقد تستفيد من
التحويالت المالية المرسلة والضرائب الناجمة عن هذه التحويالت. حّلت العمالة المنزلية لألجنبيات أزمة الرعاية
ولكن هذه العمالة تركت و ارءها في البلدان الفقيرة عج از في الرعاية و خلقت مجاالت عمل ً بالنسبة للبلدان الغنية،
ذات أجور منخفضة أو بدون أجرة على اإلطالق بالنسبة للنساء التي لم تستطع العمل خارج البالد. هذا الى
درة للرعاية.
ُطلق على البلدان الفقيرة المصِ
جانب الضرر والصفة العنصرية التي ت
1.1 كحل
إن البلدان المرسلة للعمالة والرعاية المنزلية تتكبد خسارة كبيرة مقارنة مع البلدان المستقِبلة. تعاني بلدان عالم 16|
الجنوب طوال الوقت في محاولتها لسد القروض الوطنية نتيجة تغيير البنية الهيكلية. يؤدي هذا الى التقصير
في الخدمات العامة التي تتضمن توفير الرعاية لألطفال ورعاية المسنين والبنية التحتية األساسية مثل وسائل
النقل العام. وتتحمل النساء العبء األكبر في هذا التغيير الهيكلي، على اعتبارهن مانحات الرعاية االساسية،
ً الى تعويض النقص عن طريق إعادة تنظيم الحياة األسرية بموارد قليلة والعمل بكد
ألن عليهن أن يسعن دوما
لتلبية جميع االحتياجات االساسية. نتيجة هذه الظروف ونقص األطراف المعيلة يبقى خيار العمل في بلدان
القسم الشمالي فرصة جيدة للنجاة.
يستضيف لبنان ربع مليون من عامالت المنازل المهاجرات. وقد تجاوزت هذه الظاهرة القبول االجتماعي ليصبح
طموح الطبقة المتوسطة امتالك عاملة مهاجرة. ومن خالل نظام الكفالة القانوني، يتم استيراد العمال األجانب
حيث تبقى العاملة مقيمة في منزل صاحب العمل بدون أي نوع من الحقوق األساسية مثل اإلجازة المرضية او
ساعات العمل الثابتة، ومن دون أي حق قانوني يسمح لها بالبقاء في البلد إذا تم انهاء عقد العمل. وطبعا
َ رغم هذه الظروف السيئة.
يكون األجر منخفضا تدعو اإلحصاءات في لبنان حول العمالة األجنبية للخجل ً جدا
ُ الوطني، حيث حرم
ت 99 %من العامالت من مغادرة المنزل ومن أي حرية بالتنقل )مع وجود حاالت حرمان
من جواز السفر وتحديد او ارق قانونية أخرى، وثلث هذه الحاالت تبقى أسيرة في المنزل(. ثلثي العامالت
أكثر من نصف العامالت أُسيء اليهن لفظيا. ثلث ً الموجودات في لبنان يعملن لمدة إحدى عشر ساعة يوميا، و
ّ العامالت يعملن كل أيام األسبوع بدون أي ر مركز حقوق اإلنسان أن كل أسبوع تموت عاملة
يوم إجازة. ويقد
ُصنف على أنها حالة انتحار أو حالة موت ناتجة عن حوادث أثناء الهروب من
في لبنان وأن معظم الوفيات ت
أرباب العمل أو الهروب من الحبس.
أثناء كتابة هذا البحث، كانت عامالت المنازل المهاجرات في لبنان يناضلن
َ
من أجل نقابة عمالية شكلنها
ُعتبر األولى من نوعها على صعيد المنطقة. في حال نج
ًر في
ًز كبي ا
حديثا، وهي ت حت هذه الخطوة ستكون انجا ا
مجال حقوق عامالت المنازل المهاج ارت في جميع أنحاء العالم.
النسوية كواجب أخالقي
أن التنظيم النقابي للعامالت المهاجرات له أهداف واقعية تستحق النضال على المدى القصير بدون شك، 17|
خصوصا أن ظروف العمل في لبنان سيئة جدا وبحاجة ماسة الى تحسين. لكن برأيي الشخصي، بغض النظر ً
عن طريقة تحسين ظروف عمل العامالت المهاجرات، يبقى استقدام نساء مهاجرات مشكلة أخالقية بجوهرها.
إن العمل المنزلي الذي يتضمن اإلقامة الدائمة هو عمل عاطفي بامتياز ويعتمد باألساس على الحالة العاطفية
للعاملة، بغض النظر عن ظروفها او رأيها الشخصي. فهي توفر الرفاهية العاطفية لرب العمل وعليها أن
دوما بطلة لطيفة ووجه مبتسم ومريح يمأله البهجة تجعل رب العمل مرتاح/ة ومسرور/ة. لكن بالواقع، ً تحضر
هذا األمر يخفي عالقات القوى ووعيها له. فهي مضطرة أن تقوم بدورها في محيط جماعي حيث شخصها
ً مقارنة بالذين حولها. فتصب
عتبر ثانويا
ُ
ي ح هي ونساء عالم الجنوب مثلها وسيلة لغاية ال يمكن عكسها.
ّ
لهذه االسباب فإن البعض التحسينات القانونية والتشريعية لن تكون سوى مخدر قصير األمد أللم كبير سيستمر
خصوصا في ظل الظروف المخزية في لبنان، حيث يتحالف التعصب العرقي والجنسي والعنصري والهرمية ً
الموجودة لكي تنكر حقوق األشخاص وتحافظ على تعبئة وحماية أرس المال على حساب المواطنين والضعفاء.
الحركة النسائية/النسوية ضرورة أخالقية
يجب علينا أن نرفض قوى السوق التي تحاول دوما أن تجعل موضع الجندر مسألة شخصية من خالل نسوية
مشوهة تتألف من النساء البيض من الطبقة الوسطى. هؤالء النساء، بسبب قصر نظرهن ومعاييرهن، يستعملن
منابرهن من أجل نظريات نسوية أكاديمية مشوشة أو ألجل تلبية طموحات شخصية. أكثر من أي وقت مضى
نحن بحاجة الى الكفاح من أجل تأكيد الهوية الحقيقية للنسوية، حيث الشخصي هو سياسي بطريقة شمولية
وراديكالية، وهذا يعني أن ندرك أن كل نواحي حياتنا متورطة في هذه الدراما العالمية، وأن المأساة ما زالت
تحصل في مكان ما.
المقال غالبا ما تستخدم/يستخدم هاتفه/ها المتطور أو كومبيوتره/ها الشخصي الذي ً إن كل شخص تقرأ/يقرأ هذا
تم تصنيعه او تجميعه في معمل عماله من النساء الكادحات. الجميع يرتدي بنطال أو قميص أو أي قطعة
1.1 كحل
18 | ثياب غالبا ما يتم صناعتها في بنغالدش من قبل امرأة تنام في غرفة مع 16 ام أرة أخرى وتعمل لمدة ستة
عشر ساعة باليوم مقابل القليل من المال)أقل من دوالر بالساعة(. جميعنا يأكل طعام جاهز أو اصناف متعددة
من ق امرأ ة ليست من اصحاب البشرة البيضاء. جميعنا اليوم ِ من الطعام تم تحضيرها او تحضير مكوناتها بل
يحظى بمكان عمل أو مكان دراسة نظيف ومهيأ بشكل رائع ويمنحنا الشعور الجيد لكي نعمل أو ندرس ونحظى
برفاهية وهذا بفضل امرأة عاملة مهاجرة من عالم الجنوب. والكثير من قراء هذا المقال قد نشأووا في منزل او
بيئة تواجد فيها عاملة منزلية مهاجرة عملت بكد وكافحت لكي تستطيع ان تتقاضى أجرها وتحول القسم األكبر
منه الى بلدها لكي تعيل عائلتها. المشكلة األكبر تكمن بأن معظم هؤالء النسوة ال تستطيع ان تتحمل نفقة
اإلكترونيات او المالبس او المواد الغذائية التي يصنعنها، وان جل ما يقدمن من خدمات هو يختصر أعظم
واكبر خدع الرأسمالية.
إن هذا العالم الذي نعيش به والذي تسوده العولمة الذي يقدم لنا الكثير من الخدمات والراحة هو عالم يعتمد
على االشخاص الذين يتقاضون أجو ار زهيدة ألعمال كثيرة وهذا ما يساعد على نمو البروليتاريا. وهو عالم
يعتمد على جهود النساء الفقيرات الملونات )العامالت المهاجرات من عالم الجنوب(. بالطبع أنا ال أقصد أنه
ال يوجد أحد آخر يعمل في هذا العالم ولكن الفكرة أنه ال يوجد فعال أحد يعمل بهذه الشروط وبهذه الظروف
وبهذه األجور الزهيدة و الحالة الغير مستقرة باإلضافة الى العنف الممارس وسوء المعاملة، ورغم كل هذا يبقى
ً
ساء العامالت التي أتكلم عنها تحديدا هي ً العالم متجاهال لهذه الطبقة وناك ار لمعروفها. إن هذه الطبقة من الن
، حرفيا تبدع وتنتج العالم الذي نعيش فيه. ً التي ،
إن النسوية التي ال تأخذ بعين االعتبار الظلم العالمي بين الجنسين هي حركة يجب أن نرفضها رفضا قاطعا.
هذا ال يعني أنه ال يجب علينا أن نكافح ونخوض في بعض القضايا المحلية األخرى. ولكن النظام األبوي
ً الذي يتحكم بنا جميعا ليس قضية صغيرة أو تافهة. لذلك ً
ُ علينا أن نتأمل دوما
وأن نراكم خبر اتنا و نهيئ شبكات
تضامننا لنستطيع من خاللها أن نقاوم الشكل األكثر شراسة من النظام األبوي الذي يدعمه اقتصاد الليبرالية
الحديثة و الذي يعتبر أن األر باح أهم من الناس.
النسوية كواجب أخالقي
ماذا أعني بالواجب االخالقي؟ سأقوم ببعض المقارنات للتوضيح. أنا أراهن أن كل شخص تقر أ/يقرأ هذا الكالم 19|
ّست عي
ً، ولكنه ليس واقعي. جميعنا
ً إساءة فظيعة. وهذا يبدو مثاليا
د /يدعي أنها/ه تعتبر/يعتبر العنصرية شيئا
عنصريين بشكل أو بآخر )منشأ العنصرية بداخلنا معقد ومركب ألن العنصرية هي في البنية األساسية(. كما
آمل أن ال أحد من القراء عي/يدعي بانها/ه
َ
ستد مؤيد)ة( للعنصرية. بل على العكس، آمل أن نسعى جميعا
لمكافحة العنصرية. رهاني الثاني هو أن القارئين يدعون أنهم من مكافحين الفقر، وهذا أمر أخالقي وو اضح
ِ أن نك
ون جميعا مكافحين لسياسات التجويع وسوء التغذية والمرض والملل وبدون شك حالة القلق المادي الدائم
الذي يعاني منه ثلثي العالم في ظل النظام االقتصادي العالمي الحالي. هذا يدعو نا للسؤال بكل حسن نية:
لماذا ال عي الناس بأنهم نسويات/نسويين
ً
يد ؟ إما ألنهم لم يتعرفوا إال على النسو ية التي تكلمت عنها في البداية،
بسبب عدم فهمهم لحقيقة ومعنى النسوية، أو بسبب عدم رغبة بعض االشخاص بخسارة اإلمتيازات التي يقدمها
لهم النظام الحالي. لست أدري تماما، ولكن ما أعرفه تمام المعرفة هو أنك عندما تستطيع)ين( أن تفهم)ي(
تماما لماذا دعم الحركة النسو ية هو ً النسوية بحقيقتها وأ هدافها، و عندما تدرك)ين( وضع العالم، ستعرف)ين(
واجب اخالقي.
1.1 كحل
20 | المراجع
Debord, G. (1957) “Report on the Construction of Situations and on the International Situationist
Tendency's Conditions of Organization and Action,” Paris.
Fraser, N. (2009) “Feminism, Capitalism, and the Cunning of History,” in New Left Review, 56, pp. 97-117.
Jaggar, A. (2014) Gender and Global Justice, Polity Press.
305

تعديل