تغييرات

اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
تنسيق
سطر 51: سطر 51:  
<Blockquote>
 
<Blockquote>
 
«[هذا التقسيم] متجذّر في إطار المجتمع الرأسماليّ نفسه: النساء في المنزل والرجال في المصانع والمكاتب، منفصلين عن بعضهما البعض طوال اليوم…رأس المال – بينما يعلّي من الميول الجنسيّة الغيريّة ويجعلُ منها دينًا وعقيدة – فهو في الواقع يجعل من الاستحالة للرجال والنساء أن يختلطوا مع بعضهم البعض، جسديًا أو عاطفيًا – وبذلك يقوّض الميول الغيريّة كانضباطٍ جنسيٍّ واقتصاديّ واجتماعيّ». (جيمس، الجنس والعرق والطبقة، ص: 56)
 
«[هذا التقسيم] متجذّر في إطار المجتمع الرأسماليّ نفسه: النساء في المنزل والرجال في المصانع والمكاتب، منفصلين عن بعضهما البعض طوال اليوم…رأس المال – بينما يعلّي من الميول الجنسيّة الغيريّة ويجعلُ منها دينًا وعقيدة – فهو في الواقع يجعل من الاستحالة للرجال والنساء أن يختلطوا مع بعضهم البعض، جسديًا أو عاطفيًا – وبذلك يقوّض الميول الغيريّة كانضباطٍ جنسيٍّ واقتصاديّ واجتماعيّ». (جيمس، الجنس والعرق والطبقة، ص: 56)
 +
</blockquote>
    
'''رابعًا: نشوء «الهويّة» وعلاقتها بالتغريب.'''  
 
'''رابعًا: نشوء «الهويّة» وعلاقتها بالتغريب.'''  
سطر 58: سطر 59:  
<Blockquote>
 
<Blockquote>
 
«لم يكن هنالك – ببساطة – أي “فضاءٍ اجتماعيّ” في النظام الإنتاج الاستعماريّ يسمح للرجال والنّساء بأن يكونوا مثليين. فالسعي للبقاء على قيد الحياة بُنيَ حول المساهمة في العائلة النووية. كانت هنالك بعض الممارسات المثليّة – اللواط ما بين الرجال، و”الرذيلة” ما بين النساء – قام بها بعض الأفراد، ولكنّ [هيمنة] العائلة كانت متفشّية جدًا لدرجة أنّ المجتمع الاستعماريّ افتقر للتصنيف الفئوي لوصف شخصٍ بمثليّ أو سحاقيّة…وبحلول النصف الثاني من القرن التاسع عشر، كان هذا الوضع في حالة تغيّرٍ ملحوظ إذ استحكم نظام العمل الحرّ تحت نمط الإنتاج الرأسماليّ. وفقط حين بدأ الأفراد بكسب معيشتهم عن طريق العمل المأجور – عِوَضًا عن كونهم أجزاء مِن عائلة ذات اتّكالٍ متبادل – أصبح بإمكان الرغبة المثليّة بأن تندمج مع الهويّة الشخصيّة – هويّةٌ مبنيّة على القدرة على البقاء خارج العائلة الغيريّة وبناء حياة شخصيّة مبنيّة على استهواء أصحاب الجنس المماثل». (الرأسماليّة والهويّة المثليّة، ص:104-105)
 
«لم يكن هنالك – ببساطة – أي “فضاءٍ اجتماعيّ” في النظام الإنتاج الاستعماريّ يسمح للرجال والنّساء بأن يكونوا مثليين. فالسعي للبقاء على قيد الحياة بُنيَ حول المساهمة في العائلة النووية. كانت هنالك بعض الممارسات المثليّة – اللواط ما بين الرجال، و”الرذيلة” ما بين النساء – قام بها بعض الأفراد، ولكنّ [هيمنة] العائلة كانت متفشّية جدًا لدرجة أنّ المجتمع الاستعماريّ افتقر للتصنيف الفئوي لوصف شخصٍ بمثليّ أو سحاقيّة…وبحلول النصف الثاني من القرن التاسع عشر، كان هذا الوضع في حالة تغيّرٍ ملحوظ إذ استحكم نظام العمل الحرّ تحت نمط الإنتاج الرأسماليّ. وفقط حين بدأ الأفراد بكسب معيشتهم عن طريق العمل المأجور – عِوَضًا عن كونهم أجزاء مِن عائلة ذات اتّكالٍ متبادل – أصبح بإمكان الرغبة المثليّة بأن تندمج مع الهويّة الشخصيّة – هويّةٌ مبنيّة على القدرة على البقاء خارج العائلة الغيريّة وبناء حياة شخصيّة مبنيّة على استهواء أصحاب الجنس المماثل». (الرأسماليّة والهويّة المثليّة، ص:104-105)
 
+
</blockquote>
 
إن فهم دي إميليو هذا لـ«الهويّة» مفتاحٌ لفهم سياسات الهويّة ونظريّة التقاطعيّة؛ ولكنّي أرغب بتغيير إطار عمله هذا بعض الشيء. ففي تمييزه ما بين «السلوك» و«الهويّة»، يتعرّض دي إيميليو لما يمكن شمسه داخل التصنيفين الماركسيين: «العمل» و«الاغتراب». ولهذا الغرض سأستطرد لإيصال هذه الفكرة.
 
إن فهم دي إميليو هذا لـ«الهويّة» مفتاحٌ لفهم سياسات الهويّة ونظريّة التقاطعيّة؛ ولكنّي أرغب بتغيير إطار عمله هذا بعض الشيء. ففي تمييزه ما بين «السلوك» و«الهويّة»، يتعرّض دي إيميليو لما يمكن شمسه داخل التصنيفين الماركسيين: «العمل» و«الاغتراب». ولهذا الغرض سأستطرد لإيصال هذه الفكرة.
   سطر 65: سطر 66:  
<Blockquote>
 
<Blockquote>
 
«وذلك في المقام الأول لأن العمل – نشاطُ الحياة، الحياة الإنتاجية ذاتها – يبدو للإنسان مجرد وسيلة لإشباع حاجة – الحاجة إلى المحافظة على الوجود الجسدي. غير أن الحياة الإنتاجية هي حياة النّوع (species)، إنها حياة تولد حياة، وطبع أيّ نوع – بطبع كونِهِ نوع – يحويه طابعُ نشاط حياته، والنّشاط الحُر الواعي هو طبع نوع الإنسان. والحياة نفسها لا تظهر إلا كوسيلة للحياة».
 
«وذلك في المقام الأول لأن العمل – نشاطُ الحياة، الحياة الإنتاجية ذاتها – يبدو للإنسان مجرد وسيلة لإشباع حاجة – الحاجة إلى المحافظة على الوجود الجسدي. غير أن الحياة الإنتاجية هي حياة النّوع (species)، إنها حياة تولد حياة، وطبع أيّ نوع – بطبع كونِهِ نوع – يحويه طابعُ نشاط حياته، والنّشاط الحُر الواعي هو طبع نوع الإنسان. والحياة نفسها لا تظهر إلا كوسيلة للحياة».
 
+
</blockquote>
 
النشاط الحياتي – أو العمل – هو تجريدٌ يسمو فوق نماذجه المحدّدة أو نمط الإنتاج المحدد الذي يقع تحت (الرأسماليّة، الإقطاع، أو القبليّة…إلخ). ولكنّ العمل لا يمكن أن يُفهم إلّا داخل سياق هذه النماذج والتنظيمات الاجتماعيّة المختلفة لِعَمَلِنا التي ينخرط فيها البشر في عمليّة تلبية احتياجاتهم الآخذة في التوسّع، مُستحدِثةً حاجاتٍ جديدة وخالِقةً طُرقًا جديدة لتلبية احتياجاتهم. يشملُ العمل كلّ شيء من وظائفنا تحت النظام الرأسماليّ وحتى الحراثة تحت النظام الإقطاعيّ، وحتى خلق الفنّ والشعر، وتشمل أيضًا ممارسة الجنس وإنجاب الأطفال. فمن خلال العمل وتعبيراته أو نماذجه العديدة، ننخرط نحن مع العالم المحيط بنا، مُغيّرينَ العالَم وأنفُسنا أثناء ذلك.
 
النشاط الحياتي – أو العمل – هو تجريدٌ يسمو فوق نماذجه المحدّدة أو نمط الإنتاج المحدد الذي يقع تحت (الرأسماليّة، الإقطاع، أو القبليّة…إلخ). ولكنّ العمل لا يمكن أن يُفهم إلّا داخل سياق هذه النماذج والتنظيمات الاجتماعيّة المختلفة لِعَمَلِنا التي ينخرط فيها البشر في عمليّة تلبية احتياجاتهم الآخذة في التوسّع، مُستحدِثةً حاجاتٍ جديدة وخالِقةً طُرقًا جديدة لتلبية احتياجاتهم. يشملُ العمل كلّ شيء من وظائفنا تحت النظام الرأسماليّ وحتى الحراثة تحت النظام الإقطاعيّ، وحتى خلق الفنّ والشعر، وتشمل أيضًا ممارسة الجنس وإنجاب الأطفال. فمن خلال العمل وتعبيراته أو نماذجه العديدة، ننخرط نحن مع العالم المحيط بنا، مُغيّرينَ العالَم وأنفُسنا أثناء ذلك.
   سطر 73: سطر 74:  
<Blockquote>
 
<Blockquote>
 
«حالما يستحكم توزيع العمل، يصبح لكلِّ إنسانٍ إطارٌ معيّن حصريّ من النشاط يُجبَرُ عليه ولا يمكنه الهرب منه. فهو صيّاد أو صائد سمك، أو راعي مواشي أو ناقد، ويجب عليه أن يبقى كذلك إن لم يرغب في خسارة وسيلة معيشته» (ص:53).  
 
«حالما يستحكم توزيع العمل، يصبح لكلِّ إنسانٍ إطارٌ معيّن حصريّ من النشاط يُجبَرُ عليه ولا يمكنه الهرب منه. فهو صيّاد أو صائد سمك، أو راعي مواشي أو ناقد، ويجب عليه أن يبقى كذلك إن لم يرغب في خسارة وسيلة معيشته» (ص:53).  
 
+
</blockquote>
 
فنحن لا نكون أبدًا بشرًا كاملي القوّة، ننخرط في كلّ أشكال العمل التي نرغب في المشاركة بها، بل يخصّص لنا نوعٌ واحد من العمل بغرض استبداله لتلبية حاجاتنا؛ فالفرد يكون عامل مركز اتّصالات، أو مصّفف شعر، أو ممرضًا أو معلمًا، وما إلى ذلك. فأُحاديّة الجانب هذه – كشرطٍ لقدرتنا على تلبية حاجاتنا – يتماز بها نمطُ الإنتاج الرأسماليّ.
 
فنحن لا نكون أبدًا بشرًا كاملي القوّة، ننخرط في كلّ أشكال العمل التي نرغب في المشاركة بها، بل يخصّص لنا نوعٌ واحد من العمل بغرض استبداله لتلبية حاجاتنا؛ فالفرد يكون عامل مركز اتّصالات، أو مصّفف شعر، أو ممرضًا أو معلمًا، وما إلى ذلك. فأُحاديّة الجانب هذه – كشرطٍ لقدرتنا على تلبية حاجاتنا – يتماز بها نمطُ الإنتاج الرأسماليّ.
   سطر 81: سطر 82:     
وإن نظرنا لـ«الهويّة» من وجهة النّظر هذه، سنناضِلُ لأجل مجتمعٍ لا يقيّدنا داخل مسمّياتٍ كـ«سائق/سائقة حافلة” أو «امرأة» أو «كوير»، وسنسعى لمجتمعٍ يسمح للجميع بأن يستخدموا نشاطهم الحياتيّ متعدد الجوانب كيفما شاءوا. بتعبيرٍ آخر، سنناضِلُ لأجلِ مجتمع يلغي تمامًا أو يتجاوز «الهويّات». وسأُسهب في هذه النقطة لاحقًا.
 
وإن نظرنا لـ«الهويّة» من وجهة النّظر هذه، سنناضِلُ لأجل مجتمعٍ لا يقيّدنا داخل مسمّياتٍ كـ«سائق/سائقة حافلة” أو «امرأة» أو «كوير»، وسنسعى لمجتمعٍ يسمح للجميع بأن يستخدموا نشاطهم الحياتيّ متعدد الجوانب كيفما شاءوا. بتعبيرٍ آخر، سنناضِلُ لأجلِ مجتمع يلغي تمامًا أو يتجاوز «الهويّات». وسأُسهب في هذه النقطة لاحقًا.
 +
    
==ما هي نظريّة التقاطعيّة وكيف نشأت؟==
 
==ما هي نظريّة التقاطعيّة وكيف نشأت؟==
سطر 93: سطر 95:  
<Blockquote>
 
<Blockquote>
 
«النساء بإمكانهنّ أن يمرّوا بتجربة جسديّة كاملة، ليس فقط أيديهنّ وعقولهنّ. فمن خلال أجسادهنّ يُنتجن أطفالًا جدد وينتجن معهم أوّل طعامٍ لهؤلاء الأطفال» (الأبويّة والتراكم على مستوى عالميّ، ص:52-53).  
 
«النساء بإمكانهنّ أن يمرّوا بتجربة جسديّة كاملة، ليس فقط أيديهنّ وعقولهنّ. فمن خلال أجسادهنّ يُنتجن أطفالًا جدد وينتجن معهم أوّل طعامٍ لهؤلاء الأطفال» (الأبويّة والتراكم على مستوى عالميّ، ص:52-53).  
 +
</blockquote>
    
ولأنّ توظيف النساء لأجسادهنّ هو شكلٌ فريدٌ منْ نوعه مِنَ أنواع العمل المغترب للنساء تحت الرأسماليّة، فهو – تاريخيًا – موقع نضالٍ لتحرّرهن. ولكن، هنالك نزعةٌ وسط الموجة النسوية الثانية أيضًا سعت لإعادة إنتاج العلاقات الرأسماليّة، داعيةً لأجل «أجورٍ متساوية للعمل المتساوي». وكلٌ من هاتين النزعتين عملتا في مواجهة العلاقات الاجتماعية المجندرة تحت النظام الرأسمالي وكلٌ منهما شاركتا منهجية سياسات الهويّة، مجادلاتٍ أنّ النساء بإمكانهن الاتّحاد بناءً على تجربة «المرأة» المشتركة، أو بناءً على «الأنوثة».
 
ولأنّ توظيف النساء لأجسادهنّ هو شكلٌ فريدٌ منْ نوعه مِنَ أنواع العمل المغترب للنساء تحت الرأسماليّة، فهو – تاريخيًا – موقع نضالٍ لتحرّرهن. ولكن، هنالك نزعةٌ وسط الموجة النسوية الثانية أيضًا سعت لإعادة إنتاج العلاقات الرأسماليّة، داعيةً لأجل «أجورٍ متساوية للعمل المتساوي». وكلٌ من هاتين النزعتين عملتا في مواجهة العلاقات الاجتماعية المجندرة تحت النظام الرأسمالي وكلٌ منهما شاركتا منهجية سياسات الهويّة، مجادلاتٍ أنّ النساء بإمكانهن الاتّحاد بناءً على تجربة «المرأة» المشتركة، أو بناءً على «الأنوثة».
سطر 100: سطر 103:  
<Blockquote>
 
<Blockquote>
 
«يتجسّد هذا التركيز على ظُلمنا الخاص في مفهوم سياسات الهويّة، فنحن نؤمن أنّ أكثر السياسات بلاغةً ولربما أكثرها راديكاليّة تنتج مباشرةً من هويّتنا، خلافًا للعمل على إنهاء ظُلمِ شخصٍ آخر. وفي حالة النساء السّود، هذا المفهوم مفهومٌ معارِض وخطيرٌ ومتوعّدٌ وبالتالي ثوريٌ أيضًا وذلك بسببٍ يتجلّى حين ننظر لكلّ الحركات السياسيّة التي سبقتنا، ففي نظرها كلُّ الناس اكثرُ استحقاقًا منّا للتحرّر». («تصريح جماعة نهر كومباهي»)
 
«يتجسّد هذا التركيز على ظُلمنا الخاص في مفهوم سياسات الهويّة، فنحن نؤمن أنّ أكثر السياسات بلاغةً ولربما أكثرها راديكاليّة تنتج مباشرةً من هويّتنا، خلافًا للعمل على إنهاء ظُلمِ شخصٍ آخر. وفي حالة النساء السّود، هذا المفهوم مفهومٌ معارِض وخطيرٌ ومتوعّدٌ وبالتالي ثوريٌ أيضًا وذلك بسببٍ يتجلّى حين ننظر لكلّ الحركات السياسيّة التي سبقتنا، ففي نظرها كلُّ الناس اكثرُ استحقاقًا منّا للتحرّر». («تصريح جماعة نهر كومباهي»)
 +
</blockquote>
    
وما نتج جرّاء ممارسة حزمة سياسات الهويّة الخاصة بـ«جماعة نهر كومباهي» (السياسات المتمحورة حول المرأة، السحاقيّة، السوداء العاملة) تمّ تعزيزه نظريًا مع نشوء نظريّة التقاطعيّة. عبّرَت منظّرات ومنظّرو التقاطعيّة اللاتي ظهرن في أواخر السبعينات وأوائلِ الثمانينات بحقٍّ عن العداوات في وسط الطبقة العاملة، مجادلاتٍ أنّه من غير الممكن للفرد أن يناقش الجندر بدون أن يناقش العرق والطبقة والجنسانية والإعاقة والعمر وما إلى ذلك.
 
وما نتج جرّاء ممارسة حزمة سياسات الهويّة الخاصة بـ«جماعة نهر كومباهي» (السياسات المتمحورة حول المرأة، السحاقيّة، السوداء العاملة) تمّ تعزيزه نظريًا مع نشوء نظريّة التقاطعيّة. عبّرَت منظّرات ومنظّرو التقاطعيّة اللاتي ظهرن في أواخر السبعينات وأوائلِ الثمانينات بحقٍّ عن العداوات في وسط الطبقة العاملة، مجادلاتٍ أنّه من غير الممكن للفرد أن يناقش الجندر بدون أن يناقش العرق والطبقة والجنسانية والإعاقة والعمر وما إلى ذلك.
سطر 106: سطر 110:  
<Blockquote>
 
<Blockquote>
 
«تحليلٍ يزعم أنّ منظومات العرق والطبقة الاجتماعيّة والجندر والجنسانية والإثنية والأمة والعمر تشكّل سِماتٍ بانية لبعضها البعض، مكوّنةً تجربة النساء السود، وبالتالي يتمّ تكوينها مِنْ قِبل النساء السود» (الفكر النسوي الأسود، ص:299).  
 
«تحليلٍ يزعم أنّ منظومات العرق والطبقة الاجتماعيّة والجندر والجنسانية والإثنية والأمة والعمر تشكّل سِماتٍ بانية لبعضها البعض، مكوّنةً تجربة النساء السود، وبالتالي يتمّ تكوينها مِنْ قِبل النساء السود» (الفكر النسوي الأسود، ص:299).  
 +
</blockquote>
    
وباستخدام هذا التعريف وكتابات المنظِّرات البارزات لنظرية التقاطعية، قُمت بتشخيص أربعة عناصر جوهريّة لنظريّة التقاطعيّة: أولًا: سياسات الاختلاف، وثانيًا: نقد منظّمات النساء ومنظّمات الأقليات العرقيّة، وثالثًا: الحاجة لتنمية أكثر الناس اضطهادًا وجعلهنّـ/ـم همـ/ـن القادة، ورابعًا: الحاجة لسياساتٍ تضع كلّ الاضطهادات بعين الاعتبار.
 
وباستخدام هذا التعريف وكتابات المنظِّرات البارزات لنظرية التقاطعية، قُمت بتشخيص أربعة عناصر جوهريّة لنظريّة التقاطعيّة: أولًا: سياسات الاختلاف، وثانيًا: نقد منظّمات النساء ومنظّمات الأقليات العرقيّة، وثالثًا: الحاجة لتنمية أكثر الناس اضطهادًا وجعلهنّـ/ـم همـ/ـن القادة، ورابعًا: الحاجة لسياساتٍ تضع كلّ الاضطهادات بعين الاعتبار.
سطر 115: سطر 120:  
<Blockquote>
 
<Blockquote>
 
«من ناحية، تواجه كلّ النساء الأمريكيات-الأفريقيّات تحدياتٍ متشابهة نتجت عن عيشهنّ في مجتمعٍ ينتقصُ تاريخيًا وروتينيًا من النساء ذوات الأصول الأفريقيّة، وعلى الرّغم من أنّ النّساء السود الأمريكيات تواجهن تحدياتٍ مشتركة، فذلك لا يعني أنّ كلّ امرأة أفريقيّة-أمريكيّة لديها نفس التجارب ولا يعني ذلك أنّنا نتّفق على أهمّية تجاربنا المتنوّعة. وبالتالي، ناحية أخرى، على الرغم من التحديات المشتركة التي تواجه النّساء السّود الأمريكيات كفئة، تميّزُ معرفة أو موقف هذه الفئة ردودُ فعلٍ متنوّعة لهذه المواضيع الرئيسيّة. على الرغم من الاختلافات في العمر والميول الجنسية والطبقة الاجتماعية والمنطقة والدين، تواجه النّساء السود الأمريكيات ممارساتٍ مجتمعيّة تقيّدنا وتفرض علينا منازل وأحياء ومدارس ووظائف دونيّة ومثيلها في التعامل الاجتماعيّ، وتُخفى هذه الاعتبارات التميزيية خلف مجموعة من المعتقدات الشائعة حول ذكاء النّساء السود وعاداتهنّ الوظيفية وجنسانيّتهن. هذه التحديات المشتركة تنتج بدورها أنماطًا متكررة من التجارب لكلِّ فردٍ منتمٍ لهذه الفئة». (ص: 25)
 
«من ناحية، تواجه كلّ النساء الأمريكيات-الأفريقيّات تحدياتٍ متشابهة نتجت عن عيشهنّ في مجتمعٍ ينتقصُ تاريخيًا وروتينيًا من النساء ذوات الأصول الأفريقيّة، وعلى الرّغم من أنّ النّساء السود الأمريكيات تواجهن تحدياتٍ مشتركة، فذلك لا يعني أنّ كلّ امرأة أفريقيّة-أمريكيّة لديها نفس التجارب ولا يعني ذلك أنّنا نتّفق على أهمّية تجاربنا المتنوّعة. وبالتالي، ناحية أخرى، على الرغم من التحديات المشتركة التي تواجه النّساء السّود الأمريكيات كفئة، تميّزُ معرفة أو موقف هذه الفئة ردودُ فعلٍ متنوّعة لهذه المواضيع الرئيسيّة. على الرغم من الاختلافات في العمر والميول الجنسية والطبقة الاجتماعية والمنطقة والدين، تواجه النّساء السود الأمريكيات ممارساتٍ مجتمعيّة تقيّدنا وتفرض علينا منازل وأحياء ومدارس ووظائف دونيّة ومثيلها في التعامل الاجتماعيّ، وتُخفى هذه الاعتبارات التميزيية خلف مجموعة من المعتقدات الشائعة حول ذكاء النّساء السود وعاداتهنّ الوظيفية وجنسانيّتهن. هذه التحديات المشتركة تنتج بدورها أنماطًا متكررة من التجارب لكلِّ فردٍ منتمٍ لهذه الفئة». (ص: 25)
 +
</blockquote>
    
هذه الفكرة تشكّل حجر أساسٍ لنظريّة التقاطعيّة: بعض الأفراد أو الفئات يختلفون عن الأفراد أو الفئات الأخرى بناءً على تجاربهم وتجاربهنّ، وبالإمكان فصل ذلك استنادًا لاصطفافاتٍ هويّاتية مختلفة.
 
هذه الفكرة تشكّل حجر أساسٍ لنظريّة التقاطعيّة: بعض الأفراد أو الفئات يختلفون عن الأفراد أو الفئات الأخرى بناءً على تجاربهم وتجاربهنّ، وبالإمكان فصل ذلك استنادًا لاصطفافاتٍ هويّاتية مختلفة.
سطر 128: سطر 134:  
<Blockquote>
 
<Blockquote>
 
«تحتلُّ النساء السّود – كفئة – موقعًا غير اعتياديّ في المجتمع، وذلك ليس لكوننا نقع جمعيًا في قاع السّلم الوظيفيّ فحسب بلّ لكون حالتنا الاجتماعيّة الكليّة أدنى من حالة أيّ فئة أخرى. ولاحتلالنا هذا الموقع، فقد تحمّلنا أعظم شدائد الاضطهاد الجنسيّ والعرقيّ والطبقيّ. وفي الوقت نفسه، نحن الفئة ذاتها التي لم تنشأ اجتماعيًا لتتخذ دورَ المُستغلّ والظالم، وذلك لأننا لا يُسمح لنا بوجودِ “آخر” مُؤَسَّس بإمكاننا استغلاله أو اضطهاده…فنحن النساء السّود – اللاتي لا يملكن “آخر” مُؤَسَسًا بإمكاننا التمييز ضدّه أو استغلاله أو اضطهاده – كثيرًا ما عشنا تجارِبَ تتحدّى البنى الطبقيّة والعنصريّة الجنسيّة والعرقيّة الغالبة مباشرةً والإيديولوجيا التي تصاحِبها. هذه التجربة المعيشيّة قد تشكّل وعينا بطريقةٍ تجعل نظرتنا للعالم مختلفة عمّن يمتلكون درجةً من الامتيازات (مهما كانت نسبيّتها داخل النظام القائم). ولذلك من الجوهريّ لأيّ نضالٍ نسويٍّ مستمرّ أن ندرك نحن النساء السّود وجهةَ نظرنا الخاصة التي يوفّرها لنا التهميش الذي نعاني منه وأن نوظّف هذه النظرة لانتقاد الهيمنة العنصريّة والطبقيّة والجنسيّة القائمة وأن نتصوّر ونخلق هيمنةً مضادّة». (النظريّة النسوية من الهامش إلى المركز، ص:16)
 
«تحتلُّ النساء السّود – كفئة – موقعًا غير اعتياديّ في المجتمع، وذلك ليس لكوننا نقع جمعيًا في قاع السّلم الوظيفيّ فحسب بلّ لكون حالتنا الاجتماعيّة الكليّة أدنى من حالة أيّ فئة أخرى. ولاحتلالنا هذا الموقع، فقد تحمّلنا أعظم شدائد الاضطهاد الجنسيّ والعرقيّ والطبقيّ. وفي الوقت نفسه، نحن الفئة ذاتها التي لم تنشأ اجتماعيًا لتتخذ دورَ المُستغلّ والظالم، وذلك لأننا لا يُسمح لنا بوجودِ “آخر” مُؤَسَّس بإمكاننا استغلاله أو اضطهاده…فنحن النساء السّود – اللاتي لا يملكن “آخر” مُؤَسَسًا بإمكاننا التمييز ضدّه أو استغلاله أو اضطهاده – كثيرًا ما عشنا تجارِبَ تتحدّى البنى الطبقيّة والعنصريّة الجنسيّة والعرقيّة الغالبة مباشرةً والإيديولوجيا التي تصاحِبها. هذه التجربة المعيشيّة قد تشكّل وعينا بطريقةٍ تجعل نظرتنا للعالم مختلفة عمّن يمتلكون درجةً من الامتيازات (مهما كانت نسبيّتها داخل النظام القائم). ولذلك من الجوهريّ لأيّ نضالٍ نسويٍّ مستمرّ أن ندرك نحن النساء السّود وجهةَ نظرنا الخاصة التي يوفّرها لنا التهميش الذي نعاني منه وأن نوظّف هذه النظرة لانتقاد الهيمنة العنصريّة والطبقيّة والجنسيّة القائمة وأن نتصوّر ونخلق هيمنةً مضادّة». (النظريّة النسوية من الهامش إلى المركز، ص:16)
 +
</blockquote>
    
هذه النّقطة تبرّر الحاجة لتنمية الـ«كوير» والنساء والأقليّات العرقية كقياداتٍ للحراك الاجتماعيّ، وتسمح هذه النقطة أيضًا لمنظّري التقاطعية بأن يفسّروا لِم – تاريخيًا – مال أكثر الناس مواجهة للاضطهاد لأن يكونوا أعلاهم في الروح النضاليّة.
 
هذه النّقطة تبرّر الحاجة لتنمية الـ«كوير» والنساء والأقليّات العرقية كقياداتٍ للحراك الاجتماعيّ، وتسمح هذه النقطة أيضًا لمنظّري التقاطعية بأن يفسّروا لِم – تاريخيًا – مال أكثر الناس مواجهة للاضطهاد لأن يكونوا أعلاهم في الروح النضاليّة.
264

تعديل

قائمة التصفح