تغييرات

تصحيح لغوي
سطر 2: سطر 2:     
==أبرز أفكار النظرية==   
 
==أبرز أفكار النظرية==   
يكمن جوهر نظرية الامتيازات في الفكرة التي تقول أن الاضطهاد يعمل من خلال مجموعة من السلطات والحقوق والامتيازات غير المستحقة التي يستمتع بها بعض المجموعات، نتيجة لجوانب معينة في هويّاتهم، لا دخل لهم بها. وتشمل تلك الجوانب على العِرق و لون وحجم الجسد و الطبقة وال[[جندر]] و[[هوية جندرية | الهويّة الجندرية]] و [[ميل جنسي | الميل الجنسي]] و اللغة و الموقع الجغرافي و السلامة البدنية والنفسية والعقلية و التعليم و الدين  وغيرهم.  فعلى سبيل المثال، يحصل الرجال على [[امتيازات ذكورية | امتيازات]] نتيجة لجندرهم ولا يتعرضون في المقابل إلى [[تمييز جنسي | التمييز الجنسي]]. وتشير النظرية إلى أن استخدام مصطلح "امتياز" لا يعني الاعتقاد بأن الجميع يستحق التعرض للاضطهاد أو التمييز، بل للاعتراف بأنه ليس تجربةً يمرّ بها الجميع.<ref name="Sian Ferguson>سيان فرجسون، [[ترجمة:مقدمة عن الامتيازات: دليل سريع ومختصر | مقدمة عن الامتيازات: دليل سريع ومختصر]]، ترجمة [[ليلى سامي]]، نشر ويكي الجندر.</ref>  
+
يكمن جوهر نظرية الامتيازات في الفكرة التي تقول أن الاضطهاد يعمل من خلال مجموعة من السلطات والحقوق والامتيازات غير المستحقة التي يستمتع بها بعض المجموعات، نتيجة لجوانب معينة في هويّاتهم، لا دخل لهم بها. وتشمل تلك الجوانب على العِرق و لون وحجم الجسد و الطبقة وال[[جندر]] و[[هوية جندرية | الهويّة الجندرية]] و [[ميل جنسي | الميل الجنسي]] و اللغة و الموقع الجغرافي و السلامة البدنية والنفسية والعقلية و التعليم و الدين  وغيرهم.  فعلى سبيل المثال، يحصل الرجال على [[امتيازات ذكورية | امتيازات]] نتيجة لجندرهم ولا يتعرضون في المقابل إلى [[تمييز جنسي | التمييز الجنسي]]. وتشير النظرية إلى أن استخدام مصطلح "امتياز" لا يعني الاعتقاد بأن الجميع يستحق التعرض للاضطهاد أو التمييز، بل للاعتراف بأنه ليس تجربةً يمرّ بها الجميع.<ref name="Sian Ferguson">سيان فرجسون، [[ترجمة:مقدمة عن الامتيازات: دليل سريع ومختصر | مقدمة عن الامتيازات: دليل سريع ومختصر]]، ترجمة [[ليلى سامي]]، نشر ويكي الجندر.</ref>  
   −
وتشير النظرية إلى وجود "سلطة مؤسسية" تعمل على إنتاج وتكريس تلك الامتيازات، فتميز تلك الأنظمة القمعية والتمييزية لصالح بعض المجموعات وتضطهد أخرى؛ فتفضّل، على سبيل المثال، [[نظام أبوي | الأنظمة الأبوية]] الرأسمالية الرجال والأغنياء و[[مغايرة جنسية | المغايرين جنسيًا]] وأصحاب [[هويات جندرية نمطية | الهويّات الجندرية النمطية]] وتستخدم سلطتها المؤسسية لتهميش النساء و [[تمييز جنسي | التمييز ضدهن]] وضد الطبقات الفقيرة و[[مثلية جنسية | المثليات/ين]] وأصحاب [[هويّات جندرية غير نمطية | الهويّات الجندرية غير النمطية]]. <ref name="Sian Ferguson/> ويشارك المنتفعين و المنتفعات من هذه الامتيازات في استمرار هذا النظام التمييزي، ولكن لا تعني حيازة شخص ما على إحدى الامتيازات أنه سيئ، ففي أغلب الأحيان لا يعي المنتفعين والمنتفعات من هذه الامتيازات بوجودها في الأصل، وبالتالي تعمل منظرّات ومنظرّي الامتيازات على جعل تلك الامتيازات "مرئية"، للفت نظر الأفراد إلى الامتيازات التي يعتبرونها شيء مسلّم به و "طبيعي"، وليس امتيازًا غير مستحق. كما تعمل الامتيازات على المستوى السيكولوجي للفرد، فتصبح انحيازًا لا إراديًا، وبالتالي تدفع النظرية الأفراد على "تفقُد امتيازاتهم" ونقدها بشكل مستمر، واستخدام تلك المعرفة لعرقلة هذا النظام.
+
وتشير النظرية إلى وجود "سلطة مؤسسية" تعمل على إنتاج وتكريس تلك الامتيازات، فتميز تلك الأنظمة القمعية والتمييزية لصالح بعض المجموعات وتضطهد أخرى؛ فتفضّل، على سبيل المثال، [[نظام أبوي | الأنظمة الأبوية]] الرأسمالية الرجال والأغنياء و[[مغايرة جنسية | المغايرين جنسيًا]] وأصحاب [[هويات جندرية نمطية | الهويّات الجندرية النمطية]] وتستخدم سلطتها المؤسسية لتهميش النساء و [[تمييز جنسي | التمييز ضدهن]] وضد الطبقات الفقيرة و[[مثلية جنسية | المثليات/ين]] وأصحاب [[هويّات جندرية غير نمطية | الهويّات الجندرية غير النمطية]]. <ref name="Sian Ferguson" /> ويشارك المنتفعين و المنتفعات من هذه الامتيازات في استمرار هذا النظام التمييزي، ولكن لا تعني حيازة شخص ما على إحدى الامتيازات أنه سيئ، ففي أغلب الأحيان لا يعي المنتفعين والمنتفعات من هذه الامتيازات بوجودها في الأصل، وبالتالي تعمل منظرّات ومنظرّي الامتيازات على جعل تلك الامتيازات "مرئية"، للفت نظر الأفراد إلى الامتيازات التي يعتبرونها شيء مسلّم به و "طبيعي"، وليس امتيازًا غير مستحق. كما تعمل الامتيازات على المستوى السيكولوجي للفرد، فتصبح انحيازًا لا إراديًا، وبالتالي تدفع النظرية الأفراد على "تفقُد امتيازاتهم" ونقدها بشكل مستمر، واستخدام تلك المعرفة لعرقلة هذا النظام.
    
==تاريخ مفهوم الامتياز==
 
==تاريخ مفهوم الامتياز==
   −
نشأ مفهوم الامتياز في الولايات المُتحدة الأمريكية، وتغير استخدام وفهم المصطلح على مر التاريخ بالتوازي مع التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي شكلت المجتمع الأمريكي.فلقد تطور مفهوم الامتياز خلال أربعة مراحل تاريخية مختلفة، أولها هي مرحلة الامتياز الأبيض الدستوري والقانوني، وهو يعني كفالة بعض الحقوق حصرياً مثل حق المواطنة وحق التملّك للبيض دون قرنائهم من السود. وثانيها هي مرحلة ما بعد التعديل الرابع عشر والخامس عشر للدستور الأمريكي الذي كفل للسود بعض الحقوق دستورياً ولكن بطئ تعديل القوانين أدى لعدم تطبيق تلك التعديلات الدستورية، في تلك الفترة بدأت الصحافة والجرائد العلمية تقدم الامتياز الأبيض باعتباره مرحلة فائتة من الماضي الأبيض، وارتفعت الآمال بشدة حول إنتهاء الامتياز الأبيض ولكن لم يختلف الوضع اجتماعياً وقانونياً كثيراً. وثالثها مرحلة ما بعد تشريع قانون الحقوق المدنية لعام 1964، الذي يجرم أي فعل تمييزي مبني على أساس العرق والذي يكفل جميع الحقوق المدنية للمواطنين الأمريكيين البيض والسود والملونين على حدِ سواء، حينها أًبحت النظرة السائدة للامتياز الأبيض أنه جزء من الماضي التشريعي الأمريكي، ولكن بالرغم من تشريع ذلك القانون إلا أن بعض الأفعال والممارسات العنصرية استمرت في الحدوث وهذا ما تحدث عنه الكثير من الصحفين والأكاديميين ولكنهم كانوا يفسرونه بكونه بقايا من رواسب الامتياز الأبيض الذي انقضت أعوامه.  
+
نشأ مفهوم الامتياز في الولايات المُتحدة الأمريكية، وتغير استخدام وفهم المصطلح على مر التاريخ بالتوازي مع التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي شكلت المجتمع الأمريكي.فلقد تطور مفهوم الامتياز خلال أربعة مراحل تاريخية مختلفة، أولها هي مرحلة الامتياز الأبيض الدستوري والقانوني، وهو يعني كفالة بعض الحقوق حصرياً مثل حق المواطنة وحق التملّك للبيض دون قرنائهم من السود. وثانيها هي مرحلة ما بعد التعديل الرابع عشر والخامس عشر للدستور الأمريكي الذي كفل للسود بعض الحقوق دستورياً ولكن بطء تعديل القوانين أدى لعدم تطبيق تلك التعديلات الدستورية، في تلك الفترة بدأت الصحافة والجرائد العلمية تقدم الامتياز الأبيض باعتباره مرحلة فائتة من الماضي الأبيض، وارتفعت الآمال بشدة حول إنتهاء الامتياز الأبيض ولكن لم يختلف الوضع اجتماعياً وقانونياً كثيراً. وثالثها مرحلة ما بعد تشريع قانون الحقوق المدنية لعام 1964، الذي يجرم أي فعل تمييزي مبني على أساس العرق والذي يكفل جميع الحقوق المدنية للمواطنين الأمريكيين البيض والسود والملونين على حدِ سواء، حينها أًبحت النظرة السائدة للامتياز الأبيض أنه جزء من الماضي التشريعي الأمريكي، ولكن بالرغم من تشريع ذلك القانون إلا أن بعض الأفعال والممارسات العنصرية استمرت في الحدوث وهذا ما تحدث عنه الكثير من الصحفين والأكاديميين ولكنهم كانوا يفسرونه بكونه بقايا من رواسب الامتياز الأبيض الذي انقضت أعوامه.  
 
والمرحلة الرابعة والمعاصرة لمفهوم الامتياز، هي مرحلة ما بعد عام 1988 عندما عرفت الكاتبة النسوية والأكاديمية بيجي ماكينتوش مفهوم الامتياز باعتباره جزء من تكوين اللاوعي الأميريكي حيثُ أنه أعمق من الحقائق الهيلية والتشريعات، وجادلت قائلة أنه لذلك لم يستطع التعديل الرابع عشر للدستور أو تشريع قانون الحقوق المدنية من القضاء على الامتياز الأبيض، لأن الامتياز الأبيض ليس مجرد مشكلة يمكن أن تُحل بمجرد كونها غير قانونية، ولكنه مرتبط بالطريقة التي يرى ويختبر بها المواطنين البيض واقعهم اليومي.  
 
والمرحلة الرابعة والمعاصرة لمفهوم الامتياز، هي مرحلة ما بعد عام 1988 عندما عرفت الكاتبة النسوية والأكاديمية بيجي ماكينتوش مفهوم الامتياز باعتباره جزء من تكوين اللاوعي الأميريكي حيثُ أنه أعمق من الحقائق الهيلية والتشريعات، وجادلت قائلة أنه لذلك لم يستطع التعديل الرابع عشر للدستور أو تشريع قانون الحقوق المدنية من القضاء على الامتياز الأبيض، لأن الامتياز الأبيض ليس مجرد مشكلة يمكن أن تُحل بمجرد كونها غير قانونية، ولكنه مرتبط بالطريقة التي يرى ويختبر بها المواطنين البيض واقعهم اليومي.  
   سطر 25: سطر 25:  
في عام 1868، وقع الرئيس الأمريكي جونسون على التعديل الرابع عشر للدستور الأمريكي، والذي جعل من غير القانوني أن تمرر الدولة قوانين قد تحرم أي من المواطنين الأمريكيين من الحصانات والامتيازات المكفولة لهم، أو التي قد تحرم أي مواطن أمريكي من الحياة او الحرية أو الحق في التملك، أو التي قد تحرم أي شخص يقع تحت السلطة القضائية الأمريكية من الحماية القانونية المتساوية.  
 
في عام 1868، وقع الرئيس الأمريكي جونسون على التعديل الرابع عشر للدستور الأمريكي، والذي جعل من غير القانوني أن تمرر الدولة قوانين قد تحرم أي من المواطنين الأمريكيين من الحصانات والامتيازات المكفولة لهم، أو التي قد تحرم أي مواطن أمريكي من الحياة او الحرية أو الحق في التملك، أو التي قد تحرم أي شخص يقع تحت السلطة القضائية الأمريكية من الحماية القانونية المتساوية.  
   −
وقد عمل ذلك التعديل على ضمان الاعتراف بمواطنة كل من يولد على أرضِ أمريكية، كما أحدث ذلك التعديل تغيراً كبيراً في الرؤية القانونية لمواطنة لكل من الأمريكيين الأفريقيين والمواطنين الأصليين والمواطنين من أصول آسيوية، حيثُ في عام 1857 كانت قد حكمت المحكمة العليا الأمريكية أنه لا مواطنة للأمريكيين من أصول أفريقية حتى وإن لم يكونوا عبيداً في ماضيهم. مما كان يترتب عليه عدم قدرة الأمريكيين من أصول أفريقية من التمتع من كل الامتيازات والحصانات القانونية أو الدستورية كمواطنين أمريكيين.<ref>[https://www.law.cornell.edu/wex/fourteenth_amendment_0 صفحة التعديل الرابع عشر في موقع معهد المعلومات القانونية التابع لمدرسة كونيل للحقوق]،</ref>
+
وقد عمل ذلك التعديل على ضمان الاعتراف بمواطنة كل من يولد على أرضِ أمريكية، كما أحدث ذلك التعديل تغيراً كبيراً في الرؤية القانونية لمواطنة لكل من الأمريكيين الأفريقيين والمواطنين الأصليين والمواطنين من أصول آسيوية، حيثُ في عام 1857 كانت قد حكمت المحكمة العليا الأمريكية أنه لا مواطنة للأمريكيين من أصول أفريقية حتى وإن لم يكونوا عبيداً في ماضيهم. مما كان يترتب عليه عدم قدرة الأمريكيين من أصول أفريقية من التمتع من كل الامتيازات والحصانات القانونية أو الدستورية كمواطنين أمريكيين.<ref>[https://www.law.cornell.edu/wex/fourteenth_amendment_0 صفحة التعديل الرابع عشر في موقع معهد المعلومات القانونية التابع لمدرسة كونيل للحقوق]،</ref>
    
في عام 1892، حاول مواطن أمريكي من أصول أفريقية أن يجلس على كرسي في إحدى عربات السكة الحديد المخصصة للبيض فقط في ولاية نيو أورليانز، تم القبض على هذا المواطن الذي جادل بأن تلك الخطوط تنتهك التعديل الرابع عشر بمنع السود كمواطنين أمريكيين من شغل بعض المساحات العامة وتخصيصها فقط للبيض. ولكن بعد أربعة أعوام من تلك اقضية قضت المحكمة العليا للولايات المتحدة الأمريكية أن شركة القطارات التي منعت هذا المواطن من الجلوس على مقعد مخصص للبيض كانت تتصرف وفقًا للقانون والدستور الأمريكيين، ولم تنتهك التعديل الرابع عشر.<ref>[https://www.history.com/topics/black-history/plessy-v-ferguson صفحة قضية بليسي فيرجوسون على موقع هيستوري.كوم]،</ref>
 
في عام 1892، حاول مواطن أمريكي من أصول أفريقية أن يجلس على كرسي في إحدى عربات السكة الحديد المخصصة للبيض فقط في ولاية نيو أورليانز، تم القبض على هذا المواطن الذي جادل بأن تلك الخطوط تنتهك التعديل الرابع عشر بمنع السود كمواطنين أمريكيين من شغل بعض المساحات العامة وتخصيصها فقط للبيض. ولكن بعد أربعة أعوام من تلك اقضية قضت المحكمة العليا للولايات المتحدة الأمريكية أن شركة القطارات التي منعت هذا المواطن من الجلوس على مقعد مخصص للبيض كانت تتصرف وفقًا للقانون والدستور الأمريكيين، ولم تنتهك التعديل الرابع عشر.<ref>[https://www.history.com/topics/black-history/plessy-v-ferguson صفحة قضية بليسي فيرجوسون على موقع هيستوري.كوم]،</ref>
   −
قبالرغم من ارتفاع آمال الكثيرين بالحد من التمييز العنصري بعد إقرار التعديل الرابع عشر، إلا أن ذلك التعديل الدستوري لم يغير من حقيقة الممارسات العنصرية والامتيازات التي استمر البيض في حيازتها دوناً عن المواطنين السود أو الملونين.
+
فبالرغم من ارتفاع آمال الكثيرين بالحد من التمييز العنصري بعد إقرار التعديل الرابع عشر، إلا أن ذلك التعديل الدستوري لم يغير من حقيقة الممارسات العنصرية والامتيازات التي استمر البيض في حيازتها دوناً عن المواطنين السود أو الملونين.
    
أول من نظر لفكرة الامتياز الأبيض هو عالم الإجتماع والمؤرخ الأفريقي الأمريكي دو بوا (W.E.B Du Bois) في كتابه أرواح الأمة السوداء (The Souls Of Black Folk)،عام 1903، الذي تضمن مجموعة من المقالات حيث جمع فيها دو بوا ما بين مصطلحي "الوعي المزدوج" (Double Consciousness) و"الحجاب" (The Veil).  
 
أول من نظر لفكرة الامتياز الأبيض هو عالم الإجتماع والمؤرخ الأفريقي الأمريكي دو بوا (W.E.B Du Bois) في كتابه أرواح الأمة السوداء (The Souls Of Black Folk)،عام 1903، الذي تضمن مجموعة من المقالات حيث جمع فيها دو بوا ما بين مصطلحي "الوعي المزدوج" (Double Consciousness) و"الحجاب" (The Veil).  
سطر 45: سطر 45:  
في عام 1968، كتبت بيتي واشنطن (Betty Washington)، محررة في جريدة مدافع شيكاجو (The Chicago Defender)، عن أنه بالرغم من إقرار قانون الحقوق المدنية، إلا أن جيتوهات الامتياز الأبيض مستمرة في الوجود، وأن هناك الكثير من العادات المرتبطة باستدامة ذلك الامتياز لم تنتهي بعد، وجادلت بأن اختيار بعض السكان أن تكون بعض المناطق في ولاية شيكاجو حصرية فقط للسكان البيض، برغم عدم قانونية ذلك، يعتبر ممارسة لذلك الامتياز وممارسة للتمييز العرقي الاجتماعي.  
 
في عام 1968، كتبت بيتي واشنطن (Betty Washington)، محررة في جريدة مدافع شيكاجو (The Chicago Defender)، عن أنه بالرغم من إقرار قانون الحقوق المدنية، إلا أن جيتوهات الامتياز الأبيض مستمرة في الوجود، وأن هناك الكثير من العادات المرتبطة باستدامة ذلك الامتياز لم تنتهي بعد، وجادلت بأن اختيار بعض السكان أن تكون بعض المناطق في ولاية شيكاجو حصرية فقط للسكان البيض، برغم عدم قانونية ذلك، يعتبر ممارسة لذلك الامتياز وممارسة للتمييز العرقي الاجتماعي.  
   −
لم يكن هذا الوضع مقتصر على أحياء ولاية شيكاجو فقط، ولكنه كان موجود في بعض الولايات الأخرى كنيويورك، حيث كتب الصحفي ماكندليش فيليبس (McCandlish Philips)، عن اختيار سكان منطقة الرفيفرديل (Riverdale) بإبقاء منطقتهم هادئة وفاخرة من خلال منع أي أفراد سود أو ملونين من تملك عقارات في تلك المنطقة، وبالرغم من ذلك فإنه أقر أن هناك الكثير من رجال السياسة والأعمال واعين بضرورة إنهاء نمط الامتياز الأبيض القديم، بالنسبة لمكاندليش، كان الامتياز الأبيض جزء من الماضي الأمريكي الأسود، الذي لم يُسمح فيه للسكان من غير البيض أن يتملكوا عقارات في منطقة الريفرديل، وبالنسبة له فمن الواجب إنها هذا الفصل العنصري الاجتماعي، وذلك من خلال تغيير عملية صنع القرار ما بين قاطني المناطق مثل الريفرديل، فبالنسبه له ولرجال النخبة الذين تحدث عنهم في مقاله كانت مسألة إنهاء الامتياز الأبيض وممارساته هي مسألة اختيار، وأن قاطني منطقة الريفرديل وغيرها عليهم أن يغيروا إختياراتهم بخصوص السماح للسود والملونين بالسكن في منطقتهم.
+
لم يكن هذا الوضع مقتصرًا على أحياء ولاية شيكاجو فقط، ولكنه كان موجودًا في بعض الولايات الأخرى كنيويورك، حيث كتب الصحفي ماكندليش فيليبس (McCandlish Philips)، عن اختيار سكان منطقة الرفيفرديل (Riverdale) بإبقاء منطقتهم هادئة وفاخرة من خلال منع أي أفراد سود أو ملونين من تملك عقارات في تلك المنطقة، وبالرغم من ذلك فإنه أقر أن هناك الكثير من رجال السياسة والأعمال واعين بضرورة إنهاء نمط الامتياز الأبيض القديم، بالنسبة لمكاندليش، كان الامتياز الأبيض جزءًا من الماضي الأمريكي الأسود، الذي لم يُسمح فيه للسكان من غير البيض أن يتملكوا عقارات في منطقة الريفرديل، وبالنسبة له فمن الواجب إنها هذا الفصل العنصري الاجتماعي، وذلك من خلال تغيير عملية صنع القرار ما بين قاطني المناطق مثل الريفرديل، فبالنسبه له ولرجال النخبة الذين تحدث عنهم في مقاله كانت مسألة إنهاء الامتياز الأبيض وممارساته هي مسألة اختيار، وأن قاطني منطقة الريفرديل وغيرها عليهم أن يغيروا إختياراتهم بخصوص السماح للسود والملونين بالسكن في منطقتهم.
   −
كما كانت للصحف والنشرات الكنسية نفس الفهم للامتياز الأبيض، حيث نشر المنشور نصف السنوي "القرن المسيحي" (Christian century) مقالاً بقلم مايكل ستون تحت عنوان سنة البيان الأسود (The Year Of The Black Manifesto)، حيث عرض المقال آراء مع وضد دفع تعويضات للسود لتعويضهم عن الخسائر الماديةالتي تكبدوهاأثناء سنين الاضطهاد، وخاصةً سنوات العبودية. كان الهدف من تلك التعويضات هو تعويض الخسائر الناجمة عن فقدان الأراضي أو الممتلكات عندما كانت الملكية الخاصة غير مقننة للسود والملونين، وأيضاً عدم قدرتهم على الاقتراض أو الانخراط في العديد من الممارسات المالية الأخرى التي كان المواطنين قادرين على المشاركة فيها دائماً.  
+
كما كان للصحف والنشرات الكنسية نفس الفهم للامتياز الأبيض، حيث نشر المنشور نصف السنوي "القرن المسيحي" (Christian century) مقالاً بقلم مايكل ستون تحت عنوان سنة البيان الأسود (The Year Of The Black Manifesto)، حيث عرض المقال آراء مع وضد دفع تعويضات للسود لتعويضهم عن الخسائر المادية التي تكبدوها أثناء سنين الاضطهاد، وخاصةً سنوات العبودية. كان الهدف من تلك التعويضات هو تعويض الخسائر الناجمة عن فقدان الأراضي أو الممتلكات عندما كانت الملكية الخاصة غير مقننة للسود والملونين، وأيضاً عدم قدرتهم على الاقتراض أو الانخراط في العديد من الممارسات المالية الأخرى التي كان المواطنين قادرين على المشاركة فيها دائماً.  
 
وأوضح ستون أن قيادة الكنيسة قد اعترفت بوجود العنصرية في الولايات المتحدة ولكنه أضاف أن تلك القيادات رفضت مطالب التعويضات، مشيرين أن المهمة الدينية هي التعامل مع الندوب الموجودة حالياً في أرواح النساء والرجال السود والملونين والناتجة عن الامتياز الأبيض الذي كان يتم ممارسته في الماضي.
 
وأوضح ستون أن قيادة الكنيسة قد اعترفت بوجود العنصرية في الولايات المتحدة ولكنه أضاف أن تلك القيادات رفضت مطالب التعويضات، مشيرين أن المهمة الدينية هي التعامل مع الندوب الموجودة حالياً في أرواح النساء والرجال السود والملونين والناتجة عن الامتياز الأبيض الذي كان يتم ممارسته في الماضي.
   −
في عام 1977، نشرت صحيفة أتلانتا ديلي وورلد (Atlanta daily world) مقالاً كان في الأصل مطبوعاً في أحد مجلات الكنيسة الميتودية(أحد الطوائف المسيحية الإنجيلية)، وجاء في هذا المقال دعم القساوسة الميتوديين لسياسات العمل الإيجابي (Affirmative action policies) التي تبنتها الكثير من الجامعات في جميع أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية، وبالأخص، دعمت الكنيسة السياسة التي تبنتها جامعة كاليفورنيا ديفيس بتخصيص 16 من أصل مئة مقعد  للأقليات من الطلاب. وكانت المدرسة قد رفضت أحد المتقدمين البيض للإلتحاق بها بموجب سياسات العمل الإيجابي التي تتبعها. جادل القساوسة الميتوديون أن عدم قبول هذا الطالب لم يكن عقاباً له بسبب لون بشرته البيضاء، ولكنه في الواقع هو مجرد محاولة لإنهاء أنظمة الامتياز الأبيض الماضية.
+
في عام 1977، نشرت صحيفة أتلانتا ديلي وورلد (Atlanta daily world) مقالاً كان في الأصل مطبوعاً في أحد مجلات الكنيسة الميتودية (أحد الطوائف المسيحية الإنجيلية)، وجاء في هذا المقال دعم القساوسة الميتوديين لسياسات العمل الإيجابي (Affirmative action policies) التي تبنتها الكثير من الجامعات في جميع أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية، وبالأخص، دعمت الكنيسة السياسة التي تبنتها جامعة كاليفورنيا ديفيس بتخصيص 16 من أصل مئة مقعد  للأقليات من الطلاب. وكانت المدرسة قد رفضت أحد المتقدمين البيض للإلتحاق بها بموجب سياسات العمل الإيجابي التي تتبعها. جادل القساوسة الميتوديون أن عدم قبول هذا الطالب لم يكن عقاباً له بسبب لون بشرته البيضاء، ولكنه في الواقع هو مجرد محاولة لإنهاء أنظمة الامتياز الأبيض الماضية.
    
شدد الميتوديون المتحدون على حجة المجلس القومي للكنائس حينها (National Council of Churches NCC) والذي جادل بالقول أن الدافع الذي صدر به ذلك القرار هو قمع الامتياز الأبيض وإيقاف قهر الأقليات العرقية، وليس معاقبة البياض ومكافأة الأقلية العرقية.  
 
شدد الميتوديون المتحدون على حجة المجلس القومي للكنائس حينها (National Council of Churches NCC) والذي جادل بالقول أن الدافع الذي صدر به ذلك القرار هو قمع الامتياز الأبيض وإيقاف قهر الأقليات العرقية، وليس معاقبة البياض ومكافأة الأقلية العرقية.  
سطر 58: سطر 58:  
أوضح الحكم الصادر من المحكمة العليا الفهم القانوني للمحكمة للامتياز الأبيض، حيثُ أنه في عام 1977، عندما أثيرت تلك القضية، كان يعتبر أي فعل تمييزي هو فعل غير قانوني، فبالنسبة للقضاة أيضاً كان الامتياز الأبيض هو جزء من الماضي، ولم يكن هناك حاجة لدى الجامعات والمدارس أن ينظروا لعرق المتقدمين حتى يضمنوا قبول طلاب من الأقليات العرقية.  
 
أوضح الحكم الصادر من المحكمة العليا الفهم القانوني للمحكمة للامتياز الأبيض، حيثُ أنه في عام 1977، عندما أثيرت تلك القضية، كان يعتبر أي فعل تمييزي هو فعل غير قانوني، فبالنسبة للقضاة أيضاً كان الامتياز الأبيض هو جزء من الماضي، ولم يكن هناك حاجة لدى الجامعات والمدارس أن ينظروا لعرق المتقدمين حتى يضمنوا قبول طلاب من الأقليات العرقية.  
   −
في مقال نُشر عام 1978، في مجلة التعليم بجامعة أوهايو والتي كانت تصدر تحت إسم النظرية من خلال الممارسة (Theory into Practice)، كتب ويليام نيلسون جونيور، الطالب بقسم الدراسات السوداء في جامعة أوهايو، أنه على الرغم من ادعاء المؤسسات التعليمية الأمريكية بأن نظام التعليم الأميريكي هو نظام ديمقراطي وأن المدارس والجامعات هي مؤسسات ديمقراطية دورها هو ابراز المواهب وتشجيع التقدم العلمي، إلا أنه في حقيقة الأمر تلك المؤسسات التعليمية هي من أكبر الدعائم التي عملت على إبقاء عدم المساواة بين البيض والسود في كل جوانب الحياة الأمريكية، فلقد كانت مأسسة الامتياز الأبيض على رأس أولويات المؤسسات التعليمية الأمريكية تاريخيًا.  
+
في مقال نُشر عام 1978، في مجلة التعليم بجامعة أوهايو والتي كانت تصدر تحت إسم النظرية من خلال الممارسة (Theory into Practice)، كتب ويليام نيلسون جونيور، الطالب بقسم الدراسات السوداء في جامعة أوهايو، أنه على الرغم من ادعاء المؤسسات التعليمية الأمريكية بأن نظام التعليم الأميريكي هو نظام ديمقراطي وأن المدارس والجامعات هي مؤسسات ديمقراطية دورها هو ابراز المواهب وتشجيع التقدم العلمي، إلا أنه في حقيقة الأمر تلك المؤسسات التعليمية هي من أكبر الدعائم التي عملت على إبقاء عدم المساواة بين البيض والسود في كل جوانب الحياة الأمريكية، فلقد كانت مؤسسة الامتياز الأبيض على رأس أولويات المؤسسات التعليمية الأمريكية تاريخيًا.  
وقد أوضح ويليام أن الحرمان من الفرص المتساوية في التعليم للسود في المدارس العامة، يحد من فرص عlلهم ويجعل قدرتهم على التنافس في سوق العمل محدودة. لقد درس ويليام الامتياز الأبيض من خلال مجموعة الحقائق التاريخية والهيكلية وقدرتها على التأثير في الحاضر والمستقبل على فرص السود في الانخراط في السوق والحياة العملية والاجتماعية الأميريكية.<ref name="White privilege">[https://scholarworks.gsu.edu/cgi/viewcontent.cgi?article=1051&context=history_theses Jacob Bennett,"White Privilege: A History of The Concept", Georgia state University, 2012, p.8-17]</ref>
+
وقد أوضح ويليام أن الحرمان من الفرص المتساوية في التعليم للسود في المدارس العامة، يحد من فرص عالمهم ويجعل قدرتهم على التنافس في سوق العمل محدودة. لقد درس ويليام الامتياز الأبيض من خلال مجموعة الحقائق التاريخية والهيكلية وقدرتها على التأثير في الحاضر والمستقبل على فرص السود في الانخراط في السوق والحياة العملية والاجتماعية الأميريكية.<ref name="White privilege">[https://scholarworks.gsu.edu/cgi/viewcontent.cgi?article=1051&context=history_theses Jacob Bennett,"White Privilege: A History of The Concept", Georgia state University, 2012, p.8-17]</ref>
    
==مفهوم الامتياز حديثاً==  
 
==مفهوم الامتياز حديثاً==  
سطر 66: سطر 66:  
بدأت نظرية الامتيازات بإلقاء الضوء على الميّزات غير المستحقة التي تنتجها المجتمعات الأبوية أو البيضاء أو كلاهما. ومن أبرز الكتابات الأوائل للنظرية هي كتابات الأكاديمية والناشطة الأمريكية ال[[نسوية]] [[بيجي مكنتوش]] (1934 - ) Peggy McIntosh، تحديدًا ورقتها ''[http://www.collegeart.org/pdf/diversity/white-privilege-and-male-privilege.pdf امتياز البياض والامتياز الذكوري]'' (1988) (''White Privilege and Male Privilege''). في مقالها، ترصد بيجي 46 امتيازًا في حياتها اليومية حيث يمكنها، نتيجة لكونها بيضاء، أن تعتبرهم أشياء مُسلّم بها، على عكس الأشخاص السود. وتُشبّه بيجي الامتيازات كـ«حقيبة ظهر غير مرئية»، فتقول:  
 
بدأت نظرية الامتيازات بإلقاء الضوء على الميّزات غير المستحقة التي تنتجها المجتمعات الأبوية أو البيضاء أو كلاهما. ومن أبرز الكتابات الأوائل للنظرية هي كتابات الأكاديمية والناشطة الأمريكية ال[[نسوية]] [[بيجي مكنتوش]] (1934 - ) Peggy McIntosh، تحديدًا ورقتها ''[http://www.collegeart.org/pdf/diversity/white-privilege-and-male-privilege.pdf امتياز البياض والامتياز الذكوري]'' (1988) (''White Privilege and Male Privilege''). في مقالها، ترصد بيجي 46 امتيازًا في حياتها اليومية حيث يمكنها، نتيجة لكونها بيضاء، أن تعتبرهم أشياء مُسلّم بها، على عكس الأشخاص السود. وتُشبّه بيجي الامتيازات كـ«حقيبة ظهر غير مرئية»، فتقول:  
 
<blockquote>  
 
<blockquote>  
أصبحت أنظر إلى امتياز البياض (white privilege) كحمولة مخفية من الأصول غير المستأهلة، بإمكاني الاعتماد على الاستفادة منها كل يوم، ولكن «قُصِد» لي أن أظل غافلة عنها. امتياز البياض يشبه حقيبة ظهر غير مرئية، وبلا وزن، تحوي تدابير خاصة وضمانات وأدوات وخرائط وإرشادات وكتب شفرات وجوازات وتأشيرات وملابس وبوصلة وعدة طوارئ وَشَيكًا مفتوحا.<ref name="Esme&Yuri>عصمة تشونارا ويوري براساد، مقال ''[[وثيقة:إشكاليات نظرية الامتيازات | إشكاليات نظرية الامتيازات]]''، ترجمة ونشر [[ما العمل؟]].</ref>
+
أصبحت أنظر إلى امتياز البياض (white privilege) كحمولة مخفية من الأصول غير المستأهلة، بإمكاني الاعتماد على الاستفادة منها كل يوم، ولكن «قُصِد» لي أن أظل غافلة عنها. امتياز البياض يشبه حقيبة ظهر غير مرئية، وبلا وزن، تحوي تدابير خاصة وضمانات وأدوات وخرائط وإرشادات وكتب شفرات وجوازات وتأشيرات وملابس وبوصلة وعدة طوارئ وَشَيكًا مفتوحا.<ref name="Esme&Yuri">عصمة تشونارا ويوري براساد، مقال ''[[وثيقة:إشكاليات نظرية الامتيازات | إشكاليات نظرية الامتيازات]]''، ترجمة ونشر [[ما العمل؟]].</ref>
 
</blockquote>  
 
</blockquote>  
   سطر 86: سطر 86:     
==نقد النظرية==  
 
==نقد النظرية==  
بالرغم من أن نظرية الامتيازات كانت مهمة لإشارتها إلى كيفية بناء الأنظمة التمييزية لهويّاتنا كأشخاص، إلى أنها انتُقدت في عدة جوانب أخر؛ فانتُقدت لكونها، كما وصفتها [[عصمة تشونارا]] و يوري براساد، "نظرية تشاؤمية" تجرّد أصحاب الامتيازات  من القدرة على المقاومة كأشخاص فعّالة؛ حيث ترى النظرية أصحاب الامتيازات مستفيدين تلقائيين من اضطهاد غيرهم، ولا يمكنهم الهروب من التواطؤ في هذا الاضطهاد أو التنازل عن تلك الامتيازات. فأفضل ما يمكنهم فعله هو الإدراك الذاتي لماهية تلك الامتيازات، وأن يصبحوا "حلفاء ملائمين" لمن يواجه الاضطهاد. وهنا تميل النظرية إلى "اختزال الجدل السياسي في مناشداتٍ أخلاقية ومشاعر شخصية"، بدلًا من محاولة فهم وتحليل أسباب هذا الاضطهاد. ويجادلا بأن النظرية تخلط بين المشاكل وأعراضها؛ فالامتيازات والاضطهادات الناتجة عن حجم ال[[جسد]]، على سبيل المثال، ليست مشكلة متواجدة بشكل مستقل، بل هي إحدى أعراض [[تمييز جنسي | التمميز الجنسي]] ضد النساء. كما تشير عصمة تشونارا ويوري براساد إلى محدودية النظرية، فيجادلا بأن نظرية الامتيازات تجعل من إدراك الامتيازات والاعتراف بها "غاية بحد ذاتها"؛ فسرد الامتيازات بهذه الطريقة لا يشير لشيء سوى لحقيقة وجود مجتمع تمييزي، ولا يحاول في المقابل فهم أسباب هذا التمييز وأساليب التكريس له وكيفية التغلب عليه لخلق مجتمع لا تمييزي.<ref name="Esme&Yuri/>
+
بالرغم من أن نظرية الامتيازات كانت مهمة لإشارتها إلى كيفية بناء الأنظمة التمييزية لهويّاتنا كأشخاص، إلى أنها انتُقدت في عدة جوانب أخر؛ فانتُقدت لكونها، كما وصفتها [[عصمة تشونارا]] و يوري براساد، "نظرية تشاؤمية" تجرّد أصحاب الامتيازات  من القدرة على المقاومة كأشخاص فعّالة؛ حيث ترى النظرية أصحاب الامتيازات مستفيدين تلقائيين من اضطهاد غيرهم، ولا يمكنهم الهروب من التواطؤ في هذا الاضطهاد أو التنازل عن تلك الامتيازات. فأفضل ما يمكنهم فعله هو الإدراك الذاتي لماهية تلك الامتيازات، وأن يصبحوا "حلفاء ملائمين" لمن يواجه الاضطهاد. وهنا تميل النظرية إلى "اختزال الجدل السياسي في مناشداتٍ أخلاقية ومشاعر شخصية"، بدلًا من محاولة فهم وتحليل أسباب هذا الاضطهاد. ويجادلا بأن النظرية تخلط بين المشاكل وأعراضها؛ فالامتيازات والاضطهادات الناتجة عن حجم ال[[جسد]]، على سبيل المثال، ليست مشكلة متواجدة بشكل مستقل، بل هي إحدى أعراض [[تمييز جنسي | التمميز الجنسي]] ضد النساء. كما تشير عصمة تشونارا ويوري براساد إلى محدودية النظرية، فيجادلا بأن نظرية الامتيازات تجعل من إدراك الامتيازات والاعتراف بها "غاية بحد ذاتها"؛ فسرد الامتيازات بهذه الطريقة لا يشير لشيء سوى لحقيقة وجود مجتمع تمييزي، ولا يحاول في المقابل فهم أسباب هذا التمييز وأساليب التكريس له وكيفية التغلب عليه لخلق مجتمع لا تمييزي.<ref name="Esme&Yuri" />
   −
كما انتُقدت النظرية لتحويلها "تمييز" و"اضطهاد" بعض المجموعات إلى "امتيازات" غير مستحقة تملكها مجموعات أخرى؛ فينتقد ساندو هيرا Sandew Hira [[يجي مكنتوش]] لعدم تسميتها الأشياء بمسمياتها؛ فلا تُسمي العنصرية عنصرية ولا تُسمي الظلم ظلمًا، بل تختزل كل هذا تحت مسمى "امتياز". كما يشير أنها تتجاهل الخلفية التاريخية للعنصرية وجرائمها وارتباطها بالاستعمار؛ ويجادل أنه لو كانت العنصرية مجرّد "حقيبة ظهر غير مرئية" ذاتية بها أدوات وميّزات، كما تصفها يجي، فيمكننا إذًا تسميتها "امتياز البياض" فقط ونتخلى عن استخدام مصطلح العنصرية ونتجاهل تاريخها. كما انتُقدت النظرية لتحويلها مشاكل مؤسسية وتاريخية إلى مشاكل ذاتية، فتحول التركيز من بناء حركات اجتماعية جماعية تعمل على إسقاط الأنظمة القمعيةةإلى "اعتراف فردي".<ref>أندريا سميث، تدوينة ''[https://andrea366.wordpress.com/2013/08/14/the-problem-with-privilege-by-andrea-smith/ مشكلة الامتياز]'' على مدونة andrea366.</ref> ويشير ساندو إلى أن يجي تستخف بالعنصرية وجرائمها وتسرد قائمة من الامتيازات على مستوى "التواصل السطحي بين الأفراد" وتتجاهل العنصرية المؤسسية على مر التاريخ. <ref name="SandewHira>ساندو هيرا، مقال ''[https://www.din.today/the-theory-of-white-privilege-why-racism-is-not-a-privilege/ نظرية امتياز البياض: لماذا العنصرية ليست امتيازًا، بل ظلم]''، على موقع din.today. </ref> ويوافق ر. ل. ستيفنس 2 R.L. Stephens II على محدودية النظرية وتركيزها على الأفراد، بدلًا من المؤسسات؛ فيشير أن الفكرة لا تكمن فقط في استيعاب الأشخاص المحرومة من الميّزات، بل في تطوير استراتيجيات جماعية للقضاء على أنظمة السلطة التي تخلق هذه الامتيازات في المقام الأول. ويضيف أنه عند "تشخيص المشكلة أكثر من اللازم" تتحول نظرية الامتيازات في أسوأ الأحوال إلى "أولومبيات اضطهاد" وساحة تبادل اللوم ودفع الآخرين للشعور بالخجل والذنب، وفي أحسن الأحول، نتعامل مع الظلم والاستبداد المؤسسي كمشكلة ذاتية وتدريب أخلاقي "للاعتراف بالامتيازات"، بدلًا من مناقشة العلاقة بين السلطة المؤسسية والسلوك الشخصي بشكل ملائم.<ref> ر. ل. ستيفنس 2 مقال ''[http://www.orchestratedpulse.com/2013/10/tim-wise-failure-privilege-discourse/ تيم وايز وفشل خطاب الامتيازات]''، على موقع orchestratedpulse.</ref>
+
كما انتُقدت النظرية لتحويلها "تمييز" و"اضطهاد" بعض المجموعات إلى "امتيازات" غير مستحقة تملكها مجموعات أخرى؛ فينتقد ساندو هيرا Sandew Hira [[يجي مكنتوش]] لعدم تسميتها الأشياء بمسمياتها؛ فلا تُسمي العنصرية عنصرية ولا تُسمي الظلم ظلمًا، بل تختزل كل هذا تحت مسمى "امتياز". كما يشير أنها تتجاهل الخلفية التاريخية للعنصرية وجرائمها وارتباطها بالاستعمار؛ ويجادل أنه لو كانت العنصرية مجرّد "حقيبة ظهر غير مرئية" ذاتية بها أدوات وميّزات، كما تصفها يجي، فيمكننا إذًا تسميتها "امتياز البياض" فقط ونتخلى عن استخدام مصطلح العنصرية ونتجاهل تاريخها. كما انتُقدت النظرية لتحويلها مشاكل مؤسسية وتاريخية إلى مشاكل ذاتية، فتحول التركيز من بناء حركات اجتماعية جماعية تعمل على إسقاط الأنظمة القمعيةةإلى "اعتراف فردي".<ref>أندريا سميث، تدوينة ''[https://andrea366.wordpress.com/2013/08/14/the-problem-with-privilege-by-andrea-smith/ مشكلة الامتياز]'' على مدونة andrea366.</ref> ويشير ساندو إلى أن يجي تستخف بالعنصرية وجرائمها وتسرد قائمة من الامتيازات على مستوى "التواصل السطحي بين الأفراد" وتتجاهل العنصرية المؤسسية على مر التاريخ. <ref name="SandewHira">ساندو هيرا، مقال ''[https://www.din.today/the-theory-of-white-privilege-why-racism-is-not-a-privilege/ نظرية امتياز البياض: لماذا العنصرية ليست امتيازًا، بل ظلم]''، على موقع din.today. </ref> ويوافق ر. ل. ستيفنس 2 R.L. Stephens II على محدودية النظرية وتركيزها على الأفراد، بدلًا من المؤسسات؛ فيشير أن الفكرة لا تكمن فقط في استيعاب الأشخاص المحرومة من الميّزات، بل في تطوير استراتيجيات جماعية للقضاء على أنظمة السلطة التي تخلق هذه الامتيازات في المقام الأول. ويضيف أنه عند "تشخيص المشكلة أكثر من اللازم" تتحول نظرية الامتيازات في أسوأ الأحوال إلى "أولومبيات اضطهاد" وساحة تبادل اللوم ودفع الآخرين للشعور بالخجل والذنب، وفي أحسن الأحوال، نتعامل مع الظلم والاستبداد المؤسسي كمشكلة ذاتية وتدريب أخلاقي "للاعتراف بالامتيازات"، بدلًا من مناقشة العلاقة بين السلطة المؤسسية والسلوك الشخصي بشكل ملائم.<ref>ر. ل. ستيفنس 2 مقال ''[http://www.orchestratedpulse.com/2013/10/tim-wise-failure-privilege-discourse/ تيم وايز وفشل خطاب الامتيازات]''، على موقع orchestratedpulse.</ref>
    
== مراجع ==  
 
== مراجع ==  
سطر 96: سطر 96:     
==مصادر==
 
==مصادر==
<references/>  
+
<references />  
    
[[تصنيف:مفاهيم ومصطلحات]]
 
[[تصنيف:مفاهيم ومصطلحات]]
 
[[تصنيف:نظرية الامتيازات]]
 
[[تصنيف:نظرية الامتيازات]]
6

تعديل