سطر 19: |
سطر 19: |
| |قوالب فرعية= | | |قوالب فرعية= |
| }} | | }} |
− |
| |
| | | |
| <big>''مقدّمة المترجم''</big> | | <big>''مقدّمة المترجم''</big> |
− |
| |
| | | |
| ''أدناه مقاطع مترجمة من كتاب أفسانه نجمآبادی نساء بشوارب ورجال بلا لحى: تمزّقات إيران الحديثة جنوسةً وجنسانية Women with Mustaches and Men Without Beards: Gender and Sexuality Anxieties of Iranian Modernity. حاولتُ أن أختصر قدر الإمكان في الإضافات والتعليقات الشارحة وأي جمل يوقّعها «المترجم»، واتفقت مع نفسي ألا أتكلم عن صعوبات نقل النص أو الأهمية الفائقة لنقله. لكن لدي تمهيد وجيز يتلوه «جوز كلام» لغوي.'' | | ''أدناه مقاطع مترجمة من كتاب أفسانه نجمآبادی نساء بشوارب ورجال بلا لحى: تمزّقات إيران الحديثة جنوسةً وجنسانية Women with Mustaches and Men Without Beards: Gender and Sexuality Anxieties of Iranian Modernity. حاولتُ أن أختصر قدر الإمكان في الإضافات والتعليقات الشارحة وأي جمل يوقّعها «المترجم»، واتفقت مع نفسي ألا أتكلم عن صعوبات نقل النص أو الأهمية الفائقة لنقله. لكن لدي تمهيد وجيز يتلوه «جوز كلام» لغوي.'' |
سطر 37: |
سطر 35: |
| | | |
| ''أود أن أشكر صفا حمزة ومحمود الحاج على عملها على نسخ أولى من هذه الترجمة، وسونيلا موباي على مراجعتها النقحرات الفارسية في النص، وبالطبع كرم نشار على إشغالنا بهذا العمل اللذيذ والشاق. أخيراً، النص المدرج أدناه في موقع الجمهورية يخلو من الهوامش والمراجع، ويمكن [https://www.dropbox.com/s/vofhkcxbsc8g3or/%D9%86%D8%B3%D8%A7%D8%A1%20%D8%A8%D8%B4%D9%88%D8%A7%D8%B1%D8%A8%20%D9%88%D8%B1%D8%AC%D8%A7%D9%84%20%D8%A8%D9%84%D8%A7%20%D9%84%D8%AD%D9%89.pdf?dl=0 تنزيل نسخة كاملة للراغبين في الاستزادة والنص الكامل من هنا].'' | | ''أود أن أشكر صفا حمزة ومحمود الحاج على عملها على نسخ أولى من هذه الترجمة، وسونيلا موباي على مراجعتها النقحرات الفارسية في النص، وبالطبع كرم نشار على إشغالنا بهذا العمل اللذيذ والشاق. أخيراً، النص المدرج أدناه في موقع الجمهورية يخلو من الهوامش والمراجع، ويمكن [https://www.dropbox.com/s/vofhkcxbsc8g3or/%D9%86%D8%B3%D8%A7%D8%A1%20%D8%A8%D8%B4%D9%88%D8%A7%D8%B1%D8%A8%20%D9%88%D8%B1%D8%AC%D8%A7%D9%84%20%D8%A8%D9%84%D8%A7%20%D9%84%D8%AD%D9%89.pdf?dl=0 تنزيل نسخة كاملة للراغبين في الاستزادة والنص الكامل من هنا].'' |
− |
| |
− |
| |
| ==مقدمة== | | ==مقدمة== |
− |
| |
| | | |
| في خضم جدل محتدم جرى قبل سنوات، كان أحد مؤرخي إيران القاجارية (1785-1925) يعبّر عن أسفه واستيائه حيال تعذّر التأريخ لنساء العهد القاجاري، وذلك لقلة المصادر التاريخية والسجلّات المتماسكة التي وصلتنا حول نساء تلك الفترة. «لكن إذا استخدمنا الجنوسة بشكل تحليلي تصبح المصادر حول الرجال مصادر حول النساء أيضاً»، رَدَدت عليه، ولم تلبث هذه الجملة أن طاردتني منذ تلك اللحظة: كيف نوظّف الجنوسة تحليلياً لكتابة تاريخ مختلف؛ تاريخ لا تغيب فيه النساء ولا تختفي فيه الجنوسة كفئة، ولا تكون فيه المسائل المتعلقة بالجنوسة وبالنساء مجرد استدراكات وملحقات؟ | | في خضم جدل محتدم جرى قبل سنوات، كان أحد مؤرخي إيران القاجارية (1785-1925) يعبّر عن أسفه واستيائه حيال تعذّر التأريخ لنساء العهد القاجاري، وذلك لقلة المصادر التاريخية والسجلّات المتماسكة التي وصلتنا حول نساء تلك الفترة. «لكن إذا استخدمنا الجنوسة بشكل تحليلي تصبح المصادر حول الرجال مصادر حول النساء أيضاً»، رَدَدت عليه، ولم تلبث هذه الجملة أن طاردتني منذ تلك اللحظة: كيف نوظّف الجنوسة تحليلياً لكتابة تاريخ مختلف؛ تاريخ لا تغيب فيه النساء ولا تختفي فيه الجنوسة كفئة، ولا تكون فيه المسائل المتعلقة بالجنوسة وبالنساء مجرد استدراكات وملحقات؟ |
سطر 91: |
سطر 86: |
| | | |
| ابتدأ هذا الكتاب كمشروع لتأريخ الحداثة الإيرانية من منظور جنوسي، مبيّناً أن علاقات الجنوسة لم تكن من «بقايا» آثار «التقليد»، بل هي أثر مركزي من آثار الحداثة. إلا أن المشروع انتهى في مكان آخر: الجنسانية. فإذا نجح هذا الكتاب في خلق شعور بعدم الارتياح تجاه تواطؤ النسوية مع المحو الحداثوي للماضي، وانتهى بالتقريب ما بين دراسات الجنوسة والجنسانية في إيران، سيكون حقق أكثر مما كنت آمل. | | ابتدأ هذا الكتاب كمشروع لتأريخ الحداثة الإيرانية من منظور جنوسي، مبيّناً أن علاقات الجنوسة لم تكن من «بقايا» آثار «التقليد»، بل هي أثر مركزي من آثار الحداثة. إلا أن المشروع انتهى في مكان آخر: الجنسانية. فإذا نجح هذا الكتاب في خلق شعور بعدم الارتياح تجاه تواطؤ النسوية مع المحو الحداثوي للماضي، وانتهى بالتقريب ما بين دراسات الجنوسة والجنسانية في إيران، سيكون حقق أكثر مما كنت آمل. |
− |
| |
− |
| |
| | | |
| ==الفصل الأول: الفترة القاجارية المبكرة== | | ==الفصل الأول: الفترة القاجارية المبكرة== |
− |
| |
| | | |
| قلما كانت مفاهيم الجمال متباينة بحسب الذكورة والأنوثة في زمن إيران القاجارية (1785-1925)؛ بعبارة أخرى، كان يتم تصوير جمال الرجال والنساء بسِمات وجه وجسد متشابهة جداً. في بعض الأحيان كان ما يميّز الذكر عن الأنثى في التعبيرات البصرية شكل غطاء الرأس فقط. وفي أحيان أخرى كان التمييز بالغ الصعوبة، كما نرى في الشكل 1 بعنوان «زوج متيّم». | | قلما كانت مفاهيم الجمال متباينة بحسب الذكورة والأنوثة في زمن إيران القاجارية (1785-1925)؛ بعبارة أخرى، كان يتم تصوير جمال الرجال والنساء بسِمات وجه وجسد متشابهة جداً. في بعض الأحيان كان ما يميّز الذكر عن الأنثى في التعبيرات البصرية شكل غطاء الرأس فقط. وفي أحيان أخرى كان التمييز بالغ الصعوبة، كما نرى في الشكل 1 بعنوان «زوج متيّم». |
| [[ملف:الشكل 1، زوج متيم، أوائل القرن التاسع عشر.jpeg|تصغير|يسار|الشكل 1، زوج متيّم، أوائل القرن التاسع عشر]] | | [[ملف:الشكل 1، زوج متيم، أوائل القرن التاسع عشر.jpeg|تصغير|يسار|الشكل 1، زوج متيّم، أوائل القرن التاسع عشر]] |
− |
| |
| | | |
| وفي المصادر المكتوبة كانت تُستخدم الصفات نفسها لوصف جمال الذكر والأنثى. فعلى سبيل المثال، يصف رستم الحكما الشبّان الذين كان يشتهيهم طهماسپ ميرزا (الصفوي) بالمصطلحات التالية: «شباب مرد، بوجوه وردية، وأجساد فضية، قاماتهم كأشجار السرو، وعيونهم بلون النرجس، غنج، شفاههم حلوى، ويدورون بالنبيذ، خدودهم كالخزامى، وجوههم كالأقمار، أشكالها كالزُّهرة، لهم حواجب كالأهلّة، وأبصارٌ كالسحر، وشعورٌ كالمسك، وذقونٌ كالبلّور، مُترعون لهواً ودلالاً». الصفات التي يغلب أن تَستحضر في أذهاننا اليوم الجمال الأنثوي كانت في القرن التاسع عشر تنطبق بالقدر نفسه على الرجال والنساء. | | وفي المصادر المكتوبة كانت تُستخدم الصفات نفسها لوصف جمال الذكر والأنثى. فعلى سبيل المثال، يصف رستم الحكما الشبّان الذين كان يشتهيهم طهماسپ ميرزا (الصفوي) بالمصطلحات التالية: «شباب مرد، بوجوه وردية، وأجساد فضية، قاماتهم كأشجار السرو، وعيونهم بلون النرجس، غنج، شفاههم حلوى، ويدورون بالنبيذ، خدودهم كالخزامى، وجوههم كالأقمار، أشكالها كالزُّهرة، لهم حواجب كالأهلّة، وأبصارٌ كالسحر، وشعورٌ كالمسك، وذقونٌ كالبلّور، مُترعون لهواً ودلالاً». الصفات التي يغلب أن تَستحضر في أذهاننا اليوم الجمال الأنثوي كانت في القرن التاسع عشر تنطبق بالقدر نفسه على الرجال والنساء. |
سطر 108: |
سطر 99: |
| أو بنفسجة تستعير من الياسمين ورقتين؛ | | أو بنفسجة تستعير من الياسمين ورقتين؛ |
| نرجستان سوداوان، وحاجبان زاخران بالضفائر | | نرجستان سوداوان، وحاجبان زاخران بالضفائر |
− | بصلابة كصواري الفضة؛ | + | بصلابة كصواري الفضة؛ لا سروَ في الحديقة مثل قامته |
− | لا سروَ في الحديقة مثل قامته | |
| ولا ثريّا في السماء كإشراقة وجهه. | | ولا ثريّا في السماء كإشراقة وجهه. |
| | | |
سطر 115: |
سطر 105: |
| | | |
| [[ملف:الشكل 2، رسم لفتح علي شاه، مهر علي، 1809-1810..jpeg|تصغير|يسار|الشكل 2، رسم لفتح علي شاه، مهر علي، 1809-1810]] | | [[ملف:الشكل 2، رسم لفتح علي شاه، مهر علي، 1809-1810..jpeg|تصغير|يسار|الشكل 2، رسم لفتح علي شاه، مهر علي، 1809-1810]] |
− |
| |
| | | |
| على الطرف الآخر من السلّم الاجتماعي، كانت العامة وحتى السجناء المأسورون خلال الحروب أو المسترقّون إثر الغارات يوصفون بمفردات شبيهة للغاية. لننظر إلى هذا التصوير اللفظي لمرتضى علي، نجل إمام المسجد الملا يار محمد أفغان البالغ من العمر ستة عشر عاماً: «هو في السادسة عشرة لكن وجهه كبدر الرابعة عشرة. له كلَّ يومٍ ألفٌ يفتدونه، شُعثٌ كخصلات شعره من أمامه ومن وراء ظهره. لفرط حب مرتضى علي كاد الشيعة يتسنّنون». يُغدق الكاتب صفحة أخرى على نفس المنوال، واصفاً ليس فقط قسوة جمال مرتضى علي بل كذلك حرقة قلوب عاشقيه عندما مات مقتولاً عام 1758. | | على الطرف الآخر من السلّم الاجتماعي، كانت العامة وحتى السجناء المأسورون خلال الحروب أو المسترقّون إثر الغارات يوصفون بمفردات شبيهة للغاية. لننظر إلى هذا التصوير اللفظي لمرتضى علي، نجل إمام المسجد الملا يار محمد أفغان البالغ من العمر ستة عشر عاماً: «هو في السادسة عشرة لكن وجهه كبدر الرابعة عشرة. له كلَّ يومٍ ألفٌ يفتدونه، شُعثٌ كخصلات شعره من أمامه ومن وراء ظهره. لفرط حب مرتضى علي كاد الشيعة يتسنّنون». يُغدق الكاتب صفحة أخرى على نفس المنوال، واصفاً ليس فقط قسوة جمال مرتضى علي بل كذلك حرقة قلوب عاشقيه عندما مات مقتولاً عام 1758. |
سطر 122: |
سطر 111: |
| | | |
| من الشائع ردّ كلمتي «غلمان» و«حور» إلى الآيات القرآنية التي تصف نعيم أهل الجنة (كما في سورة الدخان 51-54 والطور 20-24 والواقعة 17-24 والرحمن 46-58 و70-74 والإنسان 19-20) ويُفهم منهما عموماً إشارة إلى الجمال الذكري والأنثوي الدائم الشباب. ثمة الكثير من الشروحات الكلاسيكية التي تتناول معنى هذه الصور، لكن كما يتبدى في التوثيق المستفيض لإيفرت روسن في دراسته غير المنشورة بعد، قلما نوقش الغلمان و«الولدان» كتصويرات للمتعة الجنسية. ومع أن الآيات القرآنية لا تنسب للغلمان بوضوح أي دور جنسي، إلا أن حيثيات الوصف والخدمات المقدّمة من الحور والغلمان فتحت مجالاً تأويلياً لأدبيات لاحقة، حيث نشأت العديد من المعاني الجنسية للغلمان كما للحور في شتّى أنواع الأدب الفارسي والعربي. وبالتأكيد كان هذا هو الحال في كتابات القرن التاسع عشر. | | من الشائع ردّ كلمتي «غلمان» و«حور» إلى الآيات القرآنية التي تصف نعيم أهل الجنة (كما في سورة الدخان 51-54 والطور 20-24 والواقعة 17-24 والرحمن 46-58 و70-74 والإنسان 19-20) ويُفهم منهما عموماً إشارة إلى الجمال الذكري والأنثوي الدائم الشباب. ثمة الكثير من الشروحات الكلاسيكية التي تتناول معنى هذه الصور، لكن كما يتبدى في التوثيق المستفيض لإيفرت روسن في دراسته غير المنشورة بعد، قلما نوقش الغلمان و«الولدان» كتصويرات للمتعة الجنسية. ومع أن الآيات القرآنية لا تنسب للغلمان بوضوح أي دور جنسي، إلا أن حيثيات الوصف والخدمات المقدّمة من الحور والغلمان فتحت مجالاً تأويلياً لأدبيات لاحقة، حيث نشأت العديد من المعاني الجنسية للغلمان كما للحور في شتّى أنواع الأدب الفارسي والعربي. وبالتأكيد كان هذا هو الحال في كتابات القرن التاسع عشر. |
− |
| |
− |
| |
− | ****
| |
− |
| |
| | | |
| تمتلئ الجنان التي يصوّرها الشعر والرسم الفارسيان بالحور، وأكثر منهنّ بالغلمان (الذين يُشار إلى واحدهم بـ«أمرد» أو ساده، أي الفتى الوسيم الذي لا لحية له) الذين يلعبون دور مقدّمي الخمر (واحدهم «ساقي»). يجري كثيراً اليوم ترجمة هذه التصويرات إلى «صبيان»، فيما تتحوّل امردپرستي (عشق المُرد) تلقائياً إلى «عشق الصبيان». أنا أرفض هذه التسمية بسبب الترابط الوثيق بين «صبي» والمعاني المعاصرة للبيدوفيليا [اشتهاء الصغار] وكذلك بسبب مطابقتنا بين «صبي» و«طفل». في ثقافة الاشتهاء المثلي الذكري الفارسية خلال فترتَيْ ما قبل الحداثة والحداثة المبكّرة، كان الأمرد في كثير من الأحيان ذكراً يافعاً، أو مراهقاً كما نقول في أيامنا هذه، بل قد يكون في أوائل العشرينات من عمره ما دامت لحيته غير ظاهرة تماماً. ففي الواقع، كان المراهق الذي بالكاد يبدو زغب شاربه (نوخط) ولمّا يكتمل نموّ شعر وجهه (وهي عملية قد تستغرق عدّة سنوات) يُعتبر الأشد جمالاً. غير أن بوادر الشارب (خط) كانت في الوقت نفسه تؤذن ببداية نهاية مرتبته كمحطّ لشهوات الرجال البالغين، وبالتالي تحوّله إلى واحد منهم. إنها إعلان لبداية فقدان العشيق. تشير ميسامي أن «التركيز النهائي [للحسّية المرهفة في الشعر الفارسي في القرون الوسطى] ليس على المرغوب بل على الراغب الذي يتأمّل محبوبه». وهي تقترح أن الجنة في ذلك الشَّعر هو «رمز لحالة من النعيم المفقود أو المنشود». لقد كان النوخط في الوقت عينه صورة للرغبة القصوى وللفقدان الوشيك. أمّا أولى علامات الشارب فكان يطلق عليها مهرگیاه. وقد شكّلت هذه الكلمة، التي تعني حرفياً «نبتة العشق» أو «نموّ الهوى»، تشبيهاً مثالياً للتقاطع ما بين الحديقة والجسد. ذلك أن مهرگیاه نبتة ذات منافع طبّية، لكنّها قد تكون قاتلة في حال الإفراط في استخدامها، تماماً كعشق المراهق اليافع القاسي القلب الذي شكل ثيمة شعرية مركزية للقصائد التي تتخذ العذاب موضوعاً لها. | | تمتلئ الجنان التي يصوّرها الشعر والرسم الفارسيان بالحور، وأكثر منهنّ بالغلمان (الذين يُشار إلى واحدهم بـ«أمرد» أو ساده، أي الفتى الوسيم الذي لا لحية له) الذين يلعبون دور مقدّمي الخمر (واحدهم «ساقي»). يجري كثيراً اليوم ترجمة هذه التصويرات إلى «صبيان»، فيما تتحوّل امردپرستي (عشق المُرد) تلقائياً إلى «عشق الصبيان». أنا أرفض هذه التسمية بسبب الترابط الوثيق بين «صبي» والمعاني المعاصرة للبيدوفيليا [اشتهاء الصغار] وكذلك بسبب مطابقتنا بين «صبي» و«طفل». في ثقافة الاشتهاء المثلي الذكري الفارسية خلال فترتَيْ ما قبل الحداثة والحداثة المبكّرة، كان الأمرد في كثير من الأحيان ذكراً يافعاً، أو مراهقاً كما نقول في أيامنا هذه، بل قد يكون في أوائل العشرينات من عمره ما دامت لحيته غير ظاهرة تماماً. ففي الواقع، كان المراهق الذي بالكاد يبدو زغب شاربه (نوخط) ولمّا يكتمل نموّ شعر وجهه (وهي عملية قد تستغرق عدّة سنوات) يُعتبر الأشد جمالاً. غير أن بوادر الشارب (خط) كانت في الوقت نفسه تؤذن ببداية نهاية مرتبته كمحطّ لشهوات الرجال البالغين، وبالتالي تحوّله إلى واحد منهم. إنها إعلان لبداية فقدان العشيق. تشير ميسامي أن «التركيز النهائي [للحسّية المرهفة في الشعر الفارسي في القرون الوسطى] ليس على المرغوب بل على الراغب الذي يتأمّل محبوبه». وهي تقترح أن الجنة في ذلك الشَّعر هو «رمز لحالة من النعيم المفقود أو المنشود». لقد كان النوخط في الوقت عينه صورة للرغبة القصوى وللفقدان الوشيك. أمّا أولى علامات الشارب فكان يطلق عليها مهرگیاه. وقد شكّلت هذه الكلمة، التي تعني حرفياً «نبتة العشق» أو «نموّ الهوى»، تشبيهاً مثالياً للتقاطع ما بين الحديقة والجسد. ذلك أن مهرگیاه نبتة ذات منافع طبّية، لكنّها قد تكون قاتلة في حال الإفراط في استخدامها، تماماً كعشق المراهق اليافع القاسي القلب الذي شكل ثيمة شعرية مركزية للقصائد التي تتخذ العذاب موضوعاً لها. |
سطر 184: |
سطر 169: |
| | | |
| بالرغم من الإدانات اللاهوتية والإجراءات العقابية التي استهدفت الممارسات [[مثلية جنسية|المثلية]] ولا سيما اللواط، كان مضمار الملذّات الفردوسية في عالم القاجاريين الاجتماعي والثقافي مسكوناً بالغلمان وبالحور، كما كانت قلوب الرجال مشدودة إلى المحبوبين الذكور. لم تكن الأفكار المتعلقة بالجمال موزّعة على جُنوستين، وكانت الممارسات المثلية تحدث في الحياة اليومية لذلك العالم الثقافي بالرغم من فرمانات الملوك والشيوخ المناهضة لذلك. بل إن تلك العلاقات زُجّت أحياناً في بناء «علاقات حظوة وتربية وتتلمذ وولاء». فقط بعد وضع ذلك بعين الاعتبار يمكننا النظر في التحولات الهائلة التي طالت مفاهيم الجمال والحب والجنس خلال القرن التاسع عشر. | | بالرغم من الإدانات اللاهوتية والإجراءات العقابية التي استهدفت الممارسات [[مثلية جنسية|المثلية]] ولا سيما اللواط، كان مضمار الملذّات الفردوسية في عالم القاجاريين الاجتماعي والثقافي مسكوناً بالغلمان وبالحور، كما كانت قلوب الرجال مشدودة إلى المحبوبين الذكور. لم تكن الأفكار المتعلقة بالجمال موزّعة على جُنوستين، وكانت الممارسات المثلية تحدث في الحياة اليومية لذلك العالم الثقافي بالرغم من فرمانات الملوك والشيوخ المناهضة لذلك. بل إن تلك العلاقات زُجّت أحياناً في بناء «علاقات حظوة وتربية وتتلمذ وولاء». فقط بعد وضع ذلك بعين الاعتبار يمكننا النظر في التحولات الهائلة التي طالت مفاهيم الجمال والحب والجنس خلال القرن التاسع عشر. |
− |
| |
− |
| |
| | | |
| [[تصنيف: ملف الجندر، الجنسانية، السلطة]] | | [[تصنيف: ملف الجندر، الجنسانية، السلطة]] |