تغييرات

اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
ط
لا يوجد ملخص تحرير
سطر 36: سطر 36:  
'''الخوف من الفوضى والدفاع عن النفس في مصر'''
 
'''الخوف من الفوضى والدفاع عن النفس في مصر'''
   −
راج تكتيك الدفاع عن النفس في إثر ثورة 25 يناير، لكن ليس بالضرورة بطرقٍ تحرّرية. بالطبع، المثال الأكثر خطورةً على استخدام الدفاع عن النفس كتبريرٍ لاستخدام العنف ورد في خطاب اللواء السّيسي في تاريخ 26 يونيو 2011، حين صرّح بأنّ القوات العسكرية أجرت فحوص عذريّةٍ للمتظاهرات من النساء “دفاعًا عن النفس ضد الإتهامات المحتملة بالإغتصاب” (Borkan 2011). وشكّل هذا التصريح جزءًا من حملةٍ عامةٍ أوسع للتشكيك في المناضلين/ات الثوريين/ات في خلال فترة الحكم العسكري التي تلت إسقاط حسني مبارك في تاريخ 11 فبراير2001 (Hafez 2014: 24). ومن خلال خطابٍ فعّل قيم العائلة الأبوية والقواعد الأخلاقية، هدف المجلس الأعلى للقوات المسلّحة إلى إعادة فرض سيطرته على المساحة العامة بعد الثورة، عبر طرح المتظاهرات النساء كـ”منحلّات جنسيًا” وبالتالي شرعنة استخدام العنف الجنسي ضدّهن (المرجع السابق: 27).
+
راج تكتيك الدفاع عن النفس في إثر ثورة 25 يناير، لكن ليس بالضرورة بطرقٍ تحرّرية. بالطبع، المثال الأكثر خطورةً على استخدام الدفاع عن النفس كتبريرٍ لاستخدام العنف ورد في خطاب اللواء السّيسي في تاريخ 26 يونيو 2011، حين صرّح بأنّ القوات العسكرية أجرت فحوص عذريّةٍ للمتظاهرات من النساء “دفاعًا عن النفس ضد الإتهامات المحتملة بالإغتصاب” (Borkan 2011). وشكّل هذا التصريح جزءًا من حملةٍ عامةٍ أوسع للتشكيك في المناضلين/ات الثوريين/ات في خلال فترة الحكم العسكري التي تلت إسقاط حسني مبارك في تاريخ 11 فبراير 2001 (Hafez 2014: 24). ومن خلال خطابٍ فعّل قيم العائلة الأبوية والقواعد الأخلاقية، هدف المجلس الأعلى للقوات المسلّحة إلى إعادة فرض سيطرته على المساحة العامة بعد الثورة، عبر طرح المتظاهرات النساء كـ”منحلّات جنسيًا” وبالتالي شرعنة استخدام العنف الجنسي ضدّهن (المرجع السابق: 27).
    
عملت مشاريع الدفاع عن النفس التي ظهرت في البلاد في خلال أيام الثورة الثمانية عشر (من 25 يناير حتى 11 فبراير، 2011) وفق أنظمةٍ جندريةٍ أكثر تباينًا. في يوم 29 يناير 2011، هرب عدّة آلاف من المساجين من سجن وادي النطرون ومن ثلاثة سجونٍ أخرى (Fayed and Saleh 2011)، وترافق هذا مع انسحاب الشرطة من الشوارع، ما ولّد شائعاتٍ كثيرةً عن وجود عصاباتٍ مسلّحةٍ من المجرمين والسّارقين حول القاهرة (Saleh 2011; Tisdall 2011). واستجابةً لهذه التهديدات المتصوّرة، برزت بسرعةٍ ممارسات الدفاع عن النفس الجماعية. في مجتمع “سيتي فيو” المبوّب في ضاحية 6 أكتوبر في القاهرة، أغلق السكّان الذكور وطواقم الأمن البوّابات بالمركبات، ونظّموا أنفسهم في دواماتٍ نهاريّةٍ وليليّةٍ لحراسة المجمّع من الدّخلاء. “لم نكن نعلم كميّة السلاح التي كانت في حوزة الناس” قالت لي إحدى القاطنات المصريّات (مقابلة 23 مايو، 2015) مستذكرةً الإضطراب في تلك الأيام، ثمّ أضافت أنّ السكّان كانوا “محظوظين/ات” أن كان من بينهم/ن قنّاصٌ سابقٌ في الجيش، إذ كان يراقب الأرض الخالية حول المكان ليلًا، ويصعد إلى أعلى نقطةٍ في المجمّع حاملًا بندقيّته المزوّدة بمنظارٍ ليلي (المرجع السابق)<ref> مع الإشارة إلى أن الخوف من الجريمة ومن الفوضى المدينيّة لدى الطبقات العليا يسبق ثورة 25 يناير، وقد شكّل دافعًا لقرار كثيرٍ من الأسر المصرية الثرية الإنتقال إلى مجمّعاتٍ سكنيّةٍ مؤمنَنةٍ كتلك التي انتشرت حول القاهرة منذ التسعينات (Kuppinger 2004: 44)، إلا أنّ هذا القلق تنامى على نحوٍ مطّردٍ بعد العام 2011. للإطلاع على مناقشة المجتمعات المبوّبة في مصر، راجع/ي Mitchell 1999.</ref>.
 
عملت مشاريع الدفاع عن النفس التي ظهرت في البلاد في خلال أيام الثورة الثمانية عشر (من 25 يناير حتى 11 فبراير، 2011) وفق أنظمةٍ جندريةٍ أكثر تباينًا. في يوم 29 يناير 2011، هرب عدّة آلاف من المساجين من سجن وادي النطرون ومن ثلاثة سجونٍ أخرى (Fayed and Saleh 2011)، وترافق هذا مع انسحاب الشرطة من الشوارع، ما ولّد شائعاتٍ كثيرةً عن وجود عصاباتٍ مسلّحةٍ من المجرمين والسّارقين حول القاهرة (Saleh 2011; Tisdall 2011). واستجابةً لهذه التهديدات المتصوّرة، برزت بسرعةٍ ممارسات الدفاع عن النفس الجماعية. في مجتمع “سيتي فيو” المبوّب في ضاحية 6 أكتوبر في القاهرة، أغلق السكّان الذكور وطواقم الأمن البوّابات بالمركبات، ونظّموا أنفسهم في دواماتٍ نهاريّةٍ وليليّةٍ لحراسة المجمّع من الدّخلاء. “لم نكن نعلم كميّة السلاح التي كانت في حوزة الناس” قالت لي إحدى القاطنات المصريّات (مقابلة 23 مايو، 2015) مستذكرةً الإضطراب في تلك الأيام، ثمّ أضافت أنّ السكّان كانوا “محظوظين/ات” أن كان من بينهم/ن قنّاصٌ سابقٌ في الجيش، إذ كان يراقب الأرض الخالية حول المكان ليلًا، ويصعد إلى أعلى نقطةٍ في المجمّع حاملًا بندقيّته المزوّدة بمنظارٍ ليلي (المرجع السابق)<ref> مع الإشارة إلى أن الخوف من الجريمة ومن الفوضى المدينيّة لدى الطبقات العليا يسبق ثورة 25 يناير، وقد شكّل دافعًا لقرار كثيرٍ من الأسر المصرية الثرية الإنتقال إلى مجمّعاتٍ سكنيّةٍ مؤمنَنةٍ كتلك التي انتشرت حول القاهرة منذ التسعينات (Kuppinger 2004: 44)، إلا أنّ هذا القلق تنامى على نحوٍ مطّردٍ بعد العام 2011. للإطلاع على مناقشة المجتمعات المبوّبة في مصر، راجع/ي Mitchell 1999.</ref>.
staff
2٬193

تعديل

قائمة التصفح