تغييرات

تعديل وصلة
سطر 40: سطر 40:  
ومن منطلق أن العوامل الاقتصادية والاضطهاد المجتمعي هي عوامل مهمة ومساعدة إلا أن النوع الاجتماعي هو الأساس الذي يتم ارتكاب تلك الجرائم عليه فلا يمكننا تجاهل الخلفية الثقافية للكثير من الرجال ومنهم بعض المهاجرين واللاجئين والتي ترسخ لتقبل [[العنف الجنسي]] ضد النساء في المجالين الخاص والعام. ليس المقصود هنا هو التعميم بأن جميع العرب والمسلمين يعنفون النساء ولا الترويج لأطروحة استشراقية على غرار "صراع الحضارات" باعتبار أن الثقافة الشرقية بطبيعتها متخلفة والثقافة الغربية متقدمة، فالأبوية بنية عالمية وليست عربية أو إسلامية فقط والعنف و[[التمييز ضد النساء]] ليس حكرا على الرجال الشرقيين والعكس الصحيح. إلا أنه من المستحيل تجاهل حقيقة أن أغلب المعتدون في أحداث كولونيا إذا لم يكونوا من اللاجئين العرب فهم مواطنين ألمان من خلفيات عربية وإسلامية (مع وجود بعض الاستثناءات). والسؤال هنا هو هل تعاني تلك المجتمعات من ثقافة تطبع مع [[العنف ضد النساء]]؟
 
ومن منطلق أن العوامل الاقتصادية والاضطهاد المجتمعي هي عوامل مهمة ومساعدة إلا أن النوع الاجتماعي هو الأساس الذي يتم ارتكاب تلك الجرائم عليه فلا يمكننا تجاهل الخلفية الثقافية للكثير من الرجال ومنهم بعض المهاجرين واللاجئين والتي ترسخ لتقبل [[العنف الجنسي]] ضد النساء في المجالين الخاص والعام. ليس المقصود هنا هو التعميم بأن جميع العرب والمسلمين يعنفون النساء ولا الترويج لأطروحة استشراقية على غرار "صراع الحضارات" باعتبار أن الثقافة الشرقية بطبيعتها متخلفة والثقافة الغربية متقدمة، فالأبوية بنية عالمية وليست عربية أو إسلامية فقط والعنف و[[التمييز ضد النساء]] ليس حكرا على الرجال الشرقيين والعكس الصحيح. إلا أنه من المستحيل تجاهل حقيقة أن أغلب المعتدون في أحداث كولونيا إذا لم يكونوا من اللاجئين العرب فهم مواطنين ألمان من خلفيات عربية وإسلامية (مع وجود بعض الاستثناءات). والسؤال هنا هو هل تعاني تلك المجتمعات من ثقافة تطبع مع [[العنف ضد النساء]]؟
   −
ونحن نطرح هذا السؤال على أنفسنا للتأمل الذاتي داخل مجتمعاتنا من موقعنا كنسويات مصريات نتشارك مع هؤلاء المعتدين "هوية ما" عربية أو شرقية أو إسلامية. فمن الصعب إنكار حقيقة أن الكثير من حقوق النساء السياسية والجسدية غير مكفولة في مجتمعاتنا وأن أغلب النساء في الدول الغربية تتمتع بحقوق وحريات مثل حرية الحركة والمظهر والاختيار لا نزال نحن نناضل من أجل اكتسابها. من الصعب أيضا إنكار حقيقة أن [[العنف الجنسي]] هو ظاهرة متفشية تتعرض لها النساء بشكل يومي في كثير من الدول العربية والشرق أوسطية والأهم من ذلك هو الترسيخ للإفلات من العقاب والتسامح من الدولة والمجتمع تجاه هذه الجرائم. ولا يمكننا إثارة تلك المشكلات دون تسليط الضوء على الدور الذي يلعبه المجال الخاص (والذي يتقاطع بالطبع مع ديناميكيات المجال العام) لإعادة إنتاج المزاج المتسامح مع [[العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي|العنف القائم على النوع الاجتماعي]]، ولا يشمل فقط "عنف" المجال الخاص الأشكال الأكثر فجاجة مثل [[العنف الأسري]] و[[العنف الجنسي|الجنسي]] وبعض الممارسات مثل [[الختان]] وغيرها ولكن وربما هذا هو الأهم، واقع امتداد هذا العنف ليشمل تقييد حرية الحركة والاختيار والوصاية [[الأبوية]] على أجساد النساء. وتأصل هذه الوصاية وهذا النوع من [[العنف البنيوي]] ضد النساء لفكرة عدم "ملكية" النساء لأجسادهن والتي يمتلكها الرجل بالأساس (الأب – الأخ- الزوج). ويعتبر العنف الجنسي في المجال العام امتداداً وتجلياً لهذا المنطق الأبوي والذي لا يزال يقبل وجود النساء في المجال العام قبولا مشروطا أو يراه إشكاليا وبالتالي يستسهل استباحة أجسادهن. ومن ناحية أخرى لا ترسخ الدولة بالضرورة لاحترام أجساد النساء وتتسامح مع [[العنف ضد المرأة]] سواء عن طريق الممانعة لسن قوانين تحمي النساء أو التخاذل في تطبيق القوانين الموجودة فعلاً، بل استخدمت الدولة في الحالة المصرية مثلا في الكثير من الأحيان العنف القائم على أساس النوع كأداة [[إقصاء النساء من المجال العام|لإقصاء النساء من المجال العام]]. وبالطبع هناك استثناءات، وبالطبع تتفاوت أوضاع النساء من دولة عربية\إسلامية إلى أخرى، وبالطبع هناك مكاسب إيجابية وحقوق تنتزعها النساء يوميًا عبر نضالهن، إلا أنه من الصعب التغاضي عن أن الاتجاه السائد في مجتمعاتنا هو تقييد حرية النساء وأجسادهن وما غير ذلك استثناء.
+
ونحن نطرح هذا السؤال على أنفسنا للتأمل الذاتي داخل مجتمعاتنا من موقعنا كنسويات مصريات نتشارك مع هؤلاء المعتدين "هوية ما" عربية أو شرقية أو إسلامية. فمن الصعب إنكار حقيقة أن الكثير من حقوق النساء السياسية والجسدية غير مكفولة في مجتمعاتنا وأن أغلب النساء في الدول الغربية تتمتع بحقوق وحريات مثل حرية الحركة والمظهر والاختيار لا نزال نحن نناضل من أجل اكتسابها. من الصعب أيضا إنكار حقيقة أن [[العنف الجنسي]] هو ظاهرة متفشية تتعرض لها النساء بشكل يومي في كثير من الدول العربية والشرق أوسطية والأهم من ذلك هو الترسيخ للإفلات من العقاب والتسامح من الدولة والمجتمع تجاه هذه الجرائم. ولا يمكننا إثارة تلك المشكلات دون تسليط الضوء على الدور الذي يلعبه المجال الخاص (والذي يتقاطع بالطبع مع ديناميكيات المجال العام) لإعادة إنتاج المزاج المتسامح مع [[العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي|العنف القائم على النوع الاجتماعي]]، ولا يشمل فقط "عنف" المجال الخاص الأشكال الأكثر فجاجة مثل [[عنف أسري|العنف الأسري]] و[[العنف الجنسي|الجنسي]] وبعض الممارسات مثل [[الختان]] وغيرها ولكن وربما هذا هو الأهم، واقع امتداد هذا العنف ليشمل تقييد حرية الحركة والاختيار والوصاية [[الأبوية]] على أجساد النساء. وتأصل هذه الوصاية وهذا النوع من [[العنف البنيوي]] ضد النساء لفكرة عدم "ملكية" النساء لأجسادهن والتي يمتلكها الرجل بالأساس (الأب – الأخ- الزوج). ويعتبر العنف الجنسي في المجال العام امتداداً وتجلياً لهذا المنطق الأبوي والذي لا يزال يقبل وجود النساء في المجال العام قبولا مشروطا أو يراه إشكاليا وبالتالي يستسهل استباحة أجسادهن. ومن ناحية أخرى لا ترسخ الدولة بالضرورة لاحترام أجساد النساء وتتسامح مع [[العنف ضد المرأة]] سواء عن طريق الممانعة لسن قوانين تحمي النساء أو التخاذل في تطبيق القوانين الموجودة فعلاً، بل استخدمت الدولة في الحالة المصرية مثلا في الكثير من الأحيان العنف القائم على أساس النوع كأداة [[إقصاء النساء من المجال العام|لإقصاء النساء من المجال العام]]. وبالطبع هناك استثناءات، وبالطبع تتفاوت أوضاع النساء من دولة عربية\إسلامية إلى أخرى، وبالطبع هناك مكاسب إيجابية وحقوق تنتزعها النساء يوميًا عبر نضالهن، إلا أنه من الصعب التغاضي عن أن الاتجاه السائد في مجتمعاتنا هو تقييد حرية النساء وأجسادهن وما غير ذلك استثناء.
    
وهذا هو المقصود بثقافة العنف الجنسي، ليس أن الثقافة أو التركيبة العربية أو الشرقية بطبيعتها عنيفة وأبوية، إلا أن السياق المجتمعي و المستند غالبا إلى تراث ديني والقانوني يرسخ للتسامح مع [[العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي|العنف القائم على أساس النوع]] واستشرائه في المجتمع. فهل يمكننا قراءة أحداث كولونيا دون الاشارة مطلقاً إلى هذه "الثقافة"؟ وهل يمكننا قراءتها بمعزل عن واقعنا المؤلم الذي يجعل من حركة النساء في الشارع تحد في حد ذاته بسبب ما يواجهونه من عنف يومي؟ وهل يمكننا طرح تلك الأسئلة كنسويات عربيات دون الانزلاق نحو الخطابات التعميمية أو كره و احتقار الذات؟
 
وهذا هو المقصود بثقافة العنف الجنسي، ليس أن الثقافة أو التركيبة العربية أو الشرقية بطبيعتها عنيفة وأبوية، إلا أن السياق المجتمعي و المستند غالبا إلى تراث ديني والقانوني يرسخ للتسامح مع [[العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي|العنف القائم على أساس النوع]] واستشرائه في المجتمع. فهل يمكننا قراءة أحداث كولونيا دون الاشارة مطلقاً إلى هذه "الثقافة"؟ وهل يمكننا قراءتها بمعزل عن واقعنا المؤلم الذي يجعل من حركة النساء في الشارع تحد في حد ذاته بسبب ما يواجهونه من عنف يومي؟ وهل يمكننا طرح تلك الأسئلة كنسويات عربيات دون الانزلاق نحو الخطابات التعميمية أو كره و احتقار الذات؟
1٬327

تعديل