سطر 52: |
سطر 52: |
| ==الأوبئة والعمل في التمريض== | | ==الأوبئة والعمل في التمريض== |
| | | |
− | خلال فترة وباء الكورونا الأخيرة وبسبب الاغلاق التام في الدول لجأ المواطنون الى الخروج الى الشرفات والتصفيق للعاملين في القطاع الصحي من أطباء، ممرضات وغيرهم. ويأمل العاملين والعاملات في مجال التمريض ان تكون هذه البداية للفت النطر الى أهمية المهنة التي تعملن فيها والحصول على تقدير أكبر من المجتمع والدولة. ففي السابق كانوا الناس يميلون الى ربط عمل الرعاية الصحية بالأطباء فقط، وينسون امر الممرضات.
| + | يعاني العاملون والعاملات في مهنة التمريض بشكل عام من ظروف وشروط عمل لا تتناسب مع المجهود كما الخطر الذي يعرضون له. ويُعامل الممرضون والممرضات كمساعدين للأطباء والطبيبات وليس كشركاء في القطاع الصحي. |
| | | |
− | وبالرغم من التقدير الذي يحصلون عليه من الافراد، فأنهم لا يزالون يعانون صورة نمطية حولهم خلال جائحة كورونا الأخيرة. فلا تزال فئة أخرى من المواطنين تشعر بتخوف شديد من الممرضين والممرضات ويرفضون التعامل معهم بالرغم من حملات التوعية.
| |
| | | |
− | ويعانون ايضا سياسات مستهترة من قبل أماكن العمل. فبالرغم من ازدياد الخطر على العاملين/ات في مجال التمريض، وتضاعف المشقة في خدمة المرضى، لا يزالون يتقاضون اجورًا منخفضة مقارنة بالخطر الذي يتعرضون له والجهد الذي يبذلونه. إضافة الى ذلك. في بعض المستشفيات لا يزالون يعملون بعقود عمل قصيرة المدى، مما يؤدي الى إمكانية فصلهن في أي لحظة.
| + | وفي الكثير من البلدان، يتم ربط مهنة التمريض، كالكثير من المهن الأخرى التي تتطلب القيام بشكل من أشكال الرعاية، بالنساء. ومجددًا . في أثناء الأوبئة كذلك، يعتبر الاهتمام بالمرضى وتقديم الرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية دورًا متوقعًا من النساء سواء داخل المنزل للاهتمام بالمرضى من العائلة أو في المستشفيات ودور الرعاية للقيام بواجبهن كممرضات دون أن يتلقين بالمقابل التقدير المادي أو المعنوي بما أنهن لم يقمن بأكثر من دورهن المعتاد. |
| | | |
− | وهنالك أيضا سياسات مستهترة من الدول، ففي الكثير منها لم يوفروا مساكن خاصة لهم لكي يحموهم وعائلاتهم من نقل الوباء. بقي حمل البحث عن مسكن من مسؤوليتهم هم. وفي الكثير من الأحيان يجدون صعوبة بذلك بسبب رفض الناس من الاختلاط بهم | + | |
| + | خلال فترة وباء الكورونا الأخيرة وبسبب الاغلاق التام في الدول، خرج المواطنون إلى الشرفات وصفقوا للعاملين في القطاع الصحي من أطباء، ممرضات وغيرهم. ويأمل العاملون والعاملات في مجال التمريض أن تكون هذه البداية للفت النظر إلى أهمية المهنة التي يعملن فيها والحصول على تقدير أكبر من المجتمع والدولة. ففي السابق كان الناس يميلون إلى ربط عمل الرعاية الصحية بالأطباء فقط، وينسون أمر الممرضات والممرضين. |
| + | |
| + | وبالرغم من التقدير الذي يحصلون عليه من الأفراد، فإنهم لا يزالون يعانون صورة نمطية حولهم خلال جائحة كورونا الأخيرة. فلا تزال فئة من الناس تشعر بتخوف شديد من الممرضين والممرضات ويرفضون التعامل معهم بالرغم من حملات التوعية. |
| + | |
| + | ويعانون أيضًا سياسات مستهترة من قبل المسؤولين في أماكن العمل. فبالرغم من ازدياد الخطر على العاملين/ات في مجال التمريض، وتضاعف المشقة في خدمة المرضى، لا يزالون يتقاضون أجورًا منخفضة مقارنة بالخطر الذي يتعرضون له والجهد الذي يبذلونه. إضافة الى ذلك، في بعض المستشفيات لا يزالون يعملون بعقود عمل قصيرة المدى، مما يؤدي الى إمكانية فصلهن في أي لحظة. |
| + | |
| + | وهنالك أيضا سياسات مستهترة من الدول، ففي الكثير منها لم يوفروا مساكن خاصة لهم لكي يحموهم وعائلاتهم من نقل الوباء. وبقيت مسؤولية إيجاد مسكن فردية وشخصية. وفي الكثير من الأحيان يجدون صعوبة بذلك بسبب رفض الناس الاختلاط بهم. |
| | | |
| ==الأوبئة والصحة الإنجابية == | | ==الأوبئة والصحة الإنجابية == |
سطر 103: |
سطر 109: |
| وفي 2020، مع انتشار فيروس كورونا عالميًا وتوصيات منظمة الصحة العالمية بالحجر الصحي، أمضى العديد من الأفراد والأسر فترات طويلة في منازلهم في شبه عزلة اجتماعية مع التجنب الدائم للمس والاحتكاك. فازداد عند الافراد الشعور بالعزلة العاطفية والوحدة والضغط النفسي ما قد يؤدي إلى الإكتئاب أو الإحباط أو حالات الأرق والتوتر وقد يصل ببعض الناس إلى محاولة الانتحار. | | وفي 2020، مع انتشار فيروس كورونا عالميًا وتوصيات منظمة الصحة العالمية بالحجر الصحي، أمضى العديد من الأفراد والأسر فترات طويلة في منازلهم في شبه عزلة اجتماعية مع التجنب الدائم للمس والاحتكاك. فازداد عند الافراد الشعور بالعزلة العاطفية والوحدة والضغط النفسي ما قد يؤدي إلى الإكتئاب أو الإحباط أو حالات الأرق والتوتر وقد يصل ببعض الناس إلى محاولة الانتحار. |
| | | |
− | جائحة كورونا اثرت بشكل سلبي وواضح على الصحة النفسية للفئات التي كانت مستهدفة بالأساس قبل الوباء، الأثر الأكبر في تدهور الصحة النفسية كان على النساء، الأمهات والأطفال. حيث أصبحت تأثيراته أكثر حدة ووضوحا خلال فترة الوباء. ويؤثر بشكل كبير على النساء والمراهقات بسبب انعدام التكافؤ الاجتماعي، الاقتصادي والثقافي.ومع ان السبب الأساسي للضغوطات النفسية على النساء هو انعدام المساواة المدعوم مجتمعيا وقانونيا، وجدت الحكومات في خطط استجابتها للأوبئة فرصة إضافية من اجل توسيع هذه الفجوة ما بين الجندرين. واللا-مساواة في خدمات الصحة والصحة النفسية. | + | جائحة كورونا أثرت بشكل سلبي وواضح على الصحة النفسية للفئات التي كانت تعاني من مشاكل بالأساس قبل الوباء. الأثر الأكبر كان على الصحة النفسية للنساء، الأمهات والأطفال. حيث أصبحت تأثيراته أكثر حدة ووضوحا خلال فترة الوباء. ويؤثر بشكل كبير على النساء والمراهقات بسبب انعدام التكافؤ الاجتماعي، الاقتصادي والثقافي. ومع أن السبب الأساسي للضغوطات النفسية على النساء هو انعدام المساواة المدعوم مجتمعيًا وقانونيًا، وجدت الحكومات في خطط استجابتها للأوبئة فرصة إضافية من اجل توسيع هذه الفجوة ما بين الأنواع الاجتماعية واللا-مساواة في خدمات الصحة والصحة النفسية. |
− | استمرار التفاوتات الثابتة في الخدمات الصحية يؤدي الى استمرار ارتفاع الازمات النفسية وتردي أوضاع الصحة النفسية، بشكل خاص لدى الفئات التي كانت في وضع صحي متردي قبل انتشار الأوبئة.<ref>[https://medicalxpress.com/news/2020-07-mental-health-women-young-adults.html/ Mental health of women, young adults and parents worst hit by pandemic]</ref> | + | استمرار التفاوتات الثابتة في الخدمات الصحية يؤدي إلى استمرار ارتفاع الازمات النفسية وتردي أوضاع الصحة النفسية، بشكل خاص لدى الفئات التي كانت في وضع صحي متردي قبل انتشار الأوبئة.<ref>[https://medicalxpress.com/news/2020-07-mental-health-women-young-adults.html/ Mental health of women, young adults and parents worst hit by pandemic]</ref> |
| | | |
− | خلال جائحة الكورونا الأخيرة تم التوصل الى ان احتمالية ابلاغ النساء عن معاناتهن من مشاكل نفسية حادة أكثر بثلاث اضعاف من الرجال (27% للنساء مقابل 10% للرجال). تتضمن المشاكل النفسية التي تبلغ عنها النساء: القلق الحاد، فقدان الشهية، اضطرابات في النوم، صعوبة في إتمام المهام اليومية واعراض للاكتئاب. كل هذه العوارض كانت منتشرة عند النساء قبل الوباء، وازدادت حدتها خلاله. حيث أبلغت اعداد أكبر من النساء من قلقها من فقدان عملها بسبب الوباء، مما أدى الى ارتفاع القلق والتوتر لديها. وفي لبنان أبلغت 49% من النساء عن فقدان اماكن عملها مقابل 21% من الرجال. | + | خلال جائحة الكورونا الأخيرة تم التوصل إلى أن احتمالية إبلاغ النساء عن معاناتهن من مشاكل نفسية حادة أكثر بثلاث اضعاف من الرجال (27% للنساء مقابل 10% للرجال). تتضمن المشاكل النفسية التي تبلغ عنها النساء: القلق الحاد، فقدان الشهية، اضطرابات في النوم، صعوبة في إتمام المهام اليومية واعراض للاكتئاب. كل هذه العوارض كانت منتشرة عند النساء قبل الوباء، وازدادت حدتها خلاله. |
| | | |
| ولا يكون التأثير النفسي للأوبئة وتداعياتها نفسه على جميع الأشخاص ويختلف بحسب ظروفهم النفسية والإجتماعية والإقتصادية. ففي الطبقات الأقل دخلًا، يكون العمل اليومي أحيانًا هو المصدر الوحيد للدخل وقد يؤدي الاضطرار للحجر الصحي للعائلة أو إصابة المعيل (ة) بالمرض لتدهور والوضع الإقتصادي بشكل أكبر. ويشكل هذا النوع من الضغوط كما خوف فقدان العمل أيضًا سببًا أساسيًا للقلق والاكتئاب والشعور بالعجز والضياع. | | ولا يكون التأثير النفسي للأوبئة وتداعياتها نفسه على جميع الأشخاص ويختلف بحسب ظروفهم النفسية والإجتماعية والإقتصادية. ففي الطبقات الأقل دخلًا، يكون العمل اليومي أحيانًا هو المصدر الوحيد للدخل وقد يؤدي الاضطرار للحجر الصحي للعائلة أو إصابة المعيل (ة) بالمرض لتدهور والوضع الإقتصادي بشكل أكبر. ويشكل هذا النوع من الضغوط كما خوف فقدان العمل أيضًا سببًا أساسيًا للقلق والاكتئاب والشعور بالعجز والضياع. |
| + | |
| + | وأبلغت أعداد أكبر من النساء عن قلقها من فقدان عملها بسبب الوباء، مما أدى الى ارتفاع القلق والتوتر لديها. وفي لبنان مثلًا، أبلغت 49% من النساء عن فقدان عملها مقابل 21% من الرجال. |
| | | |
| وفي المجتمعات حيث المتوقع من النساء القيام [[أدوار جندرية|بالأعمال المنزلية والأدوار الرعائية]]، قد يتسبب الحجر الصحي والإجتماعي بمضاعفة مسؤولياتهن وزيادة ساعات العمل والمجهود المتوقع منهن. مع الحجر الاجتماعي الحاصل مع انتشار الكوفيد19، أقفلت المدارس وحضانات الأطفال وبقي الأولاد في المنازل مع أسرهن وأعتمدت أشكال وأنماط مختلفة من العمل من المنزل للعمال والموظفات. أجبر هذا الوضع النساء على القيام بنفس الوقت بعملهن من المنزل إضافة إلى تدريس ورعاية الأطفال والأعمال المنزلية، ما أدى إلى ساعات متواصلة من العمل دون راحة أو فاصل. | | وفي المجتمعات حيث المتوقع من النساء القيام [[أدوار جندرية|بالأعمال المنزلية والأدوار الرعائية]]، قد يتسبب الحجر الصحي والإجتماعي بمضاعفة مسؤولياتهن وزيادة ساعات العمل والمجهود المتوقع منهن. مع الحجر الاجتماعي الحاصل مع انتشار الكوفيد19، أقفلت المدارس وحضانات الأطفال وبقي الأولاد في المنازل مع أسرهن وأعتمدت أشكال وأنماط مختلفة من العمل من المنزل للعمال والموظفات. أجبر هذا الوضع النساء على القيام بنفس الوقت بعملهن من المنزل إضافة إلى تدريس ورعاية الأطفال والأعمال المنزلية، ما أدى إلى ساعات متواصلة من العمل دون راحة أو فاصل. |
| نتج عن هذا الوضع ضغوطات نفسية على النساء والأمهات قد تؤدي إلى تدهور صحتهن النفسية مع عدم قدرتهن على طلب المساعدة في الوقت عينه. | | نتج عن هذا الوضع ضغوطات نفسية على النساء والأمهات قد تؤدي إلى تدهور صحتهن النفسية مع عدم قدرتهن على طلب المساعدة في الوقت عينه. |
| | | |
− | إمكانية الحصول على دعم نفسي مختص محدودة أيضا للنساء اللاتي يعشن في المجتمعات المحافظة. في الوضع الطبيعي في هذه المجتمعات تفرض قيود تمنع النساء من الخروج من منزلها بدون مرافق ذكر مثلا او الخروج في ساعات متأخرة او لساعات طويلة. وازدادت هذه التقييدات شدة بعد الاغلاق الشامل بسبب الوباء، مما أدى الى منع شريحة أكبر من النساء من الوصول الى خدمات الصحة النفسية التي هن بأمس الحاجة لها. | + | إمكانية الحصول على دعم نفسي مختص محدودة أيضًا للنساء اللاتي يعشن في المجتمعات المحافظة. في الوضع الطبيعي في هذه المجتمعات تُفرض قيود تمنع النساء من الخروج من منزلها بدون مرافق ذكر مثلا أو الخروج في ساعات متأخرة أو لساعات طويلة. وازدادت هذه التقييدات شدة بعد الاغلاق الشامل بسبب الوباء، مما أدى إلى منع شريحة أكبر من النساء من الوصول الى خدمات الصحة النفسية التي هن بحاجة لها. |
− | وفي ذات الوقت، فإن التمييز الجندري يقلل من إمكانيات وصول النساء للعلاج. العديد من النساء على سبيل المثال لا يمتلكن السلطة الكاملة على اجسادهن، او بالقرارات التي تخص صحتهم الجسدية والنفسية ولا يحق لهن اتخاذ القرارات المتعلقة بصحتهن، منها بدون موافقة الزوج، الاب، او أي رجل اخر في العائلة. ولهذا، فإنه في هذه الدول، لا تتمكن النساء من الحصول على العلاج المناسب او الكافي. | + | وفي ذات الوقت، فإن التمييز الجندري يقلل من إمكانيات وصول النساء للعلاج. العديد من النساء على سبيل المثال لا يمتلكن السلطة الكاملة على أجسادهن، أو بالقرارات التي تخص صحتهن الجسدية والنفسية ولا يحق لهن اتخاذ القرارات المتعلقة بصحتهن، منها بدون موافقة الزوج، الاب، أو أي رجل اخر في العائلة. ولهذا، فإنه في هذه الدول، لا تتمكن النساء من الحصول على العلاج المناسب أو الكافي. |
| | | |
− | في فلسطين تعمل اغلب النساء في مجالات في غاية الخطورة على صحتهن الجسمية والنفسية، كالمعلمات والممرضات وغيرها من المهن التي تتطلب الوقوف في خط المواجهة الأول ضد الوباء. ومع كونهن الأكثر عرضة للإجهاد العاطفي والنفسي الا انهن لا يتلقين الرعاية النفسية المناسبة. حيث أبلغت 8% فقط من النساء الفلسطينيات بأنهن تلقّين الدعم النفسي المناسب مقابل 67% من الرجال.<ref>[https://time.com/5892297/women-coronavirus-mental-health/ The Coronavirus Pandemic's Outsized Effect on Women's Mental Health Around the World/]</ref> | + | في فلسطين مثلًا، تعمل أغلب النساء في مجالات في غاية الخطورة على صحتهن الجسمية والنفسية، كالمعلمات والممرضات وغيرها من المهن التي تتطلب الوقوف في خط المواجهة الأول ضد الوباء. ومع كونهن الأكثر عرضة للإجهاد العاطفي والنفسي الا أنهن لا يتلقين الرعاية النفسية المناسبة. حيث أبلغت 8% فقط من النساء الفلسطينيات بأنهن تلقّين الدعم النفسي المناسب مقابل 67% من الرجال.<ref>[https://time.com/5892297/women-coronavirus-mental-health/ The Coronavirus Pandemic's Outsized Effect on Women's Mental Health Around the World/]</ref> |
| | | |
| ==الأوبئة والعنف == | | ==الأوبئة والعنف == |