الجندر والأوبئة

من ويكي الجندر
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

الجندر والأوبئة موضوع يحلل الاستجابات الدولية والحكومية للأوبئة من منظور جندري، وتأثيرها على الأشخاص التي تعمل في أدوار رعائية مثل التمريض ووالعمل المنزلي بالإضافة إلى العنصرية والتمييز ضد حاملي/ات المرض وضد فئات المجتمع التي تعيش أوضاع غير مستقرة في الأصل نتيجة لهويّتهم الجندرية مثل النساء والمجتمعات الكويرية أو نتيجة واقعهم القانوني مثل اللاجئات والمنفيات.

تاريخ مختصر للأوبئة

ضحايا الطاعون في بيروجيا. صورة مصغرة من مخطوطة النص العامي La Franeschina، إيطاليا، القرن السادس عشر.

تصنّف منظمة الصحة العالمية الأوبئة على أنّها أي فيروس و/أو مرض معدي ينتشر خارج حدود الدولة. تواجدت الأوبئة مذ تكوين المجتمعات، مع الصيادين-المُلتقطين. ثم أتت الزراعة، التي جلبت معها أنظمة وأنماط حياة تسمح بتكوين وانتشار الأوبئة. ظهرت أمراض كالملاريا والسل والجذام والأنفلونزا والجدري وغيرها لأول مرة في هذه الفترة. وانتشرت أقدم جائحة مسجّلة، والتي يشتبه في أن تكون حمى التيفود، عبر ليبيا وإثيوبيا ومصر ومات ما يصل إلى ثلثي السكان. وشملت الأعراض الحمى والعطش والحلق الدموي واحمرار الجلد. لم يتم توثيق الأمراض والفيروسات بشكل جيد في هذه الفترة، وذلك لربط المرض وارتفاع أعداد الموتى بالسياق العام المليء بالحروب والمعقد بالأبعاد الدينية والروحانية للجماعات المختلفة.

وفي عام ٥٤١ ق.م قُتل نصف سكان أوروبا في طاعون جستنيان. أصاب هذا الطاعون الدبلي الإمبراطورية البيزنطية ومدن البحر الأبيض المتوسط ​​الساحلية، ودمر القسطنطينية، حيث مات 5000 شخص بشكل يومي على مر شهور.

بين عامي 1346 و 1353 حدث انتشار آخر للطاعون الدبلي، وهي الفترة المعروفة بالموت الأسود. توفي ما يقدر بنحو 75 إلى 200 مليون شخص في أوروبا وإفريقيا وآسيا. ويُعتقد أن المرض قد انتقل من قارة إلى أخرى عن طريق السفن التجارية. وكانت البراغيث التي تعيش على الفئران على متن السفن هي التربة الخصبة المحتملة لتكاثر البكتيريا التي دمرت ثلاث قارات.

في القرنين السابع عشر والثامن عشر، نُسبت تهديدات الأوبئة والأمراض الوبائية إلى حد كبير إلى الحالة الأخلاقية والروحية السيئة للمواطنين. كان يُعتقد أن الصلاة والسلوك الورع يتوسطان في انتشار المرض، ولكن تم أيضًا عزل المرضى أو الحجر الصحي في بعض المدن الأوروبية.

نشأت جائحة الكوليرا في الهند واستمرت حوالي 8 سنوات بين 1852 و 1860 وانتشرت عبر آسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية وأفريقيا، مما أسفر عن مقتل أكثر من مليون شخص؛ توفي في بريطانيا 23000 شخص قبل أن يتم تحديد المياه الملوثة كوسيلة لانتقال المرض. وبحلول أواخر القرن الثامن عشر، كانت العديد من إجراءات العزل والحجر الصحي شائعة في موانئ أمريكا الشمالية. أصبح التلقيح بمواد من جرب الجدري مقبولاً كوسيلة لاحتواء الجدري. لم يعد يُنظر إلى الأمراض على أنها نتيجة طبيعية لظروف الإنسان بل على أنها أحداث يمكن السيطرة عليها من خلال الإجراءات العامة. في القرن التاسع عشر، حدد العلماء عدم نظافة الإنسان كسبب وطريقة انتقال المرض، وأصبحت النظافة الشخصية والمجتمعية جزءًا من الإصلاحات الاجتماعية الرئيسية. أصبحت صحة الجمهور هدفًا مجتمعيًا. وبدلاً من ذلك في بريطانيا على وجه التحديد، استندت العلاجات إلى افتراضات أن الهواء الملوث وتحلل النفايات المسببة للأمر، لذلك بدأت الأشغال العامة الكبرى وأنظمة إزالة مياه الصرف الصحي وأنشئت مجالس الصحة. في الولايات المتحدة الأميركية، تم توجيه أصابع الاتهام إلى السكر والكسل وتم الإشادة بالمسؤوليات الشخصية والمجتمعية تجاه البيئة من أجل الصحة العامة. ومع نهاية القرن التاسع عشر، أتاح تحديد البكتيريا والتدخلات مثل التحصين وتنقية المياه بعض الوسائل للسيطرة على انتشار بعض الأمراض. وظهرت علوم المختبرات وعلم الأوبئة جنبًا إلى جنب مع الأفكار الجديدة حول أسباب الأمراض والمسؤولية الاجتماعية لوكالات الصحة العامة.


أما الحمى الإسبانية، فهي الإنفلونزا التي تنقلها الطيور والتي أسفرت عن 50 مليون حالة وفاة في جميع أنحاء العالم، لوحظت إنفلونزا عام 1918 لأول مرة في أوروبا والولايات المتحدة وأجزاء من آسيا قبل أن تنتشر بسرعة في جميع أنحاء العالم. في ذلك الوقت، لم تكن هناك عقاقير أو لقاحات فعالة لعلاج هذه السلالة القاتلة من الإنفلونزا. أدت تقارير وكالات الأنباء عن تفشي الإنفلونزا في مدريد في ربيع عام 1918 إلى تسمية الوباء بـ "الإنفلونزا الإسبانية". بحلول أكتوبر، مات مئات الآلاف من الأمريكيين ووصلت قدرة تخزين الجثث إلى مستوى الأزمة. لكن خطر الإنفلونزا اختفى في صيف عام 1919 عندما طور معظم المصابين مناعة أو ماتوا.

لوحظ فيروس نقص المناعة البشرية لأول مرة في الولايات المتحدة الأميركية عام ١٩٨١، ولكن يُعتقد أنه تطور من فيروس شمبانزي من غرب إفريقيا في عشرينيات القرن الماضي. وانتقل المرض، الذي ينتشر عبر سوائل معينة من الجسم، إلى هايتي في الستينيات، ثم إلى نيويورك وسان فرانسيسكو في السبعينيات. تم تطوير علاجات لإبطاء تقدم المرض، لكن 35 مليون شخص في جميع أنحاء العالم ماتوا بسبب الإيدز منذ اكتشافه، ولم يتم العثور على علاج بعد.

تم التعرف على المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة لأول مرة في عام 2003 بعد عدة أشهر من الحالات، ويُعتقد أنها قد بدأت مع الخفافيش وانتشرت إلى القطط ثم إلى البشر في الصين، تليها 26 دولة أخرى ، حيث أصابت 8096 شخصًا ، مع 774 حالة وفاة. يتميز السارس بمشاكل في الجهاز التنفسي وسعال جاف وحمى وآلام في الرأس والجسم وينتشر عن طريق الرذاذ التنفسي من السعال والعطس. أثبتت جهود الحجر الصحي فعاليتها وبحلول يوليو، تم احتواء الفيروس ولم يظهر مرة أخرى منذ ذلك الحين. اعتبر المتخصصون في الصحة العالمية السارس بمثابة دعوة للاستيقاظ لتحسين الاستجابة لتفشي المرض، واستخدمت الدروس المستفادة من الوباء للسيطرة على أمراض مثل H1N1 و Ebola و Zika.


في 11 مارس 2020، أعلنت منظمة الصحة العالمية أن فيروس كورونا واسمه العلمي SARS-CoV-2،الذي يؤدي إلى الأصابة بمرض كوفيد19 (COVID-19) أصبح وباءً رسميًا بعد أن انتشر عبر 114 دولة في ثلاثة أشهر.

تاريخ مختصر للاستجابة للأوبئة

تتعدد الإستجابات النسوية و/أو النسائية التاريخية والحديثة للأوبئة. فالبعض يتجه على التركيز على حماية النساء من العنف وتوثيق العنف ضد النساء، والبعض الآخر يركز عمله على الأمن الغذائي والدعم الإقتصادي. وكذلك أيضًا قامت العديد من المبادرات على التركيز على الوصول إلى الرعاية الصحية اللازمة والتعليم وغيرها من الأساسيات كالمياه والمواد التعقيمية وغيرها.


البيولوجيا السياسية والسياسات الجنسية

يمكن قراءة استجابة الحكومات للأوبئة من منظور مفهوم البيولوجيا السياسية؛ ففي فترات الأوبئة، قد تختار الأنظمة الصحية بمختلف أشكالها إعطاء الأولوية لحياة مرضى أو علاجهم/ن على حساب مرضى آخرين بحسب توفر الموارد كما بحسب الحالة نفسها والتقييم الطبي لخطورتها. ومتى أصبح الوباء جائحة، قد تواجه الأنظمة هذه الخيارات بشكل متكرر نتيجة النقص المتزايد في الموارد. تتبدى هنا قوة السلطة واحتماليات اتخاذ القرار بحسب معايير قد تكون تمييزية تجاه بعض أفراد المجتمع أو فئاته.

ميشيل فوكو (1926 - 1984)

مع انتشار فايروس كورونا في بلدان مختلفة خلال بداية سنة 2020 اختلف تعاطي الحكومات والسلطات مع المرض وأدت إلى تطرف استخدام الحكومات للتكنولوجيا والأدوات والمعرفة العلمية لمراقبة وتقييد حركة الأفراد وأجسادهم بحجة السيطرة على المرض وتتبع انتشاره؛ عمدت السلطات ممثلة بالحكومات إلى مراقبة حركة الأفراد من خلال أجهزة الهواتف التي يحملونها وفرض قواعد تباعد اجتماعي. فاتخذت الحكومة الصينية تدابير مشددة في ووهان. وفي الفلبيين، أصدر الرئيس أمرًا بإطلاق النار مباشرة على من يخرقون قواعد الحجر المنزلي وتحديدًا المتظاهرين ضده الذين اعتبرهم "مخربين" و"يستسببون بالمشاكل والاضطرابات" كما حصلت في الفيليبين حملة اعتقالات لآلاف الأشخاص الذي خالفوا الإجراءات واستعملت الشرطة حكم السجن ضدهم.[1]

جعلت البيولوجيا السياسة، بالمفهوم الذي أورده فوكو، ظاهرة بشكل كبير وعام خلال فترة انتشار الفايروس وتحوله لجائحة، وأعادت الحديث عن احتماليات أكبر للمراقبة والسيطرة على الجمهور. في بعض البلدان، استخدمت تطبيقات على الهواتف سمحت بملاحقة وتتبع حركة الأشخاص المصابين أو المصابات بكورونا أو سكان المناطق الخاضعة لحجر صحي لتققيد حركتهم/ن في إطار جغرافي محدّد. في بلدان أخرى، تمّ جمع المعلومات عن الأشخاص وحركتهم/ن من خلال تطبيقات على الهواتف دون المساس ببيناتهم/ن الشخصية. كذلك استعملت أساليب أخرى للمراقبة كالكاميرات في المباني المجهزة ببرمجيات ذكية قادرة على تمييز وجوه الأشخاص والتعرّف على الأشخاص الذين يخالفون ضوابط الحجر الصحي المفروضة عليهم. ورغم أن استخدام التطبيقات المختلفة على الأجهزة الذكية في العقد الأخير سمح بجمع ومراقبة معلومات الأشخاص في سياقات مختلفة ولكنه في هذا السياق يبدو وكأنه يصبح مقبولًا بشكل كبير أن تحصل السلطات بكافة أشكالها على المعلومات والبينات لدواعي الصحة العامة والوضع الاستثنائي. [2]


بالمبدأ لم يعتقد فوكو أن السلطة بالمطلق مرفوضة، بل هي ضرورية في بعض الأحيان. وفي هذه الحالة، قد يبدو من المنطقي القبول بالقواعد والممارسات المتوقعة في ظل جائحة كورونا للحفاظ على حياة البشر. ولكن يبقى التخوف من استخدام بعض الأنظمة القمعية لهذه التبريرات للسيطرة بشكل دائم على حياة الأفراد. كذلك تطرح، وفي ظل فرض الحجر المنزلي في كثير من البلدان، تحدثت منظمة الصحة العالمية في تقاريرها عن زيادة حالات العنف المنزلي والعنف ضد النساء رغم ندرة البيانات حاليًا عن الموضوع؛ فتأتي تدابير الحماية من الفايروس وتجنب تعرض الأشخاص للأذى بالتوازي مع عدم قدرة هذه السلطات المختلفة على حماية النساء وانخفاض قدرتهن على الوصول للمساعدة. [3]

الأوبئة والعمل المنزلي

تعتبر الاعمال المنزلية عنصرًا هامًا في سياسة الاستجابة للأوبئة خاصّة في ظل التقييدات والحجر. ففي الأساس، بدون انتشار لجائحة وما يستتبعها من إجراءات، يمكن أن نرى في معظم المجتمعات اختلالات واضحة في تقسيم الأدوار الجندرية. في الدول العربية تتولى النساء والفتيات عبء القيام بالأعمال المنزلية، من دون أجر، يتضمن ذلك توفير الخدمات اللازمة للصحة الجسدية والذهنية والعاطفية لمن يحتاجها من أفراد الاسرة، كالأطفال وكبار السن والمرضى والأشخاص ذوي الإعاقة. وتقع هذه المسؤولية عليهن، نظرًا للتوقعات والمفاهيم المجتمعية التي تحمّل النساء مسؤولية الأعمال الرعائية والمنزلية. وبحسب تقرير للأمم المتحدة فإن الوقت الذي تقضيه النساء في العمل غير المدفوع الأجر في المنطقة العربية يفوق الوقت الذي يقضيه الرجال بحوالي 4.7 مرات، وهو أعلى معدل بين جميع مناطق العالم.[4]

أتاحت الأزمة المالية الحادة التي صاحبت جائحة الكورونا الإمكانية لتسليط الضوء على أعمال الرعاية والعمل المنزلي بصفتهما قضايا سياسيّة تتطلّب اهتماماً سياسيّاً، وفتحت المجال للنقاش في هذه السياسات وإمكانية تغييرها والتحفيز من أجل ذلك.

جائحة كوفيد-19 فاقَمت من وتيرة التحديات المفروضة على النساء في اعمال الرعاية والاعمال المنزلية. تعتمد سياسة الاستجابة للوباء اختزال النساء داخل الاسرة وفي منظومة العائلة الخاضعة لسلطة الأب، غير عابئة بعدد النساء المعطّلات عن العمل طوال هذه الأزمة نتيجة تهميشهنّ الاقتصادي منذ عقود. وتعيد من ناحية أخرى إنتاج اللامساواة على نحو سيساهم في خلق فجوات جديدة بين الفئات الاجتماعية. [5] وفيما تناشد إجراءات الصحّة العامّة بتطبيق الحجْر الصحّيّ والعزلة الذاتيّة، ما زال يُتوقّع من النساء اللواتي لديهنّ فرصة العمل من المنزل القيامُ بأعمال الرعاية والأعمال المنزلية، إضافةً إلى التعليم المنزليّ لأطفالهنّ أو العناية بالمنزل وإعداد الطعام لمَن أصبحوا الآن يشغلونه بشكل دائم. يُشير التقليل من قدر هذا العمل إلى أنّه لا يُنظَر إليه باعتباره عملاً من الأساس، ومن ثمّ لا تتلقّى النساء تعويضاتٍ مقابلَ هذا العمل، ولا يُعترف به بوصفه جهداً مبذولاً يستهلك الوقت ويُسبّب الإرهاق، فإنّه لا يزال يُعتبر أولويّة لا غِنَى عنها. وهكذا، يُنظَر إلى “عمل المرأة” باعتباره نشاطاً أقلَّ أهمّيّة، لا يَرقى إلى أشكال العمل الأخرى مدفوعة الأجر، ويُبرَّر باعتباره نزعة فطريّة أو بيولوجيّة للمرأة. وكثيراً ما تؤدِّي مثل هذه المناقشات إلى تصريحات تزعم أنّ هذا النوع من العمل لا يجب أنْ يتعرَّض للإفساد أو التشويش بسبب السعي إلى التقدير والتعويض.[6]

مع تزايد مطالبة النساء بالقيام بأعمال الرعاية المنزلية، ستتأثر وظائفهن بالتخفيضات والتسريحات التي تتلو ذلك. في العديد من الدول كانت غالبية من تعرّضوا للتسريح من العمل كانوا من النساء, خاصة أن القطاعات التي غالبية من يعملن فيها هن النساء مثل قطاعات الأعمال المنزلية المدفوعة والضيافة والقطاعات الغير رسمية هي من تلقت الضربة الكبرى نتيجة الاغلاق الشامل. وكانت النساء أول من تمّ بتسريحهن بحجة أنهن أولى بالعمل المنزلي. تخاطر مثل هذه العمليات بالتأثير سلبًا على المكاسب الهشة التي تحققت من أجل مشاركة القوى العاملة النسائية، مما يحدّ من قدرة النساء على إعالة أنفسهن وأسرهن، خاصة بالنسبة للأسر التي تعولها امرأة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن إغلاق المدارس أدى إلى ارتفاع نسبة الاناث اللاتي يقمن بالاعمال المنزلية. حيث أن الفتيات اللاتي كن يقضين أغلب وقتهن في المدارس قبل تفشي الجائحة، يُجبرن اليوم على إخذ دور في الأعمال المنزلية.[7] خاصة وأن امكانية حصولهن على حواسيب أو هواتف أو خدمات الانترنت من أجل الدراسة عن بعد أقل منها للرجال. وفي العراق، يمكن فقط لـ51.2% من الفتيات الحصول على خدمات الانترنت مقابل 98.3% للرجال. يثير هذا قلقًا حول إمكانية تركهن الدراسة بشكل كامل في ظل هذه الظروف.

الأوبئة والعمل في التمريض

يعاني العاملون والعاملات في مهنة التمريض بشكل عام من ظروف وشروط عمل لا تتناسب مع المجهود كما الخطر الذي يتعرضون له. ويُعامل الممرضون والممرضات كمساعدين للأطباء والطبيبات وليس كشركاء في القطاع الصحي.

في الكثير من البلدان، يتم ربط مهنة التمريض بالنساء لأنها، كالكثير من المهن الأخرى، تتطلب القيام بشكل من أشكال الرعاية. بالرغم من أنه وعلى مر الأزمنة ومن أجل زيادة فاعلية الاستجابة للأوبئة، تم تجنيد الرجال أيضًا في مهنة التمريض. على سبيل المثال، خلال وباء الطاعون، تطوّع الكثير من الرجال من الطبقة المتوسّطة ورجال الدين من أجل العناية بالمرضى.

لكن لا تزال المجتمعات تحصر مهنة التمريض بالنساء حيث يعتبر الاهتمام بالمرضى وتقديم الرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية دورًا متوقعًا من النساء سواء داخل المنزل للاهتمام بالمرضى من العائلة أو في المستشفيات ودور الرعاية للقيام بواجبهن كممرضات دون أن يتلقين بالمقابل التقدير المادي أو المعنوي بما أنهن لم يقمن بأكثر من دورهن المعتاد. ونرى أن الممرضات في المستشفيات يعانين من التمييز ومن نسبة عالية من الاعتداءات الجنسية والكلامية. وبسبب ربط التمريض بالنساء، يعاني أيضًا الرجال الذين يعملون في مهنة التمريض من معاملة دونيّة من قبل أفراد المجتمع لأنهم يعملون بمهنة "نسائية" ولأن دور الرعاية ليس من أدوار "الذكور" المتعارف عليها في مجتمعات الأبوية.

أعاد وباء الكورونا الاعتبار إلى مهنة التمريض من ربطها بمهنة رعاية فقط إلى مهنة ذات أبعاد أكبر. وسلّط الضوء على معاناة العاملين فيها، حيث أن الممرضين والممرضات وخلال تقديمهم/ن للرعاية الطبية للمصابين، يصارعون الشعور بعدم الأمان بما يتعلق بصحتهمن وامكانياتهن في تقديم المساعدة الكافية. فمن جهة، عملهمن المستمر في بيئة موبوءة يعرضهم لخطر الإصابة بالوباء وهذا يؤثر على قدرتهم على الاستجابة وتقديم الدعم. وفي بعض الدول، أُجبر الممرضون والممرضات على العمل حتى بعد التأكد من اصابتهم بالفايروس. بالإضافة الى ذلك، فإن ساعات العمل الطويلة وفترات الراحة القصيرة والنقص الملحوظ في الموارد الطبية كلها أدت الى ازدياد القلق والارهاق عند العاملات والعاملين في التمريض.[8]

خلال فترة وباء الكورونا الأخيرة وبسبب الاغلاق التام في الدول، خرج المواطنون إلى الشرفات وصفقوا للعاملين في القطاع الصحي من أطباء، ممرضات وغيرهم. ويأمل العاملون والعاملات في مجال التمريض أن تكون هذه البداية للفت النظر إلى أهمية المهنة التي يعملن فيها والحصول على تقدير أكبر من المجتمع والدولة. ففي السابق كان الناس يميلون إلى ربط عمل العناية الصحية بالأطباء فقط، وينسون أمر الممرضات والممرضين.

وبالرغم من التقدير الذي يحصلون عليه من الأفراد، فإنهم لا يزالون يعانون صورة نمطية حولهم خلال جائحة كورونا الأخيرة. فلا تزال فئة من الناس تشعر بتخوف شديد من الممرضين والممرضات ويرفضون التعامل معهم بالرغم من حملات التوعية.

ويعانون أيضًا سياسات مستهترة من قبل المسؤولين في أماكن العمل. فبالرغم من ازدياد الخطر على العاملين والعاملات في مجال التمريض، وتضاعف المشقة في خدمة المرضى، لا يزالون يتقاضون أجورًا منخفضة مقارنة بالخطر الذي يتعرضون له والجهد الذي يبذلونه. إضافة إلى ذلك، في بعض المستشفيات لا يزالون يعملون بعقود عمل قصيرة المدى، مما يؤدي إلى إمكانية فصلهن في أي لحظة.

وهنالك أيضًا سياسات مستهترة من الدول، ففي الكثير منها لم يوفروا مساكن خاصة لهم لكي يحموهم/ن وعائلاتهم/ن من نقل الوباء. وبقيت مسؤولية إيجاد مسكن منفصل فردية وشخصية. وفي الكثير من الأحيان، يجدون صعوبة بذلك بسبب رفض الناس الاختلاط بهمن.

ويكافح الممرضون والممرضات من أجل الحصول على الحماية المهنية، الأخلاقية والقانونية في ظل هذه الظروف.

الأوبئة والصحة الإنجابية

كما أن تأثير الأوبئة مختلف على النساء والرجال أو على دول دون غيرها أو طبقات اجتماعية مقارنة بأخرى فإن تأثيره يختلف على بعض الحقوق دون غيرها ومنها الحق في الصحة الإنجابية.

الصحة الإنجابية كما نُعرفها في ويكي الجندر هي " حق من حقوق المرأة والرجل على حد سواء في الوصول الى معلومات وخدمات شاملة وكاملة تتعلق بالصحة الجنسية والإنجابية لجميع فئات المجتمع وجميع الأعمار. وتركز الصحة الإنجابية على العناية الفردية وعلى مفهوم فترة الحياة الكاملة (Life Cycle Approach) وليس فقط فترة الانجاب خصوصًا للمرأة." وكما تعرفها منظمة الصحة العالمية هي "الوصول إلى حالة من اكتمال السلامة البدنية والنفسية والعقلية والاجتماعية في الأمور ذات العلاقة بوظائف الجهاز التناسلي وعملياته وليس فقط الخلو من الأمراض والإعاقة وهي تعد جزء أساسي من الصحة العامة تعكس المستوى الصحي للرجل والمرأة في سن الإنجاب."

كغيرها من الحقوق تتأثر الصحة الإنجابية في أوقات الأوبئة على اختلافها والمعلومات المتوفرة حول انعكاسات الأوبئة على الصحة الإنجابية والجنسية مختلفة من دولة لأخرى ويستخدم لتوثيقها وقياسها مؤشرات مختلفة وفي بعض الدول غير متوفرة بتاتًا. هذا التأثر هو نتيجة العبء الذي تُحمله الأوبئة للقطاع الصحي وكافة مرفقاته بسبب عدم الجهوزية وقلة الموارد أو عدم الاستثمار في القطاع الصحي وبالتالي ينعكس هذا على جودة الخدمات المقدمة إن توفرت في أوقات الأوبئة

في ظل اثقال كاهل القطاعات الصحية أثناء الأوبئة تتجه الأنظمة والحكومات الى تقليص خدمات الصحة الإنجابية بإعتبارها غير أساسية أو ليست على سلم أولويات الخدمات الصحية داخل سياسات الدولة، تقليص الخدمات يشمل إغلاق المرافق أو الإبقاء على قدد قليل منها مفتوح مما يتسبب بعدم القدرة على الوصول إليها أو عدم قدرة النساء على الوصول للمنشآت التي تقدم خدمات صحة إنجابية وجنسية بسبب وضع قيود على حرية الحركة أو تدهور الأوضاع الاقتصادية المرتبطة بانتشار الأوبئة. كما أنه من المتوقع أن ينحدر وبشكل كبير تقديم خدمات الصحة الجنسية لغير المتزوجات بحجة انهن لسن صاحبات اولوية بما يتعلق بهذه الخدمات.

الأوبئة والحمل

تأثير الأوبئة على الحمل وصحة الأم الحامل والجنين مختلف من وباء لآخر، على سبيل المثال فإن وباء فيروس زيكا أُثبت أنه ينتقل من الأم الحامل للجنين وهذا ما لم يتم إثباته في كوفيد ١٩، ويتسبب أيضًا فيروس زيكا في بعض الحالات في تشوهات في رأس الأجنة[9]والإجهاض في حالات أخرى. وفي دول مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية أدى تفشي وباء إيبولا إلى حدوث إجهاض تلقائي ونزيف لدى الكثير من النساء الحوامل [10] وبسبب أثر الأوبئة بشكل عام على الجهاز المناعي عادي ما تكون الأمهات الحوامل من الفئات الأكثر عرض لهذه النتائج السلبية.

خدمات الصحة الإنجابية من الحمل والولادة في أوقات تفشي الأوبئة

تقليص عدد العاملين في خدمات الصحة الإنجابية واستدعائهم في أقسام أخرى في حال انتشار الأوبئة على وجه الخصوص الممرضات والممرضين وبجانب إغلاق وتقليص عدد المرافق الصحية المتاحة للنساء والفتيات لمتابعة الحمل والولادة وتبعات ما بعد الولادة يعني وضع حياة الكثير من النساء والأجنة في خانة الخطر أي أن فرص الحصول على حمل آمن وولادة آمنة تتقلص وهذا قد يساهم في ازدياد حالات وفيات النساء عالميا في حال توجهن للولادة المنزلية في ظروف خطرة ودون وجود المعدات التي تضمن الحفاظ على حياة الأم والجنين، والقيود على حرية الحركة تعني عدم قدرة النساء بمتابعة دورية لحالة الجنين وإجراء الفحوصات اللازمة مما قد يشكل خطر على حياة كلاهما. بجانب امتناع العديد من النساء أيضًا من التوجه لهذه المرافق خوفًا من التقاط العدوى، أو الخوف من الإصابة الذي سيعني حجرًا في ظروف غير مناسبة ولا مهيأة لأم حامل أو طفل رضيع.

صعوبة الوصول لوسائل تنظيم الأسرة

إن صعوبة الوصول لمقدمي خدمات الصحة الإنجابية وتحويل الموارد المتاحة لتلبية خدمات أخرى غير الصحة الإنجابية يعني عدم توفر وسائل تنظيم الأسرة بالشكل المرجو[11] وهذا يعني زيادة في عدد حالات الإجهاض غير الآمن خصوصًا مع تزايد أعداد الحمل الغير مرغوب به في حال انتشار الأوبئة، وهذا النقص يشمل القدرة على الموصول لموانع الحمل بكل أنواعها وهذا ما تم ملاحظته أثناء تفشي فيروس كورونا [12] وتتأثر أيضًا قدرة الفتيات والنساء على الوصول للمستلزمات المتعلقة في الدورة الشهرية مما يشكل خطر على صحتهن الجسدية والنفسية على حد سواء.

الأمراض المنقولة جنسيًا والأمراض المتعلقة بالجهاز التناسلي

تقليص الخدمات الخاصة بالصحة الإنجابية يؤثر على قدرة الأشخاص على متابعة حالتهم الصحية والجسدية خصوصًا في ما يخص الأمراض المنقولة جنسيًا بسبب صعوبة الوصول للمختبرات الطبية لإجراء الفحوصات اللازمة وفي بعض الدول حسب تقرير لصندوق الأمم المتحدة للسكان ٢٠٢٠، نفذت العقاقير المستخدمة للوقاية من الإصابة بفيروس نقص المناعة، وصعوبة إجراء فحوصات وقائية من الأمراض المتعلقة بالجهاز التناسلي مثل " سرطان الرحم".

العنف المبني على النوع الاجتماعي والصحة الإنجابية

رصدت مؤسسات عديدة تزايدًا في الإتصالات المتعلقة بالإبلاغ عن العنف داخل المنزل في أوقات انتشار الأوبئة خلال العقد الماضي وكوفيد ١٩ ليس بإستثناء. هذا العنف سواء على شكل عنف جنسي داخل العلاقة أو حمل قسري أو حمل المراهقات مثلما حدث في سيرا ليون فقد ارتفع حمل المراهقات لنسبة ٦٥٪ أثناء تفشي وباء إيبولا [13]

الأوبئة والصحة النفسية

عند انتشار فيروس وتحول المرض إلى وباء في عدة دول أو حول العالم تكون الأولوية في الأزمة لايجاد العلاجات الطبية اللازمة للمرض أو على الأقل لعوارضه ولإنقاذ المصابين بالفايروس. ثم تحاول الحكومات والمؤسسات والمنظمات الصحية احتواء المرض والسيطرة على انتشاره.

في هذه الأزمات، تكون الأولوية للحفاظ على حياة المصابين/ات بالدرجة الأولى وثم لحماية باقي أفراد المجتمع من انتقال العدوى. ومع انتشار الوباء يمكن أن يتبين من هم الأشخاص الأكثر العرضة للعدوى والأكثر تأثرًا بالمرض في حال الإصابة، كالأشخاص الكبار في السن أو المصابين بأمراض مزمنة أو الأطفال أو النساء الحوامل.

وبما أن جهود القطاع الصحي تكون مركزة بالكامل في آثار الوباء وتداعياته فإنه نادرًا ما يتم الالتفات إلى الصحة النفسية في هذه المراحل، ولكن الخوف من المرض والقلق من التقاط العدوى كما الضغط النفسي الذي يتعرض له الأشخاص المصابون كلها أمور من الممكن أن تأثر في الصحة النفسية للأفراد.

تتسبب الأوبئة أيضًا بقلق وخوف جماعي قد يكون له تأثير في التركيبة النفسية للمجتمعات لأجيال بعد الوباء. وقد تسببت الاوبئة في المراحل التاريخية السابقة بالعديد من التساؤلات الوجودية وخاصة قبل أن يبدأوا بإيجاد تفسيرات علمية وطبية للفايروسات والأمراض. كما قد تؤثر الأوبئة في نمط حياة المجتمعات وتدخل التغيرات في سلوكياتهم.


ونتيجة الوصمة الناتجة عن الإصابة بالمرض المعدي، فإن المرضى قد يشعرون أحيانًا بالعزلة الاجتماعية، والرفض ما يؤثر على صحتهم النفسية وعلى اندماجهم في المجتمع حتى بعد شفائهم من المرض. في العديد من المجتمعات، تتعرض رفاهية النساء وصحّتهن الجسدية والنفسية والجنسية للخطر بسبب وجود أنواع واساليب متقاطعة من "وصمات العار" حول هذه الامراض، وبسبب تعرضهن للتمييز على نوعيه-العرقي والجندري. مما يؤدي الى فقدان المكانة الاجتماعية، وإعطاء شرعية للتمييز الجندري في سياق التوزيع الغير متكافئ للقوى ولهذا تأثيرات سلبية مباشرة على الصحة النفسية والجسدية. ويزداد التمييز شراسة عند التحدث عاملات الجنس، النساء العابرات جنسيا واللاجئات.

عند انتشار الايدز، عانى المصابون/ات به من الوصمة بسبب انتقال الفايروس من خلال العلاقات الجنسية والتنميط الناتج الذي أدى إلى ربطه بتعدد العلاقات والعلاقات المثلية. وتأثرت علاقاتهم سواء مع عائلاتهم/ن أو شركائهم/ن أو أصدقائهم/ن بسبب المفاهيم الخاطئة عن المرض وطرق انتقال العدوى وكيفة الحماية.

وفي 2020، مع انتشار فيروس كورونا عالميًا وتوصيات منظمة الصحة العالمية بالحجر الصحي، أمضى العديد من الأفراد والأسر فترات طويلة في منازلهم في شبه عزلة اجتماعية مع التجنب الدائم للمس والاحتكاك. فازداد عند الافراد الشعور بالعزلة العاطفية والوحدة والضغط النفسي ما قد يؤدي إلى الإكتئاب أو الإحباط أو حالات الأرق والتوتر وقد يصل ببعض الناس إلى محاولة الانتحار.

جائحة كورونا أثرت بشكل سلبي وواضح على الصحة النفسية للفئات التي كانت تعاني من مشاكل بالأساس قبل الوباء. الأثر الأكبر كان على الصحة النفسية للنساء، الأمهات والأطفال. حيث أصبحت تأثيراته أكثر حدة ووضوحا خلال فترة الوباء. ويؤثر بشكل كبير على النساء والمراهقات بسبب انعدام التكافؤ الاجتماعي، الاقتصادي والثقافي. ومع أن السبب الأساسي للضغوطات النفسية على النساء هو انعدام المساواة المدعوم مجتمعيًا وقانونيًا، وجدت الحكومات في خطط استجابتها للأوبئة فرصة إضافية من اجل توسيع هذه الفجوة ما بين الأنواع الاجتماعية واللا-مساواة في خدمات الصحة والصحة النفسية. استمرار التفاوتات الثابتة في الخدمات الصحية يؤدي إلى استمرار ارتفاع الازمات النفسية وتردي أوضاع الصحة النفسية، بشكل خاص لدى الفئات التي كانت في وضع صحي متردي قبل انتشار الأوبئة.[14]

خلال جائحة الكورونا الأخيرة تم التوصل إلى أن احتمالية إبلاغ النساء عن معاناتهن من مشاكل نفسية حادة أكثر بثلاث اضعاف من الرجال (27% للنساء مقابل 10% للرجال). تتضمن المشاكل النفسية التي تبلغ عنها النساء: القلق الحاد، فقدان الشهية، اضطرابات في النوم، صعوبة في إتمام المهام اليومية واعراض للاكتئاب. كل هذه العوارض كانت منتشرة عند النساء قبل الوباء، وازدادت حدتها خلاله.

ولا يكون التأثير النفسي للأوبئة وتداعياتها نفسه على جميع الأشخاص ويختلف بحسب ظروفهم النفسية والإجتماعية والإقتصادية. ففي الطبقات الأقل دخلًا، يكون العمل اليومي أحيانًا هو المصدر الوحيد للدخل وقد يؤدي الاضطرار للحجر الصحي للعائلة أو إصابة المعيل (ة) بالمرض لتدهور والوضع الإقتصادي بشكل أكبر. ويشكل هذا النوع من الضغوط كما خوف فقدان العمل أيضًا سببًا أساسيًا للقلق والاكتئاب والشعور بالعجز والضياع.

وأبلغت أعداد أكبر من النساء عن قلقها من فقدان عملها بسبب الوباء، مما أدى الى ارتفاع القلق والتوتر لديها. وفي لبنان مثلًا، أبلغت 49% من النساء عن فقدان عملها مقابل 21% من الرجال.

وفي المجتمعات حيث المتوقع من النساء القيام بالأعمال المنزلية والأدوار الرعائية، قد يتسبب الحجر الصحي والإجتماعي بمضاعفة مسؤولياتهن وزيادة ساعات العمل والمجهود المتوقع منهن. مع الحجر الاجتماعي الحاصل مع انتشار الكوفيد19، أقفلت المدارس وحضانات الأطفال وبقي الأولاد في المنازل مع أسرهن وأعتمدت أشكال وأنماط مختلفة من العمل من المنزل للعمال والموظفات. أجبر هذا الوضع النساء على القيام بنفس الوقت بعملهن من المنزل إضافة إلى تدريس ورعاية الأطفال والأعمال المنزلية، ما أدى إلى ساعات متواصلة من العمل دون راحة أو فاصل. نتج عن هذا الوضع ضغوطات نفسية على النساء والأمهات قد تؤدي إلى تدهور صحتهن النفسية مع عدم قدرتهن على طلب المساعدة في الوقت عينه.

إمكانية الحصول على دعم نفسي مختص محدودة أيضًا للنساء اللاتي يعشن في المجتمعات المحافظة. في الوضع الطبيعي في هذه المجتمعات تُفرض قيود تمنع النساء من الخروج من منزلها بدون مرافق ذكر مثلا أو الخروج في ساعات متأخرة أو لساعات طويلة. وازدادت هذه التقييدات شدة بعد الاغلاق الشامل بسبب الوباء، مما أدى إلى منع شريحة أكبر من النساء من الوصول الى خدمات الصحة النفسية التي هن بحاجة لها. وفي ذات الوقت، فإن التمييز الجندري يقلل من إمكانيات وصول النساء للعلاج. العديد من النساء على سبيل المثال لا يمتلكن السلطة الكاملة على أجسادهن، أو بالقرارات التي تخص صحتهن الجسدية والنفسية ولا يحق لهن اتخاذ القرارات المتعلقة بصحتهن، منها بدون موافقة الزوج، الاب، أو أي رجل اخر في العائلة. ولهذا، فإنه في هذه الدول، لا تتمكن النساء من الحصول على العلاج المناسب أو الكافي.

في فلسطين مثلًا، تعمل أغلب النساء في مجالات في غاية الخطورة على صحتهن الجسمية والنفسية، كالمعلمات والممرضات وغيرها من المهن التي تتطلب الوقوف في خط المواجهة الأول ضد الوباء. ومع كونهن الأكثر عرضة للإجهاد العاطفي والنفسي الا أنهن لا يتلقين الرعاية النفسية المناسبة. حيث أبلغت 8% فقط من النساء الفلسطينيات بأنهن تلقّين الدعم النفسي المناسب مقابل 67% من الرجال.[15]

الأوبئة والعنف

ترتبط فترات الأزمات الاقتصادية، والاضطرابات المدنية والكوارث البيئية بعدد لا يحصى من عوامل الخطر لزيادة العنف ضد النساء. وكل هذه الفترات والعوامل المذكورة تزداد وتظهر في حالات الجوائح والأوبئة. استنادًا إلى الأدبيات والاحصاءات الموجودة، تم توثيق تسعة مسارات رئيسية (مباشرة وغير مباشرة) تربط الأوبئة بالعنف ضد النساء وذلك من خلال:- انعدام الأمن الاقتصادي وظهور الإستغلال نتيجة لذلك- الحجر الصحي والعزلة الاجتماعية -الاضطرابات وعدم الاستقرار المرتبطة بالكوارث والنزاعات -التعرض للعلاقات الاستغلالية بسبب تغير التركيبة السكانية - انخفاض توافر الخدمات الصحية والوصول إلى المستجيبين الأوائل -عدم قدرة النساء على الهروب مؤقتًا من الشركاء المعنّفين- مصادر العنف الخاصة بالفيروسات، أي مثلًا الأمراض المرتبطة بالجنس قد تعرض النساء لعنف بسبب ذلك - التعرض للعنف والإكراه في جهود الاستجابة - العنف المرتكب ضد العاملات في مجال الرعاية الصحية. بشكل عام يزداد العنف في مواجهة الأوبئة. وفقًا لصندوق الأمم المتحدة للسكان، غالبًا ما تؤدي الأوبئة إلى انهيار البنى التحتية الاجتماعية مما يؤدي إلى تفاقم عدم المساواة الموجودة بالفعل. ونتيجة لذلك، فإن عدم المساواة الجندرية تتفاقم بسبب الوباء. كما أنه يزيد من تعرض الأطفال والنساء للمضايقات والعنف الجنسي عندما يحاولون شراء الضروريات كالماء والطعام. تشير العديد من الأبحاث إلى أن العنف القائم على النوع الاجتماعي أكثر انتشارًا في البلدان الموبوءة بفيروس نقص المناعة البشرية، مثلًا لاحظ الباحثون والباحثات وجود صلة بين انتشار وباء فيروس نقص المناعة البشرية والعنف القائم على النوع الاجتماعي في الهند أيضًا. وفقًا لوحدة الأخلاقيات العالمية التابعة لمنظمة الصحة العالمية، تؤثر أدوار الجنسين على جميع جوانب الوباء المتوطن بما في ذلك العنف بين الأشخاص. كما شددت على الحاجة إلى مختلف الخدمات لتقليل مخاطر العنف عند وضع الأشخاص في الحجر الصحي في المنزل أو في المؤسسات.


من الضروري الانتباه إلى أثر التدابير المتخذة للحد من انتشار الوباء ، على العنف بين الأشخاص و خصوصا الفئات الأكثر عرضة للتعنيف، و إيجاد خطط لمعالجتها .

سياسات الإغلاق و الحجر الصحي قد تفصل بين أفراد العائلة و تضعف شبكات الدعم الغير رسمية ، و يؤثر ذلك على النساء إن كن يعتمدن اقتصاديا على أفراد العائلة لتوفير الاحتياجات الأساسية. و بالأخص على طالبات اللجوء بحيث تجعلهن هذه الإجراءات أكثر عرضة للاستغلال و العنف من أجل الوصول الى الخدمات الأساسية.[16]

في جميع الدول، تخدم المدارس دور مهم في الكشف و التبليغ عن العنف ضد الأطفال ، الأمر الذي يضيع عند إلاغلاق. أما في الدول ذات الدخل المتوسط أو المنخفض، يمتد اثر الاغلاق الى المدى الطويل. مثلا وثقت زيادة بنسبة الحمل المبكر و الحمل خارج العلاقة الزوجية في سيراليون عند إغلاق المدارس و عدم وضع مبادرات تضمن تفاعل مستمر بين الفتيات[17]. و يؤدي ذلك إلى زيادة في العنف ضد الشريك الحميمي على المدى الطويل. و كذلك تقل نسبة انخراط الفتيات في المدرسة ما بعد الإغلاق ، مما يحد من الفرص الاقتصادية المتاحة لهن.

و بشكل مماثل، للنظام الصحي دور مهم في مواجهة العنف الشخصي، حيث أنه يكون في العديد من الأحيان النقطة الأولى والآمن لطلب المساعدة، كما أنه يعمل على تقليل الأثر الدائم للعنف من خلال توفير العلاج الطبي مثل وسائل منع الحمل المستعجلة إضافة إلى الاستشارات النفسية. و أخيرًا تعد التقارير الطبية دليل مهم عند ملاحقة المعتدين قانونيًا لتحقيق العدالة. و يضمحل هذا الدور خلال الأوبئة بسبب العبء الكبير على النظام، و تردد ضحايا العنف الذهاب إلى المرافق الطبية خوفًا من التقاط المرض. أخيرًا قد تلجأ بعض الدول إلى استخدام القوات العسكرية لتحضير المستشفيات الميدانية، مما قد يزيد من حوادث العنف ضد النساء والأطفال ويسبب شعور بالخوف لدى النساء.

و أخيرًا تصعب سياسات الإغلاق ملاحقة المعتدين و تحقيق العدالة من خلال النظام القانوني والأجهزة الأمنية، التي تعاني بالأصل من عوائق عديدة. فقد أدى التأخير في إجراء الفحوصات والتقارير الطبية إلى ابطال قضايا قانونية لعدم توفر أدلة كافية [18] . و تأخير جلسات المحكمة لإصدار قرارت الابعاد أو الطلاق من الممكن أن يمنع النساء من الابتعاد عن المعتدي مؤقتا.



عنف اقتصادي

وللأوبئة الاقتصاد السياسي الخاص بها، والذي يؤدي حتمًا إلى ازدياد العنف ضد النساء. أولًا، تم تحديد الاعتماد الاقتصادي كسبب للعنف المنزلي،أثناء الحجر الصحي. فنظرًا إلى وجود العدد الأكبر من النساء في وظائف غير رسمية، وذلك بسبب تركيبة النظام التي تمنع النساء من الانخراط في السوق الرسمي أو اعتبار عملهن رسمي، ازدادت درجات تعرضهن لتأثير أكبر حيث أصبحن يعتمدن اقتصاديًا على الرجال. كما أنّه هناك نساء أقل من الرجال في وظائف يمكن العمل بها عن بعد، مما يجعل من الصعب عليهن التكيف مع الظروف المتغيرة. لا تؤدي التبعية الاقتصادية المتزايدة إلى زيادة خطر تعرضهن للعنف القائم على النوع الاجتماعي فحسب، بل يجعل أيضًا من الصعب عليهم ترك المعنفين. كما أنّه وُجد أن الأوبئة مثل الأنفلونزا وأنفلونزا الخنازير والسارس تؤدي إلى مشاكل نفسية مثل القلق وتعاطي المخدرات واضطراب ما بعد الصدمة واضطرابات النوم التي غالبًا ما تستمر حتى بعد الوباء، وهذا ما يؤثر أيضًا على قدرة النساء على العمل والإنتاجية في اقتصاد لا يأخد الأبعاد النفسية للسياق الذي تعمل به النساء.

معظم نساء العالم فقيرات ومعظم فقراء العالم من النساء. تشكل النساء ما يقرب من ثلثي الأميين في العالم وغالبًا ما يُحرمن من حقوق الملكية أو الحصول على الائتمان. يتقاضين رواتب أقل بنسبة 30-40٪ من الرجال عن نفس العمل، ومعظم أولئك اللواتي يعملن يعد عملهن خارج القطاع الرسمي في وظائف تتسم بانعدام أمن الدخل وسوء ظروف العمل. يزيد الضعف الاقتصادي على النساء من زيادة تعرضهن للأوبئة والفيروسات.

الأوبئة التي سبقت فيروس الكورونا والتدابير من أجل الوقاية منها أظهرت أنها لا تأخذ بعين الاعتبار الأعباء الاقتصادية التي تعاني منها النساء بل تضاعفها أيضًا. على سبيل المثال تدابير الوقاية من فيروس الإيبولا كان لها التأثير السلبي الأكبر على النساء. حيث أن الحجر الصحي قلّل بشكل كبير من الأنشطة الاقتصادية والمعيشية للمرأة، وأدى الى زيادة معدلات الفقر عند النساء على وجه التحديد، وأدى ايضًا الى تفاقم انعدام الأمن الغذائي. كما أن تدابير الوقاية من الإيبولا (التي شملت قيود السفر) في دول أفريقية، أثرت بشدة على سبل عيش المرأة وأمنها الاقتصادي. فهولاء النساء اللواتي يعملن بمعظمهن في قطاعات غير رسمية واللواتي يعتمدن بشكل أساسي على المساحات العامة والخارجية كما على التنقل من بيوتهن للتبادل التجاري البسيط، يخسرن مصادر دخلهن اليومي بمجرد منع التنقل أو فرض الحجر الصحي. علاوة على ذلك، خلال التعافي من الفيروس، عاد النشاط الاقتصادي للرجال إلى مستويات ما قبل الأزمة بعد فترة وجيزة من انحسار التدابير الوقائية، بينما استمرت الآثار السلبية على الأمن الاقتصادي للمرأة وسبل عيشها لفترة أطول. [19]

عنف منزلي

في الماضي، ارتبطت الأزمات بتصاعد حالات العنف ضد النساء. لوحظت زيادة في العنف المنزلي خلال كوارث أخرى مثل زلزال هايتي في عام 2007 ، وإعصار كاترينا في عام 2005، وثوران جبل سانت هيلين في الثمانينيات بسبب البطالة والأسرة والضغوط الأخرى. حتى أثناء كارثة تسونامي في جنوب آسيا عام 2004، لوحظت زيادة في العنف القائم على النوع الاجتماعي حيث تم الإبلاغ عن العديد من حوادث العنف ضد النساء والاعتداء الجنسي في سري لانكا بعد أعقاب التسونامي. وفقًا للباحثين، لا يمكن اعتبار الأوبئة استثناءً من هذا الواقع. ازداد العنف ضد الزوجات في مواجهة جائحة فيروس نقص المناعة البشرية بسبب الاشتباه في وجود علاقات خارج نطاق الزواج. كما أدت حالات التفشي الأخيرة مثل الإيبولا والكوليرا وزيكا ونيبا إلى زيادة حالات العنف المنزلي. أثناء تفشي فيروس الإيبولا، كانت النساء والفتيات معرضات بشكل خاص للعنف بسبب عدم قدرتهن على الهروب من المعتدي. علاوة على ذلك، لم يتم التعرف على ضحايا العنف وغالبًا ما يُتركون دون رعاية وازدادت أيضًا حالات الاغتصاب والعنف ضد المرأة والاعتداء الجنسي أثناء تفشي فيروس إيبولا في غرب إفريقيا.

الأوبئة والتمييز والعنصرية

لم يكن الوصم المجتمعي الذي طال ماري مالون المهاجرة الإيرلندية التي لُقبت ب" ماري تيفوئيد" وتحميلها ذنب انتشار الوباء فقط لكونها مهاجرة[20] حالة فردية، فقد سبقها إستهداف للأقليات الدينية والعرقية أثناء تفشي الطاعون العظيم في أوروبا بين عامي 1347 و1352[21] وحتى يومنا هذا تُلام أكثر الفئات هشاشة وأقلها قدرة على الوصول للموارد والإمكانيات التي تقيها من الأوبئة على إنتشار الأوبئة في أماكن تواجدها دون الأخذ بعين الاعتبار السياسات التي أدت لهذه الظروف بالمقام الأول. هذه العنصرية تتمثل بممارسات مختلفة وتأتي بأشكال مختلفة بعضها على شكل الحرمان من الرعاية الصحية، أو الإحتجاز في ظروف لا إنسانية أو توليد ظروف تدفع لممارسة العنف الجسدي أو الجنسي أو النفسي ضد هذه الفئات. لقد رأينا خلال جائحة كورونا ممارسات عنصرية ضد لاجئات ولاجئين في أماكن تواجدهن ومطالبات بحجرهمن وتطبيق سياسات أكثر صرامة بحقهمن بحجة السيطرة على بؤر تفشي الوباء. مطالبات نابعة من خطاب كراهية [22] يحرض على أكثر الفئات عُرضة لخطر هذا الوباء، هذه العنصرية طالت أيضًا النساء السودوات في العالم ولهذا تعالت عدة أصوات مناهضة لهذا الخطاب ورأينا شعارات مثل "العنصرية هي قضية صحة عامة" منتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي بالتزامن مع انتشار جائحة كورونا التي كشفت عن التنميطات العنصرية الموجودة مسبقًا في المجتمعات. وتعرضت أيضًا العديد من النساء المهاجرات من غرب آسيا لصور تنميطية عنصرية أثناء تفشي الوباء[23] كما عبرت النساء اللاجئات في مخيمات اللجوء في اليونان عن خوفهن من تعرضهن لإعتداءات جنسية في ظل تفشي وباء كورونا وأن السياسات المتبعة تجعل حياتهن صعبة جدًا داخل مخيم موريا[24] هذه السياسات العنصرية يمكن اعتبارها وباء آخر يقتل فئات بعينها أكثر من غيرها من خلال تكريس ظروف اجتماعية وسياسية واقتصادية تُسبب لهم مشاكل صحية خطيرة أو إجراءات عنصرية تقتلهم بشكل مباشر فقط بسبب الميول الجنسي والهوية الجندرية أو لون بشرتهم أوالعرق أوالنسب أوالإثنية.

التمييز ضد اللاجئات والمنفيات والنساء البدون

فضلًا عن العنف المتزايد الذي تتعرض له النساء عامة في ظل انتشار جائحة كورونا فاللاجئات منهن والمهاجرات والنازاحات داخليًا كما عديمات الجنسية فإنهن عُرضة لهذا العنف[25] مصحوب بعنصرية مدفوعة بكره الأجانب أو " الآخر". وحقيقة كون إن غالبية اللاجئات واللاجئين متواجدين في بلدان ذات بنية تحتية صحية ضعيفة يعني حرمانهن بشكل مباشر من تلقي خدمات صحية، كما حصل لللاجئات المتواجدات في اليونان اللاتي تم حرمان بعضهن من الحصول على الرعاية اللازمة أثناء الحمل [26] بسبب عدم وجود ضمان اجتماعي وفي أحيان أُخرى هذه السياسات تجعل قدرتهن على الوصول للمعلومات التي تساعدهن على الوقاية من الإصابة أو يتسبب في توقف بعض الخدمات التي كانت تقدم لهن، وفي دول أُخرى طُبق بشكل مباشر إجراءات تميزية بين اللاجئين والمواطنين من شأنها تعريض حياتهم للخطر [27] كما أن القيود المفروضة على حرية الحركة والسياسات التي اتخذت للحد من انتشار الفيروس تسببت بفقدان العديد من النساء اللاجئات والمهاجرات لمصادر دخلهن أو دفعتهن للتوجع لأعمال يتعرضن فيها للإستغلال والعنف كما دفعت بعض السياسات المصاحبة للحد من إنتشار الوباء لحرمانهن من التعليم مما دفع الكثيرات منهن للزواج قسرًا[28] حتى القاصرات منهن [29]. كما أن أماكن سكنهن وتواجدهن سواء منشئات أو مخيمات خاصة بهن غير مجهزة بإمكانيات تسمح لهن ولعائلاتهن تطبيق تعليمات التباعد الإجتماعي [30] وفي بعض الحالات لا يتوفر لهن الماء النظيف والصابون.

التمييز ضد النساء السودوات والنساء الأصلانيات

"حياة السود مهمة" الحراك المطالب بإنهاء العنف الممنهج ضد السود في الولايات المتحدة اشتد خلال فترةانتشار الوباء، بسبب وحشية الشرطة في التعامل مع السود وأيضًا بسبب النظام الذي يجعل الوصول للخدمات الصحية ذات الجودة العالية للغالبية العظمى من السود شبه مستحيلة، وهذا كان واضحًا في أعداد الوفيات التي تسبب بها فيروس كورونا بين السود في الولايات المتحدة، وقد نشرت دراسة جديدة أن إحتمال أن يحتاج أمريكي أسود مصاب بفيروس كورونا المستجد إلى دخول المستشفى هي أكثر بثلاث مرات تقريبًا من الأمريكي الأبيض المصاب بذات الفيروس [31] . هده العنصرية الممنهجة في النظام الصحي ذو اصيت السئ تاريخيًا بعدم أخذ شكاوى أو آلام النساء السودوات على محمل الجد أثرت بشكل مباشر وسلبي على حياة النساء السودوات في الولايات المتحدة، فإن فرصهن في الحصول على الخدمات الصحية اللازمة للتعافي هي أقل من غيرهن بجانب الآثار الإقتصادية للوباء التي ألقت بظلالها عليهن فما يقرب من 70 في المائة من النساء السوداوات هن المعيل الأساسي أو الوحيد لأسرهن، وهن غالبًا من يقمن بالأعمال الرعائية داخل مجتمعاتهن ويعملن في وظائف بدخل منخفض. هذه العنصرية طالت أيضًا السكان الأصليين، حيث لم يتم احترام منشادتهم للسياح ولسكان المدن المجاورة لأماكن سكنهم بعدم القدومخوفًا على حياة كبار السن لديهم وعلى حياة النساء والأشخاص ذو المناعة الضعيفة، وفي بلدان أخرى فإن خطط الإستجابة الطارئة التي وضعتها الحكومات في بداية انتشار الجائحة لم تأخذ بعين الإعتبار احتياجاتهم [32] وكان للجائحة والسياسات التي رافقتها أثر آخر على حياة النساء الأصلانيات فلقد جعلهن عرضة لفقدان حياتهن أو تعرضهن لخطر الموت، في كندا تعرضت النساء الأصلانيات الحوامل لعنصرية ممنهجة بسبب الإجراءات الصحية التي اتخذت[33]، بجانب جعل الخدمات الطبية للنساء الحوامل من خلال الإنترنت والتي تتجاهل تماما حقيقة أنه فقط ٢٤٪ من أسر السكان الأصلية متوفر لديها خدمات انترنت سريعة تتيح لها القيام بهده الاحتياجات الأساسية، كما أن الجائحة جعلت النساء الأصليات أكثر عرضة للعنف المنزلي وأكثر عرضة لفقدان وظائفهن وجعل محاولات النجاة من العنف الممارس ضدهن أقل [34]

التمييز ضد العابرين والعابرات جنسيا

كما أن العالم شهد تزايد ملحوظ في العنف الأسري والجندري ضد النساء وضد الأشخاص اللامعياريين أثناء جائحة كورونا فقد شهد أيضًا تزايد في السلوكيات العنصرية تجاه ذات الفئات، طال هذا العنف والتمييز العابرات والعابرين جنسيًا حول العالم. كان التمييز على شكل عنف جسدي ولفظي أما بالنسبة لمعضلة قدرتهم على الوصول للخدمات الصحية التي كانت من أهم المشكلات التي يواجهها العابرين والعابرات جنسيًا قبل الجائحة فقد تفاقمت بعد الجائحة وتجسدت على شكل حرمانهم من الوصول إلى الخدمات الصحية أو استكمال علاجاتهم الهرمونية[35]أو عملية العبور الجنسي، بسبب التمييز وبسبب الأنظمة الصحية التي لا ترى في هذه الخدمات أولوية.

مراجع


مصادر

  1. Amnesty, Philippines: President Duterte gives "shoot to kill" order amid pandemic response, 02 April 2020.
  2. https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC7417960/ ,The Biopolitics of Social Distancing, J.J. Sylvia, IV
  3. موقع منظمة الصحة العالمية، العنف ضد المرأة أثناء جائحة كوفيد-19
  4. هيئة الامم المتحدة للمرأة،آثار جائحة كوفيد-19 على المساواة بين الجنسين في المنطقة العربية
  5. جيم،المهاجرات والعاملات والسجينات في زمن الأوبئة، 06.05.2020
  6. درج، أعمال الرعاية المنزلية في الأزمات: هل حُسِم الأمر ضدّ المرأة؟, 18.06.2020
  7. united nations, policy brief: the impact of Covid-19 on women, 09.04.2020
  8. american nurses association,NURSES, ETHICS AND THE RESPONSE TO THE COVID–19 PANDEMIC, 2020
  9. WHO,مرض فيروس زيكا ومضاعفاته
  10. reliefweb,Not All That Bleeds is Ebola
  11. Colleen Marcoux,Sexual and Reproductive Health During the COVID-19 Crisis.25.03.2020
  12. Chris Purdy,Opinion: How will COVID-19 affect global access to contraceptives — and what can we do about it?.10.03.2020
  13. .UNDP,Download this Document Click here to download English (598.5 kB) Assessing Sexual and Gender Based Violence during the Ebola Crisis in Sierra Leone
  14. Mental health of women, young adults and parents worst hit by pandemic
  15. The Coronavirus Pandemic's Outsized Effect on Women's Mental Health Around the World/
  16. Pandemics and Violence Against Women and Children 01.04.2020
  17. Ebola Recovery in Sierra Leone: Tackling the rise in sexual and gender based violence and teenage pregnancy during the Ebola crisis UNDP. (2015)
  18. Ebola Recovery in Sierra Leone: Tackling the rise in sexual and gender based violence and teenage pregnancy during the Ebola crisis UNDP. (2015)
  19. united nations, policy brief: the impact of Covid-19 on women, 09.04.2020
  20. الجزيرة،"ماري تيفوئيد".. الطاهية التي قضت 25 عاما في الحجر الصحي.30.05.2020
  21. Samuel K. Cohn,Pandemics: waves of disease, waves of hate from the Plague of Athens to A.I.D.S.*
  22. DW,ألمانيا- تحذير أمني من استغلال المتطرفين أزمة كورونا ضد اللاجئين.2020
  23. The Guardian,'Coughing while Asian': living in fear as racism feeds off coronavirus panic.24.03.2020
  24. BBC,اللاجئون السوريون: قصص معاناة في مخيمات اليونان وسط مخاوف من فيروس كورونا والتحرش بالنساء.10.10.2020
  25. موقع عمان نت، كورونا يؤجج العنف الأسري في مخيم الزعتري
  26. مهاجر نيوز،كورونا والحمل واللجوء ... مصاعب لاجئات في اليونان.10.04.2020
  27. HRW,لبنان: إجراءات مواجهة فيروس "كورونا" تهدد اللاجئين.2.04.2020
  28. موقع ميدل ايست اونلاين، تداعيات كورونا تزيد معاناة اللاجئات في العالم.20.04.2020
  29. الفنار للإعلام، الوباء يدفع آلاف الفتيات اللاجئات للزواج وترك الدراسة.28.10.2020
  30. DW,عن الحجر واللجوء.. قصص وتعليقات من مهاجرين في أوروبا.07.04.2020
  31. Health Affairs, https://www.healthaffairs.org/doi/full/10.1377/hlthaff.2020.00598. 21.05.2020
  32. UN,The Impact of COVID-19 on Indigenous Peoples
  33. open democracy,Indigenous women report racism and neglect in COVID-19 Canada childbirth.20.10.2020
  34. cultural survival,New Report Highlights the Impacts of COVID-19 on Indigenous Women in the Americas.29.05.2020 .
  35. جيم،كيف تختبر العابرات والعابرون أزمة الكورونا؟.18.06.2020