تغييرات

اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
ط
مراجعة وتنسيق
سطر 41: سطر 41:  
لا يخفى أن ما يجعل أكثر الناس ينزعون صفة “العمل” عن أعمال النساء المنزلية هو كونها أعمال دون مقابل مالي، أي دون قيمة تبادلية. ففيما يسع العامل أو العاملة في مهنة خارج منزلية أن يأخذ مقابل عمله مالاً يشتري به – أي يبادله –  سلعة أو خدمة من أي نوع شاء، فإن  أعمال المرأة المنزلية  تستهلك غالباً فور إنتاجها، ومن جانب أشخاص العائلة، فلا  تستبدل بسلعة أو خدمة من اختيار من أنتجتها، ولا وفق رغبتها. إن السلعة أو الخدمة التي يمكن معاينتها وتكميمهاquantify  مالياً تمثّل اعترافاً بالعمل الذي أنتجها. على العكس من ذلك، فإن الخدمات أو “المنتجات” التي أنتجتها المرأة وبقيت غير قابل للمبادلة بسلع أو خدمات أخرى – وهذا ما تتصف به  كلّ الأعمال المنزلية – إنّما تمسي “غير مرئية”.
 
لا يخفى أن ما يجعل أكثر الناس ينزعون صفة “العمل” عن أعمال النساء المنزلية هو كونها أعمال دون مقابل مالي، أي دون قيمة تبادلية. ففيما يسع العامل أو العاملة في مهنة خارج منزلية أن يأخذ مقابل عمله مالاً يشتري به – أي يبادله –  سلعة أو خدمة من أي نوع شاء، فإن  أعمال المرأة المنزلية  تستهلك غالباً فور إنتاجها، ومن جانب أشخاص العائلة، فلا  تستبدل بسلعة أو خدمة من اختيار من أنتجتها، ولا وفق رغبتها. إن السلعة أو الخدمة التي يمكن معاينتها وتكميمهاquantify  مالياً تمثّل اعترافاً بالعمل الذي أنتجها. على العكس من ذلك، فإن الخدمات أو “المنتجات” التي أنتجتها المرأة وبقيت غير قابل للمبادلة بسلع أو خدمات أخرى – وهذا ما تتصف به  كلّ الأعمال المنزلية – إنّما تمسي “غير مرئية”.
   −
على أن لـ”لامرئية” [[العمل المنزلي]] وظيفة حرِجة في الأنظمة الاقتصادية جميعها. فإذا سلّمنا بأنّ العمل المنزلي-  بشقيه: الإنجاب والعناية-  ضروري لبقاء  الأشخاص ورفاههم، فلا تقوم لهؤلاء قائمة بدونه، كان في وسعنا التأكيد أنه ركن أساسي في ما اصطلح على تسميته “الإنتاج” ( لسلع وخدمات ذات قيمة تبادلية)؛ وذلك تحديداً لأنه يُنتج القوى/ الموارد البشرية المُنتجة –  العاملات والعاملين في ذلك الإنتاج –  ويصونها؛ أي ما يُدعى في الخطاب الماركسي بـ”إنتاج قوة العمل”.على أنّ  هذه المساهمة تجري بصمت، فلا يضطر المجتمع إلى دفع بدلٍ لها؛  هذا البدل يضاف إلى  الأرباح  التي يجنيها من بيدهم السلطة والمال (أي ما يدعى في الخطاب الماركسي بـ”رأس المال” ). وكانت الكاتبة النسوية رادفورد<ref>Radford, R, 1993</ref> قد  بيّنت في مقالتها ” المرأة : المستعمرة الأولى والأخيرة” كيف أنه، مع تراجع الاستعمار في العالم، لم يبقَ لرأس المال مجالاً للاستغلال من أجل الحصول على التراكم المفترض من أجل تطوّره، بل بقائه، إلا استغلال قوة عمل النساء. وهل أفضل<ref>ما لبث بورديو Bourdieu أن أشار إلى ما يمكن حسبانه  “أفضل” وأجدى لرأس المال من لا-مرئية العمل المنزلي. أتكلّم عن تبنّي المرأة “الخاضعة” لإيديولوجية “المهيمن” ( الرجل ممثلاً لسطوة المنظومة الجندرية)، بحيث يمسي العمل المنزلي، بالنسبة لها، امتداداً لـ”طبيعتها” البيولوجية ومن تضمينات “قدرها الأنثوي”. هذا التبنّي يعمل على تثبيت هيمنة الذكر ومترتباتها والإمعان في استخدامه للعنف “الناعم” لإحداث المزيد منها ( بورديو، 2009).</ref> من جعله لامرئياً كي يكون مستغلاً ؟
+
على أن لـ”لامرئية” [[العمل المنزلي]] وظيفة حرِجة في الأنظمة الاقتصادية جميعها. فإذا سلّمنا بأنّ العمل المنزلي-  بشقيه: الإنجاب والعناية-  ضروري لبقاء  الأشخاص ورفاههم، فلا تقوم لهؤلاء قائمة بدونه، كان في وسعنا التأكيد أنه ركن أساسي في ما اصطلح على تسميته “الإنتاج” ( لسلع وخدمات ذات قيمة تبادلية)؛ وذلك تحديداً لأنه يُنتج القوى/ الموارد البشرية المُنتجة –  العاملات والعاملين في ذلك الإنتاج –  ويصونها؛ أي ما يُدعى في الخطاب الماركسي بـ”إنتاج قوة العمل”.على أنّ  هذه المساهمة تجري بصمت، فلا يضطر المجتمع إلى دفع بدلٍ لها؛  هذا البدل يضاف إلى  الأرباح  التي يجنيها من بيدهم السلطة والمال (أي ما يدعى في الخطاب الماركسي بـ”رأس المال” ). وكانت الكاتبة النسوية رادفورد<ref>Radford, R, 1993</ref> قد  بيّنت في مقالتها ”المرأة: المستعمرة الأولى والأخيرة” كيف أنه، مع تراجع الاستعمار في العالم، لم يبقَ لرأس المال مجالاً للاستغلال من أجل الحصول على التراكم المفترض من أجل تطوّره، بل بقائه، إلا استغلال قوة عمل النساء. وهل أفضل<ref>ما لبث بورديو Bourdieu أن أشار إلى ما يمكن حسبانه  “أفضل” وأجدى لرأس المال من لا-مرئية العمل المنزلي. أتكلّم عن تبنّي المرأة “الخاضعة” لإيديولوجية “المهيمن” ( الرجل ممثلاً لسطوة المنظومة الجندرية)، بحيث يمسي العمل المنزلي، بالنسبة لها، امتداداً لـ”طبيعتها” البيولوجية ومن تضمينات “قدرها الأنثوي”. هذا التبنّي يعمل على تثبيت هيمنة الذكر ومترتباتها والإمعان في استخدامه للعنف “الناعم” لإحداث المزيد منها ( بورديو، 2009).</ref> من جعله لامرئياً كي يكون مستغلاً ؟
    
ولا ضرورة للتأكيد على أن لا مرئية العمل المنزلي وفقدانه للبدل المالي يجعلانه، معاً،  مسلوباً أية قيمة مثمّنة، ويجعلان القائمين به – أي النساء اساساً – فاقدي السلطة  بفعل الصلة الوثيقة بين السلطة وحيازة المال في المجتمعات كلّها تقريباً. ويعزز ذلك تضافرُ الأنظمة الاقتصادية والسياسية وتآزرُها مع النمط البطريركي الذي يكفل سيطرة المؤسسات الدينية والتربوية والقانونية والإعلامية على حيوات الناس. وهي كلّها تغلّف تبعية المرأة وفقدانها للسلطة والمال المستحقّين لها بـمعتقدات وأفكار تُزيِّن لها هذا الفقدان وتلك التبعية على أنهما ” امتياز”!  إذ بدونها يغدو ممنوعاً عليها تحقيق غرائزها ( الجنس والأمومة)، وتفعيل رغباتها في السلطة (ربّة / ست البيت) وجني اتكالية “مريحة” وجودياً (قوامة الرجل وإنعاماته). أتكلم بالطبع عن المجتمعات التي ما زالت السلطة [[بطريركية|البطريركية]] مُحكِمة فيها سيطرتها على حيوات العباد- كما هي حال مجتمعاتنا في هذه البقعة من العالم.
 
ولا ضرورة للتأكيد على أن لا مرئية العمل المنزلي وفقدانه للبدل المالي يجعلانه، معاً،  مسلوباً أية قيمة مثمّنة، ويجعلان القائمين به – أي النساء اساساً – فاقدي السلطة  بفعل الصلة الوثيقة بين السلطة وحيازة المال في المجتمعات كلّها تقريباً. ويعزز ذلك تضافرُ الأنظمة الاقتصادية والسياسية وتآزرُها مع النمط البطريركي الذي يكفل سيطرة المؤسسات الدينية والتربوية والقانونية والإعلامية على حيوات الناس. وهي كلّها تغلّف تبعية المرأة وفقدانها للسلطة والمال المستحقّين لها بـمعتقدات وأفكار تُزيِّن لها هذا الفقدان وتلك التبعية على أنهما ” امتياز”!  إذ بدونها يغدو ممنوعاً عليها تحقيق غرائزها ( الجنس والأمومة)، وتفعيل رغباتها في السلطة (ربّة / ست البيت) وجني اتكالية “مريحة” وجودياً (قوامة الرجل وإنعاماته). أتكلم بالطبع عن المجتمعات التي ما زالت السلطة [[بطريركية|البطريركية]] مُحكِمة فيها سيطرتها على حيوات العباد- كما هي حال مجتمعاتنا في هذه البقعة من العالم.
سطر 51: سطر 51:  
ولعلّ تضخّم المكتبة الورقية والإلكترونية الإنكليزية، مثلاً،  التي تناولت قضية العاملات المنزليات المهاجرات دليل على  الانشغال العالمي الحالي بالمسألة. وحين يبرز استغلال العاملة المنزلية بأجر، فإن ذلك  يظهّر عمل المرأة المنزلي غير مدفوع الأجر، وينزع عن التداول في قيمته المالية “الاستهجان” الذي لا نزال تواجه به الناشطات النسويات كلما طرحت المسألة ( ملاحظة من الكاتبة).</ref> المهاجرة حلاً يراه كثيرون مسيئاً لهذه الأخيرة لأسباب باتت معروفة.  ومع انتشار [[النسوية]] على مجمل البلدان، وتبنّي الأمم المتحدة لبعض مقولاتها ،وإعادة صياغتها لخطابها لجعله “أقل نسوية” ومقبولاً من جانب أعضائها كافة،  كان الاعتراف بأهمية العمل المنزلي واحداً من أهم مكوّنات “المقاربة الجندرية للتنمية”<ref> الجندر في التنميية GADهو مقاربة للتنمية متناسبة مع وجهة  التعريف الأخير الذي استقرّت عليه، والتي تجعل البشر موضوعها ومصادر ثروتها في الوقت ذاته.  وهذه المقاربة صيغت  تصحيحاً ونقضاً لمقاربة سابقة كانت تدعى “المرأة في التنمية” WID التي جهدت لاشراك النساء في دورة الإنتاج العامة سعياً لتحسين المؤشرات التنمويه بمفهومها المادي- الاقتصادي أولاً.  وهذه الأخيرة فشلت لانها لم “تتنبّه” لمفعول الجندر ولتضميناته الاجتماعية والثقافية في التنمية البشرية.  ويشكّل ذلك التفاوت بين النساء والرجال (البشر، بؤرة الاهتمام في هذا النمط من التنمية) في استعمال الموارد الأولية أو في البنى الثقافية- الاجتماعية التي ترعى معالجتها والاستفادة منها.  وتحفل الأدبيات التنموية بدراسات لحالات تبيّن الوجه السلبي لاغفال الجندر في التخطيط للتنمية كما في تنفيذها. ( بيضون، 2010، ص. 23)</ref>.
 
ولعلّ تضخّم المكتبة الورقية والإلكترونية الإنكليزية، مثلاً،  التي تناولت قضية العاملات المنزليات المهاجرات دليل على  الانشغال العالمي الحالي بالمسألة. وحين يبرز استغلال العاملة المنزلية بأجر، فإن ذلك  يظهّر عمل المرأة المنزلي غير مدفوع الأجر، وينزع عن التداول في قيمته المالية “الاستهجان” الذي لا نزال تواجه به الناشطات النسويات كلما طرحت المسألة ( ملاحظة من الكاتبة).</ref> المهاجرة حلاً يراه كثيرون مسيئاً لهذه الأخيرة لأسباب باتت معروفة.  ومع انتشار [[النسوية]] على مجمل البلدان، وتبنّي الأمم المتحدة لبعض مقولاتها ،وإعادة صياغتها لخطابها لجعله “أقل نسوية” ومقبولاً من جانب أعضائها كافة،  كان الاعتراف بأهمية العمل المنزلي واحداً من أهم مكوّنات “المقاربة الجندرية للتنمية”<ref> الجندر في التنميية GADهو مقاربة للتنمية متناسبة مع وجهة  التعريف الأخير الذي استقرّت عليه، والتي تجعل البشر موضوعها ومصادر ثروتها في الوقت ذاته.  وهذه المقاربة صيغت  تصحيحاً ونقضاً لمقاربة سابقة كانت تدعى “المرأة في التنمية” WID التي جهدت لاشراك النساء في دورة الإنتاج العامة سعياً لتحسين المؤشرات التنمويه بمفهومها المادي- الاقتصادي أولاً.  وهذه الأخيرة فشلت لانها لم “تتنبّه” لمفعول الجندر ولتضميناته الاجتماعية والثقافية في التنمية البشرية.  ويشكّل ذلك التفاوت بين النساء والرجال (البشر، بؤرة الاهتمام في هذا النمط من التنمية) في استعمال الموارد الأولية أو في البنى الثقافية- الاجتماعية التي ترعى معالجتها والاستفادة منها.  وتحفل الأدبيات التنموية بدراسات لحالات تبيّن الوجه السلبي لاغفال الجندر في التخطيط للتنمية كما في تنفيذها. ( بيضون، 2010، ص. 23)</ref>.
   −
على أن التقدّم في هذا المجال، كان دعوة الأمم المتحدة  للبلدان الأعضاء،  في واحد من مقررات مؤتمر المرأة العالمي الرابع ( المعروف بمؤتمر بيجينغ) ، إلى العمل على تقدير البدل المالي remuneration  للعمل المنزلي<ref> Naples, N. and Desai M. (2002) p. 160-161</ref>؛ الأمر الذي يجعله مرئياً ويسمح يإدماجه  في الناتج الوطني الإجمالي GNP. لكن ما هو أهمّ، هو حسبانه عملاً إنتاجياً مستحقّاً لكلّ الامتيازات التي يتمتع بها العامل في مؤسسة إنتاجية. الأجر أولاً، ومن ثمّ كل التقديمات من ضمانات صحية وحقوق للمتقدّمات في العمر وإجازات مدفوعة الأجر، إلى ما هنالك من أمور يمكن تعدادها وحساب قيمتها المالية لتُدمج في أنظمة التعويضات العامة التي يقدّمها المجتمع لأفراده العاملين في المهن المختلفة. ولعلّ أهمّ هذه الأمور يتمثّل بحساب “التعويض” الذي هو من حق كل من الزوجين لدى فسخ العقد بينهما ( الطلاق)، مثلاً، فلا تنال المرأة، بنتيجته، تعويضاً اعتباطي القيمة ( كالمؤخّر في العقد الإسلامي)، أو نصيباً محدّداً سلفاً من التركة عند  توزيع الإرث بين الذكور والإناث، بل تنال بدلاً مساوياً لعمل ملموس نفّذ خلال مدةٍ معيّنةٍ، أو لمهامّ محدّدةٍ محسوبة الأجر؛ وذلك تبعاً  لمَعْلَماتparameters  مختلفة تحدّدها مؤسسات الدولة المعنية، تماماً كما حدّدت معلمات أشباهها من أعمال.
+
على أن التقدّم في هذا المجال، كان دعوة الأمم المتحدة  للبلدان الأعضاء،  في واحد من مقررات مؤتمر المرأة العالمي الرابع ( المعروف بمؤتمر بيجينغ)، إلى العمل على تقدير البدل المالي remuneration  للعمل المنزلي<ref> Naples, N. and Desai M. (2002) p. 160-161</ref>؛ الأمر الذي يجعله مرئياً ويسمح يإدماجه  في الناتج الوطني الإجمالي GNP. لكن ما هو أهمّ، هو حسبانه عملاً إنتاجياً مستحقّاً لكلّ الامتيازات التي يتمتع بها العامل في مؤسسة إنتاجية. الأجر أولاً، ومن ثمّ كل التقديمات من ضمانات صحية وحقوق للمتقدّمات في العمر وإجازات مدفوعة الأجر، إلى ما هنالك من أمور يمكن تعدادها وحساب قيمتها المالية لتُدمج في أنظمة التعويضات العامة التي يقدّمها المجتمع لأفراده العاملين في المهن المختلفة. ولعلّ أهمّ هذه الأمور يتمثّل بحساب “التعويض” الذي هو من حق كل من الزوجين لدى فسخ العقد بينهما ( الطلاق)، مثلاً، فلا تنال المرأة، بنتيجته، تعويضاً اعتباطي القيمة (كالمؤخّر في العقد الإسلامي)، أو نصيباً محدّداً سلفاً من التركة عند  توزيع الإرث بين الذكور والإناث، بل تنال بدلاً مساوياً لعمل ملموس نفّذ خلال مدةٍ معيّنةٍ، أو لمهامّ محدّدةٍ محسوبة الأجر؛ وذلك تبعاً  لمَعْلَمات parameters مختلفة تحدّدها مؤسسات الدولة المعنية، تماماً كما حدّدت معلمات أشباهها من أعمال.
   −
هذا، وقد انشغل الباحثون في علم اجتماع العمل بتعيين طرقٍ لتحديد البدل المالي المستحق للعمل المنزلي. وبدا أن الطريقة الأكثر رواجاً هي “مسح الوقت المستخدم”<ref>  (United Nations Pub., 2005, Chapter 4)</ref> time –use survey في إنجاز مهامّ منزلية محدّدة، وإضفاءُ قيمة مالية عليها بحسب قيمتها المالية في حال أنتجت للاستهلاك في المجال العام. والمسوحات التي أجريت في كثير من البلدان بيّنت أن الوقت الذي يصرفه الرجال في العمل المنزلي أقلّ بكثير من الوقت الذي تصرفه النساء؛  وأن هذه النتيجة تصحّ حين تكون المرأة عاملة في مهنة خارج – منزلية في كل المجتمعات، حتى المتقدّمة منها؛ وأن الفجوة بين الفئتين أقلّ في البلدان  “الميسورة”  منها في البلدان الأقل نمواً. في فلسطين، مثلاً، تصرف المرأة أكثر من 16 ساعة في العمل المنزلي، فيما يصرف الرجل 3.5 ساعة، يومياً. في السويد حيث الفجوة بين الرجال والنساء هي الأقل في العالم، يصرف الرجل 3,33 ساعة في العمل المنزلي أقل من النساء، يومياً<ref>( Murillo, C. and D’Atri, A., 2018)</ref>
+
هذا، وقد انشغل الباحثون في علم اجتماع العمل بتعيين طرقٍ لتحديد البدل المالي المستحق للعمل المنزلي. وبدا أن الطريقة الأكثر رواجاً هي “مسح الوقت المستخدم”<ref>  (United Nations Pub., 2005, Chapter 4)</ref> time –use survey في إنجاز مهامّ منزلية محدّدة، وإضفاءُ قيمة مالية عليها بحسب قيمتها المالية في حال أنتجت للاستهلاك في المجال العام. والمسوحات التي أجريت في كثير من البلدان بيّنت أن الوقت الذي يصرفه الرجال في العمل المنزلي أقلّ بكثير من الوقت الذي تصرفه النساء؛  وأن هذه النتيجة تصحّ حين تكون المرأة عاملة في مهنة خارج – منزلية في كل المجتمعات، حتى المتقدّمة منها؛ وأن الفجوة بين الفئتين أقلّ في البلدان  “الميسورة”  منها في البلدان الأقل نمواً. في فلسطين، مثلاً، تصرف المرأة أكثر من 16 ساعة في العمل المنزلي، فيما يصرف الرجل 3.5 ساعة، يومياً. في السويد حيث الفجوة بين الرجال والنساء هي الأقل في العالم، يصرف الرجل 3,33 ساعة في العمل المنزلي أقل من النساء، يومياً<ref>( Murillo, C. and D’Atri, A., 2018)</ref>.
    
في لبنان، بضع محاولات قليلة للبحث في العمل المنزلي<ref> مثبتة في ( Wallas, 2016)</ref>، لكنها تبقى جزئية ولا تفضي إلى أكثر من نتائج وصفية، فلا نجد ما يشير إلى محاولات للبحث في البدائل المالية  لمكوّنات العمل المنزلي. هناك أبحاث قليلة ونتائجها لا تختلف عن  تلك المنفَّذة في المجتمعات الأخرى : النساء والفتيات، حتى العاملات منهن في مهن خارج- منزلية،  هن المسؤولات بشكل شبه كامل عن  العمل المنزلي. أما الرجال، غير العاطلين عن العمل خاصة، فيقومون  بأعمال منزلية تعدّ “ذكرية”، مثل إدارة شؤون المنزل أو صيانته. وكما هي الحال دائماً، فإن النساء لا يحسبن عملهن المنزلي عملاً<ref>(Khalaf, 1988)</ref>!
 
في لبنان، بضع محاولات قليلة للبحث في العمل المنزلي<ref> مثبتة في ( Wallas, 2016)</ref>، لكنها تبقى جزئية ولا تفضي إلى أكثر من نتائج وصفية، فلا نجد ما يشير إلى محاولات للبحث في البدائل المالية  لمكوّنات العمل المنزلي. هناك أبحاث قليلة ونتائجها لا تختلف عن  تلك المنفَّذة في المجتمعات الأخرى : النساء والفتيات، حتى العاملات منهن في مهن خارج- منزلية،  هن المسؤولات بشكل شبه كامل عن  العمل المنزلي. أما الرجال، غير العاطلين عن العمل خاصة، فيقومون  بأعمال منزلية تعدّ “ذكرية”، مثل إدارة شؤون المنزل أو صيانته. وكما هي الحال دائماً، فإن النساء لا يحسبن عملهن المنزلي عملاً<ref>(Khalaf, 1988)</ref>!
سطر 69: سطر 69:  
ولعل البدء من هنا – من التعويض المالي للطليقة – هو خطوة مناسبة في مسار البحث عن سُبُل تحديد البدل المالي المستحق للعمل المنزلي عندنا.
 
ولعل البدء من هنا – من التعويض المالي للطليقة – هو خطوة مناسبة في مسار البحث عن سُبُل تحديد البدل المالي المستحق للعمل المنزلي عندنا.
    +
==هوامش==
 
[[تصنيف:عمل منزلي]]
 
[[تصنيف:عمل منزلي]]
 
[[تصنيف: اقتصاد نسوي]]
 
[[تصنيف: اقتصاد نسوي]]
staff
2٬186

تعديل

قائمة التصفح