تغييرات

اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لا يوجد ملخص تحرير
سطر 148: سطر 148:  
إلا أن هناك أمراً مؤكداً: فعلى الرغم من تماثل بعض المصالح بين حملة إسقاط الولاية والدولة، إلا أن الدولة لم ترد الناشطات أن يعتبرن هذا القرار انتصاراً لهن. ولإن كانت الخطوة الأولى للتأكد من ذلك تتمثّل في منع الناشطات من التصريح علناً باعتبار القرار انتصاراً لهن، فإن الخطوة الثانية كانت في سعي الدولة للتحكم بالسردية المحلية والدولية المحيطة بالقرار. تجلّى ذلك في توقيت تعيين الأستاذة فاطمة باعشن، التي كانت تعمل في معهد الجزيرة العربية في واشنطن، لتصبح أول امرأة متحدثة باسم السفارة السعودية في أمريكا، كما قامت السفارة بنشر تصريح حول القرار وقامت متحدثتها الجديدة بإجراء عدد من اللقاءات مع السي إن إن والإي بي سي وغيرها من القنوات الكبرى في أمريكا. وفي كل هذه المحاولات كان التركيز على الإشارة لرؤية 2030 والإرادة السياسية للقيادة السعودية الجديدة.
 
إلا أن هناك أمراً مؤكداً: فعلى الرغم من تماثل بعض المصالح بين حملة إسقاط الولاية والدولة، إلا أن الدولة لم ترد الناشطات أن يعتبرن هذا القرار انتصاراً لهن. ولإن كانت الخطوة الأولى للتأكد من ذلك تتمثّل في منع الناشطات من التصريح علناً باعتبار القرار انتصاراً لهن، فإن الخطوة الثانية كانت في سعي الدولة للتحكم بالسردية المحلية والدولية المحيطة بالقرار. تجلّى ذلك في توقيت تعيين الأستاذة فاطمة باعشن، التي كانت تعمل في معهد الجزيرة العربية في واشنطن، لتصبح أول امرأة متحدثة باسم السفارة السعودية في أمريكا، كما قامت السفارة بنشر تصريح حول القرار وقامت متحدثتها الجديدة بإجراء عدد من اللقاءات مع السي إن إن والإي بي سي وغيرها من القنوات الكبرى في أمريكا. وفي كل هذه المحاولات كان التركيز على الإشارة لرؤية 2030 والإرادة السياسية للقيادة السعودية الجديدة.
   −
وما يثير الدهشة هو أن سردية الدولة الجديدة حول القرار استعارت كثيراً من حملة قيادة المرأة. فعلى سبيل المثال، فكل من حملة 26 أكتوبر وتصريح السفارة ذكرا أن "وسائل التنقل كالجمال كانت تستخدم في فترة النبي" من قبل الرجال والنساء. بالإضافة لذلك، فإن الحملة كانت كثيراً ما تستدعي تاريخ المملكة قبل الثمانينات لتدعيم مطالبهن، وهو الأمر نفسه الذي قامت به السفارة عندما ذكرت أن وسائل التنقل للمرأة كانت موجودة "في فترة أجدادنا". بالإضافة لذلك، قامت السفارة بترديد توجهات الحملات النسائية عندما ذكرت "أن مسألة قيادة المرأة لم تكن يوماً حول الثقافة أو الدين". وهذه النقطة تحديداً كان مدهشاً أن تصدر من الدولة التي قضت سنيناً تستخدم الثقافة أو الدين لتبرير منع قيادة المرأة. إلا أن القرينة الأكثر وضوحاً حول تأثير خطاب الحملة على سردية الدولة جاء في الطريقة التي صوّرت فيها السفارة أو الدولة المجتمع وأولئك الذين يعارضون رفع الحظر عن القيادة. فقد ذكرت السفارة أن "لدينا قيادة متفاعلة ومجتمع حيوي، فالثابت الوحيد في السعودية هو التغيير". في المقابلات التي أجرتها، كررت المتحدثة باسم السفارة فاطمة باعشن هذه الفكرة لتفادي الأسئلة التي تناولت ردة الفعل الاجتماعية من القرار، حيث قالت: "نحن نحترم كل نسائنا. أنا سفيرة أمثل كل السعوديات بما فيهم أولئك اللاتي لا يردن القيادة، فهذا قرارهن الشخصي". هذا الموقف يتصادم بشكل مباشر مع الطريقة القديمة التي كانت الدولة فيها تصور المجتمع باعتباره متخلفاً والعائق الرئيسي لقيادة المرأة، وهي التصورات التي سعت حملات القيادة لمناهضتها. إضافة لكل ما سبق، كررت كل من السفارة ومتحدثتها فاطمة باعشن عبارات حول مناوئي رفع الحظر كانت تقريباً متطابقة مع شعار حملة 26 أكتوبر "قيادة المرأة خيار وليس إجبار". إن الإشارة لهذا الأمر مهمة خصوصاً أن نجاح حركة ما يقاس بمدى تحقق أهدافها وتحوّل خطابها لخطاب سائد أو متبنى. وحسب التحليل السباق يبدو أن هذا ما حدث للحركة النسوية السعودية.
+
وما يثير الدهشة هو أن سردية الدولة الجديدة حول القرار استعارت كثيراً من حملة قيادة المرأة. فعلى سبيل المثال، فكل من حملة 26 أكتوبر وتصريح السفارة ذكرا أن "وسائل التنقل كالجمال كانت تستخدم في فترة النبي" من قبل الرجال والنساء. بالإضافة لذلك، فإن الحملة كانت كثيراً ما تستدعي تاريخ المملكة قبل الثمانينات لتدعيم مطالبهن، وهو الأمر نفسه الذي قامت به السفارة عندما ذكرت أن وسائل التنقل للمرأة كانت موجودة "في فترة أجدادنا". بالإضافة لذلك، قامت السفارة بترديد توجهات الحملات النسائية عندما ذكرت "أن مسألة قيادة المرأة لم تكن يوماً حول الثقافة أو الدين". وهذه النقطة تحديداً كان مدهشاً أن تصدر من الدولة التي قضت سنيناً تستخدم الثقافة أو الدين لتبرير منع قيادة المرأة. إلا أن القرينة الأكثر وضوحاً حول تأثير خطاب الحملة على سردية الدولة جاء في الطريقة التي صوّرت فيها السفارة أو الدولة المجتمع وأولئك الذين يعارضون رفع الحظر عن القيادة. فقد ذكرت السفارة أن "لدينا قيادة متفاعلة ومجتمع حيوي، فالثابت الوحيد في السعودية هو التغيير". في المقابلات التي أجرتها، كررت المتحدثة باسم السفارة فاطمة باعشن هذه الفكرة لتفادي الأسئلة التي تناولت ردة الفعل الاجتماعية من القرار، حيث قالت: "نحن نحترم كل نسائنا. أنا سفيرة أمثل كل السعوديات بما فيهم أولئك اللاتي لا يردن القيادة، فهذا قرارهن الشخصي". هذا الموقف يتصادم بشكل مباشر مع الطريقة القديمة التي كانت الدولة فيها تصور المجتمع باعتباره متخلفاً والعائق الرئيسي لقيادة المرأة، وهي التصورات التي سعت حملات القيادة لمناهضتها. إضافة لكل ما سبق، كررت كل من السفارة ومتحدثتها فاطمة باعشن عبارات حول مناوئي رفع الحظر كانت تقريباً متطابقة مع شعار حملة 26 أكتوبر "قيادة المرأة خيار وليس إجبار". إن الإشارة لهذا الأمر مهمة خصوصاً أن نجاح حركة ما يقاس بمدى تحقق أهدافها وتحوّل خطابها لخطاب سائد أو متبنى. وحسب التحليل السباق يبدو أن هذا ما حدث للحركة النسوية السعودية.
      سطر 214: سطر 214:  
[7] في كتاب "الدولة الأكثر ذكورية"، تصف مضاوي الرشيد الدولة السعودية بأنها بدأت ممثلة لنوع من "الوطنية الدينية". وداخل هذه الوطنية كان تشكيل نوع من النموذج المثالي للمرأة السعودية ضرورياً، حيث تم اعتبار المرأة السعودية النموذجية بأنها المرأة المسلمة المتديّنة، والتي اعتبرت رمزا للخصوصية السعودية وأحد مكونات الدولة الرئيسية لاكتساب الشرعية. بعد ذلك، وظفت الدولة المرأة السعودية خلال فترات التنمية والتحديات الإقليمية الإسلامية باعتبارها مؤشرا على الحداثة. أما بعد ذلك، وتحديدا في فترة ١١ سبتمبر وما تبعها من حرب على الإرهاب، ترى مضاوي الرشيد أن تحولاً قد طرأ على مشروع الدولة الوطني وخصوصاً في أبعاده المتعقلة بمسألة الجندر، حيث اتجهت لتأنيث المظاهر الذكورية فيها والتحوّل عن الاعتماد على نموذج المرأة المحافظة الغائبة لتبرير خصوصيتها.
 
[7] في كتاب "الدولة الأكثر ذكورية"، تصف مضاوي الرشيد الدولة السعودية بأنها بدأت ممثلة لنوع من "الوطنية الدينية". وداخل هذه الوطنية كان تشكيل نوع من النموذج المثالي للمرأة السعودية ضرورياً، حيث تم اعتبار المرأة السعودية النموذجية بأنها المرأة المسلمة المتديّنة، والتي اعتبرت رمزا للخصوصية السعودية وأحد مكونات الدولة الرئيسية لاكتساب الشرعية. بعد ذلك، وظفت الدولة المرأة السعودية خلال فترات التنمية والتحديات الإقليمية الإسلامية باعتبارها مؤشرا على الحداثة. أما بعد ذلك، وتحديدا في فترة ١١ سبتمبر وما تبعها من حرب على الإرهاب، ترى مضاوي الرشيد أن تحولاً قد طرأ على مشروع الدولة الوطني وخصوصاً في أبعاده المتعقلة بمسألة الجندر، حيث اتجهت لتأنيث المظاهر الذكورية فيها والتحوّل عن الاعتماد على نموذج المرأة المحافظة الغائبة لتبرير خصوصيتها.
   −
[8] “My Right to Dignity: Our Identity & Our Names,My Right To Dignity, 25 Sept 2011, < https://right2dignity.wordpress.com/2011/09/25/right2dignity/ >.
+
[8] “My Right to Dignity: Our Identity & Our Names, My Right To Dignity, 25 Sept 2011, < ”https://right2dignity.wordpress.com/2011/09/25/right2dignity/ >.
   −
[9] “Right2Dignity Campaign Condemns the Organized Actions Waged Against its Members,” My Right To Dignity, 28 Sept 2011, < https://right2dignity.wordpress.com/2011/09/28/right2dignitystatement/ >.
+
[9] “Right2Dignity Campaign Condemns the Organized Actions Waged Against its Members,” My Right To Dignity, 28 Sept 2011, < https://right2dignity.wordpress.com/2011/09/28/right2dignitystatement/>.
    
[10] Doaiji, Nora. Saudi Feminism: Exploring Saudi Activists' Agency, MA Thesis. The George Washington University, (2016).
 
[10] Doaiji, Nora. Saudi Feminism: Exploring Saudi Activists' Agency, MA Thesis. The George Washington University, (2016).
staff
2٬186

تعديل

قائمة التصفح