سطر 24: |
سطر 24: |
| ''رغم جهود الخطاب المثلي في تخطّي ثنائية الفاعل والمفعول به، إلا أن الميبون والطفّار ما يزالان -إلى اليوم- الشخصيتان المثليتان الأكثر تواترًا وشعبية في الثقافة واللسان التونسي. من هنا تكمن أهمية الكتابة حولهما؛ إذ تعودان بنا إلى فترة ما قبل الخطاب المثلي-الصوابي، وتكشفان لنا النقاب عن انفصام جوهري وضارب في القدم، يشوب تعاطينا مع قطبين أزليين من أقطاب العلاقة المثلية؛ الفاعل والمفعول به.'' | | ''رغم جهود الخطاب المثلي في تخطّي ثنائية الفاعل والمفعول به، إلا أن الميبون والطفّار ما يزالان -إلى اليوم- الشخصيتان المثليتان الأكثر تواترًا وشعبية في الثقافة واللسان التونسي. من هنا تكمن أهمية الكتابة حولهما؛ إذ تعودان بنا إلى فترة ما قبل الخطاب المثلي-الصوابي، وتكشفان لنا النقاب عن انفصام جوهري وضارب في القدم، يشوب تعاطينا مع قطبين أزليين من أقطاب العلاقة المثلية؛ الفاعل والمفعول به.'' |
| | | |
− | قبل وفود الخطاب المِثلي وسياسات الهوية، لم يكن في لساننا التونسي لفظ يجمع بين الفاعل والمفعول به في العلاقة المثلية. لم يكن للسان التونسي من خيار سوى الانقسام عند نعته للمثليين، منشطرًا كانشطار الأدوار الجنسية والجندرية بين مبدأي الفاعلية والمفعولية، فِعلي الإيلاج والاستقبال، وصفتي الأنثوي والذكري. | + | قبل وفود الخطاب المِثلي [[سياسات الهوية|وسياسات الهوية]]، لم يكن في لساننا التونسي لفظ يجمع بين الفاعل والمفعول به في العلاقة المثلية. لم يكن للسان التونسي من خيار سوى الانقسام عند نعته للمثليين، منشطرًا كانشطار [[أدوار جندرية|الأدوار الجنسية والجندرية]] بين مبدأي الفاعلية والمفعولية، فِعلي الإيلاج والاستقبال، وصفتي الأنثوي والذكري. |
| | | |
| بينما لم يكن من قاسم مشترك يجمع أطراف العلاقة المثلية تحت مسمى واحد كمصطلح مثلي أو كويري أو ڨاي، سادت ثنائية الميبون والطفّار. حتّمت على اللسان التونسي التزام الثنائية عند الحديث عن المثليين. | | بينما لم يكن من قاسم مشترك يجمع أطراف العلاقة المثلية تحت مسمى واحد كمصطلح مثلي أو كويري أو ڨاي، سادت ثنائية الميبون والطفّار. حتّمت على اللسان التونسي التزام الثنائية عند الحديث عن المثليين. |
سطر 30: |
سطر 30: |
| ورغم جهود الخطاب المثلي في تخطّي ثنائية الفاعل والمفعول به، إلا أن الميبون والطفّار ما يزالان -إلى اليوم- الشخصيتان المثليتان الأكثر تواترًا وشعبية في الثقافة واللسان التونسي. من هنا تكمن أهمية الكتابة حولهما؛ إذ تعودان بنا إلى فترة ما قبل الخطاب المثلي-الصوابي، وتكشفان لنا النقاب عن انفصام جوهري وضارب في القدم، يشوب تعاطينا مع قطبين أزليين من أقطاب العلاقة المثلية؛ الفاعل والمفعول به. | | ورغم جهود الخطاب المثلي في تخطّي ثنائية الفاعل والمفعول به، إلا أن الميبون والطفّار ما يزالان -إلى اليوم- الشخصيتان المثليتان الأكثر تواترًا وشعبية في الثقافة واللسان التونسي. من هنا تكمن أهمية الكتابة حولهما؛ إذ تعودان بنا إلى فترة ما قبل الخطاب المثلي-الصوابي، وتكشفان لنا النقاب عن انفصام جوهري وضارب في القدم، يشوب تعاطينا مع قطبين أزليين من أقطاب العلاقة المثلية؛ الفاعل والمفعول به. |
| | | |
− | تكمن أيضًا أهمية الكتابة عن الميبون والطفّار في ما قد تزوّدنا به معالجتنا لهذا الثنائي من فهم لتصوّراتنا المحلية حول مفهومي الجنسانية والجندر. فهذا الطابع الثنائي الذي يقسم "الهوية" المثلية شطرين ما هو إلا انعكاس لثنائيات أعمّ وأعمق تحكم قراءتنا لهذين المفهومين. | + | تكمن أيضًا أهمية الكتابة عن الميبون والطفّار في ما قد تزوّدنا به معالجتنا لهذا الثنائي من فهم لتصوّراتنا المحلية حول مفهومي [[الجنسانية]] و[[الجندر]]. فهذا الطابع الثنائي الذي يقسم "الهوية" المثلية شطرين ما هو إلا انعكاس لثنائيات أعمّ وأعمق تحكم قراءتنا لهذين المفهومين. |
| | | |
| ميبون، من الشتائم الأوسع انتشارًا في تونس وهي حليف التونسيّين الأول عند التعبير عن الخصومية، وعن الرفض والاحتقار. أصلها في اللسان العربي مأبون، وخُفّفت الهمزة في لساننا لتصبح ياء. المأبون لغة هو صاحب أُبنة، أي من به عيب أو داء. اصطلاحًا هو "الذي يشتهي أن يأتيه الرجال لعيب فيه، كأن تكون في دبره دودة لا تهدأ إلا بماء الرجال". أما شرعًا فهو "من يتكسر في كلامه كالنساء، أو من يشتهي أن يُفعل به ولم يُفعل به، أو من كان يُفعل به وتاب وصارت الألسن تتكلم فيه"1. أما المأبون كما وردت في العنوان (مُعرّفة بالألف واللاّم) فتعني المُتّهم. | | ميبون، من الشتائم الأوسع انتشارًا في تونس وهي حليف التونسيّين الأول عند التعبير عن الخصومية، وعن الرفض والاحتقار. أصلها في اللسان العربي مأبون، وخُفّفت الهمزة في لساننا لتصبح ياء. المأبون لغة هو صاحب أُبنة، أي من به عيب أو داء. اصطلاحًا هو "الذي يشتهي أن يأتيه الرجال لعيب فيه، كأن تكون في دبره دودة لا تهدأ إلا بماء الرجال". أما شرعًا فهو "من يتكسر في كلامه كالنساء، أو من يشتهي أن يُفعل به ولم يُفعل به، أو من كان يُفعل به وتاب وصارت الألسن تتكلم فيه"1. أما المأبون كما وردت في العنوان (مُعرّفة بالألف واللاّم) فتعني المُتّهم. |
سطر 50: |
سطر 50: |
| تتضاعف فاعلية الطفّار بمعيّة الأداة اللغوية، وتتضاعف معها مفعولية المأبون، فهذا الأخير ليس فقط مفعولا به لوقوع فعل "الطفارة" عليه، هو مفعول به وإن انقطع فعل الفاعل أو لم يتحقق. هو مفعول، في جوهره وبالأساس، لمجرد افتراض غرض المفعولية لديه، أي لمحكوميته بداء الأبنة. | | تتضاعف فاعلية الطفّار بمعيّة الأداة اللغوية، وتتضاعف معها مفعولية المأبون، فهذا الأخير ليس فقط مفعولا به لوقوع فعل "الطفارة" عليه، هو مفعول به وإن انقطع فعل الفاعل أو لم يتحقق. هو مفعول، في جوهره وبالأساس، لمجرد افتراض غرض المفعولية لديه، أي لمحكوميته بداء الأبنة. |
| | | |
− | يحمل التباين بين المأبون والطفّار أبعادًا وجذورًا لغوية ومعرفية، تمتد آثارها لتشمل مستويات عدة من اللسان والممارسة والمخيال العربي. وتجد هذه العلاقة التقابلية محاملها الخطابيّة خاصّة في المجالات ذات الهيمنة الفحولية؛ مثل الرياضة والسياسة والدّين. | + | '''يحمل التباين بين المأبون والطفّار أبعادًا وجذورًا لغوية ومعرفية، تمتد آثارها لتشمل مستويات عدة من اللسان والممارسة والمخيال العربي.''' وتجد هذه العلاقة التقابلية محاملها الخطابيّة خاصّة في المجالات ذات الهيمنة الفحولية؛ مثل الرياضة والسياسة والدّين. |
| | | |
| لا يتجه القرآن، عند مخاطبته لقوم لوط، إلى فئة المَلوط بهم (المأبونين). بل يخاطب اللاّئطين أي القائمين بفعل الإتيان "إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ" (الأعراف 81). ما من دال على مخاطبة الكتاب للمنكوحين على وجه الخصوص. وهو ما دفع الفقهاء أمثال السفاريني في كتابه "قرع السياط في قمع أهل اللواط" لتفسير عمل قوم لوط بالإيلاج، أي أنّ اللواط هو حصرًا إتيان الذكور في الأدبار. | | لا يتجه القرآن، عند مخاطبته لقوم لوط، إلى فئة المَلوط بهم (المأبونين). بل يخاطب اللاّئطين أي القائمين بفعل الإتيان "إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ" (الأعراف 81). ما من دال على مخاطبة الكتاب للمنكوحين على وجه الخصوص. وهو ما دفع الفقهاء أمثال السفاريني في كتابه "قرع السياط في قمع أهل اللواط" لتفسير عمل قوم لوط بالإيلاج، أي أنّ اللواط هو حصرًا إتيان الذكور في الأدبار. |
سطر 66: |
سطر 66: |
| كيف للمأبون أن يمتلك السلطة وهو الذي يقبع تحت وطأة الرجال؟ كيف له أن يكون فاتحًا يذود عن الأرض وهو مفتوح، وموطوء، ومهزوم على عكس الطفّار الفاتح، الوالج، الواطىء، القوّام، المهيمن، المقتدر، النافذ، والمنتصر؟ | | كيف للمأبون أن يمتلك السلطة وهو الذي يقبع تحت وطأة الرجال؟ كيف له أن يكون فاتحًا يذود عن الأرض وهو مفتوح، وموطوء، ومهزوم على عكس الطفّار الفاتح، الوالج، الواطىء، القوّام، المهيمن، المقتدر، النافذ، والمنتصر؟ |
| | | |
− | وفي هذا السياق، يقول بيار بورديو في كتابه الهيمنة الذكورية، إن "تقسيم الأشياء والنشاطات (الجنسية أو غيرها)، بحسب التعارض بين المُذكر والمُؤنث، باعتباره تقسيمًا اعتباطيًا في حال كان معزولا، يتلقّى ضرورته الموضوعية والذاتية من خلال إدراجه في نسق تعارضات متجانسة، أعلى/ أسفل، فوق/ تحت، أمام/ وراء، يمين/ شمال، مستقيم/ مقوّس (ومخادع)، جاف/ رطب، رخو/ جاف، مبهر/ باهت، مضيء/ معتم، خارج (عمومي)/ داخل (خصوصي)، إلخ، الذي يتوافق بعضها مع حركات الجسد (أعلى/ أسفل/ صعود/ نزول/ خارج/ داخل/ خروج/ دخول). هذه التناقضات المتشابهة في الاختلاف متطابقة بما فيه الكفاية لتدعم بعضها بعضًا، في لعبة لا تفنى من التحويلات العملية والاستعارات، وهي متباعدة بما فيه الكفاية لتضفي على كل واحدة منها نوعًا من السمك الدلاليّ المتحدّر من التحديد المفرط بالتناغمات وبالتضمينات وبالتوافقات"6. | + | وفي هذا السياق، يقول بيار بورديو في كتابه الهيمنة [[الذكورية]]، إن "تقسيم الأشياء والنشاطات (الجنسية أو غيرها)، بحسب التعارض بين المُذكر والمُؤنث، باعتباره تقسيمًا اعتباطيًا في حال كان معزولا، يتلقّى ضرورته الموضوعية والذاتية من خلال إدراجه في نسق تعارضات متجانسة، أعلى/ أسفل، فوق/ تحت، أمام/ وراء، يمين/ شمال، مستقيم/ مقوّس (ومخادع)، جاف/ رطب، رخو/ جاف، مبهر/ باهت، مضيء/ معتم، خارج (عمومي)/ داخل (خصوصي)، إلخ، الذي يتوافق بعضها مع حركات الجسد (أعلى/ أسفل/ صعود/ نزول/ خارج/ داخل/ خروج/ دخول). هذه التناقضات المتشابهة في الاختلاف متطابقة بما فيه الكفاية لتدعم بعضها بعضًا، في لعبة لا تفنى من التحويلات العملية والاستعارات، وهي متباعدة بما فيه الكفاية لتضفي على كل واحدة منها نوعًا من السمك الدلاليّ المتحدّر من التحديد المفرط بالتناغمات وبالتضمينات وبالتوافقات"6. |
| | | |
| لا يخلو الموروث العربي من تكثيف لهذه الثنائيات ففي معرض تفضيله للبطن (الأمام) على الظهر (الخلف)، كناية عن الأدوار الجنسية، يسترسل الجاحظ في تكثيفه لهذه الأضداد: "لم نرهم وصفوا الرجل بالفحولة والشجاعة إلا من تلقائه، وبالخبث والأبنة إلا من ظهره. [...] وشتّان بين الوصفين: بين من يلقى الحرب بوجهه وبين من يلقاه بقفاه، وبين الناكح والمنكوح، والراكب والمركوب، والفاعل والمفعول، والآتي والمأتيّ، والأعلى والأسفل، والزائر والمزور، والقاهر والمقهور"7. | | لا يخلو الموروث العربي من تكثيف لهذه الثنائيات ففي معرض تفضيله للبطن (الأمام) على الظهر (الخلف)، كناية عن الأدوار الجنسية، يسترسل الجاحظ في تكثيفه لهذه الأضداد: "لم نرهم وصفوا الرجل بالفحولة والشجاعة إلا من تلقائه، وبالخبث والأبنة إلا من ظهره. [...] وشتّان بين الوصفين: بين من يلقى الحرب بوجهه وبين من يلقاه بقفاه، وبين الناكح والمنكوح، والراكب والمركوب، والفاعل والمفعول، والآتي والمأتيّ، والأعلى والأسفل، والزائر والمزور، والقاهر والمقهور"7. |
سطر 111: |
سطر 111: |
| لم يتبادر لنا الكثير عن رغبة الغلمان، ولم يطنب موروثنا في الحديث عنهم كذوات راغبة. فما تعتبره مجتمعاتنا أدوات جنسية، نساء أو صبيانًا، دائمًا ما يوظفون كأدوات سالبة. ما يزيد المأبون إرباكًا، محورية الرغبة لديه. فقد صوره الموروث كذات شبقية تُختزل في رغبتها وليس موضوعًا للرغبة أو مجرد وعاء سالب لاستقبال القضيب. | | لم يتبادر لنا الكثير عن رغبة الغلمان، ولم يطنب موروثنا في الحديث عنهم كذوات راغبة. فما تعتبره مجتمعاتنا أدوات جنسية، نساء أو صبيانًا، دائمًا ما يوظفون كأدوات سالبة. ما يزيد المأبون إرباكًا، محورية الرغبة لديه. فقد صوره الموروث كذات شبقية تُختزل في رغبتها وليس موضوعًا للرغبة أو مجرد وعاء سالب لاستقبال القضيب. |
| | | |
− | يستبعد فوكو في كتابه "تاريخ الجنسانيّة" بأن تكون الجنسانية "مجرد اندفاع جامح وعاص في وجه سلطة تستنفذ قواها لترويضه، بل كنقطة عبور كثيفة لعلاقات السلطة". يجعل ذلك من المأبون مُخضَعًا لكن ذا جنسانية انقلابية (subversive) مقوضة لأهم الأسس الفحولية، في سياق تتمحور فيه لذة الذكور البالغين وحياتهم وأدوارهم الجنسية حول الإيلاج والمتعة القضيبية. | + | يستبعد [[ميشيل فوكو|فوكو]] في كتابه "تاريخ الجنسانيّة" بأن تكون الجنسانية "مجرد اندفاع جامح وعاص في وجه سلطة تستنفذ قواها لترويضه، بل كنقطة عبور كثيفة لعلاقات السلطة". يجعل ذلك من المأبون مُخضَعًا لكن ذا جنسانية انقلابية (subversive) مقوضة لأهم الأسس الفحولية، في سياق تتمحور فيه لذة الذكور البالغين وحياتهم وأدوارهم الجنسية حول الإيلاج والمتعة القضيبية. |
| | | |
| للمرحلة العمريّة (نسبة إلى العمر) الكلمة الفصل في قبول العرب لمفعولية الذكور. قبول يعود حسب تعبير رايوين كونل، عالمة الاجتماع الأسترالية، لكون "الأطفال، على اختلاف جنسهم، يفرض عليهم تبوّء وضعٍ أنثوي، لضعفهم إزاء البالغين"15. ومع بزوغ اللحية ينتقل الطفل أو الغلام من الوضع الأنثوي كوعاء وموضوع لرغبة الرجال إلى ذات قضيبية فحولية راغبة. ومن أبرز ما قيل في هذه الهندسة الجنسانية، شعرٌ أورده ابن كنان الصالحي: "ابن عشرٍ من السنين غلام رُفعت عن نظيره الأقلام. وابن عشرين: الصبا والتّصابي ليس يثنيه عن هواه ملام. وإذا عاش بعد ذلك عشرًا فكمالٌ وقوةٌ والتّمام"16. لا تنأى هذه الأبيات عن عادة الشعراء العرب في ترك التغزل بالغلمان أو مواقعتهم إذا ما ظهرت لحيتهم. هذا العُرف الذي ينظّم الهندسة الجنسانية بين الذكور، تناقلته العرب عن الإغريق كتناقلها للغلمانيات. يقول سولون، رجل القانون الأثيني والملقب بمؤسس الديمقراطية: "تحب غلامًا بهيًّا، طالما لم تبزغ لحيته". | | للمرحلة العمريّة (نسبة إلى العمر) الكلمة الفصل في قبول العرب لمفعولية الذكور. قبول يعود حسب تعبير رايوين كونل، عالمة الاجتماع الأسترالية، لكون "الأطفال، على اختلاف جنسهم، يفرض عليهم تبوّء وضعٍ أنثوي، لضعفهم إزاء البالغين"15. ومع بزوغ اللحية ينتقل الطفل أو الغلام من الوضع الأنثوي كوعاء وموضوع لرغبة الرجال إلى ذات قضيبية فحولية راغبة. ومن أبرز ما قيل في هذه الهندسة الجنسانية، شعرٌ أورده ابن كنان الصالحي: "ابن عشرٍ من السنين غلام رُفعت عن نظيره الأقلام. وابن عشرين: الصبا والتّصابي ليس يثنيه عن هواه ملام. وإذا عاش بعد ذلك عشرًا فكمالٌ وقوةٌ والتّمام"16. لا تنأى هذه الأبيات عن عادة الشعراء العرب في ترك التغزل بالغلمان أو مواقعتهم إذا ما ظهرت لحيتهم. هذا العُرف الذي ينظّم الهندسة الجنسانية بين الذكور، تناقلته العرب عن الإغريق كتناقلها للغلمانيات. يقول سولون، رجل القانون الأثيني والملقب بمؤسس الديمقراطية: "تحب غلامًا بهيًّا، طالما لم تبزغ لحيته". |
سطر 129: |
سطر 129: |
| | | |
| 1.محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، الجزء الأول، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، 2016، ص517. | | 1.محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، الجزء الأول، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، 2016، ص517. |
| + | |
| 2.Al-Samman, Hanadi, Out of the Closet: Representation of Homosexuals and Lesbians in Modern Arabic Literature, Journal of Arabic Literature, Vol. 39, No. 2 (2008), p. 280 | | 2.Al-Samman, Hanadi, Out of the Closet: Representation of Homosexuals and Lesbians in Modern Arabic Literature, Journal of Arabic Literature, Vol. 39, No. 2 (2008), p. 280 |
| + | |
| 3.الاقتباس مأخوذ من مقال بعنوان "العنف ضد النساء: برجولية"، نشر المقال بالفرنسية على موقع هافپوست المغرب الكبير والذي توقف عن العمل منذ ديسمبر 2019. | | 3.الاقتباس مأخوذ من مقال بعنوان "العنف ضد النساء: برجولية"، نشر المقال بالفرنسية على موقع هافپوست المغرب الكبير والذي توقف عن العمل منذ ديسمبر 2019. |
| + | |
| 4.El-rouayheb, Khaled, Before Homosexuality in the Arab-Islamic World 1500 –1800, The University of Chicago Press, 2005, p.17 | | 4.El-rouayheb, Khaled, Before Homosexuality in the Arab-Islamic World 1500 –1800, The University of Chicago Press, 2005, p.17 |
| + | |
| 5.ابن قيّم الجوزيّة، زاد المعاد في هدي خير العباد، الجزء الرابع، مؤسسة الرسالة، مكتبة المنار الإسلامية، بيروت - الكويت، 1986، ص 240 و241. | | 5.ابن قيّم الجوزيّة، زاد المعاد في هدي خير العباد، الجزء الرابع، مؤسسة الرسالة، مكتبة المنار الإسلامية، بيروت - الكويت، 1986، ص 240 و241. |
| + | |
| 6.بيار بورديو، الهيمنة الذكوريّة، المنظمة العربية للترجمة، بيروت، 2009، ص 24 و25. | | 6.بيار بورديو، الهيمنة الذكوريّة، المنظمة العربية للترجمة، بيروت، 2009، ص 24 و25. |
| + | |
| 7.رسائل الجاحظ، الجزء الرابع، تحقيق عبد السلام هارون، مكتبة الخانجي، القاهرة، ص 161. متوفرة على الرابط: https://foulabook.com/ar/read/%D8%B1%D8%B3%D8%A7%D8%A6%D9%84-%D8%A7%D9%8... | | 7.رسائل الجاحظ، الجزء الرابع، تحقيق عبد السلام هارون، مكتبة الخانجي، القاهرة، ص 161. متوفرة على الرابط: https://foulabook.com/ar/read/%D8%B1%D8%B3%D8%A7%D8%A6%D9%84-%D8%A7%D9%8... |
| + | |
| 8.ابن حجر العسقلاني، الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، الجزء الأوّل، منشورات دار الكتب العلميّة، بيروت، ص 199. | | 8.ابن حجر العسقلاني، الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، الجزء الأوّل، منشورات دار الكتب العلميّة، بيروت، ص 199. |
| + | |
| 9.يُمكن مراجعة مقال رشا مزروي عن الشتائم في الفضاء الإلكترونيّ والذي نُشر في كتاب تحت عنوان "شبكات التواصل الاجتماعي في زمن التحولات الديمقراطية"، ضمّ مجموعة من المقالات راجعته وحقّقته سهام نجّار وهو صادر عن معهد البحوث المغاربية المعاصرة بتونس. | | 9.يُمكن مراجعة مقال رشا مزروي عن الشتائم في الفضاء الإلكترونيّ والذي نُشر في كتاب تحت عنوان "شبكات التواصل الاجتماعي في زمن التحولات الديمقراطية"، ضمّ مجموعة من المقالات راجعته وحقّقته سهام نجّار وهو صادر عن معهد البحوث المغاربية المعاصرة بتونس. |
| + | |
| 10.يمكن مراجعة شهاب الدين أحمد التيفاشي، نزهة الألباب في ما لا يوجد في كتاب، تحقيق جمال جمعة، رياض الريّس للكتب والنشر، لندن- قبرص، الطبعة الأولى حزيران/يونيو 1992، ص ص. 302-304. | | 10.يمكن مراجعة شهاب الدين أحمد التيفاشي، نزهة الألباب في ما لا يوجد في كتاب، تحقيق جمال جمعة، رياض الريّس للكتب والنشر، لندن- قبرص، الطبعة الأولى حزيران/يونيو 1992، ص ص. 302-304. |
| + | |
| 11.El-rouayheb, Homosexuality in the Arab-Islamic World, p.17 | | 11.El-rouayheb, Homosexuality in the Arab-Islamic World, p.17 |
| + | |
| 12.ابن نجيم الحنفي، البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومعه منحة الخالق، الجزء الخامس، منشورات دار الكتب العلميّة، بيروت، 1997، ص 78. | | 12.ابن نجيم الحنفي، البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومعه منحة الخالق، الجزء الخامس، منشورات دار الكتب العلميّة، بيروت، 1997، ص 78. |
| + | |
| 13.Habib, Samar, Queer Names and Identity Politics in the Arab World, Global Encyclopedia of Lesbian, Gay, Bisexual, Transgender, and Queer (LGBTQ) History. 2019, pp.1317-1321. | | 13.Habib, Samar, Queer Names and Identity Politics in the Arab World, Global Encyclopedia of Lesbian, Gay, Bisexual, Transgender, and Queer (LGBTQ) History. 2019, pp.1317-1321. |
| + | |
| 14.El-rouayheb, Homosexuality in the Arab-Islamic World, p.3 | | 14.El-rouayheb, Homosexuality in the Arab-Islamic World, p.3 |
| + | |
| 15.Connell, R. W. Masculinities - 2nd ed, University of California Press (2005), p.16 | | 15.Connell, R. W. Masculinities - 2nd ed, University of California Press (2005), p.16 |
| + | |
| 16.يوميات شامية - الحوادث اليومية من تاريخ أحد عشر وألف ومية، محمد بن عيسى بن محمود بن كنان، نسخة إلكترونية، ص 253. متوفرة على: http://www.liillas.com/up/uploads/files/liillas-e65e782b92.pdf | | 16.يوميات شامية - الحوادث اليومية من تاريخ أحد عشر وألف ومية، محمد بن عيسى بن محمود بن كنان، نسخة إلكترونية، ص 253. متوفرة على: http://www.liillas.com/up/uploads/files/liillas-e65e782b92.pdf |
| + | |
| 17.El-rouayheb, Homosexuality in the Arab-Islamic World, p.26 | | 17.El-rouayheb, Homosexuality in the Arab-Islamic World, p.26 |
| + | |
| 18.يُمكن مراجعة كتاب الكافي للشيخ الكليني الجزء الخامس، الصفحة 544. | | 18.يُمكن مراجعة كتاب الكافي للشيخ الكليني الجزء الخامس، الصفحة 544. |