تغييرات

اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
إضافة روابط داخلية
سطر 30: سطر 30:  
ندور دائمًا في فلك المُتناقضات والثنائيات. ندور في حلقة مُفرغة من اللاّمعنى والعبث لأنّ مُجتمعاتنا قرّرت تحديد ذواتنا وهويّاتنا بكلمات معيّنة. ندور في حقول الكلمات والمصطلحات التحقيريّة. ندور باحثات وباحثين عن الخلاص. كيف نتحرّر من الكلمات التي تصمنا وتُقيّدنا؟ كيف نتعامل مع اللّغة التي تُكرّس الهيمنة والتبعيّة؟ كيف نفكّر في اللّغة كنظام رمزيّ سلطويّ؟ كيف نُمارس اللّغة؟
 
ندور دائمًا في فلك المُتناقضات والثنائيات. ندور في حلقة مُفرغة من اللاّمعنى والعبث لأنّ مُجتمعاتنا قرّرت تحديد ذواتنا وهويّاتنا بكلمات معيّنة. ندور في حقول الكلمات والمصطلحات التحقيريّة. ندور باحثات وباحثين عن الخلاص. كيف نتحرّر من الكلمات التي تصمنا وتُقيّدنا؟ كيف نتعامل مع اللّغة التي تُكرّس الهيمنة والتبعيّة؟ كيف نفكّر في اللّغة كنظام رمزيّ سلطويّ؟ كيف نُمارس اللّغة؟
   −
تتموقع المسألة اللغويّة في صلب انشغالاتنا اليوميّة في جيم على اعتبار أنّنا موقع يهتمّ بإنتاج معرفة نسويّة وكويريّة باللّغة العربيّة. دائما ما يُطرح علينا نفس السؤال كيف تتعاملن وتتعاملون في جيم مع اللّغة الشاملة؟
+
تتموقع المسألة اللغويّة في صلب انشغالاتنا اليوميّة في جيم على اعتبار أنّنا موقع يهتمّ بإنتاج معرفة [[نسوية|نسويّة]] وكويريّة باللّغة العربيّة. دائما ما يُطرح علينا نفس السؤال كيف تتعاملن وتتعاملون في جيم مع اللّغة الشاملة؟
   −
ما نقوم به في جيم على امتداد سنوات بسيط جدّا، نحن نُكرّس اللّغة الشاملة بطرق متنوّعة. لغة تشمل كلّ الهويّات الجندريّة المختلفة ولا تُقصي أحدًا. قد نواجه بعض الصعوبات عند تحرير مقالات لا يُراعي كتّابها وكاتباتها الخصوصيّات الجندريّة ولكنّنا ننجح في النهاية في نشر مقالات ونصوص تُترجم سياستنا التحريريّة القائمة أساسًا على تفكيك أنظمة الهيمنة ليس فقط عن طريق مقاربات نقديّة وإنّما عن طريق اللّغة أيضًا والتي تُعدّ إحدى تمظهرات الذكوريّة والرأسمالية. لا نُحب كثيرًا الرمز "/" لأنّه جامد ويُثقل كاهل النصّ ويُشرّع لدكتاتوريّة من نوع آخر، ولكنّنا نحاول استعماله بشكل معكوس يجعل المؤنّث أولويّة أي عوض أن نقول: الباحثون/ـات نقول الباحثات/ـن. نُريد أن يكون التأنيث عضويّا داخل النصّ لذلك نستعمل المعطوفات أي: الباحثات والباحثون، الطبيبات والأطّباء، المثليّات والمثليّون، كما نستعمل صيغة الجمع بين المذكّر والمؤنّث دون رموز ومعطوفات لنقول مثلا: لكمنّ عوض لكم أو لكنّ، وهذه الصيغة العجائبيّة التي قد لا يستسيغها البعض هي من اختراع صديقاتنا في "ويكي الجندر" ونحن نُحيّي جهودهنّ في تجاوز حصون القواعد اللغويّة المُكبّلة. في جيم، نلعب كثيرًا بالضمائر كأن نقول: الكويريّات والكويريّين اللّواتي يُدافعن عن الحريّات الفرديّة ويواجهون السلطة. كذلك نحاول تحييد اللّغة قدر المستطاع حتى تشمل الهويّات التي لا تخضع للثنائيّة الجندريّة باستعمال أفعال دون ضمائر مثل: الحرص على اجتياح الفضاء العامّ وتنظيم مظاهرات ضدّ القوانين التمييزية تعدّ أولويّة لدى المجموعات الكويريّة. نحاول التنويع في جيم ولا نلتزم بطريقة واحدة وأسلوب واحد في تكريس اللّغة الشاملة سواء بالتأنيث أو التحييد أو اللّعب بالضمائر. نُريد أن نكون مخبرًا متنقّلا بين جميع التجارب والمحاولات.
+
ما نقوم به في جيم على امتداد سنوات بسيط جدّا، نحن نُكرّس اللّغة الشاملة بطرق متنوّعة. لغة تشمل كلّ ا[[هوية جندرية|لهويّات الجندريّة]] المختلفة ولا تُقصي أحدًا. قد نواجه بعض الصعوبات عند تحرير مقالات لا يُراعي كتّابها وكاتباتها الخصوصيّات الجندريّة ولكنّنا ننجح في النهاية في نشر مقالات ونصوص تُترجم سياستنا التحريريّة القائمة أساسًا على تفكيك أنظمة الهيمنة ليس فقط عن طريق مقاربات نقديّة وإنّما عن طريق اللّغة أيضًا والتي تُعدّ إحدى تمظهرات الذكوريّة والرأسمالية. لا نُحب كثيرًا الرمز "/" لأنّه جامد ويُثقل كاهل النصّ ويُشرّع لدكتاتوريّة من نوع آخر، ولكنّنا نحاول استعماله بشكل معكوس يجعل المؤنّث أولويّة أي عوض أن نقول: الباحثون/ـات نقول الباحثات/ـن. نُريد أن يكون التأنيث عضويّا داخل النصّ لذلك نستعمل المعطوفات أي: الباحثات والباحثون، الطبيبات والأطّباء، المثليّات والمثليّون، كما نستعمل صيغة الجمع بين المذكّر والمؤنّث دون رموز ومعطوفات لنقول مثلا: لكمنّ عوض لكم أو لكنّ، وهذه الصيغة العجائبيّة التي قد لا يستسيغها البعض هي من اختراع صديقاتنا في "ويكي الجندر" ونحن نُحيّي جهودهنّ في تجاوز حصون القواعد اللغويّة المُكبّلة. في جيم، نلعب كثيرًا بالضمائر كأن نقول: [[كويرية الجندر|الكويريّات والكويريّين]] اللّواتي يُدافعن عن الحريّات الفرديّة ويواجهون السلطة. كذلك نحاول تحييد اللّغة قدر المستطاع حتى تشمل الهويّات التي لا تخضع [[ثنائية جندرية|للثنائيّة الجندريّة]] باستعمال أفعال دون ضمائر مثل: الحرص على اجتياح الفضاء العامّ وتنظيم مظاهرات ضدّ القوانين التمييزية تعدّ أولويّة لدى المجموعات الكويريّة. نحاول التنويع في جيم ولا نلتزم بطريقة واحدة وأسلوب واحد في تكريس اللّغة الشاملة سواء بالتأنيث أو التحييد أو اللّعب بالضمائر. نُريد أن نكون مخبرًا متنقّلا بين جميع التجارب والمحاولات.
   −
لا يقتصر التأسيس للغة خارج البراديغم الذكوريّ والغيريّ والمعياريّ فقط على تكريس اللّغة الشاملة لأنّنا نواجه تحديّا آخر وهو ترجمة المصطلحات والمفاهيم التي لم تتشكّل ضمن سياقاتنا المحليّة مثل كلمة "كوير". هذه التبعيّة اللسانيّة خلقت فجوة في تطوّر المعارف الجندريّة في منطقتنا العربيّة، فجلّ القراءات والنصوص التأسيسيّة والنظريّات النسويّة والكويريّة كُتبت بلغات أجنبيّة. نحن واعيات بأنّ الترجمة تحمل معها قيمها السياسيّة، فنحن لا نستورد فقط مصطلحات ومفاهيم غربيّة بل نستورد معها العنف السياسيّ المُعجميّ لتلك البلدان لأنّ المصطلحات هي وليدة واقع سياسيّ واقتصاديّ وثقافيّ واجتماعيّ مشحون لا يُعبّر بالضرورة عن خصوصيّاتنا ومعاشنا اليوميّ.
+
لا يقتصر التأسيس للغة خارج البراديغم الذكوريّ [[غيرية جنسية|والغيريّ]] [[معيارية|والمعياريّ]] فقط على تكريس اللّغة الشاملة لأنّنا نواجه تحديّا آخر وهو ترجمة المصطلحات والمفاهيم التي لم تتشكّل ضمن سياقاتنا المحليّة مثل كلمة "كوير". هذه التبعيّة اللسانيّة خلقت فجوة في تطوّر المعارف الجندريّة في منطقتنا العربيّة، فجلّ القراءات والنصوص التأسيسيّة والنظريّات النسويّة والكويريّة كُتبت بلغات أجنبيّة. نحن واعيات بأنّ الترجمة تحمل معها قيمها السياسيّة، فنحن لا نستورد فقط مصطلحات ومفاهيم غربيّة بل نستورد معها العنف السياسيّ المُعجميّ لتلك البلدان لأنّ المصطلحات هي وليدة واقع سياسيّ واقتصاديّ وثقافيّ واجتماعيّ مشحون لا يُعبّر بالضرورة عن خصوصيّاتنا ومعاشنا اليوميّ.
    
هل يُعدّ فك ارتباط اللّغة العربيّة بالسياق المعرفيّ الغربيّ أمرًا صعبًا إلى هذه الدرجة؟ هل هذا يعني أنّ لغتنا قاصرة وعقيمة لذلك اضطررنا إلى الاحتماء بالأكاديميا الغربيّة؟ شخصيّا لا أعتقد ذلك، صحيح أنّ الكسل المعرفيّ تُهمة جاهزة موجّهة لنا ولكنّنا قادرات على إنتاج معرفة نسويّة وكويريّة باللّغة العربيّة وهذا ما تقوم به جيم والعديد من المنصّات والمواقع الإعلاميّة الأخرى سواء المختصّة في قضايا الجندر والجنسانيّة أو التي تكتب بكثافة عن الموضوع. هناك محاولات حثيثة ومستمرّة لجعل الممارسة الترجميّة أقلّ عنفًا ومُرتبطة أكثر بالمحليّ وهناك رغبة مُتّقدة في تثوير اللّغة ونفض الغبار عنها لا يُمكننا تجاهلها رغم أنّها مازلت في طور التأسيس. يتمثّل تثوير اللّغة في الاسترداد اللغويّ أو الافتكاك اللغويّ أي افتكاك كلمات تحقيريّة وشحنها بدلالات أخرى تُحوّل وجهة الكلمة بشكل نهائيّ وتُفقدها معناها الأصليّ مثل كلمة "شاذ". الكثير من أصدقائنا الكويريّين صاروا يستعملون كلمة "شاذ" كعلامة نصر واعتزاز وتعبيرًا عن تحدّيهم للّسان الذكوريّ. لم تعد كلمة "شاذّ" تصدم السامعين والسامعات ولم تعد تدريجيًّا تحمل نفس الدلالات، فنحن شواذّ وشاذّات ونفتخر.
 
هل يُعدّ فك ارتباط اللّغة العربيّة بالسياق المعرفيّ الغربيّ أمرًا صعبًا إلى هذه الدرجة؟ هل هذا يعني أنّ لغتنا قاصرة وعقيمة لذلك اضطررنا إلى الاحتماء بالأكاديميا الغربيّة؟ شخصيّا لا أعتقد ذلك، صحيح أنّ الكسل المعرفيّ تُهمة جاهزة موجّهة لنا ولكنّنا قادرات على إنتاج معرفة نسويّة وكويريّة باللّغة العربيّة وهذا ما تقوم به جيم والعديد من المنصّات والمواقع الإعلاميّة الأخرى سواء المختصّة في قضايا الجندر والجنسانيّة أو التي تكتب بكثافة عن الموضوع. هناك محاولات حثيثة ومستمرّة لجعل الممارسة الترجميّة أقلّ عنفًا ومُرتبطة أكثر بالمحليّ وهناك رغبة مُتّقدة في تثوير اللّغة ونفض الغبار عنها لا يُمكننا تجاهلها رغم أنّها مازلت في طور التأسيس. يتمثّل تثوير اللّغة في الاسترداد اللغويّ أو الافتكاك اللغويّ أي افتكاك كلمات تحقيريّة وشحنها بدلالات أخرى تُحوّل وجهة الكلمة بشكل نهائيّ وتُفقدها معناها الأصليّ مثل كلمة "شاذ". الكثير من أصدقائنا الكويريّين صاروا يستعملون كلمة "شاذ" كعلامة نصر واعتزاز وتعبيرًا عن تحدّيهم للّسان الذكوريّ. لم تعد كلمة "شاذّ" تصدم السامعين والسامعات ولم تعد تدريجيًّا تحمل نفس الدلالات، فنحن شواذّ وشاذّات ونفتخر.
staff
2٬186

تعديل

قائمة التصفح