تغييرات

اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لا يوجد ملخص تحرير
سطر 10: سطر 10:  
  |تاريخ الاسترجاع=2021-08-20
 
  |تاريخ الاسترجاع=2021-08-20
 
  |مسار الاسترجاع=https://www.aljumhuriya.net/ar/content/كيف-تكون-النسوية-التقاطعية-سورياً؟
 
  |مسار الاسترجاع=https://www.aljumhuriya.net/ar/content/كيف-تكون-النسوية-التقاطعية-سورياً؟
  |نسخة أرشيفية=
+
  |نسخة أرشيفية=https://archive.is/sXcTX
 
  |بالعربية=
 
  |بالعربية=
 
  |هل ترجمة=
 
  |هل ترجمة=
سطر 74: سطر 74:     
ودراسة أوضاع النساء اللاجئات من منظور تقاطعي، يساعد في تحليل البنى [[بطريركية|البطريركية]] التي يعانين من اضطهادها، الأمر الذي يساهم في تفكيكها، ويساهم في تحديد الاحتياجات بشكل أكثر دقّة وملائمة لاحتياجاتهنّ الفعلية، ويساعد أيضاً على انتماء النساء للحركة النسوية عن طريق تمثّل مطالبهن الخاصة، وطموحاتهن بدون التعالي عليهن ووضعهن ضمن قوالب نمطية مسبقة. وقد أجريتُ مؤخراً بحثاً حول النسوية التقاطعية في السياق السوري ضمن ملف النسوية في مجلة قلمون، آملة أن يشكل نواة أو مدخلاً للدراسات النسوية التقاطعية في السياق السوري.
 
ودراسة أوضاع النساء اللاجئات من منظور تقاطعي، يساعد في تحليل البنى [[بطريركية|البطريركية]] التي يعانين من اضطهادها، الأمر الذي يساهم في تفكيكها، ويساهم في تحديد الاحتياجات بشكل أكثر دقّة وملائمة لاحتياجاتهنّ الفعلية، ويساعد أيضاً على انتماء النساء للحركة النسوية عن طريق تمثّل مطالبهن الخاصة، وطموحاتهن بدون التعالي عليهن ووضعهن ضمن قوالب نمطية مسبقة. وقد أجريتُ مؤخراً بحثاً حول النسوية التقاطعية في السياق السوري ضمن ملف النسوية في مجلة قلمون، آملة أن يشكل نواة أو مدخلاً للدراسات النسوية التقاطعية في السياق السوري.
 +
 +
'''ها نحن - أنا وأنتِ - منشغلتان بالتنظير بطريقة ما، ولكن سوف يأتي دائماً من يقول إن كل هذا مجرد حبر على ورق أمام الوضع المأساوي الذي يعيشه السوريين والسوريات. برأيك، هل تصمد النظرية النسوية أمام الجوع والبرد والدمار؟'''
 +
 +
شخصياً لا أكتفي بالتنظير، فإلى جانب الكتابة والبحث، أتواصل بشكل دائم مع النساء، ساعيةً قدر الإمكان إلى ربط الأفكار النظرية بالواقع العملي واختبارها في ضوء معطياته. بحكم اهتمامي البحثي شخصياً وطبيعة عملي في منظمة الداميغرا، ومن خلال قنوات أخرى سورية وغيرها، أعمل على تحليل أوضاع النساء، وقياس احتياجاتهن وبناء البرامج والأنشطة التي تلبيها بالشكل الأفضل قدر الإمكان، وقياس مدى التغيرات الطارئة عليهن في السياقات التي نعمل عليها، مع التأكيد على ضرورة مشاركة النساء أنفسهن في هذه الخطوات.
 +
 +
ومن خلال تجربتي العملية ومعايشتي اليومية لقضايا النساء السوريات المهاجرات واللاجئات، يمكنني القول إن هناك تقدماً بطيئاً يحرز في مجال الوعي بحقوق المرأة وانعكاس هذا الوعي على طرائق حياة السوريين والسوريات وخياراتهمن، لكن هذا لحد الآن يحدث فقط في ألمانيا وأوروبا، وفي ظروف لا تقارن بما يحدث في سوريا، هناك حيث لن تصمد أي نظرية سياسية أو فلسفية أو اجتماعية أمام الجوع والبرد والدمار والدكتاتورية والقمع أيضاً، فما بالك بالنظرية النسوية التي ما يزال الاختلاف عليها قائماً بحدة. لكن الفرصة لتغيير هذه الظروف تظل قائمة في حال تغير هذا الواقع بتغير الظروف السياسية بالدرجة الأولى، عندها يمكن أن نفكر في مستقبل النظريات على الأراضي السورية التي تزداد حالياً بؤساً ومأساة للأسف.
 +
 +
'''تعملين مع اللاجئات السوريات في منظمة داميغرا الألمانية. كيف هو وضع اللاجئة السورية في ألمانيا بالعموم؟ وكيف هو تجاوبها مع التغيرات الكبيرة التي طرأت على حياتها؟ وهل بدأت تسترد توازنها وتقدر على مواجهة متطلبات الحياة الجديدة؟ وما هي أكبر التحديات التي تواجهها برأيك؟'''
 +
 +
لا شك أن اختلاف الظروف القانونية، والمناخ الأكثر حرية - نسبياً - في البلد المضيف انعكس إيجاباً ولو بشكل طفيف على النساء السوريات. لكن لا يمكن الجزم أن التغيرات كانت إيجابية على الجميع بالمستوى نفسه، فالنظر إلى اللاجئات وكأنهن كتلة واحدة متجانسة ومتشابهة أمر لا يبخسهن حقهن وحسب، بل يكرّس ما تروج له النظرة الاستشراقية المتجددة بطرق مختلفة، التي تتجاهل أن لكل امرأة ظروفها المختلفة، وليس كما تصوّره الصور النمطية في الإعلام أو في البرامج المخصصة لدعم اللاجئات، وهو ما تسعى منظمة داميغرا إلى مواجهته، فتعمل وفق مقاربات مختلفة للقضايا من خلال تبنّيها المنهج التقاطعي.
 +
 +
هناك نساء استطعن شق طريق جديد لحياتهن على جميع الصعد، وحققن إنجازات كبيرة في فترة قياسية، فاستعدن ذواتهن، وطورنها، واتخذن قرارات شجاعة في حياتهن. إلا أن كثيرات من هذه الفئة، واجهن مشكلة التنميط ومحاولات الأَسْر ضمن نطاق النظرة المسبقة والسلبية الرائجة عن اللاجئات، وهذا ما يسبب لهن تحديات جديدة مختلفة لا يمكن تمييزها بسهولة أو حتى تسميتها وتفسيرها. وفي المقابل ازدادت الصعوبات والتحديات في وجه نساء أخريات، نتيجة التغيرات الجديدة، فمنهنّ من عاشت تجارب عنصرية قاسية، ومنهن من واجهت تمييزاً هيكلياً وقانونياً. فألمانيا بلد يعترف فيه المسؤولون أنفسهم بمشكلة العنصرية ورفض الأجانب، وتتعرض اللاجئات السوريات بلونهن المختلف وثقافتهن الغريبة عن هذا المجتمع لأنواع مختلفة من التمييز، إلى جانب كونهن أسيرات الثقافة المجتمعية الذكورية التي هاجرت معهن من سوريا. ذلك أن العقليات الذكورية ما زالت مهيمنة على المشهد العام في مجتمعات اللجوء، والوصمات نفسها تلاحق النساء في خياراتهن.
 +
 +
على سبيل المثال، يشاع كثيراً حول ازدياد نسبة النساء السوريات اللواتي طالبن بالطلاق في أوروبا، رغم أنه لا وجود لإحصائيات رسمية تثبت هذه الفرضية، بل إن العاملات والعاملين بشكل مباشر مع اللاجئات، يعرفون أن كثيرات يخشين ويرفضن طلب الطلاق رغم تعرضهن لجميع أشكال العنف المنزلي، خوفاً من الوصمة والتبعات الاجتماعية، فيتحملن مزيداً من العنف بصمت وسط دهشة المراقبين والمختصين الاجتماعين الذين يتابعون مثل هذه القضايا بشكل قانوني. أعتقد أن التحديات ما تزال كبيرة جداً قبل أن تستطيع اللاجئات فعلاً الخروج من الصدمات المتلاحقة التي عشنها ويعشنها يومياً في المجتمع الجديد.
 +
 +
'''هناك من يؤمن أن سوريا المستقبل سوف تبنى على جهود النساء اللواتي سوف يكن قادرات على إخراج البلاد من مستنقع العنف والحرب والاقتتال مع الوقت، ويكن المبادرات في تعبيد الطريق نحو إعادة إعمار تبدأ من الشارع واحتياجات الإنسان. هل أنت متفائلة بهذا الخصوص؟ وماذا ينبغي علينا، كنساء ونسويات، فعله أو تركه من أجل أن تتحقق تلك النبوءة؟'''
 +
 +
ردّدتُ طويلاً أن النساء الشجاعات يصنعن المستقبل، ولكن الآن وفي ظل الوضع المأساوي على الصعيد السوري، وعلى صعيد السياسات العالمية المتواطئة مع الإجرام ضمنياً أو على المكشوف، أعتقد أن هذه المقولة تحمّل النساء فوق طاقاتهن التي يستمر تقييدها أصلاً وإعاقتها بكافة الأشكال وعلى جميع الصعد. إخراج البلاد من مستنقع مخيف كهذا مسؤولية الجميع على الإطلاق، وليست مسؤولية منوطة بالنساء وحدهن، على أهمّية وأولوية دورهن. في الوقت الحالي لست متفائلة أبداً، فلا وجود لإرادة سياسية دولية تدعم إيقاف العنف، بل إننا نشهد عكس ذلك، كالتطبيع مع النظام الذي ارتكب انتهاكات موثقة وجرائم ضد الإنسانية، وتعويمه في أروقة المحافل الدولية.
 +
 +
مع هذا، لا أجد بداً من ضرورة المقاومة بالمعرفة والفكر والثقافة الحقوقية، لأن للوعي دوراً حاسماً على المدى المستقبلي، ويتوجب على جميع المؤمنات والمؤمنين بحقوق الإنسان، حقيقةً وليس ادّعاءً واسترزاقاً، أن يحرصوا على تنظيم أنفسهم والتضامن معاً في مواجهة كلّ هذا الخراب، بطرق سلمية ومن منظور مختلف، بعيداً عن منطق الغلبة والقوة الذكوري، إلى آفاق إنسانية أرحب وأكثر تنوّعاً، يشكّل الفكر النسوي أحد مداخلها الممكنة.
staff
2٬193

تعديل

قائمة التصفح