سطر 23: |
سطر 23: |
| | | |
| ''علياء أحمد (م 1978) باحثة وكاتبة نسوية، ومدربة في قضايا حقوق المرأة والطفل بالتعاون مع العديد من المنظمات الدولية والحقوقية. مجازة في علم الاجتماع. تعمل حالياً منسقة لمشروع «صانعات الشجاعة» في منظمة داميغرا في ألمانيا. من مؤلفاتها المنشورة واقع المرأة السورية في ظل الأزمة الراهنة، الصادر عن بيت المواطن في عام 2014.'' | | ''علياء أحمد (م 1978) باحثة وكاتبة نسوية، ومدربة في قضايا حقوق المرأة والطفل بالتعاون مع العديد من المنظمات الدولية والحقوقية. مجازة في علم الاجتماع. تعمل حالياً منسقة لمشروع «صانعات الشجاعة» في منظمة داميغرا في ألمانيا. من مؤلفاتها المنشورة واقع المرأة السورية في ظل الأزمة الراهنة، الصادر عن بيت المواطن في عام 2014.'' |
| + | |
| | | |
| '''أين كنت في آذار 2011 يا علياء، وأين أودت بك دروب الثورة والحرب؟''' | | '''أين كنت في آذار 2011 يا علياء، وأين أودت بك دروب الثورة والحرب؟''' |
سطر 45: |
سطر 46: |
| | | |
| بالتالي، رغم تطاول المدّة، ورغم الهزائم التي تكبدتها جميع الأطراف، وفي ظل ركود العملية السياسية وغياب الإرادة الدولية لإيجاد حل سياسي حقيقي يضمن عدالة انتقالية، إلا أن الوقائع أكّدت جانباً من استناجات البحث بشأن خلخلة المعايير، وتمكّن النساء من التقدّم وإثبات أنفسهنّ وقدرتهنّ على الفعل السياسي والمجتمعي، ومن ثمّ ضرورة وجودهنّ في مواقع القرار، وإثبات هذا الوجود والدفاع عنه والإصرار عليه من موقع نسوي، ليشكل نقطة ارتكاز في الدفاع عن مكتسبات النساء ما قبل الحراك، والنضال من أجل الحفاظ عليها واستكمال بقية الحقوق غير المنجزة، وإن بدا الأمل ضعيفاً في ظل الظروف الدولية الراهنة. | | بالتالي، رغم تطاول المدّة، ورغم الهزائم التي تكبدتها جميع الأطراف، وفي ظل ركود العملية السياسية وغياب الإرادة الدولية لإيجاد حل سياسي حقيقي يضمن عدالة انتقالية، إلا أن الوقائع أكّدت جانباً من استناجات البحث بشأن خلخلة المعايير، وتمكّن النساء من التقدّم وإثبات أنفسهنّ وقدرتهنّ على الفعل السياسي والمجتمعي، ومن ثمّ ضرورة وجودهنّ في مواقع القرار، وإثبات هذا الوجود والدفاع عنه والإصرار عليه من موقع نسوي، ليشكل نقطة ارتكاز في الدفاع عن مكتسبات النساء ما قبل الحراك، والنضال من أجل الحفاظ عليها واستكمال بقية الحقوق غير المنجزة، وإن بدا الأمل ضعيفاً في ظل الظروف الدولية الراهنة. |
| + | |
| | | |
| '''تعملين مدرِّبةً حول الاتفاقيات والعهود العالمية التي تتناول حقوق المرأة. ولكن هناك جدل حول اتفاقيات حقوق الإنسان بالعموم، وبخاصة تلك التي تتناول حقوق المرأة، حيث أن البعض يرى أنها لا تتناسب مع خصوصيتنا الثقافية الإسلامية. ماذا يعني ذلك؟ وهل ترين أن تلك الاتفاقيات تتعارض في بعض وجوهها مع تاريخنا وثقافتنا وطموحنا؟ وإذا كان جوابك سلباً، فمن أين جاء ذلك اللغط إذن؟ وما هي الطريقة المجدية بالتعامل معه؟''' | | '''تعملين مدرِّبةً حول الاتفاقيات والعهود العالمية التي تتناول حقوق المرأة. ولكن هناك جدل حول اتفاقيات حقوق الإنسان بالعموم، وبخاصة تلك التي تتناول حقوق المرأة، حيث أن البعض يرى أنها لا تتناسب مع خصوصيتنا الثقافية الإسلامية. ماذا يعني ذلك؟ وهل ترين أن تلك الاتفاقيات تتعارض في بعض وجوهها مع تاريخنا وثقافتنا وطموحنا؟ وإذا كان جوابك سلباً، فمن أين جاء ذلك اللغط إذن؟ وما هي الطريقة المجدية بالتعامل معه؟''' |
سطر 62: |
سطر 64: |
| | | |
| أما الآن، ومع التغييرات العميقة التي حصلت بعد الثورة، فالعمل على هذه الأدوات وبطريقة منهجية أصبح ضرورة ملحّة، وإن لم يتغير وضع الديكتاتوريات واستمر منع الحريات، إلا أن الإمكانيات صارت متاحة أكثر للتعريف بالمفاهيم الحقوقية ونشر الوعي وثقافة الحقوق والاتفاقيات وتوضيحها، ورفع اللبس الحاصل بشأنها كخطوة أساسية ومهمة، فضلاً عن كسب الرأي العام وكسب مزيد من المواطنات والمواطنين المؤمنات والمؤمنين بالعدالة والمساواة، لتشكيل قاعدة قوية من الداعمين والمناصرين لقضية المرأة، والتوجه إليهم سواء عن طريق الإعلام المرئي والمقروء والمسموع، أو عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، والوصول إلى شرائح أكبر وأوسع، عدا عن توسيع الإطار البحثي والمعرفي والدراسات الميدانية التي تلعب دوراً في تحديد المشكلات بعمق، وتحليلها بشكل يساهم في المستقبل على حلها. كل هذا جزء من عملية كبيرة متفاعلة لإحداث تغييرات تدريجية مهمة على صعيد الحقوق التي تنادي بها الاتفاقيات. | | أما الآن، ومع التغييرات العميقة التي حصلت بعد الثورة، فالعمل على هذه الأدوات وبطريقة منهجية أصبح ضرورة ملحّة، وإن لم يتغير وضع الديكتاتوريات واستمر منع الحريات، إلا أن الإمكانيات صارت متاحة أكثر للتعريف بالمفاهيم الحقوقية ونشر الوعي وثقافة الحقوق والاتفاقيات وتوضيحها، ورفع اللبس الحاصل بشأنها كخطوة أساسية ومهمة، فضلاً عن كسب الرأي العام وكسب مزيد من المواطنات والمواطنين المؤمنات والمؤمنين بالعدالة والمساواة، لتشكيل قاعدة قوية من الداعمين والمناصرين لقضية المرأة، والتوجه إليهم سواء عن طريق الإعلام المرئي والمقروء والمسموع، أو عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، والوصول إلى شرائح أكبر وأوسع، عدا عن توسيع الإطار البحثي والمعرفي والدراسات الميدانية التي تلعب دوراً في تحديد المشكلات بعمق، وتحليلها بشكل يساهم في المستقبل على حلها. كل هذا جزء من عملية كبيرة متفاعلة لإحداث تغييرات تدريجية مهمة على صعيد الحقوق التي تنادي بها الاتفاقيات. |
| + | |
| | | |
| '''ما زالت كثير من النظريات والمصطلحات التي اشتغلت عليها النسويات العالميات غير معروفة لدينا. على سبيل المثال، هناك كثير من المتعلمين والمتعلمات ممن لم يسمعوا بالنسوية التقاطعية قبلاً، مما يجعلهم يترددون حول مدى صلاحيتها لمجتمعاتنا. ما هي النسوية التقاطعية؟ وهل هي صالحة للتطبيق ضمن السياق السوري؟ ولماذا برأيك؟''' | | '''ما زالت كثير من النظريات والمصطلحات التي اشتغلت عليها النسويات العالميات غير معروفة لدينا. على سبيل المثال، هناك كثير من المتعلمين والمتعلمات ممن لم يسمعوا بالنسوية التقاطعية قبلاً، مما يجعلهم يترددون حول مدى صلاحيتها لمجتمعاتنا. ما هي النسوية التقاطعية؟ وهل هي صالحة للتطبيق ضمن السياق السوري؟ ولماذا برأيك؟''' |
سطر 74: |
سطر 77: |
| | | |
| ودراسة أوضاع النساء اللاجئات من منظور تقاطعي، يساعد في تحليل البنى [[بطريركية|البطريركية]] التي يعانين من اضطهادها، الأمر الذي يساهم في تفكيكها، ويساهم في تحديد الاحتياجات بشكل أكثر دقّة وملائمة لاحتياجاتهنّ الفعلية، ويساعد أيضاً على انتماء النساء للحركة النسوية عن طريق تمثّل مطالبهن الخاصة، وطموحاتهن بدون التعالي عليهن ووضعهن ضمن قوالب نمطية مسبقة. وقد أجريتُ مؤخراً بحثاً حول النسوية التقاطعية في السياق السوري ضمن ملف النسوية في مجلة قلمون، آملة أن يشكل نواة أو مدخلاً للدراسات النسوية التقاطعية في السياق السوري. | | ودراسة أوضاع النساء اللاجئات من منظور تقاطعي، يساعد في تحليل البنى [[بطريركية|البطريركية]] التي يعانين من اضطهادها، الأمر الذي يساهم في تفكيكها، ويساهم في تحديد الاحتياجات بشكل أكثر دقّة وملائمة لاحتياجاتهنّ الفعلية، ويساعد أيضاً على انتماء النساء للحركة النسوية عن طريق تمثّل مطالبهن الخاصة، وطموحاتهن بدون التعالي عليهن ووضعهن ضمن قوالب نمطية مسبقة. وقد أجريتُ مؤخراً بحثاً حول النسوية التقاطعية في السياق السوري ضمن ملف النسوية في مجلة قلمون، آملة أن يشكل نواة أو مدخلاً للدراسات النسوية التقاطعية في السياق السوري. |
| + | |
| | | |
| '''ها نحن - أنا وأنتِ - منشغلتان بالتنظير بطريقة ما، ولكن سوف يأتي دائماً من يقول إن كل هذا مجرد حبر على ورق أمام الوضع المأساوي الذي يعيشه السوريين والسوريات. برأيك، هل تصمد النظرية النسوية أمام الجوع والبرد والدمار؟''' | | '''ها نحن - أنا وأنتِ - منشغلتان بالتنظير بطريقة ما، ولكن سوف يأتي دائماً من يقول إن كل هذا مجرد حبر على ورق أمام الوضع المأساوي الذي يعيشه السوريين والسوريات. برأيك، هل تصمد النظرية النسوية أمام الجوع والبرد والدمار؟''' |
سطر 88: |
سطر 92: |
| | | |
| على سبيل المثال، يشاع كثيراً حول ازدياد نسبة النساء السوريات اللواتي طالبن بالطلاق في أوروبا، رغم أنه لا وجود لإحصائيات رسمية تثبت هذه الفرضية، بل إن العاملات والعاملين بشكل مباشر مع اللاجئات، يعرفون أن كثيرات يخشين ويرفضن طلب الطلاق رغم تعرضهن لجميع أشكال العنف المنزلي، خوفاً من الوصمة والتبعات الاجتماعية، فيتحملن مزيداً من العنف بصمت وسط دهشة المراقبين والمختصين الاجتماعين الذين يتابعون مثل هذه القضايا بشكل قانوني. أعتقد أن التحديات ما تزال كبيرة جداً قبل أن تستطيع اللاجئات فعلاً الخروج من الصدمات المتلاحقة التي عشنها ويعشنها يومياً في المجتمع الجديد. | | على سبيل المثال، يشاع كثيراً حول ازدياد نسبة النساء السوريات اللواتي طالبن بالطلاق في أوروبا، رغم أنه لا وجود لإحصائيات رسمية تثبت هذه الفرضية، بل إن العاملات والعاملين بشكل مباشر مع اللاجئات، يعرفون أن كثيرات يخشين ويرفضن طلب الطلاق رغم تعرضهن لجميع أشكال العنف المنزلي، خوفاً من الوصمة والتبعات الاجتماعية، فيتحملن مزيداً من العنف بصمت وسط دهشة المراقبين والمختصين الاجتماعين الذين يتابعون مثل هذه القضايا بشكل قانوني. أعتقد أن التحديات ما تزال كبيرة جداً قبل أن تستطيع اللاجئات فعلاً الخروج من الصدمات المتلاحقة التي عشنها ويعشنها يومياً في المجتمع الجديد. |
| + | |
| | | |
| '''هناك من يؤمن أن سوريا المستقبل سوف تبنى على جهود النساء اللواتي سوف يكن قادرات على إخراج البلاد من مستنقع العنف والحرب والاقتتال مع الوقت، ويكن المبادرات في تعبيد الطريق نحو إعادة إعمار تبدأ من الشارع واحتياجات الإنسان. هل أنت متفائلة بهذا الخصوص؟ وماذا ينبغي علينا، كنساء ونسويات، فعله أو تركه من أجل أن تتحقق تلك النبوءة؟''' | | '''هناك من يؤمن أن سوريا المستقبل سوف تبنى على جهود النساء اللواتي سوف يكن قادرات على إخراج البلاد من مستنقع العنف والحرب والاقتتال مع الوقت، ويكن المبادرات في تعبيد الطريق نحو إعادة إعمار تبدأ من الشارع واحتياجات الإنسان. هل أنت متفائلة بهذا الخصوص؟ وماذا ينبغي علينا، كنساء ونسويات، فعله أو تركه من أجل أن تتحقق تلك النبوءة؟''' |