تغييرات

اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
سطر 64: سطر 64:  
ساهمت النسوية الغربية في التركيز على مبادئها الأساسية من الدعوة إلى المساواة بين الجنسين  والاستقلالية الفردية وحق النساء في التعليم والعمل في تعزيز حقوق المرأة بلا شك. ومع ذلك، فإن نسويات ما بعد الاستعمار يُجادلن بأن هذه المبادئ لا تعالج بشكلٍ جذري الصراعات المتنوعة التي تواجهها النساء في مجتمعات ما بعد الاستعمار، حيث يستمر إرث الاستعمار في تشكيل العلاقات الجندرية فيها. تدعو نسوية ما بعد الاستعمار، كما حللت وكتبت [[شاندرا موهانتي|شاندرا تاليد موهانتي]] في كتابها "[https://www.jstor.org/stable/j.ctv11smp7t نسوية بلا حدود: نظرية إنهاء الاستعمار، وممارسة التضامن]" إلى جعل تجارب النساء ونضالاتهن في الجنوب العالمي محورًا أساسيًا عند دراسة وتفكيك تقاطعات أشكال الاضطهاد الجندرية والاستعمارية.  أحد أهمّ الانتقادات التي وجهتها نسويات ما بعد الاستعمار للنسوية الغربية، كما ورد في مختارات "[https://iupress.org/9780253206329/third-world-women-and-the-politics-of-feminism/ نساء العالم الثالث وسياسة الحركة النسوية]"  من تحرير [[شاندرا موهانتي]] وآن روسو ولوردس توريس، هو أنّ التحيز الأوروبي المركزي في الخطاب النسوي الغربي لا يتجاهل تجارب النساء غير الغربيات فحسب، بل يُساهم في ترسيخ القوالب النمطية التي فُرضت عليهن، ويعزز اختلال توازن القوى. لذلك، دائمًا ما تُعارض نسويات ما بعد الاستعمار فرض القيم الغربية على المجتمعات غير الغربية، ويُجادلن بضرورة الاعتراف بالنسبية الثقافية.
 
ساهمت النسوية الغربية في التركيز على مبادئها الأساسية من الدعوة إلى المساواة بين الجنسين  والاستقلالية الفردية وحق النساء في التعليم والعمل في تعزيز حقوق المرأة بلا شك. ومع ذلك، فإن نسويات ما بعد الاستعمار يُجادلن بأن هذه المبادئ لا تعالج بشكلٍ جذري الصراعات المتنوعة التي تواجهها النساء في مجتمعات ما بعد الاستعمار، حيث يستمر إرث الاستعمار في تشكيل العلاقات الجندرية فيها. تدعو نسوية ما بعد الاستعمار، كما حللت وكتبت [[شاندرا موهانتي|شاندرا تاليد موهانتي]] في كتابها "[https://www.jstor.org/stable/j.ctv11smp7t نسوية بلا حدود: نظرية إنهاء الاستعمار، وممارسة التضامن]" إلى جعل تجارب النساء ونضالاتهن في الجنوب العالمي محورًا أساسيًا عند دراسة وتفكيك تقاطعات أشكال الاضطهاد الجندرية والاستعمارية.  أحد أهمّ الانتقادات التي وجهتها نسويات ما بعد الاستعمار للنسوية الغربية، كما ورد في مختارات "[https://iupress.org/9780253206329/third-world-women-and-the-politics-of-feminism/ نساء العالم الثالث وسياسة الحركة النسوية]"  من تحرير [[شاندرا موهانتي]] وآن روسو ولوردس توريس، هو أنّ التحيز الأوروبي المركزي في الخطاب النسوي الغربي لا يتجاهل تجارب النساء غير الغربيات فحسب، بل يُساهم في ترسيخ القوالب النمطية التي فُرضت عليهن، ويعزز اختلال توازن القوى. لذلك، دائمًا ما تُعارض نسويات ما بعد الاستعمار فرض القيم الغربية على المجتمعات غير الغربية، ويُجادلن بضرورة الاعتراف بالنسبية الثقافية.
   −
==== النسوية والاستشراق ====
+
==== الثيمات الامبرالية والاستشراقية في النسوية الغربية ====
 
لفتت الانتقادات التي وجّهتها نسوية ما بعد الاستعمار للنسوية الغربية الانتباه إلى ظاهرة "النسوية الإمبريالية"، وهي امتداد للنسوية الاستشراقية التي سبقتها. يمثل هذا الشكل من النسوية إطارًا إبستومولوجيًا -معرفيًا- تستخدمه النسويات الغربيات للنظر إلى النساء العربيات والمسلمات بشكل ٍعام، والنساء اللاتي يعشن في سياقات استعمارية أو ما بعد استعمارية بشكلٍ خاص. تعمل النسوية الإمبريالية على ترسيخ المقاربات الثقافية والعنصرية، وتجريد المرأة العربية والمسلمة من إنسانيتها وتنميطها. وبدلاً من الاعتراف بقدرة هؤلاء النساء على ممارسة إرداتهن وتعقيداتهن، فإن النسويات الإمبرياليات يصوّرنهن على أنهن مُجرّد ضحايا عاجزات بحاجة إلى الشفقة والإنقاذ. برز هذا المنظور بقوّة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وأثناء الانتفاضة الفلسطينية الثانية، مع تبرير النسويات الغربيات للحروب الإمبريالية كوسيلة "لإنقاذ" هؤلاء النساء من أنظمتهن القمعية. تتجاهل النسوية الإمبريالية بشكلٍ كامل السياقات التاريخية والسياسية لنضالات تلك النساء، وبذلك؛ فإنّها تُعزز سردياتٍ جوهرية مُهينة عنهن. بدلًا من الاعتراف بالتقاليد الراسخة لمقاومة النساء في هذه المجتمعات، تعمل النسويات الإمبرياليات على مُجانسة النساء العربيات والمسلمات، والتركيز على افتقارهن السيطرة على أجسادهن ومصائرهن. تُهمل هذه النظرة الاختزالية تعقيدات حيواتهن والأسباب متعددة الأوجه وراء انخراطهن في حركات المقاومة. لا تتعاطى النسويات الامبراليات مع الحقائق الاجتماعية والسياسية الأوسع لحياة تلك النساء، وتُركز على العوامل الثقافية فقط، مُعزِزةً بذلك الروايات المُؤذية التي تزيد من الثنائية الضدية بين المرأة المسلمة "المضطهدة" والمرأة الغربية "المحررة".
 
لفتت الانتقادات التي وجّهتها نسوية ما بعد الاستعمار للنسوية الغربية الانتباه إلى ظاهرة "النسوية الإمبريالية"، وهي امتداد للنسوية الاستشراقية التي سبقتها. يمثل هذا الشكل من النسوية إطارًا إبستومولوجيًا -معرفيًا- تستخدمه النسويات الغربيات للنظر إلى النساء العربيات والمسلمات بشكل ٍعام، والنساء اللاتي يعشن في سياقات استعمارية أو ما بعد استعمارية بشكلٍ خاص. تعمل النسوية الإمبريالية على ترسيخ المقاربات الثقافية والعنصرية، وتجريد المرأة العربية والمسلمة من إنسانيتها وتنميطها. وبدلاً من الاعتراف بقدرة هؤلاء النساء على ممارسة إرداتهن وتعقيداتهن، فإن النسويات الإمبرياليات يصوّرنهن على أنهن مُجرّد ضحايا عاجزات بحاجة إلى الشفقة والإنقاذ. برز هذا المنظور بقوّة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وأثناء الانتفاضة الفلسطينية الثانية، مع تبرير النسويات الغربيات للحروب الإمبريالية كوسيلة "لإنقاذ" هؤلاء النساء من أنظمتهن القمعية. تتجاهل النسوية الإمبريالية بشكلٍ كامل السياقات التاريخية والسياسية لنضالات تلك النساء، وبذلك؛ فإنّها تُعزز سردياتٍ جوهرية مُهينة عنهن. بدلًا من الاعتراف بالتقاليد الراسخة لمقاومة النساء في هذه المجتمعات، تعمل النسويات الإمبرياليات على مُجانسة النساء العربيات والمسلمات، والتركيز على افتقارهن السيطرة على أجسادهن ومصائرهن. تُهمل هذه النظرة الاختزالية تعقيدات حيواتهن والأسباب متعددة الأوجه وراء انخراطهن في حركات المقاومة. لا تتعاطى النسويات الامبراليات مع الحقائق الاجتماعية والسياسية الأوسع لحياة تلك النساء، وتُركز على العوامل الثقافية فقط، مُعزِزةً بذلك الروايات المُؤذية التي تزيد من الثنائية الضدية بين المرأة المسلمة "المضطهدة" والمرأة الغربية "المحررة".
  
136

تعديل

قائمة التصفح