تتأمل [[أندريا دوركين]]، كاتبة وناقدة نسوية راديكالية أميريكية، في مقالتها "[http://www.nostatusquo.com/ACLU/dworkin/IsraelI.html إسرائيل: بلد مَن هي على أي حال؟]" التي نُشرت عام ١٩٩٠ في نشأتها كيهودية في الولايات المتحدة وانغماسها المبكر في الأيديولوجية الصهيونية. إذ تُقر بمشاركتها في دعم إسرائيل من خلال أنشطة مُختلفة مثل الذهاب إلى المدارس العبرية، وجمع التبرعات للحركة الصهيونية، وتصديقها في الدعاية الإمبريالية الصهيونية تلك الفترة التي صوّرت "إسرائيل" على أنّها دولة محاطة بأعداءٍ عرب. بحلول أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات، ركّز نشاط دوركين بشكلٍ أكبر على القضايا النسوية والمناهضة للنظام الأبوي، وأصبحت شخصيةً بارزة في الحركة النسوية. كما خضعت آرائها حول الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني لتحولات كبيرة في تلك الفترة أيضًا، إذ بدأت في التساؤل عن سياسات الحكومة الإسرائيلية وأفعالها تجاه الشعب الفلسطيني، وأعربت عن مخاوفها بشأن انتهاكات حقوق الإنسان التي يتعرض لها الفلسطينيون، وانتقدت الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وتهجير وتهميش الفلسطينيين، والأعمال العسكرية التي تقوم بها حكومة الاحتلال. استمرت وجهات نظر دوركين في التغير بعد مشاركتها في مؤتمر نسوي في إسرائيل عام ١٩٨٨، حيث تعرّفت على ناشطة نسوية فلسطينية، وكان لقائهما نُقطة تحول في إدراكها الظلم الذي يواجهه الشعب الفلسطيني من قِبل الاحتلال. إلا أن دوركين لم تقابل أو تتحدث مع نساء فلسطينيات أخريات يعشن تحت الاحتلال، فكانت كتابتها عن تجارب النساء الفلسطينيات سطحية تميل لتكون استشراقية وحتى عنصرية. فشلت أندريا دوركين في فهم السياق الفلسطيني وجرّدت النساء الفلسطينيات اللاتي اتجهن للمقاومة المسلحة من اختياراتهن، ودافعت عن النسوية الإمبريالية وروّجت لرواية تربط مشاركة المرأة الفلسطينية في المقاومة ضدّ المُحتل لأسبابٍ شخصية ونفسية ودينية. إذ تُصور دوركين في كتاباتها النساء الفلسطينيات المنخرطات في الكفاح المسلح على أنهن يسعين للانتقام وارتكاب "تفجيراتٍ انتحارية" كوسيلة لاسترداد شرف أُسرِهن، حيث كتبت "يتُقن هذه النساء إلى ارتكابِ عملٍ إرهابي خالص من شأنه أن يمحو وصمة العار عن كونهن إناث بعد كُل ما تعرضن له من اعتداءٍ جنسي من قبل رجالهن وتهدديهن بالقتل" <ref> The Women Suicide Bombers، أندريا دوركين، نشر Feminista في 2002.</ref>، وتصف أعمالهن المُقاوِمة بأنها إجراءاتٌ ضرورية تُقدمها المرأة المُغتصبة كمقايضة تُقدمها أملًا في أن تحصل على مرتبة أعلى، أي كشهيدة، باعتبار أنّ هذه الأعمال المقاومة تُعيد الشرف الشخصي وترفع من المكانة الاجتماعية- الموت مُقابل استعادة شرف العائلة. هكذا بذلك، تختزل أعمال المقاومة المعقدة والمتعددة الأوجه إلى دوافع سطحية، وتتجاهل السياق السياسي الأوسع للاستعمار والقمع الاحتلالي. لا يُرسخ هذا النهج الاختزالي صُورًا نمطية فحسب، بل يحرِم النساء الفلسطينيات من حقهن في تقرير المصير ونضالهن من أجل التحرر. | تتأمل [[أندريا دوركين]]، كاتبة وناقدة نسوية راديكالية أميريكية، في مقالتها "[http://www.nostatusquo.com/ACLU/dworkin/IsraelI.html إسرائيل: بلد مَن هي على أي حال؟]" التي نُشرت عام ١٩٩٠ في نشأتها كيهودية في الولايات المتحدة وانغماسها المبكر في الأيديولوجية الصهيونية. إذ تُقر بمشاركتها في دعم إسرائيل من خلال أنشطة مُختلفة مثل الذهاب إلى المدارس العبرية، وجمع التبرعات للحركة الصهيونية، وتصديقها في الدعاية الإمبريالية الصهيونية تلك الفترة التي صوّرت "إسرائيل" على أنّها دولة محاطة بأعداءٍ عرب. بحلول أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات، ركّز نشاط دوركين بشكلٍ أكبر على القضايا النسوية والمناهضة للنظام الأبوي، وأصبحت شخصيةً بارزة في الحركة النسوية. كما خضعت آرائها حول الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني لتحولات كبيرة في تلك الفترة أيضًا، إذ بدأت في التساؤل عن سياسات الحكومة الإسرائيلية وأفعالها تجاه الشعب الفلسطيني، وأعربت عن مخاوفها بشأن انتهاكات حقوق الإنسان التي يتعرض لها الفلسطينيون، وانتقدت الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وتهجير وتهميش الفلسطينيين، والأعمال العسكرية التي تقوم بها حكومة الاحتلال. استمرت وجهات نظر دوركين في التغير بعد مشاركتها في مؤتمر نسوي في إسرائيل عام ١٩٨٨، حيث تعرّفت على ناشطة نسوية فلسطينية، وكان لقائهما نُقطة تحول في إدراكها الظلم الذي يواجهه الشعب الفلسطيني من قِبل الاحتلال. إلا أن دوركين لم تقابل أو تتحدث مع نساء فلسطينيات أخريات يعشن تحت الاحتلال، فكانت كتابتها عن تجارب النساء الفلسطينيات سطحية تميل لتكون استشراقية وحتى عنصرية. فشلت أندريا دوركين في فهم السياق الفلسطيني وجرّدت النساء الفلسطينيات اللاتي اتجهن للمقاومة المسلحة من اختياراتهن، ودافعت عن النسوية الإمبريالية وروّجت لرواية تربط مشاركة المرأة الفلسطينية في المقاومة ضدّ المُحتل لأسبابٍ شخصية ونفسية ودينية. إذ تُصور دوركين في كتاباتها النساء الفلسطينيات المنخرطات في الكفاح المسلح على أنهن يسعين للانتقام وارتكاب "تفجيراتٍ انتحارية" كوسيلة لاسترداد شرف أُسرِهن، حيث كتبت "يتُقن هذه النساء إلى ارتكابِ عملٍ إرهابي خالص من شأنه أن يمحو وصمة العار عن كونهن إناث بعد كُل ما تعرضن له من اعتداءٍ جنسي من قبل رجالهن وتهدديهن بالقتل" <ref> The Women Suicide Bombers، أندريا دوركين، نشر Feminista في 2002.</ref>، وتصف أعمالهن المُقاوِمة بأنها إجراءاتٌ ضرورية تُقدمها المرأة المُغتصبة كمقايضة تُقدمها أملًا في أن تحصل على مرتبة أعلى، أي كشهيدة، باعتبار أنّ هذه الأعمال المقاومة تُعيد الشرف الشخصي وترفع من المكانة الاجتماعية- الموت مُقابل استعادة شرف العائلة. هكذا بذلك، تختزل أعمال المقاومة المعقدة والمتعددة الأوجه إلى دوافع سطحية، وتتجاهل السياق السياسي الأوسع للاستعمار والقمع الاحتلالي. لا يُرسخ هذا النهج الاختزالي صُورًا نمطية فحسب، بل يحرِم النساء الفلسطينيات من حقهن في تقرير المصير ونضالهن من أجل التحرر. |