تغييرات

اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
سطر 23: سطر 23:  
اهتّم [https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A5%D8%AF%D9%88%D8%A7%D8%B1%D8%AF_%D8%B3%D8%B9%D9%8A%D8%AF إدوارد سعيد]، مُفكّر فلسطيني-أمريكي-، في كتابه "الاستشراق" بتمثيل "الشرق" في سياق الخطاب الاستعماري  في المقام الأول، ولم يتطرق بشكلٍ مباشر إلى قضايا النوع الاجتماعي. ركز تحليله على بناء "الآخر" وديناميكيات القوة المُسيطرة على إنتاج المعرفة في السياق الاستعماري. بينما يُعتبر عمل سعيد رائدًا في كشف التحيزات الاستشراقية والقوالب النمطية التي يُرسّخها عُلماء ومُفكري الغرب الامبريالي، إلا أنه لم يتعمق في دراسة الأبعاد الجندرية للاستعمار وآثاره على نساءِ مجتمعات ما بعد الاستعمار. اعترفت نسويّات ما بعد الاستعمار بقصور سعيد هذا، وبناءً على الإطار المعرفي التأسيسي له، بحثن في الدور المحوري الذي لعبته العلاقات الجندرية في المشروع الاستعماري وتأثيراته على النساء في مجتمعات ما بعد الاستعمار. إذ سلّطت هذه النسويات الضوء على الآثار المؤذية التي تسبّبت بها المفاهيم الغربية عن الأنوثة على تجارب النساء في المناطق المستعمرة، حيثُ فشل الفكر النسوي الغربي في تحليل الصراعات والنضالات المُختلفة والفريدة لهذه النساء مُوديًا لمحو تاريخٍِ ضخم من حركات الشعوب الأصلية النسوية. كشفت أبحاث وتحليلات نسويّات ما بعد الاستعمار عن كيفية تعزيز الاستعمار للهيكليّة الأبوية داخل المجتمعات المُستعمَرة عن علاقة متشابكة بين الاضطهاد الجندري والمساعي الاستعمارية. لطالما كان إخضاع النساء وتهميشها وسيلة تستخدمها الأنظمة الاستعمارية لتوسيع مساعيها، الأمر الذي ترتّب عليه استمرار الأعراف والممارسات القمعية. أمّا النسويّات الغربيات، فصوّرن النساء المُستعَمرات على أنهن ضحايا خاضعات لا حول لهُّون ولا قُوّة. استخدمت القوى الاستعمارية الهياكل الأبوية للحفاظ على السيطرة على المجتمعات المستعمرة، حادّةً بذلك من مشاركة المرأة في الحياة العامة والسياسية بشكلٍ كبير، وأعاقت هذه التبعية البُنيويّة وصول المرأة إلى الفرص التعليمية والاقتصادية، ومدّدت بذلك اعتمادها على أصحاب السلطة الذكورية. ونتيجةً لذلك، قوبلت حركات المقاومة النسائية والجهود المبذولة لتحدي الهياكل القمعية بمُعاندة من القوى الاستعمارية والأبويّة داخل مجتمعاتهن.
 
اهتّم [https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A5%D8%AF%D9%88%D8%A7%D8%B1%D8%AF_%D8%B3%D8%B9%D9%8A%D8%AF إدوارد سعيد]، مُفكّر فلسطيني-أمريكي-، في كتابه "الاستشراق" بتمثيل "الشرق" في سياق الخطاب الاستعماري  في المقام الأول، ولم يتطرق بشكلٍ مباشر إلى قضايا النوع الاجتماعي. ركز تحليله على بناء "الآخر" وديناميكيات القوة المُسيطرة على إنتاج المعرفة في السياق الاستعماري. بينما يُعتبر عمل سعيد رائدًا في كشف التحيزات الاستشراقية والقوالب النمطية التي يُرسّخها عُلماء ومُفكري الغرب الامبريالي، إلا أنه لم يتعمق في دراسة الأبعاد الجندرية للاستعمار وآثاره على نساءِ مجتمعات ما بعد الاستعمار. اعترفت نسويّات ما بعد الاستعمار بقصور سعيد هذا، وبناءً على الإطار المعرفي التأسيسي له، بحثن في الدور المحوري الذي لعبته العلاقات الجندرية في المشروع الاستعماري وتأثيراته على النساء في مجتمعات ما بعد الاستعمار. إذ سلّطت هذه النسويات الضوء على الآثار المؤذية التي تسبّبت بها المفاهيم الغربية عن الأنوثة على تجارب النساء في المناطق المستعمرة، حيثُ فشل الفكر النسوي الغربي في تحليل الصراعات والنضالات المُختلفة والفريدة لهذه النساء مُوديًا لمحو تاريخٍِ ضخم من حركات الشعوب الأصلية النسوية. كشفت أبحاث وتحليلات نسويّات ما بعد الاستعمار عن كيفية تعزيز الاستعمار للهيكليّة الأبوية داخل المجتمعات المُستعمَرة عن علاقة متشابكة بين الاضطهاد الجندري والمساعي الاستعمارية. لطالما كان إخضاع النساء وتهميشها وسيلة تستخدمها الأنظمة الاستعمارية لتوسيع مساعيها، الأمر الذي ترتّب عليه استمرار الأعراف والممارسات القمعية. أمّا النسويّات الغربيات، فصوّرن النساء المُستعَمرات على أنهن ضحايا خاضعات لا حول لهُّون ولا قُوّة. استخدمت القوى الاستعمارية الهياكل الأبوية للحفاظ على السيطرة على المجتمعات المستعمرة، حادّةً بذلك من مشاركة المرأة في الحياة العامة والسياسية بشكلٍ كبير، وأعاقت هذه التبعية البُنيويّة وصول المرأة إلى الفرص التعليمية والاقتصادية، ومدّدت بذلك اعتمادها على أصحاب السلطة الذكورية. ونتيجةً لذلك، قوبلت حركات المقاومة النسائية والجهود المبذولة لتحدي الهياكل القمعية بمُعاندة من القوى الاستعمارية والأبويّة داخل مجتمعاتهن.
   −
كما كان ل[[غاياتري سبيفاك|غاياتري شاكرافورتي سبيفاك]]، مفُكرة نسوية بارزة في فترة ما بعد الاستعمار، تأثيرٌ كبير على تطور حركة نسويّة ما بعد الاستعمار. إذ بحثت سبيفاك في مقالها "[http://cup.columbia.edu/book/can-the-subaltern-speak/9780231143851#:~:text=Gayatri%20Chakravorty%20Spivak's%20original%20essay,division%20of%20labor%20and%20capitalism's%20%22 هل يستطيع التابع أن يتكلم؟]", وهو أحدّ أهم المصادر البحثية التي تُحلّل نقديًا موضوع تهميش الأصوات المُصنفة على أنها تابعة أو من درجةٍ دُنيا، ولا سيما أصوات النساء في المجتمعات الاستعمارية وما بعد الاستعمار. يشير مصطلح "التابع" هُنا إلى الأفراد أو الجماعات المهمشة اجتماعيًا وسياسيًا واقتصاديًا، وغالبًا ما يتم استبعاد مُشاركتهم في الخطابات السائدة. يدرُس مقال سبيفاك بعمق الطرق التي أُسكِتت بها أصوات النساء التابعات، ومُحيت بها تجاربهن من قِبل السلطات الاستعمارية والأنظمة الأبوية. تتحدى سبيفاك في مقالها هذا وجهات النظر الأوروبية التي لطالما هيمنت على الخطاب النسوي، وتدعو إلى تحليل نسوي أكثر شمولًا وتقاطعية. كما تُسلط الضوء على قيود الأطر النسوية الغربية التي تميل إلى مُجانسة تجارب النساء من خلفيات ثقافية وجغرافية متنوعة، متجاهلةً بذلك الخصوصيات المُحيطة بمُختلف النضالات التي تخوضها النساء في جنوب الكرة الأرضية. تتطرّق سبيفاك هُنا إلى تعقيدات التمثيل ومدى قُدرة النساء التابعات في السياقات الاستعمارية وما بعد الاستعمار على إعلاء أصواتهن، وتطرحُ أسئلةً مهمة حول من يملك السلطة للتحدُث نيابةً عن الجماعات المُهمشة، وكيف قد يكون لذلك أثرًا سلبيًا يُساهم في إستمرار ذلك التهميش. إذ أنّ تحدُث أصحاب الامتيازات من أفرادٍ وجماعات -وهم غالبًا من أوساطٍ ثقافية أو أكاديمية نخبوية- باسم التابع الأضعف، فإنّهم بذلك قد يعززون عن غير قصد ديناميكيات السُلطة الحالية. وبالتالي، قد يُصبح فعل التمثيل هذا وسيلةً للسيطرة كونه يسمح لأصحاب القوّة بالتحكم في روايات وتجارب أولئك مِمّن أُسكِتوا واضطُهِدوا على مرّ التاريخ. لذلك، فإنّ سبيفاك تُجادل بأهميّة السماح للمرأة التابعة بالتحدّث عن نفسها بنفسها، مُستعيدًة بذلك حقها في استرداد قُدرتها المسلوبة على سرد روايتها التي لطالما هُمشت وشُوّهت.
+
كما كان ل[[غاياتري سبيفاك|غاياتري شاكرافورتي سبيفاك]]، مفُكرة نسوية بارزة في فترة ما بعد الاستعمار، تأثيرٌ كبير على تطور حركة نسويّة ما بعد الاستعمار. إذ بحثت سبيفاك في مقالها "[http://cup.columbia.edu/book/can-the-subaltern-speak/9780231143851#:~:text=Gayatri%20Chakravorty%20Spivak's%20original%20essay,division%20of%20labor%20and%20capitalism's%20%22 هل يستطيع التابع أن يتكلم؟]", وهو أحدّ أهم المصادر البحثية التي تُحلّل نقديًا موضوع تهميش الأصوات المُصنفة على أنها تابعة أو من درجةٍ دُنيا، ولا سيما أصوات النساء في المجتمعات الاستعمارية وما بعد الاستعمار. يشير مصطلح "التابع" هُنا إلى الأفراد أو الجماعات المهمشة اجتماعيًا وسياسيًا واقتصاديًا، وغالبًا ما يتم استبعاد مُشاركتهم في الخطابات السائدة. يدرُس مقال سبيفاك بعمق الطرق التي أُسكِتت بها أصوات النساء التابعات، ومُحيت بها تجاربهن من قِبل السلطات الاستعمارية والأنظمة الأبوية. تتحدى سبيفاك في مقالها هذا وجهات النظر الأوروبية التي لطالما هيمنت على الخطاب النسوي، وتدعو إلى تحليل نسوي أكثر شمولًا وتقاطعية. كما تُسلط الضوء على قيود الأطر النسوية الغربية التي تميل إلى مُجانسة تجارب النساء من خلفيات ثقافية وجغرافية متنوعة، متجاهلةً بذلك الخصوصيات المُحيطة بمُختلف النضالات التي تخوضها النساء في جنوب الكرة الأرضية. تتطرّق سبيفاك هُنا إلى تعقيدات التمثيل ومدى قُدرة النساء التابعات في السياقات الاستعمارية وما بعد الاستعمار على إعلاء أصواتهن، وتطرحُ أسئلةً مهمة حول من يملك السلطة للتحدُث نيابةً عن الجماعات المُهمشة، وكيف قد يكون لذلك أثرًا سلبيًا يُساهم في إستمرار ذلك التهميش. إذ أنّ تحدُث أصحاب الامتيازات من أفرادٍ وجماعات -وهم غالبًا من أوساطٍ ثقافية أو أكاديمية نخبوية- باسم التابع الأضعف، فإنّهم بذلك قد يعززون عن غير قصد ديناميكيات السُلطة الحالية. وبالتالي، قد يُصبح فعل التمثيل هذا وسيلةً للسيطرة كونه يسمح لأصحاب القوّة بالتحكم في روايات وتجارب أولئك مِمّن أُسكِتوا واضطُهِدوا على مرّ التاريخ. لذلك، فإنّ سبيفاك تُجادل بأهميّة السماح للمرأة التابعة بالتحدّث عن نفسها بنفسها، مُستعيدًة بذلك حقها في استرداد قُدرتها المسلوبة على سرد روايتها التي لطالما هُمشت وشُوّهت. شكّلت أفكار سبيفاك الأجيال اللاحقة من مُفكرات نسويّة ما بعد الاستعمار، دافعةً إيّاهم لمواجهة موروثات الاستعمار والإمبريالية في مجالات الممارسات البحثية والأكاديمية والنسوية، حيث تدعو لتحليلٍ نسوي مُتحرّر من آثار الاستعمار عليه، والتعرّف على التحيزات الاستعمارية والأُطر التي تتمركز حول التجربة والتي غالبًا ما شكّلت الخطابات النسوية السائدة وتفكيكها.
    
===الأحداث والحركات والممارسات===  
 
===الأحداث والحركات والممارسات===  
131

تعديل

قائمة التصفح