تغييرات

اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
سطر 30: سطر 30:       −
ووفقًا لنظام النقد المتمثل في البيان، ونظرًا إلى أساليب الكتابة وتذوقها في تراث الأدب العربي، فإن الأسلوب الأنثوي شاعري رومانسي؛ يصف المشاعر والأشواق ولا يخجل من الحديث عن النقص والافتقار من جهة، ويزين ويطيل ويفصّل من ناحية أخرى فيصبح إفراطًا في الزينة كما النساء، كما أن الزيادة مخيفة كما التعبير عن النقص لأنها "تهدد باضمحلال الأساسي والحقيقي" (صفحة 48). وتقول رجاء بأن سمات الأنثوي تمحورت حول ثنائية اللفظ (التابع والأقل أهمية) والمعنى (الأكثر أهمية)، والمحسوس والمعقول، والجسد والروح. كما تجر هذه الثنائيات لتطبقها على الثنائية القديمة المتعلقة بالذكر الفاعل والمرأة الوعاء السلبي المفعول به، بالإضافة إلى ثنائية المادة والصورة. وتقدم مجموعة من الثنائيات التي تدل على الأنثوي في مقابل الذكوري ومنها:
+
ووفقًا لنظام النقد المتمثل في البيان، ونظرًا إلى أساليب الكتابة وتذوقها في تراث الأدب العربي، فإن الأسلوب الأنثوي شاعري رومانسي؛ يصف المشاعر والأشواق ولا يخجل من الحديث عن النقص والافتقار من جهة، ويزين ويطيل ويفصّل من ناحية أخرى فيصبح إفراطًا في الزينة كما النساء، كما أن الزيادة مخيفة كما التعبير عن النقص لأنها "تهدد باضمحلال الأساسي والحقيقي" (صفحة 48). وتقول رجاء بأن سمات الأنثوي تمحورت حول ثنائية اللفظ (التابع والأقل أهمية) والمعنى (الأكثر أهمية)، والمحسوس والمعقول، والجسد والروح. كما تجر هذه الثنائيات لتطبقها على الثنائية القديمة المتعلقة بالذكر الفاعل والمرأة الوعاء السلبي المفعول به، بالإضافة إلى ثنائية المادة والصورة. وعليه، اعتبر الرجال الذين استخدموا السمات الأنثوية في كتابتهم أقل فحولة من غيرهم من الرجال. وتقدم الكاتبة مجموعة من الثنائيات التي تدل على الأنثوي في مقابل الذكوري ومنها:
 
{| class="wikitable"
 
{| class="wikitable"
 
|-
 
|-
سطر 51: سطر 51:  
| الافتقار || الامتلاء
 
| الافتقار || الامتلاء
 
|}
 
|}
 +
 +
 +
تشير الكاتبة إلى أن هذه القيم والثنائيات التي تدلل على وجود [[المركزية القضيبية]] ما زالت فاعلة، وموجودة أيضًا في الدراسات التي تدافع عما تكتبه النساء وتفترض وجود كتابة نسائية متفردة. تقول الكاتبة "إنها دراسات تدافع عن المرأة فيفلت منها الأنثوي، وتندد بسلطة الرجل فتفلت منها سلطة القيم القضيبية الخفية، وتحافظ على الثنائيات التي يقيمها النظام البياني، فتفلت منها الكتابة" (صفحة 51). وتوضح أكثر لاحقًا كيف أن هذه الدراسات تحرص على تحليل أسلوب المرأة بكونها أنثى، وكيف يكون موقعها ككاتبة، وما هي خصائص هذا النوع من الكتابة كوجود الكاتبة في دور المرسل، ورغبتها في رفض الدونية وإثبات الهوية، وأن الرجل في قصصها نادرًا ما يكون مساعدًا وعادةً ما يكون معارضًا وسلطويًا.
 +
 +
 +
وتطرح الكاتبة بعض الأسئلة المهمة برأيها تتحدّى هذا الطرح السيميائي للكتابة والذات الكاتبة أيًا كان نوعها؛ فتشير إلى أن الذات التي تكتب أكثر تعقيدًا من الشخصيات المسطحة المباشرة العاقلة، وتتساءل إن كانت هناك علاقات مختلفة عن ثنائية الرجل المعارض موضع الشوق والرجل المساعد الصديق، وأخيرًا تسأل إن كانت الكتابة إثباتًا للهوية أم بحثًا عنها وتجريبًا لمحنة الافتقار لها، "فالذات الكاتبة ليست ممتلئة، عارفة بنفسها، ممتلكة لزمام أمرها، وإلا فلماذا تكتب؟" (صفحة 53). ثم تسير إلى طرح أن الاختلاف أهم من المختلفين، وأنه من المطلوب التخلي عن هذه الثنائيات والنظر إلى جوهر الموضوع وهو الإنتاج الأدبي والكتابي. كما أن الشعر والكتابة يأتيان من النقص والافتقار، وقد كان أهم شعراء العرب يلجأوون للخلوة والترحال والصحراء والليل، بكل ما فيهم من حساسية وهشاشة أحيانًا، لاستلهام أفكارهم إذا ما انسد باب الشعر.
 +
 +
وبنهاية المقال، تصل الكاتبة إلى فكرة الأندروجين التي يحملها عنوان الفصل، فتتحدث عن أن الكتابة تأتي من خواء ومن انشطار أيضًا، وأنه إذا كان هناك أصل للإنسان فهو ليس ذكرًا أو أنثى بس انشطار الإنسان إلى ذكر وأنثى، ما يشبه الصورة الأسطورية المتمثلة في الأندروجين والتي وردت في خطاب أريستوفان في المأدبة، وتتحدث عن كائنات الأندروجين مزدوجة الجنس والتي شطرها الإله زوس عقابًا لها لتطاولها على الآلهة، ولقوتها الكبيرة وقدرتها على الحركة. وبعد هذا الانشطار أصبح كل قسم يبحث عن قسمه الآخر ليتحد به. وهنا تطبق الكاتبة نفس البحث في الكتابة ولو يمكن أن لا نشطر الذات إلى الكاتب وما يكتبه خارجه، بل أن يكون في الداخل، أي هناك قسمين داخل الذات، أو انقسام متواصل، وعدد لا يحصى من القسماء.
 +
 +
وتختم الكاتبة: "ما تعتل به الكتابة، هو ما تعتل به الحرية: أي الامتلاء والاكتمال، ونبذ الشوق والافتقار، وتشيؤ المطلوب وغلقه عمّا يأت بعد، فالامتلاء تخمة وانسداد كما في صور الشعراء الجارين وراء الشعر. لا بد للمتلئ من حركة شوقية تدفعه إلى دق باب الممكن لينفتح باب الغيري واللامتوقع: باب الكتابة والحرية" (صفحة 56).
    
=== الفصل الثالث: حجاب المرأة قديمًا وحديثًا: محاولة تفكيك وتحويل الأسئلة ===
 
=== الفصل الثالث: حجاب المرأة قديمًا وحديثًا: محاولة تفكيك وتحويل الأسئلة ===
1٬327

تعديل

قائمة التصفح