أُضيف 5٬371 بايت
، قبل 6 سنوات
{{بيانات وثيقة
|نوع الوثيقة= مقالة رأي
|مؤلف=رواند عيسى
|محرر=
|لغة=ar
|ترجمة=
|المصدر=شباب السفير
|تاريخ النشر= 2015-03-17
|تاريخ الاسترجاع= 2018-07-07
|مسار الاسترجاع=http://shabab.assafir.com/Article/12376
|نسخة أرشيفية=
|هل ترجمة=
|مترجم=
|لغة الأصل=
|العنوان الأصلي=
|النص الأصلي=
|ملاحظة= نشرت هذه المقالة ضمن ملف "[http://shabab.assafir.com/Article/12375 أمّهات المستقبل]" على موقع شباب السفير
|قوالب فرعية=
}}
----
أول شعور يجتاحني عندما يرن المنبّه في الصباح هو الرغبة بالبكاء، تليه محاولات إقناع نفسي بأنني هنا على قيد الحياة بإرادتي، وبأنّه رغم إيماني بلا جدوى الحياة فإنّ التجارب التي خضتها حتى الآن غير كافية لأقرّر إنهاء وجودي. على الأقل، أنا أعرف أن وضعي هذا لن يستمر، أظنه مربوطاً بالمرحلة السخيفة التي أعيشها، "أوائل العشرينيات وأزمة البحث عن هوية". لدي شعور يتطوّر بأنني لن أجد هويتي، سأظل أتخبط هكذا طوال حياتي، لكني سأعتاد على الأمر، وسأتعلّم أن أحبّه، ربّما. الأمر غير مربوط فقط بالهوية، هناك مليون "ضربة سخنة"، لكنّني مللت من ذكر الأسباب. من السهل ربط مشاعري الكئيبة بوصف سرياليّ كـ "أزمة البحث عن هوية". مثلاً:
- لمَ أنت حزينة؟
- عمري اثنان وعشرون.
- آه فهمت.
في البكالوريا، اكتشفت في درس العلوم أنّه يمكن للمرأة بعملية بسيطة أن تسدّ قناة اسمها الـ "فالوب"، وبذلك تمنع البويضات من الهروب من المبيض إلى الرحم، يعني لا حمل مدى الحياة. عشقت الفكرة، ووعدت نفسي بإقامة هذه العمليّة حين يصبح لديّ المال الكافي لها، قبل أن أكبر وأُجنّ وأقع في الحب، وأقرر على غفلة أنّني أريد أن أصير أماً. فعلاً ما الفائدة من التكاثر؟ ولو أن فكرة الإنجاب تبدو كقوّة خارقة سحرية، لكنّها أنانيّة! لمَ أريد الإنجاب؟ كي أشعر [[أمومة|بالأمومة]]؟ كي أعطي لحياتي معنى؟ وماذا عن الإنسان الذي سآتي به إلى الحياة من دون خياره ليستيقظ كل صباح ويسأل عن معنى وجوده؟
بالطبع لقصة ولادتي أثر على قراري، لقد أتيتُ عن طريق "الخطأ"، لم يخطّط أهلي لإنجابي. وأمّي عندما اكتشفت أنّها حامل بي، حاولت التخلّص مني مرّات عدة، لكنّني كنت جنيناً عنيداً. أنجبتني في مستشفى رديء، ووصلت هي إلى حافة الموت قبل أن أخرج من أحشائها، أمّا أنا فولدت زرقاء اللون، مخنوقة، بلا نبض. أنقذنا الطبيب، وعشنا. لا أتذكر متى تعرّفت إلى هذه القصّة، لكنّني أعرفها منذ بدأت أفهم "بعض" الأشياء من حولي. لم أفهم قط لمَ أصرّت أمي أن تخبرني هذه القصّة مراراً وتكراراً حين كنت طفلة، كانت دوماً تقول: "جيتي بالغلط!"، وتضحك. لم أكن أفهم "الغلط" حينها، لكنّني كنت أربطه مباشرةً بوجودي. هل هذه بداية حياة مشرّفة مثلاً؟ كان والداي يريدان ممارسة الجنس فقط، القليل من المتعة، لكن لا، أرادت غريزة البقاء أن تعاقبهم بي، أن تحشرني في حياتهم غصباً عنهم. أيّ نوع من الكائنات المزعجة أنا؟
بالطبع سأمتنع عن الإنجاب! لكن، وبعد شهرٍ واحدٍ من القرار الحاسم أحببت شاباً مزعجاً أكثر مني، وأقنعني بأنّ فكرتي سخيفة، وقررنا أنّ أول طفلٍ لنا سيكون أسمه يسار. عندما انفصلت عن أبو يسار الثرثار، عادت فكرتي الجهنميّة بقمع غريزة التكاثر لديّ بسدّ الـ "فالوب". لكن مع الوقت، بدأت تندثر هذه الفكرة رويداً رويداً، ربما لأني وصلت إلى مرحلة لا أثق فيها بقراراتي تماماً، الشكّ في كل شيء أكل عقلي. بدأت أخاف من إبقاء أفكاري القديمة، خصوصاً في فترة المتاهة التي أعيشها هذه. ثم قد يكون الإنجاب والتكاثر يقرّبنا أكثر من التطوّر إلى جنس أفضل. علّه تسنح للأرض فرصة أن تحتوي كائناتٍ أرقى منّا، أيعقل مثلاً أن أقف في وجه نظرية التطوّر؟