سطر 43: |
سطر 43: |
| بعد وفاة ماركس استخدم إنجلز بعض ملاحظاته الإثنولوجية لكتابة كتاب أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة، الذي درس ظهور اضطهاد المرأة كمنتج لصعود المجتمع الطبقي والأسرة النواة.<ref>[1][1] الأسرة النواة Nuclear Family: مصطلح يطلق على الأسرة المكونة من الزوجين وأبنائهما فقط، تمييزاً عن نمط الأسر الناتجة عن الزواج المتعدد، أو الأسر الأحادية التي تتكون من أحد الأبوين فقط، وأيضاً عن الأسر الممتدة التي تتكون من الجدين والأبوين والأعمام وأولاد العمومة .. الخ.</ref> مهما تكن التنقيحات التي أصبحت لازمة لتحديث كتاب إنجلز، إلا أن الكتاب كان رائداً في وقته كمساهمة في فهم اضطهاد المرأة، لاسيما أن إنجلز كان يكتب في إنجلترا العصر الفيكتوري؛ الذي كان بالكاد عصر تنوير بالنسبة لوضع المرأة. | | بعد وفاة ماركس استخدم إنجلز بعض ملاحظاته الإثنولوجية لكتابة كتاب أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة، الذي درس ظهور اضطهاد المرأة كمنتج لصعود المجتمع الطبقي والأسرة النواة.<ref>[1][1] الأسرة النواة Nuclear Family: مصطلح يطلق على الأسرة المكونة من الزوجين وأبنائهما فقط، تمييزاً عن نمط الأسر الناتجة عن الزواج المتعدد، أو الأسر الأحادية التي تتكون من أحد الأبوين فقط، وأيضاً عن الأسر الممتدة التي تتكون من الجدين والأبوين والأعمام وأولاد العمومة .. الخ.</ref> مهما تكن التنقيحات التي أصبحت لازمة لتحديث كتاب إنجلز، إلا أن الكتاب كان رائداً في وقته كمساهمة في فهم اضطهاد المرأة، لاسيما أن إنجلز كان يكتب في إنجلترا العصر الفيكتوري؛ الذي كان بالكاد عصر تنوير بالنسبة لوضع المرأة. |
| | | |
− | في الحقيقة، يجب الإشارة إلى الاهتمام الشديد في”أصل العائلة” الذي أعطاه إنجلز للجوانب الشخصية لاضطهاد المرأة داخل الأسرة، بما في ذلك الإذلال الشديد الذي تعاني منه النساء على أيدي أزواجهن، مع درجة من اللا مساواة لم تكن معروفة في المجتمعات ما قبل الطبقية. سمى إنجلز صعود الأسرة النواة “هزيمة العالم التاريخية لجنس النساء“. على الرغم من أن ملاحظات ماركس ترجح أن هذه الهزيمة التاريخية العالمية بدأت تحدث على مدى فترة أطول من الزمن – سبقت المجتمع الطبقي وأدت إلى صعوده – فإن النتيجة النهائية هي انتكاسة هائلة لمساواة المرأة بالرجل. | + | في الحقيقة، يجب الإشارة إلى الاهتمام الشديد في”أصل العائلة” الذي أعطاه إنجلز للجوانب الشخصية لاضطهاد المرأة داخل الأسرة، بما في ذلك الإذلال الشديد الذي تعاني منه النساء على أيدي أزواجهن، مع درجة من اللا مساواة لم تكن معروفة في المجتمعات ما قبل الطبقية. سمى إنجلز صعود الأسرة النواة “هزيمة العالم التاريخية لجنس النساء“. على الرغم من أن ملاحظات ماركس ترجح أن هذه الهزيمة التاريخية العالمية بدأت تحدث على مدى فترة أطول من الزمن – سبقت المجتمع الطبقي وأدت إلى صعوده – فإن النتيجة النهائية هي انتكاسة هائلة ل[[مساواة النوع الاجتماعي|مساواة]] المرأة بالرجل. |
| | | |
− | علاوة على ذلك جادل إنجلز بصراحة أن الاغتصاب والعنف ضد النساء متأصل في الأسرة منذ بدايتها: | + | علاوة على ذلك جادل إنجلز بصراحة أن الاغتصاب و[[عنف ضد النساء|العنف ضد النساء]] متأصل في الأسرة منذ بدايتها: |
| | | |
| “أخذ الزوج دفة القيادة في البيت أيضاً؛ وحرمت الزوجة من مركزها المشرف، واستعبدت، غدت عبدة رغبات زوجها الجنسية، ومجرد أداة لإنتاج الأطفال .. من أجل ضمان إخلاص الزوجة، وبالتالي ضمان أبوة الأطفال، فإنها تسلم لسلطة زوجها دون قيد أو شرط؛ فإن قتلها، فهو لا يفعل غير أن يمارس حقه.” | | “أخذ الزوج دفة القيادة في البيت أيضاً؛ وحرمت الزوجة من مركزها المشرف، واستعبدت، غدت عبدة رغبات زوجها الجنسية، ومجرد أداة لإنتاج الأطفال .. من أجل ضمان إخلاص الزوجة، وبالتالي ضمان أبوة الأطفال، فإنها تسلم لسلطة زوجها دون قيد أو شرط؛ فإن قتلها، فهو لا يفعل غير أن يمارس حقه.” |
سطر 62: |
سطر 62: |
| حتى يومنا هذا، تمثل المطالب المتعارضة للعمل والأسرة المصدر الرئيسي للضغوط على جميع الأمهات العاملات؛ لكن على وجه الخصوص في أسر الطبقة العاملة، التي لا تستطيع تحمل استئجار آخرين للمساعدة في الغسيل، والأعمال المنزلية والطبخ وغيرها من الأعمال المنزلية الروتينية. | | حتى يومنا هذا، تمثل المطالب المتعارضة للعمل والأسرة المصدر الرئيسي للضغوط على جميع الأمهات العاملات؛ لكن على وجه الخصوص في أسر الطبقة العاملة، التي لا تستطيع تحمل استئجار آخرين للمساعدة في الغسيل، والأعمال المنزلية والطبخ وغيرها من الأعمال المنزلية الروتينية. |
| | | |
− | من أجل دعم الأسرة، فأن أيديولوجية الطبقة الحاكمة تجبر كل من النساء والرجال على الانضمام إلى ترسيم صارم لأدوار كل جنس؛ بما في ذلك المثل الأعلى لربة المنزل المربية بالنسبة للنساء، والتابعة لمن يعيل الأسرة من الذكور، بغض النظر عن ضآلة ما يعكسه هذا المثل من الواقع الحقيقي لحياة أفراد الطبقة العاملة. منذ السبعينات، كانت الغالبية العظمى من النساء جزءً من قوة العمل، إلا أن هذه الصور المثالية للعائلة وافتراض أن المرأة هي الأكثر ملائمة للمسؤوليات المنزلية داخل الأسر مازالت مستمرة. إن دور النساء كعاملات رعاية داخل الأسرة يقلل من وضعهن إلى مواطنين من الدرجة الثانية في المجتمع ككل، لأن مسئوليتهن الأساسية – ومساهمتهن العظمى – من المفترض أن تكون خدمة احتياجات أسرهن الفردية. | + | من أجل دعم الأسرة، فأن أيديولوجية الطبقة الحاكمة تجبر كل من النساء والرجال على الانضمام إلى ترسيم صارم [[أدوار النوع الاجتماعي|لأدوار كل جنس]]؛ بما في ذلك المثل الأعلى لربة المنزل المربية بالنسبة للنساء، والتابعة لمن يعيل الأسرة من الذكور، بغض النظر عن ضآلة ما يعكسه هذا المثل من الواقع الحقيقي لحياة أفراد الطبقة العاملة. منذ السبعينات، كانت الغالبية العظمى من النساء جزءً من قوة العمل، إلا أن هذه الصور المثالية للعائلة وافتراض أن المرأة هي الأكثر ملائمة للمسؤوليات المنزلية داخل الأسر مازالت مستمرة. إن دور النساء كعاملات رعاية داخل الأسرة يقلل من وضعهن إلى مواطنين من الدرجة الثانية في المجتمع ككل، لأن مسئوليتهن الأساسية – ومساهمتهن العظمى – من المفترض أن تكون خدمة احتياجات أسرهن الفردية. |
| | | |
| لذلك فإن فهم دور الأسرة هو المفتاح لفهم المواطنة من الدرجة الثانية للمرأة في المجتمع، والإجابة على الأسئلة الأساسية: لماذا لازلنا نفتقر إلى حقوق دستورية متساوية من شأنها ضمان المساواة القانونية الأساسية للمرأة؟ لماذا هبطت النساء إلى دور الأداة الجنسية، الخاضعة لموافقة أو رفض الرجال؟ لماذا النساء اليوم لا يزلن يقاتلن من أجل الحق في السيطرة على أجسادهن وحياتهن الإنجابية؟ بدأ الأمر مع الأسرة، إلا أن تداعياته تمتد إلى ما هو أبعد من الحياة داخل الأسرة. | | لذلك فإن فهم دور الأسرة هو المفتاح لفهم المواطنة من الدرجة الثانية للمرأة في المجتمع، والإجابة على الأسئلة الأساسية: لماذا لازلنا نفتقر إلى حقوق دستورية متساوية من شأنها ضمان المساواة القانونية الأساسية للمرأة؟ لماذا هبطت النساء إلى دور الأداة الجنسية، الخاضعة لموافقة أو رفض الرجال؟ لماذا النساء اليوم لا يزلن يقاتلن من أجل الحق في السيطرة على أجسادهن وحياتهن الإنجابية؟ بدأ الأمر مع الأسرة، إلا أن تداعياته تمتد إلى ما هو أبعد من الحياة داخل الأسرة. |
سطر 184: |
سطر 184: |
| هؤلاء النسويات لم يلعبن فقط دوراً رئيسياً في تطوير النظرية الماركسية عن اضطهاد المرأة، لكن أيضاً في تذكيرنا أن الماركسية نظرية حية مازالت قيد التطور. وتعميق النظرية الماركسية والنسوية يعني أيضاً تعميق وتوسيع إمكانيات ممارستنا المستقبلية في النضال ضد اضطهاد المرأة. | | هؤلاء النسويات لم يلعبن فقط دوراً رئيسياً في تطوير النظرية الماركسية عن اضطهاد المرأة، لكن أيضاً في تذكيرنا أن الماركسية نظرية حية مازالت قيد التطور. وتعميق النظرية الماركسية والنسوية يعني أيضاً تعميق وتوسيع إمكانيات ممارستنا المستقبلية في النضال ضد اضطهاد المرأة. |
| | | |
− | أخيراً، أعتقد أنه من الضروري التأكيد على أننا بحاجة ليس فقط للنظرية الماركسية والنسوية، ولكن أيضاً للممارسة الماركسية والنسوية في النضال من أجل تحرير المرأة. هذه الممارسة يجب أن تتضمن بناء حزب ثوري، لأنه بدون حزب اشتراكي ثوري، لا يمكن أن يكون هناك ثورة اشتراكية ناجحة. | + | أخيراً، أعتقد أنه من الضروري التأكيد على أننا بحاجة ليس فقط للنظرية الماركسية [[نسوية|والنسوية]]، ولكن أيضاً للممارسة الماركسية والنسوية في النضال من أجل تحرير المرأة. هذه الممارسة يجب أن تتضمن بناء حزب ثوري، لأنه بدون حزب اشتراكي ثوري، لا يمكن أن يكون هناك ثورة اشتراكية ناجحة. |
| | | |
| على الرغم من أن ثورةً اشتراكية لا تحرر المرأة تلقائياً، فإنها تخلق الظروف المادية للقيام بذلك. ومن خلال العملية الثورية في كل مراحلها، من البداية حتى النهاية، فإن للثوريين، المتمسكين بتراث الحزب البلشفي، دور حاسم في مكافحة الاضطهاد، ليس فقط من الطبقات الأعلى، ولكن أيضاً داخل الطبقة العاملة. ليس هناك بديل لهذه العملية. جعل ماركس هذا واضحاً عندما قال: | | على الرغم من أن ثورةً اشتراكية لا تحرر المرأة تلقائياً، فإنها تخلق الظروف المادية للقيام بذلك. ومن خلال العملية الثورية في كل مراحلها، من البداية حتى النهاية، فإن للثوريين، المتمسكين بتراث الحزب البلشفي، دور حاسم في مكافحة الاضطهاد، ليس فقط من الطبقات الأعلى، ولكن أيضاً داخل الطبقة العاملة. ليس هناك بديل لهذه العملية. جعل ماركس هذا واضحاً عندما قال: |
سطر 190: |
سطر 190: |
| “إن الثورة أمر ضروري، ليس فقط لأن الطبقة الحاكمة لا يمكن الإطاحة بها بأي طريقة أخرى، ولكن لأن الطبقة التي ستطيح يمكنها فقط في قلب ثورة أن تنجح في تخليص نفسها من كل الحماقات القديمة لتصبح جاهزة لإقامة المجتمع الجديد.” | | “إن الثورة أمر ضروري، ليس فقط لأن الطبقة الحاكمة لا يمكن الإطاحة بها بأي طريقة أخرى، ولكن لأن الطبقة التي ستطيح يمكنها فقط في قلب ثورة أن تنجح في تخليص نفسها من كل الحماقات القديمة لتصبح جاهزة لإقامة المجتمع الجديد.” |
| | | |
− | لو كان دور الثوريين لا غنى عنه، لذا فأننا سنكون أكثر فاعلية بعدم الاستهانة بالتحديات التي نواجهها في النضال ضد التمييز على أساس الجنس داخل الطبقة العاملة، بل من خلال الاعتراف بهذه التحديات، وعلى هذا الأساس، يتم وضع إستراتيجية تهدف لإلقاء ثقل الطبقة العاملة بأكمله وراء هدف تحرير النساء. | + | لو كان دور الثوريين لا غنى عنه، لذا فأننا سنكون أكثر فاعلية بعدم الاستهانة بالتحديات التي نواجهها في النضال ضد [[تمييز على أساس الجنس|التمييز]] على أساس الجنس داخل الطبقة العاملة، بل من خلال الاعتراف بهذه التحديات، وعلى هذا الأساس، يتم وضع إستراتيجية تهدف لإلقاء ثقل الطبقة العاملة بأكمله وراء هدف تحرير النساء. |