تشكّل رواية فاطْمة: راويةٌ عن الجزيرة العربيّة نموذجًا عمّا يسمّيه صبري حافظ – مستعيرًا مصطلح إيلاين شووالتر<ref>تستخدم إيلاين شووالتر تعبيرَي الكتابة “الأنثوية” و”النسويّة” في دراستها التصنيفية للتقليد الأدبي الأنثوي في الرواية الإنكليزية (2001). ويحدّد صبري حافظ مراحل مشابهةً في دراسته التصنيفيّة للكتابة النسائيّة العربية (158). هناك بالطّبع بدائل عن الكتابات النسويّة البيضاء ومسارها، فالنسويّات اللواتي لا يأتين من خلفيّاتٍ أوروبيّةٍ أرسَين أو سَعَين إلى تشكيل تقاليدهنّ الأدبيّة والنسويّة الخاصّة بهنّ. وعلى سبيل المثال، إستحدثت الكاتبة الإفريقيّة الأميركيّة أليس ووكر مصطلح “المَرأويّة” (womanism) للإشارة إلى تقليد النساء السوداوات وذوات البشرة الملوّنة ضمن سياق تاريخهنّ المحدّد، وبهدف فضح أشكال العنف داخل النسويّة البيضاء المهيمِنة، مثل العنصريّة والتمييز ضدّ من هم/ن ليسوا/ن مغايرين/ات جنسيًّا. راجع/ي بحثًا عن جنائن أمّنا: نثر مَرأوي (1983) لأليس ووكر.</ref> – ب”الكتابة الأنثويّة”، وهي تمثّل مرحلةً معقّدةً من [[نسوية|النسويّة]] (158). وبخلاف الكتابة النسويّة التي تركّز بشكلٍ رئيسٍ على محاولة إسقاط [[نظام أبوي|النظام الأبويّ]]، تنبثق الكتابة الأنثويّة من مفهومٍ مفاده أن محاولة إسقاط عديم الفائدة، وتدعو بدلًا من ذلك إلى تركيز جهود النساء على سدّ الثغرات وتعطيل هذا النظام من خلال تأكيد حضورهنّ عبر تمثيل الجسد، والتاريخ غير الرسميّ، وتاريخ النساء، والبصيرة والوقائع المتحرّرة من الثنائيّة (حافظ، 75-170). وفي هذه الرواية، تستعيد عالِم تراث شبه الجزيرة العربيّة ورواياتها الأسطوريّة من خلال وضع تواريخ النساء في الواجهة. وتُعدّ عالِم إحدى أبرز الكاتبات السعوديّات المعاصِرات وأكثرهنّ إنتاجًا، وفازت بجائزة بوكِر العربيّة في العام 2011 بالشّراكة مع الكاتب المغربي محمّد الأشعري عن روايتها طوق الحمام. وتقدّم عالِم في روايتها واقعًا بديلًا تتعطّل فيه محدوديّات وقيود وهرميّات وقمع العالم الحقيقي للرّواية، من خلال أشكالٍ أخرى من المعرفة واللّغة والهويّة. وبمزيدٍ من التحديد ومن خلال إستخدامها الفانتازيا، تصوّر عالِم القيمة التحرّريّة لهذا العالم البديل من خلال مفهوم الإيروتيكيّ، الذي يمثّل غالبًا العنصر المكبوت بحسب أودري لورد، كما يشكّل قوّةً أو مصدرًا لزيادة المعرفة بالذّات، والإدراك، والمشاعر والفعل. وتشرح لورد الإيروتيكيّ ك”حسٍّ داخليٍّ بالرّضى، ما إن نعيشه حتّى ندرك أن بإمكاننا أن نطمح إليه”، ومن بعد هذه التجربة لا يمكننا أن نطلب “ما هو أقلّ من أنفسنا” (209). بالتالي، ما إن تُحتضَن هذه الحاجة لإكتمال الوجود، حتى تبدأ رحلة إكتشاف الذّات وفهمها، وتنتج عنها طرقٌ إدراكيّةٌ أكثر شمولًا، تقوّض الثنائيّات والهرميّات الموجودة. | تشكّل رواية فاطْمة: راويةٌ عن الجزيرة العربيّة نموذجًا عمّا يسمّيه صبري حافظ – مستعيرًا مصطلح إيلاين شووالتر<ref>تستخدم إيلاين شووالتر تعبيرَي الكتابة “الأنثوية” و”النسويّة” في دراستها التصنيفية للتقليد الأدبي الأنثوي في الرواية الإنكليزية (2001). ويحدّد صبري حافظ مراحل مشابهةً في دراسته التصنيفيّة للكتابة النسائيّة العربية (158). هناك بالطّبع بدائل عن الكتابات النسويّة البيضاء ومسارها، فالنسويّات اللواتي لا يأتين من خلفيّاتٍ أوروبيّةٍ أرسَين أو سَعَين إلى تشكيل تقاليدهنّ الأدبيّة والنسويّة الخاصّة بهنّ. وعلى سبيل المثال، إستحدثت الكاتبة الإفريقيّة الأميركيّة أليس ووكر مصطلح “المَرأويّة” (womanism) للإشارة إلى تقليد النساء السوداوات وذوات البشرة الملوّنة ضمن سياق تاريخهنّ المحدّد، وبهدف فضح أشكال العنف داخل النسويّة البيضاء المهيمِنة، مثل العنصريّة والتمييز ضدّ من هم/ن ليسوا/ن مغايرين/ات جنسيًّا. راجع/ي بحثًا عن جنائن أمّنا: نثر مَرأوي (1983) لأليس ووكر.</ref> – ب”الكتابة الأنثويّة”، وهي تمثّل مرحلةً معقّدةً من [[نسوية|النسويّة]] (158). وبخلاف الكتابة النسويّة التي تركّز بشكلٍ رئيسٍ على محاولة إسقاط [[نظام أبوي|النظام الأبويّ]]، تنبثق الكتابة الأنثويّة من مفهومٍ مفاده أن محاولة إسقاط عديم الفائدة، وتدعو بدلًا من ذلك إلى تركيز جهود النساء على سدّ الثغرات وتعطيل هذا النظام من خلال تأكيد حضورهنّ عبر تمثيل الجسد، والتاريخ غير الرسميّ، وتاريخ النساء، والبصيرة والوقائع المتحرّرة من الثنائيّة (حافظ، 75-170). وفي هذه الرواية، تستعيد عالِم تراث شبه الجزيرة العربيّة ورواياتها الأسطوريّة من خلال وضع تواريخ النساء في الواجهة. وتُعدّ عالِم إحدى أبرز الكاتبات السعوديّات المعاصِرات وأكثرهنّ إنتاجًا، وفازت بجائزة بوكِر العربيّة في العام 2011 بالشّراكة مع الكاتب المغربي محمّد الأشعري عن روايتها طوق الحمام. وتقدّم عالِم في روايتها واقعًا بديلًا تتعطّل فيه محدوديّات وقيود وهرميّات وقمع العالم الحقيقي للرّواية، من خلال أشكالٍ أخرى من المعرفة واللّغة والهويّة. وبمزيدٍ من التحديد ومن خلال إستخدامها الفانتازيا، تصوّر عالِم القيمة التحرّريّة لهذا العالم البديل من خلال مفهوم الإيروتيكيّ، الذي يمثّل غالبًا العنصر المكبوت بحسب أودري لورد، كما يشكّل قوّةً أو مصدرًا لزيادة المعرفة بالذّات، والإدراك، والمشاعر والفعل. وتشرح لورد الإيروتيكيّ ك”حسٍّ داخليٍّ بالرّضى، ما إن نعيشه حتّى ندرك أن بإمكاننا أن نطمح إليه”، ومن بعد هذه التجربة لا يمكننا أن نطلب “ما هو أقلّ من أنفسنا” (209). بالتالي، ما إن تُحتضَن هذه الحاجة لإكتمال الوجود، حتى تبدأ رحلة إكتشاف الذّات وفهمها، وتنتج عنها طرقٌ إدراكيّةٌ أكثر شمولًا، تقوّض الثنائيّات والهرميّات الموجودة. |