سطر 36: |
سطر 36: |
| أمضينا الساعات نسمع أحدنا الآخر، نتشارك مشاكلنا مع أهلنا وتشبيحهم اللفظي والبطريركي علينا، وتصغيرهم لنا بسبب تأييدنا للثورة. لقد تشاجرنا مع أهالينا بشكل شرس، ومع أقرب الأصدقاء حتى، لم تَخلُ تلك الأحاديث من مشاركة أحدنا الآخر خبراته في الفراش والجنس والفحولة، من عشقنا لجسد الأنثى وهيامنا بتعرجاته، وبالمقابل عن قدسيته ومحرماته، عن عدد الرعشات التي أذهلنا بها الفتيات التي كنا نشاركهنّ الحب. | | أمضينا الساعات نسمع أحدنا الآخر، نتشارك مشاكلنا مع أهلنا وتشبيحهم اللفظي والبطريركي علينا، وتصغيرهم لنا بسبب تأييدنا للثورة. لقد تشاجرنا مع أهالينا بشكل شرس، ومع أقرب الأصدقاء حتى، لم تَخلُ تلك الأحاديث من مشاركة أحدنا الآخر خبراته في الفراش والجنس والفحولة، من عشقنا لجسد الأنثى وهيامنا بتعرجاته، وبالمقابل عن قدسيته ومحرماته، عن عدد الرعشات التي أذهلنا بها الفتيات التي كنا نشاركهنّ الحب. |
| | | |
− | للصراحة، لم تكن لدي تجربة حقيقية وقتها، كنت فقط أتخيل وأتكلم، كنتُ أشعرُ بالخجل من نفسي ومن الغيرة الشديدة من صَديقَيّ مُحترفَيّ الجنس!، ولربما أنت كقارىء/ة تفعل كذلك أحياناً.
| + | للصراحة، لم تكن لدي تجربة حقيقية وقتها، كنت فقط أتخيل وأتكلم، كنتُ أشعرُ بالخجل من نفسي ومن الغيرة الشديدة من صَديقَيّ مُحترفَيّ الجنس!، ولربما أنت كقارىء/ة تفعل كذلك أحياناً. |
| | | |
| كان صديقي «السكّرة» (كما نُلقِّبه اليوم) يعشق الغزل والكلام عن الحب وسموه وإضافته المعنى للحياة، لكنني لم أذكر يوماً أنه استفاض في وصف جسد امرأة قال لنا إنه مارس الحب معها. كان يقول لنا القسم المتعلق بالكلام فقط! وكيف غازلها ولاطفها إلى أن أصبحت في فراشه، ولا يغوص في تفاصيل الجِماع ومنعطفاته وما إلى ذلك، كنتُ أظنه يخفي عني أسراره الجنسية كي لا أشاركها مع رفاقنا المشتركين بسبب غيرتي منه. | | كان صديقي «السكّرة» (كما نُلقِّبه اليوم) يعشق الغزل والكلام عن الحب وسموه وإضافته المعنى للحياة، لكنني لم أذكر يوماً أنه استفاض في وصف جسد امرأة قال لنا إنه مارس الحب معها. كان يقول لنا القسم المتعلق بالكلام فقط! وكيف غازلها ولاطفها إلى أن أصبحت في فراشه، ولا يغوص في تفاصيل الجِماع ومنعطفاته وما إلى ذلك، كنتُ أظنه يخفي عني أسراره الجنسية كي لا أشاركها مع رفاقنا المشتركين بسبب غيرتي منه. |
سطر 78: |
سطر 78: |
| فتح صديقي الأجنبي عينيّ على عوالم لم تكن لدي أية وسائل للتعرف عليها، تقدمت علاقتي معه بسرعة رهيبة، وأصبح يشاركني قصصه العاطفية والجنسية مع حبيبه، وأصبحتُ أعتاد على مشاركته أيضاً قصصي العاطفية و«النوستالجيا السورية». كان على علم ودراية بالمحرقة السورية، يندد بالخذلان الأوروبي والعالمي تجاه السوريين، ويقول إنه يجب إعادة دراسة حقوق الإنسان من جديد، ويعبّر عن كرهه لليمين الشعبوي الصاعد في أوروبا الغربية. جمعتنا كثيرٌ من الأفكار والهوايات المشتركة، وأصبحنا في وقت قصير من أقرب الأصدقاء، رغم أنف الهوموفوب الذي كان سابقاً في داخلي، ورغم استغراب أغلب شباب السكن الجامعي عن علاقة الشاب السوري فاقد الشعر (بسبب الكيماوي) مع المثلي. لا أخفيكنّ/م بأن صديقي هذا يعاني الأمرين من مثليته، على الصعيدين المجتمعي والعائلي، حتى بالرغم من جنسيته الأوروبية، فأهله يقومون بتنظيم «قدّاس» له في مطلع كل شهر، يوم الأحد، على نية تغيير ميوله وإصلاحه وعودته سليماً معافى. لقد شاركني بكاءه وقهره طويلاً، فهو من المؤمنين بالمسيحية بشكل مُرهِق لي، وأهله ومجتمعه يكفرّونه ويصلون على نية شفائه! ساعدتُهُ على ترجمة مقالة كتبها بلغة بلده إلى الإنكليزية، لكي تُنشر في أحد المجلات ذات التوجه المسيحي. تتكلم المقالة عن عدم التعارض بين المثلية واللاهوت المسيحي المتحرر اليوم، وعن تجربته كمسيحي مؤمن ومثليّ في الوقت ذاته، لكنه لم ينشرها خوفاً من الفضيحة التي قد تصيب عائلته «الداعشية» المسيحية. | | فتح صديقي الأجنبي عينيّ على عوالم لم تكن لدي أية وسائل للتعرف عليها، تقدمت علاقتي معه بسرعة رهيبة، وأصبح يشاركني قصصه العاطفية والجنسية مع حبيبه، وأصبحتُ أعتاد على مشاركته أيضاً قصصي العاطفية و«النوستالجيا السورية». كان على علم ودراية بالمحرقة السورية، يندد بالخذلان الأوروبي والعالمي تجاه السوريين، ويقول إنه يجب إعادة دراسة حقوق الإنسان من جديد، ويعبّر عن كرهه لليمين الشعبوي الصاعد في أوروبا الغربية. جمعتنا كثيرٌ من الأفكار والهوايات المشتركة، وأصبحنا في وقت قصير من أقرب الأصدقاء، رغم أنف الهوموفوب الذي كان سابقاً في داخلي، ورغم استغراب أغلب شباب السكن الجامعي عن علاقة الشاب السوري فاقد الشعر (بسبب الكيماوي) مع المثلي. لا أخفيكنّ/م بأن صديقي هذا يعاني الأمرين من مثليته، على الصعيدين المجتمعي والعائلي، حتى بالرغم من جنسيته الأوروبية، فأهله يقومون بتنظيم «قدّاس» له في مطلع كل شهر، يوم الأحد، على نية تغيير ميوله وإصلاحه وعودته سليماً معافى. لقد شاركني بكاءه وقهره طويلاً، فهو من المؤمنين بالمسيحية بشكل مُرهِق لي، وأهله ومجتمعه يكفرّونه ويصلون على نية شفائه! ساعدتُهُ على ترجمة مقالة كتبها بلغة بلده إلى الإنكليزية، لكي تُنشر في أحد المجلات ذات التوجه المسيحي. تتكلم المقالة عن عدم التعارض بين المثلية واللاهوت المسيحي المتحرر اليوم، وعن تجربته كمسيحي مؤمن ومثليّ في الوقت ذاته، لكنه لم ينشرها خوفاً من الفضيحة التي قد تصيب عائلته «الداعشية» المسيحية. |
| | | |
− | شاركتُ قصصي معه، السعيدة منها والحزينة، مع أغلب أصدقائي السوريين (المنفتحين) المشتتين في أصقاع المعمورة، وخاصة صديقاتي الفتيات اللواتي كُنّ أكثر انفتاحاً وتقبّلاً للمثلية من أصدقائي الذكور، لا أعلم لماذا. وهنّ الصديقات أنفسهنّ اللواتي كنتُ أتشاجر معهن سابقاً عن الموضوع؛ عبرّتُ لهنَّ مندهشاً عن مدى «طبيعية» العلاقة معه، ومدى فهمه لي على الرغم من «جنسانيته» وجنسيته المختلفتين عني، ورحتُ أعتذر منهنَّ على رجعيتي السابقة. | + | شاركتُ قصصي معه، السعيدة منها والحزينة، مع أغلب أصدقائي السوريين (المنفتحين) المشتتين في أصقاع المعمورة، وخاصة صديقاتي الفتيات اللواتي كُنّ أكثر انفتاحاً وتقبّلاً للمثلية من أصدقائي الذكور، لا أعلم لماذا. وهنّ الصديقات أنفسهنّ اللواتي كنتُ أتشاجر معهن سابقاً عن الموضوع؛ عبرّتُ لهنَّ مندهشاً عن مدى «طبيعية» العلاقة معه، ومدى فهمه لي على الرغم من [[جنسانية|«جنسانيته»]] وجنسيته المختلفتين عني، ورحتُ أعتذر منهنَّ على رجعيتي السابقة. |
| | | |
| لم ينقطع التواصل بيننا أنا وصديقي «السكّرة» أبداً، بعد أن طردتنا بيروت، على الرغم من سكننا في مدينتين أوروبيتين مختلفتين، تاريخاً وفرقَ توقيت، فكُنّا على الأقل نجري اتصالين في كل أسبوع نتبادل فيهما ألم الغُربة، وذكرياتنا الجميلة في حلب وفي بيروت، وقصصه الجنسية مع حسناوات أوروبا الشرقيات منهنّ، وشوقي الكياني لحبيبتي السمراء التي كانت ما تزال العلاقة عن بعد معها تتحكم فيَّ حينها. | | لم ينقطع التواصل بيننا أنا وصديقي «السكّرة» أبداً، بعد أن طردتنا بيروت، على الرغم من سكننا في مدينتين أوروبيتين مختلفتين، تاريخاً وفرقَ توقيت، فكُنّا على الأقل نجري اتصالين في كل أسبوع نتبادل فيهما ألم الغُربة، وذكرياتنا الجميلة في حلب وفي بيروت، وقصصه الجنسية مع حسناوات أوروبا الشرقيات منهنّ، وشوقي الكياني لحبيبتي السمراء التي كانت ما تزال العلاقة عن بعد معها تتحكم فيَّ حينها. |
سطر 84: |
سطر 84: |
| في يوم من الأيام غير المميزة إلا بسوء الطقس المعتاد، أرسل لي رسالة جدّية الصيغة يقول فيها: «بدي أحكي معك بكرا ساعة 2 بتوقيتك فيديو كول»، رددتُ له مُمازحاً: «من ايمتا مناخد مواعيد من بعض طيزي»، ردّ: «ما عم أمزح»، رددتُ ممتعضاً: «اتفقنا». | | في يوم من الأيام غير المميزة إلا بسوء الطقس المعتاد، أرسل لي رسالة جدّية الصيغة يقول فيها: «بدي أحكي معك بكرا ساعة 2 بتوقيتك فيديو كول»، رددتُ له مُمازحاً: «من ايمتا مناخد مواعيد من بعض طيزي»، ردّ: «ما عم أمزح»، رددتُ ممتعضاً: «اتفقنا». |
| | | |
− | استيقظت صباح اليوم التالي وأنا أقوم بفحص ضمير معّمق عن ما هو الشيء الذي قد اقترفته لصديقي، ولما كل هذه الجدّية. المهم، اتصل بي في الساعة الثانية تماماً، بدأ حديثه بشكلٍ مضطرب ورسمي، يسألني عن الطقس وعما أكلتُهُ في الصباح. امتلأتُ بالتوتر جرّاء طريقته في الكلام، فنحن بالعادة نباشر المزاح والشتائم من بداية اتصالاتنا الهاتفية، فصرختُ في وجهه وقلت له أفصح عما لديك، ردّ بنبرة ترتجف وصوت قاسٍ، وهو يضع عينيه في منتصف الشاشة: «أنا غيّ إي غيّ»، وانفجر بالبكاء. | + | استيقظت صباح اليوم التالي وأنا أقوم بفحص ضمير معّمق عن ما هو الشيء الذي قد اقترفته لصديقي، ولما كل هذه الجدّية. المهم، اتصل بي في الساعة الثانية تماماً، بدأ حديثه بشكلٍ مضطرب ورسمي، يسألني عن الطقس وعما أكلتُهُ في الصباح. امتلأتُ بالتوتر جرّاء طريقته في الكلام، فنحن بالعادة نباشر المزاح والشتائم من بداية اتصالاتنا الهاتفية، فصرختُ في وجهه وقلت له أفصح عما لديك، ردّ بنبرة ترتجف وصوت قاسٍ، وهو يضع عينيه في منتصف الشاشة: «أنا '''غيّ''' إي '''غيّ'''»، وانفجر بالبكاء. |
| | | |
| تفاجأت بشكل لا يوصف، شعرتُ بالبرودة والسخونة في آن واحد، أصبحتُ كما الصنم أحدّقُ في الشاشة، ضربني ألمٌ وجودي لا تسعه لغتي التي استعملها هنا، ألمٌ مليءٌ بالقهر على علاقتنا التي كانت من طرف واحدٍ هو طرفي أنا فقط، وأغلب ما كان من طرفه هو محضُ كذبٍ وتحايل. شعوري كان الغضب أولاً، حتى لو أنني كلّيّ المعرفة بعدم أحقيتي بهذا الغضب الآن. كان يبكي، كان صوت دمعه عالياً في سماعة الأذنين وفي قلبي، ثَبُتت عيناي في النافذة المفتوحة للمطر أمامي، لا أعلم ماذا أقول. | | تفاجأت بشكل لا يوصف، شعرتُ بالبرودة والسخونة في آن واحد، أصبحتُ كما الصنم أحدّقُ في الشاشة، ضربني ألمٌ وجودي لا تسعه لغتي التي استعملها هنا، ألمٌ مليءٌ بالقهر على علاقتنا التي كانت من طرف واحدٍ هو طرفي أنا فقط، وأغلب ما كان من طرفه هو محضُ كذبٍ وتحايل. شعوري كان الغضب أولاً، حتى لو أنني كلّيّ المعرفة بعدم أحقيتي بهذا الغضب الآن. كان يبكي، كان صوت دمعه عالياً في سماعة الأذنين وفي قلبي، ثَبُتت عيناي في النافذة المفتوحة للمطر أمامي، لا أعلم ماذا أقول. |
سطر 92: |
سطر 92: |
| أغلقنا الهاتف بعد أن اعتذرتُ له عن ما مضى من بؤس قد سبّبته له، ووعدتُهُ بألّا يأخذ اعتذاري على محمل الجد حتى نعيد تكوين صداقتنا من جديد بشكل صريح وحقيقي. أغلقنا المكالمة تحت شعار انتهاء البطارية خاصة هاتفي الأخرق، وشكرتُ ربي لانتهائها، لأنني احتجتُ إلى الصمت لتقبّل عقدٍ كاملٍ من الكذب من طرفه، والألم المُسبَّب من طرفي. | | أغلقنا الهاتف بعد أن اعتذرتُ له عن ما مضى من بؤس قد سبّبته له، ووعدتُهُ بألّا يأخذ اعتذاري على محمل الجد حتى نعيد تكوين صداقتنا من جديد بشكل صريح وحقيقي. أغلقنا المكالمة تحت شعار انتهاء البطارية خاصة هاتفي الأخرق، وشكرتُ ربي لانتهائها، لأنني احتجتُ إلى الصمت لتقبّل عقدٍ كاملٍ من الكذب من طرفه، والألم المُسبَّب من طرفي. |
| | | |
− | رحتُ أتذكّرُ الحوادث حادثةً حادثةً، أتذكر رحلاتنا بسيارته و«تلطيشه» للنساء للتمويه، وأحاديثه الجنسية والعاطفية المفبركة، أتذكّرُ تهجمي على المثليين المنبوذين المتألمين الذين أقصاهم المجتمع وأقصيتهم خطابياً بدوري، الذين كانوا يتجمعون على جسر محطّة بغداد، وكان صديقي يمشي بقربي حينها. تذكرتُ علاقته المسمومة مع مجتمعنا وعائلته وأمه وأبيه، المبنية على الوهم ووعود الزواج وإنجاب الأطفال؛ تذكرتُ عدد المرّات التي قلت له فيها أمام والدته: «بدنا نفرح فيك مع شي بنت حلوة»، ونظرته العابسة تجاهي؛ تذكرتُ خوفه الجنوني من رؤيتي لرسائله الخاصة، وأحاديثي في سيارته عن كرهي للمثليين وحججي الخرقاء المدعمة ببعض قراءاتي الفلسفية. تذكرتُ قصة عشقه للفتاة الأميركية التي هي شابٌّ أميركي في الواقع، وعن كل لفظٍ مهين تجاه المثليين/ات استعملته في حضرته. لم تكن جدران غرفتي الصغيرة قادرة على استيعاب اتساع حزني، بكيتُ بحرقة واتصلتُ بصديقتي ذات الغمازتين، وعاتبتها بألم، وتفهمتُ بعد وقت طويل مدى حساسية الموضوع بالنسبة لصديقي، ومدى الهوموفوب الذي كُنته. | + | رحتُ أتذكّرُ الحوادث حادثةً حادثةً، أتذكر رحلاتنا بسيارته و«تلطيشه» للنساء للتمويه، وأحاديثه الجنسية والعاطفية المفبركة، أتذكّرُ تهجمي على المثليين المنبوذين المتألمين الذين أقصاهم المجتمع وأقصيتهم خطابياً بدوري، الذين كانوا يتجمعون على جسر محطّة بغداد، وكان صديقي يمشي بقربي حينها. تذكرتُ علاقته المسمومة مع مجتمعنا وعائلته وأمه وأبيه، المبنية على الوهم ووعود الزواج وإنجاب الأطفال؛ تذكرتُ عدد المرّات التي قلت له فيها أمام والدته: «بدنا نفرح فيك مع شي بنت حلوة»، ونظرته العابسة تجاهي؛ تذكرتُ خوفه الجنوني من رؤيتي لرسائله الخاصة، وأحاديثي في سيارته عن كرهي للمثليين وحججي الخرقاء المدعمة ببعض قراءاتي الفلسفية. تذكرتُ قصة عشقه للفتاة الأميركية التي هي شابٌّ أميركي في الواقع، وعن كل لفظٍ مهين تجاه المثليين/ات استعملته في حضرته. لم تكن جدران غرفتي الصغيرة قادرة على استيعاب اتساع حزني، بكيتُ بحرقة واتصلتُ بصديقتي ذات الغمازتين، وعاتبتها بألم، وتفهمتُ بعد وقت طويل مدى حساسية الموضوع بالنسبة لصديقي، ومدى '''الهوموفوب''' الذي كُنته. |
| | | |
| لستُ بصدد توزيع أدوار الضحايا على «المثليين/ات»، أو أدوار الشياطين على [[الغيرية الجنسية|«الغيريين/ات»]]، كما أنني لست متخصصاً وليست لدي النية لخوض غمار البحث عن أجوبة لأسئلة «لماذا» و«كيف» حول المثلية، ولم يعد يهمني للصراحة، ما تعلّمته من تجربتي القاسية هذه، كان فقط بالعيش والخبرة الشخصية، لا أكثر ولا أقلّ. ببساطة، أيقنتُ أن البشر لديهم مطلق الحرية في ميولهم وأجسادهم، وأن ما اعتدتُ عليه ليس بالضرورة هو الوحيد أو «الطبيعي»، وأن «الرهاب» ذا أصل واحد على اختلاف تسمياته، رهاب مسلمين، رهاب مهاجرين، رهاب السود، رهاب مثليين، وأن المثلية لا تتعلق فقط بممارسة الجنس بين أشخاص يحملون الأعضاء الجنسية ذاتها، لا بل تتعلق بعشق وكينونة وهوية وانجذاب، علاقة عاطفية وجسدية متكاملة. | | لستُ بصدد توزيع أدوار الضحايا على «المثليين/ات»، أو أدوار الشياطين على [[الغيرية الجنسية|«الغيريين/ات»]]، كما أنني لست متخصصاً وليست لدي النية لخوض غمار البحث عن أجوبة لأسئلة «لماذا» و«كيف» حول المثلية، ولم يعد يهمني للصراحة، ما تعلّمته من تجربتي القاسية هذه، كان فقط بالعيش والخبرة الشخصية، لا أكثر ولا أقلّ. ببساطة، أيقنتُ أن البشر لديهم مطلق الحرية في ميولهم وأجسادهم، وأن ما اعتدتُ عليه ليس بالضرورة هو الوحيد أو «الطبيعي»، وأن «الرهاب» ذا أصل واحد على اختلاف تسمياته، رهاب مسلمين، رهاب مهاجرين، رهاب السود، رهاب مثليين، وأن المثلية لا تتعلق فقط بممارسة الجنس بين أشخاص يحملون الأعضاء الجنسية ذاتها، لا بل تتعلق بعشق وكينونة وهوية وانجذاب، علاقة عاطفية وجسدية متكاملة. |
سطر 98: |
سطر 98: |
| صديقي اليوم في علاقة حب مع شاب مصري، جرّاح أطفال، مسلم بالهوية، متعدد الهوايات، يشاركني اليوم أغلب تفاصيلها، وأتعلم منها الحب والاحترام والحميمية والتفاهم، ولو كانت هذه العلاقة محكومة بالسر والتخفي عن عائلته ومجتمعنا المتصلبين. | | صديقي اليوم في علاقة حب مع شاب مصري، جرّاح أطفال، مسلم بالهوية، متعدد الهوايات، يشاركني اليوم أغلب تفاصيلها، وأتعلم منها الحب والاحترام والحميمية والتفاهم، ولو كانت هذه العلاقة محكومة بالسر والتخفي عن عائلته ومجتمعنا المتصلبين. |
| | | |
− | اليوم أنا وصديقي «السكًرة» من أقرب الأرواح لبعضنا بعضاً، سامَحَني على الرغم من كل الأذى الذي سبّبته له، وسامحتُهُ عن إتقانه لدوره الكاذب «كغَيريّ»، وتمثيله عليَّ لمدة تقارب العقد من الزمن. أصبحنا أكثر قرباً، وأنا أجزم أنه يذرف دمعةً أو اثنتين وهو يقرأ النص الآن. أنا الآن أطلب منه على الملأ الصفح والغفران عن الهوموفوب الذي كُنتُه، والذي لن أكونه مجدداً. بحبك صديقي السكّرة. | + | اليوم أنا وصديقي «السكًرة» من أقرب الأرواح لبعضنا بعضاً، سامَحَني على الرغم من كل الأذى الذي سبّبته له، وسامحتُهُ عن إتقانه لدوره الكاذب «كغَيريّ»، وتمثيله عليَّ لمدة تقارب العقد من الزمن. أصبحنا أكثر قرباً، وأنا أجزم أنه يذرف دمعةً أو اثنتين وهو يقرأ النص الآن. أنا الآن أطلب منه على الملأ الصفح والغفران عن '''الهوموفوب''' الذي كُنتُه، والذي لن أكونه مجدداً. بحبك صديقي السكّرة. |