تغييرات

اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
اضافة الصور
سطر 49: سطر 49:     
إنّ مفهوم الدفاع عن النفس المُصان في قانون العقوبات والمعكوس في الأمثلة الواردة أعلاه، محفوظٌ بشكلٍ مثاليٍّ في الموادّ الترويجيّة لـ”أكاديميّة الحماية” (الصورة 1) وبرنامجها للدفاع عن النفس المُعلن عنه في مجمّع “القطاميّة هايتس” المبوّب، أحد أكثر المجمّعات ترفًا في الضاحية الصّحراوية في مصر الجديدة. متوجّهًا إلى شخصٍ مذكّرٍ في دوره كحامٍ لأسرته، يقول الملصق الإعلاني: “هل تريد أن تكون قادرًا على حماية نفسك؟ هل تريد أن تكون قادرًا على حماية زوجتك وأولادك؟ هل تريد أن تكون زوجتك قادرة على حماية نفسها وأولادها؟ … هل تريد حقًا حماية سيارتك والتعامل مع الخارجين عن القانون؟”. وتتصدّر هذه الأسئلة المكتوبة بالعربية وبالإنكليزية الملصق وسط مشهديّةٍ عدائيّةٍ تهيمن عليها قبضةٌ مقفلةٌ توجّه لكمةً أماميّةً، وسلسلة أشكالٍ في كعب الملصق تمثّل التطوّر المُتخيّل من قردٍ إلى محارب.
 
إنّ مفهوم الدفاع عن النفس المُصان في قانون العقوبات والمعكوس في الأمثلة الواردة أعلاه، محفوظٌ بشكلٍ مثاليٍّ في الموادّ الترويجيّة لـ”أكاديميّة الحماية” (الصورة 1) وبرنامجها للدفاع عن النفس المُعلن عنه في مجمّع “القطاميّة هايتس” المبوّب، أحد أكثر المجمّعات ترفًا في الضاحية الصّحراوية في مصر الجديدة. متوجّهًا إلى شخصٍ مذكّرٍ في دوره كحامٍ لأسرته، يقول الملصق الإعلاني: “هل تريد أن تكون قادرًا على حماية نفسك؟ هل تريد أن تكون قادرًا على حماية زوجتك وأولادك؟ هل تريد أن تكون زوجتك قادرة على حماية نفسها وأولادها؟ … هل تريد حقًا حماية سيارتك والتعامل مع الخارجين عن القانون؟”. وتتصدّر هذه الأسئلة المكتوبة بالعربية وبالإنكليزية الملصق وسط مشهديّةٍ عدائيّةٍ تهيمن عليها قبضةٌ مقفلةٌ توجّه لكمةً أماميّةً، وسلسلة أشكالٍ في كعب الملصق تمثّل التطوّر المُتخيّل من قردٍ إلى محارب.
 
+
[[ملف:أكاديمية_الحماية|تصغير|يسار|صورة 1 ]]
    
أما العامل الثاني الذي تشترك فيه تعبيرات الدفاع عن النفس المختلفة فهو تحديد “الآخر” – “الخارجين عن القانون” في ملصق “أكاديميّة الحماية” – وهو مصدر الخطر على الذات، والملكيّة والمجتمع. فيلقاءات غريبة (Strange Encounters) تجادل أحمد (Ahmed 2000: 3) أن شخص الغريب/ة يُنتج “لا بصفته ذاك الذي نعجز عن التعرّف إليه، بل كذاك الذي تعرّفنا إليه مسبقًا بصفته ’غريبًا‘”. وبحسب الكاتبة، يخلق خطاب خطر الغريب/ة شخص الغريب/ة كأحدٍ ما يهدّد “مساحة المجتمع المنقّاة” بمجرّد وجوده/ا فيها، وبالتالي لا بدّ من طرده/ا من أجل حماية مساحة الإنتماء المشتركة هذه (المرجع السابق: 22). بالنسبة إلى أحمد، إنّ المنفعة الإجتماعية والأخلاقية المنشودة التي يعبّر عنها المجتمع وتفرضها مجموعات الحراسة مثل “حرس الحيّ”، ليست سوى وسيطًا لحفظ قيمة الملكيّة وحمايتها في هذه المساحات (المرجع السابق: 27). وفي هذا السياق، تتجلّى تصوّرات الأمان والخطر بواسطة “تأويلات العرق والطبقة والمظهر الخارجي” (Koskela 2005: 262). وتمثّل هذه التقييمات وسائل فوريّةً يستخدمها الأفراد للتمييز بين غرباء وغريباتٍ آمنين/ات وآخرين وأخرياتٍ غير آمنين/ات في اللّقاءات اليومية في المساحة العامة، كما تستخدمها المجتمعات لتحديد الأجساد المثيرة للريبة، والواجب بالتالي استهدافها بالمراقبة والسيطرة. وكما تلاحظ أحمد (2000: 25)، هناك أجسادٌ – ذات دلالاتٍ جندريّةٍ وعرقيّةٍ وطبقيّةٍ معيّنةٍ – تُعتبر في أصلها خطيرة، إذ أنّ علاقات القوّة الموجودة “تسِم بعض الآخرين والأخريات كغرباء وغريباتٍ أكثر من آخرين وأخريات غيرهم/ن” (التوكيد للكاتبة).
 
أما العامل الثاني الذي تشترك فيه تعبيرات الدفاع عن النفس المختلفة فهو تحديد “الآخر” – “الخارجين عن القانون” في ملصق “أكاديميّة الحماية” – وهو مصدر الخطر على الذات، والملكيّة والمجتمع. فيلقاءات غريبة (Strange Encounters) تجادل أحمد (Ahmed 2000: 3) أن شخص الغريب/ة يُنتج “لا بصفته ذاك الذي نعجز عن التعرّف إليه، بل كذاك الذي تعرّفنا إليه مسبقًا بصفته ’غريبًا‘”. وبحسب الكاتبة، يخلق خطاب خطر الغريب/ة شخص الغريب/ة كأحدٍ ما يهدّد “مساحة المجتمع المنقّاة” بمجرّد وجوده/ا فيها، وبالتالي لا بدّ من طرده/ا من أجل حماية مساحة الإنتماء المشتركة هذه (المرجع السابق: 22). بالنسبة إلى أحمد، إنّ المنفعة الإجتماعية والأخلاقية المنشودة التي يعبّر عنها المجتمع وتفرضها مجموعات الحراسة مثل “حرس الحيّ”، ليست سوى وسيطًا لحفظ قيمة الملكيّة وحمايتها في هذه المساحات (المرجع السابق: 27). وفي هذا السياق، تتجلّى تصوّرات الأمان والخطر بواسطة “تأويلات العرق والطبقة والمظهر الخارجي” (Koskela 2005: 262). وتمثّل هذه التقييمات وسائل فوريّةً يستخدمها الأفراد للتمييز بين غرباء وغريباتٍ آمنين/ات وآخرين وأخرياتٍ غير آمنين/ات في اللّقاءات اليومية في المساحة العامة، كما تستخدمها المجتمعات لتحديد الأجساد المثيرة للريبة، والواجب بالتالي استهدافها بالمراقبة والسيطرة. وكما تلاحظ أحمد (2000: 25)، هناك أجسادٌ – ذات دلالاتٍ جندريّةٍ وعرقيّةٍ وطبقيّةٍ معيّنةٍ – تُعتبر في أصلها خطيرة، إذ أنّ علاقات القوّة الموجودة “تسِم بعض الآخرين والأخريات كغرباء وغريباتٍ أكثر من آخرين وأخريات غيرهم/ن” (التوكيد للكاتبة).
سطر 66: سطر 66:  
'''الدفاع النسوي عن النفس ضدّ التحرّش الجنسي في المكان العام'''  
 
'''الدفاع النسوي عن النفس ضدّ التحرّش الجنسي في المكان العام'''  
   −
في يوم 25 يناير من العام 2013، أي في الذكرى الثانية لثورة 2011، تعرّضت تسع عشرة امرأةٍ لاعتداءاتٍ جنسيةٍ جماعيّةٍ في ميدان التحرير وجواره (El Nadeem et al. 2013). ومثّلت هذه الهجمات تصعيدًا في “حلقات الجحيم” التي انتشرت في التظاهرات منذ يونيو 2012 (المرجع السابق: FIDH et al. 2014). وكانت هذه الحادثة المرّة الأولى التي تُصاب فيها نساءٌ عدّةٌ بالجراح الناجمة عن استخدام الشّفرات والأسلحة الأخرى (EIPR 2013). وردًّا على هذه الهجمات، نظّمت النساء مسيرةً يوم 6 فبراير من العام 2013 في وسط البلد في القاهرة، رافعاتٍ سكاكين المطبخ في الهواء وحاملاتٍ لافتاتٍ هدّدت بالثأر الجسدي من المعتدين (الصورة 2). وفي يوم 12 فبراير من العام 2013، دعت مجموعة “إنتفاضة المرأة في العالم العربي” الناشطة على شبكة الإنترنت، إلى تظاهرةٍ عالميّةٍ ضد الإرهاب الجنسي إدانةً لهذا العنف<ref>للمزيد من المعلومات عن التظاهرة، راجع/ي http://egyptianchronicles.blogspot.com/2013/02/globalprotestfeb12-world-... و https://twitter.com/search?q=%23GlobalProtestFeb12.</ref>. وتحضيرًا لهذا الحدث، شاركت الرسّامة دعاء العدل على الإنترنت رسمًا يظهر المطربة المصريّة أم كلثوم حاملةً سكينًا مع تعليقٍ يقول “للصّبر حدود”. وانتشر رسم العدل على تويتر، كما أُعيد استخدامه لاحقًا في لافتاتٍ على صعيدٍ عالمي، ما ساهم في تعميم سرديّات الدفاع عن النفس في مصر وخارجها
+
في يوم 25 يناير من العام 2013، أي في الذكرى الثانية لثورة 2011، تعرّضت تسع عشرة امرأةٍ لاعتداءاتٍ جنسيةٍ جماعيّةٍ في ميدان التحرير وجواره (El Nadeem et al. 2013). ومثّلت هذه الهجمات تصعيدًا في “حلقات الجحيم” التي انتشرت في التظاهرات منذ يونيو 2012 (المرجع السابق: FIDH et al. 2014). وكانت هذه الحادثة المرّة الأولى التي تُصاب فيها نساءٌ عدّةٌ بالجراح الناجمة عن استخدام الشّفرات والأسلحة الأخرى (EIPR 2013). وردًّا على هذه الهجمات، نظّمت النساء مسيرةً يوم 6 فبراير من العام 2013 في وسط البلد في القاهرة، رافعاتٍ سكاكين المطبخ في الهواء وحاملاتٍ لافتاتٍ هدّدت بالثأر الجسدي من المعتدين (الصورة 2). وفي يوم 12 فبراير من العام 2013، دعت مجموعة “إنتفاضة المرأة في العالم العربي” الناشطة على شبكة الإنترنت، إلى تظاهرةٍ عالميّةٍ ضد الإرهاب الجنسي إدانةً لهذا العنف<ref>للمزيد من المعلومات عن التظاهرة، راجع/ي http://egyptianchronicles.blogspot.com/2013/02/globalprotestfeb12-world-... و https://twitter.com/search?q=%23GlobalProtestFeb12.</ref>. وتحضيرًا لهذا الحدث، شاركت الرسّامة دعاء العدل على الإنترنت رسمًا يظهر المطربة المصريّة أم كلثوم حاملةً سكينًا مع تعليقٍ يقول “للصّبر حدود”. وانتشر رسم العدل على تويتر، كما أُعيد استخدامه لاحقًا في لافتاتٍ على صعيدٍ عالمي، ما ساهم في تعميم سرديّات الدفاع عن النفس في مصر وخارجها.
 +
[[ملف:مسيرة 6 فبراير 2013 القاهرة.jpg|تصغير|يسار]]
    
لكن ممارسات الدفاع الجماعي عن النفس كانت حاضرةً في ميدان التحرير منذ أواخر العام 2012. وفي 30 نوفمبر من العام 2012، نشأت مبادرة “قوّة ضد التحرّش” ردًّا على تعرّض تسع نساءٍ للإعتداء الجنسي في محيط الميدان<ref>للمزيد من المعلومات، راجع/ي https://www.facebook.com/opantish/?fref=ts and https://twitter.com/OpAntiSH.</ref>، وكانت مهمّتها المباشرة منع ووقف الإعتداءات الجنسية الجماعية التي غدت شائعةً في المنطقة آنذاك، واستخدام العنف حينما يلزم الأمر. ولهذا الغرض، إعتمدت المبادرة على عددٍ متزايدٍ من المتطوّعين/ات من الشابّات والشبّان الذين/اللواتي كانوا/كنّ ناشطين/ات في التظاهرات أو في مجموعاتٍ تعمل على مسائل التحرّش والإعتداء الجنسي في المكان العام، مثل “نظرة للدراسات النسوية” أو “خريطة التحرّش” (HarassMap). وكما تلحظ دالية عبد الحميد، مسؤولة الجندر وحقوق النساء في “المبادرة المصرية للحقوق الشخصية” (EIPR) والمتطوّعة في “قوّة ضد التحرّش”، فإنّ “قوّة ضد التحرّش” تحدّت “التقسيم النمطيّ للعمل” الذي ينصّ على وجوب مشاركة الرجال فقط في فرق التدخّل التي كانت تنقذ النساء المُعتدى عليهنّ، إذ رفضت المجموعة منذ البداية حصر دور المتطوّعات في المهمّات والدّعم اللّوجستي (مقابلة 16 مارس، 2015).
 
لكن ممارسات الدفاع الجماعي عن النفس كانت حاضرةً في ميدان التحرير منذ أواخر العام 2012. وفي 30 نوفمبر من العام 2012، نشأت مبادرة “قوّة ضد التحرّش” ردًّا على تعرّض تسع نساءٍ للإعتداء الجنسي في محيط الميدان<ref>للمزيد من المعلومات، راجع/ي https://www.facebook.com/opantish/?fref=ts and https://twitter.com/OpAntiSH.</ref>، وكانت مهمّتها المباشرة منع ووقف الإعتداءات الجنسية الجماعية التي غدت شائعةً في المنطقة آنذاك، واستخدام العنف حينما يلزم الأمر. ولهذا الغرض، إعتمدت المبادرة على عددٍ متزايدٍ من المتطوّعين/ات من الشابّات والشبّان الذين/اللواتي كانوا/كنّ ناشطين/ات في التظاهرات أو في مجموعاتٍ تعمل على مسائل التحرّش والإعتداء الجنسي في المكان العام، مثل “نظرة للدراسات النسوية” أو “خريطة التحرّش” (HarassMap). وكما تلحظ دالية عبد الحميد، مسؤولة الجندر وحقوق النساء في “المبادرة المصرية للحقوق الشخصية” (EIPR) والمتطوّعة في “قوّة ضد التحرّش”، فإنّ “قوّة ضد التحرّش” تحدّت “التقسيم النمطيّ للعمل” الذي ينصّ على وجوب مشاركة الرجال فقط في فرق التدخّل التي كانت تنقذ النساء المُعتدى عليهنّ، إذ رفضت المجموعة منذ البداية حصر دور المتطوّعات في المهمّات والدّعم اللّوجستي (مقابلة 16 مارس، 2015).
staff
2٬193

تعديل

قائمة التصفح