سطر 92: |
سطر 92: |
| تشكل النسوية البيئية بجوانبها المتعددة؛ والتي تتنوع بين مناهضة التعصب والاستغلال النيوليبرالي للموارد الطبيعية وعواقب التغيرات المناخية وإحياء معارف السكان الأصليين، جزءًا أساسيًا من [[حركات نسوية عابرة للحدود | الحركات النسوية العابرة للحدود]]. تعرض الحراك النسوي البيئي في بدايته لانتقادات حادة لتعزيزه افتراضات تنميطية تربط بين الطبيعة أو البيئة والمرأة المستغلة من قبل الرأسمالية. إلا أن الحركات النسوية البيئية المعاصرة جاءت بمواقف ومنهجيات متعددة الثقافات وباعتبارها فلسفة بيئية وحركة اجتماعية، واليوم تجسد النسوية البيئية نقدًا متعدد الأوجه للسياسة البيئية العالمية التي تركز على نقد السياسة البيئية العالمية، والتي تركز على دور الدولة أو المؤسسات الوطنية في الجهود الجماعية العالمية لحماية وإدارة البيئة الطبيعية. تركز الانتقادات النسوية على التجارب السياقية للنساء في السياسة البيئية على وجه التحديد. وقدمت النسوية البيئية مساهمات مهمة في الخطابات حول الأخلاقيات البيئية والعلاقات المتبادلة بين الجنس والبيئة والتنمية، كما تحفز ضرورة التغلب على الرؤية الثنائية للعلاقة بين الطبيعة والأبوية مثل نظرية [[دونا هاراواي]] حول مركزية الحيوان واستمرارية الثقافة الطبيعية. | | تشكل النسوية البيئية بجوانبها المتعددة؛ والتي تتنوع بين مناهضة التعصب والاستغلال النيوليبرالي للموارد الطبيعية وعواقب التغيرات المناخية وإحياء معارف السكان الأصليين، جزءًا أساسيًا من [[حركات نسوية عابرة للحدود | الحركات النسوية العابرة للحدود]]. تعرض الحراك النسوي البيئي في بدايته لانتقادات حادة لتعزيزه افتراضات تنميطية تربط بين الطبيعة أو البيئة والمرأة المستغلة من قبل الرأسمالية. إلا أن الحركات النسوية البيئية المعاصرة جاءت بمواقف ومنهجيات متعددة الثقافات وباعتبارها فلسفة بيئية وحركة اجتماعية، واليوم تجسد النسوية البيئية نقدًا متعدد الأوجه للسياسة البيئية العالمية التي تركز على نقد السياسة البيئية العالمية، والتي تركز على دور الدولة أو المؤسسات الوطنية في الجهود الجماعية العالمية لحماية وإدارة البيئة الطبيعية. تركز الانتقادات النسوية على التجارب السياقية للنساء في السياسة البيئية على وجه التحديد. وقدمت النسوية البيئية مساهمات مهمة في الخطابات حول الأخلاقيات البيئية والعلاقات المتبادلة بين الجنس والبيئة والتنمية، كما تحفز ضرورة التغلب على الرؤية الثنائية للعلاقة بين الطبيعة والأبوية مثل نظرية [[دونا هاراواي]] حول مركزية الحيوان واستمرارية الثقافة الطبيعية. |
| | | |
− | بشكل عام، شهدت النسوية البيئية ثلاث مراحل أساسية. المرحلة الأولى التي بدأت في مطلع الستينات مع مناهضة النساء في أميركا لمحطات الطاقة النووية و[[حركة شيبكو]] في شمال الهند و[[حركة الحزام الأخضر]] في كينيا. واستندت الحركات في هذه الفترة على أهمية البيئة في حياة النساء العاملات باعتبار أن حماية البيئة هو أساس حماية مصالح المرأة العاملة. والمرحلة الثانية انطلقت من السبعينات إلى الثمانينات مع انتشار مفاهيم جديدة حول النسوية وعلاقتها مع العالم وظهور المصطلح والإعلان عن بداية مدرسة نسوية جديدة. أما المرحلة الثالثة فبدأت منذ أواخر الثمانينات حتى يومنا هذا، وبدأت هذه المرحلة مع تطوير النسوية البيئية كمقدمة لحركة بيئية واسعة النطاق وكان من ضمنها الحركة المناهضة للحرب وعقدت في هذه الفترة مؤتمرات عديدة تربط بين المرأة والبيئة مثل المؤتمر المناهض للعسكرة “Women's Pentagon Action” في 1981 وهوأول مؤتمر نسوي بيئي في الساحل الغربي. | + | بشكل عام، شهدت النسوية البيئية ثلاث مراحل أساسية. المرحلة الأولى التي بدأت في مطلع الستينات مع مناهضة النساء في أميركا لمحطات الطاقة النووية و[[حركة شيبكو]] في شمال الهند و[[حركة الحزام الأخضر]] في كينيا. واستندت الحركات في هذه الفترة على أهمية البيئة في حياة النساء العاملات باعتبار أن حماية البيئة هو أساس حماية مصالح المرأة العاملة. والمرحلة الثانية انطلقت من السبعينات إلى الثمانينات مع انتشار مفاهيم جديدة حول النسوية وعلاقتها مع العالم وظهور المصطلح والإعلان عن بداية مدرسة نسوية جديدة. أما المرحلة الثالثة فبدأت منذ أواخر الثمانينات حتى يومنا هذا، وبدأت هذه المرحلة مع تطوير النسوية البيئية كمقدمة لحركة بيئية واسعة النطاق وكان من ضمنها الحركة المناهضة للحرب وعقدت في هذه الفترة مؤتمرات عديدة تربط بين المرأة والبيئة مثل المؤتمر المناهض للعسكرة “Women's Pentagon Action” في 1981 وهو أول مؤتمر نسوي بيئي في الساحل الغربي. |
| | | |
| | | |
| ===السبعينيات: حركة شيبكو في الهند=== | | ===السبعينيات: حركة شيبكو في الهند=== |
| [[ملف:حركة شيبكو.jpeg|تصغير|نساء يقمن بعناق الأشجار احتجاجًا في جبال الهمالايا (حركة شيبكو)]] | | [[ملف:حركة شيبكو.jpeg|تصغير|نساء يقمن بعناق الأشجار احتجاجًا في جبال الهمالايا (حركة شيبكو)]] |
− | اطلقت نساء من الهند [[حركة شيبكو]] في السبعينيات بهدف حماية الأشجار والغابات التي قررت الحكومة تدميرها بالاتفاق مع شركات تجارية. نشأت الحركة في منطقة جبال الهيمالايا في أوتار براديش سنة 1973 وانتشرت بسرعة في جميع أنحاء جبال الهملايا الهندية. وتعني كلمة شيبكو (chipko) العناق وهي التكتيك الأساسي للمتظاهرات حيث قامت النساء باحتضان الأشجار لمنع الآلات من قطعها. بالإضافة إلى تكتيك "معانقة الأشجار"، استخدمت محتجّات شيبكو عددًا من التقنيات الأخرى التي ترتكز على مفهوم المقاومة اللاعنفية. على سبيل المثال، قام سكان منطقة باهوجونا بالصيام لمدة أسبوعين عام 1974 احتجاجًا على سياسة تدمير الغابات وفي قرية بولنا في وادي بيوندار في عام 1978، صادرت النساء أدوات قطع الأشجار. | + | اطلقت نساء من الهند [[حركة شيبكو]] في السبعينيات بهدف حماية الأشجار والغابات التي قررت الحكومة تدميرها بالاتفاق مع شركات تجارية. نشأت الحركة في منطقة جبال الهيمالايا في أوتار براديش سنة 1973 وانتشرت بسرعة في جميع أنحاء جبال الهملايا الهندية. وتعني كلمة شيبكو (chipko) العناق وهو التكتيك الأساسي الذي استعملته المتظاهرات حيث قامت النساء باحتضان الأشجار لمنع الآلات من قطعها. بالإضافة إلى تكتيك "معانقة الأشجار"، استخدمت محتجّات شيبكو عددًا من التقنيات الأخرى التي ترتكز على مفهوم المقاومة اللاعنفية. على سبيل المثال، أعلن سكان منطقة باهوجونا الصيام لمدة أسبوعين عام 1974 احتجاجًا على سياسة تدمير الغابات؛ وفي قرية بولنا في وادي بيوندار في عام 1978، صادرت النساء أدوات قطع الأشجار. |
| | | |
− | تشير التقديرات إلى أنه بين عامي 1972 و 1979، شاركت أكثر من 150 قرية في حركة شيبكو، مما أدى إلى 12 احتجاجٍ كبيرٍ والعديد من المواجهات الطفيفة في أوتارانتشال. جاء النجاح الكبير الذي حققته الحركة في عام 1980، عندما أدى نداء وجهته منطقة باهوجونا إلى موافقة رئيسة الوزراء الهندي أنديرا غاندي على إعلان قرار حظر لمدة 15 عامًا على القطع التجاري للغابات في منطقة جبال الهيمالايا. | + | تشير التقديرات إلى أنه بين عامي 1972 و1979، شاركت أكثر من 150 قرية في حركة شيبكو، مما أدى إلى 12 احتجاجٍ كبيرٍ والعديد من المواجهات الطفيفة في أوتارانتشال. جاء النجاح الكبير الذي حققته الحركة في عام 1980، عندما أدى نداء وجهته منطقة باهوجونا إلى موافقة رئيسة الوزراء الهندي أنديرا غاندي على إعلان قرار حظر لمدة 15 عامًا على القطع التجاري للغابات في منطقة جبال الهيمالايا. |
| | | |
| مع استمرار الحركة، أصبحت الاحتجاجات أكثر توجهاً نحو المشروع وتوسعت لتشمل البيئة بأكملها في المنطقة، وأصبحت في نهاية المطاف حركة "انقذوا الهيمالايا" وتركزت العديد من الاحتجاجات ضد سد تهري على نهر وضد عمليات التعدين المختلفة، مما أدى إلى إغلاق محجر واحد من الحجر الجيري واحد على الأقل. وبالمثل، أدت جهود إعادة التحريج الضخمة إلى زراعة أكثر من مليون شجرة في المنطقة. في عام 2004، استؤنفت احتجاجات شيبكو رداً على رفع حظر قطع الأشجار في هيماشال براديش. | | مع استمرار الحركة، أصبحت الاحتجاجات أكثر توجهاً نحو المشروع وتوسعت لتشمل البيئة بأكملها في المنطقة، وأصبحت في نهاية المطاف حركة "انقذوا الهيمالايا" وتركزت العديد من الاحتجاجات ضد سد تهري على نهر وضد عمليات التعدين المختلفة، مما أدى إلى إغلاق محجر واحد من الحجر الجيري واحد على الأقل. وبالمثل، أدت جهود إعادة التحريج الضخمة إلى زراعة أكثر من مليون شجرة في المنطقة. في عام 2004، استؤنفت احتجاجات شيبكو رداً على رفع حظر قطع الأشجار في هيماشال براديش. |
سطر 108: |
سطر 108: |
| خلال الفترة ما بين عامي 1976 و1987، بدأت تظهر المشاكل البيئية التي تعاني منها كينيا. كانت العالمة البيئية [[وانجاري ماثاي]] حينها عضوة فعالة في المجلس الوطني للمرأة في كينيا؛ حيث ترأست المجلس ما بين عامي 1981 و1987. ودفعت المشاكل البيئية، ومن بينها الجفاف وتدمير الغابات والتصحر، ماثاي لطرح فكرة زراعة الأشجار بشكل مجتمعي. وقد واصلت تطوير فكرة زراعة الأشجار من أجل مكافحة التآكل وتوفير حطب الوقود وحماية مستنقعات المياه وتعزيز التغذية وتحسينها، بالإضافة إلى توفير فرص العمل للنساء. تحت رعاية المجلس الوطني للمرأة في كينيا، أسست ماثاي في عام 1977 [[حركة الحزام الأخضر]]، وهي منظمة بيئية غير حكومية تتمركز حول الربط بين حماية البيئة وحقوق المرأة. وقد انتشرت هذه الحركة في البلدان الإفريقية الأخرى؛ حيث ساعدت على زراعة أكثر من ثلاثين مليون شجرة في إفريقيا، كما ساعدت ما يقرب من 900.000 امرأة للحصول على أجر مقابل العمل الزراعي. حصلت وانجاري ماثاي العالمة البيئية والمدافعة عن حقوق المرأة الكينية على جائزة نوبل للسلام في عام 2004؛ لتصبح أول امرأة إفريقية تحصل على الجائزة. | | خلال الفترة ما بين عامي 1976 و1987، بدأت تظهر المشاكل البيئية التي تعاني منها كينيا. كانت العالمة البيئية [[وانجاري ماثاي]] حينها عضوة فعالة في المجلس الوطني للمرأة في كينيا؛ حيث ترأست المجلس ما بين عامي 1981 و1987. ودفعت المشاكل البيئية، ومن بينها الجفاف وتدمير الغابات والتصحر، ماثاي لطرح فكرة زراعة الأشجار بشكل مجتمعي. وقد واصلت تطوير فكرة زراعة الأشجار من أجل مكافحة التآكل وتوفير حطب الوقود وحماية مستنقعات المياه وتعزيز التغذية وتحسينها، بالإضافة إلى توفير فرص العمل للنساء. تحت رعاية المجلس الوطني للمرأة في كينيا، أسست ماثاي في عام 1977 [[حركة الحزام الأخضر]]، وهي منظمة بيئية غير حكومية تتمركز حول الربط بين حماية البيئة وحقوق المرأة. وقد انتشرت هذه الحركة في البلدان الإفريقية الأخرى؛ حيث ساعدت على زراعة أكثر من ثلاثين مليون شجرة في إفريقيا، كما ساعدت ما يقرب من 900.000 امرأة للحصول على أجر مقابل العمل الزراعي. حصلت وانجاري ماثاي العالمة البيئية والمدافعة عن حقوق المرأة الكينية على جائزة نوبل للسلام في عام 2004؛ لتصبح أول امرأة إفريقية تحصل على الجائزة. |
| | | |
− | تعرضت الحركة لاستهداف ممنهج من قبل النظام الحاكم حتى مطلع الستعينات، فتم استهداف عضوات الحركة إما من خلال الاعتقال التعسفي وحملات تشهير واسعة النطاق وصلت إلى أن يصف الرئيس الكيني في ذلك الوقت ماثاي بأنها "إمرأة مطلقة تسعى إلى خراب المجتمع". | + | تعرضت الحركة لاستهداف ممنهج من قبل النظام الحاكم حتى مطلع الستعينات، فتم استهداف عضوات الحركة إما من خلال الاعتقال التعسفي أو بحملات تشهير واسعة النطاق وصلت إلى أن يصف الرئيس الكيني في ذلك الوقت ماثاي بأنها "إمرأة مطلقة تسعى إلى خراب المجتمع". |
| | | |
| | | |
سطر 136: |
سطر 136: |
| | | |
| واطلق المقترح التشريعي [[الصفقة الجديدة الخضراء]] Green New Deal في الولايات المتحدة، | | واطلق المقترح التشريعي [[الصفقة الجديدة الخضراء]] Green New Deal في الولايات المتحدة، |
− |
| |
| | | |
| ==النسوية البيئية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا== | | ==النسوية البيئية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا== |